الفصل الثاني

ويمكنك الاتصال بهم من خلال هاتف السكن
نظرت أشجان في قلق الى ود و علياء قبل أن تقول علياء في هدوء
لا تفزعي أكيد اتصال للاطمئنان ليس إلا
أدارت أشجان قرص الهاتف وانتظرت لحظات بدت لها مثل دهر كامل والقلق والخوف يفتك بها إلى أن جاء صوت أخيها منيب مردد عبارته في اقتضاب
أشجان يجب أن تتواجدي غدا في البلدة ألأمر هام
كانت الصور السيئة قد تدفقت إلى ذهن أشجان حول الأم وما يمكن أن يكون قد أصابها ف هتفت في قلق ورعشة صوتها تتأرجح في خلقها
هل أمي بخير
أجاب منيب في صرامة
أجل بخير وكل شئ هنا على خير يجب أن تستقلي القطار غدا وتتواجدي من الصباح
اعترضت أشجان
ما هو الأمر الهام هناك أمتحانات بعد أسبوع على أن اجتازها
جاء صوت منيب الحاسم
يمكنك العودة وقت الامتحانات لا تجادلي كثير أخبرتك هو أمر هام هل تريدين أن أسرد عليك التفاصيل عبر أسلاك الهاتف يا أشجان لا تجادلي سوف ننتظرك غدا
وضعت أشجان سماعة الهاتف في تأففف في حين قالت ميس أحسان
يمكنك الذهاب والعودة بعد غد أظن هناك أمر طارئ هناك أمور لا تحل إلا بوجود جميع الأطراف
زفرت أشجان في شحوب وتسلل لها شعور ممزوج من ا لاحباط مع الرهبى لم يكن هناك أي نوع من شعور الشغف يعتريها أو النشاط أو حتى الحنين الى بلدتها وهمست إلى ذاتها وشعور التخلص من المهام يدفعها حتى تفعل
سوف أذهب الآن يمكنني اللحاق بالقطار سوف أكون هناك في السابعة تقريبا ويمكنني العودة غدا صباحا
ابتسمت ميس أحسان قائلة
لا بأس يا نشيطة لقد تمكن منك الفضول
هزت أشجان رأسها في استسلام وهي تحمد الله أن ميس أحسان لا تعرف ما داخلها تجاه زيارتها الى بلدتها
أسندت رأسها على نافذة القطار وهي تكاد تبكي مثل طفل صغير مجبور على الذهاب إلى المدرسة في أول أيام العام الدراسي الجديد جلست في جوارها أمرأة تحمل طفل صغير يبكي بلا انقطاع تمتمت المرأة وهي تنظر إلى أشجان في خجل
أصله تعبان أوي وكشفت عليه ومش مبطل عياط الدكتور بيقول حمى
نظرت أشجان إلى المرأة وشعرت بالذنب إن كلمات المرأة تعبر عن تبرير لها عن ازعاج الطفل لقد ظنت المرأة أن ملامح وجهها بسبب بكاء الطفل همست أشجان
ربنا يشفيه ويخليه لك
صوت الباعة الجائلين في القطار تزاحم مع بكاء الطفل في سيمفونية نشاز عالية مما جعل أشجان تغمض عينيها في صمت وهي تتمنى أن تنتهى تلك الرحلة هي لا تعلم كيف مرق الوقت بهءة السرعة حتى تجد نفسها في محطة المنيا كان الطفل والمرأة قد هبطوا في محطة قبلها وهي لم تشعر بهم وركب مكانها رجل وأمراة استقلت تاكسي حتى تصل إلى منزلها كان آذان العشاء يرتفع من المأذن حين طرقت باب المنزل لتفتح لها الأم فأرتمت في أحضانها في حين وقف منيب يراقب عن بعد أن تنتهى الأم والابنة من احتفالهم الصغير صاح في قوة
وذراعة ينقط منه ماء الوضوء
حمد لله على السلامه يا عروسة
رفعت أشجان رأسها لتنظر إلى شقيقها الذي تابع
كنت سأنام مبكر وأصحو مبكر حتى استقبلك في محطة القطار ولكنك خالفت كل توقيعات نا وجئت غريب الفضول قتلك
نظرت له أشجان ثم نظرت إلى أمها متابعة
ما الأمر وما هو الشئ الهام
صمتت أمها ونظرت لها في حيرة مما دفع منيب إلى القول في حماس
فواز أبن عمتك اتقدم لك يا أشجان وأحنا وافقنا
تراجعت أشجان عدة خطوات إلى الوراء من أثر الصدمة وشعرت بثقل يهوى على رأسها وقالت في أستنكار
مستحيل
نظر لها منيب نظرة تهديد ثم قال
أنا رايح الحق العشاء ولما اجي اشوف حكاية مستحيل دي
نظرت أشجان إلى أمها التي وضعت يدها على يد ابنتها في محاولة للتهدئة ولكن أشجان هتفت في حدة
من رابع المستحيلات كمان أن اوافق على فواز
اتخذ منيب خطوات إلى الخارج وهو يتجاهل كلمات أشجان في حين قالت والدتها
وليه لا يا أشجان عيبه اي ماله فواز أبن عمتك
تمتمت اشجان في ذهول
عيبه أي عيبه أبوه وكل حاجة في الدنيا دي
نظرت لها أمها في حيرة وتابعت
ابوه. جوز عمتك خلاص استقام وبطل شغل المشاكل خلاص وبعدين يا بنتي علشان أنت عارفة أن قراريط الأرض الزراعة خاطين ايدهم عليها ولما تتخطبي أنت وفواز عمتك ستزيح أيدها عن ورثنا وهتسيلمها ل منيب
تمتمت اشجان في ذهول
لا ابدا مستحيل قلت مستحيل
ارتج جسد أشجان في عنف وضعت رأسها في يدها مما دفع والدتها تحية أن تضع يدها حول ذراع أشجان ثم تقوم باحتضنانها قائلة
يا بنتي ما هو فواز معاه كلية زيك مافيش فرق وعمتك قالت بدل الغريب أنت أولى وعمتك لما تبقى حماتك هتشيل همك وعمرها ما هتخرب عليك أنت عارفة أن عمتك فادية بتحبك أد اي أنت من دون بنات العيلة كلهم
تمتمت أشجان في رعب وهي تستعيد بعض الصور المؤلمة من ذاكرتها
مستحيل دا يتم مستحيل
تأففت تحية في ضيق ثم قالت بعد أن نفذ صبرها
اخوكي موافق وراضي وأنا غلبت وياك كلام لما يجي بقا أتصافي معاه أصل أنا تعبت من الكلام ومكنش في دماغي انك هتتبطري على فواز الواد جدع و شهم وأيده فرطة وهيجيب كل اللي أنت عايزاه
تمتمت أشجان في تحدي
ابدا مش موافق عليه ولو قتلتوني
أشاحت تحية بيدها في غضب
يا سلام ليه بقي عيبه أي هو أنت يا بت فاكرة نفسك عشان رحتي تتعلمي في مصر هتخلعي نفسك من حكمنا لا والنبي دا أنت كدا كدا هتمشي في طوعنا بترت تحية كلامها حين دلف منيب الذي قال في لهجة ساخرة
لسه بتفكري يا أشجان
اعترضت أشجان
لا يا منيب انا مش بفكر انا خدت قرار وخلاص مش هينفع أتجوز غصب عني ومش هينفع أتجوز علشان أرضي طمعك وحكايةحقنا في الأرض دا حق يعني مش محتاج جواز علشان يرجع ولو أنت مش قادر تقف قدامهم تجيب حقنا وحق أبويا من بلطجة نصر جوز عمتك في محاكم تعرف تجيب لنا حقنا كله وبلاش تصليب دماغك عليا أنا اختك الكبيرة ولا نسيت على العموم فواز اخر رجل أقبل بيه
نظر لها منيب باستهانة وتابع
يعني اي يا أشجان في حد تاني عايزة تتجوزيه ما تقولي وبلاش لف ودوران
نظرت أشجان له في غضب وقالت
أنت عارف كويس اوي أن مافيش حد تاني ولا رابع وبلاش تدور الكلام في طريق تاني أنت في مصر علشان دراستي وبس ولو كان على عمتك وخوفك على زعلها دا لو فعلا بتحب عمتك وعامل لها خاطر قول لها أشجان هي اللي رافضة ايوا رافضة فواز وهي ساعتها هتخطب له من الصبح وتنهى الموضوع من أساسه
أنت كبرتي أوي يا أشجان
تراجعت عدة خطوات إلى الوراء في حين زادت بسمته وهو يقول في لهجة تحمل الكثير من السخرية
وأنت مرحتيش معاهم ليه يا بنت تحية
أعقبت في خوف
علشان اجهز الغدا
امسك بمعصم يدي وأنا أحاول أن اتملص منه ولكن قبضته كانت أقوى من أن أتحرر منه نظرت حولي في فزع وشاهدت الباب المفتوح وفكرت أن أصرخ ولكنه حرر قبضته من حولي معصمي ولقد فطن إلى ما اريد فعله وقال في لهجة آمرة .
الجزمة بتاعتي في أوضة ستك من امبارح خشي هاتيها ليا
نظرت له في حذر وكانت أقدامي تصطك من الخوف ولكنه قال في صوت غاضب جعل الدم يتجمد في عروقي ةيدفعني إلى تنفيذ ما يطلب
يا لا بت هاتي الجزمة
دلفت إلى غرفة جدتي في سرعة وانحنى جسدي أبحث عن حذاءه الملعون شاهدته فعلا تحت السرير أرخيت ظهري حتى أستطيع أن أمسك به ومددت يدي في سرعة لالتقطه ولكنني سمعت صوت غلق الباب بالمفتاح من الداخل وشاهدت قامته الضخمة تظلل الغرفة تكاد تبتلع مساحتها احنى جسده والتقط قدمي بيده الغليظة ف هتفت في ذعر
لقيت الجزمة أهي
دون أن يرد جذب قدمي في غلظة ودفعني في صدري حتى استوى على ظهري نظرت له في رعب وهو يقترب ب وجهه من وجهي وقال وهو يخرج مطواه من جيبه ليضعها أمام وجهي
لو أتنفستي هخلص عليك فاهمة يا بت
صمت ولم استطيع أن أنبس بكلمة واحدة شاهدت ملابسي كلها توضع في جواري وشعرت بأنفاسة الكريهه على وجهي وسحق جسدي سحق
جلس إلى جواري يلتقط أنفاسي وأنا لا أعلم كيف مرت هذا اللحظات أنه الإجبار به من الذل والإهانة ما لا يتحمله بشر وأنا منذ ذلك اليوم خوفي أصبح يحتل كياني نظر لي نظرة تهديد و وعيد وبدت أسنانه الصفراء مثل أنياب وحش كاسر انتهى للتو من التهام فريسته قال في صوت حاد
لو حد عرف هادفنك صاحية أنت وامك واخوكي فاهمة يا بت
حين لم أجب تابع في صرامة
قومي يا لا البسي هدومك و أ غسلي رجلك واستحمي يا لا
نهضت بأقدام متثاقلة حتى افتح الباب المغلق وهو يبحث بين ملابسه عن علبة التبغ الخاصة به اشعل سيجارته أولا ثم ارتدي ملابسه في عجالة اسرع حتى يخرج من المنزل في حين ظللت أنا ساعة كاملة اجلس في غرفتي لا استطيع الحراك أجبرت ذاتي بعدها على الذهاب إلى الحمام حتى أقوم بالاغتسال وارتديت ملابس أخرى غسلت ملابسي الثانية وقمت بنشرها خشيت أن تلاحظ امري أي شئ
وبكيت وأنا اتذكر يده القاسية التي لطمتني عدة مرات وهي تجبرني على الصمت حتى ينهى ما تأمره به شهوته بكيت وأنا أعلم جيدا أن صك براءتي قد تم محوه على يد زوج عمتي تحت إكراه السلاح وتحت إجبار بلطجيته وجبروته وبكيت وأزداد بكائي وأنا أتذكر صورة أمي و أخي منيب وهو يحفر لهم اخدود طويل عميق و يزج بهم داخله وهم أحياء ثم يلقي بأقدامه حتى نلفظ أنفاسنا جميعا
مضت عدة سنوات ولا زلت أشعر بأنفاس نصر زوج عمتي فوق جسدي لا زلت أشعر بالمطواه بجوار عنقي لازلت أشعر برائحة التبغ الذي أطلقها في احتفال بهيج بعد ذبحي. حين عادت أمي فى هذا اليوم تملئها أغبره وتراب بيته وتغطي ملابسها ووجهها أيضا تظاهرت بالنوم وهي تقوم بالنداء على اتجهت هي إلى الحمام ثم أغتسلت وسمعت صوت جدتي تقول في ظفر
كويس كدا شرفناها قدام جوزها ومسبنهاش
صوت اخي منيب القادم من الأرض وجدتي تسأله
متعبتش من الأرض يا منيب
جاء صوت منيب القوي
أتعب من ارضي ليه يا ستي الأجري بس هو اللي يكل منها صاحب الأرض روحه فيها
تلت بعد ذلك أيام مقيته كنت خلالها بين الحياة والموت. ليتني نلت الموت بعدها ليت ولكن الموت أبى أن يمنحنى طوق عفو من ألم الحياة تركني اشهر مريضة لا أقوى على الحراك وذهبت بي أمي مرة إلى طبيب فتم تشخيص حالتي أنها أنيميا و نقص غذاء وصنعت لي جدتي عروسة من ورق ومزقتها بأبرة واطلقت بخور وقالت لأمي هي عين حسد فقط وجاءت عمتي فادية وأحضرت لي بضع الفراخ واوصت أمي أن تتناولها حتى استرد صحتي وجاء منصور مرة واحدة حتى يتفقد ضحيته ويطمئن أن السر في بئر لا يعلم عنه أحد نظر لي نظرة تذكير إذا نطق لسانك تعلمين مصيرك ومصير منيب ووالدتك نظر إلى غرفة جدتي نظرة عابرة فهمت النظرة جيد وأخفضت عيني في انكسار وأنا أتمنى أن تنتهى حياتي أو أن يكون ما عايشتها كان مجرد وهم ليس لا ربما كان كابوس مخيف شاهدته ولكن نظرة نصر أكدت لي ما حدث
هناك في الغرفة المظلمة ما حدث في الأمس الحزين
جاء الصباح أخيرا حتى تهدأ أفكاري فلقد خشيت أن أغفو وتشاهد في الحلم نصر وأشاهد ما حدث في عودتي إلى بلدتي حيث مكان قتلي وقتل براءتي
صوت جلبة في المطبخ وأمي لا تكف عن صنع عدة أصناف الافطار صاحت في فرح وأنا أقف جوارها
يا لا يا أشجان صحيت بدري كويس
أفطري معايا ومع منيب
هززت رأسي بالنفي
لأ أنا عايزة الحق القطر
شهقت أمي في فزع
قطر اي انت ناوية ترجعي مصر مش هاقعدي معانا كام يوم
أعقبت في هدوء
أنا ورايا امتحانات
جاء صوت منيب من الخلف
متخافيش اقعدي وافطري خلاص مش هنفتح معاك موضوع فواز تاني علشان متقوليش اخويا جوزني علشان يجيب حقه
لم أرد على منيب دفع يده في جيبه وأخرج خمس ورقات فئة المئتين جنيه وجذب يدي وفردها ليضع داخلها النقود وهو يقول
خدي من أخوكي علشان متحتاجيش حاجة وأنت في مصر
ابتسمت أمي ورفعت رأسها ثم قالت
شفتي يا أشجان محدش مدلعك أد منيب ولا حد عايز مصلحتك زيه أنت بس اللي دماغك ناشفة زي أبوكي الله يرحمه
نكست رأسي ولم ارد عليهم كان داخلي عدة مشاعر متضاربة أنا أعرف منيب جيداً شديد العصبية شديد الذكاء قوي الإرادة يحدد هدفه جيدا في الحياة ويقاتل من أجله يرفض الاعتراف بالضعف أو الاستسلام منذ رحيل أبي وداخله هدف لا يحيد عنه هو استعادة ورث أبي من قبضة نصر بأي طريقة كانت أو وسيلة وحين اذعن إلى كلام أمي رضخ إلى منطقها وأزاح من داخل عقله فكرة زواجي من فواز
اجلسني منيب جواره ثم قال
أفطري وبعدين روحي على القطر عارفة لما بشوف واحدة في البلد من سنك بقول أي بقول أنا عندي اخت رفعت راسي لفوق دخلت الجامعة ومحافظة علينا لحد دلوقت وعل. عادتنا وتقاليدنا حتى هدومها مقصرتش سنتي ولا حجابها ارتفع من على راسها حشمة وأدب الكل يشهد لك
بس الخوف عليك يا بنت ابويا تخلصي جامعة وتقولي مش راجعة البلد تاني
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي