الفصل الثاني

جلست فاطمه مع عائلة عمها بداخل شقتها يظهر على ملامحها الوجوم حين وقع بصرها على زوجة عمها السيده سميحه التي تقدمت نحوها تجفف كفيها بتلك المنشفه الصغيرة وهي تقول بنبره واضح بها التعجب:
_ مالك يا فاطمه؟، بقالي شويه بنادي عليكي

رمقتها فاطمه بنظرات تائه‍ه و الحزن واضح على ملامحها لكنها حاولت لململت شتات نفسها قائله بصوت مبحوح:
_محتاجه حاجه يا مرات عمي؟

دققت السيده سميحه في ملامحها الباهته و قالت بنبره مشككه:
_ مالك يا بنتي ، بقالك يومين مش طبيعيه !

عدلت فاطمه طرف وشاحها تلقي إياه إلي الخلف بأنامل مرتجفه و ضمت شفتيها محاولة تمالك حالها ثم حدقت بزوجة عمها قائله بنبره مقتضبه:
_ لأ مفيش حاجه

لم تقتنع السيده سميحه بكلماتها فقد ظلت ترمقها بنظرات تفحصيه ثم تسألت بتوجس:
_ اوعي تكوني متخانقه مع جوزك !


ظهر الاضطراب على ملامح فاطمه التي اشاحت بنظراتها بعيداً عنها و هي تفرك كفيها في بعضهم بقوه قائله بصوت متحشرج مكتوم:
_ لأ


رفعت السيده سميحه حاجب و نزلت الآخر غير مقتنعه و كادت أن تلاحقها بالأسئلة حتي تعرف ما بها لكنها توقفت عن ذلك عندما وصل إلي أنفها رائحة أحتراق الطعام مما جعلها تركض نحو المطبخ هادره بضيق:
_ الأكل اتحرق ..

تنفست فاطمه الصعداء فهي تعلم أن زوجة عمها لن تتركها حتي تعلم ما بها..
٠٠٠٠٠٠

جلست حفصة بجانب والدة زوجها التي كان كل تركيزها على التلفاز تتابع ذلك الفيلم المحبب إلي قلبها..

شهقت حفصة عالياً عندما وصل إلي مسامعها صوت شقيق زوجها يقول بنبره جافه:
_ عندك أكل يا حجه !

بهتت ملامح حفصة وهي تضع كفها على خصلات شعرها بارتباك و عينيها تدور هنا و هناك باحثه عن وشاح رأسها التي وجدته على المقعد المقابل إلي مقعدها ،تحركت مسرعه تلتقطه ترتدي إياه على عجاله وقد ظهر الحنق على ملامحها..

تحدثت السيده سلوي بعدم اكتراث مشيره بكفها نحو حفصة:
_حفصة هتجيبلك تاكل

نطقت بتلك الكلمات دون أن تبعد بصرها عن التلفاز،
تمالكت حفصة حالها وحاولت إخفاء ضيقها من دلوف شقيق زوجها هكذا إلي الشقه دون مراعاة إلي وجودها وقالت بنبره خافته:
_ دقايق و الأكل هيكون جاهز

نطقت بتلك الكلمات و تحركت نحو المطبخ بملامح مكفهره و قد وصلها كلمات السيده سلوي التي قالت متسأله:
_ آمال فين بسمه يا شاهين؟

وضع شاهين ساقيه على تلك الطاوله الصغيره جالساً بإريحيه قائلاً بنبره متكاسله:
_ راحت عند أهلها

دقائق و كانت حفصة تضع له الطعام على تلك الطاوله الصغيره ثم أحكمت وضع وشاحها علي رأسها مصوبه نظراتها نحو السيده سلوي قائله بخفوت:
_ هطلع أنا فوق يا طنط..

لم تكمل كلماتها حيث وصل إلي مسامعها صوت شاهين المتحشرج أثر وجود الطعام في فمه ناطقاً:
_ لأ استني يا مرات أخويا اعمليلي كوباية شاي

ظهر الحنق على ملامح حفصة وهي تنقل نظراتها نحوه، لكنها تمالكت حالها وقالت بنبرة مقتضبة خافته:
_ حاضر

نطقت بتلك الكلمات وهي تتحرك نحو المطبخ على مضض..
........

توقفت نظرات رضوان على تلك الصغيره التي تسحب والدتها من ثوبها متحركين نحو تلك البنايه المقابله لخاصتهم..

_ مش كان زمان عندك بنت زيها !

وصل إلي مسامعه تلك الكلمات من يوسف الذي كان واقفاً بجانبه، التوي ثغر صفوان بابتسامة طفيفه تلاشت سريعاً ثم أجاب بنبرة مقتضبة:
_ كل شيء له وقته

نطق بتلك الكلمات ثم تحرك يصعد درجات السلم القليله المتواجدة أمام البوابة الحديدية و خلفه صعد يوسف الذي راح يمسح على وجهه بشده شاعراً بالأرهاق..
٠٠٠

وضعت صفاء الطعام علي الطاوله ، صدح رنين جرس الباب مما جعلها تهتف بنبره عاليه:
_ فاطمه افتحي الباب

قالت تلك الكلمات وهي تلقي طرف وشاحها إلي الخلف ، خرجت فاطمه من المطبخ بملامحها المكفهره و تقدمت تفتح الباب، رسمت ابتسامة طفيفة باهته على ملامحها حين وقع بصرها على صفوان قائله بنبره خافته:
_ حمدالله على السلامه يا أبيه..


توقفت باقي الكلمات في فمها و تلاشت ابتسامتها حين وقع بصرها على زوجها الذي كان يقف خلفه و تحركت مبتعده قائله بنبره مقتضبة:
_ صفاء تعالي نحط بقيت الأكل

قالت تلك الكلمات وهي تتحرك نحو المطبخ..

دلف يوسف خلف رضوان مغلقاً الباب خلفه وهو يضيق ما بين عينيه شاعراً بالحيره من معاملة زوجته معه و التي أصبحت تعامله بجفاء..
٠٠٠٠٠٠

ركضت هي سريعاً تحاول اللحاق بالحافله و لكن هيهات، ضمت شفتيها و توقفت جانباً تلقي نظره حانقه على ساعة معصمها..

صدح رنين هاتفها مما جعلها تدس كفها في جيب حقيبتها تخرج إياه، عبست ملامحها عندما وقع بصرها على إسم المتصل لكنها أجابت واضعه الهاتف على أذنها قائله بانزعاج:
_ عايزه إيه ؟

وصلها صوت رفيقتها التي تحدثت قائله بفضول مترقب:
_ عملتي إيه مع خطيبك !

رفعت هي كفها أمام رأسها كمحاولة غير مقنعه منها لحماية حالها من أشعة الشمس ثم ضمت شفتيها وهي تقول بوجوم:
_ معرفتش اقول حاجه

علي الفور وصلها صوت رفيقتها توبخها بنفاذ صبر:
_ يعني إيه مقولتيش حاجه ، امال هتفضلي على الحال دي يا مروه !

ذمت مروه شفتيها وهي تتراجع عدة خطوات إلي الخلف مبتعده عن الزحام قائله بنبره ساخره:
_ ما هو علي يدك ، مبلحقش افتح بوقي بكلمه معاه بيقفل أي موضوع بفتحه..

وقع بصرها على تلك الحافله التي تقترب نحوها و أشارت لها و هي تقول الي صديقتها منهيه الحوار معها قائله بوجوم:
_ هكلمك أما أوصل الشغل
٠٠٠٠٠٠

ارتدي صفوان سترته وهو يستمع إلي حديث والدته الواقفه خلفه تخبره بتعجب:
_ معرفش يا بني أنا قولت أقولك حالها مش عاجبني


سحب صفوان هاتفه ومفاتيحه واضعاً إياهم في جيب سترته قائلاً بعدم إهتمام:
_ ما يمكن متخانقه مع يوسف خناقه عاديه !

حركت والدته رأسها نافيه و قد استدرات ترتب فراشه و ظلت صامته للحظات ثم استدارت تلقي نظره عليه قائله برجاء خافت:
_ طب بقولك ما تتكلم مع يوسف تعرف منه في إيه !

حك صفوان ذقنه الناميه وهو يقول بنبره حازمه رافضاً ما قالته:
_ ملناش دعوه يا أمي

مطت هي شفتيها وتقدمت منه تمسح على سترته بكفيها قائله برجاء نابع من قلقها:
_ اتكلم بس معاه، جايز في مشكله عندهم

ظل صفوان صامتاً للحظات ثم أومأ برأسه بنفاذ صبر دون حديث ، ازاحت والدته السيده سميحه كفيها من على سترته وقد ظهر على ملامحها الأرتياح وهي تردد بنبره خافته:
_ معلش يا صفوان بس بنت عمك ملهاش غيرنا

ربط صفوان على ذراعها قائلاً بصوت رخيم:
_ مش محتاج حد يوصيني على فاطمه يا أمي

أرتسمت أبتسامة صغيره على ثغرها و تحدثت قائله بنبره حانيه:
_ ربنا يخليك لينا يا بني
٠٠٠٠٠٠٠٠
جلست مروه بداخل تلك الغرفه التابعه إلي أعضاء هيئة
التدريس داخل تلك المدرسة التي تعمل بها..

سحبت هاتفها من على الطاولة تنظر نحوه بنظرات بائسه..

لمعت عينيها عندما صدح رنين هاتفها ووقع بصرها على اسمه يتوسط الشاشه، أرتسمت أبتسامة واسعه على ثغرها و أجابت علي الفور واضعه الهاتف على أذنها بأنامل مرتجفه ،قائله بخفوت متلهفه:
_ السلام عليكم

لحظات من الصمت حتي وصلها صوته الأجش ناطقاً بنبره مقتضبة:
_ عليكم السلام..

عضت على شفتيها وهي تشعر بالخجل حتي أن الكلمات قد هربت منها، لكنها استجمعت حالها وقالت بنبره حاولت جعلها مرحه:
_ أنا في المدرسه دلوقتي، أنت في الشغل صح !

كانت تلك الكلمات الغير مترابطة ما هي إلا محاوله منها لفتح حديث معه لكن قد وصلها صوته الجاف قائلاً:
_ عمتي هتتصل تعزمك عندها..

أرتسمت أبتسامة واسعه على ثغرها و كادت أن تتحدث لكن وصلها كلماته الجافه:
_ قوليلها أنك مش هتقدري تروحي


تلاشت ابتسامتها ببطء و أبتلعت ريقها بصعوبة وهي تحرك شفتيها قائله بتلعثم:
_ليه، ميصحش..

بضع ثواني حتي وصلها صوته المقتضبه يخبرها:
_ لأني مش فاضي أروح

أبتلعت مروه غصتها وقد ظهر الوجوم على ملامحها و كادت أن تتحدث لكن توقف الكلمات في حلقها حين وصلها صوته يتابع بنبرة رسميه:
_ عايزه حاجه قبل ما أقفل !

ضغطت مروه علي شفتيها بشده و أبتلعت ريقها ببطء وهي تقول بصوت متحشرج:
_ لأ شكراً..

نطق هو بضع كلمات مقتضبة و أنهي المكالمه، مما جعلها تنزل الهاتف من على اذنها وهي تبتلع غصتها وقد أنكمشت ملامحها بحزن واضعه كفيها على وجهها و لديها رغبة قوية في البكاء..
٠٠٠٠٠٠٠

وقفت فاطمه أمام باب الحمام تستسمع إلي صوت المياه، زفرت طويلاً ثم تحركت على عجاله تسحب هاتف زوجها من جيب سترته الملقاه على الأريكة ثم ألقت الستره جانباً..

فتحت الهاتف و ظلت تقلب فيه بملامح مكفهره..

وقع بصرها على صوره وجدتها لتلك الفتاه من قبل على هاتفه، عضت على شفتيها بقوه مقاومة حالها من تهشيم الهاتف على رأسه و جسدها بأكمله متصلب، تابعت تقليب في الصور لعلها تجد شيء أخري..

حركة رأسها تلقي نظره جهة الحمام ثم تابعت بحثها في الهاتف بأعين متربصه، تجمدت عينيها عندما وقع بصرها على تلك الصوره التابعه لتلك الفتاه أيضاً ولكن هذه المرة كانت بملابس منزليه محتشمه لكنها تبقى ملابس منزليه و بدون وشاح رأس..

غلن الدماء في عروقها و أنكمشت ملامحها يشده حتي أصبحت ملامحها باهته و قد أصبحت متيقنه الآن أن زوجها على علاقة بتلك الفتاه ..

عضت على شفتيها بقوه حتي كادت تدميها محاولة السيطرة على أعصابها المحترقه وهي تضغط بأناملها بعنف على الهاتف حتي كادت أن تهشمه لكنها تابعت تقليب في الهاتف وعينيها قد تجمعت بهم العبرات الحاره التي تهدد بالأنهمار وجسدها بأكمله يرتجف شاعره بوغزه مؤلمه في قلبها..
٠٠٠٠٠٠٠

أرتمت مروه في أحضان حفصة حيث تجلس مع الأخيره بداخل شقتها، ضمتها حفصة إليها قائله بنبره قلقه:
_حصل إيه يا مروه !

ابتعدت عنها مروه تمسح تلك الدمعه الحاره التي انسابت على وجهها وهي تقول بصوت متحشرج حزين:
_ مروان مش طايقني يا حفصة

تراجعت حفصة في جلستها وقد أنكمشت ملامحها قليلاً و تحدثت قائله باستفهام:
_ ليه بتقولي كده !

أزالت مروه وشاح رأسها و ألقته جانباً بطريقه عصبيه وهي تشير بكفيها شارحه بنبره مختنقه:
_ هو يا حفصة من وقت ما خطبني و تحسيه مغصوب عليا ، معرفش أنا حقيقي مش قادره افهمه

نطقت بتلك الكلمات ثم أبتلعت ريقها بصعوبة تمسح على وجهها بشده ثم حركت شفتيها تقول بنبره واجمه:
_ ده أنا حتي كنت عايزه أتكلم معاه اعرف ليه بيعاملني كده بس ده حتي مش بيدني فرصه أنطق

ظهر الضيق على ملامح حفصة متذكره معاملة زوجها معها في الفتره الأخيره، ابتلعت غصتها و ربطت بكفها على كتف الأخرى قائله بنبره هادئه:
_ ما يمكن عشان أنتوا لسه في أول الخطوبه و مش عارفين بعض

نطقت بتلك الكلمات تحدق بملامح مروه الباهته، تحدثت الأخيرة قائله بصوت مبحوح:
_ أنا بس عايزه اعرف كان خطبني ليه أما هو بيتعامل معايا بالطريقة دي !
٠٠٠٠٠٠٠

جلس صفوان بداخل تلك القهوه الشعبيه مع صديقه الذي حمل كوب الشاي يرتشف منه رشفه بسيطه ثم وضعه محله على الطاولة قائلاً بنبرة مفعمه بالرضا:
_ أهي ماشيه يا عم رضوان

تنهد رضوان طويلاً ثم تحدث قائلاً بصوت أجش:
_ ربنا يسهل الأمور

دلف شاهين إلي داخل القهوه بملامحه العابسه قائلاً بصوت عالي نسبياً:
_ واحد شاي هنا

نطق بتلك الكلمات وهو يجلس على أحدي الطاولات واضعاً ساق فوق الأخري و أخرج علبة السجائر خاصته و سحب منها واحده..
٠٠٠

ارتدت حفصة حذائها ثم اعتدلت واقفه تحدق بتلك الواقفه بملامح باهته، رسمت ابتسامة صغيره على ثغرها قائله بنبره لطيفه راغبه في التخفيف عنها:
_ خلاص بقي يا مروه أعملي زي ما قولتلك اتكلمي معاه

ضغطت مروه علي حزام حقيبتها وهي تخرج من باب الشقه وخلفها حفصة، تحدثت الأولي بقلق بالغ:
_ طب افرضي قالي أنه مش مرتاح مثلاً و..


قاطعتها حفصة التي ضغطت بكفها على حافظه نقودها قائله بنبره حازمه:
_ يبقي تسيبه على طول


تلك الكلمات التي تفوهت بها جعلت الأخري ملامحها تنكمش وهي تقول بنبره حانقه مختنقه:
_ هي بسهوله كده أنا بقي عندي ٢٩ سنه

تحدثت بتلك الكلمات وهي تهبط اولي درجات السلم وخلفها حفصة التي قالت متهكمه:
_ وايه يعني أنتي محسساني أنك عجوزه أنتي لسه الحياه قدامك

لوت مروه شفتيها وضغطت على شفتيها بقوه وقد ظهرت السخريه على ملامحها وهي تتابع هبوط درجات السلم قائله بسخريه مريره:
_ واضح أن الحياه لسه قدامي !!
٠٠٠٠٠٠٠٠

في تمام الساعة التاسعة مساءً، أوصلت حفصة مروه إلي المكان المتواجد به وسائل المواصلات ثم عادت متحركه نحو تلك الصيدليه ..

دقائق و خرجت منها عائده إلي المنطقه التي تقطن بها ، وجدت ذلك الطريق الذي أتت منه منذ قليل مغلق بالسيارات و هناك تجمهر عدد من الأشخاص مما جعلها تتراجع متحركه نحو طريق آخر..

قبضت بكفها على ذلك الكيس التابع لتلك الصيدليه و خفضت بصرها عند مرورها من أمام تلك القهوه الشعبيه..


شعرت بخطوات أقدام خلفها و صوت مألوف ينطق بتهجم:
_ كنتي فين لحد دلوقتي يا مرات أخويا !

أنكمشت ملامحها قليلاً لكنها استدارت تحدقه بنظراتها و هدرت بنبره هادئه:
_ كنت بوصل صاحبتي ..


توقفت الكلمات في حلقها عندما وقع بصرها على ملامح شاهين المكفهره، تحدث من بين أسنانه ضاغطاً علي الكلمات:
_ أنا مش قولت قبل كده أن الحريم متخرجش من البيت بعد الساعه سته

أنكمشت ملامح حفصة أكثر و شعرت بالحنق من طريقته في الحديث معها ، ضغطت على طرف الكيس بأناملها بقوه و تحدثت بنبره حاولت جعلها ثابته ولكن ظهر بها مدي ضيقها من تدخله في أمورها:
_ حضرتك الكلام ده تقوله لبسمه لكن أنا عندي جوزي و أنا مكنتش خارجه ألعب

نطقت بتلك الكلمات ثم استدارت تتابع سيرها تاركه إياه متجمد الملامح وقد أصبحت ملامحه قاتمه بشكل لا يفسر..

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي