سارق العلية

زهرة الليل`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-29ضع على الرف
  • 60.9K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

سارق العلية
الفصل الاول
----------
في تلك القرية الريفية البسيطة التي تعانق بجمالها الرائع سفح الجبل و تطل على البحر من الجهة الأخرى .
في تلك القريةذات الموقع السياحي الخلاب يعيش أناس بسطاء جدا يعيشون يومهم بطرق اعتيادية و روتينية منشغلون بتفاصيل الحياة و بكيقية تأمين لقمة العيش



كان سعد جمال أحد سكانها و هو شاب في الثلاثين من عمره طويل القامة طوله يقارب المئة و الثمانين من السنتيمترات سحنته سمراء عالي الجبين و عيناه خضراةين لم يستطع إكمال دراسته




كان يتعرض للتوبيخ من مدرسيه و تكثر الشكاوى عليه لأمه و أبيه فهو لم يكن يحب مادتي الرياضيات و اللغة الانكليزية
مماتسبب في النهاية لتركه المدرسة
لا ينسى أبدا كلمات أبيه لأمه في أحد الأيام ،و هو يتحدث غاضبا مستاء من تصرفات سعد
أبو سعد : ابنك المحترم طرده المدير من المدرسة
و هو لا يفهم الطيخ من البطيخ في مادتي الرياضيات و اللغة الانكليزية

أم سعد : اهدئ يا زوجي الطيب لا زال لا يعرف معنى الحياة فهو يافع متهور ككل من في عمره

أبو أسعد : لقد قررت الآت سيخرج معي إلى العمل في الحقل و سيتعلم فأنا لم أعد صغيرا على العمل لقد تعبت

أم أسعد : طول البال من الرحمن أبا أسعد
أبو أسعد : أنا قررت و انتهى إنه لا يفلح لشيء
كان سعد يقف خلف الباب و يستمع لما قاله أبوه و يومها لكونه مراهقا فرح بأنه سيترك المدرسة و ظن أن عمل الأرض أمر سهل


فصار يوقظه أبوه من الساعة الخامسة صباحا فلا يرجع إلا للمساء
حيث تقوم الأم بأخذ الطعام لهم إلى الحقل


استمر سعد على هذه الحال يرافق أبيه في عمله و لأنه كان عنيدا كان يرفض العودة إلى المدرسة رغم محاولات أمه المسكينة
إلى أن توفي أبوه بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تسببت له بضربة شمس قاسية قتلته فورا


عاش سعد بعد وفاة أبيه دور المعيل فهو أكبر اخوته

كان يحاول الاستمرار رغم صعوبة الحياة و لم تكن تأتي بهمها كانت تقول أمه
الأم: أخ يا ولدي أنت تتعب كثيرا و هذه الارض لا

تجلب همها.


و أكثر ما كان يسبب له الوجع أن والدته توفيت بسبب عدم قدرتهم على شراء الدواء لها


و تحمل مسؤولية أخواته البنات كمعيل لهم فهن تحت سن الخمسة عشر و يدرسن في مدرسة القرية وتحتجن إلى رعاية و مصاريف كثيرة.



ماذا يفعل لا عمل لديه يعمل هنا مرة و هناك مرة
مرة يؤجر و مرة يطرد


و لسوء الحظ كان في أحد الأيام يمر بجانب بيت الجيران صدفة و كان الوقت ليلا و فجأة سمع صراخ الجارة الذي ملأ المكان ، النجدة النجدة لص لص .


فلم يجد نفسه إلا و قد تسمر في مكانه و وقف جامدا لم يكن يعرف ماذا يفعل هل يدخل إليها و ليس الأمر محمودا أم يتابع طريقه ولايلبيها وهي تحتاج النجدة و هذا ليس من سماته .


و في النهاية قرر الدخول ليجدها تصرخ أكثر و تمسك به من كتفه و تتابع النجدة النجدة أنقذوني هاهو لقد قبضت عليه يا ناس يا ناس .


صدم سعد من قلة ضميرها و قال لها : ويحك دخلت لنجدتك فتريدين أن تورطيني

الجارة الماكرة : اخرس ستدفع ثمن ما فعلت

سعد : ما طلبك لتستريني أرجوك يا امرأة كفي بلاك عني

الجارة : أريد أن تتزوج بي فأنا وحيدة و ليس لي أحد

ضحك سعد و دفعها بيده فسقطت إلى الخلف


و زادت الصراخ.

فركض سعد هاربا لكن من سوء حظه رأه جاره سليم .
سليم : يا حيف عالرجال يا حيف

سعد : وكل الله يا سليم ليس لي أية علاقة بها إنها فاجرة
هز سليم رأسه هزة من حصل على سبق صحفي .



و انتشرت الأقاويل في القرية أشكال ألوان و لم يصدقه أحد إلا أخواته و ربما خاله


فقرر الرحيل من القرية و أوصى خاله بأخواته حتى عودته بما يجعله غنيا فيأخذ بثأره من تلك الفاجرة التي ابتلته وسببت العار له .



غادر سعد مودعا أخواته و اتجه إلى المدينة عله يجد فيها ما يعمله و انطلق إلى المجهوا لا يعرف إن كان سينجح في إيجاد عمل و هل سيتفهم الناس فيما بعد أنه بريء و هل سينسون ما حاولت تحريضه بدهائها
ترى هل ستسكت ألسنتهم تلك الأموال التي قرر أن يجمعها



مشى سعد و هو يحمل حقيبة كتف صغيرة تم تعليقها بشكل مائل .



أخذ ينظر إلى الأمام بعين التفاؤل من جهة فهو يسعى لغاية و هدف و بعين أخرى كان القلق فيها على أخواته البنات اللتان بقيتا في بيت خالهما الوحيد فماذا سيحدث هل سينجح و ماذا سيكون مصيرهن لو لم يوفق في مسعاه .



وقتها كانت شمس المغيب تتغزل بجمال منظرها لتعكس لون الشغف على زرقة السماء و تسدل أشعتها الأخيرة التي رغبت بالنوم



و قد استمر مشيه لساعات و ساعات طويلة نام خلالها عندما أطبق الليل تحت شجرة باسقة لشدة تعبه




و في الصباح تابع سيره إلى أن وصل إلى المدينة التي كانت تبعد عن قريته حوالي 40 كيلو مترا
و لم يستطع ركوب الحافلة لأنه لم يكن يملك النقود الكافية




قال في نفسه عندما وصل و أخذ براقب المدينة تلك التي تختلف عن قريته كثيرا و بكل شيء :
-نعم إنها المدينة ، عالم كبير سأجد فيها فرصتي للعمل الشريف رغم ان الوجوه مختلفة عن وجوه أهل قريتي لكنني سأتعود سأقول فقط يا رب







و فجأة أحس بجوع شديد و بينما هو يسمع أصوات بطنه الجائع تذكره بأنها بحاجة للطعام رأى بائعا للفول قصير القامة و أشيب الشعر

و يقف قرب عربته صباحا و هو ينادي ( فول يا فول كل منه و ارجع للأصول اقترب يا جائع هيا و تذوق فولاتي لتصبح أفضل يا حياتي )



فاشترى طبقا من الفول بعد أن سأله بعد ان علم ان ثمنه يقارب ما يملك من نقود .



لاحظ الرجل نهم سعد و هو يتناول الفول فعرف أنه جائع جدا فقام بسكب المزيد من الفول في الصحن .


توقف فجأة سعد عن التهام الطعام و قال : انتظر يا سيدي لن أستطيع اعطاءك ثمن الباقي لا تسكب



فقال الرجل الطيب : لا يا بني إنه مني لك لا أريد ثمنه بالهناء و الشفاء
سعد : شكرا لك ياسيدي ما اسمك بالخير


البائع : نادني أبو محمد

سعد : أهلا عم أبو محمد انا سعد جمال .


و عندما أنهى طعامه قال له : قلي ياعم أبو محمد أستطيع الحصول على عمل يصلح هنا


ابو محمد : المدينة كبيرة و فيها أعمال و فرص كثيرة لن تفشل بايجاد عمل قل يا رب .
سعد : انصحني يا عم فليس لي أحد هنا و قد تركت قريتي طلبا لكسب الرزق




سرح العم أبو محمد بتفكيره للحظات و وضع اصبعه على ذقنه التي اعتلتها لحية اختلط فيها السواد بالبياض


و قال : امممم حسنا سأدلك لوجه الله تعالى إلى عمل عند صديق لي على ما اتذكر كان يبحث عن عامل يعمل في متجره منذ أسبوع انت و حظك اذهب .




سعد : حقا يا عم يا الله يا كريم


العم أبو محمد : لكن إياك أن تخذلني معه سأرسلك إليه على مسؤوليتي فلا تكن بلا أمانة او مهملا في عملك .


سعد : توكل بالله يا رجل سأكون عند حسن ظنك و لن أنسى صنيعك فقد وفرت علي عناء البحث



ثم كتب له البائع عنوان الرجل و خاطب سعدا فقال : فقط قل له أرسلني إليم العم أبو محمد بائع الفول و طلب منك مساعدتي.

سعد : جزيل الشكر لك و قد سررت بلقائك عم أبو محمد الى اللقاء

البائع : بأمان الله يا بني ، وفقك الله و كان معك


ودعه سعد و استدار يبحث عن العنوان فأمسك تلك الورقة و حفظ العنوان ثم ضغط عليها بأصابعه و نظر إلى الأمام و قال : يا رب يا من أرسلت لي هذا الرجل ليساعدني أكملها معي يا الله .




و فعلا استطاع الوصول إلى العنوان الذي كان في الورقة.


طرق الباب و استأذن بالدخول و في الداخل رأى رجلا يقارب السبعين من عمره يرتدي بنطالا بنيا و قميصا أبيضا و يضع طاقية سوداء .



العم صهيب صاحب المتجر : أهلا و سهلا تفضل بني هل تريد شراء شيء .
سعد : السلام عليكم يا عم
صهيب : و عليكم السلام يا بني ما هو طلبك .

سعد: لقد أرسلني العم أبو محمد بائع الفول إليك



نظر إليه صهيب ثم اخذ الورقة و نظر فيها و قرب حاجبيه اللذين غزيا بالشيب لدرجة أن الرقم أحد عشر قد ظهر بينهما




ثم نظر إليه ثانية و رفع حاجبه الأيمن إلى أعلى و قال : طيب لك ذلك كرمى لعين الأخ أبو محمد .
و لكن أنت تعلم أن الأمانة و الإخلاص هي واجب و شعار كل عمل شريف فهذا المتجر هو باب رزقي



سعد : توكل بالله يا سيدي

صهيب : ستبدا منذ الآن هيا بنا ما هو اسمك ؟ .

سعد :اسمي سعد جمال ياسيدي .. اتكلنا على الله سبحانه




حمد سعد الله على كرمه فقد حصل على عمل منذ اليوم الأول لوصوله المدينة
و قرر أن يكون عند حسن الظن



ثم قال في قرارة نفسه : يا رب هل سأنجح ، هل سأستطيع جني المال هنا و هل سأعوض ما فاتني في القرية هل سأعوض أخواتي البنات في بعدي عنهم و تركهم في بيت خالي .




أعلم ان خالي رجل طيب لكن له ثلاثة أولاد صغار و زوجة و تسكن معه جدتي المريضة قد يضيق به الحال و أخشى ان تجور عليهما الدنيا بدوني




صهيب : هيه ماذا بك لماذا لا ترد


سعد : عفوا سيدي رحل ذهني إلى أخواتي البنات فقد تركتهم بلا معيل اعذرني .



صهيب : كان الله في عونك انتبه عملك لا يحتاج إلى سرحان و شرود اتفقنا يا بني

سعد : لا تقلق




ثم شرح له العم صهيب طبيعة عمله في المتجر مابين تنظيف يومي له في المتجر و كيفية ترتيب المواد بدقة حسب الأحرف الانكليزية لأسمائها المسجلة على الرفوف ، و حسب انواعها التي غلب عليها الأسماء الأجنبية بالاضافة إلى ما يجب بيعه و ما هو ثمنه

حاول سعد أن يفهم أوامر الرجل رغم عنائه الشديد في اللغة الانكليزية و حدث نفسه قائلا : من خلال حفظي لشكل العلبة الخارجي و شكل الكلمة و المواد سأتعلم مع الوقت و لن يصعب الوقت ، فيبدو أن عملي الجديد ليس سهلا لكنني سأحاول جاهدا هيا يا سعد قال لنفسه .




و هكذا عمل قرابة الشهر مع صهيب و كان ينام في غرفة صغيرة في داخل المتجرة و قد و ضع فيهاسريرا افراديا و غطاء يقيه البرد و طاولة صغيرة و كرسي وكان يستيقظ مبكرا و يعمل بجد ليكسب ثقة صهيب الذي لاحظ بدوره نشاط سعد و أمانته في العمل


فخصص له أجرا قابلا للتعديل اشترى منه بنطالا و قميصا و اتجه إلى الكراج و بجث عن سيف صاحب الحافلة الذي تتجه يوميا إلى قريته و اتفق معه على أن يوصل المبلغ المخصص لأختيه
سعد : كيف حالك يا سيف

سيف : أها سعد ابن قريتي أهلا بك أين أيامك يا رجل

سعد : هل تسمح و توصل لي هذه الأمانة لأختي في بيت خالي

سيف : تكرم عينك و ما أجرتي انا
سعد : حدد الأجرة التي تريدها و أنا جاهز

سيف : تمام اذن في كل شهر و في نفس الموعد نلتقي هنا
سعد: هل أطلب منك معروفا
سيف : تفضل

شعر سعد بغصة في قلبه و منع الدمع من أن ينزل من عينيه و قال : أرجوك طمئنهم عني و قل لهم ان أموري جيدة و أحتاج دعواتهم لي و أرجو أن توصل لهما رسالتي
.
تلك الرسالة المحملة بالأشواق التي لم يستطع كتابتها بنفسه فاعتمد على صهيب في هذا .

سيف : تكرم


كان سعد يشعر بأنه مع أهله في القرية لمجرد رؤيته لأحد أبنائها سيف سالم سائق الحافلة


مشى سعد في شوارع تلك المدينة التي لايربطه بها شيء روحاني حتى الآن ،
تذكر أمه و أبيه و علاقاته مع العائلة و حركاتهم


شعر بالشوق الشديد ثم قاطع شو قه ذكرى خروجه
من القرية لينفض كل هذا الشوق و يستجمع قواه و يعود إلى المتجر

حاول سعد ان يخبئ ما يتوفر معه عند السيد صهيب
و بالفعل عمل لعدة أشهر و مرت الأمور و مشت بسلام و كان مطمئنا أن المبلغ يصل إلى الفتاتين اللتين اضطرتا للعمل مع مجموعة من الفلاحات اللواتي يعملن في أراضي الناس لنأمين المبلغ الذي يستر يومهم


لم يكن يظن سعد بأن خاله سيطمع في مال أختيه الذي كان يرسله لهما .



كان خاله قد اتفق مع سيف بايصال المبلغ له مباشرة و عدم اخبار البنتين على أنه يحاول ان يجمع المبالغ لهما لضرورة و على أنه الخال الطيب الذي يعاني ليستر بنات أخته



و ضمن ضجيج زوجته و معاناته مع مرض الحاجة أمه طمع الرجل و ظلم بنات اخته و أخوهما سعد .
و هكذا مرت الأيام و تفرق سعد عن أختيه و كل منهم يشتاق الأخر و لا يعرف حقيقة اﻻمور التي تجري معه

إلى أن حصل ما ليس بالحسبان حيث وصلت شحنة معلبات إلى المتجر في غياب السيد صهيب فظن سعد ان بامكانه استلامها و قام بترتيبها على هواه و لم ينتبه ان منها ذو صلاحية منتهية




و عندما وصل صهيب جن جنونه عندما رأى ما فعله سعد

صهيب : ماهذا الحمق ماذا فعلت
سعد: لقد رتبت لك كل شيء
صهيب :أنت غبي ألم تنتبه إلى انتهاء صلاحيتها هل تريد أن تخرب لي بيتي


و علا صوته على سعد و شتمه و أساء إليه رغم محاولات سعد لشرح نيته و أنه لم يقصد



غضب سعد و قال : أعذرني لن أستمر مع كل تلك الاهانات

صهيب : خذ مالك الذي بحوزتي و انصرف لا أتحمل الأخطاء القاتلة في عملي
سعد بعد ان رتب اغراضه و خرج قال لصهيب الرزاق هو الله



خرج و هو حزين لما حصل فقد تعود على وجود صهيب
كيف سيتصرف الان و هل سينجح في ايجاد عمل اخر حدث نفسه و تابع سيره بلا مكان يأوي إليه
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي