الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثاني والعشرون ...
__________________

وها هي إيف الان مستلقية بين ذراعي تيوان بعدما رحل الجميع ..
كانت تحتاج الى اكثر من قربه الجسدي ..
فبدأت تداعب صدره برقة فاوقف حركتها قائلا :
-  لا ! يا حبيبتي قال الطبيب الراحة التامة .
كشرت ملامحها بغضب ، فقبلها برقة قائلًا :
-  حين تعودين لصحتك الكاملة ، صدقيني إيف ،
لن اتركك ليلة واحدة تنامين فيها براحة دوني ..
سيكون جسدك لي كل ليلة …
انتقلا في صباح اليوم التالي للمشفى ..
وقد أخذ لها تيوان غرفة خاصة بفراش كبير ،
حتى لا يتركها أثناء النوم ..
فقلقه عليها يتزايد ، كلما شاهد شحوب وجهها يزداد ..
فهو يعلم جيدًا مدى ارتعابها من اجراء هذه الجراحة ..
وقد حاول بقدر ما امكنه أن يجعل الغرفة لطيفة خلاف باقي غرف المشفى ..
فقد ملأها بورود البنفسج وعباد الشمس التي تحبها ..
انبهرت إيف حينما دخلت الغرفة ،

فوجدتها تعج بالورود التي تعشقها ..
التفتت نحوه والدموع بعينيها ، ثم احتضنته بقوة وهي تردد :
-  لا أجد كلمات توفي شكرك لكل ما تفعله من أجلي تيوان ..
قَبل وجنتها ، ثم هبط يُقبل جانب شفتيها برقة قائلًا :
-  كوني بخير فقط ..
هذا أفضل شيء تستطيعين تقديمه لي ..
فإن أردتِ شكري حقًا .. استعيدي قوتك في أسر٦ وقت ..
وكوني بخير بل في أفضل حال ..

وبقي معها تيوان ليل و نهارًا ،
ونسي رحلته الى بريطانية التي كان مقرر أن يذهب إليها في نهاية الاسبوع المقبل ..
ولكنه قرر أن يترك كل أعماله ، ويظل معها ..
حتى انه اصدر قرار لفريقه ، بأن يباشروا هم كل ما يمتلكه من مشاريع أو قرارات دون الرجوع إليه في هذه الفترة ،
بينما حدث والديه ليعتذر لهم عن عدم زيارتهم الفترة المُقبلة لانشغاله الشديد ..
واخبرهم أيضًا ان زيارته القادمة سيكون معه مفاجأة كبيرة لكيلاهما ، ومؤكد سينبهران بها ..
انهى المحادثة مع والديه ،
ليجدها تنظر نحوه وعينياها مليئة بدموع حبيسة ..
ثم تميكت به يائسة وهي تقول :
-  قد لا تتاح لنا فرصة اخرى كي أرى بها والديك حبيبي ؟
شهق مذعورا وهو يضمها بقوة قائلًا :
-  لا ! إيف .. يا إلهي ..! لا تقولي هذا !
ثم دفن رأسه في شعرها ، وهو يحاول ألا تسقط دموعه أمامها أبدًا ..
ظل يحتضنها حتى غفت على صدره ..
كرهت إيف المشفى كل الكره ، لأحساسها انها حبيسة فيه ...
كل ساعة فحص مختلف ، جعلها تشعر بالضجر الشديد ..
مع أن تيوان حاول أن يجعل غرفتها الخاصة ، مميزة للغاية ، ولكنها لم تكن تشعر سوى باليأس والإحباط من مكوثها هكذا بس جدران غرفة في مشفى ،
فهي لم تعتاد أبدًا ذلك .
ومر اليومان ببطئ حتى حان موعد العملية
صباحا ..
وما ادهشها ان تيوان حين استيقظت كان على كرسي بجوار سريرها وعلى وجهه نظرة يائسة .. وكانت لحيته غير حليقة تشير الى انه هنا منذ وقت طويل .

قطبت جبينها قلقة وهي تجلس متسائلة :
-  حبيبي ... ؟ ما بك !
فقال لها بصوت خشن مرهق و مرتبك للغاية :
-  لو مت يا إيف سأموت معك بكل تأكيد !
صاحت برعب :
-  لا .. تيوان .. ارجوك لا تقل هذا ..
فاصر متجهما وهو قترب منها ، حتى جلس على ركبتيه أمام قدميها قائلًا :
-  بلى إيف .. أؤكد لكِ أن هذا ما سيحدث ..
فأرجوكِ حبيبتي ان تحيي من اجلي ومن اجل اطفالنا ..
أرجوكِ إيف قاومي بكل قوة تملكينها .. أو حتى لا تملكينها ......
ردت بلطف وهي تنحني تمرر كفها على رأسه :
-   تيوان لن اقدر حتى بعد العملية بفترة طويلة على حمل الاطفال .
برقت عيناه وهو يقبل كلتا كفيها برقة قائلًا :
-  اعرف هذا حبيبتي ..
ولا أعبء بالأمر حتى وان كنت لن تحملي أبدًا ..
غير انني اعرف اهمية الاطفال في نفسك ولذا سننجب أجلًا ..
انما علينا التمهل قليلا ، لذلك انني اريدك لنفسي اولًا ، ولفترة طويلة بقدر ما امكننا ..
ضيقت عينيها بتساؤل ، فأردف بابتسامة حاول رسمها قدر ما استطاع ، حتى يعطيها الأمل قبل أن تدخل غرفة العمليات وتأخذ قلبه معها :
-  لقد امرت بتحضير المزرعة لنا .. وامي ترتب الآن لنا موعد العرس .
شهقت وهي تضع كفها على فمها لتردد :
-   تيوان ... !
مرر سبابته على وجنتها وهو يقول لها بصوت أجش :
-  لا تفكري مسبقا ..
لقد جافاني النوم ليلة امس ،
فتمشيت قليلا وقد شاهدت احدى الواجهات
……..
توقف عن الحديث وهو يخرج علبة مخملية من جيبه. . ثم فتحها وهو يردف :
-  علمت انني يجب ان اهديك اياه اليوم ....
فاخرجت الجواهري من نومه فجرا .
نظر لعينيها اللؤلؤية المتأثرة ، فالتقطت كفها ليقبله ، ثم امسك بالخاتم ليضعه اصبع في اصبع يدها اليسرى الثالث وهو يقول لها :
أريد منك ان تضعيه قبل أن تدخلي غرفة العمليات ..
انه خاتم زواج رباط ذهبي رفيع يناسب اصبعها تماما ،
رددت بتأثر :
-  ما اجمله تيوان ... لكن ......
قاطعها قائلًا وهو يُقبل كفها :
-  لقد حفرت في داخله كلمة أحبك تيوان ..
اتسعت عيناها وهي تسأله :
-  وهل جعلت الجواهري يكتبها هذا الصباح ؟
يا للرجل المسكين ! لن يعود الى هدوئه ثانية ؟
ابتسم لها وهو يهز كتفيه قائلًا :
-  ربما ....
نظرت نحو الخاتم الذي سلب لُبها ، ثم تحسسته برقة وقد بدت ملامحها حزينة وهي تقول له :
-  انه خاتم جميل تيوان ... بل جميل جدًا ..
لقد انبهرت حقًا به ..
ولكنني للأسف لن استطيع حمله اثناء العملية .
اعتدل ليجلس جوارها قائلًا بحماس :
-  بلى تستطعين ..
فقد سالتهم واجابوني بان لا باس بوضع خاتم الزواج .
رددت بحيرة :
-  لكننا لسنا متزوجين .
لمعت نار تحترق داخل عينيه الفحميتين وهو يقول :
-  بل نحن متزوجان امام الله ..
وانا اريد جزءا مني ان يبقى معك طوال الوقت .
ابتسمت نحوه بعشق وهي تحتضن كفها قائلة :
-  حسنًا إذن .. سيبقى الخاتم معي ...
ثم داعبت ذقنه وهي تردف :
-  لا تغضب هكذا ..
ابتسم نحوها فقالت له :
أرأيت الازهار التي قدمتها لي لورين يوم امس ؟
أمأ برأسه فأكملت :
-  كيف حالها في ادراة المجلة ؟
اجابها باقتضاب ، فهو الأن يتملكه القلق الشديد عليها :

-  عظيمة !
تمتمت وهي تضيق عينيها :
-  ألن تذهب الى العمل ، خلال نومي ؟
تمسك جيدا باليد التي تضع خاتمه وهو يقول :
-  لا .. لن استطيع التركيز يبدو انني لن استطع بدونك القيام بشيء .
ارادت ان تواسيه وان تساعده لكن ما من شيء قد يسهل عليه الوضع ..

دخلت ممرضة الى الغرفة في تلك اللحظة ،
وتوقفت وهي ترى تيوان يجلس بجوان إيف على السرير .
فقالت بجراة مثلما دخلت :
-  اخشى اني مضطرة الى ان اطلب منك الخروج سيد كارتر ......
يجب ان اجهز السيدة ماسيو للعملية .

ابيض وجه تيوان وبدا قلقا محتقن الدم وهو يقول لها بتوتر بالغ :
-  هل لك تمهلينا بضع دقائق وحدنا ؟... لن اطيل المكوث .
هزت الممرضة راسها ببطء وابتسمت ابتسامة تفهم وهي تجيبه :
-  بضع دقائق فقط .
ثم انسحبت بهدوء ..
شد يده على يد إيف قائلًا :
-  هل العملية عمل صائب إيف ؟
هل ترين أنني شخصًا اناني لانني اقنعتك باجرائها ؟
اليس من الافضل لو نتمتع بما تبقى لنا من وقت ونشكر الله عليه ؟
لمست وجهه باصابع محبة ، فهي تعلم جيدًا انها ستساعده بقول الحقيقة ، فتنهدت بقوة وهي تقول له :
-  اريد اكثر من هذه المدة القصيرة تيوان ..
أنا أحبك كثيرًا ..
لقد أحببتك من أول لقاء لنا ..
واريد ان اقضي ماتبقى من عمري معك ..
ان كان هناك من تصرف بانانية فهو انا ..
لانني لم اكن صادقة معك بمشاعري ، ظننت انني بهذا سأوفر عليك الألم ،
.. لكن هذا كان خطا مني ساعيش يا تيوان .... والسبب حبنا ..
اريد العمر الطويل لا الفراغ والوحدة ..
اتفهم هذا حبيبي ؟
لقد قبلت اجراء العملية من اجلنا .. نحن الأثنان ..
ردد بتأثر :
-  إيف !.....
و تعانقا بقوة .. ثم تعلقت به بشراسة وهي تخبره :
-  احبك .. احبك حبا جما تيوان .
ابعدها عنه بلطف ، وهو يقبل كا إنش في وجهها قائلًا :
-  هذا كل ما تمنيت ان اعرفه منذ عشقتك إيف ..
فساجلس هنا حتى تستيقظي وعندها ساقضي العمر كله بجانبك .

وهذا ما حدث .......
فقد امضى العمر كله معها ..
يراقبان اولادهما يترعرعون ويشبون ويتنعمون برؤية حب ابويهم الذي لا يموت .

_______________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي