التاسع بعد العشرين

تقدم جمال من الغرفة ليجد مروان ساقط أرضاً ورأسه تنزف بغزارة ، أسرع يكتم جرحه ثم حمله لسيارته عازما على العودة به لمنزل جده فهو المسئول الأول عن وصوله لهذه المرحلة من الإنحطاط ، فتش جيوبه ليخرج مفاتيح سيارته ليسهو أثناء ذلك عن محادثة مهيب.

وصل هلال للمشفى ومنعه الأطباء لنصف ساعة من رؤيتها ليتمكنوا من اسعافها أولا ثم خرج له الطبيب
_ استاذ هلال تقدر تدخل وحاول تسيطر على انفعالها لأنه يزود تعبها .

تخطاه دون إجابة أو تفكير نحو الغرفة وهو ينكر هروبه خوفاً من مزيد من التصريحات المؤلمة وكانت فوق الفراش شاحبة تبكى بقوة وفى لحظة كان بجوارها يرفعها جزئيا ويضمها لصدره
_ أنا آسف يا أمينة، مااقدرتش احميكى من جنانه
_ جرى له إيه يا هلال؟ انا ضربته وكان بينزف
_ مااعرفش واحسن له ابعد عنه . انا سبت جمال هناك هو هيتصرف المهم انت يا أمينة، انت اهم من ألف واحد من عينته.

استمر بكاءها ليزيد ضمها ويرفض لسانه بث مخاوفه وألمه عن مدى الأذى الذي تعرضت له

_ بابا فين ؟

أخرج هاتفه واسرع يطلب والدها ليكتشف أن جمال لم يهاتف أخيه فيطلب منهم الانتظار بالمنزل على أن يقل أمينة بنفسه حتى يطمئن أنها بخير .
_ هروح اكلم الدكتور وارجع لك

غادر نحو غرفة الطبيب الذى أخبره أنها تجاوزت الأزمة لكنها ليست بخير وترفض الإفصاح عما تعرضت له لكن من حالتها أخبره أنها تعرضت لاعتداء جسدى ترفض الكشف عن أبعاده لكنه مهما كان يترك أثراً سلبياً في النفس على الجميع مراعاته ومن جروح رسغيها يثق أنها كانت مقيدة بحدة لذا طلب منه تبليغ الشرطة كما أخبره ألا يقلق بأمر المال يمكنه أن يرسله لاحقاً فمجرد اسم عرفة البحيرى كافياً .

عاد هلال يجر قدميه للغرفة لذا كانت تعقد ذراعيها وهو يظن أنه رد فعل طبيعى بعد التعرض للاعتداء لكنها كانت تخفى جروحها عنه.

دخل ليسحب ذراعيها من أسفل الدثار الأبيض رفع رسغيها ليقبلهما فتعود دموعها تتساقط، عادت شفتيه تنثر لمسات دافئة لكنها متألمة نادمة فوق ذراعيها ووجهها ، شعرت أن هناك دفء آخر يلامس وجهها غير شفتيه ومع تحرك وجهه للجهة الأخرى من وجهها رأت دموعه الصامتة . احاطته بذراع واحد رغم الألم الذى تعانيه لكنه اسرع يكفف دموعه وينزع المحلول عن ذراعها ليحملها متجها للخارج، أرخت رأسها فوق صدره وقد عاد لها الشعور بالأمان فقط لوجوده.

...............................

دخل جمال لمنزل جده يحيط مروان الذى يترنح ولم يتوقف نزفه بعد ليفزع فرج لمشهده
_ إيه اللى جرى؟ اخوك ماله يا جمال عمل حادثة ؟

ألقى جمال أخيه فوق الأريكة بحدة

_ حفيدك خطف بنت عمه وكان حابسها في جنينة الفاكهة وحاول يعتدى عليها وهى كانت بتدافع عن نفسها وده حقها طبعا، هو لو مش اخويا وابويا وامى يموتوا بقهرته كنت قتلته بإيدى، وفى نفس الأوضة دى من كام شهر كان واخد سلمى تانى يوم ما كتب عليها وانا اللى نجدتها من أيده والله اعلم كان بياخد مين تانى ولا عمل ايه تانى ، انا جبتهولك قدامك اهو ونجدته من أيد هلال وإن كنت أنا أولى بدمه بس خلاص انا اعتبرته ميت .

كان جمال قرب الباب فقد توجه لمنزل أبيه فور محادثة هلال له ، استمع إلى كل ما قاله ابن أخيه الذى ظنوه دائما تابعا صامتا لمروان .
تقدم ليجد مروان يأن فوق الأريكة وفرج يقف أمام حفيده جمال وقد عجز عن التفوه بكلمة واحدة.

_ إيه مستغرب يا حج فرج؟ حفيدك كان هيعمل فى بنتى نفس اللى انت عملته فى امى بس انت امنت نفسك بقولة على سنة الله ورسوله، انت فاكر على سنة الله ورسوله مجرد كلمة وهى حدود ربنا وانت مش بس دوست على الحدود ده انت اتجبرت سواء على امي ولا جليلة، بأي حق تحرمهم من حقوقهم، من انسانيتهم، من حتى حق الاعتراض؟ بحق الكلمة اللى انت مش فاهم معناها ؟ مش هقول اكتر من اللى امى قالته الله لا يسامحك ولا يريحك

لم ير أبيه بهذه الحالة من الضعف مطلقاً ورغم ذلك لم تشفع له حالته امام ابنه وحفيده ، اتجه جمال للخارج ليتبعه ابن أخيه تاركين فرج ومروان بألم متشابه تحمله مروان وقد بدأ يستعيد قواه رغم شعوره بالدوار لشدة نزفه لكن لم يتحمل فرج كثيراً وسرعان ما سقط أرضا عاجزاً عن الحركة .

.....................................

وصل هلال لمنزل جمال ليحمل أمينة مرة أخرى ويتجه للداخل فيلتف حوله جميع صديقاتها لكنها تخفى وجهها بصدره عاجزة عن تحمل نظرات الشفقة التى طالما كرهت.
اتجه نحو غرفتها وفاطمة تركض أمامه ليضعها بالفراش وحين حاول الابتعاد تشبثت بملابسه بضعف نتيجة لجروح رسغيها ، رفع رأسه ناظرا لهم
_ من فضلكم سيبونى معاها شوية، مهيب فى محلول فى عربيتى هاته علشان نعلقه وانت يا خالة اعملى لها حاجة تاكلها بس خفيفة

تحرك الجميع بصمت عدا سليمان الذى ينظر لابنة أخيه بألم
_ مين؟

عاد بكاءها يتصاعد ليفهم دون أن يفرج هلال عن نيران صدره ويغادر الغرفة يغلبه قهره

_ خلاص يا أمينة كلهم خرجوا

لم تبتعد أمينة ولم تترك ملابسه
_ خليك معايا يا هلال انا خايفة قلبى بيترعش

ضمها بقوة مع عودة مهيب لكنه لم يبعدها ولم ينتقده مهيب ففى حال تعرضت حبيبته لموقف مشابه لزرعها بين أضلعه دون إهتمام بالعالم أجمع.

ساعدته مها لتوصيل المحلول لذراع أمينة ثم اتجهت نحو مهيب لتجذب كفه نحو الخارج ورغم شعوره بالرفض تحرك معها .

دخل جمال من الباب وقد رأى سيارة هلال بالخارج ليركض نحو غرفة أمينة بينما انتفض سليمان نحو ابنه
_ إيه الدم ده يا جمال؟
_ أمينة ضربت مروان على دماغه وانا نقلته عند جده

لقد نسب جمال الجد لمروان فقط وكأنه يتبرأ منه ولم يشعر هذا سليمان بالأسف لأجل أبيه

_ انا هروح البيت بس قولت اطمنكم . مها الحاجة اللى فى العربية شليها انت والبنات مش هيبقى موت وخراب ديار .

لأول مرة يتوجه لها جمال بالحديث واستخدم اسمها ببساطة وكأنها فرد من العائلة ولدهشتها أسعدها هذا الموقف . أشارت للفتيات ليخرجن جميعا ، فتح لهن السيارة ثم غادر فورا وقد عاد لصمته المعروف عنه.

دخل جمال لغرفة أمينة بلهفة ليجدها غافية بين ذراعي هلال الذى حاول أن يعتدل فرفعها معه، أشار له جمال بكفيه ليظل على حاله

_ لسه نايمة من خمس دقايق

اقترب جمال وجلس بطرف الفراش ، أمسك كفها ليرى تضميد رسغيها
_ إيه ده؟
_ الحيوان كان رابط ايديها
_ اذاها؟
_ كفاية الرعب اللى عاشته  ومجرد تفكيره أنه يتهجم عليها ويقطع هدومها بالشكل ده

رفع جمال كف ابنته يقبله ثم يضمه إلى صدره لتأن بألم فتزيد من ألمه ، فتحت عينيها بضعف لتجد أبيها أمامها فيعود لها البكاء

_ بابا شوفت مروان يا بابا؟ كان عاوز يجبرنى انى اتجوزه ولما عرف انى متجوزة هلال اتجنن

جذبها جمال من بين ذراعيه ليضمها رافضا لاستماع التفاصيل التى تمكنت هى من معايشتها .
لم يعد هلال قادرا على رؤيتها بهذا الضعف ، يريد أن يحملها ويبتعد بها عن كل هذا عله يتمكن من إبراء هذا الجرح أو تسكين هذا الألم .

..........................

مر ساعتين منذ عاد أخيه ولم يغادر هو أو هلال غرفة أمينة، يختنق سليمان ويعجز عن مواجهة ابنة أخيه التى تعرضت لكل هذا على يدى ابنه هو .

لم يتحرك أي منهم الفتيات تجلسن بصمت وزوجته كذلك بعد الفشل في إطعام أمينة التى خلدت للنوم أخيراً مع رجاء ألا يتركها هلال أو أبيها ولم يكن ايهما ليفعل.

التقط سليمان هاتفه الذى علا رنينه لينظر للرقم الغريب الذى يهاتفه ولم يتردد في الإجابة
_ الحج سليمان علام؟
_ ايوه مين معايا؟
_ هنا المستشفى والد حضرتك عندنا جابه الاستاذ مروان وبعد الفحص للاسف جت له جلطة فى المخ أثرت على مراكز الحركة و سببت شلل وده أول تأثير واضح لسه هنعمل فحوصات تانية بس استاذ مروان مشى كان محتاج رأسه يتخيط وساب رقم حضرتك علشان الحساب الفحوصات اللى محتاجها الوالد اكتر من المبلغ اللى سابه استاذ مروان. حضرتك معايا؟
_ ايوه حاضر انا جاى علطول

أنهى الإتصال وهو يتنهد بألم فيبدو أن حساب أبيه قد بدأ ولا يمكن لأي كان أن يتنبأ بنهايته سواء موعدها أو كيفيتها.

_ فى إيه يا بابا؟
_ جدك جت له جلطة سببت شلل ، مروان وداه المستشفى ومشى وعاوزين فلوس . انا هقوم اروح ادفع مبلغ وانت روح البيت شوف مروان راح فين وتعالى على هناك . فاطمة هكلم لجمال يبقى معاكم لو حصل حاجة لا هلال ولا اخويا هيسيبوا أمينة.

.....................................

أرسل هلال رسالة موجزة لأبيه يخبره أن أمينة ليست بخير ويعلمه أنه قد يضطر للمبيت بمنزل جمال وكان عرفة قد فتح باب منزله للجميع ومدت ولائم الطعام احتفالاً بالزواج المرتقب كذلك زوجته تستقبل النساء بالمنزل لذا لا يستطيع أي منهم المغادرة .

مع انتصاف الليل فتحت أمينة عينيها تشعر بعطش شديد، تأوهت بألم ليفتح هلال عينيه فورا فيجدها ترطب شفتيها فينتفض نحو دورق الماء المجاور للفراش فتنظر له نظرات ممتنة
رفعها جزئيا لتتجرع الماء بنهم ينم عن شدة العطش وبالكاد تلتقط أنفاسها

_ اجيب لك كمان؟
_ لا الحمدلله، روح يا هلال انت تعبت معايا كتير
_ انا مش تعبان المهم تبقى كويسة

استيقظ جمال لكنه ظل مغمض العينين يستمع لما يدور فقلبه تنتابه بعض المخاوف من تأثير هذا الحادث على العلاقة بينهما .

_ انت ماسألتنيش عن اللى حصل ليه؟
_ ابقا انا مقصر وأسألك ؟ انا لولا باقى ليكى على ود عمك كنت قتلته حتى لو هتعدم بعد كده . انا بتحرق يا أمينة وكلنا غلطانين ماكنش لازم تبقى لوحدك ابدا
_ البنت اللى بعتها هى اللى خدرتنى فوقت لاقيت نفسى فى الأوضة هناك

إلتقى حاجبيه بغضب شديد يعلن عن لوم لنفسه لن ينتهى في وقت قريب

_ حقك عليا يا أمينة انا ماعرفتش احميكى بس انت غلطتى لما خبيتى علينا أنه اتعرض لك قبل كده
_ أنا سبب كل المشاكل في حياتك من يوم ما خطبتنى وبابا كان تعبان خوفت عليه.
_ بالعكس انت اجمل حاجة حصلت في حياتى وربنا يقدرنى اعوضك عن كل اللى حصل من يوم ما عرفتينى .
_ هتمشى؟

رغم أنها طلبت منه منذ دقائق المغادرة لكنه يسمع الخوف مستعمرا صوتها ، حاول أن يبتسم ليفشل بشدة
_ لا نامى ماتخافيش. انا هنا وعمى كمان مش هنسيبك لحظة واحدة.

أرتخت ملامحها لتمسك كفه بين كفيها دون ضغط وتغمض عينيها مرة أخرى .

...............................

دخل سليمان للمنزل الهادئ وكان جمال لازال يجلس بجوار أمه بينما اختفت الفتيات أجمع لابد أنهن خضعن للنوم .
جلس سليمان وقد اكتست ملامحه بما يعانيه

_ حصل ايه يا سليمان؟

نظر لزوجته ولم يجب لينوب عنه مهيب

_ جدى حالته متأخرة ومروان هرب واخد كل الورق والفلوس من خزنة جدى

سقطت دموع فاطمة لتخرج كلمات سليمان تحمل ألمه

_ خلاص يا فاطنة ماعدش يجى منه، عليك العوض ومنك العوض يارب .

................................

مع ساعات الصباح الأولى استيقظ هلال يشعر بالألم نفسيا وبدنيا ، رأى جمال يغفو أيضاً ليتحرك ببطء ويوقظه فهو يقدر الضغط النفسي الذي تعانيه أمينة وتغيبه قد يفسره عقلها بشكل سيء.

_ عمى
فتح جمال عينيه بفزع

_ أمينة كويسة؟
_ كويسة يا عمى الحمدلله، قوم حضرتك ارتاح انا مش هسيبها .
_ لا يابنى روح انت ارتاح زمان اهلك قلقانين
_ انا مش هتحرك يا عمى مش مستعد أمينة تخاف لو صحيت وانا مش هنا وهبعت لابويا يجيب لى لبس اغير وافضل معاها .
_ خدها وروح لما هى تقدر، انا لا يهمنى فرح ولا يهمنى حد انت فرحة أمينة وانا مطمن وهى معاك .
_ هخدها بأحلى زفة من أول البلد لبيتنا بس هى تفوق .

ربت فوق كتفه ونهض بتثاقل متجها للخارج ليجد أخيه وولديه بالخارج بينما غابت فاطمة . تقدم من أخيه النائم

_ سليمان، انتوا نمتوا هنا ليه ما الاوض كتير؟
_ خوفت يحصل حاجة ما هى فاطنة نايمة مع البنات

اعتدال سليمان جالساً
_ اقعد يا جمال فى حاجات حصلت لازم تعرفها.

قص سليمان على أخيه ما حدث بالأمس وأخبره عن تأخر حالة فرج الصحية ورغم أن جمال لم يشعر بالشفقة عليه إلا أنه عزم على تفقده حين يسمح وقته

_ هتعمل ايه فى فرح أمينة؟
_ لو عليا اروحها بس مش هينفع وهى بالحالة دى نأجل أسبوع واهو رقدة ابوك هتسكت الناس .

تفهم سليمان مشاعر أخيه فهو قد كاد أن يخسر ابنته الوحيدة في صراع لم تكن طرفا فيه يوماً.

مرت ساعتين ووصل عرفة بصحبة وداد ليعلمهم جمال بتأجيل الزفاف ولم يكن عرفة ليعترض في ظل الظروف الحالية.

..............................

بعد مغادرة جمال جلس بطرف الفراش يطالعها وقلبه لا يصدق أنه كاد يفقدها . يعلم أن مروان أراد ايذائه فيها هى ليست طرفا في الصراع الذي لا يعلم هو نفسه سببه سوى أنها أحقاد وأنفس مظلمة.
طرقة خفيفة تبعها دخول أمه تحمل ملابسه

_ عاملين ايه يابنى؟
_ الحمدلله يا امى بس أمينة نايمة زى ما انت شايفة
_ طيب قوم غير واتوضا وتعالى وانا هفضل جارها

تحرك نحو الخارج ومالبثت فاطمة أن دخلت تتبعها مها وبعض الفتيات لكن الجميع يلزم الهدوء خشية التسبب في إزعاج أمينة.

عاد هلال للغرفة ليتخذ ركنا ويقيم صلاته ، إلتقى حاجبي أمينة وكأنها تعانى كابوسا وهى تهز رأسها رفضا.
اقتربت منها مها ولمست كتفها لتفتح عينيها دفعة واحدة بفزع

_ فين هلال؟
_ بيصلى يا حبيبتي ماتخافيش، اهو جمبك

نظرت نحوه لترتخى ملامحها ثم تقبل عليها وداد
_ كده يا غالية تخضينا عليكى؟
_ أمينة إيه رأيك تيجى نغسل لك شعرك وتغيرى علشان تفوقى

نظرت نحو صديقتها وهى تشعر بحاجة لذلك

_ عاوزة يا سهيلة بس مش قادرة
_ إحنا معاكى اهو
_ ايوه وبلاش النومة دى نفطر كلنا برة
_ هلال مااكلش من امبارح

نظرت نحوه فورا حين تحدثت مها وكأنها تعلم أنه السبب الذى سيعيد أمينة.
نهضت بمساعدة صديقاتها متجهة للخارج بينما أسرعت فاطمة تبدل شراشف الفراش تساعدها وداد التى فزعت

_ إيه الدم ده؟؟

نظرت فاطمة لبقعة كبيرة من الدماء وتوترت بشدة فكيف نزفت تلك الدماء دون أن تشعر. أنهى هلال صلاته واتجه للفراش يفحصه بقلق مع عجز عن النطق مع عودة مها للغرفة

_ الكالونة فى ايد أمينة مش هتنفع وانا شيلتها هو فى محاليل تانى نركب غيرها؟

التقط ثلاثتهم الأنفاس ليشير هلال بكفه
_ هاخدها المستشفى اطمن على جروح ايديها وأشوف الدكتور هيقول إيه
غادرت مرة أخرى
_ شيلوا كل اثر للدم هى مش ناقصة خوف

انزوى جانبا ينظر لهما وهما تخفيان الشرشف الملوث، لم يعد يحتمل تحملها الأذى أكثر من ذلك، معاناتها تؤلمه بشدة ويؤلمه أكثر أنه لم يكن يدعمها فيها، لقد نزفت وكفه بين كفيها دون أن يشعر بها عليه أن يحسن رعايتها فقد زاد تقصيره عن تحمله هو.

.....................................

توجه سليمان للمشفى فقد هاتفه الطبيب وأخبره أن والده يسأل عن مروان وهو لا يعلم كيف سينقل إليه كل تلك الأخبار السيئة . بمجرد أن رآه تساءل بلهفة

_ فين مروان عملتوا فيه إيه؟

نظر له سليمان بدهشة، ألم يتعظ أو يعتبر بعد كل ما حدث

_ هعمل ايه فيه ده ابنى! هو اللى هرب واخد الفلوس اللى فى خزنتك كلها، كمان المحامى كلمنى الصبح وقالى انك كنت عامل له توكيل وهو باع لنفسه جنينة الموالح والأرض اللى فى مدخل شوبر ولما هرب باعهم النهاردة وطبعا المحامى عرف لما تم التسجيل . شوفت اللى انت عملته عمل فيك إيه؟ لو كان ينفع اخبى عليك كنت خبيت بس المشترى بكرة يجى يستلم

اتسعت عينا فرج وبدأت أصوات الأجهزة الرتيبة تختل ليقترب منه

_ مالك يا ابا؟ انا هنادى الدكتور

اتجه للخارج ركضا ليعود بعد قليل بصحبة الطبيب الذى طلب منه الانتظار بالخارج . مر بعض الوقت قبل أن يخرج الطبيب بوجه آسف

_ فقد النطق للأسف الحالة بتتدهور بسرعة غير طبيعية ارجوك أي أخبار سيئة خبوها عنه إحنا مضطرين ندخله عناية حالا

...........................

عادت أمينة للغرفة بهيئة مرتبة مريحة لعينيه فتلك الملابس الممزقة كانت تمزقه هو .
جلست بالفراش ليقترب فتنظر نحو هيئته فيقترب برأسه منها

_ ماتخافيش غيرت لوحدى من غير صحباتك

ابتسمت لاشارته لغيرتها عليه وهو محق هى بالفعل تغار عليه.

مر أسبوع وبدأت تتحسن حالة أمينة بشكل ملحوظ، غادرت صديقتها على أن يعدن فى الموعد الجديد للزفاف.

لم تتحسن حالة فرج بل حين أعلمه محاميه أن مروان قد استخدم التوكيل في سحب مبلغ مالى كبير ففقد بصره أيضاً ليظل راقدا بلا حركة ولا رؤية ولا نطق ويعجز الأطباء عن مساعدته.

.......................

كان سليمان بمنزله وقت الغداء حين طرق أحدهم الباب بغضب تعجب له الجميع واتجه مهيب إليه فوراً
اقتحم عبيدة المنزل وبيده ورقة يلوح بها صارخا

_ شايف عمايل ابنك يا سليمان؟ بعد ما فضل تلت شهور داخل خارج يطلق البت غيابى ويبعت لها الورقة على القسم. ابنك فضحنى وفضح بنت اخويا.
_ انت بتلومنى ليه يا عبيدة؟ مش انا قولتلك من الأول انا مش ضامن مروان وروحت كتبت كتابه عليها من غير حضورى ولا موافقتى! انا ماليش دخل بعمايله لما تلاقيه خد حقك منه
_ كده بردو يا سليمان؟ البت هيتوقف حالها هيقولوا شاف عليها إيه علشان يطلقها بالشكل ده! اعتبرها بنتك يا سليمان . مين هيرضا يتجوزها؟ دى يتيمة أب وأم

الانكسار بصوت الرجل رق له قلب سليمان لكنه بالفعل يعجز عن مساعدته فهو من أوقع نفسه واوقع بنت أخيه في هذه الورطة

_ بعد اذنك يا أبا!

نظر سليمان نحو جمال الذى تابع
_ إذا تقبل انا عاوز اتجوز سلمى.

انتفض عبيدة بلهفة وكأنه عثر على طوق نجاة وسط بحر لجى واتجهت أنظاره نحو سليمان منتظرا قراره

_ لو عاوزها لنفسها يا جمال ربنا يبارك لك لكن شفقة يبقى بتظلم نفسك وتظلمها
_ لا يا ابا انا عاوزها لنفسها
_ يبقى على بركة الله وهى مالهاش عدة تعقد بكرة يا جمال؟

تعجب سليمان لتلك السرعة التى يريد بها عبيدة إتمام العقد بينما ظهر تعقل جمال مرة أخرى

_ إذا سلمى وافقت نعقد بعد بكرة يوم فرح بنت عمى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي