الفصل الرابع

لم يكن قط أدهم حسين شكرى رجل مخابرات سهل بل كانت من الصعب فكرة هزيمته وجعل شخصا يتفوق عليه مهما بلغت مهاراته وقدرته دوما كان قويا واليوم ليس استثناء لا يمكن القول أن تميم ضعيف أيضا هو نوعا ما لديه قوة عالية وتدريب جيد ينقصه القليل ويصل إلى ما وصل إليه أدهم بل وأكثر من ذلك أيضا لكن عليه الصبر فقط بينما مجدى اكتفى بالمشاهدة ورغم تركيزه الشديد كان كلام أدهم يعود ليصفع عقله بقسوة

- هايل آداء كويس جدا شكلك شاطر وموهوب كمان فاضلك شوية صغيرين وتبقى ظابط ممتاز

نظر أدهم لمجدى متذاكرا والده وكل ما عانه سابقا وهو ليس مستعدا لرؤية المشهد يتكرر مرة أخرى مع شخص جديد ليعود بنظره لحيث يقف تميم الذى يمسح عرقه ويلتقط أنفاسه من المواجهة الشرسة بينه وبين أدهم

- لو كنت مكانك كنت هسمعك واشوف هو عايز يقول ايه بدل ما تفضل طول حياتك ندمان على اللحظة دى وكأن التاريخ بيعيد نفسه المشهد ده من خمس سنين كان هو هو الفرق إن مكنش عندى الجرأة اسأله هو اتخلى عنى ليه وفوقت بعد ما الوقت خلص هو مات وأنا فضلت عايش بعد ما أنفذ ابنى من الموت بلاش تعيد غلطتى واسمه الأول وبعدين احكم

تحرك نحو مجدى بعدما رأى تميم بدأ يلين تجاه كلام أدهم الذى دخل قلبه فقد ظهر الحزن بوضوع عليه ورغم كل ما سمعه عن أدهم حسين شكرى لكن رؤيته مكنسرا ضعيفا على هذا النحو جعلته يدرك صدقه ورغبته بالمساعدة

باغته مجدى سريعا

- بردوه مش عايز تطول الاجازة  ؟ أنا عارف إن الموضوع مش سهل عليك وقولتلك خد وقتك اللى تحتاجه عشان ترجع تانى بكل قوتك بس أنت اللى رفضت واصريت ترجع

تملك من أدهم البرود الثلجى مجيبا على مجدى رافضا الضعف أمام أحد مهما كان حتى لو كان رفيق والده المقرب

- أنا كويس جدا وأحسن حاجة تخرجنى من حزنى هو الشغل لو ممكن استلم مهمة جديدة اقوم بها

ربت مجدى على كتفه مجيبا برفق

- مفيش مشكلة هتستلم مهمة جديدة تقدر تنتظرنى فى مكتبى لحد ما اخلص من مشكلتى مع ابنى وهيجلك على طول

نظر أدهم من فوق كتفه لتميم ثم عاد لمجدى

- لا خليك معاه وأنا هساعد شهاب فى مهمته الجديدة مش مشكلة لما استنى شوية المهم إن الأمور تتصلح بينكم وابنك بيحبك وهيسمعك حتى لو مش عاجبه الكلام

ثم غادر تركا الأب وابنه وحدهما دون وجود أى أحد معهما ورغم تظاهر تميم بالجمود واللامبالاة لكنه كان واضحا جدا لمجدى ما يبذله ابنه من جهد مضنى حتى لا يعبث والده بعقله ويغير مفاهيمه وما ذاقته والدته لأجله من تعب وهوان

- أنا عارف إن الموضوع مش سهل بس لازم تعرف إن غصب عنى ومكنش عندى حل تانى والدتك رفضت تسمعنى ولا تعرف أسبابى وأعتقد إنك كبرت ولازم تفهم إنه كان غصب عنى لظروف وأسباب كتير مش هقدر اشرحها كلها

تعب والدتى ومرضها أجبرنى اسمع كلاهما عشان تفرح بولادى قبل ما تموت عشان هى مريضة قلب عارف إنى ظلمتها بس كان لازم اعمل أى حاجة تطلبها منى والدتى فى النهاية مراتى وماتت وبردوه من غير ما تخلف عشان كانت عقيمة بس....

غضب تميم من تبرير والده الذى يراه ضعيفا لا يرقى حتى ليتم تصديقه والصمت عليه هكذا

- الكلام سهل بس الفعل أصعب بجد أنت مصدق حرف واحد من كلامك ومقتنع به ولا صدقت بجد إنك مجبر أنت عملت اللى كان نفسك فيه عايز تخلف وتعيش حياتك وأمى مش مهم عندك أى حاجة تخصها المهم أنت تبقى سعيد ومبسوط وبس حتى السبب بتاعك ضعيف مفيش عيل صغير يقدر يصدقه ولا يقتنع به حتى

حاول مجدى الاقتراب منه والحديث معه لكنه كان رافضا تماما حتى إنه تراجع للخلف حين شاهد اقترابه منه وكأن يخبره بطريقة غير مباشرة أنه لن يسمح مطلقا لنفسه بالتعاطف والصمت

فلاش باك ⚡⬅⚡⬅⚡⬅⚡⬅⚡⬅⚡⬅

اتجه لمنزله بعد يوم عمل طال كثيرا كالعادة فقد صار يومه طويلا و نادرا ما يعود من عمله و والدته اعتادت ذلك و خاصة أنه رفض الزواج و ما إن دخل حتي انحني يقبل يد والدته علي الفور لتبتسم له بسعادة

- حمد لله علي السلامة يا حبيبي

تميم بمزح

- ايه يا ماما حد قالك إن كنت مسافر الامارات و لسه راجع   ؟؟؟!!!
و بعدين يا ست الكل أنا عازمك بره النهاردة علي الغداء و ربنا يستر و مانرجعش معانا عريس زى المرة اللي فاتت

هزت نجوى رأسها من ابنها فالبفعل حدث ذلك لكنها رفضت تماما فهي وهبت حياتها لابنها بعد رحيل زوجها

- راحت علينا خلاص الدور عليك أنت بقي تفرحني و تشوف حياتك بدل ما هي واقفة كده اللي يشوفك يقول بيحب و هي ولا هي هنا

تميم و قد جلس علي الأريكة يريح ظهره بينما يسخر من الحديث

- يعني اعمل ايه عشان تصدقي إن مش بحب حد و لسه بدري و علي العموم نتغدى بره و بعدين نتكلم في الموضوع ده

رن الهاتف حاملا معه أخبار صادمة جعلته يركض للخارج دون إجابة علي والدته التي تصيح باسمه ليخبرها بما جري لكنه انطلق كالسهم نحو سيارته و منها للمكان المحدد

وصل للسجن ليري حسين معلمه و من دربه يجلس بذاك المكان القذر و متهم بالخيانة و الكثير من الأشياء التي لم يفهمها هو ليهرع له يسأله راغبا بالمعرفة و فهم ما يدور حوله من أمور يعجز عن فهمها

- حسين باشا    ؟؟؟!!!!

نهض حسين من مكانه ليقف أمام تلميذ آخر و رجل من رجاله الذي يغزون المكان و الدولة بكل مكان و محفل يتعجب له القاصي و الداني

- شوف يا تميم الكلام اللي هقوله دلوقتي يفضل بينا و مفيش حد يعرف و لا حتي عزيز و تحافظ عليها برقبتك أنا بعتلك لثقتي فيك و أنت واحد من أفضل رجالتي

- من غير كلام يا باشا رقبتي بس فهميني خيانة ايه دي اللي بيتكلموا عنها    ؟؟؟!!!!!

تجاهل حسين و هو يقول بجدية تامة ليس و كأنه بسجن و محبس

- هتروح علي الحدود في سيناء و هناك هتقابل ظابط اسمه........ تجيبه بأي وسيلة و محدش يعرف حاجة نهائي عن الكلام ده و لو اضطريت استخدم القوة معها للأسف ده الخاين و الأسف أكثر أنه واحد من رجالتي و أكثر واحد بثق فيه

جحظت عيني تميم حين استمع لاسمه فهو يعرفه من لا يعرف عبقري التخطيط و الاقتحام بالمخابرات المصرية السابقات له أكثر من القادمات عقل فذ و ذكي بهر الجميع و رفيق يعتمد عليه لقد كان رفيقه ضربه مع أدهم و شهاب و الآخرين

- مش ممكن ازاي يعمل كده   ؟؟؟!!! معقول يخون و يحاول يوقعك في الفخ   ؟؟؟!!!!

تحرك حسين بعيدا عنه و هو يقول بنبرة غريبة

- والدك الله يرحمه وصاني عليك أنت و والدتك و معتقدش إني قصرت معاك في حاجة خلي بالك من نفسك و والدتك و أدهم هيبقي كويس كفاية إن ديان معها هتقدر تخليه يقف من تاني
لكن طارق معتقدش هيفرق معاه أموت و لا أعيش يمكن يكون أسعد بموتي

بطريقة تلقائية نظر تميم خلفه ليجد عزيز خلفه يتطلع لهما بعدم تصديق للحديث فهو يعلم حسين ليس ممن يستسلم بسهولة و هدوء غريب عنه و عما يعرفه

- بقي جايبه تودعه   ؟؟؟!!! مش عليا الكلام ده يا حسين أنا عارفك من سنين يا غول و مش أنت اللي تسكت كده و تقع بسهولة

نهاية الفلاش باك
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي