الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر ...
________________
ضمت حاجبيها قائلة :
- ولماذا لا تلجا اليها منذ الان ؟!
ان ثراءك الهائل يسمح لك بالاستغناء عن العمل المرهق هذا .
حرك رأسه :
- اجل ...
لا انكر رغبتي في ان اكون فيها ،
لكنني في الوقت الحاضر لن الجا اليها
فالمنزل كبير جدا على شخص يعيش وحيدا
.. ربما حين يصبح لي زوجة و اولاد ...
سألته بدهشة :
- وهل تنوي الزواج ؟
اجابها بجدية :
- يوما ما ....
فأكملت بإهتمام :
- وتنجب اولادا ؟
ابتسم قائلًا :
- هم ياتون عادة مع الزواج .
شعرت بشيء يدفعها لتخرج من غرفته الأن ،
فاستأذنته على عجل :
- صحيح .. حسنا ..
اذا اردت شيئا ناديني .......
سألها :
- وهل ستسمعين ؟
ضحكت :
- على الارجح لا .
ابتسم نحوها قائلًا :
- هذا ما ظننته ..
حسنا إيف ، اراك صباحا ..
على فكرة احب ان تقدم القهوة مع الفطور .
قالت له وهي تتحرك من امامه :
- لانها توقظك .
سألها برقة :
- وهل تذكرين ؟
اجابته :
- اذكر اشياء كثيرة عنك تيوان كارتر .....
ومعظمها سيئة .
تبعتها ضحكته الخشنة الى سريرها .
نامت بسهولة فقد كانت تشعر بتعب شديد ..
استيقظت على صوت ادوات خزفية تصطدم ببعضها بعضا ،
فتحت عينيها فاذا بتيوان امامها .. !
مرتديا كامل ثيابه حاملا صينية عليها شاي وبسكويت .
جلست في الفراش تدفع شعرها الداكن عن وجهها ..
تحس بانها هشة بدون ماكياجها
رفعت الغطاء حتى ذقنها وهي تنظر اليه متعجبة :
- تجاوزت الساعة العاشرة !
ابتسم لها قائلًا :
- لقد استيقظت في السابعة ورحت اتساءل من سيسهر على صحة من .
ارتشفت الشاي وقالت :
- انت على ما يبدو افضل حالا .
أومأ برأسه مرددًا :
- قليلا مع انني اشعر بالتعب كلما بذلت بعض الجهد ..
الا انك تبدين متعبة اكثر من ليلة امس .
قالت له باهمال :
- التعب يؤثر في وجهي .. وساكون بخير حالما استحم واتناول الفطور .
قال لها بقلق واضح :
- انا لست متاكدا ...
على صوتها بغيظ وهي تقول له :
- لم اطلب منك التاكد هيا اخرج من غرفتي ..
فلا أذكر انني سمحت لك بالدخول عندما يحلو لك !
رفع حاجبيه ساخرًا :
- ايعني هذا انك لا تريدين الشاي ؟
صرخت به :
- اخرج من هنا !
ما ادهشها حقًا انه اذعن لها دون جدال !
فخرج وعم الصمت وعاد الى غرفته ،
لكنها لا تريد ان يعتاد دخول غرفتها فهو سيغادر منزلها حالما يشفى !
كان قد عاد فعلا الى الفراش ..
حين نهضت وارتدت ملابسها ، ودخلت المطبخ فوجدته يعم بالفوضى .
بدأت في تنظيف مطبخها ، ثم احضرت لها الغداء مبكرًا ،
لتجده استيقظ بعد الظهيرة وهو يقول لها :
- عذرا لانني استخدمت هاتفك لاتصل بلورين
، اتمانعين ان اعدتها ثانية ؟
اجابته بلطف :
- لك الحرية المطلقة .
ولكنها سألته بحيرة :
- لماذا لا تستخدم هاتفك النقال ؟!
اجابها بضيق :
- كلما استخدمت رقم خاص ، عرفته جميع النساء ، ولا ادري من أين يأتون به ..
لذلك اغلقه دائمًا واستخدم الهواتف الأرضية ، وافتحه بين الحين والآخر لأرى المحادثات المهمه واغلقه مرة أخرى ..
سألها عما قالته للورين :
- هل شرحت لها ما حدث ؟
اجابته :
- اجل .. وقد اخبرت ايضًا مدير علاقاتك العامة بالأمر ..
ثم حذرته مما قد يفكر فيه او مما قد يشيعه .
ابتسم لها قائلًا:
- يبدوا انك وضعته في مكانه المناسب .. وماذا قلت للورين ؟
قالت لها بابتسامة خبيثة :
- نعم انما بشكل مناسب .. اخبرت لورين الحقيقة !
فضحك :
- انت ترضين غروري .
رفعت كتفها قائلة :
- لا اعتقد انك راغبا في ان يعرف الناس انك هنا لسبب غير السبب الحقيقي ؟
ردد وهو ينهي طعامه :
- لا اعتقد هذا .....
ثم اردف بامتنان :
- انها وجبة جيدة إيف .
وقفت لتنظف الطاولة وهي تقول له :
- شكرا لك .....
الا يجب ان تعود الى السرير الان ؟
ذم شفتيه بحزن قائلًا :
- لماذا يجب علي ذلك ؟
ضمت حاجبيها قائلة :
- الا تعود الى سريرك ؟
اريد تنظيف المكان حتى اعود الى سريري ايضا .
تحرك من مقعده قائلًا :
- اراك في الصباح اذن .
ترددت قليلًا قبل أن تخبره :
- تيوان اعتقد ان عليك الرحيل غدا .
اراد ان يجادل لكنه عاد فهز كتفيه :
- حسنًا.. سارحل غدا في وقت متاخر ،
هل مضى على رشحي ثمان واربعين ساعة ؟
قالت له :
- اعتقد هذا .
أومأ برأسه وهو يعود لفراشه :
- حسنا الى الغد اذن .
رددت بأسف داخلي :
- أجل
وارتدت عنه ، اكملت تنظيف الطاولة ،وعادت لغرفتها لتغط في نوم عميق بسبب مرضها الذي تحاول اخفائه عن الجميع ...
ازداد توترها طوال اليوم التالي ..
وظل يتفاقم كلما مرت ساعات النهار .. لكنه على ما يبدو لم يكن مستعجلا .
بل ظل تجول في غرفة الجلوس بعد العشاء .. وتوقف ليلتقط صورة لدايمن وهو يقول لها :
- انها صورة جيدة !
رددت بثقة :
- بل رائعة .
تقدمت منه لتتناول الصورة فقال باصرار رغم شحوب وجهها :
- لاحظت انك تضعين صورا كثيرة له في ارجاء
المنزل ؟!
رفعت كتفيها لتردد :
- ولم لا ؟ لقد كان زوجي .
رد متجهما :
- كان .... لكنه ميت الان .
تنفست باضطراب وهي تقول له :
- الم يحن وقت رحيلك بعد ؟ لقد تاخرت .
اطبق فمه بشدة ووضع يديه في سرواله ، وقال بغضب :
- تتوقين الى رحيلي ؟ حسنا إيف.... ساذهب في الحال !
ساجمع اغراضي واخرج بعد دقائق فهل يرضيك هذا ؟
بعد ان صفق باب غرفة النوم خلفه ..
سمعت تحركاته وهو يوضب حقيبته ،
فتدفقت الدموع على وجنتيها وراحت تنظر الى صورة دايمن
الذي كان شابا ، مليئا بالحياة وهو الان .. ميت
...... ميت ... ميت !
انتفضت حين احست بتيوان يوشك على الرحيل
واستبد بها الذعر من الوحدة القاتلة سيرحل تيوان ولن يعود .
سحب حقيبته خلفه وهو يقول لها بحزن :
- انا ذاهب الان اشكر لك عنايتك
....... إيف ؟
قطب جبينه حين استدارت اليه والدموع تبلل وجنتيها .
خرج صوتها اجشا مهتز :
- انا ..... تيوان .. لا تذهب .
ودفعت الدموع عن شفتيها تنظر اليه متوسلة :
- ارجوك ..... لا تذهب .
اقترب منها يجفف دموعها بدهشة وهو يقول لها :
- هاي ..... طبعا لن اذهب اذا كنت تريدين هذا .
وجذبها بين ذراعيه يعانقها بلطف فتعلقت به دون خجل ..
فهي تحتاج لدفئه وقوته .
ثم قالت مرتجفة :
- أنا اشعر بالخوف دائما ..
اشعر بالخوف من هذا المنزل ومن وحدتي فيه .
تمتم وفمه على شعرها الحريري :
- نخاف جميعا في بعض الاحيان حبيبتي .
رددت برعشة :
- حتى انت ؟
قال لها :
- حتى انا ........
اترغبين الان في مشاهدة التلفزيون ام تتركينني اغلبك في الشطرنج .؟
كان يمزحها .. ليردف لها بأسف :
- لماذا تريدين ان ابقى ؟
قالت له وهي تجفف دموعها :
- اخبرتك السبب لا أريد ان ابقى وحيدة اسكن معي في هذا البيت .
ردد وهو يضم حاجبيه :
- كصديق ؟
اجابته بثقة :
- ولماذا لا ؟
انت تعرف انني لن ارضى بتلك العلاقة التي تريدها ارجوك
لا تغادر .
سألها بحيرة :
- اواثقة من ان هذا ما تريدينه ؟!
نظر اليها حائرا يرى ذعرها وخوفها ، فاعتصر الالم قلبه ولم يعد يجد نفسه الا مذعنا لرغبتها .
نظر لعينيها التي غمغمت بالدموع ، ليمازحها قائلًا :
- حسنًا ساقبل ولكن بشرط ..
وقبل أن تتسأل أردف :
- ان تعطيني اجرا هو باكثر من عناق فهل ستكرهينني ان فعلت .
مجرد التفكير برحيله ملاها حزنا ،
لقد اعتادت على وجوده وطفقت تحتاج اليه اه ماذا اصابها بحق ؟
لم تستطيع ان تكره هذا الرجل منذ أن رأته رغم كل ما فعله معها .
لقد وقعت فيما اقسمت دائما على عدم الوقوع فيه !
لقد وقعت في حب تيوان كارتر .
لقد اكتشفت انها تحب هذا الرجل ،
صحيح انها لم توهم نفسها بانها قد تعني له اكثر مما عنت له عشرات النساء ، اللواتي عرفهن ثم تركهن الى غير رجعة ،
لكنها سعيدة بحبها هذا وان كان لن يحظى تيوان بالنهاية التي يريدها فهي غير قادرة
على ان تعطيه ما يريد ،
بل هي عاجزة عنه حتى الآن ..
بعد فترة زمنية غير بعيدة ستتركه يرحل دون ان تعلمه بحبها له ،
أو حتى بسعادتها بوجوده معها ،
فقد اصبحقاتلا تلك الوحدة المريرة مانعا عنها ذاك الالم .
استسلمت اخيرا للنوم حتى الصباح ..
وحين فتحت عينيها فراته امامها مبتسما يحييها بصوت عميق :
- صباح الخير .
اجابته بابتسامة :
- صباح الخبر تيوان ..... ما اجمل ان يستيقظ
المرء فيراك امامه .
رد بتردد :
- صحيح .
رفعت حاجبيها :
- اتشك في هذا .
تنهد قائلًا :
- اشك في اشياء كثيرة منذ استيقظت هذا الصباح ،
رحت افكر في امري ، فلا ادري لماذا وافقت على البقاء ، سوف اتعذب كلما رايتك امامي ؟
ولولا رجاؤك لما بقيت ، لماذا تخافين الوحدة إيف ؟ ماذا لديك ؟
شحب وجهها في هذه اللحظة وذعرت فقد يعرف الحقيقة لذا حاولت ان توجه اهتمامه الى شيء اخر :
- تريد البقاء ؟
رد بهدوء :
- ليتني ابقى الابد .
ابتسمت :
- ظننتك لن تطلب هذا ابدا !
احنى راسه ليقبل شعرها :
- إيف لماذا ؟
اجبته :
- الا تعلم ....... هذه عادة النساء .؟
ما الذي بدل رايك انت ؟
فبعد ان تناولنا العشاء مع دانيل و ويتسون في الاسبوع الماضي ظننتك تخليت عن ملاحقتي .
قال لها بحزن ظهر في صوته :
- لقد تخليت عن ملاحقتك ،
لانك اوضحت انك ستفعلين كل شيء لردعي ..
يومذاك أدركت أنكِ تكرهيني حقا ، وعلمت انني لن اصل اليك ولو طاردتك الى الابد ..
قد اضرب راسي في الجدار فترة طويلة لكنني في النهاية اعرف ان الامر لا يستحق كل هذا ما دمتِ لن تتقبلني مطلقًا .
تجعدت ملامحها بأسف وهي تقول له :
- اعتذر لما ابديته من اعتراض على صفحة المشاكل ،
كنت اتصرف كطفلة لكنك اثرت اسوأ طباعي ،
فقد عارضتك حتى عندما لم يكن لدي ما اعترض عليه .. اعجبني ما ابديته من اقترحات للمجلة ومنها ما اقترحته لورين التي قبلت العرض .
ردد بسعادة :
- عظيم ... انها ستنجح في هذا المنصب ، لا شك في ذلك .
رددت بابتسامة :
- وهذا رأيي ايضا .
نظر نحوها قائلًا :
- يمكنك تغيير رايك ....
هزت رأسها نفيًا :
- لا .. لا أريد .
انها حقًا لا تريد ان تكون قربه بعد ستة اشهر او سنة ..
بل تريد ان تكون بعيدة عنه تمامًا ، فخي لا ترغب أن يكون بقربها حين يصبح ضعفها ووهنها ظلاما كاملا .
اخرجها من شرودها قائلًا :
- متاكدة ؟
ردت بثقة :
- كل التاكيد ،
ثم سألته بمزاح :
- هل انت معتاد على الاحاديث الطويلة في الصباح ؟
ضحك :
_لا فمعظم نسائي يبقين نائمات في مثل هذا الوقت .
رددت بحنق :
ا اه .... طبعا فليس لديهن عمل .
مرر يده على خدها بحنو قائلًا :
- ما رايك بعطلة اليوم لنقوم بشيء مجنون ..
كالذهاب الى الحديقة العامة وركوب زورق في بحيرتها .
رددت بذهول :
- في الشتاء ؟
ابتسم بشقاوة :
- قلت لك انه عمل مجنون !
اعترضت بقوة :
- لا ..
ومستحيل ايضا ......
لايمكنك اخراج زورق في الشتاء فاصحبها لايعملون ثم سيد كارتر
الم تكتف بعد من التعطيل مؤخرا .
ردد بحنق :
- يا بائعة الرقيق !
رمت اغطية الفراش عنها ووقفت :
- شخص ما يجب ان يوقفك عند حدك ..
وبما اننا اضعنا الوقت بالكلام ، أريد استخدام الحمام اولا ام استخدمه انا قبلك .
خرجا سويًا من المنزل ،
ثم انطلقا قاصدين المكتب ..
كانت إيف قد جلست قربه وتولى هو القيادة .
قال لها بخبث :
- لم اكن بوعي حين سمحت لك بقيادة السيارة بي من الفندق الى هنا .
فردت ساخرة :
- وحين اوصلتك من بيت دانيل ؟
هز كتفيه عابسا :
- لست سيئة في القيادة ..
اما السبب فعدم قدرتك على الطهي انتِ لا تفكرين في الطعام اثناء القيادة .
ضحكت قائلة :
- من اجل هذا عليك انت ان تطبخ العشاء
الليلة !
ردد بحماس :
- وهل انا مدعو ؟
اجابته بنفس حماسه :
- اجل .
تنهد :
- حسنا .
كان الجو في المكتب الذي يتشاركانه اخف وقعا ،
وقد علم كل من دخل عليهما بالود
القائم بينهما بدل ذاك التشاحن الذي كان يستولي على جو الغرفة .
عندما عادا الى البيت تاوه تيوان قائلا :
- يا الهي ..... ما اجمل هذا اليوم !
قالت بسعادة :
- لقد تمتعت به حقا .
_____________________
________________
ضمت حاجبيها قائلة :
- ولماذا لا تلجا اليها منذ الان ؟!
ان ثراءك الهائل يسمح لك بالاستغناء عن العمل المرهق هذا .
حرك رأسه :
- اجل ...
لا انكر رغبتي في ان اكون فيها ،
لكنني في الوقت الحاضر لن الجا اليها
فالمنزل كبير جدا على شخص يعيش وحيدا
.. ربما حين يصبح لي زوجة و اولاد ...
سألته بدهشة :
- وهل تنوي الزواج ؟
اجابها بجدية :
- يوما ما ....
فأكملت بإهتمام :
- وتنجب اولادا ؟
ابتسم قائلًا :
- هم ياتون عادة مع الزواج .
شعرت بشيء يدفعها لتخرج من غرفته الأن ،
فاستأذنته على عجل :
- صحيح .. حسنا ..
اذا اردت شيئا ناديني .......
سألها :
- وهل ستسمعين ؟
ضحكت :
- على الارجح لا .
ابتسم نحوها قائلًا :
- هذا ما ظننته ..
حسنا إيف ، اراك صباحا ..
على فكرة احب ان تقدم القهوة مع الفطور .
قالت له وهي تتحرك من امامه :
- لانها توقظك .
سألها برقة :
- وهل تذكرين ؟
اجابته :
- اذكر اشياء كثيرة عنك تيوان كارتر .....
ومعظمها سيئة .
تبعتها ضحكته الخشنة الى سريرها .
نامت بسهولة فقد كانت تشعر بتعب شديد ..
استيقظت على صوت ادوات خزفية تصطدم ببعضها بعضا ،
فتحت عينيها فاذا بتيوان امامها .. !
مرتديا كامل ثيابه حاملا صينية عليها شاي وبسكويت .
جلست في الفراش تدفع شعرها الداكن عن وجهها ..
تحس بانها هشة بدون ماكياجها
رفعت الغطاء حتى ذقنها وهي تنظر اليه متعجبة :
- تجاوزت الساعة العاشرة !
ابتسم لها قائلًا :
- لقد استيقظت في السابعة ورحت اتساءل من سيسهر على صحة من .
ارتشفت الشاي وقالت :
- انت على ما يبدو افضل حالا .
أومأ برأسه مرددًا :
- قليلا مع انني اشعر بالتعب كلما بذلت بعض الجهد ..
الا انك تبدين متعبة اكثر من ليلة امس .
قالت له باهمال :
- التعب يؤثر في وجهي .. وساكون بخير حالما استحم واتناول الفطور .
قال لها بقلق واضح :
- انا لست متاكدا ...
على صوتها بغيظ وهي تقول له :
- لم اطلب منك التاكد هيا اخرج من غرفتي ..
فلا أذكر انني سمحت لك بالدخول عندما يحلو لك !
رفع حاجبيه ساخرًا :
- ايعني هذا انك لا تريدين الشاي ؟
صرخت به :
- اخرج من هنا !
ما ادهشها حقًا انه اذعن لها دون جدال !
فخرج وعم الصمت وعاد الى غرفته ،
لكنها لا تريد ان يعتاد دخول غرفتها فهو سيغادر منزلها حالما يشفى !
كان قد عاد فعلا الى الفراش ..
حين نهضت وارتدت ملابسها ، ودخلت المطبخ فوجدته يعم بالفوضى .
بدأت في تنظيف مطبخها ، ثم احضرت لها الغداء مبكرًا ،
لتجده استيقظ بعد الظهيرة وهو يقول لها :
- عذرا لانني استخدمت هاتفك لاتصل بلورين
، اتمانعين ان اعدتها ثانية ؟
اجابته بلطف :
- لك الحرية المطلقة .
ولكنها سألته بحيرة :
- لماذا لا تستخدم هاتفك النقال ؟!
اجابها بضيق :
- كلما استخدمت رقم خاص ، عرفته جميع النساء ، ولا ادري من أين يأتون به ..
لذلك اغلقه دائمًا واستخدم الهواتف الأرضية ، وافتحه بين الحين والآخر لأرى المحادثات المهمه واغلقه مرة أخرى ..
سألها عما قالته للورين :
- هل شرحت لها ما حدث ؟
اجابته :
- اجل .. وقد اخبرت ايضًا مدير علاقاتك العامة بالأمر ..
ثم حذرته مما قد يفكر فيه او مما قد يشيعه .
ابتسم لها قائلًا:
- يبدوا انك وضعته في مكانه المناسب .. وماذا قلت للورين ؟
قالت لها بابتسامة خبيثة :
- نعم انما بشكل مناسب .. اخبرت لورين الحقيقة !
فضحك :
- انت ترضين غروري .
رفعت كتفها قائلة :
- لا اعتقد انك راغبا في ان يعرف الناس انك هنا لسبب غير السبب الحقيقي ؟
ردد وهو ينهي طعامه :
- لا اعتقد هذا .....
ثم اردف بامتنان :
- انها وجبة جيدة إيف .
وقفت لتنظف الطاولة وهي تقول له :
- شكرا لك .....
الا يجب ان تعود الى السرير الان ؟
ذم شفتيه بحزن قائلًا :
- لماذا يجب علي ذلك ؟
ضمت حاجبيها قائلة :
- الا تعود الى سريرك ؟
اريد تنظيف المكان حتى اعود الى سريري ايضا .
تحرك من مقعده قائلًا :
- اراك في الصباح اذن .
ترددت قليلًا قبل أن تخبره :
- تيوان اعتقد ان عليك الرحيل غدا .
اراد ان يجادل لكنه عاد فهز كتفيه :
- حسنًا.. سارحل غدا في وقت متاخر ،
هل مضى على رشحي ثمان واربعين ساعة ؟
قالت له :
- اعتقد هذا .
أومأ برأسه وهو يعود لفراشه :
- حسنا الى الغد اذن .
رددت بأسف داخلي :
- أجل
وارتدت عنه ، اكملت تنظيف الطاولة ،وعادت لغرفتها لتغط في نوم عميق بسبب مرضها الذي تحاول اخفائه عن الجميع ...
ازداد توترها طوال اليوم التالي ..
وظل يتفاقم كلما مرت ساعات النهار .. لكنه على ما يبدو لم يكن مستعجلا .
بل ظل تجول في غرفة الجلوس بعد العشاء .. وتوقف ليلتقط صورة لدايمن وهو يقول لها :
- انها صورة جيدة !
رددت بثقة :
- بل رائعة .
تقدمت منه لتتناول الصورة فقال باصرار رغم شحوب وجهها :
- لاحظت انك تضعين صورا كثيرة له في ارجاء
المنزل ؟!
رفعت كتفيها لتردد :
- ولم لا ؟ لقد كان زوجي .
رد متجهما :
- كان .... لكنه ميت الان .
تنفست باضطراب وهي تقول له :
- الم يحن وقت رحيلك بعد ؟ لقد تاخرت .
اطبق فمه بشدة ووضع يديه في سرواله ، وقال بغضب :
- تتوقين الى رحيلي ؟ حسنا إيف.... ساذهب في الحال !
ساجمع اغراضي واخرج بعد دقائق فهل يرضيك هذا ؟
بعد ان صفق باب غرفة النوم خلفه ..
سمعت تحركاته وهو يوضب حقيبته ،
فتدفقت الدموع على وجنتيها وراحت تنظر الى صورة دايمن
الذي كان شابا ، مليئا بالحياة وهو الان .. ميت
...... ميت ... ميت !
انتفضت حين احست بتيوان يوشك على الرحيل
واستبد بها الذعر من الوحدة القاتلة سيرحل تيوان ولن يعود .
سحب حقيبته خلفه وهو يقول لها بحزن :
- انا ذاهب الان اشكر لك عنايتك
....... إيف ؟
قطب جبينه حين استدارت اليه والدموع تبلل وجنتيها .
خرج صوتها اجشا مهتز :
- انا ..... تيوان .. لا تذهب .
ودفعت الدموع عن شفتيها تنظر اليه متوسلة :
- ارجوك ..... لا تذهب .
اقترب منها يجفف دموعها بدهشة وهو يقول لها :
- هاي ..... طبعا لن اذهب اذا كنت تريدين هذا .
وجذبها بين ذراعيه يعانقها بلطف فتعلقت به دون خجل ..
فهي تحتاج لدفئه وقوته .
ثم قالت مرتجفة :
- أنا اشعر بالخوف دائما ..
اشعر بالخوف من هذا المنزل ومن وحدتي فيه .
تمتم وفمه على شعرها الحريري :
- نخاف جميعا في بعض الاحيان حبيبتي .
رددت برعشة :
- حتى انت ؟
قال لها :
- حتى انا ........
اترغبين الان في مشاهدة التلفزيون ام تتركينني اغلبك في الشطرنج .؟
كان يمزحها .. ليردف لها بأسف :
- لماذا تريدين ان ابقى ؟
قالت له وهي تجفف دموعها :
- اخبرتك السبب لا أريد ان ابقى وحيدة اسكن معي في هذا البيت .
ردد وهو يضم حاجبيه :
- كصديق ؟
اجابته بثقة :
- ولماذا لا ؟
انت تعرف انني لن ارضى بتلك العلاقة التي تريدها ارجوك
لا تغادر .
سألها بحيرة :
- اواثقة من ان هذا ما تريدينه ؟!
نظر اليها حائرا يرى ذعرها وخوفها ، فاعتصر الالم قلبه ولم يعد يجد نفسه الا مذعنا لرغبتها .
نظر لعينيها التي غمغمت بالدموع ، ليمازحها قائلًا :
- حسنًا ساقبل ولكن بشرط ..
وقبل أن تتسأل أردف :
- ان تعطيني اجرا هو باكثر من عناق فهل ستكرهينني ان فعلت .
مجرد التفكير برحيله ملاها حزنا ،
لقد اعتادت على وجوده وطفقت تحتاج اليه اه ماذا اصابها بحق ؟
لم تستطيع ان تكره هذا الرجل منذ أن رأته رغم كل ما فعله معها .
لقد وقعت فيما اقسمت دائما على عدم الوقوع فيه !
لقد وقعت في حب تيوان كارتر .
لقد اكتشفت انها تحب هذا الرجل ،
صحيح انها لم توهم نفسها بانها قد تعني له اكثر مما عنت له عشرات النساء ، اللواتي عرفهن ثم تركهن الى غير رجعة ،
لكنها سعيدة بحبها هذا وان كان لن يحظى تيوان بالنهاية التي يريدها فهي غير قادرة
على ان تعطيه ما يريد ،
بل هي عاجزة عنه حتى الآن ..
بعد فترة زمنية غير بعيدة ستتركه يرحل دون ان تعلمه بحبها له ،
أو حتى بسعادتها بوجوده معها ،
فقد اصبحقاتلا تلك الوحدة المريرة مانعا عنها ذاك الالم .
استسلمت اخيرا للنوم حتى الصباح ..
وحين فتحت عينيها فراته امامها مبتسما يحييها بصوت عميق :
- صباح الخير .
اجابته بابتسامة :
- صباح الخبر تيوان ..... ما اجمل ان يستيقظ
المرء فيراك امامه .
رد بتردد :
- صحيح .
رفعت حاجبيها :
- اتشك في هذا .
تنهد قائلًا :
- اشك في اشياء كثيرة منذ استيقظت هذا الصباح ،
رحت افكر في امري ، فلا ادري لماذا وافقت على البقاء ، سوف اتعذب كلما رايتك امامي ؟
ولولا رجاؤك لما بقيت ، لماذا تخافين الوحدة إيف ؟ ماذا لديك ؟
شحب وجهها في هذه اللحظة وذعرت فقد يعرف الحقيقة لذا حاولت ان توجه اهتمامه الى شيء اخر :
- تريد البقاء ؟
رد بهدوء :
- ليتني ابقى الابد .
ابتسمت :
- ظننتك لن تطلب هذا ابدا !
احنى راسه ليقبل شعرها :
- إيف لماذا ؟
اجبته :
- الا تعلم ....... هذه عادة النساء .؟
ما الذي بدل رايك انت ؟
فبعد ان تناولنا العشاء مع دانيل و ويتسون في الاسبوع الماضي ظننتك تخليت عن ملاحقتي .
قال لها بحزن ظهر في صوته :
- لقد تخليت عن ملاحقتك ،
لانك اوضحت انك ستفعلين كل شيء لردعي ..
يومذاك أدركت أنكِ تكرهيني حقا ، وعلمت انني لن اصل اليك ولو طاردتك الى الابد ..
قد اضرب راسي في الجدار فترة طويلة لكنني في النهاية اعرف ان الامر لا يستحق كل هذا ما دمتِ لن تتقبلني مطلقًا .
تجعدت ملامحها بأسف وهي تقول له :
- اعتذر لما ابديته من اعتراض على صفحة المشاكل ،
كنت اتصرف كطفلة لكنك اثرت اسوأ طباعي ،
فقد عارضتك حتى عندما لم يكن لدي ما اعترض عليه .. اعجبني ما ابديته من اقترحات للمجلة ومنها ما اقترحته لورين التي قبلت العرض .
ردد بسعادة :
- عظيم ... انها ستنجح في هذا المنصب ، لا شك في ذلك .
رددت بابتسامة :
- وهذا رأيي ايضا .
نظر نحوها قائلًا :
- يمكنك تغيير رايك ....
هزت رأسها نفيًا :
- لا .. لا أريد .
انها حقًا لا تريد ان تكون قربه بعد ستة اشهر او سنة ..
بل تريد ان تكون بعيدة عنه تمامًا ، فخي لا ترغب أن يكون بقربها حين يصبح ضعفها ووهنها ظلاما كاملا .
اخرجها من شرودها قائلًا :
- متاكدة ؟
ردت بثقة :
- كل التاكيد ،
ثم سألته بمزاح :
- هل انت معتاد على الاحاديث الطويلة في الصباح ؟
ضحك :
_لا فمعظم نسائي يبقين نائمات في مثل هذا الوقت .
رددت بحنق :
ا اه .... طبعا فليس لديهن عمل .
مرر يده على خدها بحنو قائلًا :
- ما رايك بعطلة اليوم لنقوم بشيء مجنون ..
كالذهاب الى الحديقة العامة وركوب زورق في بحيرتها .
رددت بذهول :
- في الشتاء ؟
ابتسم بشقاوة :
- قلت لك انه عمل مجنون !
اعترضت بقوة :
- لا ..
ومستحيل ايضا ......
لايمكنك اخراج زورق في الشتاء فاصحبها لايعملون ثم سيد كارتر
الم تكتف بعد من التعطيل مؤخرا .
ردد بحنق :
- يا بائعة الرقيق !
رمت اغطية الفراش عنها ووقفت :
- شخص ما يجب ان يوقفك عند حدك ..
وبما اننا اضعنا الوقت بالكلام ، أريد استخدام الحمام اولا ام استخدمه انا قبلك .
خرجا سويًا من المنزل ،
ثم انطلقا قاصدين المكتب ..
كانت إيف قد جلست قربه وتولى هو القيادة .
قال لها بخبث :
- لم اكن بوعي حين سمحت لك بقيادة السيارة بي من الفندق الى هنا .
فردت ساخرة :
- وحين اوصلتك من بيت دانيل ؟
هز كتفيه عابسا :
- لست سيئة في القيادة ..
اما السبب فعدم قدرتك على الطهي انتِ لا تفكرين في الطعام اثناء القيادة .
ضحكت قائلة :
- من اجل هذا عليك انت ان تطبخ العشاء
الليلة !
ردد بحماس :
- وهل انا مدعو ؟
اجابته بنفس حماسه :
- اجل .
تنهد :
- حسنا .
كان الجو في المكتب الذي يتشاركانه اخف وقعا ،
وقد علم كل من دخل عليهما بالود
القائم بينهما بدل ذاك التشاحن الذي كان يستولي على جو الغرفة .
عندما عادا الى البيت تاوه تيوان قائلا :
- يا الهي ..... ما اجمل هذا اليوم !
قالت بسعادة :
- لقد تمتعت به حقا .
_____________________