الرابع والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

رواية عبق الماضي
بقلمي روز أمين

الفصل الرابع و العشرون

نظرت لها ثُريا و تساءلت بإهتمام ٠٠٠ إنتِ بسمة  ؟

لم تَعِر لحديثها أية إهتمام و لم تنظر حتي إلي وجهها، بل ضلت علي حالتها تنظر أرضً بشرودٍ تام  ، حتي دموعها قد جفت و تحجرت داخل عسليتاها و كأن كُل ما بها قد توقف يترقب بإنتظار و تمعن خروجهُ من خلف هذة الجُدران التي تحجب عن عيناها رؤيتهِ و ضحكتهِ البهية و التي سوف تحييها من جديد  !!

عذرتها ثريا ثم تحركت من جديد إلي والدتها و جاورتها الجلوس حيث أنها لم تعٌد تحتمل الألم و الوقوف جراء تعبها من حملها

تحرك إليها دياب الواقف جانبً ينظر إلي الجميع و يراقب ردود أفعالهم  من بعيد ،  و وجه حديثهُ إليها بهدوء ٠٠٠ قومي يا بنتي خلينا نروح علي بيتنا  ، مبقاش ليها لازمة قعدتنا دي بعد ما أهلة جٌم

 
نظرت إلي أبيها بذهول و كأنها إستفاقت من تيهتها للتو،، و تحدثت بحدة و هي تهز رأسها رفضً ٠٠٠ ريح نفسك يا بابا، أنا مش هتحرك من هنا غير لما أشوف حسن خارج من أوضة العمليات بعيوني دي،، و أتأكد إنه خلاص بقا كويس و بخير

تنهد دياب و وقف مكانهٌ بثبات يتطلع إلي هؤلاء الرجال ذوات الهيبة و النفوذ و الجاه

هٌنا قد أتي مدير المشفي و وقف أمام عز المغربي  ، أسرعت إليه ثٌريا و الجميع كي يطمأنوا علي غَاليهم  ،، أما تلك الشاردة فظلت ساكنه بجلستها و بجوارها أبيها المُرتعب داخلياً من فكرة صحة شكوكة نحو ناجي

تحدث مدير المشفي إلي عز بإحترام ٠٠٠ أهلاً و سهلاً بحضرتك يا باشا ،  نورت أسوان

ثم عرف عن حالة ٠٠٠ أنا دكتور مهران مدير المستشفي

تحدث عز إليه بإستفسار ٠٠٠ أهلاً يا دكتور ،، من فضلك طمني علي حالة الباشمهندس

أخبرهُ الطبيب بمهنية كي لا يتحدث أمام السيدات حتي لا ينهرن أكثر  ٠٠٠ ياريت حضرتك تتفضل معايا علي مكتبي علشان نتكلم هناك براحتنا يا سيادة العقيد

قاطعتة عزيزة بصياحٍ حاد ٠٠٠ عاوزين تتكلموا بعيد عني لية ؟ يبقا أكيد إبني فية حاجة و عاوزين تخبوها عليا

تحدث إليها صلاح كي يٌهدئ من ثورتها ٠٠٠ إهدي يا أم فريد و خلينا نفهم من الدكتور الأول

تحدثت عزيزة بإصرار ٠٠٠ مش ههدي غير لما أعرف إبني فية أية و حالاً 

وجهَ عز حديثهُ إلي الطبيب كي يٌنهي هذا الجدال قائلاً٠٠٠ إتكلم من فضلك يا دكتور و إحنا سامعينك

تحدث الطبيب بهدوء  ٠٠٠ أول حاجه عاوز حضراتكم تطمنوا و تتأكدوا من إن عندنا هنا في المستشفي أمهر متخصصين و إننا مش هنقصر في أي حاجه محتاج لها الباشمهندش

تحدث صلاح بحده بعدما فقد السيطرة علي صبره  ٠٠٠ كل الكلام ده ميهمنيش ،، أنا عاوز أعرف إبني جوة في العمليات لية ؟
و أية هي حالتة بالظبط؟

تحدث الطبيب بهدوء متفهمً لحالة صلاح النفسية  ٠٠٠ للأسف يا أفندم ،  إبن حضرتك إتعرض لكذا طعنة في الكَبد من خنجر مٌدبب ، و المُجرم اللي طعنة حرك الخنجر و عمقة ،، و ده تسبب في تهتك في جزء من الكَبد،، و بالطبع تسبب في نزيف حاد و ده اللي بيحاولوا الدكاترة حالياً يوقفوة

خبطت عزيزة صدرها بيدها و صرخت بإسم ولدها بإنهيار،، أما ثريا فوضعت يدها فوق فمها و بدأت ببكاءٍ مرير يٌقطع أنياط القلوب

فتحدث صلاح بحدة ناهراً كلاهما ٠٠٠ مش عاوز أسمع و لا كلمة من واحدة فيكم

صمتت إثنتيهما عِنوةً،  و ذهب الطبيب تحت إنهيار الجميع  ، و بعد مدة جاءت الشرطة عندما علمت بوجود عز المغربي بالمشفي و أيضاً لأخذ أقوال تلك البسمة و والدها في البلاغ المقدم من أشرف و الذي يتهم فية ناجي عبدالسلام بالشروع في قتل حسن المغربي و أستشهد ببسمة و أبيها

أما عن بسمة فقد أخرجها من شرودها صوت أمين الشرطة الحاد حيثُ أوقفها عنوةً عنها بناءً علي توجيهات ضابط الشرطة له ، و تحركت ببطئ حيثُ تجمُع الجميع

و تحدث إليها الضابط المسؤل عن التحقيق سائلاً إياها  ٠٠٠ قولي لي يا بسمة ،، هو المدعو ناجي إبن عمك هدد حسن بالقتل فعلاً زي ما أشرف إبراهيم بيتهمه ؟

أماءت برأسها بإيجاب و تحدثت سريعً بتأكيد ٠٠٠ أيوة يا أفندم حصل،، و جه البيت عندنا و هدد بابا و جدتي،، و بعدها بكام يوم هددني أنا شخصياً

تدخل عز سائلاً إياها بإستفسار ٠٠٠ هددك قال لك أية بالنص يا آنسة بسمة ؟

نظرت إلية و أجابته بدموع ٠٠٠ قال لي لو خايفة علي عٌمر الباشمهندس خلية يبعد عنك !!

تحدثت عزيزة بحدة و أتهام ٠٠٠ يعني اللي حصل لإبني ده كُله بسببك و بسبب أهلك ؟
و أكملت بحدة ٠٠٠ ربنا ينتقم منكم ،، حسبنا الله و نعم الوكيل فيكم

إرتعبت بسمة من رؤيتها لغضب ملامح عزيزة و زادت في نحيبها و تحدثت مُفسرةً ما حدث ٠٠٠ و الله العظيم أنا بعدت عنه خالص ،، دي حتي جدتي لما عرفت إنكم رفضتم إرتباطنا طلبت منه يبعد عني خالص،، و حلفته ما يقربش من أي مكان أكون أنا موجودة فيه تاني،، و فعلاً حسن وفي بوعده لجدتي و عمل كده ،، لحد إنهاردة شافني صدفة في الطريق و مشي معايا و كلمني ،،

و أكملت ببكاءٍ مرير يٌقطع أنياط قلب من يراها ٠٠٠ غصب عنه ضعف و مقدرش يكمل عهدة لجدتي ،، لحظة ضعف كلفته و كلفتني حياتنا

وجه الظابط تساءلةٌ إليها ٠٠٠طب تفتكري يا بسمة إن ناجي هو اللي ممكن يكون عمل كدة في الباشمهندس و نفذ تهديدة ليه و ليكم  ؟

اجابته بتأكيد و حده من ببن دموعها ٠٠٠ أنا متأكده من إنه هو اللي عمل كدة

و أكملت بنبرة حنون و عيون باكية ٠٠٠  حسن إنسان راقي و محترم و مستحيل يكون له أعداء ، هو ناجي مفيش غيرة اللي ممكن يعمل كده ،،  حسبنا الله و نعم الوكيل فيه

حول الضابط بصرهِ إلي دياب و وجه إلية نفس الأسئلة التي طرحها علي بسمة،  و الذي أكد علي حديث إبنته بتهديد ناجي لهٌ و لأسرتة

 
ثم تحدث الضابط إلي عز ٠٠٠ علي العموم إحنا لقينا الخنجر اللي الجاني إرتكب بيه الجريمة ، و حرزناه و بعتناه للطب الشرعي علشان نعرف إذا كان فعلاً الخنجر ده هو اللي إطعن بيه الباشمهندس و لا لاء ،، و النيابة بعتت دكتور من الطب الشرعي مع الباشمهندس جوة علشان يعاين الجرح و يقدر يُحكم

و أكملَ ٠٠٠ و كمان هنعاين البصمات اللي موجودة علي الخنجر و اللي من خلالها هنتأكد إذا كان ناجي هو الجاني الحقيقي و لا لاء

و ما أن إنتهي الضابط من حديثه حتي إستمع إلي صياح أحد العساكر الذي كان يأتي مهرولاً من خلال رواق المشفي مُتحدثً و هو يلهث قائلاً ٠٠٠ إلحق يا حضرة الظابط،، إلحق يا حضرة الظابط

نظر له الضابط بإستغراب من حالته و تساءل مٌستفهماً ٠٠٠ فية أية يا عسكري ؟

نظر له الضابط بإستغراب من حالته المُزرية و تساءل مٌستفهماً ٠٠٠ فية أية يا عسكري،، إنطق ؟

تحدث العسكري بأنفاس لاهثة متقطعة ٠٠٠ فية باخرة سياحية قدمت بلاغ من حوالي ساعة ،، قالت فيه إن القبطان لاحظ تٌقل في حركة الباخرة ،، و لما الغطاس نزل يشوف الريشة فيها أيه،، لقي سجادة كبيرة محشورة في الريشة و جزء منها مقطوع

و أكمل لاهثً ٠٠٠ طلع و طلب كذا غطاس معاه علشان يعرفوا يسلكوا السجادة لأنها كانت مربوطه بحجارة تقيلة و صعب يتحكم فيها لوحدة ،، و هما بيخرجوها هو و زمايلة من الريشة لقوا جواها جثة مقطوعه نصين ،،

خرجوها و طلعوها برة علي المرسي و فيه شهود من اللي كانوا واقفين شافوا الجثة و أتعرفوا علي وش القتيل اللي الريشة مجتش جنبة و كان سليم تماماً

و أكمل بنبرة لاهثة من حديثهُ المُتلاحق ٠٠٠ و الجثة دي طلعت للمتهم اللي حضرتك أمرت بضبطة و إحضارة يا باشا

ضيق عز عيناه و وجه تسائلاً إلي العسكري  بفطانة ٠٠٠ إنتَ تقصد إن الجثة اللي خرجوها طلعت جثة اللي إسمة ناجي ؟

هز العسكري رأسه بإيماء سريع و تحدث إلي عز بإعجاب ٠٠٠ عفارم عليك يا أفندي ،، هو كدة بالظبط !

حولت بسمة نظرها سريعً و نظرت إلي والدها بعيون حزينه مٌتألمة لأجل إبن عمها  ،، أما دياب الذي وضع يده فوق مقدمة رأسة و ظهر الألم و التأثر فوق ملامحه الحنونه ،، فمهما كان ناجي خاطئ و تغلب الشيطان علي رأسه و تملك منه ،  إلا أنه يضل إبن شقيقهٌ الغالي رحمة الله عليه،، عبدالسلام طيب القلب الحنون

نظر الظابط إلي عز الذي تحدث بغموض ٠٠٠ ده كدة الموضوع وسع أوي يا حضرة الظابط

ثم أكمل أمراً ٠٠٠  يلا بينا نتحرك ،،أنا لازم أحضر التحقيق ده و أطَلع علي كل المعلومات اللي جمعتوها بنفسي

تحدث دياب بإنكسار و تألم ٠٠٠ و أنا جاي معاكم يا بهوات عشان أتأكد إذا كانت الجثة فعلاً بتاعت إبن أخويا و لا لاء

ثم نظر إلي إبنته و أردف أمراً ٠٠٠ روحي علي البيت حالاً يا بسمة و خليكي مع جدتك زمانها عرفت بالخبر و تعبانه ،،الأخبار الشوم بتوصل بسرعة

نظرت إلية بإستعطاف و أردفت قائله بترجي ٠٠٠ علشان خاطر ربنا يا بابا تخليني هنا لحد حسن ما يخرج و أطمن علية،، و بعدها أوعدك إني هروح علي طول


نظر لها بإستسلام و ضعف،، فكيف يٌجبر قلبها العاشق علي الرحيل و الإبتعاد عن مٌتيمها ،،
و تحرك مع الظابط و عز و باقي القوة

أما ثُريا التي نظرت إليها بتعاطف شديد و ذلك نظراً لحالتها المشتته ما بين حبيبها و متيم عيناها الراقد بالداخل يُصارع الحياة في جولة نتائجها غير مضمونة،، إما أن يخرج منها ناجيً بحياتهُ و حياتها،، أم ستهزمهُ هي و تنتصر عليه و يخرج من تلك الغرفة جُثة هامدة  ، و ما بين إبن عمها الذي قتلهُ الحقد و الشر،، و إتباعهُ طريق الشيطان بلا رجعه

إقتربت منها ثُريا و تحدثت إليها ٠٠٠ البقاء لله يا بسمة

أجابتها بدموع قد خانتها و نزلت متدفقة رُغمً عنها ٠٠٠ لا إله إلا الله

                   ○○○○○○¤○○○○○○

أما داخل مكتب المدعو مجدي الذي تلقي بجنون خبر ظهور الجثة بعد حدفها بعدة ساعات فقط لا غير

فقد دبر بدقة فائقة لكل شئ و أجاد رسم خطتة بكل تفصيلها ،، و لكن تأتي إرادة الله فوق إرادة الجميع ،، فقد تحركت الجثة بفضل سٌرعة الرياح المفاجئة و قبل أن تستقر في القاع للأبد  ، إصطٌدمت بريشة الباخرة و حٌشرت بداخلها ليُكشف أمرها و أمر مُدبرها

و تبقي إرادة الله و تدابيرة للكون هي العٌليا

كاد يجن و هو يتحرك داخل المكتب و يجوبهُ إياباً و ذهابَ و تحدث بحدة إلي بديع موبخً إياه  ٠٠٠ أدي أخرة اللي يعتمد عليك إنتَ و رجالتك الخايبه يا سي بديع

تحدث بديع بذهول مما حدث مدافعً عن حاله ٠٠٠ و أنا و الرجالة ذنبنا أيه بس يا باشا ،، الرجالة عملوا اللي إنطلب منهم بالحرف الواحد و رموه في وسط النيل زي ما حضرتك أمرت بالظبط،، بس الحظ محالفناش و جثته القذرة شبطت في ريشة الباخرة بدل متغطس في القاع،،

و أسترسل حديثهُ بغيظ ٠٠٠  الله يجازية مطرح ما راح  ، مؤذي حتي و هو ميت

و اكمل مطمئناً إياه ٠٠٠ و بعدين متقلقش أوي كده يا باشا ،، الحكومة كل اللي يهمها إنهم عرفوا مين اللي عمل كدة في إبن الأكابر ،،

و أكملَ ساخراً ٠٠٠  يطلع مين ناجي ده كمان علشان يشغلوا دماغهم بيه و يدورا علي مين اللي قتله

تساءل مجدي بلهفة كمن تعلق بقشة٠٠٠ تفتكر كدة يا بديع ؟

اجابهُ بتأكيد و طمأنه  ٠٠٠ ده أكيد يا باشا ،، إطمن سعادتك و ريح بالك

ثم أكمل ساخراً ليخفف من توتر مجدي الذي أصابهُ ٠٠٠ ده مش بعيد الحكومة تعمل جواب شكر و تعلن عن جايزة مالية للي قتلة و خلص العالم من أذيته و شرُه

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي