الفصل ال

لقد فعلتها وذهبت،كيف استطاعت حتى هي لا تدري كيف فقلبها معه وروحها معلقة بين جدران ذلك البيت وابتساماتها مرتسمة مع ضحكات اوزجي لكنها كابرت ودعست على مشاعر الحنين داخلها وتحركت نحو وباب القصر نظرت كثيرا للوراء وبكت مع كل طرفة عين وهي وتنظر وتأذت كثيرا لكنها بالأخير اقتنعت وانصرفت لقد حاولت كثيرا أن تتعايش وتتناسى لكن في زاوية من زوايا الذكريات في عقلها لا تزال تلك النقطة هناك تنخر بالفرح والحب الذي تكن له لذا انسحبت من حرب لا نصر فيها.
بقي جوناي مكانه ينظر لأخيه يحاول تهدئته والوقوف بجانبه للأخير
ابتسم أمير ثم زفر بحنق يحاول فك تلك الغصة التي بداخله ليقول:شكرا لكما على كل شيء وقفتكما بجانبي في محنة كهذه كنت أحتاجها جدا لولاكما لما تحملت لا أنا ولا أوزجي والآن سأذهب لغرفتي أريد أن أرتاح.
جوناي مربتا على كتف أخيه:اذهب أخي.
ذهب أمير لغرفته ودلفها ثم وقف عند الباب ينظر لزواياها يمنة ويسرة كأنه لا يعرف تلك الغرفة التي عهدها سنينا فاقترب أكثر ووضع يده على رقبته فقد كاد يختنق ثم ذهب بنظره ناحية الأريكة فتذكر مباشرة حين احترق ذراعه يومها وحين أحضرت عدة الإسعافات الأولية لتعالجه فتذكر قربها،دفء أنفاسها،جمالها،لمعة عيونها،تفاصيل ملامحها،كيف كانت تتحدث عن طفولتها بحماس وحين ارتسمت تلك الإبتسامة وظهرت تلك الحفرة عند طرف شفتيها وكأن الشمس لحظتها أشرقت بعد أن حل الظلام عليه سنينا فاقترب أكثر وجلس على تلك الأريكة لايزال يتذكر بالأصل هي لا تغيب عن خاطره ولا لحظة حتى.
اعتدل في جلوسه ووضع يديه على رأسه ممسكا به وزفر بحنق ليقول:كيف سأتحمل فراقك أنا كيف؟ لا أستطيع اشتقت اليك عشق اشتفت كثيرا،ما لو اخترت الخيار الثاني ولم تذهبي،لم ذهبت لم؟ كنا سنصبح عائلة جميلة جدا أنا وانت واوزجي ولربما كبرنا وصار لنا أولادا ياه كم هو جميل أن اصبح أبا منك يا عشقي لكن هيهات هيهات لا أدري كيف سأعود إلى طبيعتي لا ادري كيف ساتقلم وأنا قد اشتقت اليك منذ هذه اللحظة ليتك لم تذهبي ليتك اخترتنا لكن شئت الذهاب ولن أعترض وسأدفن حبك بقلبي ما حييت.
نهض من الاريكة متثاقلا محتفضا بذكراها التي عاشها معها هناك وانتقل إلى الداخل يبحث عن النوم لكن النوم هجر ولم يجده فاقترب ووقف قليلا يفكر ويفكر ذكريات سيئة تروح وذكريات جميلة تجيء ثم رمى بجسده المثقل بالحزن على سريره فالتفت الناحية الأخرى وحينها تذكر يوم نامت بجانبه حين أصابته الحمى لحظتها ابتسم نعم فعل حين تذكر توترها حين أدركت أنها نامت بجانبه فتنهد وقال:كنت تبدين جميلة جدا لقد كان صباحا مختلفا بل أجمل صباح عشته منذ سنسين طوال ماذا لو كانت كل أيامنا هكذا جميلتي أين المشكلة لو استفقت كل يوم على وجهك الملائكي أخ أخخ لم ادرك أن بعدك متعب لقلبي هكذا ثم انقلب الناحية الأخرى وهو لا يرى شيء غيرها وهي تنسحب من أمامه بعد أن تركت حضنه ليعاتب نفسه ويقول: ما الذي فعلته أمير لم فرطت بها كيف تركتها هكذا تذهب بهذه البساطة لما لم تخالفها؟
كنت أمسكتها من يدها وضممتها إليك وترجيتها أن لا تذهب إن لم يكن لأجلك على الأقل لأجل اوزجي انها تحبها جدا وستتعب نفسيتها بالتأكيد لفراقها اووف اف تعبت والله تعبت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الهمني الصبر ياارب.
انت لا يمكنك دونها لم تركتها تذهب؟من ذا الذي يسلم روحه للعتمة وهو راض من؟جلس بعدها ووضع يديه على رأسه  واغمض عيونه التعبة بشدة وكأنه يرغب في المزيد من الظلمة لا تكفيه تلك التي أصابت قلبه من لحظة رحيلها وزفر كعادته بحنق لا يخرج النفس الذي يتخلله الشوق لرؤياها فقط بل يخرج معه تراكمات من المشاعر المختلطة التي آذته سنينا ولازالت تؤذيه أكثر لكن فجأ أخذ نفسا عميقا لكن هذه المرة مريح فقد أتاه ريحها الطيب الذي أدمنه وما عاد يقدر دونه فجأة ليفتح عيونه بسرعة وينظر حوله باحثا عنها كغريق كان يتخبط تحت الماء وخرج ونجى من الغرق وهاهو يتنفس الهواء بالقدر الذي يكفيه وزيادة كي يعيش،فنظر بجانبه ليجدها تجلس بجانبه بكل هدوء تنظر إليه وتبتسم نعم إنها عشق لا غيرها إنها نور عينيه إمها المرأة التي عشق المرأة التي آذاها لكن بالأخير هزمته بعيونها البريئة وأصبح متيما بها لا يرى من النساء في الكون عداها.
اشرق وجهه الشاحب اخيرا وهو ينظر إليه مبتسما ليقول:عشق؟!أعدت حقا.
امسكت يده لتقول:وهل يمكن لعشق دون امير؟وهل توجد عشق دون امير؟لم اذهب حتى لكي اعود،اقتربت منه أكثر ومدت يدها لتضعها على قلبه لتقول:الست هنا؟نظر لموضع يدها ثم إليها ليقول:لا سكن لك بالكون غيره.
ريحان:اذا انا بكل مكان بعقلك بنبضك بدمك بنفسك كما تكون أنت ثم أمسكت يده لتقول:وانت لا سكن لك غير هذا،اطبقت عليك بكل شرايينه وحبستك به.
أمير:لا اريد أن اتحرر منه يوما أنه جنتي وما خارجه جهنم.
ابتسمت عيونها له اكثر فأكثر ليبادلها نفس الابتسامة لكن فجأة وقفت وبدأت بالابتعاد عنه وهي تبتسم حتى اختفت.
استفاق من غفوته فزعا لينادي مباشرة:عشق
نظر حوله ليستوعب أنه حلم،اخذ نفسا عميقا لدرجة آلمته اضلعه ثم قام ودخل الحمام وتوضأ،ليمسك سجادته ويطرحها أرضا ويقول:سافعل ما كنت تفعلين لأنه لن أجد راحة لفؤادي المنكسرة لفقدانك الا بالصلاة.
شرع بصلاته وصل ما استطاع،ثم رفع بالأخير يديه للسماء راجيا ليقول:(اللهم اني اسالك ايمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتي اعلم انه لن يصيبني الا ما كتبه علي كي اصبر على فراقها  والرضا بما قسمته لي كي أتعايش مع رحيلها عن دنياي يا ذا الجلال و الاكرام).
ربي انك اسكنتها فؤادي وجعلتها سكينته فإن كانت مشيئتك أن تبعدها فانا راض بحكمك لكن رجائي أن تحفظها وهي بعيدة يارب العالمين فانا اتحمل بعدها لكن لا يمكنني التحمل أن تتأذا روحها بسببي اكثر.
لم ينتبه أن دمعه خانه ثانية هو أمير القوي الصلب الصلد الذي لا يبكي لشيء لكن فراقها اوجعه ودمعها ونظراتها وانكسارها ورجاؤها كلها اوجعته ولا تزال توجعه مع كل نفس ياخذه.
كانت بتلك الحافلة التي تسير الى الامام وروحها تدفع بها عكس التيار وكأنها تحاول جر الحافلة بما فيها لتعيدها خلفا،كانت تضع راسها على الكرسي ذاك لكن فجأة سمعت صوت تزمير قوي واحد يشير إلى الحافلة كي تتوقف،فزع كل من في الحافلة ينظرون من،تذمر السائق وصرخ على تلك السيارة بشدة لكنه توقف مخافة أن يصيب الركاب بحادث.
وما أن فعل حتى صعقت مما رأت لقد كان أمير واقفا عند سيارته ينتظرها،نزلت وتقدمت ببطئ منه ثم نظرت اليه حزينة لتقول:ماذا تريد لما فعلت هذا واوقفت الحافلة؟
أمير:اريدك انت
ريحان:وانا لا اريدك
أمير:بل تريدنني وستعودين معي ثم امسكها من يدها وحاول جذبها لتصرخ به،لا اريدك الا تفهم.
التفت اليها وابتسم بحب ثم اقترب منها ووضع يديه على وجهها وهي مصدومة به ليضع شفتيه على شفتيها ويقبلها بحب،كانت مستسلمة له لم تقاوم ولم تفعل أي حركة،قبلها بحب قبلة عميقة اخذتها لعالم بعيد عن كل حزنها ثم فصل قبلته تلك ليعيدها لواقعها ويقول:الازلت لا تريدينني؟
ابتسمت له وهي خجلة لم تجد ما تجيب ليحتظنها ببصره بحب نظرت الى عمق عينيه رغم خجلها لتقول:انا احبك  لكن هنا استفاقت من حلمها الجميل فزعة،نظرت حولها لتدرك أنه حلم لا حقيقة.
رفعت هنا يدها ووضعتها على شفتها لتقول بداخلها :احس بها لا أزال احس بها لكن نحن انتهينا دون رجعة.
مر وقت بقي امير في غرفته لم يخالط أحدا ولم يتحدث مع احد لكنه في آخر النهار استسلم وذهب لصغيرته التي نامت بوقت مبكر ليحملها ويتجه لغرفة عشقه ويناما معا هناك على سريرها وهما يأخذان من ريحها التي بقيت على فرشها.
وصلت ريحان القرية بعد سفر شاق...
كانت تجر حقيبتها خلفها حزينة لقد عادت عشق لقريتها بعد أيام غياب طويلة لكن عشق التي عادت اليها ليست نفسها التي غادرت منها مخطوفة قبلا،
عادت إلى القرية عشق الخاوية الفؤاد،عشق التي عشقت الوحش،لكنها تركت الوحش وحيدا بعد أن ردته أميرا لكن هنا ليس بقبلة بل بلمسة يد احتوت كل معاني الطيبة.
لكنها أحست بحركة فجأة خلفها رغم أنها كانت شبه مخدرة،التفتت فجأة لكنها لم تجد شيء خلفها،بقيت واقفة هناك قليلا لتقول:يبدو انني اتوهم ثم أكملت دربها الضائع.
توجهت إلى بيت عمتها خائفة،اقتربت علها تلمح أحدا أو ضوء هناك ظنا منها أن البيت قد بيع لكنها لم تر غير الظلام الذي يحاوطه وتلك الحديقة التي أصبحت بالية حزينة على من تركوها دون عودة إنها تحكي هجران الديار فحتى البيوت تحس وتشتاق وتحزن من هجران أحبابها وذلك الفقد يظهر عليها جليا حين تعتم ويصيبها الغبار وما هو إلا غبار الشوق والحنين ورماد الذكريات التي احترقت داخله وتركها أصحابها وهجروا وحتى البيوت تبكي لكن لا نسمع بكاءها لكنها تفعل مع الأسف.
اقتربت أكثر واسترقت النظر يمنة ويسرة،كانت مترددة اتطرق الباب ام تعود لتقول:لا أظن أنه هنا،لو كان هنا لأنار كل البيت كعادته،لا يهمني سأدخل لا حل لي وآخذ اغراضية التي تركتها في ذلك اليوم المشؤوم هنا وذكرياتي التي اشتقت اليها ورائحة عمتي التي حرمت منها بسبب حقارة ذلك الذي لا يسمى وانصرف اوووف لم أكن أعتقد أن هذا صعب كل شيء حولي يتعبني.
رفعت يدها لكنها خافت للحظة،انزلت يدها وتنهدت بعمق لتقول:لامفر من الرجوع هنا وطني وقد عدت حتى وإن كان الوطن لا يريدني لتستجمع قواها وترن الجرس ثم عادت للخلف وانتظرت لكن لا أحد فتح استغربت ثم رنت ثانية لتسمع فجأة أحدا يناديها
التفتت لتقول:محمد
تقدم بسرعة ناحيتها ليقول:ريحان اختي لا اصدق فعلا لا اصدق.
ريحان:مرحبا محمد.
محمد:اين كنت يا ابنتي اختفيت فجأة ولم نعرف عنك اي شيء رغم أنني سالت وسالت وبحثت لكن دون جدوى لاستسلم في الآخر ،حتى زوج عمتك اختفى منذ مدة طويلة ولم يظهر ثانية ولم اعرف انك بخير الا منذ أيام حين قرأت خبر الجرائد وانك قد تزوجت برجل أعلن حبه لك أمام تركيا كلها.
ريحان:وهل وصل الخبر اليكم ايضا؟يا ل خجلتي من المؤكد انكم تظنون بي الظنون السيئة الآن.
محمد:وهل هناك شيء مخجل؟ انت تزوجته بالحلال لا اعلم من استقصد اتهامك لكن من المؤكد أنه أحد الحاقدين على زوجك  ايضا السيد أمير  ماشاء الله رجل معروف.
لكن  كيف حدث معك كل هذا؟ولم اختفيت فجاة؟امي كادت تجن
ريحان:اووووه قصة طويلة لاقيت منها الأمرين.
محمد:ولم عدت؟اين زوجك المهندس؟هل اتيت لزيارة؟
ريحان:ستعرف كل شيء بوقته اخي محمد
محمد:حسنا لا يهم هيا تعالي للبيت ستسر امي بك سنفاجؤها لن تصدق انك عدت.
ريحان:لا اخي لا اريد ازعاجكم ساجد مكانا لارتاح به لا تهتم.
محمد:عيب وما نفع الاخ اذا ان تركت تذهبين؟
ابتسمت له ثم وافقته ومشت بجانبه وهي تلتفت كل حين للخف لبيت عمتها.
وصلت بيت جارتهم الخالة عائشة أم محمد ليدخل هو ويهمس لها:انتظري ثم دخل ليقبل يد والدته لتقول:لماذا تأخرت بني؟
محمد:امي لن تصدقي من عاد الينا.
الخالة عائشة:من بني؟او انها؟!
محمد:هي بالذات
دخلت ريحان عليها لتقول:مرحبا خالة.
نظرت اليها لتدمع عيونها سريعاووتقول:ريحان ابنتي.
فتحت ذراعيها إليها لتسرع ريحان وتحتضنها وتقول:اشتقت اليك ياخالة.
الخالة عائشة:ابنتي لم اختفيت فجأة اين كنت طيلة هذه المدة؟
اماء محمد لريحان بعيونه لتفهم على نظرته بان الخالة لا تعرف شيء عن تلك الأخبار.
لقد بحثنا عنك مطولا حتى يئست من لقائك.
ريحان:آسفة خالة ظروف فوق قدرتي اخذتني من هنا ومنعتني من العودة.
الخالة عائشة:المهم انك عدت حبيبتي لقد اثقلت كاهلي بغيابك بعد أن امنتني عمتك عليك ولم اجدك ساءت حالتي كثيرا ماذا حدث معك؟اين كنت طيلة هذه الفترة؟
نظرت اليها ريحان لكنها لم تتمالك نفسها لتنفجر باكية،احتضنتها الخالة عائشة لتشير لمحمد بأن ينصرف فهي تعلم خجلها ثم احتضنتها أكثر لتقول:آه يا طفلتي يبدو انك عشت أياما موجعة.
نظرت اليها ريحان لتقول:اكثر مما يتخيل عقل لقد فقدت عشق التي تعرفينها فقدت كل شيء جميل بها.
الخالة عائشة:لا يكلف الله نفسا إلا وسعها حبيبتي وما وضعك في الذي عشته الا لادراكه عز وجل انك ستتحملين وتصبرين،عشق امتحنت بدل الامتحان الفا وابتليت بدل الابتلاء الفين  وكل مرة نأخذ منها دروسا بالصبر على المحن وما ابتليت الا لأن خالقها يحبها اسمعي ريحان قال  الله جل في علاه:{وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
ساروي لك قصة خذي منها العبر وقد تصبرك بعض الشيء وتستشعري من خلالها حكمة رب العالمين وابتلاءه لمن يحب.
ريحان:اسمعك خالة
الخالة عائشة:لقد رأي المدائني امرأة لا مثيل لها في الصبر والتحمل ولا أجمل منها بهاءا وحسنا، وليس كمثيلاتها من حيث الضحك والتبسم
فظن بعقله وبفكر البشر أنها أصبحت هكذا بسبب السرور والاعتدال الذي تعيش فيها ولكنها كباقي البشر فلقد التبست حياتها بالاحزان والهموم وحينها اخبرته قصتها بأنها كانت زوجة وأم لطفلان وبيوم عيد الاضحي بينما يستعدان كباقي المسلمين لإحياء شعائر الله وذبح الوالد الشاه بينما الصبيان يلعبان
وبفضول الأطفال قال احداهما: أتريد أن تري كيف ذبح أبانا الشاه؟
فرغب الاخر ليعرف فجرب اخاه وذبحه وحين رأي الدماء فزعت اوصاله ورجف قلبه لدرجة انه ركض نحو الجبل فاكله الذئب وحين استوحشا أباهما خرج يبحث عنهما فضاع ومات عطشا
فأصبحت وحيدة صريعة الفقد
فتعجب المدائني فسألها: كيف انت والصبر؟
فأجابته انه لو كان لها من الحياة نصيبا فنصيبها الصبر ولكنه كما باقي الأوجاع خلف جرحا وشفي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي