الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رواية عبق الماضي
بقلمي روز آمين

البارت الخامس عشر

تحركت ثٌريا سريعً متجه إلي شقيقها حين وجدته يضبضب أشياءه داخل الحقيبه ،،هتفت بنبرة متساءلة مٌرتعبه ٠٠٠ إنتَ بتلم هدومك و رايح علي فين يا حسن ؟

لم يعير حديثها أية إهتمام و أكمل ما يفعله بغضب و حدة و أغلق الحقيبه ثم وضعها علي الأرض و كاد أن يتحرك بها  ،، جرت عليه و أمسكته من ذراعه و تحدثت بهلع ٠٠٠ رد عليا يا حسن و قول لي رايح فين ؟

نظر لها بعيون تُطلقُ شرراً و أجابها بنبرة غاضبة ٠٠٠ ماشي يا ثريا ،، سايب لكم البيت و إسكندرية كلها و ماشي علشان ترتاحوا

أردفت قائلة بتساؤل و مازالت مشدده علي ذراعه بإستماتة ٠٠٠ ماشي رايح فين يا حبيبي ؟
إنتِ لسه ما كملتش إسبوع من أجازتك

هتف بنبرة حاده تدل علي وصولهٌ لقمة غضبه ٠٠٠ رايح في ستين داهيه ،  من إنهارده مش عاوز حد منكم يسألني رايح فين و جاي منين،  أنا أصلاً إكتشف إني ما أفرقش مع أي حد في البيت ده كله  !!

أردفت قائلة بنبرة مٌهدئة ٠٠٠ طب أقعد و إهدي يا حبيبي و إستعيذ بالله من الشيطان الرجيم  ،

و أكملت و هي تُربت علي صدرهِ بحنان ٠٠٠عوزاك تطمن و أوعا تفتكر إني ناسية موضوعك و لا حتي مطنشاه،، و الدليل علي كلامي ده إني كلمت عز علشان يتوسط لك عند بابا و هو وعدني و أكد لي  إنه هيكلمه و هيحاول بكل جهدة إنه يقنعه و يخلية يوافق،، أصبر يا حسن،، المسألة مسألة وقت مش أكتر صدقني

أجابها بنبرة مستسلمة حزينة و وجهِ بائس  ٠٠٠ مش هيقتنع يا ثٌريا ،، أبوكي قرر و حكم علي الناس حتي من قبل ما يعرفهم و لا يشوفهم ،  ده حتي معطنيش فرصة إني أتكلم و يسمعني ،، ما سألنيش إذا كنت بحب البنت فعلاً و فارقة معايا و لا لاء

و أكملً بنبرة بائسة تٌقطع أنياط القلب ٠٠٠  للأسف يا ثٌريا ،، أبوكي حكم علي قلبي بالإعدام و نصب له المشنقة و نفذ الحكم من غير محاكمة عادلة

قال كلماتهِ المؤثرة ثم حمل حقيبته و خرج علي الفور و تدلي الدرج سريعً تحت صياح ثٌريا و مناداتها بإسمه و هي تسرع خلفهُ علي أمل اللحاق به،، مما جعل الجميع يرفع قاماته للأعلي يتطلعون علي ذاك الغاضب و تلك الصارخه بإسمه

وقف صلاح مٌمسكً بعصاه الأبنوسيه و تحدث إلي ولده بنبرة حاده مما جعل الجميع يقف و ينتظر كلماته بترقب لما هو أت  ٠٠٠ ممكن أعرف البيه رايح فين بشنطة هدومه دي ؟

تسمر بوقفته و وقف يتطلع إلي أبيه بعيون جامده غاضبة و أردف قائلاً بنبرة حادة خرجت عنوة عنه و رأسٍ شامخ مٌرتفع بعِناد   ٠٠٠ نازل القاهرة هقضي فيها باقي أيام أجازتي اللي فاضلين لي مع أشرف صاحبي

هتف صلاح بحدة أمراً بطريقة مٌستفزة لذاك الغاضب ٠٠٠ طلع الشنطه تاني علي أوضتك و بلاش لعب العيال بتاعك ده ، ما فيش خروج من البيت ،، و تتصل بالشركة اللي إنتَ شغال فيها و تصفي شغلك معاهم  نهائى ،،

و أكملَ أمراً  إياه بطريقة أحرقت روح حسن و أستشاطت داخلهُ بشدة ٠٠٠  و يكون في علمك ، ما فيش سفر لأسوان تاني ،،

و أكمل مُفسراً ٠٠٠ و إن كان علي الشغل ف أنا كلمت لك المحافظ و هو شاف لك شغلانه كويسه هنا في المينا و ألف واحد زيك يتمناها،، و كمان ب مرتب ضعف اللي إنتَ بتاخده في أسوان

جحظت عيناه بذهول مما يستمع و إستشاط داخله غضبً من حديث والده الذي يصرٌ علي عدم ترك المجال له للأختيار حتي بعملة و تحدث بنبرة ثابته جاهدً بإخراجها ٠٠٠ و مين اللي  قال ل حضرتك إني عاوز أسيب شغلي في أسوان أصلاً ؟

أجابهٌ صلاح ب قوة و حده بنبرة مستفزة إلي أبعد الحدود ٠٠٠ أنا اللي قررت و قٌلت ،،

ثم أكمل متسائلاً بنبرة غاضبه ٠٠٠أيه ،، كبرت عليا و هتعارضني في قراراتي و لا أيه يا باشمهندس؟

أجاب والده بهدوء و أحترام جاهد في إخراجهما رغم غضبة العارم و آحتراق روحه ٠٠٠ العفو حضرتك ،، أنا تحت أمر حضرتك في أي حاجه إلا الضرر ب مستقبلي و شغلي ،  أنا الوحيد اللي أقدر أحدد فين هي مصلحتي ،، و أنا شايف إن مستقبلي في شغلي في الشركة اللي أنا فيها

و أكمل بزُهد ٠٠٠ أما بقا بالنسبه حضرتك ل ضعف المرتب ف ده موضوع لا يعنيني  من الأساس ،، لأني عمري ما كان يهمني العائد المادي قد ما يهمني العائد المعنوي و المستوي الوظيفي اللي ممكن أوصل له في مكاني اللي أنا فيه حالياً

و أكمل بثقة و نبرة بث له من خلالها إصرارة علي من فتنت عيناه و أسرت قلبه ب سحرها العجيب ٠٠٠ و لو كُنت حضرتك بتعمل كده علشان أنسي موضوع جوازي من بسمه ،  ف أنا أسف إني أحبط حضرتك و أقول لك إن حسباتك ما كنتش مظبوطة المرة دي ،، لأن الحاجة الوحيدة اللي ممكن تخليني أبعد عنها و أنساها هي الموت و بس

و أكمل نافياً و هو يقطب حاجبية ٠٠٠ حتي الموت نفسه مش هيخليني أنسي أطهر و أنقي بنت شفتها في حياتي كلها

شهقت عزيزة ب هلع و تحركت إلي ولدها تٌربت علي ظهرة بحنان قائلة كي تحسهُ علي الإستماع إلي حديث والده خشيةً غضبتهِ عليه ٠٠٠ بعد الشر عليك يا حبيبي ،، إخزي الشيطان كدة يا أبني و إعقل و إسمع كلام أبوك،،  أبوك أكتر واحد أدري بمصلحتك و محدش في الدُنيا دي كلها هيحبك و لا هيخاف عليك قدة

حين هدر صلاح ناهراً إياه بنبرة حاده ٠٠٠ و أنا قٌلت لك هتسيب أسوان يعني هتسيب أسوان  ،، و يكون في علمك ،، كلامي ده ما فهوش جدال

تحدث محمد إلي صلاح مهدءً إياه ٠٠٠ إهدي يا صلاح أومال و أظبط أعصابك ،  الأمور و المشاكل ما تتحلش ب الطريقه بتاعتك دي ،، خلينا نقعد و نسمع بعض و نتكلم بالعقل


دلف عز و أحمد مٌسرعان من الخارج عندما إستمعا إلي صياح عمهما و نبرتهِ الغاضبة و وقفا يتطلعان بعيون مستغربه علي حسن الذي يحمل بيده حقيبة ثيابهِ و يبدوا عليه أنهُ قرر و أنتوي  الرحيل و أنتهي الأمر

تحدث صلاح بحده إلي شقيقه ٠٠٠ ما فيش كلام تاني هيتقال بعد اللي أنا قٌلته يا حاج محمد،، و زي ما أنا قُلت من شوية  ،،  ده كلام نهائي و ممنوع حتي النقاش فيه 

نظر حسن إلي عيناه مطالباً إياة النظر إليه بعين الرأفة و أن يشملهُ برحمته و يشعر ب قلبه العاشق و تحدث بنبرة مٌتأثرة مٌترجية ٠٠٠ أرجوك يا بابا تحاول تفهمني ،، أنا بحب بسمة بجد ،، هي دي البنت اللي رسمتها في خيالي و إتمنيتها تكون شريكة حياتي ،، هي دي اللي نفسي أكمل عمري معاها و أكون بيت و عيلة و أولاد

و أكمل بوعيدٍ صادق نابع من داخلة ٠٠٠ و صدقني يا بابا لو مش هي ،، أكيد مش هيبقا فيه غيرها

رفع رأسهٌ شامخً ب كبرياء و تمالك من حالة كي لا يضعف أمام نظرات صغيرة المٌترجية التي هزت كيانه للحظة  ،،لكنه سرعان ما تراجع و أقنع حاله أنها مجرد نزوة و سينساها صغيرهٌ مع الوقت و ينظر إلي مستقبله و يتزوج مِن فتاة ذات حسب و نسب ترتقي له و ل عائلتة و ذلك حسب معتقداته و مفهومهٌ الخاطئ الذي عفا عنهُ الزمن

تحدث عز إلي عمهِ بنبرة هادئة٠٠٠ بعد إذن حضرتك يا عمي  ،،  يا ريت تخلينا نقعد و نسمع من حسن أكتر عن الناس دي  ،،

و أسترسل حديثهُ كي يضع الطمأنينة داخل قلب صلاح ٠٠٠ و أنا علشان اطمن حضرتك  مستعد أسافر أسوان مع حسن و أقابل أبوها و أقعد معاه،، و كمان هسأل عليهم كويس جداً ،، و لو طلعوا ناس محترمين يبقا أيه المانع إننا نجوزها له

نزلت كلمات عز علي قلب حسن ك قطرات المطر التي هطلت من السماء فوق قطعةِ أرضٍ جافة متشققه من شدة عطشها ف روتها و ترعرت أوراق بذورها المدفونة بعد أن ظن الجميع أنها فارقت الحياة و أنتهي الأمر،، و لكنها عادت  و أعلنت عن ميلاداً جديداً لها ،،  نظر إلي أبيه منتظراً قراره ب ترقب و هو يبتلع لعابهٌ ب صعوبه و كأن حياتهُ قد توقفت علي قرار أبيه

تحدث صلاح ب كل جبروت و قلبٍ مٌتيبس غير مٌبالي بشعور صغيرهٌ ب المرة ٠٠٠ أنا خلاص قٌلت اللي عندي يا عز ،، حسن هيتصل بالشغل و يفسخ معاهم عقد العمل و يستلم من أول الشهر الجاي شغلة الجديد في مينا إسكندرية ،

و آسترسل حديثهُ بنبرة مستفزة ل يُكمل بها علي ما تبقي من صبر ذلك الفتي ٠٠٠ و أنا من ناحيتي وصيت له واحد يعرف كٌبرات إسكندرية كلهم و قٌلت له يشوف لي عروسة بنت ناس و مُتعلمة للباشمهندس

شعر و كأن أحدهم قام بطعنهِ للتو بسكينٍ حاد داخل قلبهٍ الضعيف  ،، تنهد بأسي ثم نظر إلي والده ب مرارة و خيبة أمل و حمل حقيبته من جديد و تحدث بصوتٍ يكسو علي نبرته المرارة و الأسي ٠٠٠ أنا أسف إني هخزل حضرتك و ههدم لك كل مخطتاتك اللي جهزت لها حتي من غير ما تاخد رأيي فيها يا حاج صلاح

و أكمل ب إحترام و تمني ٠٠٠ بس عاوز أقول ل حضرتك إني عمري ما هعمل أي حاجة إنتَ مش راضي عنها ،، أنا راجع أسوان يا حاج ،، و مش هتجوز بسمة غير بعد موافقتك و رضاك ، و أنا في إنتظار موافقتك و مٌباركتك للموضوع

يبقا هتقضي عمرك كله و تضيعة في إنتظار حاجة عمرها ما هتحصل يا باسمهندس ،، جملة قالها صلاح ب تأكيد و جدية

أجاب والده بنبرة مُستسلمة٠٠٠ يبقا ده نصيبي من الدنيا يا حاج و أنا لازم أرضي بيه

ثم حرك ساقية ل يخطو إلي الخارج مُغادراً ،، أمسكت ثريا ذراعه و تشبست به بعد أن نزلت دموعها تجري فوق وجنتيها و هي تهز رأسها و تترجاه ٠٠٠ ما تمشيش يا حسن

نظر لها ب وهن ثم أمسك كفها الرقيق و أنزله بهدوء و تحرك ب إتجاه الباب ، أوقفهُ صوت صلاح الهادر الذي هتف ب صياحٍ أرعب الجميع ٠٠٠ لو رجلك خطت عتبة الباب ده و خرجت منه،، يبقا ما ترجعش هنا تاني

إتسعت عيناه ب ذهول و ألتف ينظر لأبيه ب إندهاش ف أكمل صلاح بنبرة جامدة مٌهدداً إياه ٠٠٠ لو خرجت عن طوعي و ما نفذتش الكلام اللي قولتهُ لك ب الحرف الواحد يبقا تخرج من الباب ده و تنسي نهائي إن ليك أب و عيلة


و أكمل حديثهُ ب جبروت ٠٠٠ و حتي ورثك فيا هحرمك منه ،  هكتب كُل ما أملك لأخواتك الاتنين و أختك ثُريا ، 

ثم أسترسل حديثهُ ب نبرة تهكمية ٠٠٠و ساعتها بقا إبقا ورينا أبو الهانم اللي فضلتها علينا هيقبلك و لا هيرضي بيك إزاي و إنتَ مفلس  ،، و لو حصل و وافقوا إبقي وريني هتعيش ست الحٌسن و الجمال بتاعتك دي منين

نزل حديثهُ ك صدمة ألجمت الجميع و شلت جميع حواسهم و تسمروا ب أماكنهم إلا من ثُريا التي صرخت مستعطفة أبيها ٠٠٠ أرجوك يا بابا كفاية ،، كفاية حرام عليك

نزلت كلماتها و دموعها علي قلب عز أحرقته ،، و أيضاً أحمد الذي تحرك و وقف ب جانب حسن و حاول جذب الحقيبه منه لكن الأخر ابعدها ب حده
ثم نظر إلي أبيه ،  و تملكت الحسرة من قلبه و وقفت غَصة مريرة داخل حلقه ، و تحدث قائلاً بهدوء ونبرة مُنكسرة ٠٠٠ ربنا كبير و عظيم و ما بينساش حد يا حاج صلاح

و أنطلق مُسرعً إلي الخارج أوقفه عز و أحمد اللذان أسرعا خلفه و تحدث عز مهدءً إياه ٠٠٠ إنتَ رايح فين يا حسن،،  إهدي كدة و أرجع معايا علي جوة علشان الموضوع ما يكبرش أكتر من كدة  ،، العقل بيقول إن لما الريح تبقا قوية تطاتي لها علشان تعدي منها بسلام

و أكمل أحمد مؤكداً علي حديث شقيقه  ٠٠٠ إسمع كلام عز و أدخل جوة الوقت يا حسن ،، و هما يومين بالظبط و عمي هيهدي إن شاء الله و ساعتها الكلام معاه هيكون أفضل من كدة بكتير ،  و ليك عليا أنا و عز هنكلمه و نحاول نقنعه ب موضوعك

ثم نظر إلي عز الذي أبدي موافقته بترحاب بحديث أحمد 

أجابهٌ حسن بنبرة رافضة ل حديثهُ  ٠٠٠ اللي إنتَ ب تقوله ده مستحيل يحصل يا أحمد،، دخولي معاكم في الوقت الحالي مش هيبقا ليه غير معني واحد عند أبويا ،  و هو إني رضخت لأوامره و رضيت ب الأمر الواقع اللي هو فرضة عليا ،  و ده اللي عمرة ما هيحصل  أبداً

و تحرك إلي الأمام للمغادرة ،، أوقفه عز قائلاً ب نبرة يائسة و هو يسحبه من ذراعه ٠٠٠ طب تعالي أركب معايا العربية هوصلك المحطة

و بالفعل صعد معه و تحركا أمام أعين أحمد الحزينة لأجل ما حل ب ذاك الحسن

تنفس عالياً ب ضيق ثم دلف إلي الداخل من جديد،، وجد الجميع يجلس و حالة من الصمت التام تفرض سيطرتها عليهم جميعاً ،، أما ثٌريا التي تجلس و دموعها تنهمر فوق وجنتيها ب غزارة كشلال ماء ،، و تجاورها مٌنيرة تٌحاول تهدئتها   !

تحرك إليها و جلس بجوارها و تحدث إليها بهدوء و هو يٌربت فوق كتفها ب لمسات حنونه ٠٠٠ إهدي يا ثٌريا أرجوكِ علشان ما تتعبيش

إنتفضت بجلستها و أعتدلت تواجههٌ و هي ترمقهٌ و لأول مرة ب حياتها ب عيون غاضبة و أردفت قائلة بنبرة حاده عنيفة ٠٠٠ يهمك أوي تعبي يا أحمد ،، و لا خايف علي أبنك اللي في بطني ؟

نظر لها مَصدومً أثر ردة فعلها العنيفة تجاهه
لم تَعر ل نظرته أية إهتمامً و أنتفضت واقفة و وجهت حديثها إلي الجميع ب إتهام بنبرة حاده ٠٠٠ هو إنتم ليه يا عيلة المغربي أنانيين لدرجة إن محدش فيكم بيهتم و لا بيفكر في تعب أو راحة حد غيره هو و بس ؟

يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي