الفصل السادس

جلست حفصة أمام والديها و دموعها تنهمر على وجنتيها تلهب إياهم وهي تبرر بصوت مختنق بالبكاء:
_ يا بابا والله صدقوني الموضوع كبر من ما مفيش..

تبادلت والدها ووالدتها النظرات الممتعضه و قد نكست الأخيره رأسها بخزي دون أن تعلق بينما نهض والدها و جلس بجانبها قائلاً بنبره مكتومه:
_ احكيلي يا بنتي كل حاجه بالظبط..

رفعت والدتها السيده صفيه والتي رفعت راسها تهدر بنبره حانقه مرتفعه:
_ هتقول إيه ما أهل جوزها قالوا كل حاجه هما يعني..

وزعت حفصة نظراتها بينهم تحرك رأسها يميناً ويساراً بعنف وعبراتها تنساب بحراره صائحه بنبرة مبحوحه منفعله:
_ أنا معملتش حاجه يا ماما ده سوء تفاهم أنا أصلا معرفش مين إلي كان هنا ده !

ظهر عدم الأقتناع في نظرات السيده صفيه المكفهره الملامح و قد أشاحت ببصرها بعيداً عنها، بينما وضع والدها الحبيب كفه على كتفها قائله بنبره حاول جعلها هادئه على الرغم من النيران المشتعله بداخله:
_ بطلي عياط ووضحي لينا الموضوع يا بنتي عشان نقدر نتكلم مع أهل جوزك !

رفعت حفصة كفها المرتجف تجفف دموعها في محاوله بائسه منها فقد كانت العبرات تنساب من مقلتيها دون أراده منها، اذدردت ريقها بصعوبة بالغة وهي تدور ببصرها بينهم ثم تحدثت بنبره متقطعه بائسه:
_ معرفش يا بابا

توقفت قليلاً تحاول جاهدة إيجاد كلمات وهي تشعر بقلبها يكاد يتوقف وقد تسارعت أنفاسها أثر نوبة البكاء المسيطرة عليها، حركت شفتيها تنطق بصعوبه:
_ معرفش و مش فاهمه و مش عارفه جايز سوء تفاهم

نطقت آخر كلماتها ببطء متوتره وقد وضعت وجهها ما بين كفيها و أرتفعت صوت شهقاتها وقد شعرت بقلبها يكاد ينخلع من محله..
٠٠٠٠٠٠٠٠
وقفت مروه تدور حول نفسها بداخل غرفتها واضعه الهاتف على أذنها تهدر من بين أسنانها:
_ يعني اخوكي مكنش يعرف عايزه تفهميني يعني كده ..

ألقت رضوي نظره على خطيبها الجالس في صالون منزلهم ثم تحركت سريعاً تدلف إلي الشرفه تقف بداخلها وهي تهمس إلي مروه قائله بتوضيح:
_ والله أبدا فاطمه مقلتش له حاجه هي لما شافت الصور فهمت غلط بس أنا وضحتلها أنه كان قبل ما يعرفها..

لمحت مروه والدتها تلقي عليها نظره من خارج الغرفه مما جعلها تتحرك سريعاً تغلق الباب ضاغطه على الهاتف بأناملها وهي تهتف بنبره متشنجه من الغضب:
_ توضحي إيه ها، بعد ما قريبها ده فضحها قدام سلفتها !

توقفت عن متابعة كلماتها تحاول التقاط أنفاسها الغاضبه هادره بنبرة ناريه:
_ وبعدين تعالى هنا هو اخوكي لسه محتفظ بصور حفصة ليه ها ، هو مش أتجوز و هي أتجوزت..

ألقت رضوي طرف وشاحها إلي الخلف وهي تقول بنبره متوتره حائره:
_ معرفش يا مروه ، أنا بصي ممكن أحاول اتكلم مع أهل جوزها و أصلح الوضع

أغمضت مروه جفونها بطريقه عصبيه ثم عادت وفتحتهم قائله من بين أسنانها:
_ لأ متعمليش أي حاجة غير أنك تخليه البيه اخوكي يمسح أي صور لحفصة من معاه

نطقت بتلك الكلمات ضاغطه على الحروف بشده ثم أغلقت المكالمه دون أن تستمع إلي تبريرات رضوي الغير مترابطة..

ألقت هاتفها على الفراش وهي تعيد خصله من خصلات شعرها بطريقة عصبيه إلي الخلف وعقلها معلق عند ذلك اليوم عندما منعها المدعو شاهين من الصعود إلي حفصة وقد رحلت على مضض خوفاً من حدوث مشاجرة بينه و بين مروان الذي كان على وشك الفتك به..

تحركت تجلس على الفراش تحرك ساقيها بطريقه متوتره فقد تحدثت بعد ذلك مع حفصة عبر الهاتف و علمت منها ما حدث مما جعلها تقرر بعد ذلك الحديث مع رضوي التي عندما أخبرتها لم يكن لديها علم بما حدث..

تنفست بعمق ونهضت من مكانها تسحب وشاح رأسها تستعد للخروج من المنزل..
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
تجمدت مقلتي صفوان وهو يستمع إلي كلمات فاطمه التي راحت تفرك كفيها في بعضهم وهي تقول بتوتر بالغ:
_ يعني إلي أسمها حفصة دي متعرفش حاجه عن يوسف بقالها مده..


نطقت بتلك الكلمات وهي تبعد نظراتها عن نظرات صفوان تشعر بالحرج، كور صفوان قبضته بشده وهو يعتدل في جلسته قائلاً بنبرة متصلبه:
_ يعني ظلمتيها !

اذدردت فاطمه ريقها بصعوبة بالغة ولكنها حركت رأسها نافيه وهي تحاول التبرير باضطراب:
_ لأ بس يعني ما هو كان يعرفها قبل كده..

نطقت بتلك الكلمات وهي تحاول أبعاد نظراتها بعيداً، مسح صفوان على وجهه بقوه و هدر بنبره عاليه ينهرها:
_ قبل ما يتجوزك، يعرفها من قبل ما يتجوزك..

أصبحت ملامحها شاحبه وهي ترمقه بنظراتها المرتبكه قائله بتبرير متلعثمه:
_ بس أنا لاقيت صورها على موبايله ولما جات خطوبة رضوى و شوفتها..

فقد صفوان السيطرة على حاله وقد أصبحت نظراته حاده وهو يرمقها صائخاً بتوبيخ ناري:
_ يعني خليتني أروح لها و ..

شحبت ملامح فاطمه أكثر وظهر التوتر في مقلتيها وهي تردد بتوجس متعلثمه:
_ نعتذرلها على سوء التفاهم بس هو يعني..

توقفت عن متابعة كلماتها وقد تعثرت عن الحديث وهي تري ملامحه المكفهره بشكل لا يفسر ، أخذت نفس عميق ثم تابعت متعثره:
_ هو أنت بس لما روحت كان حد من أهل جوزها..

توقفت الكلمات في حلقها عندما أنكمشت ملامحه أكثر وهو يعتدل في جلسته كمن لدغه عقرب صائحاً من بين أسنانه:
_ هي متجوزه كمان !

سعلت فاطمه عدد مرات متتالية وهي تحرك رأسها إيجاباً قائله بنبرة مرتجفه:
_ اه رضوى قالت..
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
سحبت مروه مقعد وجلست عليه مقابل شقيقة مروان بداخل ذلك المقهي، هدرت الأخيرة بنبره هادئه:
_ إيه يا بنتي مش عايزه تنزلي تقابلني ولا ايه ؟

علقت مروه حقيبتها على مسند المقعد واعتدلت في جلستها وهي تقول بتبرير:
_ ابدا والله يا وفاء بس الأيام دي مشغوله شويه

مطت تلك الجالسه شفتيها ثم شبكت كفيها متسأله بإهتمام:
_ عامله ايه مع مروان؟

تقلصت تعابير مروه قليلاً لكنها تمالكت حالها و عادت و أرخت ملامحها قائله بنبرة مختصره:
_ الحمدالله

التوي ثغر وفاء بابتسامة ماكره عندما وقع بصرها على شقيقها يدلف إلي المقهي بملامح ممتقعه، رفعت كفها تشير له وهي تهتف إلي مروه قائله بنبرة ملتويه:
_ ده مروان جيه هو كمان أهو

اضطربت ملامح مروه و حركت رأسها سريعاً نحو الجهه الأخري لتتقابل نظراتها مع مروان الذي ظهر التعجب على ملامحه وقد تقدمت منه و تعلقت عينيه بشقيقتة قائلاً بضيق:
_ايه إلي حصل ..

لم تدعه وفاء يكمل باقي كلماته حيث نهضت سريعاً تتقدم منه تضغط بكفها على ذراعه هامسه له بتوتر:
_ تعال معايا كده ثواني

نطقت بتلك الكلمات ثم ألقت نظره على مروه الجالسه تهتف على عجاله:
_ لحظه بس يا مروه وراجعه

قالت تلك الكلمات و هي تحاول سحب شقيقها المتصلب الملامح خلفها وقد أدرك فعلة شقيقته الخرقاء..
٠٠٠٠٠٠٠٠
وقفت حفصة في شرفة شقتها بملامح متجمده وقد أصبح ووجهها شاحب و الدموع متحجره علي وجنتيها..

عضت على شفتيها بقوه حتي كادت أن تدميها تشعر بروحها تحترق من تخاذل والديها فقد ذهبوا تاركين إياها تعاني مع عائلة زوجها..

صدح رنين هاتفها عالياً مما جعلها تدس كفها في جيب سترتها المنزليه، تجمدت عينيها عندما وقع بصرها على صورة زوجها تتوسط الشاشه، تسارعت أنفاسها و أرتجف كفها الممسك بالهاتف..

اذدردت ريقها بصعوبة عندما توقف الهاتف عن الرنين، و ما هي إلا لحظات حتي عاد الرنين مره أخري و الهاتف يهتز في كفها المرتجف..

فرت دمعه حاره من عينيها وهي تحرك أناملها المرتعشة على الشاشة ووضعت الهاتف على أذنها، ما هي إلا لحظات حتي وصلها صوته وهو يسب و يلعن فيها يعنفها بكلمات جارحه..

أغمضت جفونها تعتصرهم بقوه وهي تحرك شفتيها بصعوبه متحدثه بنبرة مبحبوحه:
_ اسمعني يا محمود أنا والله ما عملت حاجه متكبرش الموضوع..


تبعثرت الكلمات في حلقها وقد وصلها صوته الجهوري هادراً بنبرة مشتعله:
_ هطلقك يا ..

نعت إياها بلفظ جارح جعل روحها تحترق وهي تردد باستعطاف وقد خرجت نبرتها متحشرجه:
_ طب على الأقل انت افهمني على الأقل اديني فرصه..

لم تستطع متابعة كلماتها فقد تبعثرت الحروف في فمها عندما وصلها صوت إغلاق المكالمه مما جعلها تنفجر باكيه والهاتف يسقط منها أرضا ً..
٠٠٠
تحرك صفوان بخطوات واسعه في تلك المنطقة حتي توقفت قدميه أمام تلك البنايه التي تقطن بها المدعوه حفصة..


رفع بصره ينظر إلي الأعلي يشعر بالتردد، توقفت عينه على تلك الواقفه في الشرفه ولم يتبين له تعبيرات وجهها ولكن عندما دقق النظر ولاحظ اهتزاز جسدها علم أنها تبكي..

مما جعل ملامحه تنكمش بشده شاعراً بالندم يتأكله فهو قد تذكر تلك المرأة التي كانت واقفه أعلي الدرج والتي من المؤكد استمعت إلي ما قاله لتلك الواقفه في شرفتها..

وصل إلي مسامعه صوت رجولي حاد يقول بتحذير:
_ إلي أسمها حفصة دي ملهاش خروج من البيت لحد ما جوزها يجي و يتصرف معاها

ضيق صفوان ما بين عينيه عندما وجده يخرج من البنايه مما جعله يبتعد سريعاً يقف جانباً يسترق السمع إليه وهو يقول إلي تلك المرأة الواقفه خلفه:
_ وبلاش تطلعي ليها أكل

أومأت السيده سلوي برأسها وهي تقول بنبره حاقده:
_ متقلقش يا بني أنا كان نفسي نرميها لأهلها و نخلص منها وخلاص و أخوك يطلقها غيابي ونخلص منها مش عايزين دوشه

تصلبت ملامح صفوان وهو يشعر بحجم فعلته الشنعاء عندما وصل إلي مسامعه كلمات ذلك الرجل الذي هتف بحقد:
_ لأ ازي بالسهوله دي لازم تتربي الأول الخاينه دي..

كاد صفوان أن يتحرك نحوه ولكن توقفت قدميه يشعر بالحيره فهو لا يجد الكلمات المناسبة لتوضيح ما حدث، كور قبضته بشده شاعراً بالغضب من حاله فهو قد تسبب في تدمير حياة حفصة تلك..

أخذ نفس عميق و عزم على التحرك نحوهم و لكن لم يجدهم فقد تحرك ذلك الرجل مبتعدا ً وقد دلفت المرأة إلي الداخل..

زفر صفوان طويلاً وهو يرفع رأسه نحو الأعلي وقع بصره على الشرفه خاليه من تلك المسكينه..
٠٠٠٠٠
حاوطت مروه كوب الشاي الذي أمامها وهي تشعر به يتملل في جلسته فقد أدركت حيلة وفاء التى رحلت تتحجج بالذهاب إلى رفيقه لها..

نظفت مروه حلقها وهي تنظر له قائله بنبره متوتره:
_ لو حابب تمشي أتفضل

تراجع مروان في مقعده شابكاً كفيه قائلاً بنبرة مشككه:
_ أنتي بتشتكي مني ؟

رفعت هي حاجب و نزلت الآخر تلقائيا ً قائله باستنكار:
_ هشتكي منك ليه و لمين !

حل مروان كفيه المتشابكين ونظراته مصوبه نحوها بتدقيق قائلاً بنبرة ثابته:
_ أنتي عارفه..

اعتدلت مروه في جلستها وعقدت ذراعيها أمامها قائله بنفاذ صبر متضايقه:
_ عارفه إيه ، أنا مش فاهمه حاجه و هشتكي منك ليه يعني !

سحب مروان علبة السجائر خاصته و سحب منها واحده وهو يقول بنبره غليظه:
_ أني مش بهتم بيكي مثلاً و الكلام الفارغ ده


أنكمشت ملامح مروه وهي تردد آخر كلماته باستنكار وقد خرجت نبرتها خافته:
_, كلام فارغ !

حلت ذراعيها من أمامها ثم رمته بنظرات حانقه قائله بنزق:
_ أنا مقولتش حاجه لحد مش أنا إلي هشتكي ولو هشتكي هيبقي ليك ده لو ادتني أنت فرصه لده أصلا

توقفت عن متابعة كلماتها وهي تجده يرفع حاجب وينزل الآخر وقد دس لفافة التبغ في فمه ثم أخرجها ينفث دخانها قائلاً بخشونه:
_ و تشتكي ليه أصلا ، أنا قصرت معاكي في حاجة !

ظهرت السخريه على ملامح مروه وقد عقدت حاجبيها هادره بتهكم:
_ متأكد انك مش مقصر في حاجة ، متأكد أصلا أنك مقتنع بيا !

وضع لفافة التبغ في المطفئه وقد تعلقت عينيه بها قائلاً بنبره هادئه للغايه:
_ كملي ، طلعي إلي جواكي

سحبت مروه كوب المياه الذي أمامه و ارتشفت منه ثم وضعته محله و عينيها معلقه بها قائله بنبره حازمه:
_احب إسمع منك الأول أنت كنت عايز تتكلم في إيه معايا يوم ما روحت عند صاحبتي

قالت تلك الكلمات وهي تحاول أن تكون ثابته الملامح، مط مروان شفتيه و تحدث قائلاً بخشونه:
_ مش مهم أنا كنت هقول إيه قد ما عايزك تقولي إلي عندك !

اعتدلت مروه في جلستها أكثر و تحدثت قائله بنبرة حانقه:
_ أنت من أول ما خطبتني وأنا طول الوقت حاسك زي ما تكون مش عايزني..

قاطع هو كلماتها قائلاً بنبرة تهكميه:
_لو أنا مش عايزك كنت هخطبك، بطلي تكرري كلامك..

ضغطت مروه علي شفتيها بقوه وهي تقول باندفاع تخرج ما بداخلها:
_, ده إلي أنا شايفه من أول ما خطبتني و أنت طريقتك معايا غريبه حتي لما بتكلمني بيبقي كأنك بتعمل واجب وخلاص.

تلاعبت هي بتلك الحلقه الذهبيه التي تزين بنصرها وهي تحدقه بنظرات متوتره تحاول ترتيب باقي كلماتها وقد إصابتها نظراته المسلطه عليها بالتوتر..

أخذت شهيق اتبعته بزفيراً ثم أبتلعت غصتها وهي تقول بنبره جامده:
_ لو مش حابب نكمل الجوازه دي يبقي بلاش منها أصلا

رفع مروان حاجب ونزل الآخر و عينيه مثبته نحو ملامحها ، تحدث بغلظه:
_ أنتي حابه تكملي ؟

ضغطت هي بكفها على الحلقه الذهبيه المتواجدة في بنصرها قائله بضيق وقد كانت نبرتها متحشرجه:
_أنا إلي بسألك..


قاطعها هو قائلاً بنبرة صارمه:
_ ردي حابه ولا مش حابه !

أغمضت مروه عينيها بشده ثم عادت و فتحتهم تحاول لملمت شتات نفسها وهي تقول بنبره خافته:
_ هو الأكيد إني مش حابه أكمل مع حد تقول الوقت بيحسسني إني مش مرغوب فيا

نطقت بتلك الكلمات وهي تراقب تعبيرات وجهه الجامده التي لا توحي بشئ وقد تحدث بنبره بارده:
_ كملي..


عضت مروه علي شفتيها بقوه وضغطت بكفها على تلك الحلقه الذهبيه قائله بنبره مضطربه:
_ أنا..

توقفت عن متابعة كلماتها وهي تخرج تلك الحلقه الذهبيه من بنصرها ثم وضعتها بأنامل مرتجفه على الطاولة وهي تقول بنبره مهزوزه:
_ أنا قولت إلي عندي و أعتقد أنك معندكش حاجه تقولها

نطقت بتلك الكلمات ثم نهضت ساحبه حقيبتها ترتدي إياها وقد أصبحت ملامحها باهته وهي تدقق في ملامحه الخاليه من أي تعبير، مما جعلها تستدير و تتحرك مبتعده وهي تشعر بوغزات الدموع في مقلتيها..
يتب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي