الفصل الثامن عشر

الفصل الثامن عشر ..
____________________

ضحك :
-  لا فمعظم نسائي يبقين نائمات في مثل هذا الوقت .
رددت بحنق :
ا اه .... طبعا فليس لديهن عمل .
مرر يده على خدها بحنو قائلًا :
-  ما رايك بعطلة اليوم لنقوم بشيء مجنون ..
كالذهاب الى الحديقة العامة وركوب زورق في بحيرتها .
رددت بذهول :
-   في الشتاء ؟
ابتسم بشقاوة :
-  قلت لك انه عمل مجنون !
اعترضت بقوة :
-  لا ..
ومستحيل ايضا ......
لايمكنك اخراج زورق في الشتاء فاصحبها لايعملون ثم سيد كارتر
الم تكتف بعد من التعطيل مؤخرا .
ردد بحنق :
-  يا بائعة الرقيق !
رمت اغطية الفراش عنها ووقفت :
-  شخص ما يجب ان يوقفك عند حدك ..
وبما اننا اضعنا الوقت بالكلام ، أريد استخدام الحمام اولا ام استخدمه انا قبلك .
خرجا سويًا من المنزل ،
ثم انطلقا قاصدين المكتب ..
كانت إيف قد جلست قربه وتولى هو القيادة .
قال لها بخبث :
-  لم اكن بوعي حين سمحت لك بقيادة السيارة بي من الفندق الى هنا .
فردت ساخرة :
-  وحين اوصلتك من بيت دانيل ؟
هز كتفيه عابسا :
-  لست سيئة في القيادة ..
اما السبب فعدم قدرتك على الطهي انتِ لا تفكرين في الطعام اثناء القيادة .
ضحكت قائلة :
-  من اجل هذا عليك انت ان تطبخ العشاء
الليلة !
ردد بحماس :
-  وهل انا مدعو ؟
اجابته بنفس حماسه :
-  اجل .
تنهد :
-  حسنا .
كان الجو في المكتب الذي يتشاركانه اخف وقعا ،
وقد علم كل من دخل عليهما بالود
القائم بينهما بدل ذاك التشاحن الذي كان يستولي على جو الغرفة .

عندما عادا الى البيت تاوه تيوان قائلا :
-  يا الهي ..... ما اجمل هذا اليوم !
قالت بسعادة :
-  لقد تمتعت به حقا .
ضحك قائلًا :
-  اعتقد ان نصف من طرق باب مكتبنا اليوم ،
جاء بدافع الفضول .
فضحكت بصوت خفيض قائلة :
-  هذا ما حدث بالفعل ، ولكني لا أمانع .
اقترب منها يردد :
-  لكنني امانع ،
لقد احببت ان اعانقك لكنني كلما هممت بالقيام بذلك دخل علينا احدهم .
حاولت تغيير الموضوع سريعًا :
-  كم الساعة الان؟
اجابها وهو يفهم أنها تحاول الهروب منه :
-  التاسعة تقريبا .
تحركت نحو المطبخ قائلة :
-  حسنا فلنباشر باعداد الطعام .
اوقفها بتعب وهو يقترب منها قائلًا :
-  لا اعتقد ان ايا منا يروق له الطهو الليلة
، ما رايك لو نشتري الطعام جاهزا ؟
رفعت كتفيها باستسلام قائلة :
-  حسنا .. كما تريد .
لامس الخطوط الزرقاء تحت عينيها فابتسمت وهي تردد :
-  حذار مما تفكر فيه .
تعالت دقات قلبه ، وتسارعت انفاسه وهو يقول بخفوت :
-  جمالك لا يقاوم لذا لا استطيع منع يدي عنك .
تجولت عينيها على وجهه الشغوف به ، لتقول له بتوتر بالغ :
-  علام اتفقنا .
أخذ نفسًا عميقًا وابعد يده عنها قائلًا :
-  حسنا .. حسنا ... لن اخالف ما اتفقنا عليه ،
كما أنني يجب ان ابتعد عنكِ فانا ما زلت
اصاب بالرشح ،
لكنني لم اكن اعرف ان فيك حاسة الممرضة .
تمهل قليلا ثم قال بصوت اجش ملؤه العاطفة .
-  إيف .....
اغمضت عينيها ، ثم فتحتهما بيأس قائلة :
-  ارجوك تيوان .... ....
عاد خطوة للخلف وهو يرفع كفيه باستسلام قائلًا :
-  حسنا .. حسنا علينا ان نتعشى فانا جائع !
هل اجلب الطعام من الخارج ام نقصد مطعما
؟
حركت رأسها نفيًا وهي تقول :
-  ليس من الضروري الذهاب الى المطعم ،
اتصل باي مطعم تريده ليجلبوا لنا منه طعامًا جيدًا .
كان غريبا عليها ان يكون تيوان في الشقة اثناء مرضه ،
لكنها وجدت الامر أكثر غرابة حين نظرت اليه فوجدته يحدق فيها مفكرًا .
.............

بعد مرور الايام .. و بعد مضي ثلاثة اسابيع تحديدًا ...
بدأت تتساءل متى سيضجر من اقامته معها .
ذات هذا الصباح نهضت من نومها ثم قصدت
المطبخ فوجدته قد اعد فطورها كما عادته في بعض الأحيان ..
فجلست الى المائدة تلتهم البيض والتوست اما هو فراح يراقبها بتدقيق وهو يقول لها :

-  قد اعتاد على هذا .
رفعت رأسها وهي ترجو الا يظهر حبها في عينها وهي تسأله :
-  تعتاد على ماذا ؟
تنهد بعمق ، ثم قال بصدق واحساس جعلها تهتز منه :
-  على الحياة البيتية ......
فما أروع ان يستيقظ المرء صباحا فيراك امامه ..
ثم انحنى ليستند بذراعيه اعلى المنضدة وهو يدقق النظر لعينيها قائلًا :
-  وماذا عنك ؟
هزت كتفيها وردت بلهجة خفيفة ، حاولت بها اضمار ما تشعر به تجاهه ، فكم تود أن تصرخ بكلمة ( أحبك ) أو ان تشرح له كم تريد أن تدفع من عمرها حتى يظل معها :
-  تعجبني صحبتك كثيرًا تيوان ..
غير انها لن تدوم طويلا ، لذلك أحاول ألا اعتاد وجودك .
وشاهدت وجهه يظلم غضبا وسالها :
-  ولماذا ؟
نظرت اليه متسائلة :
-  اعرف انك لا تمكث في مكان واحد الا فترة قصيرة ..
كم من الوقت تمكث عادة في مكان واحد ؟
توتر فمه بارتجاف :
-  اظن ستة اسابيع .
ضيقت عينيها وهي تعد على اصابعها :
-  وانت هنا منذ ثلاثة اسابيع ونصف .
سألها بتوتر :
-  وما شأن هذا .....
وقاطعه رنين الهاتف الداخلي ، فتمتم بغضب :
-  اللعنة يجب أن أجيب عليه .

وسمعته يتحدث عدة ثوان ثم عاد ، ليخبرها :
-  المكالمة لك .. انه دانيل ، وقبل أن تلتقط منه سماعة الهاتف ، همس لها :
-  لقد اخبرته أن هاتفك الخلوي قد فرغ شحنه ، لذلك هو مغلق ..
ترددت لحظة قبل ان تلتقط منه السماعة ..
لقد تحدثت معه مرارا الا انه لا يعرف شيئا عن اقامة تيوان معها ! وكذلك أختها ، فهي لم تخبرها أيضاً لانها كانت ستخبره بالطبع ..
ردت بتوتر واضح :
-  مرحبا دانيل .
سألها بقلق ظهر على صوته :
-  إيف ؟ هل كل شيء على ما يرام مع تيوان ؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وهي تنظر نحو تيوان قائلة :
-  أجل .... لقد قدم لي الفطور منذ قليل .
ساد الصمت في الجهة الاخرى ثم بدا صوت دانيل مرتبكا وهو يسألها :
-  إيف ؟ هل صحيح انه يقيم عندك .. في بيتك ؟!
لقد هذه الشائعة لكنني لم اصدق .
اجابته بثبات ، في محاولة منها لعدم الكذب والمرواغة عليه ، ففي النهاية لقد علم وانتهى الأمر :
-  صدق يا دانيل انه يقيم عندي منذ شهر تقريبًا .
بدت الصدمة على صوت دانيل وهو يقول لها :
-  إيف ؟
فتنهدت بقوة لتواجهه قائلة :
-  دانيل .. انت من قلت لي ان علي ان اخرج معه ، ويجب أن امنحنه فرصة كي أعود للحياة مرة أخرى ، وهذا كان رأي ويتسون أيضاً ،وبالفعل هذا ما فعلته ، فلما هذا الذهول الأن .
توترت لهجة دانيل وصوته وهو يقول لها :
-  كنني لم اقصد ان تعيشي في منزل واحد معه !
كان تيوان يراقبها بإعجاب شديد على شجاعتها ، رغم تعجبه من أنها تحاول ان تحتال على زوج اختها ، بقولها انها منحته فرصة أخرى ، ولكن الحقيقة انها لا تحاول حتى اعطائه فرصة واحده كي يقترب منها ..
سمعها تقول لها بصدق ، ولكن بحرج واضح على صوتها :
-  انا اعيش معه لكنني لا اشاطره فراشه .. يا دانيل .
لهجته اصبحت اعتذار عن فهما الخاطئ له ، فحدثها برقة :
-  اه إيف ..
انت اكبر من ان ارشدك لما تبغينه ، أو حتى تري أنها في مصلحتك ..
و لكنني ابدي قلقي من هذا الوضع فقط ، فآرجوا أن لا تأخذي كلامي على محمل خاطئ .
ردت بلطف ، فهي بالفعل تعتبره اخيها الأكبر :
-  اعلم وانا اسفة .
لان صوته كثيرًا وهو يقول لها :
-  لا تعتذري يا حبيبتي ،
فلا شان لي في امورك الشخصية ،
فقط افعلي ما يمليه عليكِ عقلك وقلبك معًا ..
في الواقع اتصلت لادعوك الى
العشاء ..
فلم نرك منذ اسابيع ، لقد حدثتني ويتسون أنها دعتك من قبل وتعللتي بإنشغالك ..
بينما الأولاد يشتقون إليكِ كثيرًا ..
وارى أنه من الافضل ان تصطحبي تيوان معك .
رددت بقلق ظهر على صوتها ، فقد اصبحت هكذا علاقتهما تأخذ منحى لم تكن تريده منذ اللحظة الأولى ، ولكن عليها الأن تدبر الأمر ..
-  سارتب الامر واتصل بك ابلغ ويتسون والاولاد حبي .
وقبل أن ينهي دانيل المحادثة ناداها :
-  إيف !
ردد بتوتر :
-  نعم ؟
تنهد قائلًا ، وقد بدات الحيرة على صوته :
-  اعتني بنفسك جيدًا ؟ ولا تنسي فتح هاتفك ..
رددت بلطف بالغ :
-  اجل دانيل .. ساعتني بنفسي وسوف اتصل بك
قريبا .
عندما اقفلت السماعة سارع تيوان يسالها :
-  ماذا يعني كلامه ...... اهو يظن أنني عديم المسؤولية لكي اقوم بإيقاعك في مازق واتركك .
رددت بتحذير :
-  تيوان .....
اقترب منها ، وقد بدا وجهه محتقن للغاية وهو يقول :
-  وكيف يمكن ان اؤذيك وانا افكر في اصطحابك الى انجلتر لاقدمك الى والدي ؟
رددت بذهول :
-  والديك ؟ كيف ذلك ؟!
ضحك بضيق واضح :
-  حبيبتي ...... لم أريد أبدًا قول هذا بهذه الطريقة ،
لكن يبدو ان لا خيار لدي ......
هناك بعض المشاكل علي العودة لاهتم بها ..
وفكرت في اصطحابك معي .
هزت رأسها نفيًا وهي تقول له :
-  لا لن اذهب معك فقد يظنني والديك عشيقتك .
عض على شفتيه السفلى قائلًا بابتسامة تهكم :
-  قد اكون في السابعة والثلاثين من عمري ..
و والدي سيطردني من المنزل ان قدمتك الى امي بصفة غير لائقة ..
ساصطحبك على انك زوجتي المقبلة ..
كنت احاول طلب يدك حين اتصل دانيل .
الزواج......!
لم تستطع أبدًا أن تتصور ان لهذه الكلمة صلة بتيوان كارتر ، الذي قيم اسبوعيًا مع عشيقة مختلفة ......
وغير هذا ، فهذه آخر كلمة كانت تستطيع التفكير بها منه !
بدا قلقا عندما تاخر ردها ، فأسرع بالقول وهو يرفع وجهها بأصابعه كي تواجهه :
-  إيف ؟ حبيبتي .. أنا حقًا لم اخطط للامر هكذا
..... . لكنني احبك واريد الزواج منك بالفعل ..
فلا احب سوء الظن بنا .. حبيتي .... أرجوكِ ......
أجيبينا بصدق ..... هل تتزوجينني ؟
إبتلعت إيف ريقها بصعوبة وهي تسمع
اللهجة البائسة الممزقة المؤلمة في صوته ..
تتمنى من كل قلبها وروحها لو ترمي نفسها بين ذراعيه ولا تتركهما ابدا ....

لكنها ارتدت عنه بذعر قائلة :
-  انا ... لن استطيع ... لن استطيع تيوان .. حقًا لن أستطيع الزواج لا بك ولا بغيرك !
خطى نحوها قائلًا بصوت أجش ، يحاول به التماسك أمام رفضها هذا ، الذي جرح كبريائه بقوة :
-  اعلم ان شيئا ما حدث في زواجك الماضي ،
وهذا الشئ يجعلك ترفضين التزاما اخر ..
لكنني لا أستطيع أن أعيش معكِ ، وفي نفس الوقت أراكِ من بعيد هكذا ..
عادت للخلف لتُصبح بينه وبين الجدار خلفها ، ليكمل هو بنفس الشغف الذي لم تعد تسطيع تحمله :
-  اريدك إيف .. أريدك بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..
كانت عينها تستجدينها وهي تتجول على وجهها بأكمله ، لاستقر نظراته على عمق عينيها قائلًا :
-  افهميني أرجوكِ ..
حقًا أنا أريدك بجنون ، ولكني لا اطلب منك ان تحبينني الآن ..
انا لا اريد الا ان اعتني بك واحبك فقط ..
بللت شفتيها بتوتر بالغ ،بينما قلبها يهدر داخل صدرها لتقول له :
-  لقد قالت لورين مرة انك لاتحب الفاشلين ..
وانا فاشلة تيوان لذا صدقني لن اكون زوجة مناسبة لك .
هز رأسه وهو يمرر إبهامه من اعلى وجنتها لأسفلها ، وبصوت شديد اليأس قال لها :
ا لم تقصدك بقولها ، اما انا فاظنك رائعة وأنا من أحكم أنكِ تناسبينني زوجة وحبيبة وعشيقة وكل ما اتمنى ..
ردت بصوت محطم :
-  افهمني يا تيوان .. أنا حقًا لا استطيع !
علت نبرة صوته وهو يبعد بيده عنها قائًا :
-  بالله عليكِ قولي لي لماذا لا تستطيعين أن تمضي معي قدمًا لحياة سأبذل بها قصارى جهدي لأقدر على تحقيق ما تحلمين به معي فيها ؟
ثم توتر نبرته وهو يقول لها بقلة حيلة :
-  إيف أنا حقًا لا استطيع الاستمرار على هذا النحو في علاقتي معك ..
لقد انتقلت الى بيتك وفي نيتي ان اطلب يدك في النهاية ،
وها انا مضطر للسفر في الاسبوع المقبل ولن اسافر بدونك .
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول له بخفوت :
-  أنت مضطر لهذا .
قال بثقة :
-  لا يف .. لا .. لستُ مضطرًا لذلك ...
ردت بشراسة :
-  بلى تيوان ! يجب أن تفعل ذلك ..
الا يمكن ان تفهم ... أنا لا أريد الزواج بك !
نظر اليها وكانه لم يرها من قبل :
-  ماذا تعنين بقولك هذا ؟ انك لا تحبينني ؟ أم ماذا ؟
تنهدت بيأس :
-  افهمها كما تشاء تيوان .
صرخ بها بعد أن فقد اعصابه من هذه المحاولات التي لم تجدي نفعًا معها :
-  لا باس بي رفيقا ، أو صديقا اما زوجا فلا .. ردي اللعنة عليك !
وامسك بها يهزها بعنف ..
فصاحت به :
-  اجل ! اجل ..
هذه هي الحقيقة بالضبط ، فأنا أقبلك صديق أما زوج فلا ..
دفعها عنه متاوها آهة عذاب و وجهه شاحب رمادي وهو يقول لها وقد اضطربت انفاسه بشدة من اثر انفعاله :
-  يا إلهي !
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي