الفصل العاشر

ظللت واقفًا لمدة دقائق ولم يظهر هذا الرجل بعد، أخذت أدور في المكان ذهابًا وإيابًا متوترًا، لماذا لم يظهر بعد!
متبق فقط خمس دقائق من الوقت، هل يمكن أن يكون خدعني؟

مسكت المرآة مرة أخرى لعل تظهر لي قمر مرة ثانية، ماذا سأفعل؟ اين ممكن أن تكون؟أنا لا أعرف المكان جيدًا حتى لأبحث عنها،
-رائد!

أجبت شاردًا:
-ماذا

ثم نظرت خلفي وأمامي لأجد أنه لا يوجد أحد!:
-هنا أخي هنا.

كان الصوت يخرج من المرآة، نظرت وإذا بأحمد تتساقط الدموع من مقلتيه قائلًا:
-زينو.

قلت بقلق:
-ما بها زينو؟
لماذا تبكي يا أحمد ماذا يحدث؟


قال أحمد بتقطع:
-لقد اختفت، اختفت شقيقتي من منزلنا أمام عيني ولم أستطع فعل شيء.

قلت:
-اهدأ، كيف حصل هذا؟

قال بدموع:
-عائشة هي السبب.

-لقد جئت..

قالها السيد عابر مما أجبر عيناي على ترك المرآة والنظر إلى عابر، وضعت المرآة جانبًا وركضت بسرعة تجاهه لا يوجد وقت!
يكاد يتبقى لحظات، قام عابر بفتح الحقيبة الكبيرة التي تحتوي على العديد من القلادات وأخرج إحداهن وقام برميها تجاهي فمسكتها بيداي الأثنان بسرعة ووضعتها على عنقي،
تنهدت الصعداء قائلًا:
-في الوقت المناسب.

ثم نظرت له قائلًا:
-مهما شكرتك سيبقى قليلًا، لولا وجودك لما استطعت الخروج ولا الوصول في الوقت المناسب.

ابتسم لي ولم يعقب قط، وقتها تذكرت أحمد وعدت للمرأة بسرعة وقلت له:
-لقد حل الأمر يا أحمد سيبنتهي كل هذا
معي الكثير من القلادات نستطيع إنقاذ زينو وكل المدينة.

قال:
-لن نستيطع إلا بوجود قمر طروادة.
بدونها لا بستطيع نفس الساحرة ووقتها لن تعود شقيقتي لي أبدًا.

-لا تقلق أبدًا، سأحاول..

قاطع كلامي ظهور ظل امامي رفعت عيني من أسفل إلى أعلى لاخمن أنها مرأة من قدمها ولكنها كانت حافيتيين!
بدون حذاء، فستانها أبيض، بشرتها بيضاء و.... إنها زينو!

-زينو ماذا تفعلين هنا!!









يجلس في الظلام ما زال في نفس البيت الذي يقع في تلك الغابة المشؤمىة في نظره، يتمنى لو أنه وجد مكان آخر غير هذا.
يفكر كثيرًا في كل ما حدث، قمر، موت والدتها، رائد، اختفائه أسبوعين ثم ظهوره فجأة بمشكلات عديدة، وايضًا غدر ريم!
أكثر ما ألم قلبه.
يحبها كثيرًا ولكنه لم يستطع أن يظهر هذا، عندما تسمح له الفرصة أن يعتبر ويكتسب جرأة، يحدث شيء تنهي الحديث قبل أن يبدأ.
يخاف أن يظهر هذا فترفضه، فكان دائمًا يتجنبها ولا يحادثها قط إلا قليلًا، كان يشعر أنه إذا توقف لدقيقتين يتبادلا الكلمات سيسمع جميع الحي صوت دقات قلبه العالية، أحيانًا كان يقول وما المشكلة؟ ليسمع من سيسمع في النتيجة هذا ما يريده كثيرًا

ولكنه يخاف! يخاف أن يتعرض للرفض مرة أخرى، أو تتم خيانته، لا يثق بنفسه قط ولا بوسامته التي لا يستيطع أن ينكرها أحدهم.
والآن تعقد الأمر كثيرًا أكثر من ذي قبل بل أسوأ أيضًا.
لقد ذهبت للتتورط مع أناس لا يشبهونها قط.
ريم رقيقة للغاية، رقيقة لدرجة ألا تستطع التعامل مع هؤلاء الرجال وحدها.
أخذ آسر يفكر كثيرًا بريم حتى أنه نسي الموضوع الأساسي وهو اختفاء قمر ورائد من الوسط وكانهما تبخرا..








-أهذا قولك؟

قالتها ريم وهي تجلس على الأريكة بشكل مائل تكاد تسقط بتنام من شدة النعاس، عقاب هذا القائد لا ينتهي أبدًا!

قال عباس:
-بالتاكيد.

وضع حسن موزة كاملة في فمه على دفعة واحدة، وتحدث والطعام بفمه:
-كيف يتخلى القائد عمر عن كل شيء فجأة؟

قالت ريم بضيق:
-حسن؟ كم مرة ساقول لك لا تتحدث والطعام في فمك.
كله بسببك أنت وعباس لولا اختفاء التمثال كان سيكون بيدينا فرصة جيدة جدًا.

قال عباس:
-ولكن الآن كل شيء ممنوع، لا يكفي أننا معاقبون من القائد عمر! لا وفوق ذلك حرمنا من دخول طروادة..إلى الأبد.

اعتدلت ريم في جلستها بسرعة قائلة:
-عباس! ألن تخبرني عن شكل المدينة وأجواءها؟
أنا الوحيدة هنا التي لم أذهب إلى مدينة طروادة ولا مرة ما هذا الظلم!

قال حسن وهو يلتقط بتفاحة أخرى أمامه على الطاولة:
-والله يا ريم أظن أننا أيضًا حرمنا، نحن كنا نذهب هناك كوننا مساعدين ورجال ملكة طروادة أي السيدة سهير، ولكن عندما فقدناها،
حاولنا بكل جهدنا أخذ التمثال من قمر ليرجع كل شيء لمساره الصحيح وحاولنا إبعاد قمر قدر الأمكان لكي لا تعرف أي شيء عن طروادة وقتها كان سيحسن الوقت لتدخل القائد عمر،
اتعرفين؟ حتى كان يمكنك الذهاب وقتها معنا.

قالت ريم بيأس:
-لطالما كانت سبب معاناتي، حتى طروادة لن أستطع أن أشاهدها بفضلها فقط،
والله الإنسان يفكر كثيرًا أهذه كانت صديقته أم مفسدة كل شيء جميل.


دخل القائد عمر فجأة الغرفة، شهقت ريم واعتدلوا جميعًا في جلستهم، قال عمر بغضب:
-ماذا تفعلون؟

انتفض الجميع من مكانه وأخذ كلا منهم بمهمة فورًا وعادوا لعملهم، ليقول حسن والتفاح يملئ فمه:
-نعمل!







"رائد"
وجهت نظري فورًا للمرآة وقلت لأحمد بفرح:
-لا تقلق، زينو هنا.

قال بصدمة:
-ماذا!
ابتسمت وأنا أومأ برأسي:
-نعم، لا تقلق.

ضرب أحمد جبينه بيده قائلًا:
-هذا أكثر ما يقلقني..

ثم أردف:
-رائد، عليك أن تعيطها القلادة لترتديها، بأسرع ما يمكن! والا ستحدث أشياء سنندم عليها جميعًا فيما بعد.

قلت باستغراب:
-ولكن م....

-انبطح
قالها السيد عابر الصامت الغريب فجأة ليقاطع كلامي، فعلت ما قاله فورًا لأجد شيء غريب على شكل دائرة يدور قامت زينو برميه نحوي!


قلت بغضب:
-زينو!
ماذا تفعلين؟

نظرت لها جيدًا لتستوعب أن عينيها تشبه عينان عائشة، ذهبت ذاكرتي لهما فورًا عندما ظهرت في المرآة بعد قمر وهددتني ألا أحاول عبثًا.

هذا الساحرة سيطرت على زينو حتمًا.


-زينو، هل تهدأين من فضلك؟
قالت:
-لا.
بدأت مجددًا برمي أشياء تجاهي فلم أستطع أن أفعل شيء سوى الهرب، ظللت أركض من مكان إلى مكان والسيد عابر يقفل بيننا متشتتًا، وحتى المرأة تركتها بجانب الحقيبة التي تحتوي على القلادات...توقفت مكان فجأة!مهلًا القلادات!
غيرت اتجاه سيري وركضت لمكان تواجدنا للمرة الأولى، ومازال السيد عابر يركض ورائي، ذهبت وجدت المرات مكانها والحقيبتين كمان هنا، الحقيبة الأولى التي تحتوي على المصباح وباقي المعدات، والثانية تحتوى على القلادات.
انحنيت لأسفل بينما عابر يشغل زينو، التقطت قلادة من أجل زينو، خبئتها بيدي جيدًا، ثم قلت بصوت عال:
-حسنًا يكفي.
عقدت حاجباي قائلًا:
-تمام سيد عابر يمكنك العودة لمكانك الاول.

عبر السيد عابر من خلفي بينما كنت أضع يداي خلف ظهري استطاع هو أخذ القلادة، ثم أكمل السير بحيث وقف خلف زينو بينما أنا أقف أمامها مباشرة.

أخذت اقترب من زينو خطوة وراء خطوة وانحنيت لاسفل مرة أخرى لأضع المرأة في مكان يستطيع أحمد الرؤية فيه لعله يستيطع التأثير بها أو ما إلى ذلك.

-زينو أنا رائد!

ثم أشرت إلى المرآة قائلًا:
-وهذا أحمد..إنه شقيقك!

حدقت بعينيها دقيقة ثم اقتربت أخر خطوة قائلًا:
-عودي إلى وعيك أرجوكِ.

قلت أخر جملة بالتزامن مع وضع عابر القلادة لعنق زينو، شهقت عندما قام بلمس رقبتها أثناء محاولته لوضع القلادة على عنقها، أغمضت عينيها فجأة ثم سقطت على الأرض!

صرخ أحمد قائلًا:
-زينو!!


قال عابد:
-لا تقلق، هذا بسبب زوال تأثير الساحرة.

صرخ أحمد مرة أخرى:
-أرجوك يا رائد، عد لي بشقيقتي سالمة.

قلت:
-حسنًا لا تقلق، اعدك بذلك.

انحنيت وامسكت رأسها جيدًا، اختفى عابد للحظات ثم عاد ممسكًا بكوب ماء، حاولنا إفاقتها معًا
فتحت عيناها ببطء شديد وهمست:
-عائشة

ابتلعت ريقي قائلًا:
-عائشة؟

فتحت عيناها جيدًا واعتدلت في جلستها لتقول:
-أين عائشة؟

ثم انتفضت فجأة وقامت تدور حولها وهي تصرخ:
-عائشة!
أين أنتِ؟
هل ذهبتي مجددًا؟

سقطت ارضًا مرة أخرى وهي تبكي:
-أرجوكِ عودي.

تدخل احمد بسرعة قائلًا:
-أرجوك يا رائد، عودوا بسرعة.

أشار لي عابر برأسه علامة على الموافقة، نظر خلفه ثم أضاف عابر:
-عليكم الرحيل من هنا بأسرع ما يمكن، والا ستظلان في حبس جبل إيدا بقية عمركما.

لم تتأثر زينو قط، ظلت مكانها تبكي كثيرًا، فكان عليّ أن أتصرف وحدي وبشكل سريع، ركضت تجاه الحقيبة الأولى وضعت بها المرآة وكل ما في الخارج لم يتبقى معي سوى عصا طروادة فقط، وقمت بمسك الحقيبة الأخرى التي تحتوي على جميع القلادات بيدي، لوحت بالعصا في الهواء لتزداد طولًا ثم لوحت مرة أخرى لتنشق فجوة أمامي، ساعدت زينو في النهوض ثم دلفنا إلى الفجوة!








"قمر"
اجلس وحيدة وحزينة في هذه الزنزانة منذ ساعات، وجه رائد لا يفارق عيناي، لماذا كتب علينا عيش كل هذا؟
لمَ نفترق دائمًا، وعند التقائنا لا يمضي سوى يومًا واحدًا لا أكثر على سعادتنا؟
اتذكر الكثير من التفاصيل، لا أمل ولا أكل من تكراراها في رأسي،
اشتقت كثيرًا لحياتي القديمة، امي، خالتي، عالمي، ورائد!
ولاسيما رائد...
إنه حبيبي البعيد عن عيني دائمًا ولكنه لا يخرج من عقلي قط، لم نكن نعرف قيمة بعضنا البعض فيما قبل..
كان رائد اغلب الوقت في عمله، كنت لا أقابله إلا صدفة كل عدة أيام ورغم ذلك أنا أعلم جيدًا أنه كان يشتاق لي..
اتذكر جيدًا اليوم الذي سئمت فيه من هذه الطريقة في الحب، سئمت عدم رؤيته، وتركي وحيدة في أغلب المناسبات والعزومات، صرت أتنقل وحدي من هنا لهنا حتى سئمت من كل شيء،
ذهبت لمكان عمله، وانتظرته لساعة حتى ينتهي اجتماعه ولكنه لم ينتهي!،
دخلت بأسرع ما يمكن وكان البارود سيتشعل حاولت السكرتيرة منع دخولي وكلن حاولت عبثًا، لم ألق التحية، ولم أنظر في عينيه فقط دلفت بغضب قائلة:
-لقد سئمت يا رائد!

أخذت أتنفس بصعوبة، صدري يعلو ويهبط وعندما لم يأتني رد، رفعت عيني وإذا المكان ممتلئ بالموظفين ويترأسهم رائد.

وجه رائد نظره لموظفيه قائلًا:
-حسنًا، أظن يكفي اليوم، نلتقي الاجتماع القادم
إلى اللقاء.

ابتلعت ريقي عندما اكتشفت الحماقة التي فعلتها، غضبي أعماني للحظة، وقفت بابتسامة بريئة انتظر خروج جميع الموظفين دون إصدار أي صوت.
وعندما أصبحت الغرفة فارغة، خرج منها أخر موظف وقام بإغلاق الباب خلفه، اقترب رائد مني خطوات دون إبداء أي ردة فعل على وجهه، قلت في نفسي:
-سأتلقى التوبيخ حتمًا.

ولكن عكس توقعاتي اقترب رائد كثيرًا أكثر مما توقعت، تتواثبت دقات قلبي بكل خطوة يخطوها تجاهي، وصل أمامي مباشرة وأمسك يدي ثم انحنى يقبل وجنتي قائلًا:
-صباح الخبر لكِ أيضًا.

ابتسمت نصف ابتسامة ثم ابعتد وذهب ليجلس على مكتبه، ظللت واقفة مكاني بصدمة وقلت:
-ماذا!

قال بلا مبالاة:
-صباح الخير يا قمر هكذا نقول عندما نرى أحدهم في الصباح

ثم أردف:
-أيعقل أن يقول الناس لبعضهم البعض سئمت في الصباح الباكر؟

حككت راسي بإحراج قائلة:
-أعتذر..
ثم اردفت بغضب:
-ولكن تتركني وحدي يا رائد!
هل هذه حالة اثنان مخطوبان؟
لقد أصبحنا رسميًا مملان تمامًا، لقد كنا نسخر معًا عن الحياة الروتينية المملة بعد الخطبة، أنسيت؟
يعني ما هذه الحياة المستقرة الهادئة التي أرى بها وجهك كل شهر مرة!

قال بهدوء:
-هل أفعل هذا بإرادتي؟
انني اعمل يا حبيبتي، أعمل حتى نستطيع العيش بمستوى يسعدك ويسعدني، وحتى لكي نذهب في مغامرات ونجعل حياتنا إثارة مرة اخرى، ما رأيك؟
ضحكت وقلت بتذمر:
-ياااا رائد!



فقت من شرودي عندما ظهر أمامي رائد فجأة وبجانبه فتاة، هل يخرج من أحلامي هذا أم ماذا؟
قلت بصدمة:
-رائد..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي