4

" إنها الثامنة صباحا ما الذي تريده مني، ألم تعلم أنني لم أنم الليل بطوله بسبب حوادث هذة القرية، بدأت أكره تواجدي في إفريقا هذة"

صاح مايكل بعد أن أيقظه دوناتيلو لحضور إجتماع طارئ في غرفة الطبيب دييقو.


" و كأنني نمت بهناء، إنهض يا مدلل أمك، سنغادر هذة القرية، هذا ما سمعته من الطبيب دييقو و هو يتحدث مع رئيس البعثة عبر الهاتف"

رد دوناتيلو هو يمشط شعره و يرتب ثيابه و هو واقف أمام المرآة.


" هل أنت واثق من قولك؟
هل تقول الحقيقة؟"

سأل مايكل و هو يقفذ من على فراشه و السعادة تبرق في عينيه و كأنه نجم محلق.


" و هل كذبت عليك يوما؟"

قال دوناتيلو بينما كان مايكل ينظر إليه بنظرات تقول عكس ذلك.

" أتريد مني أن أذكر لك عدد المرات التي خدعتني فيها و كالغبي أنا كنت أصدقك"
قال مايكل.

" بحقك يا رجل!

صدقني هذة المرة"

همس دوناتيلو و هو يلوح لمايكل ثم خرج من غرفته.

 في طريقه صادف دوناتيلو مالينا التي كانت تركض صوب الساحة التي أقيم فيها العرض المخيف، حتى الآن لا أحد يصدق أن ما حدث حقيقي، معظم طاقم العمل يظنون أنها مسريحية دبرها أهل القرية ليخيفوا بها الرجال ذوي البشرة البيضاء و يجبرونهم على الرحيل... و لكن الحقيقة عكس هذا تماما في هذا العالم كل شيء وارد .


" هي أنت!

يا مالينا!

توقفي"

كان دوناتيلو يصيح و هو يلحق بها.


لاحظت مالينا أنه يتبعها فتوقفت ثم قالت بنظراتها تلك :

" ما الذي تريده أيها الأحمق، توقف عن مطاردتي هذة ليست رواية  رومانسية و أنت لست البطل فيها"


"أتعلمين أنني أود فؤادك، رغم قسوة ألفاظك"

همس دوناتيلو و هو يحدق بتفاصيلها الباهتة و شعرها المتشابك و كأنها تصارع نفسها ثم العالم لتعيش.

" ليس لدي وقت لهراءك أيها المدلل الكسول"

قالت هي ثم تجاهلته و ذهبت


" ماذا عن الإجتماع؟"

قال بصوت عالي، لكنها لم ترد عليه وواصلت مشيها.
" آه حتى الفتيات القبيحات أمثالها تتجاهلني، أيعيني هذا أنه ليس لي حظ مع حسنوات إفريقيا ذوات البشرة بلون الكاكاو و الذرة لحظ نضوجها.
تبا"
قال دوناتيلو و هو يركل جذع شجرة ملقى على الأرض.





عاد هو الي حيث سيقام الإجتماع كان في الغرفة رئيس زعماء عشائر القبيلة و مسؤول من الحكومة بالإضافة الي الطبيب دييقو و تاركو.

جلس دوناتيلو بهدوء في كرسي بالقرب من صندوق أسود ملفت للنظر كان على الطاولة.

دخل مايكل بسرعة قبل بدأ الإجتماع.


" بخصوص ما حدث البارحة، فنحن لن نتمكن من مواصلة العمل هنا يمكنكم نقل المصابين الي المشفى المركزي بالعاصمة، إن الاوضاع هنا لا تبشر بالخير"

قال الطبيب دييقو متحدثا الي زعيم العشائر لقد كان ذلك الزعيم يرتدي ثيابا غريبة التصميم صدره العاري به الكثير من النقوش المريبة. كان يرتدي حقيبة من الجلد يلفها حول عنقه.


" و لكن يا سيدي سيموت الأطفال إن لم يتلقو العلاج المناسب و في أسرع وقت أرجوكم إرفقوا بحالهم"

رد زعيم العشائر 

" سلامتنا تأتي في المقام الأول ثم باقي البشر ثانيا، نحن لم نارك موطننا حتى نعود إليه و نحن بلا عقل "

قال مايكل ثم أضاف :

" كما أننا لا نتقاضى أجرا منكم بتقديم المساعدة لكم."

" سندفع القدر الذي تودونه من المال، لا تخبروا أحد بما رأيتموه أو سمعتموه خلال الليلة السابقة"

تمتم زعيم العشائر و كأن أحد ما يهدده 


" كيف سنضمن أن ما حدث لن يتكرر مجددا"

قالت تاركو و هي تحدق بخوف الي الصندوق الذي كان يهتز بالقرب من دوناتيلو الذي لم يلحظه.

فجاة ضرب مسؤول الحكومة الطاولة و قال:

" عذرا أيها السادة و لكن لا وجود للأشباح و لا مصاصي الدماء في هذا العالم، كما أن أهل هؤلاء القبيلة يؤمن بالخرافات ربما شاهدتم إحدى مسرحياتهم
السخيفة"
كان ينظر اليهم بإستهزاء


" ايها البشري الجاحظ لفضل الزعيم الأعظم صن لسانك و إلا"

قال زعيم العشائر و كأن هنالك ملك يجلس بينهم و هو يدافع عنه بشدة.

" إن ما رأته أعيننا لم يكن كذبا و لا تمثيلا لقد كانت حقيقة يصعب تصديقها لما تفهم هذا"

قال دوناتيلو بغضب و حسرة

 كانت تاركو تترجف و تتعرق فقد برز من الصندوق أصابع تتحرك و كأنها تبحث عن شيء ما. لم تقدر على التحدث أو تنبيههم مطلقا.

" إن قرار رحيلنا نهائي و نحن لا نود مالكم كما أن ما حدث يجب على العالم معرفته"

قال الطبيب دييقو بخبث.


فجأة صدر صوت عالي كصياح حيوان غريب من الصندوق جعل الجميع يصمت و يغلق أذنه، وقع دوناتيلو على الارض من شدة الفزع.

بدأ بالزحف حتى إلتصق بالحائط.


" حمقى!

كم أنتم بشر متخلفون"

قال صوت صدر من الصندوق الذي طار في الهواء.

" كيف تمكن هذا الصندوق من كسر قوانين الجاذبية"

همس مايكل في نفسه و أسنانه ترتجف حتى كانت تصدر صوت مزعجا.

ظل مسؤول الحكومة مصدوما من شدة الفزع تجمد في مكانه و عيناه تلعبان كرة التنس مع اللامجهول.

" تعظيمك تبجيلك مولاي، آسف لأنك إضطررت لتريهم جزء من قوتك الهائلة"

قال زعيم العشائر بخوف 

تحركت اليد التي داخل الصندوق صفقت فتعالت ضحكات شرير مستبد طاغي حاكم بلاد الظلام و الدمار الذي لا رحمة في معجمه.


" إرحل من هنا كائنا من كنت"

قال الطبيب دييقو و كأنه لم يكن يخاف من منه بتاتا.

لم يبدوا عليه أي ملامح للضعف كغيره.

" مما صنع هذا الرجل؟!"

قال دوناتيلو في ذاته.

كان دييقو يبتسم  و يبدأ بالضحك هو الآخر مما زاد هذا جنون الصندوق الذي كان يتخبط بجدران الغرفة ، الدماء تسيل من داخل الصندوق بلا توقف.

" و كأن هذة الحركات تخيفني"

قال دييقو و قد شمر عن ساعده و كشف عن وشم على يده، كان الوشم لكيان غريب به العديد من الرموز. صرخ ذلك الصوت بقوة حطمت النوافذ و سقط بعدها الصندوق على الارض .

كان الجميع منبهرين متفاجئين و مصدومين من هول ما يحدث أمامهم

" من تكون بحق إلهي العظيم؟"

سأل زعيم العشائر بخوف و جسد كل خليه فيه تصرخ تقول :

" ساعدوني"


ضحك دييقو ذلك العجوز بغضرسة ثم قال:

" الآن تعادلنا سأغض النظر عن ما تسميه سحرا لتخيفنا بشرط الا أرى وجهك أمامي مرة أخرى، من تظن نفسك؟
أنت لست الساحر الوحيد في هذا القرن"


أغمي على مسؤول الحكومة بعد أن إرتفع ضغطه و إنهارت أعصابه كليا، نقله دوناتيلو و مايكل الي المخيم و قاموا بتقدم المساعدة له.


كانت تاركو تبكي و كأن الغد لن يأتي، كانت خائفة لم يكن هنالك أحد معها في الغرفة فقد خرج الطبيب دييقو برفقة زعيم العشائر الذي تبعه و هو يطلب منه السماح في ذل و هوان.


" أين نحن بحق الله؟

عقلي لا يستوعب ما تراه عيناي هذة الأرض مسكونه"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي