الفصل التاسع

خرج صفوان من باب المنزل بملامح منكمشه يحرك رأسه يميناً و يساراً وقد أخرج هاتفه من جيب بنطاله و كاد أن يجري مكالمه لكن توقفت عينيه علي تلك الجالسه وضع القرفصاء تمسح بكفها على جسد تلك القطه..

ضيق ما بين عينيه متحرك نحوها وقد تحدث قائلاً باستفهام:
_ خرجتي ليه من البيت؟

رفعت هي رأسها تحدقه بنظرات متلهفه قائله بنبره مهزوزه خائفه:
_ شاهين عامل إيه ؟

ارتجفت شفتيها بذعر وهي تتابع بتلعثم:
_ عايش ولا م ، ولا مااات

نطقت بتلك الكلمات وهي تنفض كفيها المرتجفين وقد اعتدلت واقفه، تنفس هو بعمق قائلاً بنبره مختصره:
_ عايش بس حالته مش مستقره..

تردد في عقلها أول كلمه نطقها بشكل جعل اساريرها تنفرج وهي ترفع كفيها للأعلي قائله بحراره:
_ الحمدلله الحمدلله ، الحمدلله

أعادت خصله من خصلات شعرها المشعت إلي الخلف قائله بنبرة مرتجفه:
_ يعني دلوقتي اقدر أرجع هو عايش و أكيد هيعيش صح!

حرك هو رأسه إيجاباً وعينيه معلقه بها بصمت، رفع كفه يمسح على وجهه وهو يقول بنبره مقتضبة:
_ متقلقيش أن شاء الله هيبقي كويس

وضعت هي كفها على فمها تزفر طويلاً تشعر كأن هناك حمل ثقيل ذهب عنها، حك هو أسفل ذقنه يتفرس في ملامحها الباهته ثم تحدث قائلاً بأسف:
_ لكن في حاجة تانيه..


ارتجفت شفتيها و هي تحدقه بريبه فهي تعلم أن عائلة زوجها لن تتركها بحالها لكن يكفيها أنها لم تصبح قاتله، عضت على شفتيها بقوه وهي تقول بنبره مرتجفه:
_ حاجة إيه؟

زفر صفوان طويلاً ثم تحدث بنبره متريثه:
_ المنطقه كلها بقت بتتكلم أنك عملتي كده..

توقفت الكلمات على طرف شفتيه وهو يلاحظ ملامحها التي أنكمشت بخوف مترقبه،كور قبضته شاعراً بالندم يكاد يفتك به، ضغط على أسنانه و أردف موضحاً بقلق:
_ بسبب أنك على علاقه بحد غير جوزك..

تجمدت نظراتها و تصلبت في وقفتها كالتمثال لحظات من الصمت القاتل وقد انعقد لسانها ،حتي حركت شفتيها تتحدث بصعوبه بالغه:
_ أهلي، أهلي..

توقفت وهي تشعر بالدوار استندت بكفها على ذلك السور الذي بجانبها وهي تتابع بتعثر:
_ أهلي، أهلي عرفوا..

حرك رأسه نافياً هادراً بخفوت:
_ مش عارف أنا..

لم يكمل كلماته حيث تشنجت ملامحها بغضب مبرر و هدرت بنبره حارقه نابعه من روحها الجريحه أثر ما يحدث معها:
_ أنت السبب، حرام عليك ليه عملت كده ليه أنا معملتش حاجه تستاهل ده أنا، شاهين..


ارتجفت نبرتها و اختنقت بالعبرات التي أنسابت على وجنتيها قائله بهذيان متألمه:
_ أنا يوسف، يوسف كنت اعرفه قبل جوازي، أنا غلطت بس مخونتش جوزي أنا مليش علاقه بحد..

كانت كلماتها غير مترابطة و هي تحرك رأسها يميناً و يساراً بهستريا بشكل جعل صفوان يود أن يقتل حاله على ما تسبب به..

كاد أن يمد كفه يرغب بمواساتها و لكن توقف قابضاً على كفه بشده وهو يسب ويلعن يوسف..

أنسابت عبراتها الحاره و هي تجلس القرفصاء تدفن وجهها بين كفيها و انفجرت في نوبة بكاء عنيفه جعلت جسدها ينتفض بطريقة عنيفه..

٠٠٠٠٠
طرقات على باب مكتبه جعلت مروه تنتفض وهي تحرك رأسها نحو تلك التي دلفت حركت رأسها بعدم اكتراث وهي تنقر بأناملها على الحقيبه..

شبكت تلك المرأة كفيها في بعضهم قائله بنبرة رقيقه:
_ مروان أنا مستنياك بقالي ساعه هنتأخر كده على المعياد


رفعت مروه حاجب و نزلت الآخر و هي ترفع رأسها تحدقها بنظرات تفحصيه سريعه و حركت رأسها تلقي نظره على ذلك القابع خلف مكتبه قائله بضيق:
_انا همشي..

حك مروان أسفل ذقنه قائلاً بأعتراض طفيف:
_ استني نكمل كلامنا عن موضوع صاحبتك إلي مش لاقي له حل غير لما هي تظهر

ألقت مروه نظره ممتعضه على تلك الواقفه ثم نهضت واضعه ذراع حقيبتها على كتفها قائله بنبره جافه:
_ أنا اسفه إني جيت عارفه أن مفيش في إيدك حاجه تعملها دلوقتي زي ما قولت، الأستاذه مستنياك

نطقت آخر كلمتين بضيق غير مبرر ثم تحركت تتجاوز تلك الواقفه وهي تشعر بمشاعر غريبه غير مبرره ولكن تجاهلت ذلك و قد عاد عقلها يعمل فيما حدث مع رفيقتها !

عقدت تلك الواقفه أمامه ذراعيها قائله بفضول:
_ مين دي يا مروان؟

ألقي مروان نظره على الأوراق التي أمامه قائلاً بإيجاز:
_ مروه..

ضيقت تلك الواقفه ما بين عينيها قائله بتخمين:
_ دي بقي خطيبتك السابقه..

ضغطت على حروف آخر كلمه وهي تتحرك تجلس مكان جلوس مروه واضعه ساق فوق الأخري تتابع مستفهمه:
_ و دي إيه إلي جابها هنا ؟

نظر إليها هو بطرف عينيه قائلاً بنبره بارده:
_ بتسألي ليه !

نطق بتلك الكلمات، وهو ينهض من مكانه يسحب سترته يرتدي إياها قائلا بنبره رسميه:
_ يلا عشان منتأخرش على الناس
٠٠٠٠٠
دلف صفوان إلي شقة عائلته، وصل إلي مسامعه الضحكات الرنانه التي تأتي من الصالون..

كاد أن يتحرك نحو الداخل حتي يبدل ملابسه و لكن توقفت قدميه حين وصل إلي مسامعه صوت فاطمه التي هدرت بنبره حائره:
_ كنت فين ده مرات عمي كانت قلقانه عليك

ألقي صفوان عليها نظره جامده من فوق كتفه ثم تابع سيره نحو الداخل دون أن يكلف نفسه عناء الرد عليها..

_ صفوان جيه مش كده؟

خرجت تلك الكلمات من صفاء التي خرجت من غرفة الصالون للتو، أومأت فاطمه برأسها وهي تقول بنزق هامسه:
_ اخوكي مكبر الموضوع ما خلاص يعني هو إيه إلي حصل لكل ده..

مطت صفاء شفتيها قائله بنبره غير مكترثه:
_ سيبك، عامله ايه مع يوسف !

زفرت فاطمه طويلاً قائله بنبرة ممتعضه:
_ ماشي الحال

تفرست صفاء في ملامحها قائله باستفهام مشككه:
_ عرف حاجه؟

حركت فاطمه رأسها نافيه ثم تحدثت قائله بتنهد:
_ لأ معرفش حاجه، بس..

ضيقت صفاء ما بين عينيها قائله باهتمام مستفهمه:
_ بس إيه..

ارتسم الوجوم على ملامح فاطمه التي هدرت بنبرة خافته واضح بها الغيره:
_, فكرة أنه محتفظ بصور حفصة دي مش عارفه ابقي مرتاحه، تفتكري لسه حاسس بحاجه..


أبتلعت الكلمات على طرف شفتيها وهي تري يوسف يخرج من الصالون قائلاً بنفاذ صبر:
_ فين الشاي يا فاطمه !

ربطت صفاء على كتف فاطمه وألقت نظره عليه قائله بنبره لطيفه:
_ هعمله أنا


نطقت بتلك الكلمات و تحركت نحو المطبخ تاركه فاطمه تنظر نحو زوجها بوجوم، ضيق هو ما بين عينيه قائلاً بتعجب:
_ بتبصلي كده ليه؟

وضعت فاطمه كفها على قميصه تعدل إياه وهي تقول بتوتر بالغ:
_ يوسف عايزه اسألك سؤال..

عقد يوسف حاجبيه قائلاً بترقب يضيق ما بين عينيه:
_ قولي

عضت فاطمه علي شفتيها ثم هدرت متسأله بنبرة خافته واضح بها قلقها من الاجابه:
_ أنت حبيبت قبلي ..

عقد يوسف حاجبيه متعجباً من سؤالها و لكنه تحدث قائلاً بخشونة:
_ إيه مناسبة السؤال؟

رسمت على ملامحها قناع عدم الإهتمام قائله بنبرة حاولت جعلها مرحه:
_ ده مجرد سؤال عادي يعني..

توقفت عن متابعة كلماتها وهي تدقق في ملامحه قائله بتوجس متوتره:
_ مجاوبتش يعني ؟

ضيق يوسف ما بين عينيه يشعر بغرابه في حالة زوجته لكنه تجاهل ذلك واضعاً كفه على أحد وجنتيها قائلاً بنفاذ صبر زائف:
_ روحي ساعدي بنت عمك يا فاطمه


نطق بتلك الكلمات وقد توقف عينيه على صفوان الذي خرج من الداخل يرتدي سترته، رفع يوسف أحد حاجبيه قائلاً باستفسار:
_ مختفي فين يا صفوان ؟

ألقي صفوان عليه نظره جامده وتجاهل سؤاله ثم تسأل بغلظه:
_ أمي جوه؟

فركت فاطمه كفيها في بعضهم قائله بنبرة ثابته:
_ آه جوه

تحرك صفوان نحو الصالون متجاهل إياهم، حدق يوسف في أثره ثم قال بتعجب:
_ ابن عمك ماله؟

مسحت فاطمه علي وجهها بتوتر وهي تقول بخفوت:
_ معرفش، أنا هروح أشوف صفاء

نطقت بتلك الكلمات ثم تحركت مسرعه نحو المطبخ تاركه إياه يمط شفتيه ثم حرك رأسه بلا معني غير مكترث..


تحدثت السيده سمحيه معاتبه صفوان الواقف أمامها قائله:
_ كنت فين؟

تقدم منها صفوان و انحني يقبل قمة رأسها وهي جالسه هكذا قائلاً بنبرة هادئه:
_ كان عندي شويه شغل

رمته السيده سميحه بنظرات مشككه قائله باستفهام:
_ شعل إيه إلي يخليكي تبات بره البيت

نطقت بتلك الكلمات ثم دققت في ملابسه قائله بنزق:
_ أنت خارج تاني؟

أومأ صفوان برأسه إيجاباً قائلاً بتأكيد:
_ أيوه، عندي شغل مهم

نطق بتلك الكلمات ثم تحرك مغادراً غرفة الصالون تحت هتاف والدته:
_ طب اقعد كلك لقمه

ألقي صفوان نظره قاتمه على يوسف ثم تحرك نحو باب الشقه وهو يقول بنبره عاليه نسبياً:
_ كلت بره


٠٠٠٠٠٠٠
بعد مرور يومين، سحبت حفصة زجاجة الماء التي أمامها ترتشف منها وقد تساقطت بعض القطرات على ثيابها..

لم تبالي بذلك حيث ألقت الزجاجه جانباً بعد أن تجرعتها بأكملها..


طرقات على باب المنزل وصوته المألوف يهدر بنبره مترقبه:
_ أستاذه حفصة، جيبتلك أكل


لوت فمها وهي تدور ببصرها بين أكياس الطعام البلاستيكية التي آتي بهم على مدار اليومين الماضيين، نهضت من مكانها ووقفت أمام باب المغلق تقول بنبره خاويه:
_ شاهين عامل إيه دلوقتي؟

قبض صفوان على ذلك الكيس الذي بين أنامله قائلاً بتريث:
_ ممكن تفتحي و تطلعي تاخدي الأكل الأول..

وضعت كفها بجمود على مقبض على الباب وقالت بنبره منفعله قليلاً:
_ بقولك شاهين عامل إيه؟

أخذ هو شهيقاً أتبعه بزفيراً قائلاً بتصميم:
_ افتحي بس الأول لازم نتكلم

تنفست هي طويلاً و تحركت تسحب وشاح الرأس الذي وجدته في المنزل، ارتدت إياه ثم تحركت مره أخري تفتح الباب تحدقه بنظراتها الجامده قائله ببغض:
_ قول إلي عندك.

مد كفه إليها بكيس الطعام البلاستيكي قائلاً برفق:
_ خدي الأكل الأول..

وزعت نظراتها الجامده بينه وبين الكيس قائله بنبره جافه:
_ بقولك شاهين عامل إيه؟

زفر هو طويلاً ثم وضع الكيس جانباً و أشار لها نحو درجات السلم التي أمام باب المنزل قائلاً بلطف:
_ طب تعالي نقعد الأول

ألقت نظره على الدرج ثم عليه قائله بنفاذ صبر محتد:
_ هتقول عامل إيه ولا..

أطلق صفوان شهيق اتبعه بزفيراً قائلاً بوجوم:
_ لسه حالته زي ما هو، في العنايه

أنكمشت ملامحها بشده و شعرت بالاختناق يتملكها لكنها تمالكت حالها و تسألت بنبرة متأثره:
_ متعرفش بابا و ماما عاملين إيه؟


أغمض صفوان جفونه بشده متذكر حالة والديها أمام تلك المشفي الحكومي و صراخ المدعوه سلوي عليهم تنعت تلك الواقفه أمامه بجميع الألفاظ الجارحه، حتي أن والدها سقط أرضاً فاقد الوعي..

لوحت حفصة بكفها أمام وجهه قائله بنبره عصبيه:
_ أنت، بقولك أهلي عاملين إيه، رد عليا مشفتهمش خالص قدام المستشفي !

حدقها هو بنظرات متصلبه دون أن ينطق بشيء، حكت هي أسفل ذقنها قائله بنبره مضطربه:
_ صحيح أنت متعرفهمش ، اوصفلك شكلهم..


توقفت الكلمات على طرف شفتيها عندما قاطعها هو قائلاً بتردد:
_ شوفتهم و عرفتهم من..

توقفت الكلمات على طرف شفتيه وهو يجدها هكذا تحدقه بنظرات متلهفه، تحدث أخيراً قائلاً بتوتر:
_ شوفتهم كانوا قدام المستشفي

ظهرت اللهفه في عينيها وهي تتسأل بتوجس:
_ هما كويسين، عاملين ايه؟، شكلهم عامل إيه؟، بابا عامل إيه؟


نطقت بتلك الكلمات بدون توقف متلهفه توقفت عن متابعة كلماتها وهي تتابع متسأله بحيره واجمه:
_ بس أنت عرفتهم أزي !

مسح هو علي رأسه من الخلف قائلاً بنبرة غير صادقه:
_ سألت و عرفتهم، هما كويسين..

أنسابت منها دمعه حاره تلهب أحدي وجنتيها و هدرت بألم:
_ بابا ، بابا كان عامل إيه؟

أطلق هو تنهيد حاره قائلاً بنبرة مختصره كاذباً:
_ كويس

حركت حفصة رأسها يميناً و يساراً قائله بنبره مضطربه:
_ قصدي ، شكله شكله عامل أزاي، أكيد زعلان أكيد حالته وحشه ، يا تري بيقول عليا إيه يا تري إحساسه إيه

كانت تنطق تلك الكلمات بصعوبه تشعر بروحها تنزف دماً على ما وصلت إليه حياتها..

ظل صفوان يراقبها بنظرات مشفقه ثم تحدث قائلاً بتردد:
_ كنت عايزك تحكيلي إلي حصل ده حصل ازي عشان أعرف أساعدك..

رمته حفصة بنظره قاتله واطبقت شفتيها بقوه وهي تتحرك تجلس على أحد درجات السلم قائله بسخرية مريره:
_ حصل بسببك مثلاً !

كور قبضته لكنه تمالك حاله و جلس بجانبها لكن على بعد مسافة لا بأس بها ، لحظات من الصمت وهي تنظر أمامها بوجوم بملامح متصلبه كمن فقدت الشعور بما حولها..

كان هو ينظر إليها بترقب ما بين الثانيه والأخري، حتي حركت رأسها تهدر بتركيز متهكمه:
_ صحيح أنت ليه بتساعدني مش أنت برضوا إلي شايفني خربت بيت يوسف؟

امتقعت ملامح صفوان وظل صامتاً للحظات ثم أجابها بنبرة مقتضبة:
_عرفت الحقيقة..

صدرت منها ضحكه ساخره وتحدثت قائله بنبره مضطربه لاذعه:
_ عرفت الحقيقة، بعد إيه !

تنفس هو بعمق محاولا تمالك حاله وهو يحدقها بنظراته قائلاً بنبرة مرتبكه:
_ أنا مكنتش أعرف أنك متجوزه


عضت هي على شفتيها بقوه حتي كادت أن تدميها محركه رأسها إيجاباً قائله بتهكم لاذع:
_ كنت هتفرق الصراحه، بدل ما كنت تفضحني قدام أهلي فضحتني قدام سلفتي

صدرت منها ضحكه مريره ساخره وهي تقول بسخط:
_ وهي ماشاءالله زي ما تكون ما صدقت أنها تعملي حوار من مفيش..

قالت تلك الكلمات وهي تنظر أمامها تشعر بوغزه في قلبها متحسره على حالها، مسح هو علي وجهه قائلاً بتوجس:
_ جوزك مسافر مش كده؟

حركت هي رأسها نحوه ترميه بنظره ناريه وهي تقول ببغض صارخه به:
_ و أنت مالك

نطقت بتلك الكلمات ثم نهضت على الفور من مكانها متحركه نحو باب المنزل المفتوح ودلفت نحو الداخل صافعه الباب خلفها تاركه إياه يحدق في أثرها بملامح متجمدة..
يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي