الفصل الثامن
أوقف هو سيارة الأجرة تلك وهو يدور ببصره في ذلك الشارع الفرعي الخالي من الماره، استدار نحو تلك الواقفه بملامح متجمده..
أشار لها نحو سيارة الأجره قائلاً برفق متعجل:
_ تعالى هساعدك لحد ما الأمور تهدي ، متخافيش
حاوطت حفصة جسدها بذراعيها ترمي إياه بنظرات مليئه بالكراهيه و حركت رأسها يميناً و يساراً بارتجاف قائله بنبرة مكتومه حاده:
_ لأ مش هقبل مساعده منك
نطقت بتلك الكلمات و تحركت تسير بتعثر و هي تشعر بتجمد أطرافها تدور ببصرها هنا و هناك بطريقة سريعة خائفه..
لحقها صفوان سريعاً و تحدث محاول إقناعها قائلاً بغلظه:
_ أهل جوزك لو وصلوا ليكي مش هتعدي على خير..
تصلبت قدميها في الأرضيه و قشعر بدنها فزعاً من كلماته فهي أكثر من يعرف حماتها السيده سلوي و حبها الشديد للمدعو شاهين و بالتأكيد لن تكون رحيمه معها..
استدارت نحوه تحدقه بنظرات خاويه متشنجه هلعاً و تحدثت بتعثر بصوتها المبحوح:
_ أنا مش عايزه اتسجن أنا بخاف ، بخاف
نطقت آخر كلمات بهذيان ، و قد ظهرت على ملامح صفوان التأثر حيث هدر برفق مفعم بالتصميم:
_ تعالى معايا ده أفضل حل، مفيش وقت كلها لحظات والمنطقة كلها تتملي بالناس و الشرطه..
لم يكمل كلماته حيث وصل إلي مسامعه صوت سيارة الإسعاف المرتفع المتداخل مع أصوات الصراخ والعويل..
أرتجف بدنها رعباً وهي تحرك رأسها إيجاباً بيأس وحاوطت جسدها وهي تتحرك خلف صفوان الذي سار وهي خلفه..
وفي دقائق معدودة كانت تنطلق سيارة الأجرة بهم تحت نظرات سائق السيارة من المرآه الي تلك القابعه بالخلف في حاله مرزيه .
لاحظ صفوان الجالس بجانبه ذلك مما جعله يقول بغلظه:
_هتوصلنا العنوان إلي أدتهولك و هتاخد إلي أنت عايزه
أبعد السائق نظراته بعيداً عنها و لمعت عينيه وهو يقول بسرور:
_ تمام أوي يا باشا
قال تلك الكلمات ثم صوب نظراته على الطريق و هو يدندن بصوت غليظ هامس، ألقي صفوان نظره مشفقه على تلك الجالسه وجسدها بأكمله يرتجف، تنحنح هو بصوت مسموع و هو ينزع سترته ثم مد كفه لها بها قائلاً بنبره خافته:
_ خدي عشان الجو برد ، اتفضلي
رمته حفصة بنظره مشتعله و أشاحت بنظراتها بعيداً عنه وهي تقول بنبره متحشرجه حاده:
_ مش عايزه حاجه
قبض صفوان على الستره ثم ألقي إياها بجانبها قائلاً برفق:
_ لو غيرتي رأيك يعني
قال تلك الكلمات ثم اعتدل في جلسته ينظر أمامه وهو يمسح على خصلات شعره بتوتر يفكر في تلك الكارثه التي حلت ..
صدح رنين هاتفه، تنهد هو طويلاً وهو يسحب إياه من جيب بنطاله وقع بصره على إسم المتصل والذي لم يكن سوي يوسف ألقي نظره متوتره عليها ليجدها تدفن رأسها بين كفيها..
تجاهل المكالمه ضاغطاً علي الهاتف بقوه..
بعد بضع دقائق، تحسست هي خصلات شعرها مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه وهي تلقي نظره على الستره ثم سحبتها بأنامل مرتعشه بتردد ترتدي إياها رافعه نصفها للأعلي حتي غطت نصف خصلات شعرها وقد صدر منها شهقه متألمه نابعه من أعماق قلبها..
بعد مرور وقت لا بأس به ، توقفت سيارة الأجرة في منطقة هادئة، دارت حفصة ببصرها في المكان من خلف النافذه..
وجدت ذلك البغيض يترجل من السياره بعد أن أعطي السائق نقوده، فتحت هي باب السيارة بأنامل مرتجفه و ترجلت تشعر بنيران في قدميها أثر الركض حافيه..
ضمت هي الستره عليها قائله بنبره مرتجفه مشككه:
_ إيه المكان ده؟، أنت جايبني فين؟
تنفس ذلك الواقف أمامها بعمق وهو يغلق باب السيارة وقد انطلق بها السائق على الفور..
تنهد رضوان يزفر الهواء قائلاً بنبرة هادئه محاولاً أن يبث الأطمئنان بداخلها:
_ في بيت هنا تقدري تفضلي فيه لحد ما نشوف إيه إلي هيحصل..
عضت هي على شفتيها المرتعشة قائله بنبره مبحوحه حاده:
_ بيت أنا لأ ، أنت أزي ، مينفعش ، لأ ، مينفعش..
كانت كلماتها غير مفهومه بشكل آثار شفقته نحوها أكثر، مما جعله يهتف بنبرته الجاده:
_ متقلقيش يا أستاذه حفصة، أنا مش هبقي متواجد معاكي مفيش داعي للخوف..
تراجعت حفصة عدة خطوات إلي الخلف وهي تحرك رأسها يميناً ويساراً بهستريا هادره بانفعال مكتوم:
_ أنا عايزة أروح لأهلي لأ أنا عايزة أمشي من هنا، أنا بعمل إيه هنا معاك أصلاً ، أنت السبب..
ظلت تهذي بتلك الكلمات وهي تتراجع إلي الخلف حتي كادت أن تتعثر قدميها ولكنها حافظت على توزانها و هي تشعر بتلك الدمعه التي انسابت على وجهها تلهبه، تقدم هو منها قائلاً بنبرة واضح بها الندم :
_ ما عشان أنا السبب حابب اساعدك لحد ما أفهم أهل جوزك الحقيقه..
أبتلعت حفصة غصتها المريره وهي تقول بصوت متشنج أثر الإنفعال:
_ بعد إيه، بعد ما قتلته..
ابتلعت باقي كلماتها وهي تعض على شفتيها حتي كادت أن تدميها، أغمض هو جفونه بطريقة عصبيه ثم فتحهم وهو يقول بنبره خافته محاول إقناعها:
_ طب ممكن تسمحيلي أساعدك، حقك تبقي مش قابله تتعاملي معايا بس أنا مش هقدر أسيبك في الحاله دي إلي أنا السبب فيها ، بصي أول ما الأمور تهدي بس شويه..
اذدردت هي ريقها بصعوبة وهي تحدقه بعينيها الجاحظتين ثم حركت رأسها عدة مرات متتالية ييأس وهي تقول بنبره مرتجفه محذره:
_ بس ملكش دعوه بيا ، يعني أول ما شاهين..
ارتجفت نبرتها و اختنقت بالبكاء ، فحرك هو كفه أمامها قائلاً بتفهم:
_ فاهم فاهم متقلقيش
نطق بتلك الكلمات ثم أشار إلي ذلك المنزل قائلاً بتوجس:
_ ها هتيجي معايا !
أومأت هي برأسها بصمت تشعر باليأس وتحركت خلفه متعثره بخطواتها وعينيها تدور في المكان بريبه..
٠٠٠٠٠٠
أرتفع صوت النحيب بداخل تلك المشفي الحكومي، تقدمت بسمه بوجهها المغرق بالدموع الحاره هادره بنبره مغلوله متحشرجه بالبكاء:
_ الي عملته مرات إبنك ده مش هيعدي على خير
اشتعلت أعين تلك الجالسه قابضه على جلبابها بقوه ودموعها تنساب بحراره صائحه بنبرة حاقده متوعده:
_ مش هعديلها بنت صفيه و هتتسجن، و مش هرتاح غير وانا فضحاها ال..
نطقت بلفظ جارح، وقد تقدم منها مجموعة من السيدات يقفون على مقربه منها وهم يتبادلون النظرات الفضوليه فيما بينهم ، تحدثت أحدهما بنبره فضوليه غير مراعيه لحالتها:
_ هو إيه إلي حصل يا سلوي؟
كبحت بسمه دموعها وهي تبتعد واقفه جانباً دون أن تعلق، بينما هتفت سيده أخري بنبره حائره غير مستوعبه:
_ معقوله حفصة تعمل كده !
و مصمصت أخري شفتيها قائله بذهول:
_ مش مصدقه دي كل الناس بتحلف بأخلاقها..
أبتلعت باقي كلماتها حين وقع بصرها على نظرات سلوي الناريه والتي تكاد تفتك بها و قد هدرت من بين أسنانها:
_ إلي بتتكلمي عنها دي هي السبب أن ابني حبيبي مرمي جوه ، هي السبب المجرمه
توقفت عن متابعة كلماتها و راحت تنتحب بصوت مرتفع وهي تضرب على ساقيها بقوه شاعره بنيران تكاد تتأكل قلبها الملتاع على أبنها العزيز..
تبادلت السيدات النظرات بينهم وقد ربطت أحدهم على كتف السيده سلوي قائله بمواساه:
_ قلبي عندك يا حبيبتي ، ربنا يحفظهولك و يقومه بالسلامه ليكي
لم تستطيع بسمه المحافظه على تماسكها أكثر من ذلك حيث عادت تتقدم منهم و عينيها المتجمع بهم العبرات تلمع بشرارة الغضب هادره ببغض:
_ عايزين تعرفوا حفصة صاحبة الأخلاق عملت كده ليه ، عشان اكتشفنا أنها على علاقه بواحد تاني غير جوزها..
تعالت شهقات الصدمه من السيدات و تبادلوا النظرات الغير مصدقه..
٠٠٠٠٠٠
جلس صفوان على تلك الدرجات القليله المتواجدة أمام باب المنزل يمسح على وجهه بشده..
صدح رنين هاتفه أخذ نفس عميق ثم آخرج إياه من جيب بنطاله و أجاب عليه قائلاً بنبرة جافه مرتفعه قليلاً:
_ عايز إيه يا يوسف؟
وصلت تلك الكلمات إلي حفصة الواقفه خلف الباب من الداخل مما جعل ملامحها تنكمش بشده وهي تضع أذنها على الباب تكور قبضتها بشده..
زفر ذلك الجالس بالخارج طويلاً قائلاً بتأفف:
_ معرفش يا يوسف، و مش فاضي لتفاهاتك أنت و مراتك
نطق بتلك الكلمات وقد أغلق المكالمه سريعاً تزامناً مع فتح الباب لتخرج منه حفصة كالزوبعه صائحه بنبرة متشنجه غضباً:
_ هات التليفون..
عقد صفوان حاجبيه وقد وقف على قدميه قائلاً بعدم فهم:
_ ليه ؟
ضغطت حفصة على أسنانها بقوه و هي تقول بنبره حارقه:
_ أكلم البني آدم الحقير إلي اسمه يوسف ده..
أدرك هو أنها استمتعت إليه، وضع الهاتف في جيب سترته وهو يقول بتريث محاولاً تهدئتها:
_ يوسف مكنش يعرف بكل إلي حصل ولو حد غلطان فهو أنا لكن..
رفعت حفصة كفها تمسح على وجهها بطريقة عصبيه قائله بنبره مشتعله:
_ أنت حقير و هو زيك لما أحتفظ بصوري ربنا ينتقم منه حسبي الله ونعم الوكيل فيكم
انخفضت نبرتها في آخر كلماتها وهي تشعر بتلك الدمعه التي ألهبت وجهها الشاحب..
تصلب هو في وقفته يستمع إلي كلماتها تلك فهو لن يغفر إلي حاله ما فعله بها..
أرتجف جسدها وهي تشعر بالهواء يضرب جسدها و شعرت أن جسدها بأكمله تصلب من البرود، تنفس هو بعمق قائلاً بتردد:
_ خشي جوه الجو برد
رمته بنظره قاتله وتحدثت من بين أسنانها:
_ ملكش دعوه بيا أمشي من هنا
توقفت عن متابعة كلماتها تحاول التقاط أنفاسها المتسارعة قائله بنبرة متحشرجه هجوميه:
_ عايزك تعرف كويس إني هفضل لآخر نفس فيا بدعي عليكم
نطقت بتلك الكلمات ثم تحركت تدلف إلي داخل المنزل صافعه الباب بعنف يتنافي مع قوتها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
ألقي محمود هاتفه جانباً بعد محاولات كثيرة من أجل الإتصال بعائلته وقد بائت جميعها بالفشل..
شعر بمن يحاوط خصره من الخلف مما جعله يبتسم قائلاً بنبرة حانيه:
_ إيه إلي مصحيكي لحد دلوقتي؟
نطق بتلك وقد استدار يحاوط خصر تلك الواقفه و التي تحدثت متسأله:
_ عرفت توصل لحد من عيلتك ؟
حرك رأسه نافياً وهو يرفع كفه يعيد أحدي خصلات شعرها إلي الخلف قائلاً بعدم اكتراث:
_ هكلمهم بكره تاني
حركت تلك الواقفه رأسها بتفهم ثم هتفت بنزق:
_ عملت إيه في حوار حفصة، ما تخليهم يطردوها من البيت وطلقها و خلاص..
قالت تلك الكلمات متأمله أن يوافق على كلماتها و لكن لاحظت تلك اللمعه الحاده في عينيه وهو يقول من بين أسنانه:
_ لأ ، سيبيها شويه كده و في الآخر هطلقها..
مطت تلك الواقفه شفتيها و التوي ثغرها بابتسامة متكلفه قائله بخفوت:
_ إلي أنت شايفوا يا حبيبي
مسح محمود علي وجهها ببطء قائلاً بعزم:
_ متقلقيش يا سوزان أوعدك اول ما نرجع مصر هلعن جوازنا وهطلقها و ارميها
لمعت مقلتي سوزان تشعر بالأنتصار، أسبلت أهدابها قائله بوداعه:
_ مستنيه يا حبيبي
٠٠٠٠٠٠٠
خرجت مروه من تلك البنايه التي تقطن بها عائلة حفصة وقد علمت بما حدث مع الأخيرة..
ألقت نظره على البنايه تشعر بالحزن العميق من أجل صديقتها التي هي واثقه أن فعلتها تلك بالتأكيد عن طريق الخطأ..
وضعت كفها على فمها شارده في حالة عائلة حفصة المرزيه..
وصل إلي مسامعها كلمات أحدي السيدات الجالسه أمام أحدي البنايات والتي هتفت بشماته:
_ مستغربه يا ختي إلي عملته بنت صفيه في أخو جوزها !
لوت تلك الجالسه بجانبها فمها وهي تقزز التسالي قائله بنبره ساخطه:
_ بقي دي يطلع منها كل ده بيقولوا أنها أستغفر الله كانت على علاقة بواحد..
أغمضت مروه جفونها بعصبيه ولم تستطع السيطره على حالها وهي تقترب منهم تعنفهم بكلماتها:
_بطلوا كلام عن الناس بقي كفايه انتوا إيه مش وراكم إلا كده..
دققت في ملامحها أخري كانت جالسه و تناولت حبة من التسالي تقززها وهي تقول بتهكم لاذع:
_ براحه على نفسك يا حبيبتي، مش أنتي صاحبتها برضوا !
رمقتها مروه بنظره ناريه تود الفتك بهم جميعاً لكنها سيطرت على أعصابها بأعجوبة وهي تتحرك مبتعده عنهم تشعر بوغزات الدموع في مقلتيها حزناً على صديقتها الحبيبه..
لم تشعر بحالها سوي وهي تترجل من وسيلة المواصلات و تتحرك مسرعه حيث يتواجد مروان...
دلفت مروه إلي المكان الذي يعمل به، توقفت عينيها على الموظفين لكنها تجاهلت ذلك وهي تسير متجهه نحو مكتبه، طرقات طفيفه على الباب وصوت أحدي الموظفات من خلفها تنطق:
_ عايزه إيه..
ولكن تلاشي صوتها حين دلفت وأغلقت الباب خلفها، تجمدت نظرات مروان عليها لم تنتظر هي كثيراً حيث هتفت بنبره متوتره:
_ ساعديني يا مروان، ساعديني
ضيق مروان ما بين عينيه قائلاً بعدم فهم:
_ حصل إيه؟
تقدمت منه مروه تلقي حقيبتها على طاولة المكتب وهي تقول بنبره متعجله كمن يركض خلفها أحد:
_ صاحبتي واقعه في مصيبه و مش عارفه أعمل إيه ، أنا محستش بنفسي غير و أنا جايلك أنا مش عارفه أتصرف مروان أنا واثقه أنها بريئه..
عقد مروان حاجبيه بشده يحاول فهم كلماتها و أشار إليها قائلاً:
_ طب اقعدي أقعدي بس الأول
أخذت مروه شهيق اتبعته بزفيراً وهي تلقي بثقل جسدها على المقعد خلفها قائله برجاء:
_ ساعديني أنا هموت من القلق و الخوف عليها أنا معرفش حد غيرك
وضع مروان كفيه على المكتب قائلاً باستفسار متريث:
_أهدي و احكيلي براحه إيه إلي حصل !
أومأت هي برأسها إيجابا ولكن قد وقع بصرها على كوب الماء مما جعلها تلتقطه وتجرعته بأكمله واضعه إياه محله تحت نظرات مروان المترقب..
٠٠٠٠٠٠٠
ظل صفوان يطرق على باب المنزل عدة طرقات و يهدر بنبره مرتفعه قليلاً:
_ أستاذه حفصه..
ظل يكرر محاولاته في الطرق على الباب لعلها ترد عليه و لكن قد نفذ صبره مما جعله يخرج مفتاح المنزل وفتح الباب ببطء ..
دار ببصره فى المكان يبحث عنها و لكن لا يوجد أثر لها مما جعل ملامحه تنكمش بشده ..
يتبع
أشار لها نحو سيارة الأجره قائلاً برفق متعجل:
_ تعالى هساعدك لحد ما الأمور تهدي ، متخافيش
حاوطت حفصة جسدها بذراعيها ترمي إياه بنظرات مليئه بالكراهيه و حركت رأسها يميناً و يساراً بارتجاف قائله بنبرة مكتومه حاده:
_ لأ مش هقبل مساعده منك
نطقت بتلك الكلمات و تحركت تسير بتعثر و هي تشعر بتجمد أطرافها تدور ببصرها هنا و هناك بطريقة سريعة خائفه..
لحقها صفوان سريعاً و تحدث محاول إقناعها قائلاً بغلظه:
_ أهل جوزك لو وصلوا ليكي مش هتعدي على خير..
تصلبت قدميها في الأرضيه و قشعر بدنها فزعاً من كلماته فهي أكثر من يعرف حماتها السيده سلوي و حبها الشديد للمدعو شاهين و بالتأكيد لن تكون رحيمه معها..
استدارت نحوه تحدقه بنظرات خاويه متشنجه هلعاً و تحدثت بتعثر بصوتها المبحوح:
_ أنا مش عايزه اتسجن أنا بخاف ، بخاف
نطقت آخر كلمات بهذيان ، و قد ظهرت على ملامح صفوان التأثر حيث هدر برفق مفعم بالتصميم:
_ تعالى معايا ده أفضل حل، مفيش وقت كلها لحظات والمنطقة كلها تتملي بالناس و الشرطه..
لم يكمل كلماته حيث وصل إلي مسامعه صوت سيارة الإسعاف المرتفع المتداخل مع أصوات الصراخ والعويل..
أرتجف بدنها رعباً وهي تحرك رأسها إيجاباً بيأس وحاوطت جسدها وهي تتحرك خلف صفوان الذي سار وهي خلفه..
وفي دقائق معدودة كانت تنطلق سيارة الأجرة بهم تحت نظرات سائق السيارة من المرآه الي تلك القابعه بالخلف في حاله مرزيه .
لاحظ صفوان الجالس بجانبه ذلك مما جعله يقول بغلظه:
_هتوصلنا العنوان إلي أدتهولك و هتاخد إلي أنت عايزه
أبعد السائق نظراته بعيداً عنها و لمعت عينيه وهو يقول بسرور:
_ تمام أوي يا باشا
قال تلك الكلمات ثم صوب نظراته على الطريق و هو يدندن بصوت غليظ هامس، ألقي صفوان نظره مشفقه على تلك الجالسه وجسدها بأكمله يرتجف، تنحنح هو بصوت مسموع و هو ينزع سترته ثم مد كفه لها بها قائلاً بنبره خافته:
_ خدي عشان الجو برد ، اتفضلي
رمته حفصة بنظره مشتعله و أشاحت بنظراتها بعيداً عنه وهي تقول بنبره متحشرجه حاده:
_ مش عايزه حاجه
قبض صفوان على الستره ثم ألقي إياها بجانبها قائلاً برفق:
_ لو غيرتي رأيك يعني
قال تلك الكلمات ثم اعتدل في جلسته ينظر أمامه وهو يمسح على خصلات شعره بتوتر يفكر في تلك الكارثه التي حلت ..
صدح رنين هاتفه، تنهد هو طويلاً وهو يسحب إياه من جيب بنطاله وقع بصره على إسم المتصل والذي لم يكن سوي يوسف ألقي نظره متوتره عليها ليجدها تدفن رأسها بين كفيها..
تجاهل المكالمه ضاغطاً علي الهاتف بقوه..
بعد بضع دقائق، تحسست هي خصلات شعرها مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه وهي تلقي نظره على الستره ثم سحبتها بأنامل مرتعشه بتردد ترتدي إياها رافعه نصفها للأعلي حتي غطت نصف خصلات شعرها وقد صدر منها شهقه متألمه نابعه من أعماق قلبها..
بعد مرور وقت لا بأس به ، توقفت سيارة الأجرة في منطقة هادئة، دارت حفصة ببصرها في المكان من خلف النافذه..
وجدت ذلك البغيض يترجل من السياره بعد أن أعطي السائق نقوده، فتحت هي باب السيارة بأنامل مرتجفه و ترجلت تشعر بنيران في قدميها أثر الركض حافيه..
ضمت هي الستره عليها قائله بنبره مرتجفه مشككه:
_ إيه المكان ده؟، أنت جايبني فين؟
تنفس ذلك الواقف أمامها بعمق وهو يغلق باب السيارة وقد انطلق بها السائق على الفور..
تنهد رضوان يزفر الهواء قائلاً بنبرة هادئه محاولاً أن يبث الأطمئنان بداخلها:
_ في بيت هنا تقدري تفضلي فيه لحد ما نشوف إيه إلي هيحصل..
عضت هي على شفتيها المرتعشة قائله بنبره مبحوحه حاده:
_ بيت أنا لأ ، أنت أزي ، مينفعش ، لأ ، مينفعش..
كانت كلماتها غير مفهومه بشكل آثار شفقته نحوها أكثر، مما جعله يهتف بنبرته الجاده:
_ متقلقيش يا أستاذه حفصة، أنا مش هبقي متواجد معاكي مفيش داعي للخوف..
تراجعت حفصة عدة خطوات إلي الخلف وهي تحرك رأسها يميناً ويساراً بهستريا هادره بانفعال مكتوم:
_ أنا عايزة أروح لأهلي لأ أنا عايزة أمشي من هنا، أنا بعمل إيه هنا معاك أصلاً ، أنت السبب..
ظلت تهذي بتلك الكلمات وهي تتراجع إلي الخلف حتي كادت أن تتعثر قدميها ولكنها حافظت على توزانها و هي تشعر بتلك الدمعه التي انسابت على وجهها تلهبه، تقدم هو منها قائلاً بنبرة واضح بها الندم :
_ ما عشان أنا السبب حابب اساعدك لحد ما أفهم أهل جوزك الحقيقه..
أبتلعت حفصة غصتها المريره وهي تقول بصوت متشنج أثر الإنفعال:
_ بعد إيه، بعد ما قتلته..
ابتلعت باقي كلماتها وهي تعض على شفتيها حتي كادت أن تدميها، أغمض هو جفونه بطريقة عصبيه ثم فتحهم وهو يقول بنبره خافته محاول إقناعها:
_ طب ممكن تسمحيلي أساعدك، حقك تبقي مش قابله تتعاملي معايا بس أنا مش هقدر أسيبك في الحاله دي إلي أنا السبب فيها ، بصي أول ما الأمور تهدي بس شويه..
اذدردت هي ريقها بصعوبة وهي تحدقه بعينيها الجاحظتين ثم حركت رأسها عدة مرات متتالية ييأس وهي تقول بنبره مرتجفه محذره:
_ بس ملكش دعوه بيا ، يعني أول ما شاهين..
ارتجفت نبرتها و اختنقت بالبكاء ، فحرك هو كفه أمامها قائلاً بتفهم:
_ فاهم فاهم متقلقيش
نطق بتلك الكلمات ثم أشار إلي ذلك المنزل قائلاً بتوجس:
_ ها هتيجي معايا !
أومأت هي برأسها بصمت تشعر باليأس وتحركت خلفه متعثره بخطواتها وعينيها تدور في المكان بريبه..
٠٠٠٠٠٠
أرتفع صوت النحيب بداخل تلك المشفي الحكومي، تقدمت بسمه بوجهها المغرق بالدموع الحاره هادره بنبره مغلوله متحشرجه بالبكاء:
_ الي عملته مرات إبنك ده مش هيعدي على خير
اشتعلت أعين تلك الجالسه قابضه على جلبابها بقوه ودموعها تنساب بحراره صائحه بنبرة حاقده متوعده:
_ مش هعديلها بنت صفيه و هتتسجن، و مش هرتاح غير وانا فضحاها ال..
نطقت بلفظ جارح، وقد تقدم منها مجموعة من السيدات يقفون على مقربه منها وهم يتبادلون النظرات الفضوليه فيما بينهم ، تحدثت أحدهما بنبره فضوليه غير مراعيه لحالتها:
_ هو إيه إلي حصل يا سلوي؟
كبحت بسمه دموعها وهي تبتعد واقفه جانباً دون أن تعلق، بينما هتفت سيده أخري بنبره حائره غير مستوعبه:
_ معقوله حفصة تعمل كده !
و مصمصت أخري شفتيها قائله بذهول:
_ مش مصدقه دي كل الناس بتحلف بأخلاقها..
أبتلعت باقي كلماتها حين وقع بصرها على نظرات سلوي الناريه والتي تكاد تفتك بها و قد هدرت من بين أسنانها:
_ إلي بتتكلمي عنها دي هي السبب أن ابني حبيبي مرمي جوه ، هي السبب المجرمه
توقفت عن متابعة كلماتها و راحت تنتحب بصوت مرتفع وهي تضرب على ساقيها بقوه شاعره بنيران تكاد تتأكل قلبها الملتاع على أبنها العزيز..
تبادلت السيدات النظرات بينهم وقد ربطت أحدهم على كتف السيده سلوي قائله بمواساه:
_ قلبي عندك يا حبيبتي ، ربنا يحفظهولك و يقومه بالسلامه ليكي
لم تستطيع بسمه المحافظه على تماسكها أكثر من ذلك حيث عادت تتقدم منهم و عينيها المتجمع بهم العبرات تلمع بشرارة الغضب هادره ببغض:
_ عايزين تعرفوا حفصة صاحبة الأخلاق عملت كده ليه ، عشان اكتشفنا أنها على علاقه بواحد تاني غير جوزها..
تعالت شهقات الصدمه من السيدات و تبادلوا النظرات الغير مصدقه..
٠٠٠٠٠٠
جلس صفوان على تلك الدرجات القليله المتواجدة أمام باب المنزل يمسح على وجهه بشده..
صدح رنين هاتفه أخذ نفس عميق ثم آخرج إياه من جيب بنطاله و أجاب عليه قائلاً بنبرة جافه مرتفعه قليلاً:
_ عايز إيه يا يوسف؟
وصلت تلك الكلمات إلي حفصة الواقفه خلف الباب من الداخل مما جعل ملامحها تنكمش بشده وهي تضع أذنها على الباب تكور قبضتها بشده..
زفر ذلك الجالس بالخارج طويلاً قائلاً بتأفف:
_ معرفش يا يوسف، و مش فاضي لتفاهاتك أنت و مراتك
نطق بتلك الكلمات وقد أغلق المكالمه سريعاً تزامناً مع فتح الباب لتخرج منه حفصة كالزوبعه صائحه بنبرة متشنجه غضباً:
_ هات التليفون..
عقد صفوان حاجبيه وقد وقف على قدميه قائلاً بعدم فهم:
_ ليه ؟
ضغطت حفصة على أسنانها بقوه و هي تقول بنبره حارقه:
_ أكلم البني آدم الحقير إلي اسمه يوسف ده..
أدرك هو أنها استمتعت إليه، وضع الهاتف في جيب سترته وهو يقول بتريث محاولاً تهدئتها:
_ يوسف مكنش يعرف بكل إلي حصل ولو حد غلطان فهو أنا لكن..
رفعت حفصة كفها تمسح على وجهها بطريقة عصبيه قائله بنبره مشتعله:
_ أنت حقير و هو زيك لما أحتفظ بصوري ربنا ينتقم منه حسبي الله ونعم الوكيل فيكم
انخفضت نبرتها في آخر كلماتها وهي تشعر بتلك الدمعه التي ألهبت وجهها الشاحب..
تصلب هو في وقفته يستمع إلي كلماتها تلك فهو لن يغفر إلي حاله ما فعله بها..
أرتجف جسدها وهي تشعر بالهواء يضرب جسدها و شعرت أن جسدها بأكمله تصلب من البرود، تنفس هو بعمق قائلاً بتردد:
_ خشي جوه الجو برد
رمته بنظره قاتله وتحدثت من بين أسنانها:
_ ملكش دعوه بيا أمشي من هنا
توقفت عن متابعة كلماتها تحاول التقاط أنفاسها المتسارعة قائله بنبرة متحشرجه هجوميه:
_ عايزك تعرف كويس إني هفضل لآخر نفس فيا بدعي عليكم
نطقت بتلك الكلمات ثم تحركت تدلف إلي داخل المنزل صافعه الباب بعنف يتنافي مع قوتها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
ألقي محمود هاتفه جانباً بعد محاولات كثيرة من أجل الإتصال بعائلته وقد بائت جميعها بالفشل..
شعر بمن يحاوط خصره من الخلف مما جعله يبتسم قائلاً بنبرة حانيه:
_ إيه إلي مصحيكي لحد دلوقتي؟
نطق بتلك وقد استدار يحاوط خصر تلك الواقفه و التي تحدثت متسأله:
_ عرفت توصل لحد من عيلتك ؟
حرك رأسه نافياً وهو يرفع كفه يعيد أحدي خصلات شعرها إلي الخلف قائلاً بعدم اكتراث:
_ هكلمهم بكره تاني
حركت تلك الواقفه رأسها بتفهم ثم هتفت بنزق:
_ عملت إيه في حوار حفصة، ما تخليهم يطردوها من البيت وطلقها و خلاص..
قالت تلك الكلمات متأمله أن يوافق على كلماتها و لكن لاحظت تلك اللمعه الحاده في عينيه وهو يقول من بين أسنانه:
_ لأ ، سيبيها شويه كده و في الآخر هطلقها..
مطت تلك الواقفه شفتيها و التوي ثغرها بابتسامة متكلفه قائله بخفوت:
_ إلي أنت شايفوا يا حبيبي
مسح محمود علي وجهها ببطء قائلاً بعزم:
_ متقلقيش يا سوزان أوعدك اول ما نرجع مصر هلعن جوازنا وهطلقها و ارميها
لمعت مقلتي سوزان تشعر بالأنتصار، أسبلت أهدابها قائله بوداعه:
_ مستنيه يا حبيبي
٠٠٠٠٠٠٠
خرجت مروه من تلك البنايه التي تقطن بها عائلة حفصة وقد علمت بما حدث مع الأخيرة..
ألقت نظره على البنايه تشعر بالحزن العميق من أجل صديقتها التي هي واثقه أن فعلتها تلك بالتأكيد عن طريق الخطأ..
وضعت كفها على فمها شارده في حالة عائلة حفصة المرزيه..
وصل إلي مسامعها كلمات أحدي السيدات الجالسه أمام أحدي البنايات والتي هتفت بشماته:
_ مستغربه يا ختي إلي عملته بنت صفيه في أخو جوزها !
لوت تلك الجالسه بجانبها فمها وهي تقزز التسالي قائله بنبره ساخطه:
_ بقي دي يطلع منها كل ده بيقولوا أنها أستغفر الله كانت على علاقة بواحد..
أغمضت مروه جفونها بعصبيه ولم تستطع السيطره على حالها وهي تقترب منهم تعنفهم بكلماتها:
_بطلوا كلام عن الناس بقي كفايه انتوا إيه مش وراكم إلا كده..
دققت في ملامحها أخري كانت جالسه و تناولت حبة من التسالي تقززها وهي تقول بتهكم لاذع:
_ براحه على نفسك يا حبيبتي، مش أنتي صاحبتها برضوا !
رمقتها مروه بنظره ناريه تود الفتك بهم جميعاً لكنها سيطرت على أعصابها بأعجوبة وهي تتحرك مبتعده عنهم تشعر بوغزات الدموع في مقلتيها حزناً على صديقتها الحبيبه..
لم تشعر بحالها سوي وهي تترجل من وسيلة المواصلات و تتحرك مسرعه حيث يتواجد مروان...
دلفت مروه إلي المكان الذي يعمل به، توقفت عينيها على الموظفين لكنها تجاهلت ذلك وهي تسير متجهه نحو مكتبه، طرقات طفيفه على الباب وصوت أحدي الموظفات من خلفها تنطق:
_ عايزه إيه..
ولكن تلاشي صوتها حين دلفت وأغلقت الباب خلفها، تجمدت نظرات مروان عليها لم تنتظر هي كثيراً حيث هتفت بنبره متوتره:
_ ساعديني يا مروان، ساعديني
ضيق مروان ما بين عينيه قائلاً بعدم فهم:
_ حصل إيه؟
تقدمت منه مروه تلقي حقيبتها على طاولة المكتب وهي تقول بنبره متعجله كمن يركض خلفها أحد:
_ صاحبتي واقعه في مصيبه و مش عارفه أعمل إيه ، أنا محستش بنفسي غير و أنا جايلك أنا مش عارفه أتصرف مروان أنا واثقه أنها بريئه..
عقد مروان حاجبيه بشده يحاول فهم كلماتها و أشار إليها قائلاً:
_ طب اقعدي أقعدي بس الأول
أخذت مروه شهيق اتبعته بزفيراً وهي تلقي بثقل جسدها على المقعد خلفها قائله برجاء:
_ ساعديني أنا هموت من القلق و الخوف عليها أنا معرفش حد غيرك
وضع مروان كفيه على المكتب قائلاً باستفسار متريث:
_أهدي و احكيلي براحه إيه إلي حصل !
أومأت هي برأسها إيجابا ولكن قد وقع بصرها على كوب الماء مما جعلها تلتقطه وتجرعته بأكمله واضعه إياه محله تحت نظرات مروان المترقب..
٠٠٠٠٠٠٠
ظل صفوان يطرق على باب المنزل عدة طرقات و يهدر بنبره مرتفعه قليلاً:
_ أستاذه حفصه..
ظل يكرر محاولاته في الطرق على الباب لعلها ترد عليه و لكن قد نفذ صبره مما جعله يخرج مفتاح المنزل وفتح الباب ببطء ..
دار ببصره فى المكان يبحث عنها و لكن لا يوجد أثر لها مما جعل ملامحه تنكمش بشده ..
يتبع