السادس والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

رواية عبق الماضي
بقلمي روز آمين

الفصل السادس و العشرون

دلفت للداخل وجدت شقيقها قابعً فوق تخته،،تجاورة والدتها مُحتضنة كف يده برعاية و هي تُشدد علية كمن تُمسك بصغيرها ذو الأربع أعوام و تخشي عليه من فقدانها إياه وسط الزِحام

نظر لها و زينة ثَغرة إبتسامة حانية،  أما عزيزة فتساءلت بإستفهام  ٠٠٠كُنتي بتعملي أية كل ده برة لوحدك يا ثُريا  ؟

أجابت والدتها بمراوغة ٠٠٠ كُنت بتمشي تحت في الجنينة شوية،، أصلي إتخنقت من ريحة الأدوية و المستشفي يا ماما

شملتها والدتها بنظرة مُشفقة علي حالتها و أردفت قائله بنبرة جادة ٠٠٠ أنا شايفة إن كفاية عليكي قعاد هنا لحد كدة يا ثُريا،، لازم ترجعي بكرة مع عز علي إسكندرية،، مبقاش ليها لازمة قعدتك هنا خلاص

و أكملت بهدوء ٠٠٠ أخوكي و الحمد لله إطمنا عليه و بقا زي الفل، يبقا لازم ترجعي علشان جوزك و ولادك،، هما الوقت محتاجين لك أكتر من حسن،  و كلها يوم و لا أتنين و أخوكي يرجع معانا لأسكندرية و يبقا في وسطنا

أكمل حسن مؤكداً علي حديث والدته ٠٠٠ ماما عندها حق يا ثريا  ،،  لازم تسافري بكرة علشان تبقي جنب أحمد

هزت رأسها إلية بإيماء و موافقة فتحدث هو متساءلا ًعلي إستحياء ٠٠٠ هي بسمة مجتش سألت عليا إنهاردة يا ثُريا ؟

تهربت بعيناها بعيداً كي لا تُحزن قلبه فتحدث هو بإصرار ٠٠٠ مخبية عني أية يا ثُريا  ،
و أكمل مُتساءلاً بهلع ٠٠٠ إوعا تكون بسمة جرا لها حاجه و مخبيين عني  ؟

أجابته علي عجل كي يطمأن ٠٠٠ لا يا حبيبي هي كويسه جداً ،، مش أنا حكيت لك إنها كانت بتيجي تقعد جنبك كل يوم و تكلمك و إنتَ في الغيبوبة
ثم أكملت بنبرة حذرة ٠٠٠ هي كانت برة من شوية و حتي فرحت جداً لما بلغتها إنك فوقت 

سألها بنبرة متلهفة ٠٠٠ طب لما هي كانت هنا لية مدخلتش علشان تشوفني  ؟

نظرت إلي والدتها المتألمة لأجل ولدها و حيرته و لكن لا يوجد بيدها شئ لتفعلهُ لأجلهْ

و تحدثت ثُريا بنبرة متألمة  ٠٠٠ بسمة شافت إن البُعد أفضل ليك و ليها بعد اللي حصل لك علي إيد إبن عمها يا حسن

إحتدت ملامحهُ بغضب و كاد أن يتحرك لكنهُ صرخ مُتألمً نتيجة حركتهُ العنيفة المفاجأة مما جعل عزيزة و ثُريا تُسرعان إليه ليمنعاه من الحركة لأجل جرحة الذي مازال حديثً و لم يُشفي تمامً بَعد

و تحدث هو بنبرة حادة ٠٠٠ مين إداها الحق في إنها تقرر مصيرنا لوحدها  ،  أنا و هي دخلنا الحكاية سوا و لازم علشان نقرر البُعد نقررة سوا 

أردفت عزيزة قائلة لتهدئ صغيرها ٠٠٠ إهدا يا آبني و صدقني كُل اللي إنتَ عاوزة إن شاء الله هيحصل

ثم أدخلته داخل أحضانها و شددت من ضمته و بدأت تتخلل شعر رأسه بأناملها بحنان و أردفت قائلة مطمئنة إياه٠٠٠ أنا معاك يا حبيبي و مش هسيبك

إستكان داخل أحضان والدته و كأنهُ وجد ملاذة داخلها

              ○○○○○○¤○○○○○○

في صباح اليوم التالي

دلف صلاح إلي الغرفة التي يقبع بها صغيرهُ ،، نظر عليه بقلبٍ يتمزق لحالة الحزن التي تملكت من عيناها و أصبحت لا تفارِقها  مٌنذ أن فاق و وعي علي حالة ،  سحب حسن بصره و أبعدهٌ عن مرمي عيناي والده مما أحزن صلاح

وقفت ثريا من جلستها جانب شقيقها و تحركت إحترامً لحضرة والدها و تحدثت بإحترام و إجلال وهي تٌفسح لهٌ الطريق في إشارة من كف يدها  ٠٠٠ إتفضل يا بابا

أماء لها صلاح و أبتسم بحنان و تحرك و جلس بالمقعد المجاور لتخت نجلهٌ ثم تحدث بنبرة صوت حنون ٠٠٠ عامل أية إنهاردة يا باشمهندس ؟

أجاب والدهٌ بإحترام دون النظر إليه ٠٠٠ الحمدلله أحسن
ملس صلاح علي كتفهِ بحنان و تحدث بنبرة دٌعابية ٠٠٠ أنا عاوزك حديد عشان تطول رقبتنا و متكسفناش مع بنت أسوان

نظر سريعً إلي والده بعيون متسائلة فتحدث صلاح مٌداعبً إياه ٠٠٠ يلا شد حيلك و قوم بالسلامة عشان نروح للراجل و نتمم إتفاقك معاه و نخطب لك...

و أكملَ بتساؤل مٌضيقً عيناه  ٠٠٠ هي آسمها أيه البت دي ؟

أنار وجههٌ من شدة سعادته و هو ينطق حروف إسمها غير مستوعب لما يجري ٠٠٠ بسمة ،، إسمها بسمة يا بابا

إنفرج فاه صلاح عندما رأي السعادة تغمر وجه غاليه،، و تحدث بإبتسامة و وجهٍ ضاحك ٠٠٠ أيوااا ، بسمة زي اللي إترسمت علي وشك دي لما جت سيرتها

شعر بالعالم أجمع يتراقص و يتغني حوله من شدة سعادته، و لم يعُد للألم المبرح الناتج عن جرحة مكانً، بل كل ما شعر به هو فرحة لم يشعر بمثلها من ذي قبل غمرت قلبه و تملكت من كيانه بالكامل

  و تحدثت ثٌريا التي آنارت الفرحة وجهها  ٠٠٠ صحيح يا بابا هتخطب له بسمة ؟

أجابها بنبرة جادة مُعنفً إياها بلطف  ٠٠٠ و من أمتي و أنا بهزر في الكلام ده يا بنت عزيزة

إقتربت علي والدها و قبلت رأسهٌ بإحترام و تحدثت ٠٠٠ ربنا يخليك لينا يا بابا

نظر له حسن بسعادة و أردف شاكراً إياه ٠٠٠ ربنا يخليك ليا يا بابا،، أنا مش عارف أقول أيه لحضرتك، مش لاقي جوايا كلام يعبر لك عن اللي أنا حاسه

حزن صلاح من داخله عندما رأي فرحة ولدة و كيف تحول وجههُ من قمة يأسة و حزنة إلي قمة سعادته في غضون ثواني،، و لام حاله علي ما فعله بقلبهِ البرئ

و في اليوم التالي

ذهب عز و صلاح و مٌحمد إلي منزل دياب الذي قابلهم بترحاب و ودٍ و كرم ضيافة عالي معروف لدي أهل أسوان ،، أهل الكرمِ و الجود

تحدثت الجده إلي صلاح بأسي و أسف ٠٠٠ حقك علينا في اللي حصل من ولد إبني ناجي الله يرحمه في حق الباشمهندس

رد عليها صلاح بهدوء كي يُغلق هذا الموضوع و للأبد  ٠٠٠ اللي حصل حصل يا حاجه و إحنا ولاد إنهاردة ،، و كل عيلة فيها الصالح و الطالح، و هو الله يرحمه و يسامحه بقا عند ربه

ثم تنقل النظر بينها و بين دياب و تحدث بإبتسامة سَمحة ٠٠٠ خلينا في المستقبل ، كفيانا حزن و وجع  ، أنا جاي أطلب منكم إيد بنتكم المحترمة لإبني حسن و يسعدني و يشرفني إنكم توافقوا علي طلبي ده

و أكملَ ٠٠٠ أنا عارف إن حسن جا لكم قبل كدة و طلبها و أنا جاي إنهاردة علشان أأكد علي طلبه ده و أتمني إنكم توافقوا و نتمم الموضوع

تنهدت الجده بأسي و تحدثت بنبرة حزينة ٠٠٠ طلبك يشرفنا يا حاج و أنا أديها لحسن عن طيب خاطر  و أوصلها لكم لحد باب بيتكم كمان  ،، بس إنتَ شايف الظروف اللي إحنا فيها،   البت لسه إبن عمها ميت و مش حلوة في حقنا نفرح و نعمل خطوبة و الواد لسه مكملش حتي أسبوعين

تحدث صلاح بتفهم ٠٠٠ و إحنا بنفهم في الأصول بردوا يا حاجة ،، أنا عارف كل الكلام ده و مقدر حزنكم علي إبنكم  ،، ده غير إن حسن لسه تعبان و محتاج شهور علشان يقدر يرجع زي الأول و يمارس حياته بطبيعيه ،،

و أسترسل حديثهُ بنبرة جادة ٠٠٠ أنا هنقلة علي إسكندرية في طيارة خاصة بعد يومين ،، الدكاترة قالوا إنه لازم يقعد في المستشفي علي الأقل إسبوعين كمان تحت الملاحظة ،، و بعدها هيفضل في إسكندرية لحد ما يشد حيلة خالص و ترجع له صحته زي الاول،، و بعدين نبقا نتمم الجوازة علي طول بإذن الله،،
أنا بس عاوز منك وعد بالموافقة و عاوزك تسمحي لبسمة تيجي بكرة المستشفي تشوف حسن قبل ما نسافر علشان أكيد هيفرق في نفسيته و في علاجة اللي لسه مطول

تحدث دياب بموافقة و ترحاب ٠٠٠ إن شاء الله بكرة أنا هجيبها و أجي و نزور الباشمهندس ،، بس سعادتك و باقي العيلة الكريمة معزومين بكرة هنا علي العشا علشان تدوقوا الأكل الأسواني

معلش إعفونا،، مرة تانيه إن شاء الله  ،،جملة تفوة بها صلاح بإعتذار

فأصرت الجدة علي حضورهم لتناول العشاء ،، و وافق صلاح علي طلبها و أستأذنوا بالرحيل

             ○○○○○○¤○○○○○○

و مع رحيل الشمس بنفس اليوم 

داخل الطائرة المُتجهه برحلتها من الحبيبة أسوان إلي عروس البحر الأبيض مدينة الجمال، الأسكندرية

كان يجلس ذلك العاشق بجوار إمرأة أحلامه التي حُرمت عليه كتحريم الأم و الأخت  ،
ينظر إليها بقلبٍ عاشق سعيد لأجل تواجدها بالقرب منه بهذا الحد

تحدث إليها مُتلاشياً النظر داخل عيناها حتي لا تسحرة كعادتها دون إدراك منه و تجعله مُتيماً هائماً في سماء عشقها، و هذا الشعور يرفضه و يحاربه طيلة الوقت ٠٠٠ إنتِ كويسه يا ثُريا ؟

تنفست بعمق ثم زفرت بهدوء و أجابته بنبرة حزينة و ذلك لحُزنها علي زوجها و ما أصابهُ ٠٠٠ الحمدلله علي كل حال يا عز  ،  مرتاحه شوية إني إطمنت علي حسن و خصوصاً بعد موافقة بابا علي موضوع خطوبته من بسمة

أردف هو قائلاً بإعجاب  ٠٠٠ تعرفي إني إحترمت البنت دي جداً لما أعترفت إن ناجي هددها بإنه هيأذي حسن لو مبعدتش عنه ، واحده غيرها كانت خافت علي إبن عمها من السجن ،  أو حتي خافت من لوم أهلها ليها

و أكمل بنبرة حنون ٠٠٠  بس الظاهر إنها بتحب حسن أوي لدرجة إنها متفكرش في أي حاجة غير إنها تجيب له حقة حتي لو هتقف هي في وش المدفع  ، يا بخت قلبه بيها و بحبها 

إبتسمت ثُريا و أردفت قائلة بنبرة دعابية ٠٠٠ قصدك يا بختها هي بحب حسن المغربي يا عز باشا

قهقه برجولة و أرجع رأسهُ للخلف قائلاً بدعابة مماثلة ٠٠٠ قوام إبتديتي شغل الحموات يا ثُريا
و أكمل مداعبً إياها ٠٠٠ ده أنا كنت مخدوع فيكي بقا

ضحكت بنعومة و أردفت بنبرة رقيقة جعلت القشعريرة تسري داخل جسد ذاك العاشق الولهان و أردفت قائلة بنبرة مدافعه عن حالها  ٠٠٠ طول عُمرك و إنتِ مظلومة يا ثُريا

أردف قائلاً علي عجل و لهفة ٠٠٠ لا عاش و لا كان اللي يظلمك طول ما انا عايش علي وش الدُنيا و فيا نفس يا غالية

شعرت بسعادة الدنيا تحوم حولها لإستماعها لتلك الكلمات من إبن عمها الغالي التي تعتبرهُ بمثابة شقيقها الثالث

و تحدثت إلية بعيون شاكرة و نبرة سعيدة ٠٠٠ربنا يخليك ليا يا عز و تفضل طول عمرك أخويا و سندي اللي لما بحتاج له دايماً بلاقية

إبتسم و سَعِد داخلهُ، فحتي و إن كانت تعتبرهُ ك شقيقها فيكفيه أنه قريبً من قلبها و لهُ بداخلهِ مكانة و لو صغيرة

أما هي فالتفت بوجهها تنظر من نافذة الطائرة و تتأمل في السماء و كلها إشتياق لرؤية زوجها الغالي و صِغارها التي إشتاقتهم حد الجنون،،

شعرت بحركة طفلها العنيفة داخل أحشائها و كأنهُ يركلها بساقيه  ، فَقشعرت ملامح وجهها و وضعت يدها علي أحشائها و تألمت في صمت

فسألها ذاك المراقب لها مُتلهفً و الخوف ظهر بعيناه ٠٠٠ فيه حاجة بتوجعك يا ثُريا  ؟

حولت بصرها إلية و أجابته مُبتسمة ٠٠٠ شكل إبن أخوك و لا بنته هيطلعوا أشقيا أوي  ،  مبيبطلش ترفيس طول الوقت جوة بطني

إبتسم لها و سألها بإهتمام ٠٠٠ نفسك في ولد و لا بنت ؟

أجابته بنبرة راضية كُلها يقين ٠٠٠ كل اللي يجيبه ربنا خير  ،  أهم حاجه البيبي يكون بصحة كويسه

و أكملت بنبرة حزينة و عيون مُنكسرة ٠٠٠ اللي أهم من كل ده إن ربنا يشفي لي أحمد و يخليه في وسط أولادة و يفرح بيهم و يشوفهم و هما بيكبروا قدام عيونه

نزلت كلماتها تلك علي قلبه زلزلته و حزن لأجل شقيقهُ و مصيرهُ المحتوم بالموت المؤكد وساد الصمت بينهما بعد تلك الكلمات

و بعد مدة من الوقت

دلفت إلي منزل العائلة بجوار عز وجدت ذاك العاشق بإنتظارها و الغيرة تنهش قلبه و تُشعله لرؤيتهما معاً ،،  و أيضاً مُنيرة و منال و راقية و عبدالرحمن و اطفال المنزل،،  الجميع بإنتظارهما بإشتياقٍ جارف لرؤيتهما و أيضاً للإطمئنان منهما علي صحة حسن و كيفَ أصبح

يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي