الفصل الثاني عشر
بعد عدة ساعات فقط كان قمر ورائد والسيدة الكبرى مع أحمد مجتمعين في غرفة الجلوس يخططون بدقة وحرس شديد لخطواتهم القادمة.
كان أحمد قد خرج باكرًا وهو مرتدي قلادته، وذهب يحضر جاره حسين خلسة دون أن يلاحظ أحدًا؛ لانه سيحتاجه في توزيع القلادات على المدينة.
وبعد ساعة كاملة من وضع خطة محكمة، نظروا لبعضهم البعض باطمئنان وقرروا البدء في العملية!
قالت السيدة الكبرى والدة احمد:
-هل يمكنني المشاركة؟
يمكنني أن أساعدكم لن أسباب أي ضرر أقسم لك.
انحنت قمر لتقبل يديها قائلة:
-لن نطمئن عليكِ سوى هنا،
أعدك سوف نعيد لكِ ابنتكِ سالمة غانمة.
أمسكت السيدة بيدا قمر طروادة وضغطت عليها قائلة:
-أنتِ مثل والدتك رحمها الله، عطوفة وحنونة ومحبة للمساعدة، كنت أعرف أنكِ لن تتركينا وتذهبي.
وضعت قمر يدها فوق يدا السيدة التي ممسكة بيدها قائلة بنبرة يشوبها الحزن:
-هل كانت أمي جيدة؟
تبادل أحمد ورائد النظرات، فاقترب أحمد منهم قائلًا:
-كانت محبوبة كثيرًا، جميعنا نكن لها الكثير من الحب والاحترام، كانت لا تترك أحدًا دون مساعدته،
حتى أنها قامت باعطاء محل صغير لنا لنستيطع كسب لقمة عيشنا بعد والدي رحمه الله.
قالت السيدة الكبرى:
-رحمه الله،
أتعلمين أنها جاءت إلى هنا لمواساتي؟
قامت بمساعدتنا دون طلب المساعدة،
جاءت لمواساتي رغم عدم إظهاري لشيء.
تدخل حسين لأول مرة:
-أعتذر لمقاطعة الحديث، قمر طروادة حتى نحن لم نسلم من مساعداتها، هي التي اهتمت بشقيقتي الصغيرة عندما مرضت مرضًا خطيرًا، كنا على وشك فقدانها ولكن لولا ملكتنا وتدخلها لكانت شقيقتي الآن في مكان آخر.
تأثرت قمر وبدأت دموعها بالهبوط كالشلالات، نظر لهم رائد جميعًا وأشار برأسه ناحية الباب، فهمها أن المهمة بدأت، وان عليهما التحرك بأسرع ما يمكن.
اقترب رائد من قمر، وداعب شعرها قليلًا قائلًا بهمس:
-هل أنتِ بخير؟
مسحت قمر دموعها ووقفت باستقامة قائلة:
-نعم، يمكننا الرحيل.
قال بجدية:
-الان مهمتنا نحن يا قمر، سوف نذهب يا خالة، دعواتك لنا.
وخرجوا هم أيضًا لتتبقى فقط السيدة والدتهما تدعوا الله أن يحميهم ويعودا لها سالمين.
لماذا خرجنا للخارج ولم نذهب بعصا طروادة؟
قالتها ريم بينما كانت تسر بجانب رائد يدًا بيد.
قال رائد:
-سنذهب بالعصا، من قال اننا لن نذهب؟
ولكن أردت أن نسير قليلًا في الهواء الطلق لعل معنوياتك تتحسن.
ابتسمت قمر قائلة:
-ولكن أنا بخير.
قال رائد بإصرار:
-أعلم أنكِ لست كذلك.
شدت قمر على يد رائد الممسكة بها وقالت:
-طالما أنت بجانبي كل شيء سيكون بخير.
صمتوا قليلًا وقالت:
-سنذهب إلى وجهتنا التي هي؟
قال رائد وهو يشير بيده تجاهها:
-مقر الإرسال!
قالت قمر:
-متحمسة كثيرًا وايضًا خائفة.
لم تترك لرائد فرصة للإجابة وقالت:
-رائد!
-نعم؟
-هل تتوقع أن تخرج المدينة من أجلي؟
حسنًا أعلم أني قمر طروادة وأنني قيمة كثيرًا لديهم ولكن هل يمكن أن يخاطروا بحياتهم من أجلي؟
تنهد رائد ممسكًا بيدها قائلًا بجنود:
-لا أتوقع.
حدقت قمر به ببلاهة، فابتسم رائد قائلًا بمراوغة:
-بل متأكد.
قالت قمر بتذمر ضاحكة:
-رائد!
قال رائد:
-هيا هيا هيا لا تلتهي، وراءنا الكثير من العمل.
اخرجت قمر عصا طروادة ثم لوحت بها قائلة بنغمة:
-إلى مقر الإرسال..
أمسك رائد بيدها عند انشقاق الفجوة مرددًا بتأكيد:
-إلى مقر الإرسال.
وبلحظة اختفوا من المكان كأن لم يكن به أحدًا،
بينما احمد وحسين استمروا في توزيع القلادات، وكل من يأخذ قلادة يشترك معهم بتوزيعها حتى لا يخسروا وقتًا.
-ولكنه يبكي يا ريم.
قالها آسر لريم في محاولة إقناعها لمساعدتهم، قالت ريم:
-لا.
ثم اقتربت ريم من آسر وابتلعت ريقها قائلة:
-لقد رأيت الرجل يا آسر، إنه ضخم!
لوهلة شعرت بأنه قاطع طرق.
قال آسر:
-ولكنه يبكي ويترجانا أن ننقذ زوجته!
ألم تتعلمي أن يصبح لديكِ رحمة بعد؟
كان قد ترجاهم الرجل الذي وقف أمام سيارتهم فجأة، أن يساعدوهما في نقل زوجته للمستشفى، ولكن ريم لم ترغب في المساعدة ظنًا منها أنها طريقة قديمة وساذجة للسرقة والقتل، وما جعلها تصر على عدم مساعدته هو أن زوجته التي يجب نقلها للمستشفى تم طعنها بسكين حاد.
أخذ آسر يحاول إقناعها بينما هي ذهبت إلى عالم آخر،
لا تنكر قط أن ضميرها يأنبها منذ أيام، تبكي بالساعات وبعدها تخرج كان شيئًا لم يكن تجلس مع هؤلاء الرجال وهي المرأة الوحيدة، تمارس عملًا لا يشببها ولا يشبه ما كانت عليه، منذ متى وأصبح قلبها جامدًا لهذه الدرجة،
لا تتصور أنها قامت بطعن صديقتها ورفيقة عمرها فقط من أجل رجل وثروة لا أهمية لها،
لا الرجل نظر لها ولا الثروة حصلت عليها، أحزنتها كثيرًا...
قالت لها كلام لا تتمنى أن يسمعه ألد أعدائها ولكن ماذا تفعل!
كانت مغيبة عن العالم، تفكر في رغباتها فقط،
فكرت لو أن قمر صدقت أنها قاتلة والدتها، اعتصر قلبها وسقطت دمعة يتيمة تمردت على وجنتيها، أجبرت على إخبارها بهذا لكي تكرهها وتكسب ثقة عمر من جديد، تعرف قمر جيدًا مهما قالت لها أشياء سيئة ستسامحها لأنها نقطة ضعفها، تحبها قمر كثيرًا وتعتبرها كشقيقتها الصغرى،
فلن تجد طريقة اخرى لتبتعد عنها سوى إخبارها بأنها سبب موت والدتها.
لم تكن سببًا لموت احد، صحيح انها تغيرت جذريًا وفعلت الكثير من الأشياء غير المتوقعة، قامت ببيع جميع أصدقائها، ولكن هي... هي لم تفقد رحمتها بعد!
ابتلعت ريقها ومسحت دموعها قائلة:
-سنساعدها، أين هي؟
ابتسم آسر بشدة، واشار تجاه قلبها قائلًا:
-كنت أعرف أن قلبك مازال به رحمة ولو قليلًا.
ثم ركضوا تجاه المنزل حتى يستطيعوا نقل زوجته إلى السيارة لينقذوها بأسرع وقت.
تقف قمر تجاه الميكروفون الصغير، تعبث به بملل، نظرت لرائد فجأة ثم قالت:
-رائد.
قال:
-نعم.
قالت بحيرة:
-برأيك هل هذا الشيء الصغير يستيطع إصال صوتي للمدينة كلها.
قال:
-سيصل، عندما وصلت هنا كنت بين عامة المدينة، سمعت صوت يتردد بالأرجاء، صوت قوي جدًا لم أكن اعلم أنه يصدر من هنا إلا عندما قال لنا أحمد.
قالت قمر باستغراب:
-ماذا كان يقول الصوت؟
قال:
-لا أتذكر بالظبط ولكنه كان يحذر من الساحرة، وينبه على الجميع بالاحتماء في المنزل.
قالت:
-كيف قالها؟
قال:
-قالها كانه في برنامج راديو وأخذ يردد الجمل ثلاث مرات.
ثم سأل:
-لمَ كل هذه الأسئلة يا ترى؟
قالت بحماس:
-أود أن أتكلم مثل موظف الارسال تمامًا.
ثم سألته باستغراب:
-ولكن رائد! ملابسهم غريبة جدًا كل شيء غريب هنا، تارة تشعر وكأنك في عصر عتيق، وتارة تشعر أننا في المستقبل مع آلات حديثة للغاية.
قال رائد:
-عندما وصلت هنا فكرت بنفس الطريقة، يوجد هنا الشيء ونقيضه، وعلى رأيهم إنها طروادة الساحرة.
ثم أردف بينما يداعب شعر قمر:
-والآن أمامي قمر طروادة التي مثلها تمامًا تسحر وتأخذ عقل كل من يراها.
-أحم احم
قاطع غزل رائد لقمر صوت يأتي من المرآة، فابتعد عنها ليوجه بصره لأحمد قائلًا:
-يبدو أنه حان الوقت.
قال أحمد:
-نعم، تقريبًا المدينة بأكملها أصبح لديها قلادة، حتى أنها بدأت بالخروج من عشها لتكسب رزقهم.
ثم تدخل حسين قائلًا:
-لم نخبر أحدًا عن ظهور قمر طروادة.
وأكمل احمد:
-أردنا أن تخبري عن ظهورك بنفسك يا قمر طروادة.
ابتسمت قمر وتنهدت بحماس ثم بدأت كلامها:
-أهل طروادة الاعزاء.
-أهل طروادة الاعزاء.
-يا أهل طروادة الاعزاء.
ثم نظرت لرائد وابتسمت فابتسم لها بمشاغبة، واكملت حديثها:
-معكم قمر طروادة، كنت اتمنى أن أظهر في وسط مناسب أكثر من هذا ولكنه القدر، لم أكن أعرف عنكم شيئًا قط ولولا ظهوري بمحض الصدفة لم أكن سأعلم أيضًا!
-بدون دخول بتفاصيل ليس لها داع، اسمحوا لي أن أقوم بمساعدتكم وواجبي لتشرق شمسنا من جديد، ونتخلص من كل ظلام دامس.
صمتت قليلًا ثم أكملت:
-لن أستطيع مساعدتكم دون أن تساعدوني، لذلك أرجوا منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أنت تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
اتجهت نحو رائد، فابتسم لها بتشجيع لتعود مجددًا وتقول:
-سيشرف عليكم احمد وحسين، انتظركم جميعًا.
انتهيت من إلقاء الخطبة، وقلت بابتسامة عريضة شقت وجهي:
-أشعر وكأن لي قيمة.
عقد رائد حاجبيه قائلًا:
-لطالما كان لكِ قيمة يا قمر، سواء في قلبي أو عند جميع الناس.
ابتسمت بحب، فقال أحمد:
-لقد قمنا بعملنا الباقي لديكم.
قال رائد بعدما اولى انتباه له:
-لم تنتهي يا أحمد.
قم بجمع الشباب أنت وحسين وكونوا مجموعات يجب أن نقود مدينة طروادة، قسموهم لأجزاء لا أود أي عشوائية في الساحة، كل جزء له اسم معين يعرفه.
-حسين وأنت لا تنسى أن ترسل موظفي الارسال وأخبارهم بالخطة والوقت المناسب لالقاء كلمتهم.
قال حسين ضاحكًا:
-عُلم يا رئيس.
ثم تدخلت قمر في الحوار قائلة:
-هيا وفقكم الله، سألحقكم بعد قليل.
-لحظة!
قالها أحمد قبل إنهاء التواصل بينهما، وازدرق ريقه قائلًا:
-ولكن كيف ستأتي شقيقتي؟
قالت قمر:
-ستأتي عائشة وأنا واثقة أن زينو ستكون بجانبها، لتساندها.
ابتسمت له بثقة قائلة:
-ثق بي، سيكون كل شيء على ما يرام.
اختفى أحمد وحسين من المرآة، ووضعتها قمر في حقيبتها، أخذت تراجع آلات الدفاع عن النفس ثم قالت لرائد:
-أشعر وكأنني محاربة، وخاصة بسبب هذه الملابس.
قال رائد ضاحكًا:
-حقًا إنها رائعة عليكِ.
يشبه لباس المحاربين كثيرًا
وهذا لانكِ محاربة وقمر طروادة.
ضحكت وقلت:
-وملابسك تضحكني.
عبست ملامحه قائلًا:
-وملابسك أيضًا مضحكة، كنت أجاملك.
عبست ملامح كلاهما، حدقوا ببعض قليلًا ثم انفجرا ضحكًا على منظرهما المضحك الذي يشبه الأطفال.
بادر رائد بالكلام بعد صمت، وهو ينظر في الوقت:
-هيا، إلى الساحة يا محاربة.
لوح رائد بالعصا في الهواء لتنشق الفجوة وقالت قمر:
-إلى الساحة يا محاربي.
كان أحمد قد خرج باكرًا وهو مرتدي قلادته، وذهب يحضر جاره حسين خلسة دون أن يلاحظ أحدًا؛ لانه سيحتاجه في توزيع القلادات على المدينة.
وبعد ساعة كاملة من وضع خطة محكمة، نظروا لبعضهم البعض باطمئنان وقرروا البدء في العملية!
قالت السيدة الكبرى والدة احمد:
-هل يمكنني المشاركة؟
يمكنني أن أساعدكم لن أسباب أي ضرر أقسم لك.
انحنت قمر لتقبل يديها قائلة:
-لن نطمئن عليكِ سوى هنا،
أعدك سوف نعيد لكِ ابنتكِ سالمة غانمة.
أمسكت السيدة بيدا قمر طروادة وضغطت عليها قائلة:
-أنتِ مثل والدتك رحمها الله، عطوفة وحنونة ومحبة للمساعدة، كنت أعرف أنكِ لن تتركينا وتذهبي.
وضعت قمر يدها فوق يدا السيدة التي ممسكة بيدها قائلة بنبرة يشوبها الحزن:
-هل كانت أمي جيدة؟
تبادل أحمد ورائد النظرات، فاقترب أحمد منهم قائلًا:
-كانت محبوبة كثيرًا، جميعنا نكن لها الكثير من الحب والاحترام، كانت لا تترك أحدًا دون مساعدته،
حتى أنها قامت باعطاء محل صغير لنا لنستيطع كسب لقمة عيشنا بعد والدي رحمه الله.
قالت السيدة الكبرى:
-رحمه الله،
أتعلمين أنها جاءت إلى هنا لمواساتي؟
قامت بمساعدتنا دون طلب المساعدة،
جاءت لمواساتي رغم عدم إظهاري لشيء.
تدخل حسين لأول مرة:
-أعتذر لمقاطعة الحديث، قمر طروادة حتى نحن لم نسلم من مساعداتها، هي التي اهتمت بشقيقتي الصغيرة عندما مرضت مرضًا خطيرًا، كنا على وشك فقدانها ولكن لولا ملكتنا وتدخلها لكانت شقيقتي الآن في مكان آخر.
تأثرت قمر وبدأت دموعها بالهبوط كالشلالات، نظر لهم رائد جميعًا وأشار برأسه ناحية الباب، فهمها أن المهمة بدأت، وان عليهما التحرك بأسرع ما يمكن.
اقترب رائد من قمر، وداعب شعرها قليلًا قائلًا بهمس:
-هل أنتِ بخير؟
مسحت قمر دموعها ووقفت باستقامة قائلة:
-نعم، يمكننا الرحيل.
قال بجدية:
-الان مهمتنا نحن يا قمر، سوف نذهب يا خالة، دعواتك لنا.
وخرجوا هم أيضًا لتتبقى فقط السيدة والدتهما تدعوا الله أن يحميهم ويعودا لها سالمين.
لماذا خرجنا للخارج ولم نذهب بعصا طروادة؟
قالتها ريم بينما كانت تسر بجانب رائد يدًا بيد.
قال رائد:
-سنذهب بالعصا، من قال اننا لن نذهب؟
ولكن أردت أن نسير قليلًا في الهواء الطلق لعل معنوياتك تتحسن.
ابتسمت قمر قائلة:
-ولكن أنا بخير.
قال رائد بإصرار:
-أعلم أنكِ لست كذلك.
شدت قمر على يد رائد الممسكة بها وقالت:
-طالما أنت بجانبي كل شيء سيكون بخير.
صمتوا قليلًا وقالت:
-سنذهب إلى وجهتنا التي هي؟
قال رائد وهو يشير بيده تجاهها:
-مقر الإرسال!
قالت قمر:
-متحمسة كثيرًا وايضًا خائفة.
لم تترك لرائد فرصة للإجابة وقالت:
-رائد!
-نعم؟
-هل تتوقع أن تخرج المدينة من أجلي؟
حسنًا أعلم أني قمر طروادة وأنني قيمة كثيرًا لديهم ولكن هل يمكن أن يخاطروا بحياتهم من أجلي؟
تنهد رائد ممسكًا بيدها قائلًا بجنود:
-لا أتوقع.
حدقت قمر به ببلاهة، فابتسم رائد قائلًا بمراوغة:
-بل متأكد.
قالت قمر بتذمر ضاحكة:
-رائد!
قال رائد:
-هيا هيا هيا لا تلتهي، وراءنا الكثير من العمل.
اخرجت قمر عصا طروادة ثم لوحت بها قائلة بنغمة:
-إلى مقر الإرسال..
أمسك رائد بيدها عند انشقاق الفجوة مرددًا بتأكيد:
-إلى مقر الإرسال.
وبلحظة اختفوا من المكان كأن لم يكن به أحدًا،
بينما احمد وحسين استمروا في توزيع القلادات، وكل من يأخذ قلادة يشترك معهم بتوزيعها حتى لا يخسروا وقتًا.
-ولكنه يبكي يا ريم.
قالها آسر لريم في محاولة إقناعها لمساعدتهم، قالت ريم:
-لا.
ثم اقتربت ريم من آسر وابتلعت ريقها قائلة:
-لقد رأيت الرجل يا آسر، إنه ضخم!
لوهلة شعرت بأنه قاطع طرق.
قال آسر:
-ولكنه يبكي ويترجانا أن ننقذ زوجته!
ألم تتعلمي أن يصبح لديكِ رحمة بعد؟
كان قد ترجاهم الرجل الذي وقف أمام سيارتهم فجأة، أن يساعدوهما في نقل زوجته للمستشفى، ولكن ريم لم ترغب في المساعدة ظنًا منها أنها طريقة قديمة وساذجة للسرقة والقتل، وما جعلها تصر على عدم مساعدته هو أن زوجته التي يجب نقلها للمستشفى تم طعنها بسكين حاد.
أخذ آسر يحاول إقناعها بينما هي ذهبت إلى عالم آخر،
لا تنكر قط أن ضميرها يأنبها منذ أيام، تبكي بالساعات وبعدها تخرج كان شيئًا لم يكن تجلس مع هؤلاء الرجال وهي المرأة الوحيدة، تمارس عملًا لا يشببها ولا يشبه ما كانت عليه، منذ متى وأصبح قلبها جامدًا لهذه الدرجة،
لا تتصور أنها قامت بطعن صديقتها ورفيقة عمرها فقط من أجل رجل وثروة لا أهمية لها،
لا الرجل نظر لها ولا الثروة حصلت عليها، أحزنتها كثيرًا...
قالت لها كلام لا تتمنى أن يسمعه ألد أعدائها ولكن ماذا تفعل!
كانت مغيبة عن العالم، تفكر في رغباتها فقط،
فكرت لو أن قمر صدقت أنها قاتلة والدتها، اعتصر قلبها وسقطت دمعة يتيمة تمردت على وجنتيها، أجبرت على إخبارها بهذا لكي تكرهها وتكسب ثقة عمر من جديد، تعرف قمر جيدًا مهما قالت لها أشياء سيئة ستسامحها لأنها نقطة ضعفها، تحبها قمر كثيرًا وتعتبرها كشقيقتها الصغرى،
فلن تجد طريقة اخرى لتبتعد عنها سوى إخبارها بأنها سبب موت والدتها.
لم تكن سببًا لموت احد، صحيح انها تغيرت جذريًا وفعلت الكثير من الأشياء غير المتوقعة، قامت ببيع جميع أصدقائها، ولكن هي... هي لم تفقد رحمتها بعد!
ابتلعت ريقها ومسحت دموعها قائلة:
-سنساعدها، أين هي؟
ابتسم آسر بشدة، واشار تجاه قلبها قائلًا:
-كنت أعرف أن قلبك مازال به رحمة ولو قليلًا.
ثم ركضوا تجاه المنزل حتى يستطيعوا نقل زوجته إلى السيارة لينقذوها بأسرع وقت.
تقف قمر تجاه الميكروفون الصغير، تعبث به بملل، نظرت لرائد فجأة ثم قالت:
-رائد.
قال:
-نعم.
قالت بحيرة:
-برأيك هل هذا الشيء الصغير يستيطع إصال صوتي للمدينة كلها.
قال:
-سيصل، عندما وصلت هنا كنت بين عامة المدينة، سمعت صوت يتردد بالأرجاء، صوت قوي جدًا لم أكن اعلم أنه يصدر من هنا إلا عندما قال لنا أحمد.
قالت قمر باستغراب:
-ماذا كان يقول الصوت؟
قال:
-لا أتذكر بالظبط ولكنه كان يحذر من الساحرة، وينبه على الجميع بالاحتماء في المنزل.
قالت:
-كيف قالها؟
قال:
-قالها كانه في برنامج راديو وأخذ يردد الجمل ثلاث مرات.
ثم سأل:
-لمَ كل هذه الأسئلة يا ترى؟
قالت بحماس:
-أود أن أتكلم مثل موظف الارسال تمامًا.
ثم سألته باستغراب:
-ولكن رائد! ملابسهم غريبة جدًا كل شيء غريب هنا، تارة تشعر وكأنك في عصر عتيق، وتارة تشعر أننا في المستقبل مع آلات حديثة للغاية.
قال رائد:
-عندما وصلت هنا فكرت بنفس الطريقة، يوجد هنا الشيء ونقيضه، وعلى رأيهم إنها طروادة الساحرة.
ثم أردف بينما يداعب شعر قمر:
-والآن أمامي قمر طروادة التي مثلها تمامًا تسحر وتأخذ عقل كل من يراها.
-أحم احم
قاطع غزل رائد لقمر صوت يأتي من المرآة، فابتعد عنها ليوجه بصره لأحمد قائلًا:
-يبدو أنه حان الوقت.
قال أحمد:
-نعم، تقريبًا المدينة بأكملها أصبح لديها قلادة، حتى أنها بدأت بالخروج من عشها لتكسب رزقهم.
ثم تدخل حسين قائلًا:
-لم نخبر أحدًا عن ظهور قمر طروادة.
وأكمل احمد:
-أردنا أن تخبري عن ظهورك بنفسك يا قمر طروادة.
ابتسمت قمر وتنهدت بحماس ثم بدأت كلامها:
-أهل طروادة الاعزاء.
-أهل طروادة الاعزاء.
-يا أهل طروادة الاعزاء.
ثم نظرت لرائد وابتسمت فابتسم لها بمشاغبة، واكملت حديثها:
-معكم قمر طروادة، كنت اتمنى أن أظهر في وسط مناسب أكثر من هذا ولكنه القدر، لم أكن أعرف عنكم شيئًا قط ولولا ظهوري بمحض الصدفة لم أكن سأعلم أيضًا!
-بدون دخول بتفاصيل ليس لها داع، اسمحوا لي أن أقوم بمساعدتكم وواجبي لتشرق شمسنا من جديد، ونتخلص من كل ظلام دامس.
صمتت قليلًا ثم أكملت:
-لن أستطيع مساعدتكم دون أن تساعدوني، لذلك أرجوا منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أنت تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
-أرجو منكم أن تتجمعوا في ساحة طروادة في تمام الساعة الواحدة.
اتجهت نحو رائد، فابتسم لها بتشجيع لتعود مجددًا وتقول:
-سيشرف عليكم احمد وحسين، انتظركم جميعًا.
انتهيت من إلقاء الخطبة، وقلت بابتسامة عريضة شقت وجهي:
-أشعر وكأن لي قيمة.
عقد رائد حاجبيه قائلًا:
-لطالما كان لكِ قيمة يا قمر، سواء في قلبي أو عند جميع الناس.
ابتسمت بحب، فقال أحمد:
-لقد قمنا بعملنا الباقي لديكم.
قال رائد بعدما اولى انتباه له:
-لم تنتهي يا أحمد.
قم بجمع الشباب أنت وحسين وكونوا مجموعات يجب أن نقود مدينة طروادة، قسموهم لأجزاء لا أود أي عشوائية في الساحة، كل جزء له اسم معين يعرفه.
-حسين وأنت لا تنسى أن ترسل موظفي الارسال وأخبارهم بالخطة والوقت المناسب لالقاء كلمتهم.
قال حسين ضاحكًا:
-عُلم يا رئيس.
ثم تدخلت قمر في الحوار قائلة:
-هيا وفقكم الله، سألحقكم بعد قليل.
-لحظة!
قالها أحمد قبل إنهاء التواصل بينهما، وازدرق ريقه قائلًا:
-ولكن كيف ستأتي شقيقتي؟
قالت قمر:
-ستأتي عائشة وأنا واثقة أن زينو ستكون بجانبها، لتساندها.
ابتسمت له بثقة قائلة:
-ثق بي، سيكون كل شيء على ما يرام.
اختفى أحمد وحسين من المرآة، ووضعتها قمر في حقيبتها، أخذت تراجع آلات الدفاع عن النفس ثم قالت لرائد:
-أشعر وكأنني محاربة، وخاصة بسبب هذه الملابس.
قال رائد ضاحكًا:
-حقًا إنها رائعة عليكِ.
يشبه لباس المحاربين كثيرًا
وهذا لانكِ محاربة وقمر طروادة.
ضحكت وقلت:
-وملابسك تضحكني.
عبست ملامحه قائلًا:
-وملابسك أيضًا مضحكة، كنت أجاملك.
عبست ملامح كلاهما، حدقوا ببعض قليلًا ثم انفجرا ضحكًا على منظرهما المضحك الذي يشبه الأطفال.
بادر رائد بالكلام بعد صمت، وهو ينظر في الوقت:
-هيا، إلى الساحة يا محاربة.
لوح رائد بالعصا في الهواء لتنشق الفجوة وقالت قمر:
-إلى الساحة يا محاربي.