الفصل الثاني عشر

الفصل الثاني عشر ...

لم تعد تستطيع مقاومة النوم بعد رحيله ..
اما الحفلة التي ارادت الذهاب إليها ،
فقد غدا مستحيلا الذهاب اليها ..
لانها ما عادت تقدر على الخروج من السرير انه على حق فهي تقتل نفسها ببطء ولكن بطريقة مؤكدة .
في الصباح التالي حاولت ان ترد على تحيات تيوان المتسائلة ببرود .

-  كيف تشعرين اليوم ؟
اجابته :
-  بخير ......شكرا لك .. والان بالنسبة لليلة امس ....
قاطعها بجدية :
-  إيف ....
لن ننجح هكذا ان الاحلام التي راودتني ،
اعلمتني انني لم اكن اتخيل ماجرى بيننا ليلة امس .
تأففت بضيق :
-  تيوان ..
لن استطيع متابعة العمل ، اذا كنت ستذكرني باستمرار بهفوة صدرت عني ....
كنت متعبة فلم افكر تفكيرا سويا ،
والان هل لنا أن نطرق الى صفحة المشاكل التي ذكرتها بالامس ؟

هز كتفيه بعد طول نظر ثم استقام :
-  لا تعجبك الفكرة .... هه ؟
رددت بتعجب :
-  من اين لك هذا الاعتقاد ؟
اجابها :
-  ذكرت صفحة المشاكل وكانك تتحدثين عن شيء ققذر.
قالت له :
واليست كذلك ؟
ذم شفتيه قائلًا :
-  هناك استفتاء يقول ان معظم النساء ،
يفتحن صفحة المشاكل قبل أي شيء .
سألت بإهتمام :
-  من قام بهذا الاستفتاء .
اجابها بثقة :
-  انا ..
ولكن ليس بصفة شخصية ،
بل بواسطة فريق عمل اجري مقابلات مع النساء في الشارع .
رددت بذهول :
-  اين ؟
ابتسم :
-  في سنتر بوينت وكاستليرغ سترين .... هل اكتفيت ؟
قالت له بغرور :
-  كانت مجلتنا ناجحة دون صفحة مشاكل .
نظر نحوها قائلًا :
-  لا يمكن ان تكون اولئك النسوة جميعهن على
خطا !
رددت :
-  الا يمكن .
نفى الأمر بإصرار :
-  لا .
اخبرته بحدة :
-  لكن مجلة شؤون المراة كانت دائما فوق هذه الامور ..
وضع يداه في جيب بنطاله قائلا :
-  اذن يجب ان تنخفض الى مستواى لانني
مصمم على نشر هذه الصفحة ،
في اول عدد يصدر في السنة القادمة .
رقت عيناها غضبا :
-  لماذا تزعج نفسك اذن بالتطرق الى فتح الموضوع معي ؟
رد ببساطة :
-  تادبا فانت ما زلتِ مديرة المجلة المسؤولة .
قالت بنزق :
-  انما ليس لوقت طويل .
هز رأسه قائلًا :
-  وهذا ما يذكرني بامر اخر ...
هل قمت بشيء للاعلان عن بديل لك ؟
قالت له بعملية :
-  اتصلت باحدى الوكالات فعرضت علينا سيدتان تبدو مواصفاتهما واحدة .
أمرها بجدية ى
-  اريد حضور المقابلات التي ستجريها معهما .
شهقت :
-  ولماذا ؟ ألا تثق بي ؟ اهذا هو السبب ؟
تأفف :
-  تتصرفين بطفولية الان ......
على صوتها بحدة :
-  اريد ان اعرف سبب رغبتك في حضور المقابلات ،
واظن ان من حقي ان اعرف .
هز كتفيه قائلًا :
-  بالطبع حقك ..
الا انني اريد ان اكون موجودا
لانني مضطر الى العمل مع المراة التي ستحل مكانك بعد رحيلك .
قالت بحزن ى
-  ويطويني النسيان !
اقترب منها بحنو قائلًا :
-  تعلمين انك لن تخرجي من تفكري إيف ،
اسمعي تعرفين ان ما اطلبه حق ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول له :
-  طبعا ..
حالما احدد الموعد اعلمك به ،
الا اذا احببت ان تحدد انت الموعد كذلك ......
تنهد نافذ الصبر :
-  لا تابعي عملك ارى انني لن اتفاهم معك
اليوم .
اقرت قوله بجدية :
-  هذا صحيح والان لو سمحت لدي عمل اقوم
به .
توقفت في الممر ممتنة لسماع صوت لورين :
-  مرحبا إيف كيف حالك اليوم ؟
اجابتها :
-  بخير كنت ابحث عنك ،
فانت لم تتمي عملية التعارف بالامس ويبدو ان تيوان مشغول هذا الصباح .
رحبت بها لورين :
-  تعالي من هنا اذن ،
اعلم ان الشباب متشوقون لتعرف اليك .
وتبين لها ان الشباب عصبة جميلة خفيفة الظل ظهرت خفتهم ما ان تغلبوا على تحفظهم الاولي معها .

آلن كان كما ظنته تماما عابثا ..
ومارتن جاد هادئ ،
أما لاثام فودود دون ان يكون اليفا ..
ربما لانه ما زال يراها امراة غريبة الاطوار .
وقالت بمرح :
-  اظنني بل اعرف انني بدوت حمقاء يوم امس ....
فانا وتيوان لانتفق في الواقع ،
واظن ان لكل منا شخصية قوية وهذا لا يفيد في تناغم العمل .
قال لاثام :
-  لكننا جميعا اعتقدنا انك وهو .. لا ...
اعتقد ان ليس بعد الذي قلته عنه يوم امس ،
ايعني هذا انك قد تقبلين موعد يعرضه عليك احد مساعديه !
ردت مازحة :
-  مع لورين ؟
ضحك لاثام :
-  لا ! لم اكن افكر فيها ..
هل تتناولين العشاء معي يوما يا إيف .
حذرته صادقة :
-  قد لا يعجب دعوتك هذه تيوان .
قال لها بجدية ى
-  انا لم اطلبها من تيوان .
ابتسمت :
-  اقصد انه سينزعج ان خرجنا معا .
اجابها :
-  اعرف هذا ... لكنني قادر على تسوية الامور معه .
اما هي فلا تعتقد ان احدا يقدر على تسوية
اي امر مع تيوان كارتر !
خاصة حين يكون ثائرا ،
كما انها لا تريد ان تعرض لاثام الى هذا الموقف ،
فلم يكن لديها ادنى شك في انه شاب طيب ووسيم كذلك لكن لا يمكنها ان تشعر نحوه باكثر من االاعجاب، رغم شبهه بدايمن زوجها المتوفى حديثًا ...

وقال حينما امتنعت عن الرد :
-  لقد شرح لي تيوان سبب ردة فعلك حين رايتني امس ،
اعني سبب تكدرك .
سألته باهتمام :
-  وماذا شرح لك ؟
اجابها :
-  قال انني اشبه قليلا زوجك .....
قاطعته :
-  هاي لا بأس عليك ......
بدا قلقا عليها عندما راى شحوب وجهها ، لذلك قال لها :
-  لم يزعجني شبهي بزوجك اطلاقا ،
فان صدقات عديدة تبدا لاسباب اقل من هذه بكثير .
لقد اراد تيوان ان يمنع اية صداقة تقوم بينها وبين لاثام ،
كيف يجرؤ على ان يخبره عن زوجها وشبهه به ؟
تعلم انه يجرؤ وتعلم انه قال ما قاله ليعتقد لاثام ان اي اهتمام قد تظهره سيكون مرده الى الشبه الذي بينه وبين دايمن .

وقد نجح في هذا ....... تبا له .
بقيت إيف في مكتب المساعدين بعد ان رفضت دعوة لاثام الى العشاء نصف ساعة اخرى .
ولكن لم يعرف احدا ممن شاهدها تضحك وتمزح مع الاخرين ،
انها تغلي غضبا في الداخل .
وهاقد انفجر كل الغضب امامه :
-  ايها النذل المتعجرف !

رفع تيوان راسه وعلى وجهه تعبير الدهشة وهو يسمعها تردف :
-  كيف تجرؤ على ان تخبر لاثام اخبارا خاصة عني ؟
لماذا تريد ان توحي الى الرجال انني لن اعجب بهم الا اذا كانوا يشبهون زوجي ؟؟ اجبني ؟
سألها باهتمام :
-  وهل تكلمت مع لاثام ؟
ردت بعصبية :
-  هذا واضح !
هز رأسه :
-  واضح ...الا انني لا احسبه قد قال ماتتهمينني به .
صرخت به :
-  الم تقل له انه يشبه دايمن زوجي المتوفى ؟
اجابها :
-  بالطبع قلت له هذا ،
كان علي ان أفسر تصرفاتك معه حين رأيته ،
وهناك امر آخر ..
الصورة فما عليه الا ان يراها على مكتبك حتى يعرف السبب .
واجهته بفظاظة :
-  اتنكر ان غايتك من اخباره عن دايمن ،
حتى يظن انني معجبة به لهذا السبب فقط ؟
سألها باهتمام :
-  وهل يعجبك ؟
اجابته بتحدِ :
-  في الواقع اجل !
لقد وجدته ذكيا ومثيرا للاهتمام ،
و لاحظت بعد ان تحدثت اليه ان شبهه بدايمن يخف شيئا فشيئا .
وقف تيوان قائلا :
-  اذن انا سعيد لانني اخبرته ولا انكر انني قلت ما قلته له للسبب الذي ذكرته ...
فالموقف بيننا اصلا مُربك دون اضافة خروجك مع لاثام .
قالت له بجدية :
-  لا اجده مربكا ابدا ...... انت لا تعجبني
ولا أريد الخروج معك ، واذا اردت الخروج مع لاثام سأفعل !
ضاقت عيناه غضبا :
-  هل طلب منك الخروج معه ؟
اجابته بالحدة نفسها :
-  اجل !
احمرت عيناه وهو يقول لها :
-  لن تذهبي معه .
ردت عليه متحدية :
-  سأفعل اذا اردت .
اشتعل غضبه أكثر وهو يقول لها :
-  لا تفكري حتى بالموضوع فلو خرجت معه
، لاضطررت الى فعل هذا عدة مرات امامه .
ورفع يده الى راسها ثم شدها اليه حتى اصبح وجهاهما متقاربين :
-  واذا لم ينجح هذا ساضطر الى ابعاده .
شهقت :
-  لن تفعل هذا ؟
اجاب بجدية اخافتها :
-  بلى سأفعل ..
صدقيني إيف ..
أنا لن اطرده من خدمتي فهو كفوء لكنني ساعيده الى المكتب الرئيسي فقط .
راحت تدير راسها يمنة ويسرة وهي تقول ببطء شديد :
-  انت حقا نذل !

هز راسه معترفا ببرودة :
-  اذا كنت تعنين بهذا انني احدد منطقتي واقاتل
من يقترب من احدى ممتلكاتي فقد اصبت لانني نذل بربري .
صرخت به :
-  انا لست احدى ممتلكاتك .... وأنت لا تقاتل بشرف .
اجابها وهو يقرب وجهه منها أكثر :
-  انا اقاتل باي سلاح متوفر لدي .
رددت بدهشة :
-  لكن هذا مستقبل رجل !
ذم شفتيه قائلًا :
-  بين يديك ......
قلت لك ما ستكون النتائج وتعرفين العقوبة التي سيتلقاها ..
صاحت محبطة :
-  هذا ظلم .
ردد بثقة :
-  نادرا ما تكون الحياة عادلة ،
فلماذا لا تستسلمين وتخرجين معي إيف ؟
فانا لن اسمح لاي رجل بان يلمسك .
قالت له بغيظ :
-  لابد ان يكون في سيدني رجل لا يمكنك الوصول اليه .
ابتسم وهو يمسكها بين ذراعيه بسهولة في حين انها تحاول جاهدة الافلات .
-  اذا كان هناك احد فتاكدي انني ساجد طريقة لابعاده عنك ،
فانت لي إيف .....
وكلما سارعت في تقبل هذا الواقع كلما كان خير لك ..
وسترين بنفسك انني اسهل انقيادا حين لا اكون متوترا ،
ولكنني منذ ان قابلتك لم اعرف الا التوتر .
حاولت الافلات منه وهي تقول له :
-  لا تتوقع مني ان اقوم بما يريحك ،
حتى وان وعدتني بالخروج من حياتي الى الابد فلا تنتظر شيئا مني .

نفى الأمر سريعًا :
-  لا ...... كيف اخرج من حياتك ؟
وانا اريد ان استولي عليها كلها على تفكيرك وابتسمتك ولحظات صحوك ..
وانا اريد ان امزج نفسي بنفسك حتى تخالين انك مسكونة في .
قالت بغضب :
-  وهذا ما احس به الان !
ابتسم لها قائلًا :
-  حبيبتي لقد شرحت لك انني لن اتركك ما دام لي الخيار ....
وانا انتظر دعوة منك لاعيش معك .
صكت اسنانها وهي تقول له :
-  ستنتظر الى الابد اذن !
هز كتفيه قائلًا :
-  لا أظن هذا ، فالصبر حدود ،
اعتقد ان والدي سيدهشان حين يريان التغيير الذي احدثته في .
ظل صدرها يعلو ويهبط وهو مازال يحتجزها بين يديه ، لتقول له بإصرار :
-  انه امر مؤقت .... والان اتسمح بان تتركني ؟
نظر لعمق عينيها وهو يقول لها :
-  تعرفين الثمن .
سخرت منه :
-  وتتهمني بالطفولية ؟
ابتسم يردد :
-  كنت تتصرفين بطفولية وقت ذاك .
قالت له بنفاذ صبر :
-  كما تفعل انت الان ؟

ضحك تيوان ضحكة ذئب :
-  انا ابعد ما اكون عن التصرف الطفولي إيف ..
اني اكثر من راشد فما رايك بعناق صغير .؟
قالت له باستسلام :
-  عناق صديقين ؟
اقترب من وجهها حد الخطر وهو يقول لها :
-  لا ارغب ابدا ان اكون صديقك حبيبتي ،
بل حبيبك ... آه يالوقع هذه الكلمة ويالروعتها !
رددت بخفوت :
-  تحلم !
ابتسم بخبث قائلًا :
-  هيا صبري بدا ينفذ ضعي يديك الجميلتين حول عنقي ولنبدا العمل ….
استسلمت اخيرا فرفعت يديها الى عنقه ،
فهي تعلم يقينا ان لا فائدة من المقاومة ،
استلقت ذراعاها على كتفيه وراح يشدها بقوة لكنه سرعان ما ضحك وهو يبعدها عنه لامسا انفها بفمه :
-  اترين ...... تعرفين اصول اللعبة كما يظهر .
قالت له وهي تحاول اخفاء ابتسامتها :
-  لكن ليس حسب قوانينك انت .
سألها سريعًا :
-  الن تخرجي معي الليلة ؟
ردت بتصميم :
-  لا ...
قال لها :
-  لا باس ..
نظرت اليه بريبة وهي تراه يعود الى مكانه ،
لقد قبل رفضها اليوم بهدوء زائد ..
جعلها بطريق ما لا تثق به ، فربما يحضر لأمر ما !
ترى ما هو هذا الامر الذي تشعر به واقعا حتما ؟
_________

لم يحاول تيوان خلال الاسبوع كله القيام بشيء
بل تجاهل وجودها معظم الوقت ،
وكاد يقطع لها راسها احيانا بأوامره .
حين جاءت المراتان للمقابلة يوم الجمعة لم تكن تعرف ان مزاجه اليوم عاصفا .
بعد انتهاء المقابلة قال لها يصرف النظر عن المراتين :
-  الاولى صغيرة جدا والثانية متورطة في زواجها .
رددت كلماته وهي لا تصدق ما تسمع :

-  متورطة في زواجها ؟
وكيف لا احد الا يكون متورطا في زواج ؟
قال لها بصرامة :
-  يجب على مديرة المجلة ان تضع المجلة قبل كل شيء .
سألته بتعجب :
-  اذن لماذا لم تكن الاولى مناسبة .... نعم هي
صغيرة قليلا ،
لكنني كنت في الرابعة والعشرين حين توليت الادارة .


____________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي