الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر ..
_________________

وافق على الفور بسعادة :
-  اقتراح جيد لكن عليك ان تساعديني في
ارتداء ثيابي .
قالت له بسرور :
-  ستكون لك مساعدتي في الايام القادمة .
وقال لها وهي تساعده على ارتداء ملابسه :
-  اعتقد ان لديك غرفة نوم اضافية ؟
فابتسمت :
-  طبعا لدي غرفة اضافية ...... او تحسبني اريد التقاط جراثيمك ......؟
تنهد :
-  لا ....... لقد اوضحت بقوة انك لا تردين
مني شيئًا على الاطلاق .
انطلقا الاثنان لمنزلها على الفور ..
لم يكن في شقتها معالم شخصية لكنها شقة
يستطيع فيها طلب الراحة وستجعله إيف يجد هذه الراحة .
فستنام في الغرفة المجاورة ليلا ..
وستشعرهي بالراحة لهذا الاحساس ..
وليته يشعر بالاحساس ذاته .
قالت له بعد ان حضرت له غداء مكونا من حساء وخبز محمص :
-  ساعود الى المكتب بضع ساعات ..
-  فيجب علي في كل الاحوال ان اعمل لاكسب الاجر الذي تدفعه لي .
هز راسه مفكرا :
-  لولا قرارك في ترك العمل ،
لرفعت اجرك او لمنحتك مكافاة ..
لم يحدث ان اعتنى بس احد قط .
قالت له بتأثر :
-  ربما لم تمنح احدا الفرصة ،
فانت لست برجل يسهل ان يكون المرء لطيفا معه يا تيوان .
حذرها وهي يضيق عينيه :
-  الآن لا تفسدي الامور !
رفعت كفيها باستسلام قائلة :
-  لم افسدها ......
اتريد أن تعرف ما هي مكافاتي ؟
ان تعود الى صحتك والى فندقك .
تنهد بقوة :
-  اعتقد انني استحق هذه الراحة ،
ساكون على ما يرام الان اذا اردت الذهاب .
ثم اتبع :
-  اي بكلمات اخرى عودي الى العمل ،
فليتني قادر على طلب شيء اخر منك ،
لكن لسوء الحظ لا استطيع .



ادركت للمرة الاولى منذ ان قررت جلبه الى بيتها ..
انه متى تحسنت صحته سيصبح مشكلة كبيرة .
سألته وهي تُمسك بحقيبتها :
-  هل احضر لك شيئا قبل ان اخرج ؟
هز رأسه على الوسادة من خلفه :
-  ابدا .....
شكرا لكي ..
لكنني لم انتظر طويلا فسرعان ما استضفتني في شقتك وجعلتني مقيما فيها .
اغضبها مزاحه فقالت :
-  ان شئت عدت .. فغيرت رايي رادة اياك الى الفندق .
ابتسم وهو يقول لها :
-  تستطعين نعم ، لكنك لن تفعلي .
واغمض عينيه ،
ثم فتح عينا واحدة حين شعر بانها ما زالت في الغرفة ،
ليقول لها :
-  ارجعت في رايك عن الذهاب ؟
اجابته سريعًا :
-  لا ...... لكنني اتساءل ما اذا بدأت تسلك الطرق الى العافية .

فادعى المسكنة قائلًا وهو يسعل :
-  وهل يبدو علي هذا ؟
لم ترد عليه .. فهو فعلا ضعيف .
همت للخروج قائلة :
-  ساعد لك العشاء حالما اعود ،
حاول ان تنام اثناء وجودي خارجا .
ردد بإرهاق :
-  انا احاول الان .
تمتمت وهي تخرج :
-  ايها الناكر للجميل .
سعت الى لورين حالما وصلت الى المكتب ،
فوجدتها تستريح في المقهى .
جلست قبالتها وقالت لها :
-  اردت ان تعرفي انني نقلت تيوان الى منزلي ،
فلا تقلقي ان لم تجديه في الفندق .
قالت لورين بدهشة :
-  تيوان ......معك ؟
في منزلك ؟
قالت لها بحرج :
-  لم استطع تركه في الفندق ،
لقد لي الامر فظيعا .. لقد ذهبت هذا الصباح فوجدت حالته مُزرية ،
لذلك قررت نقله الى شقتي كي استطيع الاعتناء به ، إلى أن يسترد عافيته .
تهللت اساريرها :
-  اذن كنت هناك ؟
لقد راوغت سوزان في الاجابة حين سالتها عن مكان وجودك .
قالت لها إيف بتحذير :
-  لانها لم تكن تعلم ..
اسمعي لا أريد ان يذاع هذا الخبر فالرشح لا يدوم كثيرا ..
فما هو الا يومان حتى يعود الى الفندق لذلك احسبني بغنى عن الشائعات .
ابتسمت لورين :
-  اعتمدي علي ..
قد اكون ممن يبالغون في الكلام كلما فتحت فمي ،
الا انني اعرف متى علي ان اطبقه ..
لكن اعلمي ان فضول مساعديه سيثار حين يعرفوا المكان الذي قصده رئيسهم ..
واعلمي ان معظمهم لا يقوى على الاحتفاظ بسر ولو اودى بحياتهم .

تنهدت إيف وقد وعت الورطة المحرجة التي زجت نفسها فيها .
فقالت باسى :
-  وماذا كان يفترض ان افعل ؟
هل اتركه يعاني من مرضه وحيدا ؟
قالت لها لورين :
-  هاي لم انطق بكلمة !
قالت إيف بقلق :
-  الجميع سينطقون .. اليس هناك من طريقة لابقاء الامر سرا ؟
هزت لورين كتفيها وهي تفكر :
-  لا اعلم ....
تمتمت إيف :
-  اعتقد ان تيوان سيطلب تحويل المكالمات الى شقتي ....
كان يجب ان اتركه يعاني وحده .
هزت لورين راسها :
-  ليس من عادتك ان تكوني خالية من المشاعر
،
فحين سمعت للمرة الاولى عن معاناة تيوان كارتر من صد امراة متكبرة باردة اسمها إيف
ماسيو ظننتك من اولئك المتكبرات اللواتي يعتقدون انه دونهن .
سألتها إيف باهتمام :
-  و.....؟
قالت لها لورين بصدق :
-  انتي لستِ بمتكبرة ..
بل انت سيدة تالمت في الماضي ولا تريد ان تعيد التجربة مرة اخرى
، فتيوان ليس برجل نظيف السجل .
كانت ضحكة إيف خالية من المرح وهي تقول لها :
-  ولماذا تحسبينني تالمت ؟
اجابتها لورين بنفس الإبتسامة :
-  لانني خبيرة بالعلاقات المتدهورة ، واعرف الدلائل جيدا ..
هزت إيف راسها :
-  لكنك مخطئة هذه المرة لورين ،
فزواجي كان كاملا ..
حدقت لورين اليها ممعنة النظر ، ثم وقفت قائلة :
-  علي ان اعود الى عملي ،
قد يكون تيوان مريضا ،
لكنه يتوقع مني عملا شاقًا .. ابلغيه حبي .
ورفعت راسها ثم مرت بالن الذي كان يتقدم نحو طاولتهما ،
فجلس قبالة إيف مبتسما كعادته وهو يقول لها :
-  احظيت لورين بصديق جديد لها ؟

قطبت إيف جبينها فهي لم تحب هذا الرجل قط ...
فرددت بضيق :
-  اسفة ؟
فقال لها :
-  سمعتها تطلب منك ان تبلغي احدهم حبها
، فافترضت انه صديق جديد .
نفت الأمر وهي تُغلق حقيبتها :
-  لا .... ابدا .
ثم وقفت بدورها قائلة بجراة :
-  كانت تطلب مني ابلاغ تيوان حبها ..
فهو يقيم حاليا في شقتي ، فهل من رسالة تحب ان اوصلها اليه ؟
اجفله تصرفها الجريء ، لكنه استعاد وعيه سريعًا وهو يقول لها :
-  ليس هناك ما افكر فيه الآن ،
لكن قولي له انه شيطان محظوظ .
هزت راسها ببرود :
-  سأردد امامه هذه الكلمات حرفيا .
بدا مذعورا من قولها ،
فهو يعرف ان تيوان لن يرضى بقول كهذا وان كان مزاحا .
فنفى الأمر سريعًا :
-  لا ! كنت امزح يا إيف !
ضيقت عينيه وانحنت امامه وهي تقول له :
-  افهم هذا سيد راست ..
فلنامل ان ينظر تيوان الى مزاحك بالمنظار نفسه هه ؟
فصاح آلن :
-  لا تقولي له شئيا فما كنت اقصد الا المزاح .
رفعت حاجبها وهي تعتدل في وقفتها قائلة :
-  انا متاكدة من انك اضمرت شيئا من قولك هذا ،
لكنني على ثقة بانك ستصحح ما قد يشيعه بعض
الناس عن ان تيوام يسكن معي لا بداعي المرض انما لداع اخر ؟
اقتنع بسرعة رغم شكه بالأمر ..
لكنها علمت يقينا انه سيصفع اي انسان يجرؤ على قول العكس واحست بان لديها الان حليفا .
انسحبت من امامه مبتسمة ، وهي تخطو نحو سيارتها ..
عادت للمنزل فوجدت تيوان نائمًا حين دخلت عليه في فراشه ،
امضت ساعة كاملة ، حضرت بها العشاء ، ولكن تيوان ظل نائمًا ،
فتركته كما هو في فراشه ، واغلقت الباب خلفها ،
ثم تناولت عشاءها بدونه لانها
تعلم ان النوم خير له من العشاء الأن ..
كانت الشقة فارغة باردة كالعادة لكنها احست بها الليلة مختلفة لوجود تيوان في الغرفة المقابلة لها .
اقفلت التلفاز أخيرًا ..
وجلست في مقعدها تشعربالنعاس فقد اخذ منها التعب مرة اخرى مأخذه .
إ إيف ؟
هبت من نومها بسرعة ..
والتفتت فاذا بتيوان واقفًا أمام باب غرفة النوم يتارجح قليلا ..
فوقفت تدفع عنها احساسها بالوهن وهي تقول له :
-   ما كان عليك الخروج من الفراش !
استند الى الباب شاحبا تعتلي وجهه نظرة كئيبة
وهو يقول لها :
-  ناديتك فلم تسمعي ، كنت شاحبة جدا الان
إيف ظننتك نائمة .. اتنامين دائما بعمق هكذا ؟
اجابته وهي تسند ذراعه على كتفها :
-  اجل والان عد الى الفراش .
اوقفها وهو يقول :
-  اريد الذهاب الى الحمام .

ساعدته ليجتاز الغرفة الاخرى ،
ثم انتظرته جالسة على كرسي بسبب تعبها الشديد ..
حمدت الله لان الغد هو نهاية الاسبوع فتستطيع الراحة .
اعدت له عشاء خفيفا ...
ثم جلست تراقبه وهو يأكل وتاكدت من انه شرب عصير البرتقال الذي قدمته له مع العشاء ….
ثم قالت له بإرهاق :
-  ساذهب الى النوم الان !
ردد برجاء كي تمكث معه :
-  النوم ؟ لكن الوقت مبكر .
اخبرته وعي تقاوم غلق عينيها :
-  وانا متعبة .
سألها باهتمام :
-  اليس هناك حفلة اليوم ؟
ردت بحدة :
_د- لا ..... لن اذهب وعندي ضيف .
نظر اليها ساخرا وهو يقول :
-  لكن الضيوف عادة يتلقون التسلية .
انه لا يستعيد عافيته بسرعة ..
فقد اصبحت تعليقاته الساخرة ووقاحته في الكلام تتفاقم هذا المساء .
فلمعت عيناها بحب الانتقام :
-  اتريد ان تتسلى ؟
ردد بحماس :
-  اجل .
حركت رأسها بطاعة وهي تقول :
-  حسنًا ...
ثم خرجت من الغرفة لحظة و عادت بعد لحظات وهي تقول له :
-  هاك تسليتك .
ووضعت امامه شاشة كبيرة على طاولته ثم استدارت بغضب .
فقال لها :
-  وماذا تعنين بادخاله الى هنا ؟
اجابته ببرود :
-  كنت تريد تسلية ، التسلية فهاك هي ..
الم تفكر في فيلم أو برنامج مُسلي تيوان ؟
ضيق عينيه وهو ينظر إليها قائلًا :
-  لو اعرف انني قادر على الامساك بك ،
لخرجت من الفراش لاضربك ...
كيف تجرؤين على حمل هذا الشيء الثقيل الى هنا ؟ كنت ستؤذين نفسك !
فهمت الان غضبه ما كان الا بسبب حملها الثقيل .
فرددت ببساطة :
-  لكنه شاشة خفيفة !
أكمل بنفس الغضب :
-  وماذا يعني هذا .. ؟
هل يخف وزنه ان نقلته ؟
رددت بعتب :
-  تيوان !
رفع سبابته محذرًا :
-  لا تعيدي هذا العمل ثانية وان كان لتنالي مني ..
جعل تانيبه وجهها يتضرج :
-  اتريده ام لا ؟
فأنا أريد الذهاب الى الفراش .
نفى الأمر بحنق :
-  لا.....
فالتلفزيون هو اخر ما افكر فيه كالتسلية .
ضيقت عينيها مرددة :
-  اعتقد انني اعرف قائمة التسلية عندك .
حرك رأسه بإهمال قائلًا :
-  بل لا تعرفين شيئا ..
أنا لن أنكر ان النساء جزء مهم من حياتي ، لكنهن لسن الجزء الامتع ..
انهن يطلبن الكثير .. ويعطين القليل في المقابل .
سألته وهي تركض خلفه تسنده ، حين قام من مكانه ليتوجه نحو فراشه :
-  اذن اين تجد متعتك ؟
جلس على الفراش وأستند برأسه الى الوسائد وهو يجيب :
-  لدي مزرعة في الجبال ،
قرب مزرعة اهلي بالضبط سوف ألجأ اليها حينما اتقاعد لأعيش بها .
ضمت حاجبيها قائلة :
-  ولماذا لا تلجا اليها منذ الان ؟!
ان ثراءك الهائل يسمح لك بالاستغناء عن العمل المرهق هذا .
حرك رأسه :
-  اجل ...
لا انكر رغبتي في ان اكون فيها ،
لكنني في الوقت الحاضر لن الجا اليها
فالمنزل كبير جدا على شخص يعيش وحيدا
.. ربما حين يصبح لي زوجة و اولاد ...
سألته بدهشة :

-  وهل تنوي الزواج ؟
اجابها بجدية :
-  يوما ما ....
فأكملت بإهتمام :
-  وتنجب اولادا ؟
ابتسم قائلًا :
-  هم ياتون عادة مع الزواج .
شعرت بشيء يدفعها لتخرج من غرفته الأن ،
فاستأذنته على عجل :
-  صحيح .. حسنا ..
اذا اردت شيئا ناديني .......
سألها :
-  وهل ستسمعين ؟
ضحكت :
-  على الارجح لا .
ابتسم نحوها قائلًا :
-  هذا ما ظننته ..
حسنا إيف ، اراك صباحا ..
على فكرة احب ان تقدم القهوة مع الفطور .
قالت له وهي تتحرك من امامه :
- لانها توقظك .
سألها برقة :
- وهل تذكرين ؟
اجابته :
-  اذكر اشياء كثيرة عنك تيوان كارتر .....
ومعظمها سيئة .
تبعتها ضحكته الخشنة الى سريرها .
نامت بسهولة فقد كانت تشعر بتعب شديد ..
استيقظت على صوت ادوات خزفية تصطدم ببعضها بعضا ،
فتحت عينيها فاذا بتيوان امامها .. !
مرتديا كامل ثيابه حاملا صينية عليها شاي وبسكويت .
جلست في الفراش تدفع شعرها الداكن عن وجهها ..
تحس بانها هشة بدون ماكياجها
رفعت الغطاء حتى ذقنها وهي تنظر اليه متعجبة :
-  تجاوزت الساعة العاشرة !

____________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي