الفصل التاسع عشر
الفصل التاسع عشر ...
بللت شفتيها بتوتر بالغ ،بينما قلبها يهدر داخل صدرها لتقول له :
- لقد قالت لورين مرة انك لاتحب الفاشلين ..
وانا فاشلة تيوان لذا صدقني لن اكون زوجة مناسبة لك .
هز رأسه وهو يمرر إبهامه من اعلى وجنتها لأسفلها ، وبصوت شديد اليأس قال لها :
ا لم تقصدك بقولها ، اما انا فاظنك رائعة وأنا من أحكم أنكِ تناسبينني زوجة وحبيبة وعشيقة وكل ما اتمنى ..
ردت بصوت محطم :
- افهمني يا تيوان .. أنا حقًا لا استطيع !
علت نبرة صوته وهو يبعد بيده عنها قائًا :
- بالله عليكِ قولي لي لماذا لا تستطيعين أن تمضي معي قدمًا لحياة سأبذل بها قصارى جهدي لأقدر على تحقيق ما تحلمين به معي فيها ؟
ثم توتر نبرته وهو يقول لها بقلة حيلة :
- إيف أنا حقًا لا استطيع الاستمرار على هذا النحو في علاقتي معك ..
لقد انتقلت الى بيتك وفي نيتي ان اطلب يدك في النهاية ،
وها انا مضطر للسفر في الاسبوع المقبل ولن اسافر بدونك .
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول له بخفوت :
- أنت مضطر لهذا .
قال بثقة :
- لا يف .. لا .. لستُ مضطرًا لذلك ...
ردت بشراسة :
- بلى تيوان ! يجب أن تفعل ذلك ..
الا يمكن ان تفهم ... أنا لا أريد الزواج بك !
نظر اليها وكانه لم يرها من قبل :
- ماذا تعنين بقولك هذا ؟ انك لا تحبينني ؟ أم ماذا ؟
تنهدت بيأس :
- افهمها كما تشاء تيوان .
صرخ بها بعد أن فقد اعصابه من هذه المحاولات التي لم تجدي نفعًا معها :
- لا باس بي رفيقا ، أو صديقا اما زوجا فلا .. ردي اللعنة عليك !
وامسك بها يهزها بعنف ..
فصاحت به :
- اجل ! اجل ..
هذه هي الحقيقة بالضبط ، فأنا أقبلك صديق أما زوج فلا ..
دفعها عنه متاوها آهة عذاب و وجهه شاحب رمادي وهو يقول لها وقد اضطربت انفاسه بشدة من اثر انفعاله :
- يا إلهي !
ساعود لاحقا لاخذ اغراضي ..
أما الان فيجب عليّ أن ابتعد عنك ، بقد ما استطعت ..
ارتدى سترته ثم التفت اليها متسائلا :
- لدي انطباع بانك صممت هذا المشهد وخططت له حتى اخرج من هنا هكذا !
أليس كذلك إيف ؟
شحب وجه إيف من جراء قساوة كلماته
،
انها تعرف مدى ذكائه ..
وسرعته في اتخاذ القرارت ، لكنها لم تدرك انه قد فهم نفسيتها الى هذه الدرجة ..
فهي فعلا تريده ان يذهب على ان يبادر هو الى اتخاذ هذا القرار .
ورغم ذلك رددت بوهن ظهر جليًا على صوتها :
- انت تتخيل الاشياء تيوان !
ضيق عينيه وهو يقول لها بغضب لا مثيل له :
- لا .. يا إيف ..
انا لا أتخيل شيئًا على الإطلاق ..
ثم انحنى ليقترب من وجهها وهو يضيق عينيه قائلًا :
- ولكن ما أود معرفته الأن .. لماذا اصبح من المهم
والضروري هكذا ان اخرج الان من حياتك بسرعة ؟
ردت كاذبة بتوتر :
- ربما ليحل انسان اخر محلك .
صك اسنانه بغيظ وهو يحذرها :
- احذري إيف ....
احذري جيدًا مما تتفوهين به ..
فأنا لن تنطلي علي خدعتك هذه ..
لذا لن اترك هذا المكان قبل أن الحقيقة منك ..
فأنا أثق تمام الثقة انك تخبئين شيئًا ..
ثم ردد بذعر :
- إيف ؟ يا إلهي !
نظر الى وجهها بخوف شديد ..
فاذا به قد أصبح مثل الشمع ..
واذا بها تترنح لتهوي على الأرض ..
فامسك بها بسرعة والقاها فوق الاريكة فاقدة الوعي .
حاول بقدر ما استطاع أن يجعلها تستيقظ ، حتى بدأ يسمع تأوهتها الخافته ،
وعند هذا الحد بدأت تسترد وعيها بالكامل ..
تركها وهي تراقب القلق المرتسم على وجهه الذي لم يلبث ان انقلب رعبًا واضحًا للغاية ..
فعلمت حين إذا انه اكتشف سرها ..
كان الامر دوما احتمالا ، حاولت محاولات عديدة الا يعرفه ..
لكن البقاء معه في
بيت واحد يرى تعبها رؤي العين .. جعل الحقيقة تبدو جلية امام عينيه .....
سالها بصوت متهدج :
- منذ متى....؟ ومتى عرفت بالأمر ؟
ابتعلت ريقها بصعوبة وهي تخبره ، وما زال التعب يظهر على صوتها الخافت :
- منذ ما يزيد عن السنة .
سألها بحزن :
هل كان دايمن يعرف ؟
ردت بمرارة :
- نعم .
كان تيوان يتنفس بصعوبة .. مبتلعا ريقه بين حين واخر وهو يقول برعب شديد :
- اما من طريقة للقيام بشيء ؟
- ردت بضعف وقلة حيلة :
- حقًا .. لا أدري .
ردد بخوف وقلبه يضخ في صدره بقوة :
- يا إلهي ..... انتِ لا تعنين انك ......
قاطعته بحزم وهي تعتدل :
- انني اموت ؟
هذا ما اظنه ..... اجل اظنني اموت يا تيوان .......
ثم لامست فكه القاسي وهو يتقلص الما ، بينما انهدرت دموعها على وجهها بأكمله ...
الكبار في السن الذين عاشوا حياتهم وربوا
ااطفالهم ..
بل وشاهدوا احفادهم قد يعانون من اظطرابات قلبية .
اما من هم في الرابعة والعشرين فنادرا ما يعانون من مشاكل في القلب .
قبل سنة تقريبا ..
اخبرها الطبيب عن مرضها المزمن هذا ..
وطلب منها انها يجب عليها أن تجري عملية جراحية على عجل ، فحالة قلبها سيئة للغاية ..
و لكنها لم تجر هذه العملية لخوفها الشديد من سيترتب عليه بعدها ..
والضعف المتزايد الذي كانت تشعر به مؤخرا يشير الى ان الاوان قد فات .
تعرف ان تيوان سيكون دائما الى جانبها لو
تزوجا .....
فمعاناة امه من المشاكل نفسها تؤكد لها هذا .
لقد ترعرع وهو يعرف ان امه مريضة ..
ويرى عوارضها رؤي العين ، بل ويستطيع التعامل الجيد معها ..
لكن حبه لإيف اعماه عن رؤية ضعفها وعن رؤية عوارض مرضها الشبيه باعراض امه ..
لكن التراجع بات بعيد المنال ..
فقد فات اوان توقفه عن حبها .. لقد المته بقوة و ما عاد بيدها حيلة حياله ، او حيال ما سوف يفعله معها ..
هزها بلطف متسائلًا ، وهو يجفف دموعها ، بينما يمنع دموعه الحبيسة بقد ما استطاع من السقوط امامها :
- أنت تظنين هذا ؟ لكنك لست واثقة ؟
بللت طرف شفتيها قائلة :
- ليس بالتاكيد لكنني احس بوهن شديد وهو يزداد قوة ، يومًا من بعد يوم ..
فكر بسرعة فكل مشكلة حل بالنسبة له ..
سألها بحماس :
- أليس لديك طبيب خاص ؟
اي طبيب مهتم بحالتك ؟
اجابته بتلكؤ :
- اجل .... لكن ....
قاطعها وهو يهم واقفًا :
- من هو ؟ و ما هو رقم هاتفه ؟ إيف ! يا إلهي ! ..
صاح بها بقوة حين راها توشك على الاغماء ثانية ،
ليجلس أمامها بذعر وهي تحدثه ولكنها بالفعل تشعر بالتعب الشديد جراء انفعالها السابق :
- أنا ..... انه في حقيبتي تيوان .. لكنني لم اقابله منذ شهور .
تأفف بضيق وهو يقول لها بعتب :
- لماذا بالله عليك ؟ ما الذي تحاولين فعله لنفسك !
- اهذا هو الرقم؟
مد لها بطاقة اخرجها من حقيبتها ..
فأجابته بصعوبة :
- اجل .
راح يطلب الاتصال به ..
ولكنها اخبرته بانفاس متسارعة ى
- فاليوم هو السبت !
اجابها وهو يمسك هاتفه النقال ، ليضغط عدة ارقام متتالية :
- اعرف هذا !
و بعد ان تحدث قليلا هاتفيا ..
امسك قلما وسجل شيئا ثم قال لها وهو يغلق الصوت بكفه :
- اذهبي وارتدي ملابسك يا حبيبتي ، اريد ان
نغادر في اسرع وقت ممكن بعد المكالمة ..
تأثرت بقوله حبيبتي التي مازال يرددها بعد كل ما حدث ..
لم تستطع إلا أن تدفن وجهها بين يديها و تجهش بالبكاء ......
انهى تيوان المحادثة سريعًا ، ثم القى بالهاتف اعلى المنضدة ليدنوا منها على عجل ليحتويها بين ذراعيه ويضمها إليه مرددًا :
- احبك ..... احبك إيف ... بل أعشقك بجنون ..
وراح يهمس لها بكلمات الحب حتى هدات وتوقفت عن البكاء .
عندها ابتعدت بلطف عن احضانه وهي تقول له :
- اسفة .....
لكنني لاحظت ان ردة فعلك مختلفة عن ردة فعل دايمن ،
فقد كره فكرة مرضي للغاية ، بل كره ان يعرف ان شيئا ما في داخلي لا يعمل
بشكل سليم .
قَبل تيوان وجنتها برقة ، وهو يجفف دموعها التي ما زالت اعلى وجنتها قائلًا :
- اخبريني حبيبتي .... قولي لي ما حدث بالظبط ..
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وظهرت ملامح الحزن تنحت وجهها بقوة وهي تقص له ما حدث ..
- لقد اردنا انجاب الاولاد .. ا ... اقصد كنا نحاول ..
ولذلك قومنا بعرض انفسنا على طبيب ..
كان دايمن يكره كل ما يتعلق بالطب أو المرض ..
فقد تعرض لحوادث عديدة في حياته حتى اصبح يكره رؤية المستشفى ويكره رائحتها ..
عندما انهينا الفحوص قال الطبيب ان ليس هناك ما يحول بيننا وبين الانجاب الا انه
اكتشف انني بحاجة الى عملية جراحية .. وانني ان لم اجرها ...... سأموت .
ترقرقت عيناه بالدموع وهو يسألها بحزن بالغ :
- ولماذا لم تجريها إذن ؟
رفعت كتفيها بآسى وهي تردد :
- استطع هذا دون دعم من دايمن ، الذي ما إن سمع بما قاله الطبيب ،
حتى وقع له ذاك الاصطدام في السباق الذي اذى ظهره وعجز عن السباق من بعدها ....
فكرهني حينها ، وبدأ ينفر مني ويلومني على حادثته ..
كنا سعيدين حتى تلك اللحظات ..
لكن صحتي ، وحادثته بدلتا كل شيء ..... و .......
و .. انت تعرف الباقي !
حين لم استطع تلبية حاجاته بسبب مرضي انتقل الى ...
قاطعها بقهر شديد :
- نساء اخريات ؟
تنهدت باكية :
- اجل ..
- فقد راح يعاقر الخمر حتى قُتل في تلك الحادثة مخمورا ...
لقد اردت يومها ان اقود السيارة لكنه منعني قائلا ..
انه لا يريد معاقة ان تقود سيارته لانني قد اقتله ..
لكنه لم يكن واعيا حين ادخل السيارة في الجدار ..
ولست ادري كيف بقيت هذه المعلومات بعيدة عن متناول الصحافة ..
لكنني لم اهتم ..
فقد مات دايمن وقيل لي يوم ذاك ان علي اجراء عملية مستعجلة .
تسارعت انفاسه بحدة مما سمعه منه ، وكم المعاناة التي عاشتها من رجل خسيس وحقير ، قد دفعها لأن تكره حياتها بهذا الشكل ، سألها بتأثر واضح :
- ثم ؟
اجابته وهي تحاول السيطرة على ارتجاف جسدها :
- لكنني قد اردت ان اموت .
ردد بخفوت مؤثر :
- اذكر انك قلت هذا القول بعد اسبوعين من لقائنا ..
لكنني لم اصدق انك تعنينه فعلا .
هزت رأسها بإقرار قائلة :
- بالفعل كنت ارحب بفكرة الموت ..
لقد احببتُ دايمن الذي خيب مرضي امله .. بل جعله يكرهني
فقررت العمل في المجلة على امل ان اظهر له انني قادرة على ان احيا حياة طبيعية ..
وان لا شيء في حياتنا تغير !
لكن خروج زوجته للعمل انقلب علي وجعله يحس بالعجز .
مرر اصابعه على وجنته بعشق وهو يقول لها بصدق واحساس كبير :
- والان إيف ؟
لقد بحت لك منذ برهة بحبي ، بل بعشقي الكبير لكِ ..
قد يكون دايمن هو الرجل الذي احببته لكنه كان ضعيفا ، وخسيسًا ، وحقيرًا للغاية لتركك هكذا تعانين ..
اما انا فلا .. أنا اريد ان تعيشي وستعيشين !
قَبل جانب فمها برقة وهو يتحسس وجهها قائلًا :
- يوما ما ساراقبك تضعين اطفالنا في الفراش وتقبليهم قبل النوم ..
لقد راقبتك مرارا وانت تلعبين وتضحكين مع كيت ولوسي ..
وقد رايت رقتك معهما وعندها احببتك حقًا .......
غير انني تلقيت منك اقسى صدمة في حياتي ..
فقد اظهرت لي انني لا اعني شيئا لكِ على الاطلاق ..
نظر اليها بحدة وهو يهز رأسه :
- لقد اوقعتني في الفخ وهذا ما لم احبه .. اما
النساء اللواتي خرجت معهن مؤخرا فلم يحدث بيني وبينهن شئ على الاطلاق !
رددت بخفوت وهي تنظر لعينيه :
- لم يحدث شيء ؟
نفى الأمر بقوة وهو يستند على جبهتها :
- لا ! لانني احسست بانني عالق بفخك .........
كنت اريد ان اكون مع ذات الشعر الاسود والعينين الزرقوتين اللامعتين تلك ..
التي رغم عدم اكتراثها بي كانت من رعتني واعتنت بي مريضا .
اجابته بابتسامة حاولت رسمها بصعوبة :
- كنت ساقوم بالشيء ذاته مع اي كان .
ردد وهو يرفع حاجبه :
- آلن مثلا ؟
ضحكت بقوة :
- لا .. الا آلن .
كانت تعلم انه ينتظر نوع من الاعتراف بحبها له
..
لكنها لم تستطع البوح له به ..
فان كانت ستموت ، والله يعلم كم باتت الان تريد الحياة .. فليس من الانصاف ان تحمله وزر حبها له ، لكن ربما لو عاشت ... وما.هذا الا احتمال يبدوا لها ضعيفًا ....
ستعترف له بحبها الشديد ، بل بأفضل طريقة ممكنة وقتها ..
تنهد بقوة وهو يبتعد عن جبهتها ، ليقول ..
________________________________
بللت شفتيها بتوتر بالغ ،بينما قلبها يهدر داخل صدرها لتقول له :
- لقد قالت لورين مرة انك لاتحب الفاشلين ..
وانا فاشلة تيوان لذا صدقني لن اكون زوجة مناسبة لك .
هز رأسه وهو يمرر إبهامه من اعلى وجنتها لأسفلها ، وبصوت شديد اليأس قال لها :
ا لم تقصدك بقولها ، اما انا فاظنك رائعة وأنا من أحكم أنكِ تناسبينني زوجة وحبيبة وعشيقة وكل ما اتمنى ..
ردت بصوت محطم :
- افهمني يا تيوان .. أنا حقًا لا استطيع !
علت نبرة صوته وهو يبعد بيده عنها قائًا :
- بالله عليكِ قولي لي لماذا لا تستطيعين أن تمضي معي قدمًا لحياة سأبذل بها قصارى جهدي لأقدر على تحقيق ما تحلمين به معي فيها ؟
ثم توتر نبرته وهو يقول لها بقلة حيلة :
- إيف أنا حقًا لا استطيع الاستمرار على هذا النحو في علاقتي معك ..
لقد انتقلت الى بيتك وفي نيتي ان اطلب يدك في النهاية ،
وها انا مضطر للسفر في الاسبوع المقبل ولن اسافر بدونك .
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول له بخفوت :
- أنت مضطر لهذا .
قال بثقة :
- لا يف .. لا .. لستُ مضطرًا لذلك ...
ردت بشراسة :
- بلى تيوان ! يجب أن تفعل ذلك ..
الا يمكن ان تفهم ... أنا لا أريد الزواج بك !
نظر اليها وكانه لم يرها من قبل :
- ماذا تعنين بقولك هذا ؟ انك لا تحبينني ؟ أم ماذا ؟
تنهدت بيأس :
- افهمها كما تشاء تيوان .
صرخ بها بعد أن فقد اعصابه من هذه المحاولات التي لم تجدي نفعًا معها :
- لا باس بي رفيقا ، أو صديقا اما زوجا فلا .. ردي اللعنة عليك !
وامسك بها يهزها بعنف ..
فصاحت به :
- اجل ! اجل ..
هذه هي الحقيقة بالضبط ، فأنا أقبلك صديق أما زوج فلا ..
دفعها عنه متاوها آهة عذاب و وجهه شاحب رمادي وهو يقول لها وقد اضطربت انفاسه بشدة من اثر انفعاله :
- يا إلهي !
ساعود لاحقا لاخذ اغراضي ..
أما الان فيجب عليّ أن ابتعد عنك ، بقد ما استطعت ..
ارتدى سترته ثم التفت اليها متسائلا :
- لدي انطباع بانك صممت هذا المشهد وخططت له حتى اخرج من هنا هكذا !
أليس كذلك إيف ؟
شحب وجه إيف من جراء قساوة كلماته
،
انها تعرف مدى ذكائه ..
وسرعته في اتخاذ القرارت ، لكنها لم تدرك انه قد فهم نفسيتها الى هذه الدرجة ..
فهي فعلا تريده ان يذهب على ان يبادر هو الى اتخاذ هذا القرار .
ورغم ذلك رددت بوهن ظهر جليًا على صوتها :
- انت تتخيل الاشياء تيوان !
ضيق عينيه وهو يقول لها بغضب لا مثيل له :
- لا .. يا إيف ..
انا لا أتخيل شيئًا على الإطلاق ..
ثم انحنى ليقترب من وجهها وهو يضيق عينيه قائلًا :
- ولكن ما أود معرفته الأن .. لماذا اصبح من المهم
والضروري هكذا ان اخرج الان من حياتك بسرعة ؟
ردت كاذبة بتوتر :
- ربما ليحل انسان اخر محلك .
صك اسنانه بغيظ وهو يحذرها :
- احذري إيف ....
احذري جيدًا مما تتفوهين به ..
فأنا لن تنطلي علي خدعتك هذه ..
لذا لن اترك هذا المكان قبل أن الحقيقة منك ..
فأنا أثق تمام الثقة انك تخبئين شيئًا ..
ثم ردد بذعر :
- إيف ؟ يا إلهي !
نظر الى وجهها بخوف شديد ..
فاذا به قد أصبح مثل الشمع ..
واذا بها تترنح لتهوي على الأرض ..
فامسك بها بسرعة والقاها فوق الاريكة فاقدة الوعي .
حاول بقدر ما استطاع أن يجعلها تستيقظ ، حتى بدأ يسمع تأوهتها الخافته ،
وعند هذا الحد بدأت تسترد وعيها بالكامل ..
تركها وهي تراقب القلق المرتسم على وجهه الذي لم يلبث ان انقلب رعبًا واضحًا للغاية ..
فعلمت حين إذا انه اكتشف سرها ..
كان الامر دوما احتمالا ، حاولت محاولات عديدة الا يعرفه ..
لكن البقاء معه في
بيت واحد يرى تعبها رؤي العين .. جعل الحقيقة تبدو جلية امام عينيه .....
سالها بصوت متهدج :
- منذ متى....؟ ومتى عرفت بالأمر ؟
ابتعلت ريقها بصعوبة وهي تخبره ، وما زال التعب يظهر على صوتها الخافت :
- منذ ما يزيد عن السنة .
سألها بحزن :
هل كان دايمن يعرف ؟
ردت بمرارة :
- نعم .
كان تيوان يتنفس بصعوبة .. مبتلعا ريقه بين حين واخر وهو يقول برعب شديد :
- اما من طريقة للقيام بشيء ؟
- ردت بضعف وقلة حيلة :
- حقًا .. لا أدري .
ردد بخوف وقلبه يضخ في صدره بقوة :
- يا إلهي ..... انتِ لا تعنين انك ......
قاطعته بحزم وهي تعتدل :
- انني اموت ؟
هذا ما اظنه ..... اجل اظنني اموت يا تيوان .......
ثم لامست فكه القاسي وهو يتقلص الما ، بينما انهدرت دموعها على وجهها بأكمله ...
الكبار في السن الذين عاشوا حياتهم وربوا
ااطفالهم ..
بل وشاهدوا احفادهم قد يعانون من اظطرابات قلبية .
اما من هم في الرابعة والعشرين فنادرا ما يعانون من مشاكل في القلب .
قبل سنة تقريبا ..
اخبرها الطبيب عن مرضها المزمن هذا ..
وطلب منها انها يجب عليها أن تجري عملية جراحية على عجل ، فحالة قلبها سيئة للغاية ..
و لكنها لم تجر هذه العملية لخوفها الشديد من سيترتب عليه بعدها ..
والضعف المتزايد الذي كانت تشعر به مؤخرا يشير الى ان الاوان قد فات .
تعرف ان تيوان سيكون دائما الى جانبها لو
تزوجا .....
فمعاناة امه من المشاكل نفسها تؤكد لها هذا .
لقد ترعرع وهو يعرف ان امه مريضة ..
ويرى عوارضها رؤي العين ، بل ويستطيع التعامل الجيد معها ..
لكن حبه لإيف اعماه عن رؤية ضعفها وعن رؤية عوارض مرضها الشبيه باعراض امه ..
لكن التراجع بات بعيد المنال ..
فقد فات اوان توقفه عن حبها .. لقد المته بقوة و ما عاد بيدها حيلة حياله ، او حيال ما سوف يفعله معها ..
هزها بلطف متسائلًا ، وهو يجفف دموعها ، بينما يمنع دموعه الحبيسة بقد ما استطاع من السقوط امامها :
- أنت تظنين هذا ؟ لكنك لست واثقة ؟
بللت طرف شفتيها قائلة :
- ليس بالتاكيد لكنني احس بوهن شديد وهو يزداد قوة ، يومًا من بعد يوم ..
فكر بسرعة فكل مشكلة حل بالنسبة له ..
سألها بحماس :
- أليس لديك طبيب خاص ؟
اي طبيب مهتم بحالتك ؟
اجابته بتلكؤ :
- اجل .... لكن ....
قاطعها وهو يهم واقفًا :
- من هو ؟ و ما هو رقم هاتفه ؟ إيف ! يا إلهي ! ..
صاح بها بقوة حين راها توشك على الاغماء ثانية ،
ليجلس أمامها بذعر وهي تحدثه ولكنها بالفعل تشعر بالتعب الشديد جراء انفعالها السابق :
- أنا ..... انه في حقيبتي تيوان .. لكنني لم اقابله منذ شهور .
تأفف بضيق وهو يقول لها بعتب :
- لماذا بالله عليك ؟ ما الذي تحاولين فعله لنفسك !
- اهذا هو الرقم؟
مد لها بطاقة اخرجها من حقيبتها ..
فأجابته بصعوبة :
- اجل .
راح يطلب الاتصال به ..
ولكنها اخبرته بانفاس متسارعة ى
- فاليوم هو السبت !
اجابها وهو يمسك هاتفه النقال ، ليضغط عدة ارقام متتالية :
- اعرف هذا !
و بعد ان تحدث قليلا هاتفيا ..
امسك قلما وسجل شيئا ثم قال لها وهو يغلق الصوت بكفه :
- اذهبي وارتدي ملابسك يا حبيبتي ، اريد ان
نغادر في اسرع وقت ممكن بعد المكالمة ..
تأثرت بقوله حبيبتي التي مازال يرددها بعد كل ما حدث ..
لم تستطع إلا أن تدفن وجهها بين يديها و تجهش بالبكاء ......
انهى تيوان المحادثة سريعًا ، ثم القى بالهاتف اعلى المنضدة ليدنوا منها على عجل ليحتويها بين ذراعيه ويضمها إليه مرددًا :
- احبك ..... احبك إيف ... بل أعشقك بجنون ..
وراح يهمس لها بكلمات الحب حتى هدات وتوقفت عن البكاء .
عندها ابتعدت بلطف عن احضانه وهي تقول له :
- اسفة .....
لكنني لاحظت ان ردة فعلك مختلفة عن ردة فعل دايمن ،
فقد كره فكرة مرضي للغاية ، بل كره ان يعرف ان شيئا ما في داخلي لا يعمل
بشكل سليم .
قَبل تيوان وجنتها برقة ، وهو يجفف دموعها التي ما زالت اعلى وجنتها قائلًا :
- اخبريني حبيبتي .... قولي لي ما حدث بالظبط ..
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وظهرت ملامح الحزن تنحت وجهها بقوة وهي تقص له ما حدث ..
- لقد اردنا انجاب الاولاد .. ا ... اقصد كنا نحاول ..
ولذلك قومنا بعرض انفسنا على طبيب ..
كان دايمن يكره كل ما يتعلق بالطب أو المرض ..
فقد تعرض لحوادث عديدة في حياته حتى اصبح يكره رؤية المستشفى ويكره رائحتها ..
عندما انهينا الفحوص قال الطبيب ان ليس هناك ما يحول بيننا وبين الانجاب الا انه
اكتشف انني بحاجة الى عملية جراحية .. وانني ان لم اجرها ...... سأموت .
ترقرقت عيناه بالدموع وهو يسألها بحزن بالغ :
- ولماذا لم تجريها إذن ؟
رفعت كتفيها بآسى وهي تردد :
- استطع هذا دون دعم من دايمن ، الذي ما إن سمع بما قاله الطبيب ،
حتى وقع له ذاك الاصطدام في السباق الذي اذى ظهره وعجز عن السباق من بعدها ....
فكرهني حينها ، وبدأ ينفر مني ويلومني على حادثته ..
كنا سعيدين حتى تلك اللحظات ..
لكن صحتي ، وحادثته بدلتا كل شيء ..... و .......
و .. انت تعرف الباقي !
حين لم استطع تلبية حاجاته بسبب مرضي انتقل الى ...
قاطعها بقهر شديد :
- نساء اخريات ؟
تنهدت باكية :
- اجل ..
- فقد راح يعاقر الخمر حتى قُتل في تلك الحادثة مخمورا ...
لقد اردت يومها ان اقود السيارة لكنه منعني قائلا ..
انه لا يريد معاقة ان تقود سيارته لانني قد اقتله ..
لكنه لم يكن واعيا حين ادخل السيارة في الجدار ..
ولست ادري كيف بقيت هذه المعلومات بعيدة عن متناول الصحافة ..
لكنني لم اهتم ..
فقد مات دايمن وقيل لي يوم ذاك ان علي اجراء عملية مستعجلة .
تسارعت انفاسه بحدة مما سمعه منه ، وكم المعاناة التي عاشتها من رجل خسيس وحقير ، قد دفعها لأن تكره حياتها بهذا الشكل ، سألها بتأثر واضح :
- ثم ؟
اجابته وهي تحاول السيطرة على ارتجاف جسدها :
- لكنني قد اردت ان اموت .
ردد بخفوت مؤثر :
- اذكر انك قلت هذا القول بعد اسبوعين من لقائنا ..
لكنني لم اصدق انك تعنينه فعلا .
هزت رأسها بإقرار قائلة :
- بالفعل كنت ارحب بفكرة الموت ..
لقد احببتُ دايمن الذي خيب مرضي امله .. بل جعله يكرهني
فقررت العمل في المجلة على امل ان اظهر له انني قادرة على ان احيا حياة طبيعية ..
وان لا شيء في حياتنا تغير !
لكن خروج زوجته للعمل انقلب علي وجعله يحس بالعجز .
مرر اصابعه على وجنته بعشق وهو يقول لها بصدق واحساس كبير :
- والان إيف ؟
لقد بحت لك منذ برهة بحبي ، بل بعشقي الكبير لكِ ..
قد يكون دايمن هو الرجل الذي احببته لكنه كان ضعيفا ، وخسيسًا ، وحقيرًا للغاية لتركك هكذا تعانين ..
اما انا فلا .. أنا اريد ان تعيشي وستعيشين !
قَبل جانب فمها برقة وهو يتحسس وجهها قائلًا :
- يوما ما ساراقبك تضعين اطفالنا في الفراش وتقبليهم قبل النوم ..
لقد راقبتك مرارا وانت تلعبين وتضحكين مع كيت ولوسي ..
وقد رايت رقتك معهما وعندها احببتك حقًا .......
غير انني تلقيت منك اقسى صدمة في حياتي ..
فقد اظهرت لي انني لا اعني شيئا لكِ على الاطلاق ..
نظر اليها بحدة وهو يهز رأسه :
- لقد اوقعتني في الفخ وهذا ما لم احبه .. اما
النساء اللواتي خرجت معهن مؤخرا فلم يحدث بيني وبينهن شئ على الاطلاق !
رددت بخفوت وهي تنظر لعينيه :
- لم يحدث شيء ؟
نفى الأمر بقوة وهو يستند على جبهتها :
- لا ! لانني احسست بانني عالق بفخك .........
كنت اريد ان اكون مع ذات الشعر الاسود والعينين الزرقوتين اللامعتين تلك ..
التي رغم عدم اكتراثها بي كانت من رعتني واعتنت بي مريضا .
اجابته بابتسامة حاولت رسمها بصعوبة :
- كنت ساقوم بالشيء ذاته مع اي كان .
ردد وهو يرفع حاجبه :
- آلن مثلا ؟
ضحكت بقوة :
- لا .. الا آلن .
كانت تعلم انه ينتظر نوع من الاعتراف بحبها له
..
لكنها لم تستطع البوح له به ..
فان كانت ستموت ، والله يعلم كم باتت الان تريد الحياة .. فليس من الانصاف ان تحمله وزر حبها له ، لكن ربما لو عاشت ... وما.هذا الا احتمال يبدوا لها ضعيفًا ....
ستعترف له بحبها الشديد ، بل بأفضل طريقة ممكنة وقتها ..
تنهد بقوة وهو يبتعد عن جبهتها ، ليقول ..
________________________________