الفصل التاسع عشر

جلست حفصة على تلك الأريكة تعض على أناملها تشعر بالمقت ، طرقات على باب الشقه جعلت ملامحها تنكمش و هبت واقفه تتحرك نحو باب الشقه وهي تهدر من بين أسنانها:
_ عايز إيه يا يوسف مش هفتح و مش عايزه أتكلم مع حد..

توقفت عن متابعة كلماتها وقد رن الصمت للحظات ثم وصلها صوت صفوان المتصلب:
_ أنا مش يوسف..

عضت على شفتيها وقد أحمر وجهها حرجاً، ومدت كفها تفتح الباب وقع بصرها على ذلك الواقف بملامح مكفهره، هدر هو قائلاً بقاتمه:
_ يوسف عمل إيه؟

اهتزت حدقتيها بتوتر و كادت أن تحرك شفتيها حتي تتحدث لكن قد استدار هو يهبط درجات السلم تحت نظراتها المتوجسه بتوتر..
٠٠٠٠٠
التوي ثغر مروه بابتسامة بسيطه وهي جالسه في تلك الجلسه العائليه تستمع إلي كلمات وفاء التي راحت تهمس لها بخفوت حائره:
_ أنا دلوقتي يا مروه محتاره، أنا شوفته أول مره في فرحكم زي ما قولتلك..

أبعدت مروه نظراتها عن زوجها الجالس بجانب ابن خالته يتحدث بأمور متعلقه بالعمل ثم مالت علي وفاء هامسه باستسفار:
_ متعرفيش أي معلومات عنه ؟

وضعت وفاء كفها على ذراع مروه و همست باستياء وهي تلقي نظره متوجسه على شقيقها:
_ معرفش غير أنه إسمه صفوان

أنكمشت ملامح مروه و رفعت حاجب ونزلت الآخر وهي تردد الإسم بدهشه وقد ارتفعت نبرتها:
_ صفوان..

ارتعشت شفتيها مدركه ارتفاع نبرتها، رن الصمت و مروان ينظر نحوها بتعجب، أحمرت وجنتيها بشده وخفضت بصرها وقد وكزتها وفاء في كتفها بغيظ وهي تري نظرات ابن خالتها" غنيم" المصوبه نحوهم..
٠٠٠٠٠

وقفت حفصة جانباً تراقب صفوان وهو يضع الحقائب بداخل السيارة من الخلف ثم سحب الباب مغلقاً إياه..

توقفت نظراتها على السيده سمحيه التي خرجت من مدخل البنايه و رمقتها بنظره حاقده ثم تقدمت من ابنها تقبض على ذراعه قائله برجاء:
_ بقي دي اخرتها يا صفوان،طب قولي بنت عمك الغلبانه هتعمل ايه يعني، ذنبها إيه !

ألقي صفوان نظره خاطفه على حفصة الواقفه تخفض بصرها إلي الأسفل، تنهد طويلاً و انحني يقبل قمة رأس والدته ثم هدر قائلاً بنبرة جامده:
_ أنا مش بتكلم في حاجة يا امي، بس مش نافع نعيش في نفس البيت

نطق آخر كلماته و نظراته معلقه بحفصة، ألقت السيده سميحه نظره عليها من فوق كتفها ثم رمقت صفوان بنظراتها قائله بنبره محتقنه:
_ يا بني إلي أنت متجوزها دي كانت تستاهل إلي حصلها هي إلي وقعت يوسف زمان و بعتت له صورها..

توقفت باقي كلماتها على طرف شفتيها حين رمها صفوان بنظراته الحاده مقاطع إياها بتحذير جامد:
_ متكمليش..

نطق بتلك الكلمات مكور أنامله على المفاتيح خاصته وهو يلقي نظره على تلك التي تجمدت ملامحها و قد استمعت إلي كلمات والدته..
٠٠٠٠٠٠٠٠٠

لوت سوزان فمها وهي تستمع إلي كلمات حماتها المواسيه التي راحت تثرثر بلا توقف:
_ محمود ابني طيب و الله ، هو بس تلاقي ظروف شغله..

عقدت سوزان حاجبيها بشده و رمقت تلك الجالسه أمامها على الأريكة بنظرات ساخطه، ظلت صامته للحظات ثم هدرت بحنق:
_ إبنك بقي كل تفكيره في كلام الناس عنه و إلي عملته الحربايه حفصة..

أنكمشت ملامح السيده سلوي و لوحت بكفها قائله بضيق:
_ افتكري لينا حاجه عدله..

توقفت عن متابعة كلماتها وهي تري شاهين يدلف إلي الشقه يحك أسفل رأسه قائلاً بتكاسل:
_ معلش يا مرات أخويا قومي أعملي ليا كوباية شاي

نطق بتلك الكلمات وهو يلقي بثقل جسده على الأريكة بجانب والدته تحت نظرات سوزان التي رمته بنظرات حاده قائله بتأفف:
_ أنا طالعه فوق يا حماتي

قالت تلك الكلمات وهي تنهض من مكانها وتحركت تخرج من باب الشقه المفتوح تحت نظرات شاهين الذي أنكمشت ملامحه هادراً بسخط:
_ مرات إبنك دي مش سهله..
٠٠٠٠٠٠٠

تحركت حفصة تلقي نظره على تلك الشقه البسيطه المتواجدة في منطقة هادئه..

استدارت تحدق به وهو يضع الحقائب بجانب الباب و قد كانت ملامحه مكفهره، ظلت تنظر نحوه بصمت ثم حركت شفتيها تهدر باستفهام:
_ إحنا هنعيش هنا؟

أغلق هو باب الشقه و هو يشير بمفاتحيه قائلاً بتوضيح:
_ دي تبع واحد صاحبي هنقعد فيها بشكل مؤقت

أومأت حفصة برأسها دون حديث و تحركت تجلس على أحد المقاعد، تحرك هو خلفها هادراً بندم:
_ آسف يا حفصة على كل إلي حصل، أنا غلطت لما قعدنا في نفس البيت معاهم

عضت حفصة على شفتيها ثم أومأت برأسها قائله بعدم اكتراث:
_ مش فارقه

قالت تلك الكلمات وهي تنهض من مكانها تدور ببصرها في الشقه بنظرات غير مهتمه تاركه إياه يحدق نحوها بشرود..

٠٠٠٠
تحركت مروه تدلف إلي الشرفه تستند على السور تعدل من وضع وشاح رأسها تاركه زوجها جالساً مع أفراد عائلته بداخل شقة والدته..

_ صفوان مين؟

خرج ذلك السؤال بفظاظه من مروان الذي خرج إلي الشرفه ليقف خلفها، استدارت هي تحدقه بنظراتها المتوترة وقد أحمر وجهها حرجاً وهي توضح له على الفور:
_صفوان زوج حفصة، كنت..


توقفت عن متابعة كلماتها تحاول إيجاد كلمات مناسبة، ثواني معدودة وكانت تتابع بتوتر:
_ جات سيرة صاحبتي فكنت بقول يعني أن حفصة اتجوزت و كده..

مط مروان شفتيه وهو يحدقها بنظرات غريبه جعلتها ترتبك ثم تقدم نحوها و شعرت بكفه الخشن يدخل خصلات شعرها بداخل الوشاح قائلاً بخشونه:
_اظبطي الطرحه بتاعتك

شعرت بدقه هاربه من قلبها وهي تجده يبتعد عنها وقد وقف مستند بكفه على السور ينظر نحو الأسفل، عدلت من وضع وشاح رأسها ووقفت بجانبه تقول بتبرير خافت:
_ مخدتش بالي..

توقفت الكلمات على طرف شفتيها حين تحدث هو قائلاً بخشونه:
_ بتحبيني يا مروه؟!

صدرت منها شهقه خافته و أحمر وجهها وهربت بنظراتها بعيداً عنه تنظر نحو الأسفل ضاغطة بكفها على سور الشرفه..

اذدردت ريقها بصعوبة وهي تستمع إليه يتحدث قائلاً بصوت رخيم:
_ مروه !

أغمضت جفونها تتنفس الهواء وهي تنظر نحوه قائله بخفوت متوتره:
_نعم !

حك مروان ذقنه وهو يري وجنتيها المشتعلين خجلاً، ظل يحدقها بنظراته العميقه ولكن قطع ذلك صوت وفاء العالي:
_ يا أبيه القهوه اتعملت

أغمضت مروه جفونها وهي تبلتع ريقها، التوي ثغره بابتسامة جانبيه ثم هتف إلي شقيقته:
_ جاي يا وفاء

نطق بتلك الكلمات وهو يتحرك يخرج من الشرفه تحت نظرات مروه التي أغمضت جفونها تشعر بالراحه من ذهابه إلي الداخل..

وضعت كفها المرتجف على قلبها الذي اضطربت دقاته و عضت على شفتيها وقد أحمرت وجنتيها بشده...
٠٠٠٠٠٠

أرتفع صوت نباح الكلاب و الصمت القاتل المتواجد في تلك المنطقة، حاوطت حفصة جسدها بذراعيها و عينيها معلقه بعقارب ساعة الحائط تنتظر عودته من الخارج فقد ذهب إلي عمله منذ الصباح ولم يأتي بعد..

شعرت بالباب خاصةً الشقه يفتح مما جعلها تتنفس الصعداء وهي تنطق حروف إسمه تلقائياً بارتياح:
_ صفوان..

نطقت بتلك الكلمه وهي تنهض من مكانها تزيح خصله من خصلات شعرها إلي الخلف، ضيقت ما بين عينيها حين رأت تلك الكدمات المتواجده على وجهه فهتفت عفوياً بتوجس:
_ مال وشك؟

ألقي صفوان مفاتيحه على تلك الطاوله الصغيره قائلاً بنبره جامده مضغوطه:
_ مفيش

ظلت هي تحدقه بنظراتها المرتابه ثم هدرت بتشكك:
_ أنت اتخانقت تاني مع يوسف !

أنكمشت ملامحه و رمي إياها بنظره قويه دون أن ينطق بشئ ثم تحرك يلقي سترته على المقعد..

تضايقت حفصة من تجاهله لها، دارت ببصرها في الشقه ثم هدرت قائله بنبره خافته:
_ أنا عايزة أروح عند بابا اقعد معاه، مش قادره اتأقلم على الحياه معاك

أنكمشت ملامح صفوان أكثر و استدار يحدقها بنظرات مشتعله غضباً قائلاً بعصبيه غير مبرره:
_ مفيش مرواح في حته

انتفضت هي أثر كلماته و تقلصت تعابيرها من طريقته في الحديث و هدرت بانفعال:
_ أنت بتعلي صوتك عليا ليه !

أغمض هو جفونه بعصبية محاول تمالك ذاته ولكن هيهات فتلك الصور التي رآها على هاتف يوسف رفضت أن تذهب من مخيلته والتي كان مازال محتفظ بها على هاتفه الآخر، كور قبضته بشده وهو يقول بصوت متحجر:
_ خشي جوه دلوقتى

أصبحت ملامح حفصة مكفهره و هتفت بنبره حانقه:
_ مش داخله جوه غير لما أعرف في إيه !

لم يستطع صفوان السيطرة على حاله أكثر من ذلك لذلك هدر بنبره مشتعله غضباً:
_ في أن صورك لسه موجوده مع يوسف..

تصلبت نظراتها بينما تابع هو قائلاً بنبره مضغوطه ناريه:
_ الصور إلي أنتي بعتيها ليه بنفسك بمنتهي الأستهتار

نطق بتلك الكلمات ثم سحب سترته يرتدي إياها بعصبية و تحرك يفتح باب الشقه وقد خرج منها مغلقاً الباب خلفه بقوه تاركاً إياها تقف متجمدة الملامح وقد شعرت بالنيران تكاد تتأكل أحشائها غضباً من حالها و من يوسف الذي أعطته ثقتها الكاملة في وقت من الأوقات معتقده أن نهاية تلك القصه زواج لكن هيهات..

٠٠٠٠٠٠٠
دلفت إلي تلك الغرفه التي خصصها من أجل العمل، التوي ثغرها بابتسامة طفيفه وهي تري تلك الأوراق المبعثرة الموضوعه على الطاولة..

تقدمت ترغب في تجميع تلك الأوراق لكن توقفت عن ذلك عندما وصلها صوته من الخارج هاتفاً بتساؤول:
_ مروه فين القهوه؟

حركت مروه رأسها يميناً ويساراً بقلة حيله ثم تحركت تخرج من الغرفه وهي تقول عفوياً بمرح:
_ إيه حبك الغريب في القهوه دي ، أنا نفسي تعتبرني فنجان قهوه !

لا تعرف كيف خرجت تلك الكلمات منها ، رن الصمت وهي تجده يرفع حاجب ونزل الآخر ظل صامتاً للحظات ثم التوي ثغره بابتسامة طفيفه..

حكت هي خصلات شعرها وقد أحمر وجهها وهتفت قائله بخفوت مرتبكه:
_ هروح اعملك القهوه حاضر

قالت تلك الكلمات وهي تركض نحو المطبخ..

٠٠٠٠٠٠
تسطحت هي على ذلك الفراش و عبراتها تنساب على وجنتيها وقد مر يومين ولم يأتي صفوان إلي الشقه تاركاً إياها عقلها يكاد يتوقف من تفكيرها في آمر تلك الصور..

طرقات على باب الشقه جعلتها تتنفض جالسه على الفراش نهضت سريعاً تركض حافية القدمين إلي باب الشقه متعقده أنها مروه التي تحدثت معها صباحاً..

فتحت باب الشقه وهي تتحدث بصوت مبحوح:
_ مرو..

تبعثرت الحروف في فمها عندما وقع بصرها على ذلك الواقف على أعتاب شقتها، ارتجفت شفتيها ورددت اسمه بذهول:
_ محمود ..!
يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي