عدو من مستنقع الذكريات البارت الثالث

*" عدو من مستنقع الذكريات " " البارت الثالث "*
مر عدة أيام و لم يتحدث أمير مع أروى حينها أيقنت أن شعورها حيال أمر أن أمير لا يريد الزواج بها كان صحيحا جدا ، كانت تمر بأيام سيئة جدا .
و ذات يوم كان عليها أن تذهب للدرس الذي يعطيها دروس خصوصية في مادة الانجليزي ، لم تكن تريد أن تذهب و لكن مع إلحاح زميلاتها ذهبت ، و كوال مدة الشرح كان نظرها معلق على الباب ظنا منها بأن امير سيأتي من أجلها كي يتصالحا و لكنه لم يأتي ، ابتسمت أروى و سخرت من سزاجتها لانه هيأ لها عقلها بأنه سيأتي و يتحدث معها كي يخبرها انه يريد الزواج بها و سيتحدث مع أخيها بشأن خطبتهما و لكنه لم يفعل .
عندما انتهى الأستاذ جمال من الشرح سمح للطالبات بالمغادرة ما عدا أروى فتمهلت قليلا ، جلست أروى برفقة الأستاذ جمال على إحدى المقاعد الرابضة في غرفة التدريس ، فبادر الأستاذ جمال بالحديث قائلا
الأستاذ جمال : أروى أنا .. أنا عارف انك انتي و أمير مرتبطين و ملاحظ انك بتحبيه جدا ، لم تستطع أوى التنفس من شدة اضطراب قلبها لكونه استطاع أن يعرف سر نظراتها تجاه أخيه أمير ، حاولت أن تتحدث و لكن يأبى الحديث الخروج من فاهها و لكنها أخيرا استطاعت أن تقول
أروى : حضرتك عايز تقولي ايه بالظبط ؟!
الأستاذ جمال : بصي يا أروى انتي زي اختي الصغيرة و ما يرضينيش انك تكوني متعلقة بأمير أخويا خصوصا انه مش ناوي يتجوز أصلا ، خفق قلب أروى بشده و ضمت حاجبيها و نظرت اليه بخوف قائلة
أروى : معلش بس أنا مش فاهمه حاجه !!! ، تنهد الأستاذ جمال و قال بحزن
الأستاذ جمال : أمير مش بيشيل مسئولية ، يعني مش ها يتجوز خالص و لو فكر يتجوز مش ها يبقى دلوقتي خالص ، ده غير انه على علاقات ببنات كتيرة جدا ، و انتي بالنسباله مجرد واحده من كل البنات دول ، انا و الله بقولك الكلام ده عشان انا خايف عليكي لاني شايف في نظراتك ليه انك بتحبيه جدا و انتي من أحسن الطالبات اللي عندي عشان كده مش عايزك تكوني بتمري بتجربه فاشلة انا عارف انك لو كنتي اكتشفتي حقيقته متأخر نفسيتك كانت ها تتدمر ، نهضت أروى من مقعدها و هي تشعر ان العالم يدور حولها ، كانت تشعر بأن الدنيا بأكملها كخرم الإبرة ، إستأذنت أروى من معلمها و غادرت و هي تنوي أن لا تعود إلى هذا المنزل أبدا و لن تعد تدرس الدروس الخصوصية لدى جمال .
عادت أروى إلى منزل والدها و هي تشعر بالإختناق و غفيت دون أن تبدل ملابسها ، و في نومها رأت كابوسا شل أجزاء عقلها فقد كان ..
جحظت عيناها بعدما إزداد خفقان قلبها ، بل وزادت اضطراباته ، أصبحت تتنفس بصعوبة و كأن الأُكسجين يأبى إسعافها في هذا ، خارت قواها و هوى جسدها على أقرب مقعد كي يرتطم به بعدما شعرت بالدوار الشديد ، ثم أغمضت عيناها بعدما سمحت لدمعةٍ فارة بالهطول . في ذلك الحلم تذكرت أنها
كان يغلبها النعاس و بالرغم من ذلك لم تتمكن من النوم ، فكل محاولاتها بائت بالفشل كانت هادئة إلى أن رأت والدتها تهرول ناحيتها و تكتم شهقاتها بيديها و قد امتلأت مقلتيها بالدموع ، هرعت أوى من ذلك المشهد الذي جعلنها لا تقوى على النهوض ، أمسكت بها محاولة معرفة ما في الأمرة، و بعد عدة محاولات علمت أن أخيها الأكبر معاذ انتقل إلى الرفيق الأعلى ... لاذتُ بالصمت لبرهة حتى تتمكن من إستيعاب ما حدث و ما قيل لها و لكنها الحقيقة ..
كانت تحاول التخفيف على أمها ثم الحد من ارتجاف جسدها و لكن دون جدوى ، في الجهة الأخرى سمعت نحيب إخوتها ، هرولت ناحيتهم محاولة التخفيف عنهم و لكن كيف ! لقد كان والدهم ، و سندهم و الأقرب إليهم جميعا ، فهي حتى يومها هذا لم تتمكن من تصديق أبشع حقيقة مرت عليّها ! لقد رأته ، كان مبتسم و كأنه أُزيح عنه عبء و عناء الدنيا الفانية و إلتقى بخالقه و أخيرا .
فجأة استيقظت أروى و هي تشعر بالهلع من ذلك الكابوس ، كان جسدها يرتجف بشده و كل محاولاتها للهدوء بائت بالفشل ، فالتقطت كوب الماء الرابض أعلى الكمودينو بجانبها و ارتشفت منها القليل و ظلت تردد
أروى : أستغفر الله العظيم من كل ذنب و أتوب إليه ، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله ، لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، نهضت أروى من فراشها و بدلت ملابسها و ذهبت إلى المرحاض كي تتوضأ و من ثَم صلت ركعتين لله و تضرعت في الدعاء حتى يحمي الله أخيها معاذ و لا يلحق به أي مكروه .
بعد ما انتهت أروى من صلاتها شعرت بارتياح و من ثم تذكرت حديث الأستاذ جمال فارتعدت من الداخل و عادت و جلست القرفصاء أعلى فراشها و أخذت دفتر مذكراتها و بدأت تكتب و تردد ما تكتبه و تقول و حديثها خارجٌ من عمق قلبها
أروى : أما العدو ، فلا يعلم بأي مخاضة يجرم حتى يُلقيك حتفك ، و أما الأقربون ، ينطلقون بالاتجاه الذي يبيدك ، و كتبت أيضا
_ : توقعت الخذلان من الجميع إلا منك ، فأخفق الجميع إلا أنت ، نظرت أروى لما كتبت و شعرت أنها فتاة ساذجه و قد تمكن الغباء من عقلها و قد استحوذ عليه كليا فقامت بشق تلك الورقة و جعلتها قطع صغيرة .
في المساء تفاجأت أروى بأخيها يطرق باب غرفتها فاعتدلت في جلستها و قالت
أروى : ايه ده يا معاذ ؟! و انت من امتا بتخبط على باب أوضتي ؟! ، تبسم أخيها معاذ قائلا و قد رفع حاجبه الأيمن
معاذ : ده على أساس إني مش بخبط ابدا ؟! ، ضحكت أروى و هي تدعوا الله في داخلها أن يحفظ لها ذلك الأخ الذي لم و لن يعوضه شيء أو أحدٌ في شتى بقاع الأرض ، لاحظ معاذ شرود أخته فقال بمزاح
معاذ : طب ايه ؟! ها تسيبيني ملطوع على الباب كده كتير ؟! ، فقالت أروى مسرعه
أروى : يا لهوي عليا و هو انت محتاج اذن عشان تدخل تعالي يا معاذ ادخل ، دلف اخيها الى غرفتها و هو يسير ببطء و في جوفه حديث يبدو أنه متردد في قوله لها ، لاحظت أوى ذلك و لم ترد أن تحرجه فتركته على راحته و لكنه تحدث و أخيرا و قال
معاذ : بصي يا أروى ، انتي ... جالك عريس ، و بصراحه أنا رفضته ، نظرت، اليه أروى بتعجب لكونه يتحدث بتلك الطريقه و كادت أن تسأله عن السبب لتلك الطريقة الغير معتاده و لكنها أكمل حديثه قائلا
معاذ : أنا عارف إنك مستغربة لاني مش دايما بقولك على العرسان اللي بارفضها ، بس ده بالذات أنا كان لازم أقول ، خفق قلب أروى و لم تستطع التنفس جيدا و قالت و هي تخشى أن يكون ما يجول في خاطرها هو حقا ما حدث ، فقام معاذ و هو ينظر إليه يديه و لكنه كان شارد الفكر
معاذ : اللي اتقدملك أمير أخو مدرس الإنجليزي بتاعك الأستاذ جمال ، أمير جالي النهارده بعد الشغل و قعدنا على القهوة و فاتحني في الموضوع و قالي انه عايز يتقدملك بس أنا ما رضيتش أكسفه و قولتله إنك مش عايزه تتجوزي دلوقتي ..........




#صغيرة_الكُتَّاب
#سارة_فرج
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي