الفصل الثالث

فتح زين عينيه بي بطء من شدة أشعة الشمس التي تتعامد في تجاهه ، نظر إلى نفسه و وجد أنه عاد إلى الطبيعة البشرية مرة أخرى ، كانت صدمته في هذا اليوم الثاني أقل من يوم أمس ، و بي التدريج بدأ يفكر في حل له لكي يستطيع التاقلم مع هذه الحياه ، فقد وجد ان لا فائدة من الجلوس عبثا هكذا ، قرر زين التوجه إلى المدينة و العودة بي سرعة قبل غروب الشمس ، أي قبل أن يتحول إلى ذئب.
ربما سوف يجد زين أي إجابة لي هويته و طبيعته التي تمتزج بين البشر و الذئاب ، و لكي يعرف لي ماذا يتحول إلى إنسان و من هم عائلته و ما حل به لكي يصبح نصف انسان و نص ذئب ، ظل زين يركض و يركض من الغابة ، مسرعًا نحو المدينة ، و لكن مع خطوته الأخيرة لي الخروج من الغابة ، وقف زين و أخذ نفسا عميقا كما لو كان يستعد لي التعرف على هذا العالم الآخر ، و في نفس الوقت هو كان خائفًا إلى حد ما مما سوف يتعرض له في المدينه ، فلم يعتاذ زين علي الخروج من الغابه مطلقا قبل ذالك ، ثم ذهب إلى القرية الأولى التي كانت قريبة من تلك الغابة ، ذهب إلى سوق تلك القرية و كان يغطي جسده بي جلد من الغابه الجاف من اثار حيوانات اخري في الغابه قد ماتت مع بعض من اوراق الشجر الكبيره لكي يغطي كل جسده ، ثم وجد زين ملابس بالية تركت على حبل غسيل فهي ملك لي احد سكان تلك القريه ، ثم اخذها و لبسها لكي يبدو مثل باقي الناس في هذه القرية و لا يبدوا غريب المظهر عنهم و يلتفت اليه الانظار اكثر و اكثر ، و بعدها وجد منزلاً منفصلاً عن باقي المنازل في الغابة ، و بدأ يشعر بي شيء يجذبه نحو هذا المنزل ، كان يشعر أنه كان يعرف هذا المنزل منذ أن كان طفلاً حديث الولاده ،
في الواقع لقد كان هذا المنزل هو منزل العائلة التي وجدوا زين ، عندما كان في المهد و تركته عائلته بعد ان ولدته امه و تركته وحيدا في الغابه ، وكان السيد جون و زوجته يرعون زين الذئب من بعيد لي بعيد مع ابنتهما ماريا ، و يمرون عليه لكي يضعوا له الطعام و الشراب و يطمئنوا ان حالته بي خير .
قرر زين ان يدخل هذا البيت لكي يري ما بي داخله لعله يذكره بي اي شئ عن حقيقته التي لا يعلمها حتي الان ، طرق زين باب ذلك المنزل و فتحت له ماريا ، ثم نظرت إليه بي ذهول و أمالت رأسها قليلاً ، ثم أخبرته و قالت له : من أنت ؟ ثم سكتت برهة و تابعت كلامها قائلة له : "يبدو أنك لست من هذه القرية ، هل أنت غريب من هنا ؟"
كان زين ما زال ينظر إليها لي التو ، فان هذه هي المحادثة الأولى بينه و بين إنسان و ليس ذئب ، ثم لم يدم الصمت طويلاً ، فقال لها : " نعم ، أنا غريب عن هذه المدينة و أريد أن أخفف قليلاً من عناء السفر هل تسمحي لي بي الدخول الي بيتكم لكي استريح قليلا من فضلك ". طلب إذنها لي لدخول ، و وافقت ماريا على استضافته .
ذهبت ماريا و أحضرت كرسيًا و جلست مقابل زين . أخبرته أن عينيه تخفيان سرًا كبيرًا. و أنها تشعر بي قليل من الارتباك و الغموض في أمره ، و سألته عما إذا كان يوحد أي شيء يريد أن يكشف عنه ..
ماريا قالت له : ما اسمك ؟ تبدوا غريب عن هذه القريه ، انا لم اراك من قبل هنا اطلاقا ، و ايضا عيناك .. عيناك بها الكثير من الغموض لا افهم تلك النظرات الحاده التي تخرج منهما ، فهي ليست نظرات اعجاب قط ، بلي انها نظرات تعجب شديده علي عينك ، كأنك لم تري اي فتاه من قبل ، او متعجب من حال قريتنا او حال بيتنا ، انا لا افهم صمتك هذا ، من فضلك تكلم .
لكن زين أخبرها أنه لا يوجد شيئ ، فقد قال لها : لا كل ما تقولينه لا اساس له من الصحه ، فانا متعب قليلا من اثار السفر و جئت اليكم لكي استريح فقط .
قد كان زين يبحث في كل أرجاء المنزل عيناه تتعجبان من كل ما يراه فهو لم يري هذه الاشياء من قبل كل حياته كانت في الغابه مع الاشجار و الحيوانات ، حتى لاحظت ماريا ذلك و قالت له :هل هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها منزلاً !!!! .
أما زين ، فقد أراد التحدث معها عما هو قادم من اجله ، لان الوقت يداهمه و يريد العوده الي الغابه مره اخري قبل وقت التحول اي قبل وقت الغروب ، زين قال لها : هل لي أن أسألك سؤالا ؟ .... أجابت ماريا قالت له : " تكلم أرجوك ".
قال زين لها : هل سمعت من قبل عن إنسان عادي ، هو إنسان ، لكنه عند غروب الشمس يتحول إلى ذئب ، هل سبق و سمعتي عن اسطوره مثل هذه ؟ و عندما تشرق الشمس يعود إلى الطبيعة البشرية مرة أخرى ، هل لديك سبب او تفسير لي ذلك ؟
كانت ماريا تنظر إلى زين بي غرابة و تتساءل عن مظهره الحاد و أنه كان ينظر إلى كل ركن من أركان الغرفة كما لو كان يتساءل عن كل ما يراه ، و كان يسألها عن كل شيء ما هو اسمه . و عندما لاحظ زين أن ماريا فوجئت بي أسئلته الكثيرة و لم تجيبه علي اي سؤال منهم ،
زين التزم الصمت و بدأ يبحث فقط و سألها عن والدتها و والدها ، أين هما و هل تعيش بي مفردها في هذا المنزل ؟
زين قال لها : كل هذا المنزل تسكنين فيه انتي بي مفردك ام امك و ابيكي يعيشون معكي هنا ؟ انا اسف ان اثقلتكي بي كثره اسئلتي هذه و لكني لا اعرف اي احد هنا .
لكن ماريا اجابته قائله : أن والديها قد ذهبا لي التسوق و سوف يعودان قريبًا ، هل تعرف اي احد منهم او تريدهم في اي شئ .
زين قال لها : حسنا هذا افضل لي المرء ان لا يكون وحيدا في هءه الحياه ، فان العائله و الاسره مهمه جدا في حياه اي كائن حي حتي الحيوانات ، و تابع زين اسئلته و سالها عن ما إذا كانت قد رأت ذئبًا من قبل أم لا . لكن ماريا فوجئت بي أسئلته الكثيرة عن الذئاب ! و أخبرته عن سبب كل هذه الأسئلة عن الذئاب و التحول .
ماريا قالت له : انا ملاحظه ان كل اسئلتك تدور حول هذا الجذء فقط ، عن الذئاب هل كنت تعرف ذئب من قبل ، او هل هناك شئ بي التحديد تريد مساعدتي فيه ؟
. ثم قرر زين عدم التحدث مرة أخرى و انتظار عودة والدها و والدتها من السوق مثل ما قالت ماريا ، لعل إجابته تنتظره مع أحد في هذا المنزل ، لكن الوقت قد تأخر و سألها متى سوف يعودون لأنه قد مضى وقت طويل ينتظرهم ، فأجابت ماريا قائله : " ربما سوف يعودون بعد غروب الشمس ."
هنا ، يتذكر زين طبيعته بي سرعة و أنه يجب عليه الذهاب إلى الغابة عند غروب الشمس ، ثم طلب منها الإذن بي الخروج ثم قال لها زين : هل يأتي والداك متأخرين هكذا كل ليلة ؟
أجابت ماريا بي النفي ، و قالت له : لا فقط هو يوم واحد لي التسوق ، و هذا هو يوم تسوقهم يتاخرون فيه ، و لكنهم لن يذهبوا إلى السوق غدًا ، إنه يوم إجازتهم . ثم أخبرها زين أنه سوف يعود غدًا لي مواصلة الحديث مع والدها غدًا . تعجبت ماريا اكثر و اكثر ، قالت لي نفسها ؛ كيف يكون هو مارا علي منزلهم لكي يستريح من عناء سفره و يكمل رحلته و لا يعلم اي احد هنا في المدينه ، و كيف له يخبرها الان انه سوف ياتي لي زيارتهم مره اخري غدا ، بحيث يكون والدها و والدتها موحودين لكي يتحدث معه ، في بدايه الامر و ماريا تشك في زين و تصرفاته و لكن بعد ان قال لها هكذا بدأت تتاكد ان هناك خطب ما في هذا الرجل الغريب .
خرج زين بي سرعة من القرية التي كانت مزدحمة بي الناس ، و نظر إليهم جميعًا بي دهشة و ذهول من حياتهم و تأثر بي تلك الحياة التي يعيشها البشر . و لكن سرعان ما لاحظ زين غروب الشمس و بدأت الشمس تتساقط تدريجيًا و قرب مجئ الليل ، و هنا ركض زين سريعًا إلى الغابة و عندما وصل وقف و استراح لكي يلتقاط أنفاسه سريعاً ، ثم شعر بي ألم شديد في جسده و صداع في رأسه ، و كان يعلم أن الوقت قد حان لكي يتحول إلى ذئب مرة أخرى ، و بدأت أضلاعه تتسع و ترتفع صراخه و يرتفع صوته حتى تحول إلى شكل ذئب كامل ، كان معتادًا على الصيد ليلًا و تناول الطعام ليلًا ، لي ذلك ذهب لي اصطياد فريسته ثم قرر البحث عن عائلته الحقيقية بين الذئاب أيضًا ، و قال لي نفسه ان يحاول البحث هنا و هنا دائما كل يوم ، لعله يجد اي حل لي مشكلته هذه ، ربما ينتمي إلى الذئاب ، و لكن من قطيع آخر . فقد كان القطيع الذي عاش معهم لا يحبونه ، و لا يحبون كونه مميز عنهم ، و اخذ يتجول زين بين القطيع بعد الآخر ، يسأل عن ذئب رضيع فقد من أمه بعد ولادته مباشرة ، لكنه لم يجد بعد ما يبحث عنه لم يجد الاجابه عن حقيقته ، و قد انتهى هذا اليوم بعد هذا الكدح و البحث و التعب بلا شيء ، لم يكتشف شيئًا عن نفسه أو عن هويته الحقيقية ، هل هو من جنس الذئاب أم البشر ؟
قام زين بي صيد غزاله فريسته و قام بي الانقضاض عليه و اكلها ، و تخزين ما بقي منها علي اعلي الشجره التي اعتاد ان يجلس عليها ،
كان يمر في ذالك الوقت حيوان اخر مفترس و هجين ، رأي زين الذئب و لم يهاجمه فقد كان بأس هو الاخر محطم مطرود من جماعته فقد كان خليط بين الذئاب و الكلاب ، كان زين لا يعرفه من قبل و لكن لاحظ شده حزنه و استسلمه لي امره ، لدرجه ان زين اذا هاجمه كان سوف يستسلم له ، نادي زين عليه فقد كان بي حاجه هو الاخر الي احد يسمعه و يسانده ، كان كلا منهم يحتاج الي الاخر .
زين : انت ! اين قومك ؟ و ما هي جماعتك ، الغابه في هذه المنطقه خاليه لا يوجد هنا اي جماعات ، هل انت تائه عن قومك ام ماذا ؟ .
نظر اليه الهجين و ظل ملتزم الصمت و لم يتكلم معه ، ثم تابعه زين بي التحدث و قال له : انا ايضا ضال عن جماعتي ، لا اعلم الي اي جماعه من الذئاب انتمي ، و جدوني فصيله لي الذئاب و عشت معهم و لكني قد طردت من بينهم بي تهمه لم ارتكبها ، قد اوشى بي في الوقوع لتك الجريمه صديقي الوحيد ، الذي كنت دائما ما احسبه اخي !
تعجب الهجين من كلام زين و بدأ يميل اليه لكي يتحدثوا سويا ، ثم قال له : انا اسمي ريد ، طردت من عشيرتي انا ايضا ، و لكن لم يوقع بيا شخص واحد ، بل كل جماعتي كانوا مستائين مني ، من ضعفي من كوني مختلف عنهم في المظهر كثيرا ، من كوني خليط بين فصيلتين و اني لست ذئبا نقيا ، انا لم يكن بي يدي اي من هذه الاشياء ، لو كان بي يدي ان اغير قدري بي التاكيد لم اكن اختار ان اكون هجين منبوذ هكذا .
زين قال له : لا تغضب يا ريد ، انا اسمي زين ، لست وحدك من مستاء من وضعه ، و لكن دائما نوجد في المحن لاننا الاقوي و لسنا الاضغف ، و لان هذا الاختبار ياتي و راءه نجاح عظيم ، تذكر كلامي هذا يا ريد دائما ، و تذكر كونك هجين فانت مميز و ليست منبوذ ، و لكن لدي سؤال يطرح نفسه ، والدتك ؟ اين هي من كل هذا ، هل تسمح والدتك لما يحدث لك ! ، انا دائما ما اتمني ان اري امي اسالها عن اسئله كثيره تدور في رأسي ، امي هي من تعلم ما حدث لي عند ولادتي ، تعلم سري الذي ابحث عنه الان و لم اجد الحل حتي الان يا ريد ، امي هي المفتاح الذي اذا وجدته علمت كل سر حول طبيعتي هذه .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي