السادس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رواية عبق الماضي
بقلمي روز آمين

الفصل السادس عشر



و أكملت ثُريا حديثها بنبرات مٌلامة و أتهام موجه إلي الجميع ٠٠٠  كلكم وقفتم ضد رغبة حسن و لمتوة و رفضتم حتي تسمعوا وجهة نظرة في البنت اللي إختارها تكون مراته و شريكة حياته بس ل مجرد إن عيلتها مش علي مقاس عيلتكم العظيمة
 
كلكم بصيتم للوجهه الإجتماعيه و الماديات و العيلة و الحسب و النسب العالي ،،

و آسترسلت حديثها ب تساؤل حاد ٠٠٠ حد فيكم فكر في قلب حسن و شعورة و ألمة ؟

و أكملت ب حدة و نبرة غاضبة  ٠٠٠ باصين علي الناس من بلكونتكم العاليه ليه ؟
ده بدل ما تحمدوا ربنا و تشكروة علي إنه رزقكم ب العيلة و العز و الجاه و المال ،،  تقوموا تتكبروا علي خلقه و تنبذوهم بالشكل ده ؟

كان الجميع ينظر إليها بإستغراب من حالتها العصبية و التي و لأول مرة يرونها عليها بهذا الشكل 

تحدثت والدتها ب هدوء و نبرة مستسلمة من بين دموعها المنهمرة علي فراق صغيرها و ألم قلبها الغير مُحتمل كلما تذكرت نظرة الحُزن و التشتت التي رأتهما داخل عيناه و هو يتحرك مُغادراً المنزل ٠٠٠ إسكتي يا ثُريا،، عيب تتكلمي كده قدام أبوكي و عمك

نظرت إليها ثُريا ب عيون غاضبة ثم هتفت متساءلة ٠٠٠ ممكن يا ماما تقولي لي أية هو العيب من منظوركم ،، هل العيب إني أتكلم و أقول إللي في قلبي و أعبر عن غضبي و رفضي ل واقع مرير و ظٌلم أتعرض ليه أخويا و أنا مش راضية عنه   ؟

و أكملت بنبرة متمردة جديدة علي شخصيتها التي دائما ما كانت تتسم ب المُسالمة و الهدوء   ٠٠٠ لو كان ده العيب عندكم ،،  ف العيب من وجهة نظري هو إني أشوف ظٌلم بَين واقع علي أخويا و أقف اتفرج علية زي ما أنتم عملتم كده بكل هدوء ،،

و أكملت ب صياحٍ عالي متغاضية نظرات الجميع المذبهلة ٠٠٠يعني لما أخويا يتخير ما بين إنه ينسي البنت اللي عاوزها و أختارها و يسيب شغله اللي قعد كتير أوي يبني فيه و يأسسة ،، و ما بين إنه يدفن نفسه مع واحده بنت عيلة من وجهة نظركم الغريبة ل مجرد بس إن بابا عاوز كده

و أكملت بنبرة مُستائة و يأس ٠٠٠ و لو إعترض و أتمسك بحقة المشروع في الحياة ،، ساعتها يتحرم من ورثه اللي ربنا سبحانهُ و تعالي شرعهٌ له و يتمنع من زيارة أهلة و صلة رحمه باقي حياته ،، يا تري هو ده الصح من وجهة نظركم  ؟!

ثم توجهت ب تساؤل جديد إلي الجميع ٠٠٠  مين اللي إداكم السلطة و الحق إنكم تقيموا الناس علي حسب لونهم و عرقهم و مستواهم المادي ؟!

ثم حولت بصرِها إلي أبيها الصامت الذي ينظر أسفل قدمية مُنكس الرأس ب شرود تام ٠٠٠ ثم أيه اللي يضمن ل حضرتك يا بابا إن أخويا هيرتاح في عيشته مع بنت الأكابر الجميلة اللي حضرتك هتختارها له دي؟

و أكملت بنبرة تشكيكية مُعترضة ٠٠٠ مش يمكن تكون جميلة الشكل من برة بس روحها ما تطاقش و لا حتي تتعاشر ، و بكدة المسكين يبقا أتحكم عليه إنه يقضي معاها عمرة كله في عذاب و نكد و حرمان ؟


نظرت إليها منال ب إستنكار و هي ترفع قامتها ب كبرياء و تعالي و تحدثت بنبرة مُقللة من تفكير ثريا و رأيها ٠٠٠ للأسف يا ثريا ،، صحيح إنت بنت عيلة المغربي و أترببتي علي إديهم و جوة حضنهم ،، بس مع ذلك ما أخدتيش من عقلهم و تفكيرهم الواعي و لو حتي جزء بسيط جداً  ،،

و أكملت ب إتهام صريح ٠٠٠ مع الأسف تفكيرك كله سطحي و كلامك كله شعارات هابطة عفا عليها الزمن و ما بقاش ليها أي وجود ،، و ده شئ هيتعبك جداً في حياتك


ثم وجهت بصرها إلي صلاح مستغلة غياب عز و تحدثت مساندة إياه بنبرة حماسية ٠٠٠ أنا مع موقفك الحازم اللي أخدته مع الباشمهندس يا عمو صلاح ،، و عاوزة أقول لحضرتك إستمر فيه و إحنا معاك ،،

و أكملت ب تأكيد ٠٠٠ و أنا بأكد ل حضرتك إن حسن مش هيكمل شهر واحد و هيرجع تاني ل حضرتك و هو راضخ و موافق علي كل طلباتك و شروطك

صاحت بها مٌنيرة قائلة بنبرة حادة عالية ٠٠٠ منااال ،، مش عز قال لك قبل كده ما تدخليش في الموضوع ده ،، و لا علشان عز مش موجود هتبٌخي سمك براحتك و فكراني هسكت لك


إتسعت عيناها ب ذهول و تحدثت ب إستنكار و نفي  ٠٠٠ أنا يا ماما ببخ سمي ، هي دي فكرة حضرتك عني؟
و أكملت حديثها بنبرة صوت حزينة مُدعية الإفتراء عليها ٠٠٠ هو علشان أنا خايفة علي عيلة جوزي اللي هما بقوا عيلتي و عيلة أولادي و بتمني لهم أفضل نسب يبقا ده جزائي ؟!


تحدث مُحمد ناهراً كلتاهما بعدما فاض بهِ الكيل من ثرثرتهما التي لا مكان لها علي الإطلاق الأن ٠٠٠ خلاص منك ليها ،، مش عاوز أسمع صوت واحده فيكم،، مش كفاية علينا اللي إحنا فيه

و أكمل أمراً ل جميع الموجودات بنبرة حادة ٠٠٠و يلا كل واحده فيكم  تطلع علي أوضتها و سبونا لوحدنا

نظرت ثٌريا إلي عمها و كادت أن تتحدث بإعتراض ،، نظر لها عمها و تحدثت إليها عيناه و فهمت منهٌ أنهٌ يخشي علي شقيقهٌ الصامت من تلك المناقشات الحاده ،، وصلها المعني و بالفعل حزنت لأجل والدها الحبيب و عذرت حالتهُ المُشتتة ثم تحركت إلي الدرج صاعدة لأعلي بملامح وجة غاضبة و خطوات سريعة تحت نظرات أحمد الحزينه من أجلها و الذي إنتوي في قرار نفسهِ أنه سيساعد حسن ب أقصي ما لدية من إصرار كي يٌزيل عن حبيبته هَمها الذي أصابها من جراء إبتعاد شقيقها الغَالي عن منزل العائلة بتلك الطريقة الصعبة

○○○○○¤○○○○○○

داخل مدينة أسوان و بالتحديد في منزل دياب والد بسمة

كانت بسمة تجلس بجانب عائلتها و شقيقتها نورا التي أتت إليهم كي تُخبرهم بما قالتهُ أم زوجها لهما،، و بعدما قصت علي مسامعهم ما بدر من زوجة عمها من تهديدات لهما و إخبارهما لما ينتوية ذلك المنبوذ المسمي ب ناجي


هدرت والدة بسمة قائلة بنبرة حادة مُستغربة ٠٠٠ إتجننت اللي إسمها نجية دي ولا أيه؟
هو الجواز كمان بقا بالتهديد

أجابتها نورا ٠٠٠ لو شفتيها يا ماما و هي بتتكلم و تهددنا بكل جبروت و بجاحة و عينها تندب فيها رصاصة

ردت عليها سُعاد ب ملامح وجه مُحتقنة ب الغضب الحاد ٠٠٠ إنتِ هتقولي لي علي نجية سلفتي ،، هو أنا تايهه عنها و عن بجاحتها ،، دي يتفات لها بلاد يا بنتي


أما بسمة التي إتخذت من الصمت ملاذاً لها بعدما دَب الرُعب داخل أوصالها و تسلل إلي قلبها البرئ ،، إرتعب داخلها بشدة خشيةً تعرض ذاك الخارج عن القانون المٌسمي ب إبن عمها إلي الشاطر حسن الذي إلتقتهٌ بعد طول إنتظار ب خيالها و دام ل سنوات


في حين تحدث دياب ب خيبة أمل و نبرة يائسة ٠٠٠ أنا مش عارف الواد ده طالع شيطان و جاحد كدة ل مين،  ده أخويا عبدالسلام الله يرحمه ما كنش فيه لا أطيب و لا أغلب منه في الدِنيا


و أكمل ب أسفٍ تام و هو يهز رأسهُ بيأسٍ٠٠٠ الله يرحمه الغلط الوحيد اللي عمله في حياتة هو إنه بعد ما زهق من تحكمات و نكد نجية ساب لها البلد كلها و سافر الأقصر علشان يشتغل هناك و يبعد عن نكدها و أرفها ،، و ساب لها العيال هي تربيهم،، و أدي النتيجة

قاطعتهُ سُعاد بإعتراض ٠٠٠ الغلط ما كانش علي عبدالسلام الله يرحمة ل وحده يا دياب،، و بعدين الواد ناجي ده من و هو عيل صغير و هو شقي و كتير مشاكل ،، ده و هو في المدرسة ما كنش بيبطل ضرب في أصحابه


و أكملت ب تفسير أكثر ل حديثها ٠٠٠ لكن هاشم ربنا يحرسه و يكمله بعقلة و يخلية لأولادة،، من يومة و هو محترم و من صُغره و هو راجل يعتمد علية


كان دياب يستمع إلي حديث زوجتة و هو يومئ لها برأسهِ ب موافقة فحقاً صدقَ حديثُها

ثم نظر إلي والدته التي تستند ب فكها علي عُكازها الخشبي و هي تنظر إلي الأمام ب شرودٍ تام و تساءل هو حائراً في أمرها ٠٠٠ ساكته ليه يا اما ،، ما تقولي لي هنعمل أيه و نتصرف إزاي في الورطة السودة اللي إحنا وقعنا فيها دي؟


أخرجت والدتهُ تنهيدة طويلة تنمُ عن مدي حُزنها وألمها الذي سكن قلبها العجوز،، و نظرت إلي ولدها ب هدوء ثم أجابته بنبرة يملؤها اليقين بالله و حكمة لم تأتِها أبداً من فراغ ،  ف كل تجعيدة من تجاعيد وجهها و كفيها تعني الكثير و الكثير من تعلٌم السنين لها ٠٠٠ سيبها علي الله يا ولدي و هو سبحانهُ و تعالي كفيل ب تدبيرها و حلها

و أكملت و هي تتبادل النظر بينها و بين الجميع و تفرق عليهم نظراتها المطمئنة ل تُهدئ من روعهم الذي أصاب جميعهم جراء ذلك الحديث المؤسف ٠٠٠و علي رأي المثل ، تبات نار تصبح رماد لها رب يعدلها


نظرت بسمة إلي جدتها بوهن و القلق يسيطر علي كيانها ب الكامل ،، ف أبتسمت لها الجَدة و فتحت لها أحضانها الدافئة كي تستدعيها إليها،، و كأن الجَدة تعلم إلي مدي حاجة صغيرة نجلها الشديدة إلي ذاك الحُضن الدافئ ل تشعر داخلهُ بالأمان المُفتقد ،  و ما كان من بسمه إلا الطاعة العمياء و الإسراع في الإرتماء داخل أحضان جدتها مٌطمئنة حالها بحِصنها الحَصين و تنفست عالياً و قلبها مازال مُحملاً ب الهموم
   
                ○○○○○¤○○○○○○


وصل حسن إلي محطة القطار ثم هاتف صديقهُ أشرف من الهاتف الارضي المتواجد داخل المحطة و أبلغه ب أن يقوم علي الفور ب حجز غرفه له داخل أوتيل مُناسب و ذلك كي يستقر بها طيلة إقامته الثماني أيام الباقيه من إجازته

ثم ودع عز الذي إحتضنهُ و أردف ناصحاً إياه ب إخوة و نبرة حنون ٠٠٠ خلي بالك من نفسك كويس يا حسن،، و ما تقلقش،، إن شاء الله سحابة صيف و هتعدي و بعدها الشمس تطلع و الدنيا كُلها هتنور

أخذ نفسً عميقً ثم زفرةُ بضيق مما يدلُ علي ثُقل قلبهِ المحمل بالهموم و أردف قائلاً ب نبرة يسكنها الأسي ٠٠٠ إن شاء الله يا سيادة العقيد،، إن شاء الله

تركهُ و تحرك ب إتجاههُ إلي القطار الذي أقلهٌ و أوصلة إلي محطة مصر ب القاهرة الكُبري ،، و ما أن تدلي من القطار حتي وجد أشرف ينتظرهُ و قام ب إستقبالهِ ب حفاوة ثم توجه معه إلي الأوتيل،، صعد إلي الأعلي وضع حقيبته و أفرغ محتوياتها داخل الخزانة،، و أبدل ثيابه علي عجل ثم نزل إلي أشرف من جديد و جلسا بداخل الكافيتريا الخاصة ب الأوتيل 

بعد مدة من الوقت كان قد قص فيها حسن علي مسامع صديقهٌ ما دار بينهٌ و بين عائلته من مناوشات و خلافات وصلت إلي شبه طردهِ من منزل العائلة ،،

تنهد أشرف ب ضيق و تحدث بنبرة مُلامة ب ملامح وجهٍ عابس و ذلك لأجل صديقهْ الحزين ٠٠٠ و إنتَ أيه بس اللي خلاك قٌلت لأهلك إنك روحت طلبت البنت من أهلها يا حسن ،، ما أنتَ عارف أبوك و تفكيرة القديم و دماغه الناشفه !!


أجابهُ حسن بإقتضاب و يأس تملك من نبرة صوته ٠٠٠ أهو اللي حصل بقا يا أشرف ،، و بعدين أنا ما قلتش كده غير لما لقيت أبويا رافض الموضوع بشكل نهائي ، قٌلت ل نفسي لما يعرف مش هيرضا لي إني أظهر قدام الراجل الغريب مش قد كلمتي و هيراجع نفسه و أكيد هيوافق


أجابهٌ أشرف بنبرة ساخرة ٠٠٠ و أهو قفلها لك زي الدُومنا يا هندسه ،، تقدر تقولي الوقت هتعمل أيه مع أهل بسمة و هتقول لهم أية   ؟

زفر بحدة و ضيق و أرجع شعر رأسه ب يده بقوة في حركة تدل علي مدي عصبيته قائلاً بنبرة يائسة ٠٠٠ مش عارف يا أشرف ،، حاسس إن دماغي وقفت مرة واحدة عن التفكير ،،

ثم أكمل بنبرة حائرة ٠٠٠ بس اللي أنا متأكد منه هو إني مش هسيب بسمه تضيع من بين إديا تحت أي ظروف ، و في نفس الوقت مش هغضب أبويا و أروح أتجوز من غير رضاه و حضوره هو و باقي العيلة

و هتحلها إزاي المعضله دي بقا يا بطل ؟ كان هذا سؤال وجههُ له أشرف مطالباً إياه بالتفسير


وضع حسن كف يده علي وجههِ و فركه بتعب و إرهاق و أردفَ قائلاً بنبرة يملؤها اليقين بالله ٠٠٠ إن شاء الله ربنا هو اللي هيحلها من عنده يا أشرف


تنفس أشرف عالياً ثم زفر بشدة ل يُخرج ذاك الهم الذي أصابه جراء ألم صديقه و تحدث بنبرة حماسية في محاوله منه لإخراجه من حالة الإحباط تلك ٠٠٠ سيبك بقا من كل الكلام ده و فوق لي كده و سيب لي نفسك يا باشا و أنا هروقك ،  إحنا هنخربها إنهاردة في ديسكوهاتك يا قاهرة


تنهد بألم و أردف قائلاً بنبرة محبطة بائسة ٠٠٠ إبعد عني و سيبني في حالي يا أشرف،، أنا مش فايق ل جنانك ده

تحدث أشرف بإعتراض قائلاً ٠٠٠ لا بقولك أيه يا إبن المغربي إحنا هنخرج يغني هنخرج،  ما هي مش طالبه نكدك ده خالص إنهاردة

و ضل يقنع في حسن ل تغيير رأيهُ و لكن هيهات،  فهو ليس بحاله مزاجية تدعوة إلي الخروج و السهر في تلك الأماكن التي لم يكن هو من روادها بالأساس

بعد مده ودع أشرف و صعد من جديد إلي غرفته التي إحتجزها  ، أخذ حمامً دافئً كي يُزيل عنه حزنه و توترة و لو قليل،، و خرج من المرحاض و توجه إلي تخته رامياً جسدهِ فوقهُ بإهمال ،  تسطح علي ظهرة و ضل ينظر إلي سقف الغرفة مُدققاً به و كلما نظر بهِ و تعمق أكتر رأي وجه بسمته أمامه و هي تبتسم له بهدوء و كأنها تُطمئن روحه و تبثُ بها الطمأنينة

ضل علي ذلك الوضع حتي إقترب الليل علي وشك الإنتهاء و بعدها وقع صريعً للنوم و ذلك من شدة أرقهِ من كثرة التفكير
              
يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي