الفصل العشرون
تلك الرجفة التى لم يعلم أى منهما مصدرها كانت كافية لتنفض هلال مبتعدا عنها وقد تشابهت الملامح المحملة بالحرج والمزينة بالخجل
_ انا آسف يا أمينة كنت بهزر
اومأت بصمت وهى تتابع تهربها من مواجهة نظراته الفاشلة تماماً فى مواجهتها بالفعل، قبض كفه عدة مرات بتوتر ثم عاد يلتقط كفها ويتجه نحو المخرج
_ إيه رأيك ناكل بيتزا انا هموت من الجوع
كانت فكرة جيدة لتجاوز ما حدث لتشاركه بصوت مهزوز
_ بحبها بالجمبرى هتجيب ولا تقول غالية وتطلع بخيل؟
_ هجيب طبعا انا كمان بحبها بالجمبرى
_ انا عاوزة واحدة مديم لوحدى
ضحك هلال وقد تأكد أنهما بالفعل تجاوزا لحظة تهوره وعازما على عدم التهور مرة أخرى.
...................
وصل جمال لمدينته ليترك إتباع عرفة ويتجه نحو منزل والده بصحبة أخيه الذي لا يعلم حتى الآن سبب وجودهما هنا ولا سبب صمت جمال المقيت والذي فشل تماماً في إختراق حدوده.
اندفع جمال يخترق البوابة بسرعة ليصف سيارته كما اتفق معه الأمر وقد زاد تشنج ملامحه وطفى غضبه فوق قسماته مكتسحا، ترجل سليمان عن السيارة بفزع بينما انحنى جمال يلتقط حقيبة بلاستيكية كان يخفيها أسفل مقعده ويندفع لداخل المنزل يتبعه سليمان
_ في إيه بس يا جمال؟ فهمني يا أخي
اقتحم جمال مكتب أبيه بنفس الاندفاع وكان يجلس خلفه ويصحبه مروان كالعادة. ارتفعت الأعين وسارع فرج بطمر انفعالاته التى تفيض بالشماتة بينما بالغ جمال في استقامته ورفع هامته قبل أن يلقي تلك الحقيبة التي يحمل فوق المكتب دون أن يتحرك
_ وده إيه بقا؟
_دي المخدرات اللى كنت عاوز تسجن بيها خطيب بنتي
انتفض فرج ومروان بينما نظر سليمان لأخيه بدهشة وهو يتابع نفث غضبه واحتراقه مشيرا إلى صدره
_ ليه يا أبا بتعمل في بنتي كده؟ ده انا رجعت بيها أدور لها على سند تقوم تبقى انت العدو؟ انت اللى بتدور ازاى تكسرها وتوجع قلبها؟
نظر نحو مروان الذي يظهر ثباتاً فاق جده ليتجه نحوه ويجذبه من شقى جلبابه فيسانده فزعه الداخلي
_ وانت يا واطى بتيجى على حتة بنت يتيمة وتهددها بالقتل؟ اهى البنت الغلبانة اللى انت عايرتها بفقرها طلعت أصيلة عنك وماقدرتش تخون الراجل اللى اكلت في بيته مش زيك بتخون اهلك وناسك
دفعه وسط دهشة سليمان ليكاد يسقط قرب أبيه الذي أمسك به ليرفع هامته منكراً الإتهام الموجه إليه
_ انا مش عارف انت بتكلم عن إيه يا عمي؟ بت إيه وواد إيه! إحنا سمعنا زي كل الناس ما سمعت أن
ألقمه أبيه كلماته مع صفعة ألهبت قلبه قبل وجهه
_ انت كمان بتنكر؟
أمسك عضديه يجبره على النظر إليه
_ الحاجة الوحيدة اللى فضلت نضيفة فيك ولسه بعرف بيها انك بتكدب لما عنيك تزوغ يمين وشمال. ليه يا مروان ده انا ربيتك احسن تربية؟
جذب مروان ذراعيه عن أبيه وابتعد صارخا
_ وليه ابن البحيري يبقى احسن مني؟ ليه ياخد كل حاجة هو وأهله؟ ليه ياخد بنت عمي؟
_ علشان انت ماتستاهلش
صمت حلق فوق الرؤوس فور إنطلاق كلمات جمال والذي نظر نحو أبيه
_ زي ما جدك ماكنش يستاهل ستك.. انت كمان ماتستاهلش أمينة بنتي، وزى ما جدك مايستاهلش المجلس انت ماتستاهلش ولعلمك يا مروان عرفة اللى هيترشح وهو اللى يكسب عارف ليه! لأنه نضيف والناس بتحبه وبتكرهك. عيش بقا مع حقيقة انى انا كمان بكرهك وبنتي ابعد لك من نجوم السما
استعاد فرج تماسكه وهو يرى ابنه الأكبر يعري حقيقته المخيفة أمام عينيه لتتصاعد احقاده وتثور كراهيته التي تظاهر طيلة عمره أنها ناتجة عن حق سلب منه، رفع عصاه ليضرب الأرض منهيا تدفق كلمات جمال المؤلمة
_ جمااال. ابن اخوك قالك مالناش علاقة باللى حصل يبقى تصدقه وتلم لسانك وتشغل عقلك قبل ما تزود عداوة معايا
انشقت شفتي جمال عن سخرية تقطر ألما
_ أمي كان معاها حق، قلبك حجر ومحدش فينا هيغيره الحمدلله إننا مش زيك. انا ماشي يا أبا والمرة دى أنا اللى مش عاوز ادخل البيت ده تاني ولما اموت ماتبقاش تاخد عزا
وغادر بنفس الطريقة المندفعة لينظر سليمان لهما بأسف ويتبعه ركضا قبل أن يصيبه غضبه وكمده بما يدفعهم جميعا للحزن الطويل.
..................
ترك جمال لأخيه قيادته حتى منزله الصغير الذي سكنه مؤخراً فهو بالفعل منهك تماماً من كثرة الضغوط في الأيام الأخيرة التي كانت من المفترض أن تحمل ذكريات سعيدة لكن أبيه يصر على متابعة تشويه كل ذكرياته وأيامه أيضاً.
أجلسه سليمان مترفقا به ثم ربت فوق كتفه
_هعملك لمون ارتاح يا جمال
_ انا عاوز ألحق أسافر يا سليمان
_ لا تسافر فين والله ما يحصل؟ بات هنا وبكرة يحلها المولى
_ أبات ازاي واسيب أمينة لوحدها! انا لازم أسافر مابقتش مآمن على بنتي حتى جوه بيتي، انا مش عارف أنا صح ولا غلط ولا عارف أعمل إيه علشان تبقى سعيدة؟
تخلى سليمان عن فكرة تحضير العصير وجلس بجوار أخيه المثقل بالهموم يشد من أزره
_ اللى انت عملته هو اللى هيخليها سعيدة يا جمال، هلال هيعرف يحافظ عليها ويقدر يحميها حتى من أبني.
خبت نبرة صوته لتعبر عن مدى ألمه ليشعر جمال أنه ليس الوحيد الذي يعاني هنا بل إن خسارة أخيه تفوق خسارته فهو تمكن من إنقاذ ابنته لكن أخيه فقد ولده الأكبر في ظلام فرج علام الذي أعلن سيطرته عليه.
........................
لم تتناول نصف البيتزا التي طلبتها وهي سعيدة بمتابعته يتناول الطعام بشهية كبيرة، كاد ينهى خاصته لتدفع بطبقها أمامه بمودة فينظر لها مبتسماً
_ كلى انا هطلب تاني
_ انا شبعت بجد انت صدقت اني ممكن اكل كل دى؟ انا باكل بحساب
شعر أنها تتجه نحو حزن لم يعهده منها ليسحب الطبق أمامه متعمداً بحدة
_ ايوه انا بحب الست الموفرة في الأكل
لكن دعابته لم تجد الصدى الذي توقع بينما أرخت رأسها فوق كفها ونظرت إليه
_ يعني انت بتحبني؟
هل تتساءل حقا!!
ألا زالت تشك في حبه لها!!
حافظ على ثبات ابتسامته وهو يبتلع ما ملأ به فمه بمبالغة مضحكة
_ بحبك يا أمينة وهفضل أحبك لحد ما اموت ولما اموت بردو هحبك هتجوزيني امته بقى علشان حالتى متأخرة؟
ضحكت بالفعل ليتبعها قبل أن يحشو فمه مجدداً
_ انا كنت هموت من الجوع
أشار للنادل الذي اقترب مسرعا ليطلب منه ثلاثة وجبات إضافية وكان هذا كافيا للضحك مرة أخرى.
................
يلزم الغرفة منذ عودته يحاول أن يجد طريقة أخرى يعبر بها الحواجز التي تصر على وضعها بينهما ويتمنى أن يمكنه عبورها قريباً، طرقة خفيفة ودخلت أمه بعدها لتتقدم بهدوء وتجلس بقربه بصمت
_ في حاجة يا أما؟
ابتسمت وعلا كفها ليربت فوق وجنته كأنه عاد بالعمر سنوات للوراء مع ابتسامتها الهادئة
_ تعرف يا مهيب الواحدة فينا لما بتتربى بعيد عن ابوها وامها مهما كان سبب بعدها عنهم بتكبر خايفة من كل الناس، صعب تصدق أن حد بيحبها بالساهل
_ انت ماكنتيش مصدقة إن ابويا بيحبك؟
_ لا انا كنت بحبه من الأول
ضحك مهيب وقد فهم ما تحاول أمه توصيله إليه
_ أنا نازل استنى أمينة تحت عاوزها في موضوع ضروري
وأسرع مغادرا لتضرب كفيها
_ الواد واقع لشوشته وشكل البنية دى هتللفه حوالين نفسه. مش مهم المهم أن هى كمان بتحبه
.......................
اتجه بالسيارة ليعيدها للمنزل ولم يتوقف عن الحديث رغم صمتها اغلب الوقت لكنه بالفعل عاجز عن وأد حماسه المفرط منذ عقد القران
_ المهم أنا هبدأ تجهيز الشقة من بكرة طبعا انت مهندسة ديكور ولازم تتابعى الموضوع ده بنفسك يعنى لازم تنزلى البلد كل خميس وجمعة تتابعى الشقة واهى فرصة انى اشوفك بحجة الشقة من غير ما يبان انى مدلوق عليكى
لم تهتز ابتسامتها النابعة من سعادة حقيقية لأنه بالفعل يفرغ كل أفكاره بلا وضع حد لحماقتها أو مدى إظهاره بشكل محرج هو فقط يريد أن تشاركه كل أفكاره وهى سعيدة أنها تفعل
_ بالمرة كمان الاقى فرصة احب فيكى واعاكسك وبالمرة اوقعك في حبى من غير ما حد يسمى عليكى.. لا انا هسمى عليكى ماتخافيش.
_ هلال
أوقفت تدفق كلماته لينظر لها مستفهما لكنها تصمت لحظات حتى رأت ارتفاع حاجبيه
_ انا فرحانة النهاردة اكتر من يوم خطوبتنا عارف ليه؟
ضاقت عينيه منتظرا
_ علشان انت فرحان اوى. فرحتك بتفرحنى
انحرف جانبيا ليتوقف بعيدا عن حركة السيارات واسقط رأسه فوق المقود مغمض العينين يحاول عبثا التحكم في هذا الجنون الثائر بصدره بلا فائدة، هو يتكلم منذ ساعة تقريباً وهى بجملة واحدة أطاحت بكل ثباته وزلزلت قلبه ببضعة أحرف.
_ مالك يا هلال؟
انتفض مع لمسة أناملها لرأسه الذي دار لتتطلع لها عينيه فترى بعينيها كم هو بخير بعد هذه الكلمات التي مست قلبه
_ هلال في احسن حالته، أمينة ماتيجى نتجوز النهاردة وخلاص
عادت ضحكتها تحلق وهي تتراجع في مقعدها
_ روحني يا لولي انا عاوزة انام ماعنديش مزاج اتجوز النهاردة
_لولي!!
ظهر الإحباط فوق ملامحه لتضحك فيتصنع الضيق وهو يحرك السيارة لكن سرعان ما غلبه حماسه ليشاركها الضحك.
توقفت السيارة وكان مهيب قرب الباب ليتجه نحوهما مباشرة
_ إيه يا جدعان كل ده تأخير ؟
_ مالك يا مهيب واقف كده ليه؟
_ هو ده اللي همك؟ مش هعرف اسلم عليكى
_ ليه يا أخويا سلم هو انا حايشك؟
رفعت كفها توقف حوارهما الصبياني بشكل مضحك
_ ممكن افهم في إيه؟
_ هيكون في ايه حضرته بيحب على حسابي
نظرت لمهيب بدهشة بعد تصريح هلال الذي أكده صمته ونظراته التي تنهر هلال فيبدو أنه أراد توصيل الأمر بصورة أخرى
_ يبقى كان عندي حق. انت بتحب مها؟
_ بصى مش بالضبط اوى بس يعنى مشدود ليها كده حاسس انها مختلفة
ارتفع حاجبيها رفضا لما يعلنه بينما أكد هلال
_ لو ماكنتش بتحبها كان رفضها أول مرة خلاك نسيت الموضوع كله بلاش تنكر لأن هى محتاجة تحس بحبك علشان تقبلك وعلشان هي تحس بحبك لازم انت تكون معترف بيه الأول ومش مكسوف منه، مفيش بنت في الدنيا هتقبل راجل بيتكسف من حبه ليها.
نظرت نحو هلال الذي لخص كل ما يمكن قوله في هذا الموقف أو في اى موقف آخر يخص قلوب الفتيات، شعور بالسعادة يحيط قلبها ورغبة شديدة تنبع داخلها للاقتراب منه وضمه لهذا القلب الذي يتراقص طربا مع كلماته عن الحب.
لكنها أمينة المشاغبة التي تجيد طمر مشاعرها تحت ستار ابتسامتها وفيض من الضحكات التي لا تتوقف بينما توقف هو عن الحديث وتطلع لها وقد ضاقت عينيها بمبالغة
_ والدراسة دي انت عملتها على كام بنت؟
_ دراسة إيه؟
_ استنى بس يا أمينة
_ اسكت انت يا مهيب إحنا بنتخانق
_ تتخانقوا؟ يا بنتي اسمعي
_ اسكت يا مهيب
_ هو انا نازل وواقف لكم في الشارع بقى لى ساعة علشان انت تقولي اسكت وهي تقولي اسكت؟ والله ما انا ساكت
أفسد مهيب خطتها بحس فكاهته لتضحك ثم تلكمه
_ يا اخي كنت بضحك معاه فصلتني
لحظات تابعت فيها مشاغبة مهيب وتابع هو مشاغبتها لكن حين عادت بتركيزها إلى هلال كانت ملامحه متغيرة ويرسم ابتسامة زائفة شديدة الشحوب وسارع برفع كفه ملوحا لهما وهو يعود للسيارة
_ سلام بقا ورايا سفر
طمرت دهشتها بابتسامة تشابه ابتسامته وعزمت على التحدث إليه لاحقاً وهى ترفع كفها وتلوح له أيضاً.
غادر في لحظات لتنظر نحو مهيب الذي شعر بما يعتري هلال لكنها تجاوزت الأمر وهي تتجه نحو مدخل البناية
_ مها بتخاف اوي يا مهيب لو عاوزها تقبلك طمنها، مها كبرت على انفصال باباها ومامتها والاتنين اتخلو عنها مش هتصدق بسهولة انك مش هتتخلى عنها انت كمان
_ انا مش عارف اعمل ايه يا أمينة؟
_ امشي ورا قلبك وهو هيدلك
زادته حيرة وغادرت فورا ليزفر بضيق متطلعا في أثرها قبل أن يتبعها فتلك القابعة بالأعلى تحتاج شعورا بالأمان رغم أنه يملكه هى لا تراه.
..........................
دخل جمال للمنزل ليجد أبيه وعمه الذي توقع تواجده لوجود السيارة وظهرت دهشته لهذه الزيارة غير المتوقعة لكن وجود أبيه أيضا دعى عينيه لتفقد الإرجاء
_ حمد الله على السلامة يا أبا، امى فين؟
_ امك في مصر هي واخوك. انت اخر مرة روحت حدا جدك امته؟
_ النهاردة الصبح ليه خير؟
تنهد سليمان وقلبه يخشى أن يفقد جمال كما فقد مروان في ظلام إبيه الذي يلتهم الأنفس ويأتى على نقاء الأرواح، ربت جمال فوق كفه يمنعه مما سيقدم عليه
_ بلاش يا سليمان تزرع القطيعة بعدين تطول قلبك
_ ما طالته وخلاص يا جمال ما انت شايف الكبير بقى حاله إيه ووصل لفين
_ في إيه يا أبا ماله مروان؟
نظرا له ليعود جمال بنظراته نحو أخيه
_ انت بس اللي تقدر تعرف مين بيتغير، دول ولادك يا سليمان وانت قولتها لمروان
نظر سليمان أرضاً فتلك الدهشة الطبيعية بملامح ابنه جمال تخبره أنه لم يعلم شيئاً عن تدبير أخيه وجده فهذا الفتى وإن كان تابعا لأخيه الأكبر لكنه يحاول فقط أن يبدو مشابها له لما رآه من تشجيع جده لمروان، أراد لنفسه هذا التقبل وهذه القوة لكنه لم يحصل على أى منهما فمروان ليس بمن يسمح بالمشاركة وجده اكتفى به فعليا .
_ غير هدومك يا جمال وتعالى سوق بعمك انا مش هطمن عليه يسوق والعتمة داخلة وابقى ارجع بكرة مع امك واخوك
بدل نظراته بين أبيه وعمه دون أن يفهم ما الذى يجرى بينهما لكنه اتجه للغرفة التي يتشاركها وأخيه لينفذ ما طلبه منه أبيه دون مناقشة هو لم يعتد الاعتراض أو المناقشة اعتاد التنفيذ الصامت فهذا ما كان يرضي جده وهذا ما نشأ عليه .
.......................
لازالت مها تحتفظ بصمتها على غير العادة بينما أمينة تثير جوا من الحماس المشابه لحماس هلال الذي احاطها به وهي تقص عليها ما حدث، تفهم مها صديقتها جيدا كما تحفظ أمينة كل مخاوفها
_ المهم بعد الجنان ده كله عملتى إيه زعله؟
_ ماعملتش حاجة
_ أمينة بلاش لف ودوران انت فاشلة فيهم، بتخبى إيه! خايفة من إيه؟
_ مش خايفة بس مابحبش اشوفه موجوع، مااعرفش بتخنق. تعرفي يا مها امته تعرفي انك بتحبي راجل بجد
تساءلت نظرات مها بلهفة بينما أطبقت شفتيها بحرص
_ لما تخافي توجعيه، إحنا لما بنحب بنخاف نوجع. خوفتى ولا لسه؟
ادعت مها عدم الفهم لكن أصرت أمينة على دك مخاوف صديقتها
_ وتعرفي أنه بيحبك لما يحاول يشيل خوفك حتى لو مش عارف يعمل ايه بردو هيبقى مش عارف يسيبك ويسكت
_ أمينة انت بتقولى لي الكلام ده ليه انا مالي؟
_ انت بتحبي مهيب يا مها وهو بيحبك
_ لا طبعا انت بتقولي ايه؟
_ بقولك انت معذورة ابن عمى يتحب.. إحنا عيلة كلنا نتحب ولا هتنكري انى اتحب؟
_ لا مش هنكر
ضحكت أمينة بقوة
_ وقعتي بلسانك
نجحت أمينة في سحب انتباه صديقتها بعيداً عن مخاوفها لتبدأ تشاكسها وتثير ضحكاتها التي اعتادت أن ترى فهى بحاجة لحوار مع هلال، ليس من السهل الوصول للتفاهم التام لكنها تسعى لذلك ولن تتراجع سوى بالحصول على ما تريد.
_ انا آسف يا أمينة كنت بهزر
اومأت بصمت وهى تتابع تهربها من مواجهة نظراته الفاشلة تماماً فى مواجهتها بالفعل، قبض كفه عدة مرات بتوتر ثم عاد يلتقط كفها ويتجه نحو المخرج
_ إيه رأيك ناكل بيتزا انا هموت من الجوع
كانت فكرة جيدة لتجاوز ما حدث لتشاركه بصوت مهزوز
_ بحبها بالجمبرى هتجيب ولا تقول غالية وتطلع بخيل؟
_ هجيب طبعا انا كمان بحبها بالجمبرى
_ انا عاوزة واحدة مديم لوحدى
ضحك هلال وقد تأكد أنهما بالفعل تجاوزا لحظة تهوره وعازما على عدم التهور مرة أخرى.
...................
وصل جمال لمدينته ليترك إتباع عرفة ويتجه نحو منزل والده بصحبة أخيه الذي لا يعلم حتى الآن سبب وجودهما هنا ولا سبب صمت جمال المقيت والذي فشل تماماً في إختراق حدوده.
اندفع جمال يخترق البوابة بسرعة ليصف سيارته كما اتفق معه الأمر وقد زاد تشنج ملامحه وطفى غضبه فوق قسماته مكتسحا، ترجل سليمان عن السيارة بفزع بينما انحنى جمال يلتقط حقيبة بلاستيكية كان يخفيها أسفل مقعده ويندفع لداخل المنزل يتبعه سليمان
_ في إيه بس يا جمال؟ فهمني يا أخي
اقتحم جمال مكتب أبيه بنفس الاندفاع وكان يجلس خلفه ويصحبه مروان كالعادة. ارتفعت الأعين وسارع فرج بطمر انفعالاته التى تفيض بالشماتة بينما بالغ جمال في استقامته ورفع هامته قبل أن يلقي تلك الحقيبة التي يحمل فوق المكتب دون أن يتحرك
_ وده إيه بقا؟
_دي المخدرات اللى كنت عاوز تسجن بيها خطيب بنتي
انتفض فرج ومروان بينما نظر سليمان لأخيه بدهشة وهو يتابع نفث غضبه واحتراقه مشيرا إلى صدره
_ ليه يا أبا بتعمل في بنتي كده؟ ده انا رجعت بيها أدور لها على سند تقوم تبقى انت العدو؟ انت اللى بتدور ازاى تكسرها وتوجع قلبها؟
نظر نحو مروان الذي يظهر ثباتاً فاق جده ليتجه نحوه ويجذبه من شقى جلبابه فيسانده فزعه الداخلي
_ وانت يا واطى بتيجى على حتة بنت يتيمة وتهددها بالقتل؟ اهى البنت الغلبانة اللى انت عايرتها بفقرها طلعت أصيلة عنك وماقدرتش تخون الراجل اللى اكلت في بيته مش زيك بتخون اهلك وناسك
دفعه وسط دهشة سليمان ليكاد يسقط قرب أبيه الذي أمسك به ليرفع هامته منكراً الإتهام الموجه إليه
_ انا مش عارف انت بتكلم عن إيه يا عمي؟ بت إيه وواد إيه! إحنا سمعنا زي كل الناس ما سمعت أن
ألقمه أبيه كلماته مع صفعة ألهبت قلبه قبل وجهه
_ انت كمان بتنكر؟
أمسك عضديه يجبره على النظر إليه
_ الحاجة الوحيدة اللى فضلت نضيفة فيك ولسه بعرف بيها انك بتكدب لما عنيك تزوغ يمين وشمال. ليه يا مروان ده انا ربيتك احسن تربية؟
جذب مروان ذراعيه عن أبيه وابتعد صارخا
_ وليه ابن البحيري يبقى احسن مني؟ ليه ياخد كل حاجة هو وأهله؟ ليه ياخد بنت عمي؟
_ علشان انت ماتستاهلش
صمت حلق فوق الرؤوس فور إنطلاق كلمات جمال والذي نظر نحو أبيه
_ زي ما جدك ماكنش يستاهل ستك.. انت كمان ماتستاهلش أمينة بنتي، وزى ما جدك مايستاهلش المجلس انت ماتستاهلش ولعلمك يا مروان عرفة اللى هيترشح وهو اللى يكسب عارف ليه! لأنه نضيف والناس بتحبه وبتكرهك. عيش بقا مع حقيقة انى انا كمان بكرهك وبنتي ابعد لك من نجوم السما
استعاد فرج تماسكه وهو يرى ابنه الأكبر يعري حقيقته المخيفة أمام عينيه لتتصاعد احقاده وتثور كراهيته التي تظاهر طيلة عمره أنها ناتجة عن حق سلب منه، رفع عصاه ليضرب الأرض منهيا تدفق كلمات جمال المؤلمة
_ جمااال. ابن اخوك قالك مالناش علاقة باللى حصل يبقى تصدقه وتلم لسانك وتشغل عقلك قبل ما تزود عداوة معايا
انشقت شفتي جمال عن سخرية تقطر ألما
_ أمي كان معاها حق، قلبك حجر ومحدش فينا هيغيره الحمدلله إننا مش زيك. انا ماشي يا أبا والمرة دى أنا اللى مش عاوز ادخل البيت ده تاني ولما اموت ماتبقاش تاخد عزا
وغادر بنفس الطريقة المندفعة لينظر سليمان لهما بأسف ويتبعه ركضا قبل أن يصيبه غضبه وكمده بما يدفعهم جميعا للحزن الطويل.
..................
ترك جمال لأخيه قيادته حتى منزله الصغير الذي سكنه مؤخراً فهو بالفعل منهك تماماً من كثرة الضغوط في الأيام الأخيرة التي كانت من المفترض أن تحمل ذكريات سعيدة لكن أبيه يصر على متابعة تشويه كل ذكرياته وأيامه أيضاً.
أجلسه سليمان مترفقا به ثم ربت فوق كتفه
_هعملك لمون ارتاح يا جمال
_ انا عاوز ألحق أسافر يا سليمان
_ لا تسافر فين والله ما يحصل؟ بات هنا وبكرة يحلها المولى
_ أبات ازاي واسيب أمينة لوحدها! انا لازم أسافر مابقتش مآمن على بنتي حتى جوه بيتي، انا مش عارف أنا صح ولا غلط ولا عارف أعمل إيه علشان تبقى سعيدة؟
تخلى سليمان عن فكرة تحضير العصير وجلس بجوار أخيه المثقل بالهموم يشد من أزره
_ اللى انت عملته هو اللى هيخليها سعيدة يا جمال، هلال هيعرف يحافظ عليها ويقدر يحميها حتى من أبني.
خبت نبرة صوته لتعبر عن مدى ألمه ليشعر جمال أنه ليس الوحيد الذي يعاني هنا بل إن خسارة أخيه تفوق خسارته فهو تمكن من إنقاذ ابنته لكن أخيه فقد ولده الأكبر في ظلام فرج علام الذي أعلن سيطرته عليه.
........................
لم تتناول نصف البيتزا التي طلبتها وهي سعيدة بمتابعته يتناول الطعام بشهية كبيرة، كاد ينهى خاصته لتدفع بطبقها أمامه بمودة فينظر لها مبتسماً
_ كلى انا هطلب تاني
_ انا شبعت بجد انت صدقت اني ممكن اكل كل دى؟ انا باكل بحساب
شعر أنها تتجه نحو حزن لم يعهده منها ليسحب الطبق أمامه متعمداً بحدة
_ ايوه انا بحب الست الموفرة في الأكل
لكن دعابته لم تجد الصدى الذي توقع بينما أرخت رأسها فوق كفها ونظرت إليه
_ يعني انت بتحبني؟
هل تتساءل حقا!!
ألا زالت تشك في حبه لها!!
حافظ على ثبات ابتسامته وهو يبتلع ما ملأ به فمه بمبالغة مضحكة
_ بحبك يا أمينة وهفضل أحبك لحد ما اموت ولما اموت بردو هحبك هتجوزيني امته بقى علشان حالتى متأخرة؟
ضحكت بالفعل ليتبعها قبل أن يحشو فمه مجدداً
_ انا كنت هموت من الجوع
أشار للنادل الذي اقترب مسرعا ليطلب منه ثلاثة وجبات إضافية وكان هذا كافيا للضحك مرة أخرى.
................
يلزم الغرفة منذ عودته يحاول أن يجد طريقة أخرى يعبر بها الحواجز التي تصر على وضعها بينهما ويتمنى أن يمكنه عبورها قريباً، طرقة خفيفة ودخلت أمه بعدها لتتقدم بهدوء وتجلس بقربه بصمت
_ في حاجة يا أما؟
ابتسمت وعلا كفها ليربت فوق وجنته كأنه عاد بالعمر سنوات للوراء مع ابتسامتها الهادئة
_ تعرف يا مهيب الواحدة فينا لما بتتربى بعيد عن ابوها وامها مهما كان سبب بعدها عنهم بتكبر خايفة من كل الناس، صعب تصدق أن حد بيحبها بالساهل
_ انت ماكنتيش مصدقة إن ابويا بيحبك؟
_ لا انا كنت بحبه من الأول
ضحك مهيب وقد فهم ما تحاول أمه توصيله إليه
_ أنا نازل استنى أمينة تحت عاوزها في موضوع ضروري
وأسرع مغادرا لتضرب كفيها
_ الواد واقع لشوشته وشكل البنية دى هتللفه حوالين نفسه. مش مهم المهم أن هى كمان بتحبه
.......................
اتجه بالسيارة ليعيدها للمنزل ولم يتوقف عن الحديث رغم صمتها اغلب الوقت لكنه بالفعل عاجز عن وأد حماسه المفرط منذ عقد القران
_ المهم أنا هبدأ تجهيز الشقة من بكرة طبعا انت مهندسة ديكور ولازم تتابعى الموضوع ده بنفسك يعنى لازم تنزلى البلد كل خميس وجمعة تتابعى الشقة واهى فرصة انى اشوفك بحجة الشقة من غير ما يبان انى مدلوق عليكى
لم تهتز ابتسامتها النابعة من سعادة حقيقية لأنه بالفعل يفرغ كل أفكاره بلا وضع حد لحماقتها أو مدى إظهاره بشكل محرج هو فقط يريد أن تشاركه كل أفكاره وهى سعيدة أنها تفعل
_ بالمرة كمان الاقى فرصة احب فيكى واعاكسك وبالمرة اوقعك في حبى من غير ما حد يسمى عليكى.. لا انا هسمى عليكى ماتخافيش.
_ هلال
أوقفت تدفق كلماته لينظر لها مستفهما لكنها تصمت لحظات حتى رأت ارتفاع حاجبيه
_ انا فرحانة النهاردة اكتر من يوم خطوبتنا عارف ليه؟
ضاقت عينيه منتظرا
_ علشان انت فرحان اوى. فرحتك بتفرحنى
انحرف جانبيا ليتوقف بعيدا عن حركة السيارات واسقط رأسه فوق المقود مغمض العينين يحاول عبثا التحكم في هذا الجنون الثائر بصدره بلا فائدة، هو يتكلم منذ ساعة تقريباً وهى بجملة واحدة أطاحت بكل ثباته وزلزلت قلبه ببضعة أحرف.
_ مالك يا هلال؟
انتفض مع لمسة أناملها لرأسه الذي دار لتتطلع لها عينيه فترى بعينيها كم هو بخير بعد هذه الكلمات التي مست قلبه
_ هلال في احسن حالته، أمينة ماتيجى نتجوز النهاردة وخلاص
عادت ضحكتها تحلق وهي تتراجع في مقعدها
_ روحني يا لولي انا عاوزة انام ماعنديش مزاج اتجوز النهاردة
_لولي!!
ظهر الإحباط فوق ملامحه لتضحك فيتصنع الضيق وهو يحرك السيارة لكن سرعان ما غلبه حماسه ليشاركها الضحك.
توقفت السيارة وكان مهيب قرب الباب ليتجه نحوهما مباشرة
_ إيه يا جدعان كل ده تأخير ؟
_ مالك يا مهيب واقف كده ليه؟
_ هو ده اللي همك؟ مش هعرف اسلم عليكى
_ ليه يا أخويا سلم هو انا حايشك؟
رفعت كفها توقف حوارهما الصبياني بشكل مضحك
_ ممكن افهم في إيه؟
_ هيكون في ايه حضرته بيحب على حسابي
نظرت لمهيب بدهشة بعد تصريح هلال الذي أكده صمته ونظراته التي تنهر هلال فيبدو أنه أراد توصيل الأمر بصورة أخرى
_ يبقى كان عندي حق. انت بتحب مها؟
_ بصى مش بالضبط اوى بس يعنى مشدود ليها كده حاسس انها مختلفة
ارتفع حاجبيها رفضا لما يعلنه بينما أكد هلال
_ لو ماكنتش بتحبها كان رفضها أول مرة خلاك نسيت الموضوع كله بلاش تنكر لأن هى محتاجة تحس بحبك علشان تقبلك وعلشان هي تحس بحبك لازم انت تكون معترف بيه الأول ومش مكسوف منه، مفيش بنت في الدنيا هتقبل راجل بيتكسف من حبه ليها.
نظرت نحو هلال الذي لخص كل ما يمكن قوله في هذا الموقف أو في اى موقف آخر يخص قلوب الفتيات، شعور بالسعادة يحيط قلبها ورغبة شديدة تنبع داخلها للاقتراب منه وضمه لهذا القلب الذي يتراقص طربا مع كلماته عن الحب.
لكنها أمينة المشاغبة التي تجيد طمر مشاعرها تحت ستار ابتسامتها وفيض من الضحكات التي لا تتوقف بينما توقف هو عن الحديث وتطلع لها وقد ضاقت عينيها بمبالغة
_ والدراسة دي انت عملتها على كام بنت؟
_ دراسة إيه؟
_ استنى بس يا أمينة
_ اسكت انت يا مهيب إحنا بنتخانق
_ تتخانقوا؟ يا بنتي اسمعي
_ اسكت يا مهيب
_ هو انا نازل وواقف لكم في الشارع بقى لى ساعة علشان انت تقولي اسكت وهي تقولي اسكت؟ والله ما انا ساكت
أفسد مهيب خطتها بحس فكاهته لتضحك ثم تلكمه
_ يا اخي كنت بضحك معاه فصلتني
لحظات تابعت فيها مشاغبة مهيب وتابع هو مشاغبتها لكن حين عادت بتركيزها إلى هلال كانت ملامحه متغيرة ويرسم ابتسامة زائفة شديدة الشحوب وسارع برفع كفه ملوحا لهما وهو يعود للسيارة
_ سلام بقا ورايا سفر
طمرت دهشتها بابتسامة تشابه ابتسامته وعزمت على التحدث إليه لاحقاً وهى ترفع كفها وتلوح له أيضاً.
غادر في لحظات لتنظر نحو مهيب الذي شعر بما يعتري هلال لكنها تجاوزت الأمر وهي تتجه نحو مدخل البناية
_ مها بتخاف اوي يا مهيب لو عاوزها تقبلك طمنها، مها كبرت على انفصال باباها ومامتها والاتنين اتخلو عنها مش هتصدق بسهولة انك مش هتتخلى عنها انت كمان
_ انا مش عارف اعمل ايه يا أمينة؟
_ امشي ورا قلبك وهو هيدلك
زادته حيرة وغادرت فورا ليزفر بضيق متطلعا في أثرها قبل أن يتبعها فتلك القابعة بالأعلى تحتاج شعورا بالأمان رغم أنه يملكه هى لا تراه.
..........................
دخل جمال للمنزل ليجد أبيه وعمه الذي توقع تواجده لوجود السيارة وظهرت دهشته لهذه الزيارة غير المتوقعة لكن وجود أبيه أيضا دعى عينيه لتفقد الإرجاء
_ حمد الله على السلامة يا أبا، امى فين؟
_ امك في مصر هي واخوك. انت اخر مرة روحت حدا جدك امته؟
_ النهاردة الصبح ليه خير؟
تنهد سليمان وقلبه يخشى أن يفقد جمال كما فقد مروان في ظلام إبيه الذي يلتهم الأنفس ويأتى على نقاء الأرواح، ربت جمال فوق كفه يمنعه مما سيقدم عليه
_ بلاش يا سليمان تزرع القطيعة بعدين تطول قلبك
_ ما طالته وخلاص يا جمال ما انت شايف الكبير بقى حاله إيه ووصل لفين
_ في إيه يا أبا ماله مروان؟
نظرا له ليعود جمال بنظراته نحو أخيه
_ انت بس اللي تقدر تعرف مين بيتغير، دول ولادك يا سليمان وانت قولتها لمروان
نظر سليمان أرضاً فتلك الدهشة الطبيعية بملامح ابنه جمال تخبره أنه لم يعلم شيئاً عن تدبير أخيه وجده فهذا الفتى وإن كان تابعا لأخيه الأكبر لكنه يحاول فقط أن يبدو مشابها له لما رآه من تشجيع جده لمروان، أراد لنفسه هذا التقبل وهذه القوة لكنه لم يحصل على أى منهما فمروان ليس بمن يسمح بالمشاركة وجده اكتفى به فعليا .
_ غير هدومك يا جمال وتعالى سوق بعمك انا مش هطمن عليه يسوق والعتمة داخلة وابقى ارجع بكرة مع امك واخوك
بدل نظراته بين أبيه وعمه دون أن يفهم ما الذى يجرى بينهما لكنه اتجه للغرفة التي يتشاركها وأخيه لينفذ ما طلبه منه أبيه دون مناقشة هو لم يعتد الاعتراض أو المناقشة اعتاد التنفيذ الصامت فهذا ما كان يرضي جده وهذا ما نشأ عليه .
.......................
لازالت مها تحتفظ بصمتها على غير العادة بينما أمينة تثير جوا من الحماس المشابه لحماس هلال الذي احاطها به وهي تقص عليها ما حدث، تفهم مها صديقتها جيدا كما تحفظ أمينة كل مخاوفها
_ المهم بعد الجنان ده كله عملتى إيه زعله؟
_ ماعملتش حاجة
_ أمينة بلاش لف ودوران انت فاشلة فيهم، بتخبى إيه! خايفة من إيه؟
_ مش خايفة بس مابحبش اشوفه موجوع، مااعرفش بتخنق. تعرفي يا مها امته تعرفي انك بتحبي راجل بجد
تساءلت نظرات مها بلهفة بينما أطبقت شفتيها بحرص
_ لما تخافي توجعيه، إحنا لما بنحب بنخاف نوجع. خوفتى ولا لسه؟
ادعت مها عدم الفهم لكن أصرت أمينة على دك مخاوف صديقتها
_ وتعرفي أنه بيحبك لما يحاول يشيل خوفك حتى لو مش عارف يعمل ايه بردو هيبقى مش عارف يسيبك ويسكت
_ أمينة انت بتقولى لي الكلام ده ليه انا مالي؟
_ انت بتحبي مهيب يا مها وهو بيحبك
_ لا طبعا انت بتقولي ايه؟
_ بقولك انت معذورة ابن عمى يتحب.. إحنا عيلة كلنا نتحب ولا هتنكري انى اتحب؟
_ لا مش هنكر
ضحكت أمينة بقوة
_ وقعتي بلسانك
نجحت أمينة في سحب انتباه صديقتها بعيداً عن مخاوفها لتبدأ تشاكسها وتثير ضحكاتها التي اعتادت أن ترى فهى بحاجة لحوار مع هلال، ليس من السهل الوصول للتفاهم التام لكنها تسعى لذلك ولن تتراجع سوى بالحصول على ما تريد.