الفصل الثالث عشر

الفصل الثالث عشر ..
____________________
قالت له باستسلام :
-  عناق صديقين ؟
اقترب من وجهها حد الخطر وهو يقول لها :
-  لا ارغب ابدا ان اكون صديقك حبيبتي ،
بل حبيبك ... آه يالوقع هذه الكلمة ويالروعتها !
رددت بخفوت :
-  تحلم !
ابتسم بخبث قائلًا :
-  هيا صبري بدا ينفذ ضعي يديك الجميلتين حول عنقي ولنبدا العمل ….
استسلمت اخيرا فرفعت يديها الى عنقه ،
فهي تعلم يقينا ان لا فائدة من المقاومة ،
استلقت ذراعاها على كتفيه وراح يشدها بقوة لكنه سرعان ما ضحك وهو يبعدها عنه لامسا انفها بفمه :
-  اترين ...... تعرفين اصول اللعبة كما يظهر .
قالت له وهي تحاول اخفاء ابتسامتها :
-  لكن ليس حسب قوانينك انت .
سألها سريعًا :
-  الن تخرجي معي الليلة ؟
ردت بتصميم :
-  لا ...
قال لها :
-  لا باس ..
نظرت اليه بريبة وهي تراه يعود الى مكانه ،
لقد قبل رفضها اليوم بهدوء زائد ..
جعلها بطريق ما لا تثق به ، فربما يحضر لأمر ما !
ترى ما هو هذا الامر الذي تشعر به واقعا حتما ؟
_________

لم يحاول تيوان خلال الاسبوع كله القيام بشيء
بل تجاهل وجودها معظم الوقت ،
وكاد يقطع لها راسها احيانا بأوامره .
حين جاءت المراتان للمقابلة يوم الجمعة لم تكن تعرف ان مزاجه اليوم عاصفا .
بعد انتهاء المقابلة قال لها يصرف النظر عن المراتين :
-  الاولى صغيرة جدا والثانية متورطة في زواجها .
رددت كلماته وهي لا تصدق ما تسمع :

-  متورطة في زواجها ؟
وكيف لا احد الا يكون متورطا في زواج ؟
قال لها بصرامة :
-  يجب على مديرة المجلة ان تضع المجلة قبل كل شيء .
سألته بتعجب :
-  اذن لماذا لم تكن الاولى مناسبة .... نعم هي
صغيرة قليلا ،
لكنني كنت في الرابعة والعشرين حين توليت الادارة .

قال لها بعدم اهتمام لحديثها :
-  كان لك مساعدة من الداخل .
قالت له بثقة :
ما كان ليعطيني دانيل الوظيفة لولا مؤهلاتي ..
كما ، انني يومذاك كنت متزوجة ومع ذلك لم يؤثر زواجي سلبا في مهنتي .
قال لها بنفاذ صبر :
-  لا يمكنك اعطاء الوظيفة لكليهما .
دافعت عن نفسها قائلة :
-  لا اريد ان افعل هذا ..
بل اشير الى ان اسباب رفضك خالية من المعنى فكلتاهما قديرة من وجهة نظري .
قال لها :
-  لكن هل رايت تردد تلك المتزوجة حين سالتها ان كانت ترغب في الانجاب ؟

ردت بغيظ :
-  لكن هذا سؤال شخصي ....
تأفف قائلًا :
-  لكنه مهم من وجهة نظر رب العمل ،
واظنها تنوي انجاب الاطفال وان قالت العكس .
قالت له باستياء :
-  اظنك مجحف بحقها ..
اما عمر الاخرى فليس بنقطة سوداء في ملفها ..
فعلى انسان ما ان يعطيها الفرصة فلديها مؤهلات ممتازة .
قال لها بنزق :
-  لاحظت هذا الا انها ستحاول استخدامها الى مارب اخرى .
وابتسم بمكر فقالت وقد عرفت ما يعني :
-  لكن ليس هنا ؟
نفى الأمر :
-  لا ..
قالت له في محاولة لإقناعه :
-  لو اتصلت بها لحاولت اقناعك بوسيلة اخرى .
حرك رأسه نفيًا :
-  لا اشك في هذا .
واغضبها اعجاب الفتاة به وهي تقول :
-  لا تبدوا مندهشا .
قال لها :
-  لا تخف الفتاة استعدادها للوصول الى القمة باية وسيلة .
قالت له بخبث :
-  اذن ، يجب ان تتصل بها .
قال لها بابتسامة :
-  قد افعل .
تضايقت ولكنها اخفت ذلك وهي تقول له :
-  سيكون اتصالك بها خيرا لك !
لم يريد اراحتها ، فقال لها :
-  على الارجح .. والان فلنعد الى موضوع بديلتك .
قالت له وهي تخفي ضيقها :
-  بالطبع ...
ربما من الافضل ان تختارها بنفسك ..
لوتركت لي الخيار لاخترت السيدة ايدن .
قال لها ليختبر ردة فعلها :
-  وانا كذلك .. لكنني وجدت الفتاة المطلوبة .
-  وجدت ......؟
وقفت بغضب وتقدمت امام طاولته ثم مالت فوقها ونظرت اليه :
-  لديك فتاة محددة ومع ذلك اخضعت هاتين المراتين لمقابلة لا لزوم لها .
رد بهدوء :
-  لقد أسأت فهمي ..... لم اقل انني اعطيت الوظيفة لاحد ...
قالت له وهي تستشيط غضبًا :
-  اتعني ان الوظيفة لن تكون مفاجاة سارة لاحدى نسائك ؟
تفرس فيها عن كثب عبر دخان سيجاره :
-  ليس بين نسائي من تعبا بهذا النوع من العمل إيف .
رددت بسخرية :
-  ما اروع تفكير نسائك .
رد بغير اهتمام :
-  ربما ...
انني حتى اللحظة التي قابلت فيها تينك السيدتان لم اكن قد فكرت في البديلة الثالثة ..
سألته باهتمام :
-  من ؟
اجابها :
-  لورين .
رددت بصوت مرتبك ، وقد تلاشى غضبها :
-  لورين ؟
ردد :
-  اجل ....

ووقف ليدور حول الطاولة ويذرع الغرفة مردفًا :
-  الفكرة كانت تراودني منذ اسبوع ،
ان اخرجت آلن من راسها ، وان دربت قليلا ،
فستكون جديرة بالمنصب .
جلست إيف على حافة الطاولة بدهشة
.. لورين ؟

لم يخطر على بالها حتى التفكير فيها ......
لكنها امراة ماهرة في حقل الاعمال وقد ابدت اهتمامها ،
بادراة المجلة في الاسبوع الماضي وكانت قد امضت إيف ساعات معها تشرحلها مختلف اوجه ادارة المجلة ، اجل ليس
لديها ادنى شك في ان لورين قادرة على تحمل اعباء هذا المنصب
...
سألته بحيرة :

-  لكن هل ستقبل الوظيفة ؟
رد متعجرفا :
-  هذه الوظيفة هي ما تحتاج اليه .
قالت له :
-  اهي طريقة لاجبارها على الاستقرار .؟
تنهد بضيق قائلًا :
-  مستحيل ان تجد رجلا مناسبا وهي في ترحال دائم معي حول العالم ..
اعتقد انها تعلقت بألن لأنه الرجل الوحيد المتاح لها الوصول اليه ..
اما هنا في سيدني فستجد الرجل المناسب .
سألته باهتمام :
-  لماذا لا تتزوجها انت فتسعدا معا ؟
اجابها بغضب :
-  انا لا اقدر على مزاحك إيف .
قالت له باستهزاء :
-  اعتقد ان الزواج بالنسبة لك ليس سوى طرفة .
رمى سيجارته في سلة المهملات بعنف قائلًا :
-  ليس مسليا ابدا.. ابدا .

________________

غادر الغرفة صافقا الباب وراءه لكن الباب
عاد فانفتح مجددا بعد لحظات تدخل منه جيل
,احدى سكرتيرات تيوان .
نظرت جيل الى إيف بذهول وهي تسألها بقلق :
-  هل كل شيء على مايرام ؟ لقد بدا تيوان متفجرا
قليلا !
وضحكت ،
انها فتاة جميلة في اوئل العشرين .
ابتسمت إيف وهي تجيبها :
-  لكن تيوان لا يبدو ابدا متفجرا قليلا ..
بل انه متفجر اكثر مما يجب .... اما انا فبخير شكرا لك .
ولم يعد تيوان الى المكتب بعد الظهر ..
وبما انه لم يتخذ قرارا محددا لعرض الوظيفة عليها ..

ذهبت إيف الى حفلة تلك الليلة كما ذهبت الى حفلة اخرى مساء السبت .
الا انها لم تراه بها اي منهما ..
فقد توقف فجاة منذ اربع ليال عن ملاحقتها واتباعها كظلها ،
فظنت انه قد وجد لنفسه امرأة اخرى صب اهتمامه عليها وفقد اهتمامه بها .
وقد اكدت لها ظنونها صورته في جريدة يوم الاحد ،
وهو يدخل الى احد افخم نوادي سيدني
لكنها لم تكن سعيدة بهذا التغيير كما اعتقدت .
__________________

لا يبدوا ان المراة الجديدة التي دخلت حياة تيوان ،
قد حسنت من مزاجه ..
فقد دخل عليهم صباح الاثنين يرسل تعليقات لاذعة الى كل من صادفهم ،
بدءا من إيف حتى مارتن بارتي الهادئ .
قصدت لورين مكتب إيف ،
بعد ان تاكدت من مغادرة تيوان المكتب لتناول غدائه ..

قالت لها :
-  يبدو ان الريس قد عاد الى عادته .
تسألت إيف بشرود ذهن ، وهي منغمسة في أفكارها :
-  ماذا ؟
-  هاك !
درات لورين صفحات الجريدة التي كانت تقراها
إيف ،
فظهرت صورة تيوان مع ممثلة سينمائية اميركية شقراء ،
تتعلق بذراعه في وَلهٍ ظاهر .

واردفت :
-  انها ليست تلك التي ظهرت معه في الصورة
يوم الجمعة .
ردت إيف بهدوء :
-  او التي ذهب للغداء معها لتوه .
اتفع حاجبا لورين اكثر :
_هل زارته امراة .
رددت إيف :
-  اجل .

لكنها اخفت انزعاجها من الطريقة التي رمت فيها تلك الصهباء نفسها بين ذراعيه لقد عرفت إيف ..
تلك المراة فهي مذيعة
تلفزيونية مشهورة بذكائها ونجاحها ،
ومن الواضح انها تعرف تيوان خير معرفة .

ضحكت لورين :
-  اذن لقد عاد الى عادته القديمة ،
اظن ان ما مر به كان كثيرا عليه ،
وهو دائما هكذا .. لكنني هذه المرة ظننت ......حسنا .....ان عدم انتقاله من امراة الى اخرى امر حسن .

ابتسمت إيف قائلة بضيق حاولت اخفائه :
-  لا بأس في هذا لورين .....
لم يكن لدي شك في ان اهتمام تيوان بي عرضي ..
اما تصرفه الذي كان منذ ثلاثة اسابيع فسببه عدم حصوله علي
، ولقد فهم الان اخيرا ان آخر ما أفكر فيه هو علاقة عابرة .
سألتها لورين بإهتمام :
-  ولماذا ؟
اجابتها إيف ببساطة :
-  لماذا لانني ....حسنا ......لانه.....
قالت لها لورين :
-  انه عادة طيب مع نسائه..
لكن بما انك لا ترغبين في علاقة دائمة .......
قاطعتها بصراحة :
-  أنا لا ارغب في اي نوع من العلاقات خاصة تلك التي تضعني على لائحة
( نساء تيوان ) .
قالت لها لورين بتفهم :
-  لا احد يطلب هذا .....
انتفضتا حين سمعتا صوته الاجش الجميل وهو يدخل الغرفة ،
فوقف ينظر اليهما وقد احمرتا خجلا وهو يقول لهما :
-  أنا لا احب ان يتحدث امرؤ عن حياتي الخاصة وقت الغداء ......
وما يجري في حياتي خارج المكتب هو شاني الخاص ، اتفهمان ؟

تمتمت لورين .. دون ان ترد عليه بوقاحة للمرة الاولى :
-  اجل .
ادرا نظرة سوداء الى إيف ، وقال بصوت ملؤه الشر :
-  كلاكما ؟
ازعجها ان يعاملها كطفل قد يرهب لورين .. لكنها لن تخشاه ، لذلك قالت له بتحدِ :
-  لقد استرقت السمع الى حديث خاص .
احتد صوته أكثر وهو يقول لها :
-  انها محادثة تطال حياتي الخاصة ..
نفت الأمر بغضب :
-  لم نكن نطالك باقاويل كاذبة .
ردد بغيظ :
-  لا اوافقك الرأي .
ثم التفت الى لورين قائلا :
-  لورين .......
اليس لديك عمل تقومين به ؟
كان يعرف ثلاثتهم ان امام لورين عشرين دقيقة اخرى حتى انتهاء ساعة الغداء ..
ومع ذلك
هزت لورين رأسها ،
وجمعت اغراضها وخرجت دون ان تنظر الى الخلف .
فصاحت إيف :
-  انت ظالم ومستبد ...
رد ببرود يسكتها :
-   لست في مزاج يسمح لي بسماع اهاناتك
اليوم إيف ....
كلمة اخرى وتجدين ان عملك اليوم انتهى !

انتفضت ثم تصاعد غضبها حتى اصبح لهيبه كلهيب غضبه :
-  لا يسعدني شيء اكثر من هذا !
زعق بها بغضب :
-  اعلم هذا ولهذا بالتحديد اريد ان تخرجي من هنا فورا .
ردت ببرود :
-  بكل سرور !

حملت حقيبتها تحضيرا للذهاب ،
لكنه حذرها بصوت خفيض :
-  هذا المكتب فقط يا إيف واياك ومغادرة
المبنى .
اوشكت على الانفجار غيظا ..
فلم يحدث قط ان كلمها انسان من قبل بهذه الطريقة .
فرددت وهي تحترق غضبًا :
-  طلبت مني الذهاب .. وانا ذاهبة ...
ارتفعت بسمة الى شفته وزال غضبه :
-  ليس من المبنى إيف ...
اعتقد انك كنت تبحثين عن وظيفة اخرى ؟
لم تخدعها بسمته الناعمة ،
فقد تعرفت الى التهديد وراء كل كلمة ، فقالت له وهي تحدق في عينيه :
-  لن تجرؤ .......
سأل بعدم فِهم :
-  لن اجرؤ على ماذا ؟
ضغطت على كل حرف وهي تقول له :
-  لن تحول بيني وبين وظيفة اخرى ؟
لم تخطر الفكرة بباله حتى صرحت هي ، ورغم ذلك قرر أن يجعلها تعتقد ذلك :
-  او تحسبيني غير قارد ؟
وماذا عن شهادة المؤهلات والتوصية ..... اعتقد ان
اصحاب العمل متشددون في ما يتعلق بالتوصيات ؟
تحدته بغيظ :
-  لن تستطيع ........
هز كتفيه باهمال قائلًا :
-  ان تركتني الان ..
اعتبرتك مخلة بالعقد مستقيلة وعندها لن اكتب بحقك توصية .

ابتلعت ريقها بصعوبة ، وقد ازداد كرهها له وقالت ببرود :
-  ايها النذل !
هز رأسه ببرود :
-  هذا اتهام غير صحيح في العادة ،
انما هي من القلب هذه المرة .. والان اخرجي من هنا .

قالت ساخرة وهي واقفة امام الباب :
-  الم تنجح !
اشير بقولي الى موعدك مع المراة الجديدة ؟
جلس وراء مكتبه ولوى فمه :
-  سنيتيا تناسبني الى اقصى حد ،
هل تتفضلين علي باستدعاء لورين الى المكتب .

كبتت شهقة غضب بصعوبة ، مع من يحسب
نفسه يتكلم ؟
انها المديرة هنا !
لا مراسلة لذا لن تنقل له الرسائل ....
-  اهناك شيء ؟
رفع حاجبا بسخرية ،
فردت عليه باستهزاء :
-  لا شيء ابدا .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي