الفصل الرابع

(الفصل الرابع)

لاحظ إياد وميادة من بعيد ما يحدث لسيلين، وسرعان ما اتجه نحوها دافعاً واحد ولاكماً الأخر في وجهه، ودخل في مشاجرة عنيفة معهم، وبدأ يلكمهم ويضربهم بقوة عنيفة ..
لم ينجيهم من يد إياد سوى المارين، وكل من جائوا يفضوا هذا الاشتباك ..
وسيلين تقف جانباً تبكي وميادة تربط على كتفها محاولة تهدأتها ..
وانتهى الشجار، واقترب منهم إياد، وهو يرتب ملابسه المهرولة.
قالت سيلين وهي ترتجف :
حصلك حاجه ؟
رد إياد في غضب :
بعد كدا أبقي خلى بالك على نفسك ..
ومتديش فرصه لحد أنه يقف ويكلمك ..
مش كل مرة هبقى موجود ؟
ردت في استغراب :
والله..
خلاص أنتِ لسه هترغي ..
قالها ومن ثم تركها وغادر، وانهمرت سيلين في بكاءها، تحاول ميادة تهدأتها، وأخذتها إلى إلى المحاضرة كل لا تتأخر أكثر من هذا ..
**********
أما عند إياد في الشركة ..
دخلت عليه نيرة السكرتيره في مكتبه وقالت له :
إياد بيه .. فى بنت بره شكلها أوڤر أوي وعاوزه تدخل لحضرتك.

نظر لها إياد باستغراب وقال :
بنت مين ؟
طب مقالتش اسمها أيه ؟
رفضت تقول .. وقالت إنها عاوزة تعملها لك مفاجأة.

تنهد ون ثم أومئ إياد برأسه وأمرها بأن تدخلها، وخرجت نيرة وسمحت لها بالدخول ..
دخلت فتاة أشبه بفتيات الليل، ترتدي ملابس تظهر كل مفاتنها دون خجل، وتتحرك بشكلٍ أعوج كالحيات وما إن دخلت على إياد قالت :
حبيبي وحشتني موت يا بيبي.
تفاجئ إياد وقال :
هايدي أيه المفاجأة الجميله دي ؟
هايدي وهي تتصنع الحزن :
شوفت عشان تعرف أنك في بالي علي طول يا وحش ..
ومن ثم اقتربت منه وقبلته في خده، ومن ثم جلست على طرف مكتبه، وتابعت :
طب قولي أني وحشتك حتي .. مخمصاك ي بيبي.

رد إياد باسماً :
وأنتِ كمان يا بيبي وحشتيني أوي.
بعد أيه بقا خلاص.
بس أنا زعلانة منك خالص.
رد إياد بمكر:
ليه بس كده يا قلبي .. دا أنا مقدرش علي زعلك.
قالت هايدي :
مهو باين أهو .. بقالك اسبوعين بحالهم معبرتنيش حتي بمكالمه واحدة.
في دي عندك حق ...
بس كنت عاوز أعملك مفاجأة وأجيلك بنفسي إنهاردة.
ردت هايدى بفرحة :
بجد يا بيبي ..
بجد يا عيون البيبي ..
يلا بقا روحى عشان ممكن حد يدخل ويشوفك وأنتِ قاعدة كده ويفهم غلط ..
وأنا هخلص شغل وبليل هكون عندك.
أوك يا حبيبي باي ..
ومتتأخرش عليها يا دومي هاه ..
قالتها وهي تمشي وتتراقص، خرجت من المكتب، وقال إياد بسخريه :
هأ ..
كلكم صنف واحد .. كلكم واطين وخاينين.
وقال أيه بابا عاوزني أتجوز قال !

************
عادت سيلين إلى بيتها ..
وجلست في غرفتها تقرأ في أحدى الروايات ..
طُرق باب غرفتها، ومن ثم دخلت عليها أحلام، وقالت لها :
سولي يا حببتى تعالي أقعدي معايا بدل مأنتي على طول حابسه نفسك كده في أوضتك ..
ولا أقولك روحي لميادة .. وأهو تغيري جو شوية.
لا ياماما أنا مستريحة كدا ...
وبعدين أنا بحب أقعد أقرا وأسرح في خيال الروايات ..
بتخرجني من اللي أنا فيه ..

أحلام بنبرة هادئة :
بس يا حبيبتى مينفعش اللي بتعمليه دا ..
أطلعي غيري جو .. شوفي ناس جديدة ..
أتكلمي وبلاش حبسة الأوضه دي وقعدتك مع نفسك ..
أخذت سيلين نفساً عميق وقالت لها :
معلش يا ماما سبينى علي راحتى.
تنهدت أحلام وردت قائلة :
ماشي يا سيلين هسيبك علي راحتك.
وخرجت من غرفتها وتركتها وحدها تستكمل قراءة روايتها ..

**********
ميادة في غرفتها ..
غارقة في منهجها الدراسي ومذاكرتها المتراكمة عليها.
رن هاتفها .. ليظهر اسم روان على شاشة المحمول ..
تركت الكتاب وردت عليها ..
روان .. وحشتيني .. أخبارك أيه يابنتي ؟
ردت روان في سرور :
الحمد لله فينك يا بنتي .. هي الست سيلين وخداكي مننا كده.
ضحكت ميادة ومن ثم ردت في سخرية وقالت :
ملكيش دعوة بسولي يابت فاهمة ولا لا ؟
هاهاها أشبعي بيها ...
المهم هتعملي عيد ميلادك فين المرادي ؟
.. ولا هيكون في نفس مكان السنه اللي فاتت ؟
أندهشت ميادة وقالت :
أه عشان كده بتتصلي بيه .. أصيلة أصيلة يعني.
أستني كده .. هو إنهاردة كام في الشهر؟
نظرت إلى هاتفها وصرخت فرحاً ون ثم عادت تكلمها :
دا صحيح .. أقفلي أقفلي وأنت بت رغاية كده.
قالت روان ضاحكة :
عدي االجمايل بقا .. المهم فكري وأبقي قوليلي ... سلام بقى.
أغلقت المكالمة ولسان حالها يقول " ياه عيد ميلادي قرب وهخلي بابا يجبلي المرادي عربية " ..
وسرعان ما قامت وخرجت من غرفتها منادية بسرورٍ وفرح :
يا أهل الدار أنتم فين ؟
لتجد والديها جالسين في الصالة، فجرت نحوهم وجلست بينهم وقالت :
يلا بقا فاجأوني !
نظر حسين وإبتسام لميادة وقالوا في آن واحد ساخرين :
ربنا يشفيكي ...

مياده بنفاذ صبر :
نفسي في مره تفتكروا لوحدكم..
عموما انا هقولكم مالي ..
عيدي ميلادى الأسبوع الجاى ..
وأخذت تقوم بأصوات وحركات هستيرية من الفرحة ..
قال حسين ضاحكاً :
هتفضلي ع طول مجنونه كدا !
عموماً .. كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبتى.
ومن ثم قالت ابتسام وهي تقبلها :
كل سنه وأنتِ طيبة يا قلبي.
وأنتم طيبين .. هاه فين الهدية بقى ؟

رد حسين وقال :
يوم عيد ميلادك هتخديها.
Yes .. yes

ووسط هذه الأجواء، فتح إياد باب الشقة عائداً من الشركة.
السلام عليكم

رد الجميع :
وعليكم السلام
قالت ابتسام :
أما أقوم أحضر الأكل بقا ..
وأنت يا إياد غير هدومك بسرعة وأطلع عشان نتغدي.

وبالفعل دخل إياد إلى غرفته وبدل ملابسه وجلس يستريح حتى نادوه على الغداء، وخرج لهم وجلسوا يأكلون جميعاً، حتى قطع الصمت صوت حسين وهو يقول :
أيه يا إياد .. مش ناوى تفرحنا بقا ولا أيه ؟
أفرحك أزاي.. مش فاهم ؟
لأ أنت فاهم قصدي كويس.

ترك إياد ملعقته ونظر إلى أباه وقال :
بص يا بابا عشان أريحك وتريحني ...
أنا مبفكرش ف موضوع الجواز دا دلوقتى علي الأقل ..
ومش ناوى أتجوز دلوقتى خالص، فياريت تحترم قراري.

قال حسين :
أومال هتتجوز أمتى يعنى ؟
لما تدخل علي الأربعين مثلاً !

تنهد إياد ورد قائلاً :
لما ربنا يإذن وألاقي بنت الحلال هبقي أقولك أني عاوز أتجوز.
طب واللي لقالك بنت الحلال .. هتسمع كلامي ونروح نخطبها ؟

قالها باسماً، فرد إياد قابضاً حاجبيه في شرود :
ومين دي بقى ؟
سيلين بنت عمتك.
ترك الطعام بقوة، وقال إياد بصوت عال :
أيه مين ؟
نظر له حسين باستغراب وقال له بحدة :
أيه مش عجباك سيلين ولا أيه ؟
.. بنت مافيش منها أدب وأخلاق.
وغير كدا مُتعلمة ومتربية كويس .. وبنت عمك ومننا.
رد إياد :
لا طبعاً يستحيل يا بابا إني أتجوز سيلين ..
دي بالذات لأ وألف لأ ..
حسين بغضب :
ليه بقا عاوز أفهم .. مالها سيلين ؟
ملهاش بس أنا لا هتجوز سيلين ولا غيرها دلوقتي
أنا رافض أصلا فكرة الأرتباط .. وعن أذنكم انا هقوم لأني خارج.
رد حسين بنفاذ صبر وقال :
ماشي يا إياد ماشي . أما نشوف أخرتها معاك ..
وسرعان ما دخل إياد غرفته وثمة دقائق وخرج منها، وخرج من البيت بعد أن هبد باب الشقة بقوة.

وابتسام بلطف قالت :
يا حبيبي متزعلش من إياد أنت عارفه وحفظه ..
بكره هيجي بنفسه ويقولك أنه عاوز يتجوز …

رد حسين وقال :
أمتى يا ابتسام أمتى بكره ده يجي عاوز أفرح بيه.
ردت ابتسام في هدوء :
ومين سمعك، وأنا كمان والله ولساني تعب من كتر الكلام معاه في الموضوع ده ..
ربنا يهديه ..
يارب
قطعت حديثهم ميادة وبصوت منخفض قالت :
بابا بعد أذنك ممكن أنزل أعمل شوبينج وأجهز لحفله عيد ميلادى ؟
حسين باسماً :
بس الوقت أتأخر يا ميادة ..
عارفة الساعه كام دلوقتي . دي 6 .
على بال ما تروحى وتيجي يكون الوقت أتاخر أكتر ..
خليها بكره يا حبيبتي.
حاولت ميادة أستعطاف قلبه برقتها ولطفها :
بليز يا بابا وافق بليز ..
أنا مش هتأخر، وكمان أتفقت مع روان صاحبتي أننا هننزل إنهاردة ...
وصدقني مش هتأخر ... وحياتي وحياتي.
تنهد باسماً وقال حسين :
خلاص لأني مش هخلص من صداعك ده ..
أخرجي بس متتأخريش سامعة !
الساعه ٨ ونص تكوني في البيت.
شرعت ميادة تصفق في سرور وردت:
مش هتأخر يا أحلى بابا .. أنا هروح ألبس.
وبالفعل سرعان ما أتجهت نحو غرفتها قافزة في ملابسها، وأتصلت بروان ونزلوا سوياً يشتروا أغراض عيد الميلاد، بعد أن ذهبوا إلى كافة المحلات داخل أحد المولات، لم تشعر ميادة بالوقت .. لكنها تذكرت كلمة أبيها ونظرت إلى الساعة فوجدتها السابعة والنصف.
أرادت أن تستكمل تسوقها لكن روان أنسحبت من هذه المهمة بعد أن إتصل بيها أخيها وجاء لها بالخارج كي يوصلها معه، وقيت ميادة وحدها .. تشاور عقلها بأن تعود إلى البيت أم تستكمل رحلتها في البحث عن أغراض عيد ميلادها .. أم تذهب إلى سيلين ..
قررت أن تسير مع نفسها بعض الشئ واضعة سماعات الهاتف في أذنها، مندمجة مع الموسيقى الأقرب إلى قلبها، وخرجت من المول وباتت تلف في الشوارع دون أن تشعر بما يحدث حولها ..
وأثناء عبورها أحدى الشوارع الفارغة، كانت أحدى السيارات قادمة من بعيد بسرعة جنونية لم تلاحظ قدومه من البداية ..
وشرعت السيارة تقترب وتقرب على وشك أن تصدمها ..
ميادة لا تسمع صوت زمامير العربة من شدة علو الموسيقى في أذنها ..
وقبل أن يصطدم بها السائق .. تمالك من سيارته وقدر على أن يتفاداها ويوقف السيارة أماها مباشرةً
فزعت ميادة من السيارة وأخرجت صرخة قوية وهي تضع يدها على وجهها ..

وشرعت يادة تصرخ في وجهه بعينان مفزوعتان، قائلة:
أنت حيوان.. عاوز تموتني يا متخلف.

نزل السائق في غضب ورد عليها:
بتشتمي مين يا غبية أنتِ ؟
ردت بغضب وفوران :
بشتمك أنت لأنك متخلف وعديم المسؤلية ..
لما أنتم مبتعرفوش تتهببوا تسوقوا بتركبوا عربيات ليه ؟

نزع محمد السماعات من أذنيها ورد بإنفعال وقال :
لا بنعرف نسوق .. بس الأشكال اللي زيك بتمشي مسطولة وتسمع أغاني في وسط الشارع وعماله تتمطوح يمين وشمال ولا أكنها سكرانه تبقا تستاهل الموت والحرق كمان..
موت لما ياخدك يا بعيد إيه البلاوي دي ياربي اللي بتتحدف علينا.
أتلمي لأخلي يومك أزرق ..
قالها وهو يكظم غيظه، وردت باستهزاء وقالت :
لا أنت ولا عشرة زيك يا بتاع أنت.
زفر الشخص هذا ومن ثم قال :
صبرني يارب علي المصيبة دي ..
أمشي يا شاطره وأقصري الشر أحسن ..
ردت ميادة بنفاذ صبر :
مصيبة لما تاخدك.
وغربت من أمام وجهه، وبقي محمد واقفاً مندهشاً من ميادة ولسان حاله يقول : " ها هي مصيبة من المصائب التي نسمع عنها "...
أما عن ميادة فطوال الطريق تثرثر غاضبة مع نفسها وتسُب هذا الشاب بأبشع الألفاظ.
وعادت إلى بيتها ...
**********
في شقه سليم ..
على سفرة الطعام، حيث يجلسوا جميعاً يتناولون العشاء سوياً، وبادر سليم بالحديث قائلاً :
عاوز أتكلم في موضوع يخصك يا سولي.
ردت سيلين باستغراب :
يخصنى أنا !
.. موضوع أيه يا بابا ؟
ومن ثم قررت أحلام السؤال :
موضوع أيه يا سليم خير؟
قال سليم وهو يأكل دون أن ينظر إليهم :
سيلين جالها عريس ومحترم جداً، ومُتعلم ومبسوط وحالته المادية كويسة ..
ها قولتي أيه ؟
أخليه يجيب أهله ويكون في بينا قاعدة تعارف ؟
ردت سيلين بصوت يملأه الحزن :
وهو حد قال لحضرتك يا بابا أنى عاوزة أتجوز دلوقتى ؟
أنا مبفكرش في الجواز .. أهم حاجة دلوقتي تعليمي وبس.
تداخلت معهم أحلام في الحوار قائلة :
أومال هتفكرى فيه أمتى ؟
لحد أما تبقي قاعدة جنبنا معنسه ..
أنا نفسي أعرف ليه رافضة كل اللي بيتقدمولك.

زفرت سيلين وقالت :
عشان ربنا مأذنش أنى أكون من نصيب حد منهم ..
وعن أذنكم أنا داخلة أوضتى.

استوقفتها أحلام :
أستني يا سولي كملى أكلك
لا أنا أكلت خلاص يا ماما عن أذنكم ..
وقامت ودخلت غرفتها ..
**********
ملهى ليلي ..
وسط كل هذه الأجواء الصاخبة، يجلس " مروان ووليد " – الشابان الذان تشاجرا مع إياد في الجامعة - وقال مروان ساخراً :
بقى أنا حتة ولد زي دا يعلم عليا.
رد وليد :
ما أنت اللي مش قده يا مارو.
استفزت مروان كلمة وليد، ورد عليه بلهجه صارمة :
مين قالك أنى مش قده ..
أنا قده ونص كمان ..
بس محتاج أنى أمخمخ له بس.
دخل عليهم " أحمد " في حالة سكر، وقاطع حديثهم :
سيبكوا من الموضوع النكد ده وبصوا البنت اللي هناك دى ..
نظر لها مروان وجنت جنونه، وقال :
دي حلوة أوى.
سيبولى أنا الطالعة دى.
قالها وليد ومن ثم أتجه نحو هذه الفتاة وشرع يغازلها :
أيه يا عسل .. رايح فين ؟
وبابتسامة على شفتيها الرقيقتان قالت :
مش رايحة في حته ..
بس على حسب ياا .. إلا أنت اسمك أيه ؟
وليد .. وأنتي؟
ردت بدلال :
اسمي دارين .. وبينادوني دودى.
ابتسم ومن ثم قال :
أشطا يا دودي .. وحيث كدا قوليلي يا ليدو.
قالت ضاحكة :
ماشي يا ليدو.
اقترب منها وليد وهمس في أذنها، وهو يخرج مفاتيح من جيبه، فاتسعت ابتسامتها في جهها وقالت :
أنت تؤمر يا ليدو.
ضحك وليد ومن ثم أشار إلى أصدقائه بالرحيل، غطت ملامحهم الدهشة، ومن ثم ودعوه في شرود، وخرج معها وليد.
***********
وصل إياد بسيارته أسفل منزل هايدي، وجلس للحظات يفكر في الصعود من عدمه، ومن ثم أخرج مفتاح هايدي من جيبه ونزل من السيارة صاعداً إليها ..
كانت هايدي تطل من نافذتها فرأت إياد، فسرعان ما جرت على الباب وفتحته منتظره صعوده، وما إن رأته أمامه على اعتاب الباب تشبثت في عنقه وأحتضنته قائلة :
وحشتني ..
وأنتي كمان يا روحي ..
دخل وأغلقت باب الشقة ليتفاجئ إياد بأجواء رومانسية ، شموع في كل مكان .. ورد .. طعام .. مشروبات .. الصالة تتزين، فينظر لها ويقول :
شكلها ليلة زي الفل.
وبدأو سهرتهم معاً ..
**********
تجلس سيلين في البالكون، تستنشق هواء الليل النقي الذي يطيب القلب، مر الكثير الكثير وهي على ها الحال، حتى رأت سيارة إياد تأتي من بعيد ومن ثم تقف أمام المنزل وينزل منها ..
بدأت نضبات قلبها تتسارع، وسرعان ما تجمعت الدموع في عينها لكنها أبت سقوطها، فكرت في أن تدخل إلى غرفتها، لكن قلبها لم يرد أن يطاوعها ويدخل وأراد أن يراه من بعيد كي يطمأن عليه ..
ظل إياد يترنح يميناً ويساراً في حالة سكر شديد، لا يستطيع صعودد سُلمتين باب العمارة، وكلما يصعد على الأولى يرجع مرة أخرى وينزل من عليها، مرة فالثانية فالثالثة على هذا الحال .. حتى سقط في الرابعة على الأرض، ولم يقوم .. وظل جالساً مما أثار دهشة سيلين..
ظلت تفكر في أن تنزل له وتساعده أم لا وتشاور عقلها المانع لهذه الفكرة، لكن قلبها لا غالب عليه، وقدر على إقناع سيلين وجذبها، وسرعان ما نزلت له وجست على ركبتيها أمامة، وباستغراب قالت :
إياد مالك ليه بتتطوح كدا ومش قادر تصلب طولك ؟
أنتي مين ؟
قالها وهو يضيق عيناه ويقترب منها كي يتعرف عليها، قبضت سيلين حاجبيه وفي تعجب قالت :
أنا مين أيه ؟
أنا سيلين يا إياد ..
بدأت تشم رائحة فمه الكريهة، وباشمئزاز والدموع في عينها :
أنت سكران ؟
معقولة أنت كدا ؟
أه أه عرفتك خلاص، ووسعي بقا كدا من سكتي ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي