الفصل الثالث

كان تقبع اسفل الشركه المفترض انها ملك لوالدها ترجلت بهدوء وقلب يخفق باضطراب دلفت وهي تعرف وجهتها مكتب المدير احمد البدوي

_لو سمحتي ممكن اقابل بشمهندس احمد

اردفت السكرتيره بهدوء :-

_حضرتك عندك معاد

_لا بس انا بنته

_ اسفه يا فندم بس معلوماتي بتقول ان بشمهندس احمد مش مخلف اصلًا ممكن بعد ما مواعيده تنتهي للنهارده اسمحلك تقابليه انما دلوقت اسفه مقدرش

_ خلاص ماشي هقعد استني

جلست بقلب مضطرب وروح قلقه مما هو ات هل هي فعلًا المدعوه ميمي ولكن إن كانت هي لماذا لا تتذكر حياتها البته هل يعقل ان حياتها كامنيه الباحثه في مجال الاثار مجرد حلم وانها هي ميمي فتاة ليل حقًا عند هذه النقطه هزت رأسها بعنف تحاول طرد تلك الأفكار من عقلها

_اهدي يا امنيه اهدي ده اكيد حلم واحنا هنفوق منه اكيد ... اكيد كل ده حلم لا انا اتجننت

فجأه صاحت بأسم ادهم وهي تراه يتجه ناحية مكتب والدها :-

_ادهم .. ادهم استني

عدل ادهم من وضع نظارته الطبيه :-

_نعم حضرتك تعرفيني

_في ايه يا ادهم انا امنيه

_اسف بس امنيه مين مش واخد بالي

صاحت بصدمه :-

_ايه يا ادهم انا امنيه خطيبتك احنا خطوبتنا كانت من يومين هو انت نسيت صح ... طب قولي ان ده مقلب عامله فيا عشان مردتش اخرج معاك امبارح صح

_ الظاهر إن حضرتك متلخبطه بيني وبين حد تاني عشان انا مخطبش حد بعد موت زوجتي ياسمين الله يرحمها من سنتين

تعلقت بقميصه قبل ان يتركها قائله بترجي :-

_ادهم بالله قولي انك بتهزر

انزل يدها المتعلقه بقميصه وهو ينظر لها بحده :-

_انا قولت انك اكيد متلخبطه بيني وبين حد تاني وسيبيني بقي عشان عندي شغل بدل ما انادي الامن يرميكي بره

وتركها ودلف الي المكتب الخاص بالمدير والذي المفترض ان يكون والدها

تقهقرت علي اقرب كرسي قدماها لا تقوي علي حملها ظلت تهز قدمها بتوتر بالغ . حتي فقدت السيطره علي اعصابها فهبت واقفه وهي تتوجه ناحية السكرتيره مره اخري :-

_ارجوكِ ينفع ادخل لبشمهندس احمد دلوقتي دي مسأله حياه او موت

أخذت تقلب بالأوراق امامها حتي قالت :-

_طيب هو عنده ساعه فاضيه دلوقتي ممكن اقوله انك عايزه تقابليه

_اه بالله

دلفت الي مكتب بشمهندس احمد حتي غابت قليلًا وخرجت قائله ببسمه هادئه :-

_ تقدري تخشي تقابليه دلوقتِ

دلفت بهدوء ويدها ترتجف بتوتر وقلبها يخفق بشده . انفاسها مضطربه ، وكأنها انهت احد مسابقات العدو للتو . حياتها تعتمد علي تلك المقابله تخاف ان يقول والدها مثل ما قاله ادهم ولا يتعرف عليها . هُنا ستكون الضربه القاضيه لامنيه

ظهر هُنا المهندس احمد بخصلاته السوداء التي يتخلالها بعض من الخصلات البيضاء والتي ورثت هي خصلاتها السوداء الجميله لكنها لم ترث الموج الذي يتواجد داخل عيناه . لكنها بكل سرور ورثت من والدتها القهوه داخل عيناها. والتي غرق به ادهم بكل ترحاب دون ان يطالب بسترة تحميه من الغرق . غرق ولم يستطع النجاه او العوده ادراجه الي الشاطئ وبقي في الأعماق ولكن اين ادهم هذا بحثت عنه امنيه لم تجده هُنا

استفاقت علي حديث استاذ احمد :-

_ما تتكلمي يا بنتي

تجمعت الدموع بعيناها :-

_بابا انتِ معرفتنيش ولا ايه

اجابه بهدوء ومازال محافظًا علي ابتسامته الحنونه :-

_بابا مين يا بنتي انا بنتي الوحيده ياسمين ماتت من سنتين

اجابت مندهشه :-

_زوجة ادهم

هز رأسه بهدوء قائلًا :-

_ايوا ادهم كان هيتجوز ياسمين بس ياسمين ماتت بعد كتب الكتاب باسبوع في حدثه

_طب معندكش بنت اسمها امنيه

_لا للأسف معرفش حد كده

_يا بابا امنيه بنتك من منال

_بس انا زوجتي اسمها ولاء وكمان كان عندها مشاكل في الرحم شالته في ولادة ياسمين

_بالله قولي يا بابا ان ده مقلب قولي انك انت وادهم متفقين عليا وانكم تعملوا فيا مقلب انا مش ميمي والله انا مش ميمي

_اهدي بس يا انسه

لم تشعر بدموعها التي انسابت بالأمطار في احد ليالي ديسمبر البارده . بكت وهي تري اخر امل امامها يتقلص حتي كاد يختفي او انه اختفي بالفعل  .اردفت بترجي ونبره باكيه :-

_قولي ان ده مقلب يا بابا وانا والله ما هزعل وهعامل ادهم حلو .. معتش هتبطر واطلب حاجات كتير والله بس قولي ان ده مقلب

صاح الاخر بأنفعال :-

_مقلب ايه هو انا اعرفك ثم نظر الي ساعته واكمل :- واتفضلي بقي عشان عندي اجتماع مهم

خرجت وهي تجر خيباتها وتري اخر امالها تلاشت امام عيناها . وكأن احدهم سكب دلو ماء بارد علي رأسها ظلت تمشي لا تعرف الي اين لكنها تمشي مسحت تلك الدموع المعلقه بعيناها وهي تجلس علي اول مقعد قابلها

نظرت الي الامام محدثه نفسها :-

_اهدي يا امنيه اهدي لو اتوترنا مش هنعرف نحل حاجه اهدي

وظلت تحاول تنظيم انفاسها حتي تهدأ الي ان نجحت في ذلك ثم اخذت تحدث نفسها

_ انا اولا مش ميمي ولا هبقي ميمي طول حياتي انا هعافر من امتي وانا بستسلم طول عمري وانا قويه مش بقف ولا بقع . انا ممتش والوقعه الي متموش بتقوي انا هرجع قويه واظبط حياتي هحاول انجح في الحياه دي زي ما نجحت في حياتي القديمه

ابتسمت وهي تنظر الي السماء وابتسمت بسمه صغيره وهي تقول بصوت خافت :-

_طول ما الشمس بتطلع لسه وانا لسه اقدر اتنفس وبحس بالهوا وهو بيلمس خدودي يبقي لسه اقدر احاول من تاني

ظلت تنظر الي السماء وهي تبتسم تعشقها، تعشقها عندما تكون صافيه لتريك الجمال في خلق الله، وتعشقها وهي مليئه بالغيوم لتثبت انه لا شئ يظل دائما علي نهج واحد. ظلت تتأمل السماء لمده لا تعرفها . ابعدت عيناها عن السماء وهي تحادث نفسها مجددًا لا تأبه للماره الذين ينظرون لها مندهشين :-

_ يبقي اولًا لازم ادور علي شغل واكيد مش هعرف اشتغل بشهادتي القديمه

ظلت تجوب المحلات وهي تسألهم عن عمل وتنظر هنا وهُناك إن كان هناك من يعلق لوحه بحاجته الي عمال . جلست الي الرصيف بتعب وهي تتحدث :-

_يالهوي دا التدوير علي شغل طلع صعب ايه خلاص معتش حد عايز عمال خالص

ظلت جالسه قليلًا حتي شعرت بمعادتها تصدر اصواتًا وهي تخبرها انها تريد الطعام تأففت :-

_لا مش وقتك خالص

ظلت جالسه قليلًا في محاوله منها لأستعادة طاقتها حتي وقفت وهي تستعد لساعتان من البحث المستمر عن عمل مجددًا بعد ان سارت ساعه قبل ذلك وهي تحاول إيجاد عمل

حتي وجدت ضالتها وهي تجد متجر ملابس مخصص للنساء يعلق لوحه مكتوب عليها :-

مطلوب انسه للعمل من العاشره صباحًا لتاسعه مساءًا بمرتب ١٥٠٠ جنيه

دلفت المتجر مسرعه لتجد سيده تبدو في العقد الخامس في عمرها تجلس ويبدو عليها الهدوء والحنان

اردفت بلهفه :-

_لو سمحتي حضرتك معلقه ورقه انك عايزه انسه للشغل

_ايوا

_ طب انا عايزه اشتغل

_ شوفتي المواعيد من عشره الصبح لتسعه بالليل والجمعه من اتنين الضهر لحداشر بالليل

_ماشي عادي

_ طب انتِ اشتغلتي في محلات قبل كده

_بصي الكذب ملوش رجلين الصراحه لا انا بس حصلي ظروف خلتني اشتغل

اردفت الاخره ببعض الوقاحه :-

_ليه يا حبيبتي الايد البطاله نجسه

_اه ماشي

_ ماشي بس هنشوف الاول طريقتك مع الزباين اقعدي علي محد يدخل

بعد مرور القليل من الوقت دلف فتاتان وهم يشاهدون الملابس

وقفت امنيه واقتربت ببسمه منهم :-

_محتاجين اي مساعده

_اه لو سمحتي عايزه الاسود من دي

وظلوا هكذا يطلبون الوان من قطع ملابس يجربوها ويتركوها دون تعليق حتي وامنيه محافظه علس ابتسامتها بصعوبه

انتهي الاثنان وخرجا من المتجر . ووافقت السيده علي تعين امنيه لديها

اغلقت مع امنيه المتجر

_بتروحي منين يا امنيه

_ ها انا لا هستني اخويا بيجي يوصلني

_طيب ماشي ودلفت الي العماره التي تقع في وجهة المحل

بينما جلست امنيه علي الرصيف ارضًا وهي تستند علي عمود كان بجانبها وهي تفكر كيف ستكمل حياتها وايضًا تشعر بالجوع الشديد

تري كيف ستتكيف امنيه وهي ستظل هكذا ام لا
دمتم سالمين
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي