الفصل الثالث

جففت حفصة دموعها التي ألهبت وجنتيها المحمرتين أثر البكاء بعد إتصال زوجها محمود بها حيث وبخها بقوه من أجل شقيقه..

طرقات على باب الشقه جعلتها تنهض من على الفراش بتكاسل تمسح على وجهها بشده كمحاوله بائسه منها من أجل إخفاء آثار البكاء..

سحبت ثوبها الخاص بالصلاه ترتدي إياه واضعه الوشاح خاصته على خصلات شعرها وهي تهتف بصوت مبحوح:
_جايه أهو

نطقت بتلك الكلمات و هي تخرج من باب الغرفة خاصتها متحركه نحو باب الشقه تفتح إياه، توقفت عينيها المحمره أثر البكاء على والدها الواقف أمامها والذي أنكمشت ملامحه فور أن وقع بصره عليها قائلاً بقلق:
_ مالك يا حبيبتي ، بتعيطي ليه؟

عضت حفصة على شفتيها حتي كادت أن تدميها محاولة منع حالها من البكاء و حركت شفتيها تنطق بنبره متحشرجه مكتومه:
_ اتفضل يا بابا

قالت تلك الكلمات وهي تتحرك جانباً تشير له نحو الداخل ، دلف والدها بملامح منكمشه قلقاً و عينيه تدور على أبنته قائلاً بأستفهام ضاغطاً علي الكلمات:
_ مالك يا حفصة حد زعلك؟

حركت حفصة رأسها نافيه و حاولت إيجاد كلمات مناسبة من أجل تبرير حالتها تلك، لحظات من الصمت حتي أجابت بتوتر مبرره:
_ مفيش يا بابا ده أنا بس أضايقت شويه عشان محمود قدامه شهرين كمان أما ينزل


ضيق والدها ما بين عينيه غير مقتنع بما قالته لكنه أومأ برأسه متصنع الأقتناع..
٠٠٠٠٠

تلاعبت مروه بتلك الحلقه الذهبيه التي تزين بنصرها و عينيها معلقه بملامحه الجامده، أذدردت ريقها و حركت شفتيها تتحدث بخفوت:
_ أستغربت أنك جيت

شبك مروان كفيه في بعضهم ثم تحدث موضحاً بإيجاز:
_ والدتك عزمتني

أنكمشت ملامحها لكنها تدراكت حالها ثم تحدثت قائله بنبره مضطربه:
_ كنت عايزه اسألك في حاجة..

نطقت بتلك الكلمات بعد تردد، وقد تبعثرت الكلمات في حلقها عندما وجدت نظراته مصوبه نحوها و قد تحدث بصوته الأجش:
_ قولي..

تلاعبت مروه بطرف وشاحها وهي تشعر أن جميع الكلمات التي رتبتها قد هربت منها وهي تشعر هكذا بنظراته مصوبه نحوها، أشاحت ببصرها بعيداً عنه ثم حاولت أستجماع شجعتها الهاربه و حركت شفتيها تتحدث بصوت خافت متحشرج:
_ هو أنا ليه بحس يعني أنك زي ما تكون مجبر على الخطوبه دي !!

قالت تلك الكلمات وهي تحرك رأسها تنظر نحوه بتوتر مراقبه ملامحه التي لم تتغير ، حل كفيه المتشابكين مصوب نظراته نحوها قائلاً بنبره ثابته:
_ ليه بتقولي كده؟

بللت هي شفتيها بطرف لسانها وقد أحمرت وجنتيها حرجاً وهي تقول باضطراب:
_ معاملتك معايا

ظل هو يحدقها بنظراته التي جعلتها تبعد عينيها بعيداً عنه شاعره بألم يضرب أسفل معدتها من فرط توترها..

ظل هو صامتاً للحظات ثم أجابها بنبره هادئه للغايه:
_ و أنتي شايفه إن حد يقدر يجبرني على حاجه !


حركت مروه رأسها نحوه تحدقه بنظرات حائره و قد أحمرت وجنتيها كثيراً و شعرت أنها ترغب في الهروب من أمامه من شدة توترها لكنها حاولت لململت شتات نفسها متذكره حديث حفصة معها ، أخذت نفس عميق ثم تحدثت قائله بنبره خرجت مرتجفه:
_ ما أنا معرفش شخصيتك عشان أحكم !

عقد هو حاجبيه وظل يحدقها بنظراته الصامته كاد أن يتحدث لكن قطع ذلك دلوف والدتها حامله تلك الصينيه الموضوع عليها فنجان القهوه الذي أعدته من أجله و علي ثغرها ترتسم إبتسامة واسعه وهي تقول مرحبه:
_ منور يا بني، اتفضل

نطقت آخر جمله وهي تنحني تضع فنجان القهوه أمامه على الطاولة، عضت مروه علي شفتيها بحنق مردده بصوت خافت للغايه:
_ ده وقته يا ماما..

ضمت شفتيها بشده عندما وجدته يصوب نظراته نحوها رافعاً أحد حاجبيه ، أبعدت نظراتها بعيداً عنه متوتره..

عاد هو ينظر نحو والدتها وقد التوي ثغره بابتسامة متكلفه..


جلست والدتها على أحد المقاعد عاقده ذراعيها أمامها وعينيها معلقه به قائله بحبور:
_ منورنا والله يا بني

ارتشف مروان رشفه بسيطه من فنجان القهوه ثم وضعه على الطاولة و هو يرسم إبتسامة صغيره متكلفه على ثغره قائلاً بنبره جاده:
_ تسلمي ، أنا لازم أقوم عشان عندي شغل..

أنكمشت ملامح مروه بينما تحدثت والدتها قائله برفض:
_ لأ تقوم ده إيه، ده عمها سامي جاي دلوقتي عشان يتعرف عليك أنت مشوفتوش يوم الخطوبه كان مسافر..

رسم مروان ابتسامة مجامله على ثغره و نهض من مكانه يعدل من وضع سترته قائلاً بأسف:
_ خليها مره تانيه لأني عندي شغل

ظهر الأنزعاج علي ملامح مروه و سارعت في الحديث قائله من بين أسنانها بنبره حانقه:
_ سيبه براحته يا ماما

ألقي مروان عليها نظره بطرف عينيه ثم عاد ينظر نحو والدتها التي نهضت من مكانها قائله باستسلام:
_ ماشي يا بني على راحتك

قالت تلك الكلمات ثم نظرت نحو ابنتها التي مازالت جالسه قائله بنبرة خافته:
_ قومي مع خطيبك

نهضت مروه من مكانها متحركه خلفه نحو باب الشقه، فتح هو الباب و تحرك يخرج منه دون أن ينطق بشئ مما جعل ملامحها تنكمش وهي تضغط بأناملها على حافة الباب و قد تجمع في مقلتيها الدموع وهي تراقبه وهو يهبط درجات السلم..

أغلقت الباب خلفه وهي تعض على شفتيها بقوه محاولة كتم دموعها..
٠٠٠٠٠٠٠٠٠

أنفجرت فاطمه باكيه وراحت تهتف بنبره متحشرجه من بين شهقاتها:
_ أبيه صفوان أنا عايزة البنت دي تبعد عن جوزي

نطقت بتلك الكلمات و هي ترفع كفها تمسح دموعها الحاره التي انسابت على وجهها تلهبه، شعرت بزوجة عمها الجالسه بجانبها تربط على كتفها بدعم متأثره بحالتها تلك ، بينما شبك رضوان كفيه في بعضهم متسأل:
_ طب ليه متكلمتيش مع يوسف و تقوليلوا أنك عرفتي؟!

مسحت السيده سمحيه على ظهر فاطمه وهي تحرك رأسها إيجاباً تؤيد حديثه..

ارتفع صوت شهقات بكاء فاطمه التي راحت تحرك رأسها رافضة ذلك الأقتراح بقوه ثم تحدثت بنبره مختنقه بالبكاء قائله:
_ لأ يا أبيه أنا مش عايزاه أعرفه إني عرفت

ضيق رضوان ما بين عينيه محدقاً بها حيث سحبت محرمه ورقيه تجفف دموعها وهي توضح بصوت متحشرج متألمه:
_ عشان موضوع الحمل يا أبيه

تقابلت نظرات رضوان بنظرات والدته التي ظهر على ملامحها الحزن وهي تسحب فاطمه تقربها منها تضمها إليها تنهرها بلطف:
_ حمل إيه يا فاطمه هو يعني الموضوع كان بإيدك ..

أرتمت فاطمه في أحضانها باكيه و صوت شهقاتها يتعالي بشكل يمزق القلوب مما جعل ملامح صفوان تنكمش بشده فهي ابنة عمه الغاليه والتي تربت معه و مع شقيقته ولها مكانه مميزه لديه حتي أنه عند زواجها اقترح على زوجها يوسف أن يسكن معهم في البنايه في شقة عمه و التي تكون متواجده في الطابق العلوي حتي تكون قريبة من والدته التي تعتبرها أبنتها..
٠٠٠٠٠٠

هبطت حفصة درجات السلم حامله تلك الصينيه الموضوع عليها أطباق الحلوي التي أعدتها، توقفت أمام شقة حماتها السيده سلوي و كادت أن تدلف ولكن وصل إلي مسامعها صوت بسمه وهي تقول بنبره ساخره :
_ دي حفصة لو عرفت حاجه عن الموضوع ده..

توقفت عن متابعة كلماتها عندما هتفت السيده سلوي بتوتر تنبه إياها:
_ تعالي يا حفصة خشي واقفه كده ليه !

توترت بسمه و صمتت، بينما رسمت حفصة ابتسامة صغيره على ثغرها و تقدمت منهم تضع الصنيه أمامهم على الطاولة قائله بنبره خافته:
_ عملتها عشان أنتي بتحبيها يا طنط


قالت تلك الكلمات ثم تحركت تجلس بجانب بسمه و دارت ببصرها بينهم متسأله بتعجب:
_ هو إيه الموضوع إلي لو عرفته !


قالت تلك الكلمات و هي تدور ببصرها بينهم ظهر التوتر على السيده سلوي و تبادلت النظرات المرتبكه مع بسمه التي سحبت طبق حلوي و ملعقه و تذوقت منه متجاهله الرد على حفصة بينما تحدثت حماتها السيده سلوي قائله بنبره مرتبكه بعض الشيء:
_ ولا حاجه يا حبيبتي

دارت حفصة بنظراتها بينهم و حركت شفتيها ترغب في الحديث و لكن توقفت عن ذلك عندما تحدثت السيده سلوي مغيره الحديث:
_ تسلم ايدك يا حبيبتي أنا بحبها من إيدك


قالت تلك الكلمات وهي تسحب طبق حلوي و معلقه و تذوقت الحلوي تحت نظرات حفصة المتعجبه من أمرهم لكنها تحدثت بنبره لطيفه:
_ بالهنا و الشفا
٠٠٠٠٠٠٠

جلست مروه بملامح شاحبه مضطربه علي أحد المقاعد الخشبيه المتواجدة في الطريق و عينيها تنساب منها الدموع فقد تمت سرقتها منذ قليل ..

توقفت عينيها على تلك السيده التي وقفت أمامها تحمل زجاجة مياه وهي تقول بشفقه:
_ خدي اشربي يا حبيبتي

ارتجف كفها و هي تمده تسحب منها تلك الزجاجه و قد ضغطت عليها بأناملها وهي تفتح اياها ترتشف منها بضع قطرات تبلل ريقها الجاف ثم مدت إياها إلي تلك السيده التي تسألت بتوجس:
_ هي كان فيها فلوس كتير يا حبيبتي ؟!

عضت مروه علي شفتيها و هي تشعر بتلك الدمعه الحاره التي أنسابت على وجهها قائله بصوت مكتوم متحسره على حالها:
_ كان فيها فلوس الجميعه ، مش فلوسي !

ظهرت معالم الشفقه على ملامح تلك السيده وتقدمت تجلس بجانبها تربط على كتفها قائله بعطف:
_ ربنا ينتقم منه يا حبيبتي و يعوض عليكي

مسحت مروه تلك الدمعه التي أنسابت منها للتو ثم حدقت بتلك السيده قائله بصوت مبحوح خافت:
_ معاكي تليفون؟، أعمل مكالمه لو ينفع

أومأت تلك السيده برأسها ثم فتحت حافظه نقودها تخرج هاتفها الصغير و أعطته لها قائله بنبره دافئه:
_ خدي يا حبيبتي اتكلمي براحتك

عضت مروه علي شفتيها و تلقائياً تحركت أناملها تضغط رقم هاتفه التي تحفظه عن ظهر قلب ثم وضعت الهاتف على أذنها تنتظر رده..

أنسابت دموعها وعضت على شفتيها وهي تقول على الفور بصوت متحشرج مستنجده به:
_ الحقني يا مروان

ضيق مروان الجالس على مقعده بداخل مكتب المحاماه، و تحدث قائلاً باستفهام:
_مين معايا؟

أنكمشت ملامح مروه، و ابتلعت غصتها المريره و هي تقول بنبره متحشرجه مفعمه بالعتاب:
_ مروه، أنت مش عارف صوتي !

دلك مروان جبهته وقد شعر بالحرج وظل صامتاً للحظات ثم تحدث قائلاً بتوضيح:
_ الرقم غريب..

توقف عن متابعة كلماته عندما وصل إلي مسامعه صوت نشيج بكائها، ضيق ما بين عينيه قائلاً بتوجس:
_ بتعيطي ليه؟

انسابت دموعها الحاره عندما تذكرت أمر النقود، حركت شفتيها تخبره بقهر:
_ أنا اتسرقت ..

تقلصت تعابير مروان وهو يتراجع في مقعده وهو يقول بدهشه:
_ اتسرقتي، فين و أزي؟!

ألقت مروه نظره على تلك السيده الجالسه بجانبها ثم حركت شفتيها تقول بنبره متحشرجه باكيه:
_ تعال بس خديني.

نهض مروان من مكانه ساحباً سترته وهو يهدر قائلاً باهتمام:
_ أنتي فين ؟
٠٠٠٠٠٠٠٠٠

جلست صفاء بجانب فاطمه بداخل شقة الأخيرة، وضعت صفاء كفها أسفل ذقنها و قد ظهر على ملامحها أنها مستغرقه في التفكير..

لمعت عينيها وهي تنظر نحو فاطمه قائله بعجاله:
_ لاقيتها

رمقتها فاطمه بنظرات تائه‍ه قائله بخفوت:
_ هي إيه!

تربعت صفاء على الأريكة وهي تطرقع أصابعها قائله بتريث:
_ أنتي مش بتقولي أنها كانت حاضره خطوبة رضوى !

أومأت فاطمه برأسها ثم لوت شفتيها قائله بتهكم:
_ اوعي تقولي أسأل رضوى ، هروح أقولها إيه !

حركت صفاء رأسها نافيه ذلك وقد اعتدلت في جلستها قائله بنبره متريثه واثقه:
_ أنا هقولك تعملي إيه !
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

عقدت مروه ذراعيها أمامها وهي جالسه مكانها توزع نظراتها بين الماره بشرود واجمة الملامح..

وقع بصرها على سيارة مروان تتوقف أمامها مما جعلها تنهض سريعاً وهي تتقدم منها ، وجدته يترجل من السياره وقد عقد حاجيبه عندما وقع بصرها على ملابسها المتسخه بالتراب ووجهها المتورم أثر البكاء,
أصبحت ملامحه منكمشه و أشار لها نحو السياره قائلاً بنبره ثابته:
_ اركبي

جرجرت هي قدميها حراً متحركه نحو السياره تفتح الباب الأمامي، ولكن لم تستطيع فقد كان كفها يرتجف، شعرت به خلفها وقد مد كفه يفتح هو الباب لها..

ألقت عليه نظره مفعمه بالحرج ثم دلفت ببطء داخل السيارة و أغلق هو الباب خلفها ثم دار حول السياره وفتح الباب خاصته ودلف بداخلها مغلقاً الباب خلفه..

لحظات و كان ينطلق بالسيارة، وزع نظراته بينها و بين الطريق وهو يقول بأهتمام :
_ احكيلي إلي حصل؟

تلاعبت هي بأطراف ثوبها المتسخ و حركت رأسها تنظر له بمقلتيها المتجمع بهم الدموع قائله بنبره مختنقه:
_ شنطتي اتسرقت و كان فيها فلوس الجمعيه

تبعثرت الكلمات في فمها وهي تشعر بالعجز فهي لن تستطيع تعويض تلك النقود، دفنت رأسها بين كفيها قائله بصوت متحشرج باكي مفعم باليأس:
_ أنا مش عارفه أعمل إيه !

وزع مروان نظراته بينها وبين الطريق و تحدث قائلاً برفق :
_ اهدي يا مروه إحنا هنعمل محضر الأول..

لم تدعه مروه يكمل كلماته حيث رفعت رأسها على الفور قائله بصوت مبحوح رافضه:
_ مش عايزه أعمل محضر

نطقت بتلك الكلمات وقد انسابت دموعها تلهب وجنتيها..

وزع مروان نظراته بينها و بين الطريق ثم تحدث قائلاً بصوت رخيم:
_ طب اهدي ،مكنتش أعرف أنك حساسه أوي كده

رفعت مروه كفيها تجفف دموعها وهي تقول بنبره مختنقه:
_ بقولك فلوس ناس

ألقي مروان عليها نظره بطرف عينيه ثم تحدث قائلاً بنبره جاده:
_ لو كان على الفلوس مش مشكله أنا هديهم ليكي..

تقلصت تعابير مروه و هي تجفف دموعها بقوه قائله باحتجاج رافضه:
_ لأ طبعاً هو أنا بقولك كده عشان تقولي كده ..

توقفت عن متابعة كلماتها عندما صدح رنين هاتفه مما جعلها تبعد مقلتيها الدامعتين بعيداً عنه تنظر نحو النافذة تاركه إياه يجيب على هاتفه..

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي