الفصل الثامن عشر
أيهما اشد وجعا ان تحبس دمعاتك في عينيك كي لا تبدو ضعيفا امام من يستندون عليك بكل شىء .. ام ان تكبت صراختك بصدرك لتتحول لنيران تنهش عظامك بقسوة دون رحمة .. ام تقبض كفيك كي لا تحطم ما يقابلها قبل ان تنفجر عروقك من ضغطك علي نفسك امام من يستمدون منك القوة و الثبات ..
دلفت فرحة لغرفتها مباشرة و أغلقت ورائها الباب و استندت عليه بظهرها و صوت أسعد يلتهم خلايا مخها وهو يقول لغيرها بمنتهي اليسر تتي لا و يوعدها بأن كل شىء ستتمناه سيصبح امامها ..
ضغطت بكفها علي فمها وهي تحاول كبت صرخاتها التي انفجرت من عينيها بمعاني سائلة .. دافئة .. حارقة .. لاذعة لا شفقة بها و لا تحكم ..
سقطت بهدوء و ظهرها ينزلق علي الباب بوهن و انكسار و قد تعالت شهقاتها صارخة من بين اناملها التي باتت تشدد علي فمها كي لا يصرخ بنحيب علي ألمها ..
وصلت شهقاتها لسليم و غدير فصك سليم اسنانه بغضب و اغمض عينيه بقوة و هو يرغب بالصراخ اكثر منها ..
لاحظت غدير حالته فتمسكت بذراعه و قالت بخوف :
_ سليم هو في ايه فهمني ارجوك ؟!!
فتح سليم عينيه و كانت حمراء بشكل مخيف جعل هدير ترجع للخلف خطوتين و هو يقول لها بنبرة حادة :
_ دخلي اوضتك و اياكي تخرجي منها مهما حصل انتي فاهمة و لا لأ ؟!
أومأت غدير برأسها و قالت بإنصياع و خوف :
_ حاضر .
و هرولت ناحية غرفتها و اغلقت ورائها الباب و هي تشعر بضياع و الم غريبين لا تجد لهما سببا ..
وقف سليم مقابلا لباب غرفة أمه فلامسه بكفيه و استند عليه بجبهته و هو يحاول التنفس بصعوبة ..
انتبهت فرحة علي طرقات علي باب غرفتها فوقفت و كففت دموعها قائلة بنبرة متحشرجة :
_ مين .. لو سمحتم عاوزة اكون لواحدى ؟!
تنهد سليم بأسي علي حالتها و صوتها الباكي و قال بحزن :
_ ماما انا عاوز اتكلم معاكي لو سمحتي .
سيطرت فرحه علي انهيارها و قالت بنبرة حازمة :
_ معلش يا سليم انا مش جاهزه لاي كلام لو سمحت سيبني لوحدي .
فتح سليم الباب و دلف و اغلقه ورائه الباب و اقترب منها قائلا :
_ يا ماما احنا اصحاب قبل ما نكون ام وابنها .. انا عارف كل حاجه وحاسس من زمان وخفت اقول لك واسال لك يا ماما انت حاسه ولا لا انا دلوقتي بسالك انت كنتي حاسه واتاكدتي النهارده ولا اتصدمتي و اول مره تاخذي بالك من الكلام ده .
التفتت اليه فرحه و رفعت سبابتها بوجهه و قالت بنبرة تحذيرية قوية :
_ الكلام ده انت ما لكش دعوه بيه نهائي .. ايا كان اللي هيحصل انت ما لكش دعوه بيه ,.. لا انت ولا اختك خرجوا نفسك تماما من الموضوع ده ولا تشغل بالك ولا تفكر في اللي هيحصل .. ركز في مستقبلك وحياتكوا بس انت فاهم يا سليم .
ضيق سليم عينيه و قال بضيق و هو يركل الطاولة بساقه بعصبية :
_ يا ماما انت بتتكلمي في ايه هو انت بتكلمي عيل صغير في الحضانه انا راجل واقدر افتح بيت دلوقتي وأخلي بيتي ماشي زي الساعه واحترم مراتي وأصونها وعارف انا باقول ايه كويس .. يا ماما انتي لازم تعاملي معايا ان انا راجل كبير و ناضج .. الطريقه اللي انتي بتعامليني بيها دي بتخليني افقد الثقه في نفسي .
احتضنت فرحه رأسها بيدها مخففة من المها و قالت بوهن :
_ وتفتكر يا سليم ده الوقت المناسب اللي انت تكلمني فيه في موضوع زي ده .. ارجوك سيبني انا لا فيا طاقه اتكلم ولا اتناقش ولا افهمك ولا تسالني وانا اجاوب .. سيبني ارجوك .
ضم سليم رأسها لصدره الواسع و قال :
_ حاضر يا ماما انا موافق اسيبك .. بس خليكي فاكره ان انا جيت طلبت منك تتكلمي معايا .. انتي كده هتخليني احكم بمزاجي انا عالموضوع من غير ما نتناقش مع بعض زى عادتنا .
تمسكت فرحه بقميصه و قالت بخواء :
- هو ده اللي انا قلته و خايفة منه .. خرج نفسك من القصه خالص ولا تفكر ولا تعمل حساب لي اي حاجه وايا كان اللي هيحصل انت ما لكش فيه .. دى حياتنا احنا و احنا مش صغيرين .. من حقنا نتكلم ونتفاهم ونتناقش واخذ قرار وانتم لازم تحترموا القرار اللي انا اخذته ايا كان .
ملس سليم علي حجابها و قال بحنو :
_ خلاص يا ماما اللي حضرتك تشوفيه.. انا هحترم قرارك ايا كان وهحترم اللي انتي هتقوليه .. انا في اوضتي لو احتاجتيني يا حبيبتي .
و ابتعد عنها مبتسما بوجهها المحتقن و انحني و قبل مقدمة رأسها و تركها و خرج و اغلق ورائه باب غرفتها عليها لتسكن في صمت بعدما اغلقت انارة الغرفة كالظلام السائد حولها ..
لم تطاوع غدير عقلها و فتحت باب غرفتها و هرولت خلف سليم و تمسكت بذراعهو قالت برجاء :
_ سليم لو سمحت ممكن دقيقه واحده من فضلك .
نفض سليم يدها المتمسكة به و هدر بها بعصبية قائلا :
_ ارجوكي يا غدير مش وقتك خالص انا تعبان وهلكان وعاوز اقعد لواحدي .. لو سمحتي سبيني حتى لغاية العشا ما تكلمنيش و الاكل عندك عالسفرة اقعدى كلي بس سيبيني النهارده معلش .
اعترضت غدير تقدمه بجسده و قالت بثبات :
_ ارجوك يا سليم انا عايزه افهم في ايه .. ماما حالتها صعبه وانت زي ما انت شايف انت ليه بتعامليني كده انا عاوزه افهم بس .
زفر سليم بقوة هدأ من عصبيته و قال بتعقل :
- يا حبيبتي مش كل حاجه عاوزاها لازم نعملها لك في حاجات لو ما عرفتيهاش هيكون احسن ليكي .. انا دلوقتي اتمنى ما كنتش ابقى عارف حاجة .. عشان خاطري يا غدير احترمي رغبتنا احنا مش عاوزينك تعرفي حاجه عشان ده ما يقصرش على دراستك ممكن مع الوقت تعرفي بس في الوقت اللي احنا فيه .. ارجوكي اهتمي بدراستك وما تركزيش في اي حاجه .
عبست غدير بحاجبيها و تهدلت ملامحها و قالت :
_ انت عارف ان انا متطفلة على اي موضوع بيدور حواليا وانا مش فاهماه .. انا ما بحبش احس ان انا غبيه او ان انا مش واحده منكم عموما يا سليم براحتك بس صدقني هاعرف بطريقتي وساعتها يمكن ان طريقتك كانت تفهمني بشكل احسن .
تركته و عادت لغرفتها تحت انظاره .ز مسد اعلي انفه بتعب و دلف غرفته هو الاخر ..
بعد ساعة عاد أسعد لمنزله فدلف و وضع مفاتيحه علي الطاولة و هو يتطلع حوله بتعجب عن هذا الهدوء التام حتي التلفاز وجده مغلق .. فاعتقد انهم لم يعودوا من عزيمة سليم بعد ..
دلف اسعد لغرفته فوجدها مظلمة تماما .. ضغط زر الانارة فوجد فرحة جالسة امامه مرتدية ملابس خروجها و مازالت بحجابها و تطالعه بنظرات لا يجد لها اي تفسير . اقترب منه قالا بتعجب :
- في ايه يا فرحه انتي قاعده في الاوضه ضلمة كده ليه ؟!!
ثم تطلع خلفه و قال :
_ و ليه كل واحد في اوضه بالمنظر ده ؟! انا مش فاهم البيت ده ايه اللي جرى له .
خرج صوت فرحة و كأنه تائه قد خرج للتو من كهف عميق و هي تقول بثبات :
_ لو سمحت يا اسعد اقفل الباب وتعالى عايزه اتكلم معاك لو سمحت .
هز اسعد كتفيه بتسليم و اغلق الباب و عاد ناحيتها و هو يطالع احتقان وجهها و عينيها قائلا بإندهاش :
_ ايه مالك انتي متغيره بقالك فتره وانا مش فاهمك في ايه يا فرحه اتكلمي .. انتي قلتي لي هتكلم وبشكل مباشر ومش مباشر والغاز انا ما بقيتش فاهمك خالص .
ابتسمت فرحه بسخرية و عقدت ذراعيها امام صدرها و قالت :
_ خلاص انا هفهمك كل حاجه النهارده واتمنى انك تفهمني .
خلع اسعد سترته و رابطة عنقه و هو يقول بنبرة حانية :
_ انا بفهمك دايما وانتى عارفه و متاكده من ده احنا ملناش غير بعض .. انا مش فاهم ايه اللي مضايقك او ايه اللي مزعلك وايه اللي مخليكي منطاوية ومنزاويه وقاعده مع نفسك بالشكل ده ؟! فهميني يا حبيبتي في ايه.
انتفضت فرحه واقفة كمن لسعها عقرب و رفعت سبابتها بوجهه و قالت بنظرات مشتعلة و نبرة شرسة :
_ اول حاجه كده كلمه حبيبتي ما اسمعتهاش منك خلاص ما عدش ليها طعم ولا عاد ليها لازمه ولا عاد لها مكان بيننا خلاص .. زي حياتنا دي حياه مزيفه ملهاش اي طعم .
طالع اسعد طريقتها و غضبها باستخفاف و قال ببرود :
_ اللي انت بتقوليه ده يا فرحه انتي اتجننتي .. ايه اللي حصل للي انت بتقوليه ده .. هو في ايه بالضبط ؟!
سارت فرحه خطوتين حتى وقفت امامه و تعمقت بعينيه و هي تقول بقوة :
_ اللي بينك وبين دعاء يا اسعد ؟!
ابتلع اسعد ريقه و قبض كفيه بعدما سرت بهما رجفة غريبة من خوفه و قال بتلعثم :
_ دعاء !! دعاء مين و بيني وبينها ايه ؟! انت قصدك ايه بالضبط انا مش فاهم ؟!
ابتسمت مجددا بسخرية و قالت بهدوء مستفز :
_ انت فاهم وفاهم كويس قوي .. ايه اللي بينك وبين دعاء يا اسعد ومش هعيد السؤال تاني .. ولو انت راجل خليك مباشر معايا في كلامك وما تلفش وتدور .
مرر انامله بشعراته ليخفي ارتباكه و توتره و قال بصياح :
_ هي وصلت لانك بتخيريني بين راجل او مش راجل يا فرحه و الله عال .
صكت فرحه اسنانها و قالت من بينهما بغضب أعمي :
_ قلت لك ما تلفش وتدور خليك صريح وخليك راجل يا أسعد . ايه اللي بينك وبين دعاء ؟!
رفع اسعد عينيه مدعيا الملل و البرود و قال و هو لا يتطلع بها :
_ دعاء مين يا بنتي انتي مجنونه .. مين دعاء دي ؟!
جذبت فرحه وجهه ناحيتها و هي تقبض علي ذقنه متعمقة بعينيه و قالت :
_ دعاء مرات اسلام صاحبك وشريكك اللي امنك على بيته وعلى مراته اللي انت بتخونه معاها دلوقتي .. عرفت دعاء مين يا اسعد ولا تحب اعرفك بطريقتي .
دفع اسعد كفها عن وجهه و قال بهيستيرية مرتبكة :
_ انتي مجنونه .. انتي مش طبيعيه بجد والله مش طبيعيه .. ايه اللي انتي بتقوليه ده انت ازاي تتهميني اتهام خطير زي ده ؟!!
طالعته فرحه بإشمئزاز و قالت بنفور :
_ ليه مصمم تلف وتدور ؟ ليه مصمم تخليني اكرهك ؟! ليه مصمم تخليك تنزل من نظري خليك واضح وقول انا كذا وقول انا بخون صاحبي وقول بحبها و ميلت قبلها ليك .. قول انك كنت بتتغدى معاهاض النهارده في المطعم بتاعنا يا اسعد .
اتسعت عيني اسعد بصدمة و قبض علي ذراعها بعنف و قال بحدة :
_ ايه اللي انت بتقوليه ده انتي بتراقبيني يا فرحه ؟!!
نزعت قبضته عن ذراعها بتقزز من لمسته و قالت بحدة :
_ للاسف مش براقبك .. ربنا اللي عمل كده .. انا ملاحظة من فتره من يوم العزومه لما كانت هنا ونظراتكم انتم الاتنين و ابتسامتكم لبعض .. ما كنتش غبيه بس للاسف يا اسعد مش انا لوحدي اللي اخذت بالي .. ابنك اخذ باله كمان .
تهدلت ملامح اسعد و ابتلع ريقه و قال بنبرة ضائعة :
_ انتي بتقولي ايه سليم اخذ باله !! اخذ باله من ايه انطقي ؟!
لويت ثغرها و قالت بنظرات قاسية :
_ اخذ باله يومها من اللي انتم كنتم بتعملوه والضحك والغمز واللمز اخذ باله من كل حاجه و النهارده شافك بعينيه لما جاب العربيه الجديده قال لك انا هاخذ ماما وغدير وهعزمهم بره كان عازمنا في المطعم اللي انت بتاخذنا فيه يا اسعد .. وشافك بعينيه شافك وانت قاعد معاها واتاكد احساسه ناحيتك .. هتواجهه ازاي طب انا مش مهم هتواجه ابنك ازاي يا اسعد ؟!
صفع جبهته و قال بصراخ :
_ انتم مش فاهمين اي حاجه انتم حكمتم بالمنظر اللي انتم شوفتوه .. انا ما فيش بيني وبينها اي حاجه انتي سامعه .. احنا مجرد كنا بنتغدى كانت بتحكي لي على مشكله بينها وبين اسلام و بس .. ما فيش بيني وبينها حاجه انتم مجانين .
تعالت ضحكات فرحة الهيستيرية و قالت بعبث :
_ تقعد كل يوم في الاوضه بالساعات تكلمها على الواتساب وبينكم مكالمات على الواتساب وتخرجوا تتقابلوا كل ده بتشتكي لك على اسلام ؟!! تمام بتشتكي لك من اسلام طيب ولما قلت لها يا حبيبتي النهارده وانتم قاعدين تاكلوا و اطلبي واللي انتي عايزاه هاعمله ليكي الكلام ده معناه ايه ..؟ حبيبتي دي بقى معناها ايه هنا غير انك بتحب واحدة متجوزة يا محترم .
صرخ اسعد بوجهها قائلا :
_ انتي مش فاهمه حاجه .. بجد انتي مش فاهمه اي حاجه .
صفقت له فرحة و قالت بمجون :
_ فعلا انا مش فاهمه حاجه برافو عليك .. بص يا اسعد انا مش من النوع اللي ممكن اقول عيشي عشان اولادك و كلميه وقولي له ما ينفعش كده فانت تقول خلاص انا مش هعمل كده تاني وهرجع لبيتي ولعيالي وهرجع لحياتي مش هغلط الغلط ده تاني .. انا مش من النوع ده خالص .
قطب اسعد حاجبيه و سألها بتوجس :
- انتي قصدك ايه بالضبط يا فرحه ؟!!
تعمقت بعينيه و قالت :
_ انا قصدي ان انت راجل خاين .. خونت صاحبك .. صاحبك يعني انا ما امنش على نفسي معاك .. انتهت يا أسعد انا هارجع افتح بيت بابا وهعيش فيه وهيشتغل واصرف على نفسي واصرف على اولادي .. ولو الاولاد عاوزين يجوا معايا يجوا انما انت بالنسبه لي انتهيت وبقيت بحتقرك .. انت فاهم معنى الكلمه انا بقيت بحتقرك .
لم يشعر بيده التي ارتفعت و هوت علي وجهها بقوة في صفعة لم تكسرها بل زادتها قوة و هو يقول بشراسة :
_ انتي اتجننتي .. انتي ازاي تكلميني بالطريقه دي نسيتي نفسك ؟!
رفعت فرحه وجهها و قالت بعينين مشتعلتين :
- بتضربني كمان يعني حقير وبجح .. طلقني يا اسعد طلقني .. طلقني عشان اي كلمه هتخرج مني دلوقتي انا مش مسؤولة عنها و مش هتشوف وشي تاني انا بقيت بكرهك وبكره اليوم اللي شفتك فيه وبكره حبي اللي كان ليك وبكره نفسي اللي عاشت معاك العمر ده كله وهي مأمنالك وانت راجل خاين .. بتخون صاحبك يا حقير .
لم تمهله وقت للرد و فتحت باب غرفتها لتخرج لتجحظ عينيها و هي ترى غدير تقف امامها و تكبل فمها بكفيها بصدمها و قد امتلات عيناها بالدموع ..
تهدلت ملامح فرحه و قالت بوهن :
_ غدير انتي بتعملي ايه هنا ؟! انتي ازاي تقفي تتصنتي على الباب كده .
تمسكت غدير بكفها و قالت بعدما سقطت دموعها :
- اللي انتي قلتيه ده صح .. هو كده بجد ؟!! انتي شوفته النهارده عشان كده مشيتوني بسرعه .. ده بجد يا ماما .. اكذبي عليا وقولي ده كذب .. اكذبي عليا وقولي لي اني بحلم .. ما تقوليش اي خقيقة ما تقوليش .
احتضنت فرحه وجهها بين كفيها و هي تكفف دموعها و قالت بحزن :
_ انتي ايه اللي خلاكي تقفي تصنتي .. انا مش قلت لك خشي اوضتك ما تخرجيش منها .. ما كنتش عايزاه تحسي الاحساس اللي انتي حاساه دلوقت بس خلاص انتي قررتي انك تتطفلي وتسمعي و تجسسي علينا .. ايوه يا غدير اللي انتي سمعتيه صح وانا هرجع بيت بابا .. بيت جدتك و افتحه وهعيش فيه ولو حابه تيجي معي تعالى لو حابه تفضلي مع بابا انا مش هلومك انما انا مش عاوزة اقعد في البيت ده تاني خلاص .
اقترب منهما سليم و قال :
_ وانا مش هسيبك يا ماما انا جاي معاكي رجلي على رجلك ومش هسيبك لوحدك ابدا .
صفع اسعد وجهه و صرخ قائلا بحدة :
_ سليم خذ واختك و ادخلوا اوضكم حالا ما تخرجوش منها انت سامع ولا لا .
صك سليم اسننه و دلف لغرفة والديه قائلا بضيق و هو يطالع اسعد بحدة :
_ معلش يا بابا انا اسف .. انا ما اقدرش اكلمك ما اقدرش الومك .. ما اقدرش اعدل عليك وما اقدرش اقول لك ايه الصح وايه الغلط بس انا مش هسيب امي .. وامي مش هتعيش في البيت ده تاني حضرتك تقدر تعيش فيه براحتك تقدر تعمل فيه اللي انت عايزه وتقعد بالساعات تتكلم في اوضتك وتقفل عليك الباب .. احنا خلاص هنسيب لك البيت هنخليه فاضي عشان تعمل اللي انت عايزه .
اقترب منه اسعد و قال بصياح غاضب :
_ يعني ايه هو انا مش عارف امشي كلامي عليك وعلى اختك اتفضلوا ادخلوا اوضكم حالا .. انا لسه هاتكلم مع مامتك لسه الكلام بيننا ما انتهاش .
التفت اليه فرحه و قالت بنبرة قاطعة :
_ لا يا سعد خلاص مافيش في بيننا كلام .. تقدر بقا دلوقتي ؤتعيش حياتك بطولها وعرضها واعمل اللي انت عايزه انا بكررها قدام اولادك .. انا بكرهك مش عايزه اشوف وشك تاني سامع ولا لا .. و لو سمحت اخرج بره الاوضه حالا خليني ألم هدومي و أمشي من هنا .
اشاح اسعد بيده و قال بضيق :
_ انتي حره اعملي اللي انت عايزاه طالما ما فيش اي كلام بيننا .. ولا حابة انك تسمعيني اعملي اللي انت عايزاه يا فرحه انا تعبان ومش قادر اتناقش معاكي في اي حاجه وانت مش عطياني فرصه اتكلم ف براحتك .
تعالت ضحكات سليم الغاضبة وقال بسخرية :
_ وهو انت ناوي تقول حاجه يا بابا .. يعني في كلام حضرتك ناوي تقولوا ما انا مش فاهم .. كمان يعني انا ساكت وكل حاجه لكن انت اللي هتزعل مش غريبه شويه .
رفع اسعد سبابته بوجهه و قال محذرا بنبرة قاطعة :
_ ما تدخلش نفسك في شيء بيننا يا سليم خليك بره انا وماما اكبر بما فيه الكفايه عشان نقدر نحل مشاكلنا مع بعض .. انت واختك مالكمش دعوه وعلى فكره ما فيش خروج من البيت لا ليك ولا ليها تمام .
هز سليم راسه نافيا و قال بتحدى :
_ لا معلش انا خارج انا مش هسيبها .. ولا ما بقاش راجل لما اسيب امي تعيش لوحدها في شقه يبقى انا مش راجل والحمد لله انتم خلف راجل بفهم في الاصول كويس قوي .
لم يقوى اسعد علي مجابهة كلماته و نظراته فقال متطلعا بغدير :
_ غدير لو سمحتي اتفضلي جوه على الاوضه اتفضلي على اوضتك حالا ومش عايز كلام وما فيش خروج من هنا انتي فاهمه ولا لا .
ضربت غدير الارضية بقدمها و قالت بإعتراض قوى :
_ لا انا عايزه اروح مع ماما انت بتعمل ليه كده انا مش عايزه اقعد هنا مش عايزه اقعد لواحدى يعني عايزه اكون مع ماما وسليم .
صرخ اسعد بها بغضب قائلا :
_ ادخلي اوضتك يا غدير والا اقسم بالله ما هتاخذي مني مليم واحد يالا اتفضلي على اوضتك .
ربتت فرحه علي كتف غدير و قالت بحنو :
_ معلش يا غدير يا حبيبتي ادخلي اوضتك ومش هتسيبي البيت هتفضلي مع بابا هنا ما ينفعش يكون لوحده اتفقنا .. و انا واثقه فيكي وهاكلمك طول الوقت واطمنك عليا .
عادت غدير لبكائها و قالت برجاء :
_ ما تسبيش بيتك يا ماما .. يعني هبقي لوحدي .. انت قلت لي مش هتبعدي عني بيوم .. عشان خاطري ايه هو انتي مش بتحبني زي ما بتحبي سليم ؟!
تطلعت فرحه بسليم قبل ان تقول لها بتعقل :
_ لا يا حبيبتي بحبك و بحبك جدا بس احنا في وضع لازم تسمعي في الكلام ايا كان مش وقت مناقشه ومش وقت عنادك .. قلت لك خليكي وبابا قالك خليكي يبقى تفضلي هنا وانا هفضل اكلمك طول الوقت ما تخافيش .
وقف سليم بجوار فرحة و قال بنبرة قاطعة :
_ ماما لمي هدومك يلا حبيبتي .
.............................................................
.............
دلفت فرحة لغرفتها مباشرة و أغلقت ورائها الباب و استندت عليه بظهرها و صوت أسعد يلتهم خلايا مخها وهو يقول لغيرها بمنتهي اليسر تتي لا و يوعدها بأن كل شىء ستتمناه سيصبح امامها ..
ضغطت بكفها علي فمها وهي تحاول كبت صرخاتها التي انفجرت من عينيها بمعاني سائلة .. دافئة .. حارقة .. لاذعة لا شفقة بها و لا تحكم ..
سقطت بهدوء و ظهرها ينزلق علي الباب بوهن و انكسار و قد تعالت شهقاتها صارخة من بين اناملها التي باتت تشدد علي فمها كي لا يصرخ بنحيب علي ألمها ..
وصلت شهقاتها لسليم و غدير فصك سليم اسنانه بغضب و اغمض عينيه بقوة و هو يرغب بالصراخ اكثر منها ..
لاحظت غدير حالته فتمسكت بذراعه و قالت بخوف :
_ سليم هو في ايه فهمني ارجوك ؟!!
فتح سليم عينيه و كانت حمراء بشكل مخيف جعل هدير ترجع للخلف خطوتين و هو يقول لها بنبرة حادة :
_ دخلي اوضتك و اياكي تخرجي منها مهما حصل انتي فاهمة و لا لأ ؟!
أومأت غدير برأسها و قالت بإنصياع و خوف :
_ حاضر .
و هرولت ناحية غرفتها و اغلقت ورائها الباب و هي تشعر بضياع و الم غريبين لا تجد لهما سببا ..
وقف سليم مقابلا لباب غرفة أمه فلامسه بكفيه و استند عليه بجبهته و هو يحاول التنفس بصعوبة ..
انتبهت فرحة علي طرقات علي باب غرفتها فوقفت و كففت دموعها قائلة بنبرة متحشرجة :
_ مين .. لو سمحتم عاوزة اكون لواحدى ؟!
تنهد سليم بأسي علي حالتها و صوتها الباكي و قال بحزن :
_ ماما انا عاوز اتكلم معاكي لو سمحتي .
سيطرت فرحه علي انهيارها و قالت بنبرة حازمة :
_ معلش يا سليم انا مش جاهزه لاي كلام لو سمحت سيبني لوحدي .
فتح سليم الباب و دلف و اغلقه ورائه الباب و اقترب منها قائلا :
_ يا ماما احنا اصحاب قبل ما نكون ام وابنها .. انا عارف كل حاجه وحاسس من زمان وخفت اقول لك واسال لك يا ماما انت حاسه ولا لا انا دلوقتي بسالك انت كنتي حاسه واتاكدتي النهارده ولا اتصدمتي و اول مره تاخذي بالك من الكلام ده .
التفتت اليه فرحه و رفعت سبابتها بوجهه و قالت بنبرة تحذيرية قوية :
_ الكلام ده انت ما لكش دعوه بيه نهائي .. ايا كان اللي هيحصل انت ما لكش دعوه بيه ,.. لا انت ولا اختك خرجوا نفسك تماما من الموضوع ده ولا تشغل بالك ولا تفكر في اللي هيحصل .. ركز في مستقبلك وحياتكوا بس انت فاهم يا سليم .
ضيق سليم عينيه و قال بضيق و هو يركل الطاولة بساقه بعصبية :
_ يا ماما انت بتتكلمي في ايه هو انت بتكلمي عيل صغير في الحضانه انا راجل واقدر افتح بيت دلوقتي وأخلي بيتي ماشي زي الساعه واحترم مراتي وأصونها وعارف انا باقول ايه كويس .. يا ماما انتي لازم تعاملي معايا ان انا راجل كبير و ناضج .. الطريقه اللي انتي بتعامليني بيها دي بتخليني افقد الثقه في نفسي .
احتضنت فرحه رأسها بيدها مخففة من المها و قالت بوهن :
_ وتفتكر يا سليم ده الوقت المناسب اللي انت تكلمني فيه في موضوع زي ده .. ارجوك سيبني انا لا فيا طاقه اتكلم ولا اتناقش ولا افهمك ولا تسالني وانا اجاوب .. سيبني ارجوك .
ضم سليم رأسها لصدره الواسع و قال :
_ حاضر يا ماما انا موافق اسيبك .. بس خليكي فاكره ان انا جيت طلبت منك تتكلمي معايا .. انتي كده هتخليني احكم بمزاجي انا عالموضوع من غير ما نتناقش مع بعض زى عادتنا .
تمسكت فرحه بقميصه و قالت بخواء :
- هو ده اللي انا قلته و خايفة منه .. خرج نفسك من القصه خالص ولا تفكر ولا تعمل حساب لي اي حاجه وايا كان اللي هيحصل انت ما لكش فيه .. دى حياتنا احنا و احنا مش صغيرين .. من حقنا نتكلم ونتفاهم ونتناقش واخذ قرار وانتم لازم تحترموا القرار اللي انا اخذته ايا كان .
ملس سليم علي حجابها و قال بحنو :
_ خلاص يا ماما اللي حضرتك تشوفيه.. انا هحترم قرارك ايا كان وهحترم اللي انتي هتقوليه .. انا في اوضتي لو احتاجتيني يا حبيبتي .
و ابتعد عنها مبتسما بوجهها المحتقن و انحني و قبل مقدمة رأسها و تركها و خرج و اغلق ورائه باب غرفتها عليها لتسكن في صمت بعدما اغلقت انارة الغرفة كالظلام السائد حولها ..
لم تطاوع غدير عقلها و فتحت باب غرفتها و هرولت خلف سليم و تمسكت بذراعهو قالت برجاء :
_ سليم لو سمحت ممكن دقيقه واحده من فضلك .
نفض سليم يدها المتمسكة به و هدر بها بعصبية قائلا :
_ ارجوكي يا غدير مش وقتك خالص انا تعبان وهلكان وعاوز اقعد لواحدي .. لو سمحتي سبيني حتى لغاية العشا ما تكلمنيش و الاكل عندك عالسفرة اقعدى كلي بس سيبيني النهارده معلش .
اعترضت غدير تقدمه بجسده و قالت بثبات :
_ ارجوك يا سليم انا عايزه افهم في ايه .. ماما حالتها صعبه وانت زي ما انت شايف انت ليه بتعامليني كده انا عاوزه افهم بس .
زفر سليم بقوة هدأ من عصبيته و قال بتعقل :
- يا حبيبتي مش كل حاجه عاوزاها لازم نعملها لك في حاجات لو ما عرفتيهاش هيكون احسن ليكي .. انا دلوقتي اتمنى ما كنتش ابقى عارف حاجة .. عشان خاطري يا غدير احترمي رغبتنا احنا مش عاوزينك تعرفي حاجه عشان ده ما يقصرش على دراستك ممكن مع الوقت تعرفي بس في الوقت اللي احنا فيه .. ارجوكي اهتمي بدراستك وما تركزيش في اي حاجه .
عبست غدير بحاجبيها و تهدلت ملامحها و قالت :
_ انت عارف ان انا متطفلة على اي موضوع بيدور حواليا وانا مش فاهماه .. انا ما بحبش احس ان انا غبيه او ان انا مش واحده منكم عموما يا سليم براحتك بس صدقني هاعرف بطريقتي وساعتها يمكن ان طريقتك كانت تفهمني بشكل احسن .
تركته و عادت لغرفتها تحت انظاره .ز مسد اعلي انفه بتعب و دلف غرفته هو الاخر ..
بعد ساعة عاد أسعد لمنزله فدلف و وضع مفاتيحه علي الطاولة و هو يتطلع حوله بتعجب عن هذا الهدوء التام حتي التلفاز وجده مغلق .. فاعتقد انهم لم يعودوا من عزيمة سليم بعد ..
دلف اسعد لغرفته فوجدها مظلمة تماما .. ضغط زر الانارة فوجد فرحة جالسة امامه مرتدية ملابس خروجها و مازالت بحجابها و تطالعه بنظرات لا يجد لها اي تفسير . اقترب منه قالا بتعجب :
- في ايه يا فرحه انتي قاعده في الاوضه ضلمة كده ليه ؟!!
ثم تطلع خلفه و قال :
_ و ليه كل واحد في اوضه بالمنظر ده ؟! انا مش فاهم البيت ده ايه اللي جرى له .
خرج صوت فرحة و كأنه تائه قد خرج للتو من كهف عميق و هي تقول بثبات :
_ لو سمحت يا اسعد اقفل الباب وتعالى عايزه اتكلم معاك لو سمحت .
هز اسعد كتفيه بتسليم و اغلق الباب و عاد ناحيتها و هو يطالع احتقان وجهها و عينيها قائلا بإندهاش :
_ ايه مالك انتي متغيره بقالك فتره وانا مش فاهمك في ايه يا فرحه اتكلمي .. انتي قلتي لي هتكلم وبشكل مباشر ومش مباشر والغاز انا ما بقيتش فاهمك خالص .
ابتسمت فرحه بسخرية و عقدت ذراعيها امام صدرها و قالت :
_ خلاص انا هفهمك كل حاجه النهارده واتمنى انك تفهمني .
خلع اسعد سترته و رابطة عنقه و هو يقول بنبرة حانية :
_ انا بفهمك دايما وانتى عارفه و متاكده من ده احنا ملناش غير بعض .. انا مش فاهم ايه اللي مضايقك او ايه اللي مزعلك وايه اللي مخليكي منطاوية ومنزاويه وقاعده مع نفسك بالشكل ده ؟! فهميني يا حبيبتي في ايه.
انتفضت فرحه واقفة كمن لسعها عقرب و رفعت سبابتها بوجهه و قالت بنظرات مشتعلة و نبرة شرسة :
_ اول حاجه كده كلمه حبيبتي ما اسمعتهاش منك خلاص ما عدش ليها طعم ولا عاد ليها لازمه ولا عاد لها مكان بيننا خلاص .. زي حياتنا دي حياه مزيفه ملهاش اي طعم .
طالع اسعد طريقتها و غضبها باستخفاف و قال ببرود :
_ اللي انت بتقوليه ده يا فرحه انتي اتجننتي .. ايه اللي حصل للي انت بتقوليه ده .. هو في ايه بالضبط ؟!
سارت فرحه خطوتين حتى وقفت امامه و تعمقت بعينيه و هي تقول بقوة :
_ اللي بينك وبين دعاء يا اسعد ؟!
ابتلع اسعد ريقه و قبض كفيه بعدما سرت بهما رجفة غريبة من خوفه و قال بتلعثم :
_ دعاء !! دعاء مين و بيني وبينها ايه ؟! انت قصدك ايه بالضبط انا مش فاهم ؟!
ابتسمت مجددا بسخرية و قالت بهدوء مستفز :
_ انت فاهم وفاهم كويس قوي .. ايه اللي بينك وبين دعاء يا اسعد ومش هعيد السؤال تاني .. ولو انت راجل خليك مباشر معايا في كلامك وما تلفش وتدور .
مرر انامله بشعراته ليخفي ارتباكه و توتره و قال بصياح :
_ هي وصلت لانك بتخيريني بين راجل او مش راجل يا فرحه و الله عال .
صكت فرحه اسنانها و قالت من بينهما بغضب أعمي :
_ قلت لك ما تلفش وتدور خليك صريح وخليك راجل يا أسعد . ايه اللي بينك وبين دعاء ؟!
رفع اسعد عينيه مدعيا الملل و البرود و قال و هو لا يتطلع بها :
_ دعاء مين يا بنتي انتي مجنونه .. مين دعاء دي ؟!
جذبت فرحه وجهه ناحيتها و هي تقبض علي ذقنه متعمقة بعينيه و قالت :
_ دعاء مرات اسلام صاحبك وشريكك اللي امنك على بيته وعلى مراته اللي انت بتخونه معاها دلوقتي .. عرفت دعاء مين يا اسعد ولا تحب اعرفك بطريقتي .
دفع اسعد كفها عن وجهه و قال بهيستيرية مرتبكة :
_ انتي مجنونه .. انتي مش طبيعيه بجد والله مش طبيعيه .. ايه اللي انتي بتقوليه ده انت ازاي تتهميني اتهام خطير زي ده ؟!!
طالعته فرحه بإشمئزاز و قالت بنفور :
_ ليه مصمم تلف وتدور ؟ ليه مصمم تخليني اكرهك ؟! ليه مصمم تخليك تنزل من نظري خليك واضح وقول انا كذا وقول انا بخون صاحبي وقول بحبها و ميلت قبلها ليك .. قول انك كنت بتتغدى معاهاض النهارده في المطعم بتاعنا يا اسعد .
اتسعت عيني اسعد بصدمة و قبض علي ذراعها بعنف و قال بحدة :
_ ايه اللي انت بتقوليه ده انتي بتراقبيني يا فرحه ؟!!
نزعت قبضته عن ذراعها بتقزز من لمسته و قالت بحدة :
_ للاسف مش براقبك .. ربنا اللي عمل كده .. انا ملاحظة من فتره من يوم العزومه لما كانت هنا ونظراتكم انتم الاتنين و ابتسامتكم لبعض .. ما كنتش غبيه بس للاسف يا اسعد مش انا لوحدي اللي اخذت بالي .. ابنك اخذ باله كمان .
تهدلت ملامح اسعد و ابتلع ريقه و قال بنبرة ضائعة :
_ انتي بتقولي ايه سليم اخذ باله !! اخذ باله من ايه انطقي ؟!
لويت ثغرها و قالت بنظرات قاسية :
_ اخذ باله يومها من اللي انتم كنتم بتعملوه والضحك والغمز واللمز اخذ باله من كل حاجه و النهارده شافك بعينيه لما جاب العربيه الجديده قال لك انا هاخذ ماما وغدير وهعزمهم بره كان عازمنا في المطعم اللي انت بتاخذنا فيه يا اسعد .. وشافك بعينيه شافك وانت قاعد معاها واتاكد احساسه ناحيتك .. هتواجهه ازاي طب انا مش مهم هتواجه ابنك ازاي يا اسعد ؟!
صفع جبهته و قال بصراخ :
_ انتم مش فاهمين اي حاجه انتم حكمتم بالمنظر اللي انتم شوفتوه .. انا ما فيش بيني وبينها اي حاجه انتي سامعه .. احنا مجرد كنا بنتغدى كانت بتحكي لي على مشكله بينها وبين اسلام و بس .. ما فيش بيني وبينها حاجه انتم مجانين .
تعالت ضحكات فرحة الهيستيرية و قالت بعبث :
_ تقعد كل يوم في الاوضه بالساعات تكلمها على الواتساب وبينكم مكالمات على الواتساب وتخرجوا تتقابلوا كل ده بتشتكي لك على اسلام ؟!! تمام بتشتكي لك من اسلام طيب ولما قلت لها يا حبيبتي النهارده وانتم قاعدين تاكلوا و اطلبي واللي انتي عايزاه هاعمله ليكي الكلام ده معناه ايه ..؟ حبيبتي دي بقى معناها ايه هنا غير انك بتحب واحدة متجوزة يا محترم .
صرخ اسعد بوجهها قائلا :
_ انتي مش فاهمه حاجه .. بجد انتي مش فاهمه اي حاجه .
صفقت له فرحة و قالت بمجون :
_ فعلا انا مش فاهمه حاجه برافو عليك .. بص يا اسعد انا مش من النوع اللي ممكن اقول عيشي عشان اولادك و كلميه وقولي له ما ينفعش كده فانت تقول خلاص انا مش هعمل كده تاني وهرجع لبيتي ولعيالي وهرجع لحياتي مش هغلط الغلط ده تاني .. انا مش من النوع ده خالص .
قطب اسعد حاجبيه و سألها بتوجس :
- انتي قصدك ايه بالضبط يا فرحه ؟!!
تعمقت بعينيه و قالت :
_ انا قصدي ان انت راجل خاين .. خونت صاحبك .. صاحبك يعني انا ما امنش على نفسي معاك .. انتهت يا أسعد انا هارجع افتح بيت بابا وهعيش فيه وهيشتغل واصرف على نفسي واصرف على اولادي .. ولو الاولاد عاوزين يجوا معايا يجوا انما انت بالنسبه لي انتهيت وبقيت بحتقرك .. انت فاهم معنى الكلمه انا بقيت بحتقرك .
لم يشعر بيده التي ارتفعت و هوت علي وجهها بقوة في صفعة لم تكسرها بل زادتها قوة و هو يقول بشراسة :
_ انتي اتجننتي .. انتي ازاي تكلميني بالطريقه دي نسيتي نفسك ؟!
رفعت فرحه وجهها و قالت بعينين مشتعلتين :
- بتضربني كمان يعني حقير وبجح .. طلقني يا اسعد طلقني .. طلقني عشان اي كلمه هتخرج مني دلوقتي انا مش مسؤولة عنها و مش هتشوف وشي تاني انا بقيت بكرهك وبكره اليوم اللي شفتك فيه وبكره حبي اللي كان ليك وبكره نفسي اللي عاشت معاك العمر ده كله وهي مأمنالك وانت راجل خاين .. بتخون صاحبك يا حقير .
لم تمهله وقت للرد و فتحت باب غرفتها لتخرج لتجحظ عينيها و هي ترى غدير تقف امامها و تكبل فمها بكفيها بصدمها و قد امتلات عيناها بالدموع ..
تهدلت ملامح فرحه و قالت بوهن :
_ غدير انتي بتعملي ايه هنا ؟! انتي ازاي تقفي تتصنتي على الباب كده .
تمسكت غدير بكفها و قالت بعدما سقطت دموعها :
- اللي انتي قلتيه ده صح .. هو كده بجد ؟!! انتي شوفته النهارده عشان كده مشيتوني بسرعه .. ده بجد يا ماما .. اكذبي عليا وقولي ده كذب .. اكذبي عليا وقولي لي اني بحلم .. ما تقوليش اي خقيقة ما تقوليش .
احتضنت فرحه وجهها بين كفيها و هي تكفف دموعها و قالت بحزن :
_ انتي ايه اللي خلاكي تقفي تصنتي .. انا مش قلت لك خشي اوضتك ما تخرجيش منها .. ما كنتش عايزاه تحسي الاحساس اللي انتي حاساه دلوقت بس خلاص انتي قررتي انك تتطفلي وتسمعي و تجسسي علينا .. ايوه يا غدير اللي انتي سمعتيه صح وانا هرجع بيت بابا .. بيت جدتك و افتحه وهعيش فيه ولو حابه تيجي معي تعالى لو حابه تفضلي مع بابا انا مش هلومك انما انا مش عاوزة اقعد في البيت ده تاني خلاص .
اقترب منهما سليم و قال :
_ وانا مش هسيبك يا ماما انا جاي معاكي رجلي على رجلك ومش هسيبك لوحدك ابدا .
صفع اسعد وجهه و صرخ قائلا بحدة :
_ سليم خذ واختك و ادخلوا اوضكم حالا ما تخرجوش منها انت سامع ولا لا .
صك سليم اسننه و دلف لغرفة والديه قائلا بضيق و هو يطالع اسعد بحدة :
_ معلش يا بابا انا اسف .. انا ما اقدرش اكلمك ما اقدرش الومك .. ما اقدرش اعدل عليك وما اقدرش اقول لك ايه الصح وايه الغلط بس انا مش هسيب امي .. وامي مش هتعيش في البيت ده تاني حضرتك تقدر تعيش فيه براحتك تقدر تعمل فيه اللي انت عايزه وتقعد بالساعات تتكلم في اوضتك وتقفل عليك الباب .. احنا خلاص هنسيب لك البيت هنخليه فاضي عشان تعمل اللي انت عايزه .
اقترب منه اسعد و قال بصياح غاضب :
_ يعني ايه هو انا مش عارف امشي كلامي عليك وعلى اختك اتفضلوا ادخلوا اوضكم حالا .. انا لسه هاتكلم مع مامتك لسه الكلام بيننا ما انتهاش .
التفت اليه فرحه و قالت بنبرة قاطعة :
_ لا يا سعد خلاص مافيش في بيننا كلام .. تقدر بقا دلوقتي ؤتعيش حياتك بطولها وعرضها واعمل اللي انت عايزه انا بكررها قدام اولادك .. انا بكرهك مش عايزه اشوف وشك تاني سامع ولا لا .. و لو سمحت اخرج بره الاوضه حالا خليني ألم هدومي و أمشي من هنا .
اشاح اسعد بيده و قال بضيق :
_ انتي حره اعملي اللي انت عايزاه طالما ما فيش اي كلام بيننا .. ولا حابة انك تسمعيني اعملي اللي انت عايزاه يا فرحه انا تعبان ومش قادر اتناقش معاكي في اي حاجه وانت مش عطياني فرصه اتكلم ف براحتك .
تعالت ضحكات سليم الغاضبة وقال بسخرية :
_ وهو انت ناوي تقول حاجه يا بابا .. يعني في كلام حضرتك ناوي تقولوا ما انا مش فاهم .. كمان يعني انا ساكت وكل حاجه لكن انت اللي هتزعل مش غريبه شويه .
رفع اسعد سبابته بوجهه و قال محذرا بنبرة قاطعة :
_ ما تدخلش نفسك في شيء بيننا يا سليم خليك بره انا وماما اكبر بما فيه الكفايه عشان نقدر نحل مشاكلنا مع بعض .. انت واختك مالكمش دعوه وعلى فكره ما فيش خروج من البيت لا ليك ولا ليها تمام .
هز سليم راسه نافيا و قال بتحدى :
_ لا معلش انا خارج انا مش هسيبها .. ولا ما بقاش راجل لما اسيب امي تعيش لوحدها في شقه يبقى انا مش راجل والحمد لله انتم خلف راجل بفهم في الاصول كويس قوي .
لم يقوى اسعد علي مجابهة كلماته و نظراته فقال متطلعا بغدير :
_ غدير لو سمحتي اتفضلي جوه على الاوضه اتفضلي على اوضتك حالا ومش عايز كلام وما فيش خروج من هنا انتي فاهمه ولا لا .
ضربت غدير الارضية بقدمها و قالت بإعتراض قوى :
_ لا انا عايزه اروح مع ماما انت بتعمل ليه كده انا مش عايزه اقعد هنا مش عايزه اقعد لواحدى يعني عايزه اكون مع ماما وسليم .
صرخ اسعد بها بغضب قائلا :
_ ادخلي اوضتك يا غدير والا اقسم بالله ما هتاخذي مني مليم واحد يالا اتفضلي على اوضتك .
ربتت فرحه علي كتف غدير و قالت بحنو :
_ معلش يا غدير يا حبيبتي ادخلي اوضتك ومش هتسيبي البيت هتفضلي مع بابا هنا ما ينفعش يكون لوحده اتفقنا .. و انا واثقه فيكي وهاكلمك طول الوقت واطمنك عليا .
عادت غدير لبكائها و قالت برجاء :
_ ما تسبيش بيتك يا ماما .. يعني هبقي لوحدي .. انت قلت لي مش هتبعدي عني بيوم .. عشان خاطري ايه هو انتي مش بتحبني زي ما بتحبي سليم ؟!
تطلعت فرحه بسليم قبل ان تقول لها بتعقل :
_ لا يا حبيبتي بحبك و بحبك جدا بس احنا في وضع لازم تسمعي في الكلام ايا كان مش وقت مناقشه ومش وقت عنادك .. قلت لك خليكي وبابا قالك خليكي يبقى تفضلي هنا وانا هفضل اكلمك طول الوقت ما تخافيش .
وقف سليم بجوار فرحة و قال بنبرة قاطعة :
_ ماما لمي هدومك يلا حبيبتي .
.............................................................
.............