الفصل التاسع
حدقنا ببعضنا البعض بصدمة لم نستطع تخطيها، قلت له بعدما خرجت من صدمتي:
-رائد!
ماذا يحدث عندك؟
ثم وجهت بصري تجاه عائشة وقلت لها:
-أين هو؟
ماذا يحدث!
ثم صرخت بأعلى ما يمكن وقلت:
-رائد! انتبه ورائك.
تحرك رائد من مكانه فسقطت الحجرة على الأرض، قال رائد وهو يحاول البقاء واقفًا قدر الإمكان:
-قمر، أين أنت؟
هل أنت بخير؟
قلت والدموع تتحمع في مقلتي عيني:
-لا أعرف، لا أعرف أبدًا أين أنا يا رائد، أنا أعتذر إنه خطأي
بسببي أنا سجنت ظلمًا.
توقف رائد لثانيتين بدون اكتراث لما حوله وقال:
-قمر، لا تبكي أنا أعلم أنك لم تتذكري شيئا
لم يكن بيدك، فلا تحزني أرجوك.
نظرت لعينيه بحنان وحسرة قائلة:
-أين أنت لماذا لا تخرج؟
كان يتحرك عشوائيًا خوفًا من إصابته قائلًا:
- لا أستطيع.
لا أجد مخرجًا.
استمررت في البكاء، دموعي كانت تسقط واحدة تلو الأخرى، أرى الرجل الذي أحبه أمامي في مرآة سخيفة على وشك الموت ولا أستطيع فعل شيء. عندما اشتدت المكان حركة، شعرت وكأن المكان سينهار على رأسه حالًا، ثم لمحت اكبر حجر فوق رأس رائد مباشرة، صرخت بأعلى صوتي قائلة:
-توقف! توقفوا ألا يوجد أحنا هنا!!
-أرجوك مهما كانت نيتك، توقف ويمكننا حل هذا.
ثم نظرت لعائشة أتوسل لها، فلم يجدي نفعًا، أخذت نفسًا طويلًا بينما كنت أبكي بشهقات متتالية وقلت بكل ما أوتيت من قوة:
-تووووقف!!
ليسكن كل شيء فجأة، ويثبت كلا في مكانه، فتحت فاهي انظر بصدمة، ثم تنهدت براحة عندما حل السكون على المكان، سقط ىائد أرضًا، أظن أن أعصابه تلفت ومعه حق بالطبع!
-رائد، أنت بخير.
أجاب بهمس:
-بخير.
قلت بحنان:
-حسنًا تجاوزنا هذا، أنت بخير الآن لا تقلق.
أمسك بالمرأة ونظر لي بحب وحنان كبير كما كان ينظر لي دائمًا وقال بهمس بينما تسقط دمعة صغيرة من عينيه:
-أين أنتِ؟
ثم اقترب من المرأة كثيرة، فاقترب أنا أيضًا وهمس برفق:
-اشتقت لك.
-وانتِ أيضًا..
-أظن أن هذا القدر من الحب كاف اليوم.
قالت عائشة فجأة، وقتها فقط تذكرت بأنها موجودة معنا هنا، أخذت مني المرآة ونظرت بها ثم لوحدت قائلة:
-مرحبا رائد كيف حالك؟
نظرت نظرة شاملة له والمكان الذي فيه وأردفت:
-يعني يمكنني تخمين أنه ليس سيئًا، اتمنى أن تصبح جيدًا...هيا إلى اللقاء.
أنزلت المرآة بجانب يدها، ابتسمت ورفعت حاجبيها لأعلى، ثم أخذت المرأة مرة أخرى وقالت بهمس:
-نسيت هذا،
برأي كف عن ملاحقة أمر القلادة، لن تستيطع
حاول أن تعود أدراجك وإلا سيتأخر الوقت كثيرًا..
ثم أختفى رائد فجأة كما ظهر من المرآة..
بادرت بالكلام فور تركها للمرآة:
-ما رأيك بعقد اتفاق؟
رفعت حاجبايها وقالت باستغراب:
-اتفاق؟جميل، ما هو؟
ازدرقت ريقي قائلة:
-تخرجيني من هنا، أرجع لعالمي أنا ورائد وينتهي كل هذا..فقط.
شهقت ر
عائشة ووضعت يديها أمام فمها قائلة:
-ستضحين بشعبك يعني في مقابل حبيبك وسعادتك وعالمك.
ثم أردفت وهي تسير:
-إنها حركة لا تناسب قمر طروادة أبدًا.
ثم اقتربت مني وهمست:
-لو قلت لطروادة نفرًا نفرًا أن ابنة ملكة طروادة أي قمرها تتبرأ منكم من أجل ساعدتها لا أظنهم سيصدقون.
عقدت حاجباي بغضب:
-ماذا تقولين؟
من هم حتى أتبرأ منهم، أنا لا أعرف أحدًا منكم
لا أعرفكِ ولا أعرف ما هي طروادة، لا أعرف أحد حتى أتبرأ منه، أتفهمين؟
قالت:
-ما الذي يضمن لي أنك سوف ترحلين بشكل كلي؟
ولا تعودين مرة أخرى؟
قلت بسخرية:
-انظري لي، انظري جيدًا هل يبدو لك أنني اتوق للعيش هنا؟
محبوسة!
قالت:
-انا أفضل الاحتفاظ بقمر طروادة وحدي قليلًا بعد.
"رائد"
صرخت كثيرًا عند اختفاء صورة قمر من أمام عيني وظهور وجهي فقط في المرآة،
ناديتها كثيرًا علها تظهر مرة أخرى ليطمئن قلبي، ولكن لا شيء!
وقفت على قدمي لأنادي، لا يوجد حلو آخر!
أخذت أنادي لعل أحدًا يمر يساعدني.
-ألا يوجد أحدًا هنا.
-ألا يوجد؟
-ألا يوجد أحنا هنا..
-ليساعدني أحدكم..
ظللت اهتف لدقائق، حتى فقدت الامل أنزلت راسي أرضًا، وفجأة! سمعت صوت يأتي من بعيد..بعيد جدًا ويتكرر صدى الصوت عندي
-هل يوجد أحد هنا؟
قلت بأعلى صوت:
-نعم، أنا هنا ليساعدني أحدكم.
جاءني الصوت مرة أخرى يقول:
-من انت؟
قلت بصوت عال:
-انا رائد، سقطت هنا بالخطأ هل يمكن أن تساعدني؟
اختفى الصوت لدقيقتين ثم جاءني مرة أخرى يقول:
انظر أرضًا، ستجد الكثير من الخطوط العشوائية.
فتحت المصباح ونظرت لأجد فعلًا خطوط كثيرة عشوائية ومتداخلة.
فقلت:
-نعم وجدتها، ماذا أفعل؟
جاءني الصوت مرة أخرى يقول:
-قم بحلها..
يجب أن تجد شكل التمثال.
تساءلت:
-أتقصد التمثال المنتشر هنا في كل مكان؟
قال:
-نعم هو.
قلت:
-ولكن كيف؟ سيستغرق هذا الكثير من الوقت
لا يوجد لدي وقت كاف.
قال:
-هكذا تظن، ولكنه يحل خلال دقيقتين، يكفي أن تجد الشكل وتشكله في راسك سيظهر وينير وستخرج سالمًا.
نظرت أرضًا، وأخذت أشكل خطوطًا بيدي في الهواء، أغمض عين واحاول التشكيل بالعين الأخرى في الهواء تارة، أرسم على الهواء بأصبعي تارة أخرى، وكل فترة يسألني ذلك الرجل:
-هل استطعت إيجاده؟
فأقول بيأس:
-لا
ثم صرخت فجأة:
-لقد تشكل!
والله تشكل يا...
-صحيح ما اسمك انت؟
قال:
-لتعتبرني الان على الأقل عابر.
قلت باستغراب:
-عابر؟
أيضًا يكن، وجدته! إنه يتشكل صوب عيني الآن.
قال:
-سينير أيضًا.
قلت:
-نعم إنه بدأ ينير الآن.
ثم أردفت:
-ماذا سيحدث بعد ذلك.
قال:
-انتظر لترى.
خلال دقيقتين سيتشكل التمثال هذا ليصبح ملكك ووقتها ستخرج من هنا.
وفعلًا حدث ما قاله حرفًا، تشكل التمثال تمامًا، وارتفع عن مستوى الأرض، وفور لمسي له توهج بشدة لدرجة أنني لم أستطع بقاء عيناي مفتوحتان، فأغضمتها بسرعة، للشعر وقتها لأول مرة بشعور غريب!
شعرت وكأنني أطير في الهواء وكأني حر!
فتحت عيناي ببطء لأجد أنني وضعتها على العشب وعلى ضهري أحمل حقيبتي بيدي مازال المصباح، وفي عنقي تلتف القلادة.
خارت قولي وجلست أرضًا عندما استوعب أنني خرجت، تنهدت الصعداء، ثم نظرت في وجه العابر الذي أنقذني وقلت له بضعف:
-لا يوجد الكثير من الوقت، بإمكانك مساعدتي؟
-...
-حسنًا يا أخي العابر إن كنت لا تساعد أستطيع تفهمك..
-ماذا تريد؟
ابتسمت قائلًا:
-جبل إيدا، عليّ نسخ القلادات في خلال نص ساعة فقط لا غير.
سألني فجأة:
-هل تقرب لقمر طروادة؟
-نعم.
قال:
-توقعت هذا.
ثم أردف:
-يمكنك السير معي، سأساعدك.
قلت له:
-أيمكنني أن أسألك سؤالًا.
قال بهدوء:
-قل.
قلت:
-لماذا لا ترتدون القلادات، وفي الوقت ذاته لا تتأثرون من الساحرة.
قال:
-لأننا في مكان مقدس للغاية، لا يمسه أحد من الخارج، صحيح جبل إيدا جزء من طروادة وكأنه مستقل للغاية عن باقي المدينة.
قلت بتردد:
-ولكنني من الخارج؟
توقف فجأة وقال:
-لو أحد عرف أنني أساعدك سأنال عقابًا،
لذلك أجعلنا نصل وننسخ هذه القلادات لينتهي هذا الأمر، وتعود إلى بيتك بهدوء ودون مشكلات.
-أين وضع المرأة هذا؟
قالتها زينو بسخط عندما انقطع التواصل مع رائد في أكثر وقت خطرًا وحماسًا،
أخذت تسير في غرفة الجلوس ذهابًا وأيابًا بتوتر قائلة:
-مات؟
-لا يمكن لا أظن.
-يمكن أن تكون تحطمت المرأة بهذا القدر فقط.
ثم وقفت وشهقت فجأة وقالت:
-يمكن أن تكون تحطمت رأسه فقط أيضًا.
صرخ أحمد في وجهها قائلًا:
-هل يمكن أن تصمتي قليلًا يا ترى؟
احاول حل الأمر هنا.
ثم أردف:
-زينو! ظهرت صورة في المرآة ولكنها سوداء انظري.
قالت زينو وهي تسحب المرآة من يده:
والله؟
شهقت زينو فجأة وقالت:
-عائشة!
قال أحمد:
-ماذا؟ عائشة؟
حاول أحمد سحب المرآة من زينو بسرعة لانه يعرف حق المعرفة ماذا سيحدث إن نظرت زينو لها..
ولكن يبدو أن الآوان قد فات كثيرًا على هذا، لأن نظرة زينو تغيرت وكأنها منومة مغناطيسيًا، تحركت بسرعة من مكانها لتدلف إلى غرفتها وتغلق الباب خلفها.
تحرك أحمد ورائها هو ووالدتهما، وحاولا معها عبثًا أن تفتح لهما الباب ولكن لا رد، أخذا يصرخا عليها ألا تنظر تجاه عائشة قط، ولكن يبدو أن الآوان قد فات كثيرًا حقًا لأن زينو لا تصدرًا صوتًا.
قرر أحمد أن يكسر الباب ويقتحم الغرفة فلا يوجد لديه حل غير هذا، ولكن صدما تمامًا عندما فتحت الغرفة ولم يجدا بها أحدًا قط!
سقطت والدتهما أرضًا، وانعقد لسان أحمد ولم يستطع أن يقول شيئًا، لا أحد يعرف ماذا فعلت عائشة بأخته واين نقلتها الان ولا حتى كيف تسيطر عليها..
ابتسمت بشر كبير بينما ترتشف بعضًا من كوبها الاسود الذي يحتوي على مشروب احمر داكن يميل إلى لون عينيها، تفرح كثيرًا عندما ترى انها السبب في خوف الناس، تشعر وكأن لها اعتبارًا أخيرة وبعد الكثير من المعاناة،
هؤلاء الناس لا يفهمون حقًا،
عندما كانت طيبة القلب وساذجة كانت الجميع يقلل منها ومن شأنها رغم أن لها شأن عظيم، لولا قمر لكانت الآن لها اعتبارًا وحبًا أيضًا..
هذا ما كانت تفتقره دائمًا..الحب.
لا يوجد أحد تحبه في هذه الدنيا كزينو صديقتها ورفيقها منذ زمن، تستطيع تخمين أن زينو أيضًا تحبها كثيرًا ولكن لا تستطيع فعل شيء بسبب والدتها وأحمد.
ولكن سيرون جميعًا، لن يستطيع أحد أخذ رفيقتها منها بعد الآن أبدًا..
"رائد"
-لقد وصلنا.
قالها ذلك الرجل غريب الأطوار عابر.
نظرت حولي للمكان المنبسط الممتلئ بالعشب وقلت بتعجب:
-هل هنا؟
-نعم.
-أين؟
أشار بعيدًا وهو يقول:
-هناك! تحديدًا في هذا المكان العميق بعض الشيء.
-حسنًا علينا أن نسرع، لا يوجد معنا الكثير من الوقت.
أومأ برأسه قائلًا:
-لا تقلق سنستطيع.
وقفنا أمامه نحدق بفراغ فسألت باستغراب:
-ولكن كيف تنسخ؟ بالتأكيد لن أقوم بإزالتها؟
قال وهو يمسك الدائرة الظاهرة منها:
-لا، سنأخذ فقط منها حجز صغير صغير للغاية لدرجة أنه في حجم حبة الخردل.
أخذها وقال لي:
-انتظر هنا ولا تقلق.
ثم أختفى من أمام عيني!
-رائد!
ماذا يحدث عندك؟
ثم وجهت بصري تجاه عائشة وقلت لها:
-أين هو؟
ماذا يحدث!
ثم صرخت بأعلى ما يمكن وقلت:
-رائد! انتبه ورائك.
تحرك رائد من مكانه فسقطت الحجرة على الأرض، قال رائد وهو يحاول البقاء واقفًا قدر الإمكان:
-قمر، أين أنت؟
هل أنت بخير؟
قلت والدموع تتحمع في مقلتي عيني:
-لا أعرف، لا أعرف أبدًا أين أنا يا رائد، أنا أعتذر إنه خطأي
بسببي أنا سجنت ظلمًا.
توقف رائد لثانيتين بدون اكتراث لما حوله وقال:
-قمر، لا تبكي أنا أعلم أنك لم تتذكري شيئا
لم يكن بيدك، فلا تحزني أرجوك.
نظرت لعينيه بحنان وحسرة قائلة:
-أين أنت لماذا لا تخرج؟
كان يتحرك عشوائيًا خوفًا من إصابته قائلًا:
- لا أستطيع.
لا أجد مخرجًا.
استمررت في البكاء، دموعي كانت تسقط واحدة تلو الأخرى، أرى الرجل الذي أحبه أمامي في مرآة سخيفة على وشك الموت ولا أستطيع فعل شيء. عندما اشتدت المكان حركة، شعرت وكأن المكان سينهار على رأسه حالًا، ثم لمحت اكبر حجر فوق رأس رائد مباشرة، صرخت بأعلى صوتي قائلة:
-توقف! توقفوا ألا يوجد أحنا هنا!!
-أرجوك مهما كانت نيتك، توقف ويمكننا حل هذا.
ثم نظرت لعائشة أتوسل لها، فلم يجدي نفعًا، أخذت نفسًا طويلًا بينما كنت أبكي بشهقات متتالية وقلت بكل ما أوتيت من قوة:
-تووووقف!!
ليسكن كل شيء فجأة، ويثبت كلا في مكانه، فتحت فاهي انظر بصدمة، ثم تنهدت براحة عندما حل السكون على المكان، سقط ىائد أرضًا، أظن أن أعصابه تلفت ومعه حق بالطبع!
-رائد، أنت بخير.
أجاب بهمس:
-بخير.
قلت بحنان:
-حسنًا تجاوزنا هذا، أنت بخير الآن لا تقلق.
أمسك بالمرأة ونظر لي بحب وحنان كبير كما كان ينظر لي دائمًا وقال بهمس بينما تسقط دمعة صغيرة من عينيه:
-أين أنتِ؟
ثم اقترب من المرأة كثيرة، فاقترب أنا أيضًا وهمس برفق:
-اشتقت لك.
-وانتِ أيضًا..
-أظن أن هذا القدر من الحب كاف اليوم.
قالت عائشة فجأة، وقتها فقط تذكرت بأنها موجودة معنا هنا، أخذت مني المرآة ونظرت بها ثم لوحدت قائلة:
-مرحبا رائد كيف حالك؟
نظرت نظرة شاملة له والمكان الذي فيه وأردفت:
-يعني يمكنني تخمين أنه ليس سيئًا، اتمنى أن تصبح جيدًا...هيا إلى اللقاء.
أنزلت المرآة بجانب يدها، ابتسمت ورفعت حاجبيها لأعلى، ثم أخذت المرأة مرة أخرى وقالت بهمس:
-نسيت هذا،
برأي كف عن ملاحقة أمر القلادة، لن تستيطع
حاول أن تعود أدراجك وإلا سيتأخر الوقت كثيرًا..
ثم أختفى رائد فجأة كما ظهر من المرآة..
بادرت بالكلام فور تركها للمرآة:
-ما رأيك بعقد اتفاق؟
رفعت حاجبايها وقالت باستغراب:
-اتفاق؟جميل، ما هو؟
ازدرقت ريقي قائلة:
-تخرجيني من هنا، أرجع لعالمي أنا ورائد وينتهي كل هذا..فقط.
شهقت ر
عائشة ووضعت يديها أمام فمها قائلة:
-ستضحين بشعبك يعني في مقابل حبيبك وسعادتك وعالمك.
ثم أردفت وهي تسير:
-إنها حركة لا تناسب قمر طروادة أبدًا.
ثم اقتربت مني وهمست:
-لو قلت لطروادة نفرًا نفرًا أن ابنة ملكة طروادة أي قمرها تتبرأ منكم من أجل ساعدتها لا أظنهم سيصدقون.
عقدت حاجباي بغضب:
-ماذا تقولين؟
من هم حتى أتبرأ منهم، أنا لا أعرف أحدًا منكم
لا أعرفكِ ولا أعرف ما هي طروادة، لا أعرف أحد حتى أتبرأ منه، أتفهمين؟
قالت:
-ما الذي يضمن لي أنك سوف ترحلين بشكل كلي؟
ولا تعودين مرة أخرى؟
قلت بسخرية:
-انظري لي، انظري جيدًا هل يبدو لك أنني اتوق للعيش هنا؟
محبوسة!
قالت:
-انا أفضل الاحتفاظ بقمر طروادة وحدي قليلًا بعد.
"رائد"
صرخت كثيرًا عند اختفاء صورة قمر من أمام عيني وظهور وجهي فقط في المرآة،
ناديتها كثيرًا علها تظهر مرة أخرى ليطمئن قلبي، ولكن لا شيء!
وقفت على قدمي لأنادي، لا يوجد حلو آخر!
أخذت أنادي لعل أحدًا يمر يساعدني.
-ألا يوجد أحدًا هنا.
-ألا يوجد؟
-ألا يوجد أحنا هنا..
-ليساعدني أحدكم..
ظللت اهتف لدقائق، حتى فقدت الامل أنزلت راسي أرضًا، وفجأة! سمعت صوت يأتي من بعيد..بعيد جدًا ويتكرر صدى الصوت عندي
-هل يوجد أحد هنا؟
قلت بأعلى صوت:
-نعم، أنا هنا ليساعدني أحدكم.
جاءني الصوت مرة أخرى يقول:
-من انت؟
قلت بصوت عال:
-انا رائد، سقطت هنا بالخطأ هل يمكن أن تساعدني؟
اختفى الصوت لدقيقتين ثم جاءني مرة أخرى يقول:
انظر أرضًا، ستجد الكثير من الخطوط العشوائية.
فتحت المصباح ونظرت لأجد فعلًا خطوط كثيرة عشوائية ومتداخلة.
فقلت:
-نعم وجدتها، ماذا أفعل؟
جاءني الصوت مرة أخرى يقول:
-قم بحلها..
يجب أن تجد شكل التمثال.
تساءلت:
-أتقصد التمثال المنتشر هنا في كل مكان؟
قال:
-نعم هو.
قلت:
-ولكن كيف؟ سيستغرق هذا الكثير من الوقت
لا يوجد لدي وقت كاف.
قال:
-هكذا تظن، ولكنه يحل خلال دقيقتين، يكفي أن تجد الشكل وتشكله في راسك سيظهر وينير وستخرج سالمًا.
نظرت أرضًا، وأخذت أشكل خطوطًا بيدي في الهواء، أغمض عين واحاول التشكيل بالعين الأخرى في الهواء تارة، أرسم على الهواء بأصبعي تارة أخرى، وكل فترة يسألني ذلك الرجل:
-هل استطعت إيجاده؟
فأقول بيأس:
-لا
ثم صرخت فجأة:
-لقد تشكل!
والله تشكل يا...
-صحيح ما اسمك انت؟
قال:
-لتعتبرني الان على الأقل عابر.
قلت باستغراب:
-عابر؟
أيضًا يكن، وجدته! إنه يتشكل صوب عيني الآن.
قال:
-سينير أيضًا.
قلت:
-نعم إنه بدأ ينير الآن.
ثم أردفت:
-ماذا سيحدث بعد ذلك.
قال:
-انتظر لترى.
خلال دقيقتين سيتشكل التمثال هذا ليصبح ملكك ووقتها ستخرج من هنا.
وفعلًا حدث ما قاله حرفًا، تشكل التمثال تمامًا، وارتفع عن مستوى الأرض، وفور لمسي له توهج بشدة لدرجة أنني لم أستطع بقاء عيناي مفتوحتان، فأغضمتها بسرعة، للشعر وقتها لأول مرة بشعور غريب!
شعرت وكأنني أطير في الهواء وكأني حر!
فتحت عيناي ببطء لأجد أنني وضعتها على العشب وعلى ضهري أحمل حقيبتي بيدي مازال المصباح، وفي عنقي تلتف القلادة.
خارت قولي وجلست أرضًا عندما استوعب أنني خرجت، تنهدت الصعداء، ثم نظرت في وجه العابر الذي أنقذني وقلت له بضعف:
-لا يوجد الكثير من الوقت، بإمكانك مساعدتي؟
-...
-حسنًا يا أخي العابر إن كنت لا تساعد أستطيع تفهمك..
-ماذا تريد؟
ابتسمت قائلًا:
-جبل إيدا، عليّ نسخ القلادات في خلال نص ساعة فقط لا غير.
سألني فجأة:
-هل تقرب لقمر طروادة؟
-نعم.
قال:
-توقعت هذا.
ثم أردف:
-يمكنك السير معي، سأساعدك.
قلت له:
-أيمكنني أن أسألك سؤالًا.
قال بهدوء:
-قل.
قلت:
-لماذا لا ترتدون القلادات، وفي الوقت ذاته لا تتأثرون من الساحرة.
قال:
-لأننا في مكان مقدس للغاية، لا يمسه أحد من الخارج، صحيح جبل إيدا جزء من طروادة وكأنه مستقل للغاية عن باقي المدينة.
قلت بتردد:
-ولكنني من الخارج؟
توقف فجأة وقال:
-لو أحد عرف أنني أساعدك سأنال عقابًا،
لذلك أجعلنا نصل وننسخ هذه القلادات لينتهي هذا الأمر، وتعود إلى بيتك بهدوء ودون مشكلات.
-أين وضع المرأة هذا؟
قالتها زينو بسخط عندما انقطع التواصل مع رائد في أكثر وقت خطرًا وحماسًا،
أخذت تسير في غرفة الجلوس ذهابًا وأيابًا بتوتر قائلة:
-مات؟
-لا يمكن لا أظن.
-يمكن أن تكون تحطمت المرأة بهذا القدر فقط.
ثم وقفت وشهقت فجأة وقالت:
-يمكن أن تكون تحطمت رأسه فقط أيضًا.
صرخ أحمد في وجهها قائلًا:
-هل يمكن أن تصمتي قليلًا يا ترى؟
احاول حل الأمر هنا.
ثم أردف:
-زينو! ظهرت صورة في المرآة ولكنها سوداء انظري.
قالت زينو وهي تسحب المرآة من يده:
والله؟
شهقت زينو فجأة وقالت:
-عائشة!
قال أحمد:
-ماذا؟ عائشة؟
حاول أحمد سحب المرآة من زينو بسرعة لانه يعرف حق المعرفة ماذا سيحدث إن نظرت زينو لها..
ولكن يبدو أن الآوان قد فات كثيرًا على هذا، لأن نظرة زينو تغيرت وكأنها منومة مغناطيسيًا، تحركت بسرعة من مكانها لتدلف إلى غرفتها وتغلق الباب خلفها.
تحرك أحمد ورائها هو ووالدتهما، وحاولا معها عبثًا أن تفتح لهما الباب ولكن لا رد، أخذا يصرخا عليها ألا تنظر تجاه عائشة قط، ولكن يبدو أن الآوان قد فات كثيرًا حقًا لأن زينو لا تصدرًا صوتًا.
قرر أحمد أن يكسر الباب ويقتحم الغرفة فلا يوجد لديه حل غير هذا، ولكن صدما تمامًا عندما فتحت الغرفة ولم يجدا بها أحدًا قط!
سقطت والدتهما أرضًا، وانعقد لسان أحمد ولم يستطع أن يقول شيئًا، لا أحد يعرف ماذا فعلت عائشة بأخته واين نقلتها الان ولا حتى كيف تسيطر عليها..
ابتسمت بشر كبير بينما ترتشف بعضًا من كوبها الاسود الذي يحتوي على مشروب احمر داكن يميل إلى لون عينيها، تفرح كثيرًا عندما ترى انها السبب في خوف الناس، تشعر وكأن لها اعتبارًا أخيرة وبعد الكثير من المعاناة،
هؤلاء الناس لا يفهمون حقًا،
عندما كانت طيبة القلب وساذجة كانت الجميع يقلل منها ومن شأنها رغم أن لها شأن عظيم، لولا قمر لكانت الآن لها اعتبارًا وحبًا أيضًا..
هذا ما كانت تفتقره دائمًا..الحب.
لا يوجد أحد تحبه في هذه الدنيا كزينو صديقتها ورفيقها منذ زمن، تستطيع تخمين أن زينو أيضًا تحبها كثيرًا ولكن لا تستطيع فعل شيء بسبب والدتها وأحمد.
ولكن سيرون جميعًا، لن يستطيع أحد أخذ رفيقتها منها بعد الآن أبدًا..
"رائد"
-لقد وصلنا.
قالها ذلك الرجل غريب الأطوار عابر.
نظرت حولي للمكان المنبسط الممتلئ بالعشب وقلت بتعجب:
-هل هنا؟
-نعم.
-أين؟
أشار بعيدًا وهو يقول:
-هناك! تحديدًا في هذا المكان العميق بعض الشيء.
-حسنًا علينا أن نسرع، لا يوجد معنا الكثير من الوقت.
أومأ برأسه قائلًا:
-لا تقلق سنستطيع.
وقفنا أمامه نحدق بفراغ فسألت باستغراب:
-ولكن كيف تنسخ؟ بالتأكيد لن أقوم بإزالتها؟
قال وهو يمسك الدائرة الظاهرة منها:
-لا، سنأخذ فقط منها حجز صغير صغير للغاية لدرجة أنه في حجم حبة الخردل.
أخذها وقال لي:
-انتظر هنا ولا تقلق.
ثم أختفى من أمام عيني!