6
شهر مر كتساقطر الغيث على أرض قاحلة إستمر الأطباء في أداء واجبهم على أكمل وجه رغم الظواهر الغريبة التى كانت تعرقل سير عملهم، إنتقل فقريق العمل الذي يقوده الطبيب دييقو الي مقديشو عاصمة دولة الصومال تلك المدينة التي تضج بمختلف الحضارات و تتمازج فيها الشعوب بشتى ثقافاتهم و لهجاتهم المتنوعة.
توجهو بعدها ببضع أسابيع الي إحدى القري التى فتك الوباء بسكانها الا القليل، على بعد سبعين كيلو متر بعيدا عن العاصمة حيث كانت تتوفر سبل الراحة و السخاء وصولا الي أرض جرداء، تتوسطها دوحة يقطنها بعض من القبائل غريبي الأطوار، منازلهم مبنية من القش و البعض الاخر خيام من الصوف.
كما ترى الان أمامك الأطفال يلعبون و يركضون بحرية كنسور إكتشفت السماء لأول مرة، هناك بالقرب من الدوحة منزل زعيم القبيلة الذي يبدو أكبر و أفضل حالاً من باقي المنازل، تكتظ بعض الأشجار على ضفاف الدوحة التي يقصدها أهل هذة القرية في كل الفصول.
أقيم المعسكر الطبي على بعد عشرين مترا من القرية بمساحة خمسين مترا مربعا، الجوع و قل التغذية و سوءها بين على ملامح ضعافهم و فقراءهم، في حين أنه تسحرك طبيعة المكان و يسد نفسك ما بأهلها من كرب.
إصطحب الفريق معهم مترجما فهم ليسوا متفقهين في لغة بنارد التي يتحدث بها أهل المنطقة ، أن تكون غريبا في أرض لا تنتمي لها إنها حقا لفكرة مليئة بالمخاطرة.
" أخبرني كيف تشعر؟"
كانت تاركو تجري فحصا لأحد الأطفال المرضى.
" يا آنسة، هل تملكين بعض الحلوى؟"
قال الطفل الذي يبلغ السابعة من عمره، كان يعاني من سوء تغذية حاد، كأن عظامه إفتعلت ثورة و أحرقت كتل اللحم التي كان تجعل منه فتى منتفخا صحيح البنية، كان منظرهم يوجع الفؤاد.
" بالطبع سأعطيك الكثير من الحلوى إن حاربت معي هذا المرض الضعيف الذي يحاول منعك من الحصول على السكاكر"
قالت متبسمة تجاهد بزرع الأمل في فؤاده البريء
" سيدتي إن الطبيب دييقو يطلب حضورك، فورا يقول أن الأمر طارئ"
قال أحد العاملين بقلق.
أكملت تاركو الإجراءات الطبية لبقية المرضى في الحجرة الخامسة ثم تحركت و ذاكرتها تكرر لها مشهد تلك الليلة التي تكاد تكون ضربا من خيال، جسدها يرتعش كلما تذكرت كيف أن الصندوق طار في الهواء كاسرا قانون الجاذبية و كأن شيئ ما يحركه، القرية سكانها لطفاء متعاونون صبورين جدا، حتى أنهم كانوا يطهون الطعام للأطباء و باقي الطاقم و يقدمون لهم الهدايا من حين لآخر، فمنذ مجيئهم و العديد من اهالي القرية تحسن حالهم.
شعرت تاركو بالعطش فذهبت الي آخر ركن بالمخيم حيث تتواجد قناني المياه، عندما بدأت بصب الماء على الكوب الزجاجي تغير لونه فجأة فأضحى كالدماء.
رمت تاركو الكأس من تلقاء نفسها حتى تحطم و تناثرت قطع الزجاج في الارجاء . صرخاتها عمت المكان كانت ترتجف و هي تنظر الي السائل الأحمر الذي يغطي الأرض و جزءا من ثيابها.
تقدم نحوها أحد العمال و نظر إليها، كان يظنها مجنونة فهو لا يري أي دماء على الأرض كيف لها القولو الزعم بأن المياه صارت دماءا.
حدق بها ثم قال:
" عليك بأخذ قسط من الراحة،أظنك بدأت تهلوسين"
نهضت تاركو بصعوبة ساندة نفسها على الحائط الذي خلفها، كانت تتبسم لوهلة و تعاود البكاء لبضع لحظات أخر.
" م م م مالذي جرى لي؟
أجزم أنني أحلم، سأذهب لفراشي"
قالت و هي تتجه صوب غرفتها التي تقع بجانب المعمل، حيث دوناتيلو يجري بضع الإختبارات.
نسيت تماماً أمر الطبيب دييقو و أنه قد طلب حضورها، لاتزال أناملها ترتجف و هي تتعرق بشدة، بالكاد وصلت الي غرفتها.
الباب وحده فتح بصرير ملفت للنظر، فقد تأكدت تاركو من إقفاله قبل خروجها، فهي كانت تخزن بعض العينات المهمة في المبرد المخصص لها داخل غرفتها.
تراجعت للوراء خطوتين فتعثرت بحجر للزينة لم تنتبه له فسقطت و بدأت تزحف، جميع الأثاث داخل الغرفة كان يتراقص و كأنها كانت ترى عرضا ترفيهيا في إحدى المهرجانات السحرية المبتزلة .
بح صوتها و إنعدمت الحروف لم تعد تستطيع نطقها كما يجب، كانت جامدة في مكانها، خدرت أقدامها و السبيل للهرب يكاد يكون مستحيلا.
بصعوبة صرخت من هول ما رأت، كان كيانا أسود اللون بعينين لولبيتين تتحركان بحركة إهليجية، قرناه أطول من شجرة البان له مخالب أسن من شفرة سيف أعد لمعركة طاحنة، كانت تزحف و كدا الخوف يوقف نبضاتها.
" ساعدوني"
كانت تصيح دون فائدة و كأنها في حيز أخر إذ أنه لم يسمع صياحها أي أحد، كانت تراقب ذلك الكيان الذي يخطو نحوها و هي تحاول إجاد عصى أو حجر حتى تردعه عنها، لكن كانت هي في حال ميؤس منها، فجأة سطع نور قوي، صاح ذلك الكيان مصدر صوتا مذعجا عاليا و كأن أحدهم كان يعذبه بطريقة جنونية تجعل منك شخص غير عاقل، في لحظات بدأ الكيان بالإحتراق، لم يعد له أثر تحول الي سحابة سوداء فغبار بلون سواد الليل ثم بعثرته الرياح التي هبت من خلال النافذة.
أخذت تاركو نفسا عميق و كأنها تسنتشق الهواء لاول مرة في حياتها.
" لما لم تأتي إلي عندما طلبتك؟"
سمعت صوت الطبيب دييقو الذي كان يحمل كتابا غريبا به طلاسم غير مفهومة. أغلق كتابه ببطء و أدخله في جيب بنطاله الخلفي.
" س س سيدي هل رأيت ما رأيته؟"
توتر و بالكاد تحدث إليه و الدموع تملأ عينها كأنها تقول أعيدوني الي موطني.
" يؤسفني قول هذا لك و لكن أنت مصابة بالمس، جميع من حضر الإجتماع معي في ذلك اليوم أصيب بالمس، تاركو لا تخافي فلن تتعذيب الإ لقليل من الوقت"
همس الطبيب دييقو كانت عيناه تبرقان من تحت نظارته و كأنه لا ينوي مساعدتها و يريد الإستمتاع برؤية الخوف في وجهها.
" مس ؟
ما الذي تعني به؟"
مسحت تاركو دموعها و نهضت ممسكة حافة الجدار الأملس.
"ليس عليك معرفة علوم الجهل بها لا يضر"
قال الطبيب ثم رمى إليها قلادة، إلتقطتها تاركو.
" إرتدي هذة ستقلل من حدة الحوادث التي قد تقع معك "
قال الطبيب ثم رحل الي الضحية الثانية كما يصفها هو.
شمر عن ساعديه و تبسم بشر كان و كأنه شخص آخر.
بصعوبة أقنعت تاركو نفسها بالإستلقاء على سريرها. و كأن جل ما حدث معها محض كابوس ستستفيق منه في الصباح الذي لن يشرق الإ بعد أربعة عشرة ساعة. بدأت بعد الخراف ليت النعاس يزورها و تغط في نوم عميق، بيد أن خيالات تحكم الخناق على عقلها و فكرها يجردها من كل حس بالطمأنينة، عيناها ترويان قصة لروح لا تود الا الخلاص بأي وسيلة.
تمكنت مالينا من الحصول على عنوان ذلك الرجل الذي يبرع في السحر، كانت تفكر في كسب قلب كاينر مهما كلفها الأمر، باتت مشتتة الفكر لا تدرك ماذا تريد.
توجهو بعدها ببضع أسابيع الي إحدى القري التى فتك الوباء بسكانها الا القليل، على بعد سبعين كيلو متر بعيدا عن العاصمة حيث كانت تتوفر سبل الراحة و السخاء وصولا الي أرض جرداء، تتوسطها دوحة يقطنها بعض من القبائل غريبي الأطوار، منازلهم مبنية من القش و البعض الاخر خيام من الصوف.
كما ترى الان أمامك الأطفال يلعبون و يركضون بحرية كنسور إكتشفت السماء لأول مرة، هناك بالقرب من الدوحة منزل زعيم القبيلة الذي يبدو أكبر و أفضل حالاً من باقي المنازل، تكتظ بعض الأشجار على ضفاف الدوحة التي يقصدها أهل هذة القرية في كل الفصول.
أقيم المعسكر الطبي على بعد عشرين مترا من القرية بمساحة خمسين مترا مربعا، الجوع و قل التغذية و سوءها بين على ملامح ضعافهم و فقراءهم، في حين أنه تسحرك طبيعة المكان و يسد نفسك ما بأهلها من كرب.
إصطحب الفريق معهم مترجما فهم ليسوا متفقهين في لغة بنارد التي يتحدث بها أهل المنطقة ، أن تكون غريبا في أرض لا تنتمي لها إنها حقا لفكرة مليئة بالمخاطرة.
" أخبرني كيف تشعر؟"
كانت تاركو تجري فحصا لأحد الأطفال المرضى.
" يا آنسة، هل تملكين بعض الحلوى؟"
قال الطفل الذي يبلغ السابعة من عمره، كان يعاني من سوء تغذية حاد، كأن عظامه إفتعلت ثورة و أحرقت كتل اللحم التي كان تجعل منه فتى منتفخا صحيح البنية، كان منظرهم يوجع الفؤاد.
" بالطبع سأعطيك الكثير من الحلوى إن حاربت معي هذا المرض الضعيف الذي يحاول منعك من الحصول على السكاكر"
قالت متبسمة تجاهد بزرع الأمل في فؤاده البريء
" سيدتي إن الطبيب دييقو يطلب حضورك، فورا يقول أن الأمر طارئ"
قال أحد العاملين بقلق.
أكملت تاركو الإجراءات الطبية لبقية المرضى في الحجرة الخامسة ثم تحركت و ذاكرتها تكرر لها مشهد تلك الليلة التي تكاد تكون ضربا من خيال، جسدها يرتعش كلما تذكرت كيف أن الصندوق طار في الهواء كاسرا قانون الجاذبية و كأن شيئ ما يحركه، القرية سكانها لطفاء متعاونون صبورين جدا، حتى أنهم كانوا يطهون الطعام للأطباء و باقي الطاقم و يقدمون لهم الهدايا من حين لآخر، فمنذ مجيئهم و العديد من اهالي القرية تحسن حالهم.
شعرت تاركو بالعطش فذهبت الي آخر ركن بالمخيم حيث تتواجد قناني المياه، عندما بدأت بصب الماء على الكوب الزجاجي تغير لونه فجأة فأضحى كالدماء.
رمت تاركو الكأس من تلقاء نفسها حتى تحطم و تناثرت قطع الزجاج في الارجاء . صرخاتها عمت المكان كانت ترتجف و هي تنظر الي السائل الأحمر الذي يغطي الأرض و جزءا من ثيابها.
تقدم نحوها أحد العمال و نظر إليها، كان يظنها مجنونة فهو لا يري أي دماء على الأرض كيف لها القولو الزعم بأن المياه صارت دماءا.
حدق بها ثم قال:
" عليك بأخذ قسط من الراحة،أظنك بدأت تهلوسين"
نهضت تاركو بصعوبة ساندة نفسها على الحائط الذي خلفها، كانت تتبسم لوهلة و تعاود البكاء لبضع لحظات أخر.
" م م م مالذي جرى لي؟
أجزم أنني أحلم، سأذهب لفراشي"
قالت و هي تتجه صوب غرفتها التي تقع بجانب المعمل، حيث دوناتيلو يجري بضع الإختبارات.
نسيت تماماً أمر الطبيب دييقو و أنه قد طلب حضورها، لاتزال أناملها ترتجف و هي تتعرق بشدة، بالكاد وصلت الي غرفتها.
الباب وحده فتح بصرير ملفت للنظر، فقد تأكدت تاركو من إقفاله قبل خروجها، فهي كانت تخزن بعض العينات المهمة في المبرد المخصص لها داخل غرفتها.
تراجعت للوراء خطوتين فتعثرت بحجر للزينة لم تنتبه له فسقطت و بدأت تزحف، جميع الأثاث داخل الغرفة كان يتراقص و كأنها كانت ترى عرضا ترفيهيا في إحدى المهرجانات السحرية المبتزلة .
بح صوتها و إنعدمت الحروف لم تعد تستطيع نطقها كما يجب، كانت جامدة في مكانها، خدرت أقدامها و السبيل للهرب يكاد يكون مستحيلا.
بصعوبة صرخت من هول ما رأت، كان كيانا أسود اللون بعينين لولبيتين تتحركان بحركة إهليجية، قرناه أطول من شجرة البان له مخالب أسن من شفرة سيف أعد لمعركة طاحنة، كانت تزحف و كدا الخوف يوقف نبضاتها.
" ساعدوني"
كانت تصيح دون فائدة و كأنها في حيز أخر إذ أنه لم يسمع صياحها أي أحد، كانت تراقب ذلك الكيان الذي يخطو نحوها و هي تحاول إجاد عصى أو حجر حتى تردعه عنها، لكن كانت هي في حال ميؤس منها، فجأة سطع نور قوي، صاح ذلك الكيان مصدر صوتا مذعجا عاليا و كأن أحدهم كان يعذبه بطريقة جنونية تجعل منك شخص غير عاقل، في لحظات بدأ الكيان بالإحتراق، لم يعد له أثر تحول الي سحابة سوداء فغبار بلون سواد الليل ثم بعثرته الرياح التي هبت من خلال النافذة.
أخذت تاركو نفسا عميق و كأنها تسنتشق الهواء لاول مرة في حياتها.
" لما لم تأتي إلي عندما طلبتك؟"
سمعت صوت الطبيب دييقو الذي كان يحمل كتابا غريبا به طلاسم غير مفهومة. أغلق كتابه ببطء و أدخله في جيب بنطاله الخلفي.
" س س سيدي هل رأيت ما رأيته؟"
توتر و بالكاد تحدث إليه و الدموع تملأ عينها كأنها تقول أعيدوني الي موطني.
" يؤسفني قول هذا لك و لكن أنت مصابة بالمس، جميع من حضر الإجتماع معي في ذلك اليوم أصيب بالمس، تاركو لا تخافي فلن تتعذيب الإ لقليل من الوقت"
همس الطبيب دييقو كانت عيناه تبرقان من تحت نظارته و كأنه لا ينوي مساعدتها و يريد الإستمتاع برؤية الخوف في وجهها.
" مس ؟
ما الذي تعني به؟"
مسحت تاركو دموعها و نهضت ممسكة حافة الجدار الأملس.
"ليس عليك معرفة علوم الجهل بها لا يضر"
قال الطبيب ثم رمى إليها قلادة، إلتقطتها تاركو.
" إرتدي هذة ستقلل من حدة الحوادث التي قد تقع معك "
قال الطبيب ثم رحل الي الضحية الثانية كما يصفها هو.
شمر عن ساعديه و تبسم بشر كان و كأنه شخص آخر.
بصعوبة أقنعت تاركو نفسها بالإستلقاء على سريرها. و كأن جل ما حدث معها محض كابوس ستستفيق منه في الصباح الذي لن يشرق الإ بعد أربعة عشرة ساعة. بدأت بعد الخراف ليت النعاس يزورها و تغط في نوم عميق، بيد أن خيالات تحكم الخناق على عقلها و فكرها يجردها من كل حس بالطمأنينة، عيناها ترويان قصة لروح لا تود الا الخلاص بأي وسيلة.
تمكنت مالينا من الحصول على عنوان ذلك الرجل الذي يبرع في السحر، كانت تفكر في كسب قلب كاينر مهما كلفها الأمر، باتت مشتتة الفكر لا تدرك ماذا تريد.