الثالث والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

رواية عبق الماضي
بقلمي روز آمين

الفصل الثالث و العشرون

داخل مكتب مجدي حمدان
مازال يجلس هو و بديع و القلق يٌسيطر علي حالتهما ينتظران بتلهف علي أحر من الجمر وصول الأخبار من رجالهم المتواجدون داخل المشفي ليطمئناهما علي حالة حسن ،، إتصل علي الرجل الأول داخل تشكيلهم العصابي الماكث داخل القاهرة

و تحدث إلية الرجل بنبرة حادة بعدما قص مجدي علية ما حدث  ٠٠٠ الراجل بتاعك بقا كارت محروق و هيجرنا معاه واحد ورا التاني للهلاك يا مجدي

طب و العمل يا باشا ؟ جملة تساءل بها مجدي

فأجابه الرجل بحدة و حديث ذات مغزي ٠٠٠ نضف الفوضي اللي حصلت عندك فوراً يا مجدي ،، نضف من غير ما حد يحس بينا،،  فاهمني يا مجدي

أغلق مجدي هاتفهٌ بعدما طمئن ذاك المُهم ثم نظر إلي بديع و تحدث إلية بنبرة أمرة ٠٠٠ بديع  ،،  خد معاك راجلين و هات لي اللي إسمه ناجي ده من تحت طقاطيق الأرض 

لم يٌكمل جملته حتي إستمع إلي طرقات خفيفة تلاها دخول السكرتيرة الخاصة حيثٌ تحدثت بنبرة هادئة ٠٠٠ ناجي عبدالسلام هنا و مٌصر إنه يقابل حضرتك يا أفندم

جحظت أعين مجدي و تحدث متلهفً ٠٠٠ دخليه بسرعة 

دلف ناجي يتلفت حوله بنظرات مٌرتعبة و تحدث مٌستنجداً به ٠٠٠ إلحقني يا مجدي باشا ،، أنا وقعت في مصيبة و جاي لك عشان محدش غيرك هيعرف ينجدني و يخرجني منها

وقف مجدي و أقترب عليه كالمجنون ماسكً إياه من تلابيب جلبابه و أردف قائلا بحده ٠٠٠ إنتَ إتجننت يا بني أدم ،، إنتَ إزاي تيجي لحد هنا بعد عملتك السودة اللي عملتها مع الباشمهندس ،، إنتَ عايز تفتح عيون الداخلية عليا و توديني في داهية يا حيوان

نظر إليه ناجي بإستغراب و تساءل بغباء ٠٠٠ و إنتَ عرفت منين اللي حصل ؟

ثم أستعاد ذاكرته و تحدث بتذكر قائلاً ٠٠٠ آآااه ، نسيت إن جنابك ممشي جواسيسك ورايا

ثم نظر إلية و تحدث بنيرة قوية ٠٠٠ إنتَ لازم تشوف لي حل يا باشا ،، أنا الراجل بتاعك و أكيد مش هتسيبني أروح في داهية

أجايهٌ مجدي بنبرة ساخطة ٠٠٠ و عاوزني أعمل لك أيه بقا يا سي ناجي ،، ثم أنا يا بني أدم مش حظرتك قبل كدة و قٌلت لك تبعد عن اللي إسمة حسن ده و ما تتعرضلوش خالص

تحدث ناجي بغلٍ ٠٠٠ اللي حصل بقا يا باشا ،، و الواد إتحداني و خد نصيبه مني ،، و الوقت لازم تثبت لي حمايتك ليا ،،إنتَ مش كل شوية كنت تقول لي متخافش طول ما أنتَ معايا ،، إنتَ تحت حمايتي يا ناجي

تحدث مجدي بتخابث ٠٠٠ طب إسبقني علي المخزن السري و أنا هجي لك علي هناك و نتكلم و نشوف هنحلها إزاي مع بعض

تحدث ناجي بحدة و عناد ٠٠٠ أنا لا رايح مخازن و لا غيره يا باشا ،، ما فيش قدامي وقت للكلام ده كله ،، أنا هطلع من هنا علي بيتي و لما الحكومة تيجي و تسألني هقول لهم إني في وقت الجريمة ما حصلت كُنت عند حضرتك هنا بنتكلم في شغل !

ثم حول بصرة إلي بديع و تحدث مٌستشهداً ٠٠٠ و بديع بيه هيشهد معانا و بكدة أطلع أنا منها زي الشعرة من العجينة و آكون خِلصت من اللي إسمة حسن و في نفس الوقت حميت نفسي

كاد بديع أن يتحدث و لكن سبقه حديث مجدي الذي تحدث إلية بحده و جنون  ٠٠٠ إنت إتجننت يا بني أدم ،، إنتَ عاوز توديني في داهية ،، ثم شغل أية ده اللي هيكون بيني و بين واحد زيك يا غبي

تحدث بديع بتخابث ٠٠٠ ما تخليش عقلك المُشتت من اللي حصل يخليك تقول كلام مش محسوب يا ناجي ،، الشغل اللي بينك و بين البشوات كله في السر و محدش يعرفه و حتي كل مقابلتنا في أماكن سريه ،  ثم بالعقل كدة،، شغل أيه اللي هيبقا بينك و بين مجدي بيه صاحب شركات التصدير و الإستيراد ؟

تحدث ناجي ساخراً ٠٠٠ ده علي أساس إن أسوان كلها متعرفش شغلكم الأساسي و لا ما يعرفوش إني شغال معاكم في الحفر عن الأثار و تهريبها برة البلد  ؟

أجابهٌ مجدي بدهاء نافيً٠٠٠ دي مجرد شكوك يا سي ناجي،، بس مفيش مخلوق عندة دليل واحد يقدر يثبت بيه أي حاجة علينا ،، و إنتَ بكلامك المعتوة ده عايزني أثبت عليا الإشاعات و كأني بقول للحكومة تعالي دوري ورايا

تحدث ناجي بحدة و جنون مُهدداً مجدي ٠٠٠ إسمع يا مجدي باشا ،، لو بتفكر تتخلي عني إنتَ و بشواتك و تخلوني أشيل الليلة تبقوا غلطانيين ،، أنا لو إتسجنت مش هتسجن لوحدي ،، لااااا ،، ده أنا هجركم معايا واحد واحد و نقضيها صحبة حلوة كدة في السجن

تحدث مجدي و هو يٌخرج مسدسهٌ المعبئ بطلقاتهِ النارية و مجهز سابقً من درج مكتبة و يضع به كاتم الصوت كي لا يصنع ضجة بالمكتب ٠٠٠ يبقا أنتَ اللي حكمت علي نفسك يا ناجي

و بلمح البصر صَوب المسدس نحو نقطة ما بين العينين بحرفية عالية و أطلق علية تحت ذهول ناجي و عدم تصديقة بالتخلي عنه بتلك السهولة

وقع ناجي علي الفور صريعً بعد تلك الطلقة المدروسه القاتلة ،، تحرك بديع إلية سريعً يختبر نبضة وجدهٌ قد فارق الحياة علي الفور
فتساءل مستفهماً بلهفة و رعبٍ دب بأوصالهِ ٠٠٠ هنعمل أية في الجثه دي يا باشا

أجابهٌ مجدي ببرود و هو يُنظف مُسدسة بنفخهِ به و كأن شئً لم يكُن ٠٠٠ الأول خد الخنجر من جيبه و خلي الرجالة يروحوا يرموة بسرعه جنب المكان اللي إتقتل فية المهندس علشان البوليس يتأكد من إرتكاب ناجي للجريمة بعد ما يلاقوا بصماته علية

و أشار بيدة علي السجادة الموضوعة أرضً ٠٠٠ و هات الرجالة و لفوة في السجادة دي و أربطوها علية كويس و خليهم يشيلوها عادي كأنهم مودينها للتنضيف و بعدها يرموة بيها في قلب النيل ،،

و أكملَ بذكاء ٠٠٠٠ و متنسوش تربطوا معاه حجارة كبيرة علشان الجثة تغطس و تستقر في القاع و متطلعش لفوق علشان الطلقة اللي واخدها دي ،، خلي الحكومة تفتكر إنه خاف و هرب بعد ما قتل الباشمهندس حسن،

و آسترسل حديثه بتأكيد مُنبهً إياه ٠٠٠مش عاوز ديول تظهر للموضوع يا بديع !!

ثم أشار إلي الدماء المتناثرة فوق الأرض و تحدث بإشمئزاز ٠٠٠ و يلا هات رجالتك الموثوق فيهم و نضف لي القرف ده بسرعة !

تحدث بديع بهدوء ٠٠٠ أوامرك يا باشا ،، بس الأول هطلع أسرب السكرتيرة و اخليها تمشي علشان متحسش بحاجة من اللي هيحصل هنا

و بالفعل خرج بديع و أعطا للسكرتيرة إجازة عارضة بحجة ذهابهما هو و مجدي إلي الخارج،، إذا لا داعي لتواجُدها بالمكتب ،،  و أيضاً إتخذ بديع كل ما يلزم من الحيطة لأمانهم و إبعاد الشبهات عنهما و سيدة،

بعد مدة أخذ الرجال جثة ذاك الهالك الذي لم ينجي بحياته و لا حتي بمماته من كثرة ذنوبة التي إقترفها بدنياة و لم يضع الله أمام ناظرية و يعمل علي إرضاءة و كسب أخرته
 
              ○○○○○○¤○○○○○○

بعد حوالي ثلاث ساعات
كانت قابعه أمام غرفة العمليات تجلسٌ أرضً بعينان متسمرتان لا يتحرك لهما رمشً ،، لا دموع ، لا وعي ، و لا حياة من دونه ،،

تشعر و كأن دقات قلبها توقفت مترقبه دقاته ، لإن عَادَ عادت دقاتِها ، و إن فارقت فستلحق بها في الحال إلي حيثٌ الفناء الأخير ،، فلا حياة لقلبها الضعيف بعد الرحيل

إنها ساحرته ، بسمةٌ الحسنِ
فإن عاد لها عادت لهٌ الأملِ
وإن غابت شمس حياتهِ
غابت بسمتٌها إلي الأبدِ

فقد أتت إلي هنا بعد ذهاب أشرف إليها داخل البزار مهدداً إياها إذا حدث شئً لصديقةٌ فسيجعلها تدفع الثمن باهظً هي و أهلها و ناجي الذي هدده  ،، و لكنهٌ إضطر لإصطحابها معه إلي المشفي بعد حالة الإنهيار التي أصابتها من جراء تلقيها ذلك الخبر المشؤؤم 

مما أدي إلي تعاطفهٌ الشديد معها بعدما كان ثائراً عليها و يُحدثها بحدة بالغه  ، و أيضاً لعلمهُ مدي عشق صديقةٌ لها

و قد ذهبت أمنيه و أماني إلي بيت إبتسام و أخبرا والدها الذي أتي سريعً إلي إبنته ليأخدها إلي البيت و لكنها صممت بإصرار و ترجته  علي أن لا تتحرك من أمام غرفة العمليات حتي يُخرج أسر كيانها و تراه أمامها مُعافي البدن


في تلك اللحظات حضر الجميع من الأسكندرية و هم يسرعون بخطواتهم داخل رواق المشفي بتخبط و تشتُت ،

أسرع الأب الملكوم إلي أشرف و تحدث إليه متسائلاً بلهفة ٠٠٠ طمني يا أبني ،، حسن أخباره أيه ؟؟

أجابهُ أشرف برأسٍ مٌنكسً و عينان يسكنهما الألم حزنً علي ما حدث إلي صديقه و رفيق دربة ٠٠٠ ما أعرفش أي حاجة يا عمي  ،  من وقت ما أخدوة جوة في العمليات من أكتر من تلات ساعات و نص،، و محدش خرج علينا و لا حتي طمنا علي حالتة

تحدثت عزيزة إلي عز بدموعها الغزيرة التي تُدمي القلوب ٠٠٠ إتصرف يا عز و شوف لنا حد في المستشفي دي يطمنا علي إبني

أمسك عز يدها و أجلسها فوق إحدي المقاعد و تحدث إليها مطمئنً إياها ٠٠٠ إهدي يا مرات عمي وأنا هتصرف و هطمنك

و بالفعل تحرك الضابط المُصاحب له و المكلف من رئيس المخابرات شخصياً لتسهيل الأمور إلي سيادة العقيد داخل أسوان

تحرك و أبلغ إدارة المشفي بشخصية عز المغربي و موقعةٌ مما أربك الإدارة و بعثوا له علي الفور بطبيبٍ ذو مكانة عالية بالمشفي كي يٌطمأنهم علي حسن و بالفعل ابلغهم أنه الأن داخل العمليات و بصحبته لفيفًٌ من أمهر الأطباء في هذا المشفي المجهز و المخصص لخدمة الأجانب الوافدين إلي تلك المحافظة السياحية العريقة

بعد إنصراف الطبيب نظر عز إلي ثريا و جسدها المُنهك و أشار لها بأن تجلس كي تُريح حالها من عناء و مشقة السفر  فآستمعت إلية و بالفعل جلست ،  ثم تحدث إليها بقلبٍ مفطور لأجلها ٠٠٠ من فضلك يا ثُريا حاولي تهدي علشان حالتك الصحية مش متحملة توتر،، و كمان علشان الطفل ما يتأثرش و لا قدر الله يحصل أي حاجة

أومأت لهُ برأسها بطاعة و هدوء و تحرك هو إلي عمهِ و جلس بجانبة كي يخفف عنه توترة 

لفت إنتباة ثٌريا تلك التي تفترش الأرض أمام غرفة العمليات بحالة مٌزرية و عينان مُنتفخة جراء بكائها المتواصل لمدة طويلة، و تيقنت بفطانتها أنها سمراء شقيقها و فاتنته

تحركت إليها بهدوء و تساءلت بنبرة مٌتأثرة و هي تنظر إليها بتمعن ٠٠٠ إنتِ بسمة ؟

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي