الفصل الحادي عشر

حركت وفاء رأسها باستسلام وهي تأخذ المظروف من مروه قائله بقلة حيلة:
_ مع أني كنت أفضل تديه أنتي لمروان بس براحتك

ضغطت مروه علي ذراع حقيبتها قائله بنبره خافته:
_ شكراً يا وفاء

التوي ثغر وفاء بابتسامة بسيطه ثم أشارت إلي مدخل البنايه خاصتهم قائله بعتاب لطيف:
_ طب ليه مش عايز تطلعي تشربي حاجه؟

ضغطت مروه علي شفتيها و حركت رأسها بلا معني قائله بلباقه:
_ معلش مره تانيه

نطقت بتلك الكلمات ضاغطه على ذراع حقيبتها، تنهدت الأخري طويلاً قائله بنبره رقيقه:
_ زي ما تحبي

التوي ثغر مروه ببسمه متكلفه ثم ودعتها و تحركت تسير في طريقها و ذهنها مشحون بالكتير من الأفكار..

تعثرت في خطواتها عندما مرت سيارة مروان من جانبها و قد وقع بصرها على تلك القابعه بجانبه..
٠٠٠٠٠٠
ضغط السيد محسن على سور الدرج التابع للبنايه الخاصه بعائله زوج ابنته و قد تبادل النظرات المتصلبه مع زوجته فور أن وصل إلي مسامعهم خبر طلاق محمود من ابنتهم الغائبه..

استندت السيده صفيه على ذراع زوجها وقد شحبت ملامحها و هي تردد بخزي:
_ده المتوقع..

نطقت بتلك الكلمات ثم أعادت طرف وشاحها الأسود الطويل إلي الخلف بكفها المرتعش وهي تقول بقهر:
_ تعال نمشي يا محسن بلاش نطلع ، كلامنا هيفيد بأيه بعد ما طلقها..

تمالك محسن حاله بصعوبة بالغه و حرك رأسه يميناً ويساراً قائلاً بتصميم جامد:
_ هنطلع برضوا، أنا عارف بنتي مش هتستحمل لو الشرطه خدتها، مش هتستحمل يوم واحد

حركت السيده صفيه شفتيها ترغب في الحديث و لكن توقفت الكلمات في حلقها عندما خرج محمود من باب شقة والدته وقد تجهمت ملامحه فور أن وقع بصره عليهم واقفين هكذا علي الدرج وهدر باستهزاء لاذع:
_ جايين ليه ، مبقاش ليكم حد هنا يا حمايا السابق

نطق آخر كلمتين باستخفاف، أبتلع السيد محسن ريقه بصعوبة و تحدث قائلاً بخفوت:
_ إحنا جاين نشوف اخوك بعد..

توقفت الكلمات على طرف شفتيه عندما قاطعه محمود قائلاً بحقد:
_ بعد ما بنت ال.. كانت هتقتله

أغمضت السيده صفيه جفونها بقوه عندما نعت ابنتها بذلك اللفظ الجارح، بينما هدر السيد محسن بنبره منفعله ينهر إياه:
_ ألزم أدبك أنا بنتي مظلومه

ظهر الأستخفاف على ملامح محمود تزامناً مع خروج سوزان من باب الشقه وقد ضيقت ما بين عينيها وهي تنظر نحوهم قائله باستفسار:
_ مين دول؟

التوي ثغر محمود بابتسامة بارده ثم حاوط خصر سوزان وحدق في أعينهم قائلاً بنبرة بارده:
_, اعرفكم، سوزان مراتي..

صدرت شهقه عاليه من السيده صفيه و ضغطت بكفها على ذراع زوجها الذي أنكمشت ملامحه، في حين هدرت السيده صفيه بتحسر مصدومه:
_ لحقت تتجوز !

حاوط محمود خصر تلك الواقفه بجانبه قائلاً بنبر بارده:
_ لأ هو أنتي متعرفيش يا حماتي أن أنا متجوز علي بنتك من فتره ؟!

تجمدت ملامح الواقفين أمامه وهم يتبادلون النظرات بعدم تصديق و الصدمه مسيطره عليهم..
٠٠٠٠٠٠٠
شعرت حفصة بألم في حلقها و جسدها بأكمله يؤلمها بتشنج و قد شعرت بالبروده تزحف إلي جسدها إلي جانب الصداع الذي يكاد يفتك برأسها مع شعور بحراره غريبه في عينيها..

ارتجفت شفتيها و هي تحاول النهوض من على الأريكة المتسطحه عليها لكنها لم تستطع تحريك رأسها مما جعلها تحاوط جسدها بكفيها المرتجفين و هي تغمض جفونها باستسلام وقد أنسابت العبرات الحاره على وجهها تشعر بالعجز..

أغمضت جفونها بقوه و أنفاسها تتسارع و تلك الأحداث السيئه تمر أمام عينيها بشكل متلاحق ، حيث شاهين عندما صرخت في وجهه تعبر عن قهرها فيما يحدث معها و الظلم الواقع عليها ثم محاولاتها دفعه بقوه وهي تطلب منه مغادره شقتها ولكن هيهات فقد تقدم منها ولم تشعر به سوي وهو يقبض بكفه على عنقها يسب و يلعن فيها و في أهلها و هذا ما لم تتحمله..

استندت هي بكفها على طاوله الطعام و بكفها الآخر حاولت القبض على ذراعه محاوله بشتي الطرق تخليص حالها منه فقد شعرت في تلك اللحظه أنها على حافة فقدان حياتها ..

حركت كفها المرتجف الموضوع علي الطاوله عشوائياً وقد وقع على سكين صغير موضوع في طبق الجبن و لم تشعر بحالها سوي وهي تسحبه !...

فتحت جفونها سريعا غير راغبه في تذكر المزيد ،حاولت التقاط أنفاسها ببطء وهي تشعر بالتعب يشدد عليها، فقد كانت تشعر أن هناك مطرقه تطرق رأسها بلا رحمه..

٠٠٠٠٠٠
وقف صفوان جانباً ينظر نحو تلك البنايه و عقله يعمل بجميع الإتجاهات يرغب في مساعدة تلك البائسه بشتي الطرق تعويضاً منه..

كاد أن يتحرك نحو البنايه و لكن توقف عندما وقع بصره على والديها يخرجون من البنايه بملامح متهجمه و قد كانت حالتهم يرثي لها..

حك أسفل ذقنه حائراً و قد وجدهم يعبرون الطريق بملامح لا تفسر ، دار ببصره في المكان ليجد بعض الماره يشيرون إليهم و هما يتهامسون محدقين نحوهم بنفور..

وجد والدها يكاد يسقط مما جعله بدون تفكير يتقدم منه يسند إياه قائلاً بنبره مهمته:
_ حاسب يا حاج

قبض السيد محسن على ذراعه رابطاً على كفه قائلاً بنبره مرهقه:
_ شكراً يا بني..

أنسابت عبره تلوي الآخر على وجه السيد صفيه التي ابتلعت غصتها المؤلمه قائله بضعف مقهوره:
_ الناس كلها بتبص علينا يا محسن

ترك صفوان ذراع السيد محسن و قد تحدث الأخير إلي زوجته قائلاً بوجوم:
_ إلي يبص يبص ، شوفتي الندل إلي كان متجوز علي بنتك من زمان..

نطق تلك الكلمات وهو يكور كفه المجعد يشعر بالنيران تكاد تلهب صدره من شدة قلقه على أبنته..

دقق صفوان في كلماته وهي يبتعد قليلاً و قد وقف على بعض خطوتين منهم يسترق السمع إليهم وقد أخرج هاتفه متصنع النظر به..
٠٠٠٠٠٠

كان مروان يقود سيارته شارد الذهن فيما قص عليه رفيقه منذ قليل فقد أخبره بما حدث مع صديق قديم لهم حدث معه أنه سافر إلى الخارج البلاد من أجل بناء مستقبل جيد إلي عائلته و كان يرسل إلي زوجته النقود من أجل بناء منزل لهم، و عندما قرر العودة إلي البلاد يجد أن المنزل الذي كان من المفترض أنه تعده أصبح سراب و قد طلبت الزوجه الطلاق و أخذت أولادها و النقود و ذهبت إلي رجل آخر..

لم يشعر بحاله سوي وهو يتوقف بسيارته أمام البنايه التي تقطن بها مروه..

عدة دقائق و كان يجلس في صالون منزلهم و قد ذهبت والدتها المبتهجه بتلك الزياره من أجل إعداد مشروب ساخن له..

شبك كفيه في بعضهم يحاول ترتيب كلماته، دقائق و كانت مروه تدلف إلي الصالون وهي تهدر بتعجب:
_ لما ماما قالتلي أنك هنا استغربت..

نطقت بتلك الكلمات وهي تجلس على مقعد مقابل له، حل مروان كفيه المتشابكين و ظل يحدقها بنظرات غير مفهومه ثم هدر أخيراً باستنكار:
_ ممكن أعرف رجعتي الفلوس ليه؟

مطت مروه شفتيها ثم تحدثت بتفهم خافت:
_ أنت جاي عشان كده !

توقفت قليلاً عن متابعة كلماتها ثم نطقت بنبرة هادئه للغايه:
_, عموماً ده حقك إيه الغريب في ده..

حرك رأسه وقد رسم على ثغره ابتسامة صغيره قائلاً بنفي:
_ أنا مش جاي عشان كده

عقدت مروه ذراعيها أمامها قائله بترقب:
_ آمال جاي عشان إيه !

تنهد هو طويلاً ثم تحدث قائلاً بتريث:
_ جاي عشان نرجع تاني

لم تكن تتوقع تلك الأجابه و قد ظهر الإرتباك على ملامحها و تحدثت بتوتر ملحوظ:
_ نرجع !، اشمعنا يعني ؟ ، إيه إلي جد يعني !

نطقت بتلك الكلمات وهي تعض على شفتيها بشده، صمت هو قليلاً ثم تحدث قائلاً بصوت رخيم:
_ مفيش حاجه جدت أكثر إني مقتنع إني مش هلاقي زيك..

تنفس بعمق وهو يتابع موضحاً لها بصدق:
_ أنتي مناسبة في كل حاجه، وواثقه أنك هتبقي أم كويسه لولادي و هقدر اعيش مرتاح معاكي

غز الأحمرار وجنتيها و أرتجف كفها خفضت بصرها قليلا ثم عادت ترفع إياه قائله بخفوت و قد كان واضح في نبرتها عدم التصديق:
_ فجأة كده حسيت إني مناسبه، ليه مقولتش الكلام ده قبل كده !

رفع مروان حاجب و نزل الآخر قائلاً بمرواغه:
_ هو أنتي ادتيني فرصه !

عضت هي علي شفتيها تعيد طرف وشاحها إلي الخلف بارتباك قائله بثبات زائف:
_ أنت لو كنت عايز تتمسك بيا كنت تمسكت لكن أنت زي ما يكون ما صدقت..

التوي ثغر مروان بابتسامة طفيفه و ظل صامتاً تاركاً إياها تخرج ما بداخلها، فركت هي كفيها ببعضهم بتوتر وهي تقول باستياء:
_ ساكت ليه؟، مش أنت فعلاً ما صدقت ؟

تنهد مروان طويلاً قائلاً بهدوء متناهي:
_ سامعك، و مستني ردك موافقه نرجع ولا..

عقدت مروه حاجبيها بشده وقالت بنبره ممتعضه:
_ هو أنت ليه دائماً بتتجاهل الرد على أسئلتي، وبعدين أنت عايزين أقولك موافقه من غير ما اعرف أنت عايز ترجع ليه وليه من الأول كنت بتعاملني كده..

زفر مروان طويلاً ثم ألقي نظره على والدتها التي دلفت حامله الصنيه الموضوع عليها فنجان قهوه و انحنت تضع إياها وهي تقول بترحيب مسروره:
_ يا ألف مرحب يا مروان نورت يا بني ، أنت متتخيلش زعلت قد إيه أنكم فسختوا الخطوبه..

التوي ثغر مروان بابتسامة جانبيه وهو يري مروه ترمي والدتها بنظرات حاده محذره..

قد وجد في تواجد والدتها فرصه للهرب من أسئلة مروه فقال بنبره ماكره:
_, مروه هي إلي طلبت..

توقف عن متابعة كلماته وهو يراقب ملامح مروه التي نظرت له بتعجب، عاد ينظر إلي والدتها قائلاً بوداعه زائفه بصوته الأجش:
_ و أنا دلوقتي جاي عشان عايز نرجع

تهلهلت أسارير والدتها و تحدثت بفرحه مبالغ بها غير مصدقه:
_ بجد يا بني, ياريت يا حبيبي مش هنلاقي زيك أصلا

ضغطت مروه علي أسنانها وقد أحمر وجهها حرجاً ترغب أن تنشق الأرض و تبتلعها رفعت كفها تضرب على جبهتها وهي تقول من بين أسنانها:
_ ماما..

قاوم مروان حاله من الأبتسام وهو يستمع إلي كلمات والدتها التي تابعت تشرح له عفوياً:
_ دي مروه يا حبة عيني بعد إلي حصل وهي خست النص ده حتي جالها عريس بس رفضت و..

قاطعها مروه قائله بنبره مضغوطه:
_ ماما أنتي مش كنتي عايزه تصلي من شويه!

نظرت والدتها إليها للحظات وقد التوي ثغرها بابتسامة ماكره وحركت رأسها إيجاباً قائله بتذكر زائف:
_, اه صحيح افتكرت، عن اذنك يا مروان اسيبكم تتكلموا شويه و هروح أصلي

نطقت بتلك الكلمات وهي تتحرك نحو الداخل تاركه مروان يرمق مروه وهو يرفع حاجبيه وقد لاحظ وجنتيها المحمرتين، فهدر بنبرة خبيثه:
_ بقي كنتي زعلانه عشاني!

شعرت بحرارة في وجنتيها و رغبت أن تنشق الأرض و تبتلعها لكنها تماسكت وقالت بانفعال نافيه تلك التهمه عنها:
_ لأ طبعاً ماما بتقول كلام كده وخلاص بتلطف الجو..

سحب مروان فنجان القهوه الموضوع أمامه وهو ينظر لها بنظرات تفحصيه قائلاً بنبرة ماكره:
_ بس باين عليكي أنك خسيتي..

أغمضت مروه جفونها ثم عادت تفتحهم ترمقه بنظرات مضطربه لكنها تمالكت حالها وقالت بنبره حاده قليلاً:
_ عشان زعلي على صاحبتي مش اكتر لكن الموضوع ملوش علاقه بيك..

ارتشف مروان رشفه من فنجان القهوه ثم وضعه محله رافعاً أحد حاجبيه مشككاً بمكر بطريقة مستفزه فقد أعجبه حالتها تلك و احمرار وجنتيها بتلك الطريقة..

٠٠٠٠٠٠
صباح اليوم التالي، وقفت حفصة أمام تلك النافذة تعقد ذراعيها أمامها تحدق بنظرات خاويه..

وقع قلبها في قدميها عندما وجدت سياره تتوقف أمام المنزل، و لكن ارتخت ملامحها عندما وجدت ذلك البغيض يترجل من تلك السيارة..

ابتعدت هي عن النافذة و تحركت تفتح الباب بملامح الشاحبه أثر الإعياء..

تقدم صفوان منها قائلاً بصوت رخيم مشفق:
_ عامله ايه؟

دقق هو في ملامحها الشاحبه وووجهها المائل إلي الأصفرار قائلاً باهتمام:
_ أنتي كويسه ؟

حركت هي رأسها عدة مرات ثم تسألت بنبره متحشرجه:
_ مفيش جديد !

أنكمشت ملامحه قليلاً لكنها تمالك حاله وهو يقول بجمود:
_ اتحسن..

حمدت هي ربها بصوت مسموع أبتلعت هي ريقها وهي تشعر بألم حلقها يزداد، وجدته يدقق في وجهها قائلاً بتشكك:
_ متأكده أنك كويسه؟

تجاهلت هي الرد عليه و لكن شعرت بالدوار و تلقائياً استندت على ذراعه مما جعله يشعر بحرارة كفها فعقد حاجبيه قائلاً بقلق:
_ واضح أنك مش كويسه

تجاهلت هي حديثه و أبعدت في كفها بعيداً عنه تعدل من وضع وشاح رأسها بارتجاف..

لم يشعر هو بحاله سوي وهو يضع كفه على جبهتها يتحسس حرارتها لكنها انتفضت مبتعده عنه كمن لدغها عقربه صارخه به بصوت مبحوح:
_ أنت بتعمل ايه انت..

حك صفوان خصلات شعره قائلاً بثبات:
_ كنت بشوف حرارتك

ثم استرسل قائلاً بنبرة جاده:
_ قولولي حاسه بايه عشان اشرح للصيدلي و اجيبلك علاج..

رمته هي بنظره ناريه و رفعت سبابتها أمامه قائله بنبره منفعله:
_ اوعي تفكر تلمسني تاني أنت فاهم ، أنا أصلا همشي من هنا شكلك نسيت إني متجوزه

تجاهل صفوان حديثها وقال بنبره حازمه:
_ خشي ارتاحي أما اجيبلك العلاج..

تجاهلت هي حديثه و تحركت بخطوات متعثره قائله بنبره منفعله واضح بها الإعياء:
_ أنا هروح أشوف محمود و يعملوا إلي يعملوا

شعرت بالدوار لكنها تمالكت حالها وهي تتابع خطواتها متجاهلة ذلك الصداع الذي يكاد يفتك برأسها و الألم الذي ينخر في عظامها..

تحرك صفوان خلفها هادراً بنفاذ صبر مشفقاً عليها:
_ طب استني شويه أما تبقي كويسه وبعدين اعمليه إلي تعمليه

حركت رأسها نافيه وهي تقول بتصميم وقد فرت دمعه حاره من عينيها وهي تقول بصوت متحشرج مكتوم:
_ لازم أقول لمحمود إلي حصل هو ممكن يسامحني أو لو..

توقفت الكلمات على طرف شفتيها وهي تشعر بتلك الدمعه التي ألهبت وجهها، أغمض صفوان جفونه ثم فتحتهم وهو يقول بتردد:
_ في حاجة أنتي لازم تعرفيها..


يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي