الفصل الثالث

لم يفكر إياد لحظة، وسرعان ما رد قائلاً :
بالظبط قولتي نكتة .. ونكته بايخة جداً ..
قال بتحبيني قال !
أنتِ عارفة أنتِ عندك كام سنة ؟
أنتِ لسة في أولى ثانوي .. حب أيه ؟
دا مش حب ياماما ..
هو أه اسمه حب .. بس حب الطفولة .. حب المراهقة .. مش أكتر ولا أقل ..
فاهمة !
وفي تحشرج ردت سيلين، وقالت :
لا مش حب مراهقين .. وأنا مش صغيرة، وفاهمة بقول أيه كويس.

تبدل إياد مائة وثمانون درجة، ورد في حزمٍ شديدٍ وتوعد قائلاً :
لا حب مراهقة، ومش عاوز اسمع منك الكلام دا تانى فاهمة ولا لأ ؟!
وتابع ساخراً :
أوعى تكونى مفكرة أنى بعاملك كويس عشان دماغك تروح لبعيد .. أنتِ زي ميادة اختي مش أكتر.
وأنا عمري ما هفكر فيكي فغير كدا ، ولا هفكر أنى أحبك .. تمام.
ويلا عشان نمشي .. أنا مش فاضي للعب العيال ده !

قالها وهو يقف مكانه حاملاً مفاتيحه وهاتفه من على الطاولة، وتحرك متجهاً نحو سيارته، دون أن يلتفت لها حيث جالسه في صمتٍ زريع ميتة في جلدها، لحظات على هذا الحال ومن ثم قامت بعده ولحقت به دون أن تعلم كيف فعلت هذا، وعادوا إلى منازلهم.

وما إن دخلت سيلين غرفتها، إنفجر بركانها الخامل طوال الطريق، وشرعت في نشيج تكسر في كل شئ وأي شئ أمامها ..
حتى استندت على حافة مرايتها في حالة يُرثى لها ، وتقول :
ليه ؟ حرام كده
ليه يا ربي أنا بحبه أوى مبيحبنيش ليه ؟
وسرعان ما حملت زهريتهاالصغيرة ورمتها على المرآة لتخرج صوت قوي مع انكسارها وتتهشم، ومن ثم نزلت بقوة على الأرض جاسية على ركبتيها، باكية بشدة ..

فزعت أحلام فور سماعها صوت الكسر قادماً من غرفة سيلين، وسرعان ما أتجهت نحو غرفتها ، وشرعت تطرق على باب غرفتها منادية عليها :
سيلين .. أنتِ كويسة ؟
وضعت أذنها على الباب فسمعت بكاء سيلين، فتابعت :

سيلين يا حببتى فى أيه مالك ؟
أفتحي الباب يا قلب ماما

ردت في صراخ من خلف الباب وقالت :

سيبوني لوحدي .. محدش ليه دعوة بيا .. أبعدوا عني

قالت أحلام في خوف وارتباك :
طب أفتحى الباب يا حبيبتى.
أفتحى وفهميني فيه أيه ؟

ردت سيلين بغضب شديد :
سيبونى بقا حرام عليكم .. محدش ليه دعوة بيا ..
محدش بيحبنى كلكم بتشفقوا عليا وبس ..

وأخذت تبكى بحُرقة إلى أن فقدت الوعى، وفي الناحية الأخرى تقف أحلام أمام الباب ولاحظت السكوت الفاجئ، مما جعل القل ينتابها، وعادت تطرق على الباب وهي تنادي عليها :

سيلين .. سيلين أفتحي.
سيلين مش بتردي ليه عليا ؟
ردي عليا ياحبيبتي .. أنا ماما ..حبيبتك.
سيلين حبيبتي أفتحي بقى متخضينيش عليكي.

بدأت تضرب على الباب بشكل هستيري، منادية عليها في هلع، وشرعت تستنجد بمن في المنزل منادية :
ألحوقني ياعالم بنتي بتروح مني .. ألحقيني يافريدة .. تعالي شوفي سيلين.

تملكها الخوف والقلق وسرعان ما جرت مهرولة على الهاتف متصلة " بسليم " ولسان حالها يقول في توتر :

رد بقى يا سليم .. البت بتضيع مني

كان " سليم " في مقر عمله بالشركة، يحضر اجتماع هام وطارئ، وأحلام ترن عليه مراراً وتكراراً دون أن تفصل، نظر إلى شاشة هاتفه بعد إلحاها واستأذن من الحضور أن يرد على الهاتف ويعود مرة أخرى، سرعان ما خرج من الغرفة، ورد عليها وبصوت يجتهد ألا يكون عالياً قال :

أحلام عاوزة أيه ؟
أنا في اجتماع مهم دلوقتى أول ما هخلص هكلمك وياريت متزنيش تاني.

ردت أحلام بنحيب وقالت :
ألحقني يا سليم .. سيلين معرفش مالها مبتردش عليا وقافلة على نفسها
تعالى بسرعة ..
في أيه مالها ؟ وأيه اللي حصل ؟
معرفش معرفش .. من ساعت مارجعت وقعدت تكسر حاجات وتصرخ واصلوت وقف مرة واحدة
أنا خايفة تكون عملت في نفسها حاجة.

سليم محاولا تهدئتها، قائلاً :
طيب طيب أهدي أنا جاى حالاً ..

وسرعان ما أغلق المكالمة واستأذن من الاجتماع، وشرع مهرولاً يغادرالمكان، لكنه اصطدم بـ " حسين " شريكه في الشركة حال إيقافه، قائلاً :
خير ياسليم في أيه ؟
معرفش أحلام بتقولي سيلين فيها حاجة !
.. شوف الشغل أنت عشان احتمال مرجعش ومعرفش في أيه ؟
هبقى أكلمك ..
قالها وهو يأخذ أنفاسه بسرعة وتركه، فناداه حسين :
أستنى أنا جاي معاك ..

وسرعان ما ألحق به حسين وركبوا معاً وقاد سليم السيارة بسرعة جنونية كادت أن تصدمه عدة مرات، ويحاول حسين تهدأته طوال الطريق، حتى وصلوا،وسرعان ما نزلوا من السيارة داخلين إلى المنزل لتقابلهم أحلام بحالة هستيرية وسط صرخات وبكاء شديد، وهي تقول :

صاحت ببكاء:-
ألحق ياسليم البت ما بتنطقش ولا في أي صوت ومش عارفة أكسر الباب
سرعانما أتجهوا نحو اغرفتها مهرولين ، ولم ينتظر حسين حتى ضرب الباب بكتفه وكسره، ليجدوا سيلين ملقاه على الأرض تنزف من يديها دماءاً غامقة، وسرعان ما اتجهوا نحوها وحاولت أحلام أن تفيقها بهزها والضرب على وجنتيها، واتجه سليم جالباً مياة وبدأ يمسح بها ووجهها منادياً عليها ..
سيلين فوقي أنا بابا .. سيلين.
فنطق حسين بشدة وحزم وقال :
أحنا لازم ناخدها على المستشفى ..
فسرعان ما حملها سليم وجري بها على السيارة، التي سبقه حسين عليها جلس على كرسي القيادة وما إن ركبوا أنطلق بهم بسرعة البرق إتجاه المستشفى.

وصلوا المستشفى وأخذوها منهم الدكاترة والممرضين في الاستقبال، وقاموا باسعافها والاجراءات اللازمة وهم في الخارجة منهارين وفي حالة يرثى لها، لم يشعر أحد بمرور الوقت حتى خرج الطبيب من الداخل، فأتجه نحوه سليم ومن خلفه حسين وأحلام ..

قال سليم في توتر :
خير يا دكتور ؟

رد الدكتور بعد أن تنهد :
بنتك عنددها إنهيار عصبي ومحتاجة راحة.
ضربت أحلام على صدرها، فتابع سليم باستغراب قائلاً :
إنهيار عصبي !
طب دا من أيه ؟

رد الدكتور:
دا بيبقى نتيجة لتعرضها لصدمة وأو موقف مُحزن ..
ياريت تشوفوا أيه الموضوع وتعدوه .. البنت صغيره على الحجات دي.
وياريت محدش يعمل حاجة هي مش حباها لأنها مش هتستحمل.
قال حسين :
شكرا يا دكتور .. طب نقدر ندخل نطمن عليها ؟
أه طبعا وهي شويه وهتفوق.
شكروا الطبيب ومن ثم دخلوا إلى غرفتها كي يطمئنوا عليها ..

**********
منزل إياد ..
عاد إياد إلى المنزل وبدل ملابسه مرتدياً ملابس البيت، ومن ثم جلس مع نفسه وانتابه شعور بأنه قد أخطأ في حق سيلين، وأه قد قسى عليها ولسان حاله يقول :

أنا ليه متدايق كدا ؟
وبعدين هى اللي جتلى وقالتلى بحبك ..وأنا أصلا مبحبهاش
دي عيلة !!
تنهد بقوة ومن ثم تابع مع ثرثراته الباطنية وقال :
بس دا ميدكش حق أنك تعاملها المعاملة دى ؟
وأنا عاملتها أزاى يعنى ؟
أنا بس رديت عليها .. قال بتحبنى قال !

وبعد صراع بينه وبين نفسه هرب خالداً في نومٍ عميق.

**********

المستشفي ..
ما إن دخلو لغرفه سيلين، جرت عليها أحلام ضامها إلى صدرها مقلبة إياها وفي نحيبٍ :
سيلين يا قلبي سلامتك يا حببتى فيكى أيه بس ؟
أهدى يا أحلام مينفعش اللي بتعمليه دا ؟
البنت لسه مفاقتش ..
قالها حسين في هدوء، ومن ثم قال له سليم :
تسلم ياحسين والله معلش لو تعبناك معانا..
تقدر تروح ..

رد حسين بحزم :
أروح أزاى يعنى ؟
أنا لازم أتطمن على سيلين.
روح أنت بس وأحنا هنبقا نطمنك.

قالها سليم بوجه جامد، ومن ثم قالت أحلام وهى تجفف دموعها :
روح أنت يا حسين ولما سيلين تفوق هنطمنك عليها.

استغرب حسين من ردة فعلهما، وتنهد قائلاً :
ماشي يلا عاوزين حاجه ؟

رد سليم وأحلام بأن واحد :
عاوزين سلامتك
وتركهم حسين في حيرة، وغادر المستشفى عائداً إلى بيته، وما إن دخل بيته، جرت عليه ابتسام قائلة :
حمد الله علي السلامة يا حبيبي أتاخرت ليه كدا ؟

حسين في هدوء :
كنت فى المستشفي.
ابتسام بلهفة :
أيه ؟ مستشفي ليه كفالله الشر ؟؟
سيلين بنت سليم هي اللي في المستشفي فجريت معاهم بيها.
أيه ! ليه بعد الشر عنها ؟

تنهد وبنبرة حزينة قال :
معرفش سليم قابلته ف الشركه وقالى إنه مروح لأنها قافله على نفسها الأوضة ومبتردش
روحنا كسرنا الباب لقناها واقعة على الأرض ومغمي عليها ..
ردت ابتسام في استياء شديد، وقالت :
جلا حول ولا قوة إلا بالله ..
أخص عليك يا حسين ومتقوليش ولا أحلام تكلمني ؟
طب تنادي عليه دا الشقه فوق الشقه أنا محستش بحاجة والله.
اللي حصل بقى ..
وسولي عاملة أيه دلوقتي ؟
تنهد قائلاً :
انا لسه جاى من عندها .. شوية كدا ونروح تانى نطمن عليها.
فتحت " ميادة " باب الشقة ودخلت عليهم :
سلام عليكم.
ردت ابتسام :
وعليكم السلام يا ميادة ..
أدخلي غيري هدومك بسرعة عشان لسيلين بنت عمك في المستشفى.

أتسعت عينان ميادة في خوفٍ وقلق، قائلة :
ياساتر يارب ليه كدا ؟ مالها سيلين ؟
مش عارفين يا بنتى ربنا يستر ..
وأحنا شويه كدا وهنروحلها ..
ردت ميادة في تنهد وقالت :
ثواني وهكون جاهزة.
بخطوات سريعة أتجهت ميادة نحو غرفتها وقبل أن تدخلها، نظرت إلى غرفة أخيها وأتجهت نحوها وطرقت على بابه برفق لكنه لم يرد، ومن ثم فتحت الباب وطلت عليه وجدته خالداً في نومٍ عميق، اقتربت منه وبدأت تيقظه منادية عليه في هدوء :
إياد .. إياد قوم يلا.
استيقظ إياد في فزع، فرجعت خطوات إلى الخلف، ونظر لها بعينان مفزوعتان قائلاً :
أيه في أيه ؟
وبتردد قالت :
سيلين في المستشفي فقولت أبلغك.
رد إياد ببرود أعصاب، وقال :
طب وأعمل أيه أنا ؟
قالت في شرود :
متعملهاش حاجه يا أخويا أنا قولت أشوفك ل هتيجي معانا ..
أحنا رايحينلها ..
وأنا أزورها ليه مالى أنا بيها !

قالها ليزيد من استغراب ميادة وترد بحده :
الله !
مش بنت عمتك أنت كمان ؟
أنت معندكش إحساس ؟!
قال إياد بإنفعال :
أنتي جاية هنا ومصحيانى من أحلى نومة عشان تقوليلي الكلمتين دول ؟
غورى من هنا ..

ردت ميادة في ضيق، وقالت :
تصدق أنى فعلاً غلطانة ..
أنا جايه لواحد معندوش دم ولا إحساس أصلاً ..
أطلعي برا ..
قالها بصوتٍ عالي، نظرت له بغضب ومن ثم خرجت بثرثراتها من الغرفة ..
وعاد إياد إلى نومه بلا مبالاه ..

**********

فى المستشفي ..

تنام سيلين على سرير المستشفى، شعرها يتدلل بانسيابية على المخدة، وبجانبها تجلس " أحلام " و "سليم " على طرف السرير غارقين في شرودهم ..
بدأت سيلين تحرك أطراف أصابع يمناها فلاحظ كلٌ منهما وانتبهوا إليها، ومن ثم بدأت جفونها ترتجف ومن ثم تفتحها ببطئ شديد، فتقترب منها أحلام أكثر، قائلة :
يا حببتى أنتِ فوقتى ..
أمسك سليم يدها ومن ثم قال :
سيلين يا حببتى أنتي كويسة ؟
ملأت جفون سيلين بالدموع وشرعت تبكي بحُرقة، نظرت أحلام إلى سليم في شرود، ومن ثم قالت بصوتٍ حزين :
مالك يا سيلين في أيه ؟!
قاطع سليم حديثها قائلاً :
خلاص يا أحلام سيبيها دلوقتي، مش وقته الكلام دا.
*********
منزل حسين ..
غرفة إياد، شرع يستيقظ ويفتح عيناه متثائباَ بقوة، وقام من على سريره في شرد، ومن ثم أرتدى ملابس أخرى وخرج من غرفته، ليجد أباه جالساً في الصالة، فيحدثه قائلاً :
أيه دا بابا ! .. حضرتك جيت بدري.
رد حسين بإنفعال :
أه جيت من بدرى وحضرتك نايم.
زفر إياد ورد في جمود :
يعنى حضرتك عاوزنى أعمل أيه ؟!
لا يا أخويا متعملش حاجه ؟
خليك مع صحابك الفاشلين اللي زيك يمكن ينفعوك ..
يوووه يا بابا ..
دخلت عليهم ابتسام على كلمته، فردت عليه بحدة وقالت :
أتكلم مع بابا كويس.
رد إياد، وقائلاً :
أسف .. وأنا هنزل بقى.
قال حسين بإنفعال :
هتسهر مع صحابك بردوا ؟
أيوة يا بابا .. في حاجة ؟

رد حسين بشدة وحزم :
مفيش خروج معاهم.
نعم !
اللى سمعته ..
وحضرتك هتيجي معانا دلوقتى المستشفي عشان تزور بنت عمك.

انفعل إياد قائلاً :
وأنا مالي ؟
وأروح معاكم ليه أنا ؟
قالت ابتسام :
دى بنت عمتك يا إياد، وهى تعبانه ..
دا زيارة المريض صدقة ..
وهو أنا قلتلها أتعبي ؟

قطع حسين حديثهم وبشدة قال :
خلاص مفيش نقاش ..
مفيش خروج مع صحابك، وهتيجي معانا.

رد إياد قاضباً حاجبيه :
اللى تشوفه حضرتك.

عم الصمت البيت، وأعدوا أغراضهم جميعاً في هدوء، وتحركوا متجهين إلى المستشفى في أجواء مشحونة دون أن ينطق أحدهم بكلمة.
بجوار المستشفى، وقف حسين سيارته عند منفذ بيع زهور وورد، وفي هدوءٍ قال :
أنزل يا أدم هات ورد من المحل دا ..
رد إياد في تحامل على نفسه ، وقائلاً :
وأحنا هنجيب ورد ليه إن شاء الله ؟
قال حسين بنزق :
متكلمش كتير ..
اللي قولتلك عليه تنفذه من غير نقاش ..
فاهم !
حاضر يابابا حاضر ..
ونزل بشكل همجي من السيارة، وأشترى رداً بينفسيجي اللون، وركب مرة أخرى وتحركت السيارة إلى المستشفى ..
صعدوا إلى غرفتها، ومن ثم طرق حسين بابها ودخلوا واحداً تلو الأخر..
حسين :
السلام عليكم ..
رد سليم وأحلام في آن واحد :
وعليكم السلام .. تعالوا أتفضلوا.
قالت إبتسام في حنين :
ألف سلامة عليكي يا سيلين .. سلامتك يا حبيبتي.

ردت سيلين بصوت مُتعب :
الله يسلمك.
أتجهت ميادة والابتسامة على شفتيها نحو سيلين وجلست بجانبها، وقبلت رأسها، قائلة :
سولى سلامتك يا حببتى مالك بس ..
الله يسلمك .. مفيش أنا كويسة.
قالتها بصوت منخفض، ومن ثم همس حسين في أذن إياد، قائلاً له :
مش هتقول لبنت عمك ألف سلامة عليكي ؟
رد إياد ببرود أعصاب وقال لها :
سلامتك يا سيلين.
أدارت سيلين وجهها إلى الجانب الأخر وقالت بصوت مختنق :
الله يسلمك .. ممكن تسبونى لوحدي لأنى عاوزة أرتاح شوية ؟

قال سليم في هدوء :
ماشي يا حببتى .. يلا يا جماعة نقعد برا.

سرعان ما خرج إياد لقربه من الباب، ومن بعده البقية، وانفجرت سيلين في البكاء ..
جلست النساء على المقاعد أمام الغرفة، ونادى سليم على إياد قائلاً :
سليم : إياد تعالى .. عاوزك فى كلمتين.
اقترب منه إياد وفي هدوء قال :
نعم يا عمى.
سيلين كانت معاك أمن أخر واحد .. أنت زعلتها في حاجة ؟
أبداً والله يا عمي.
قالها في دهشة، فتنهد سليم، ومن ثم قال :
أومال أيه بس اللي حصل ياربي ؟
طيب يا بنى اتفضل أنت روح أنت والجماعة.
**********
تجلس سيلين داخل غرفتها يغيم على فؤادها الذكريات الجميلة والمؤلمة أيضاً بعض الشئ، تتذكر مايا التي تركتها تواجه هذا العالم وحدها وسافرت ..
تتذكر أدم الذي سافر أيضاً في رحلة ليس لها ميعاد للعودة ..
تزداد خنقتها ويضيق صدرها كلما تذكرت ما حدث صباح اليوم، لا تجد مخرجاً لتخطي الأمر، لا تجد مهرباً للنسيان، لا تصطدم سوى بوحدتها ..
قامت بصعوبة من على سريرها تحاول أن تذن نفسها بنفسها كي تتوضئ وتتوسل إلى الله أن يجد لها مخرجاً من كل ضيقٍ وهم أصابها وتمر به ..
**********
صباح اليوم التالي ..
استيقظ إياد، ومثل كل يوم، يفتح عيناه بصعوبة.. يتثاءب.. يدخل الحمام كي يستحم .. يخرج معداً ملابسه الأنيقة التي دائماً ما تروق له - القمصان والبناطيل الجينز – وأرتدى ملابسه .. رش عطره المفضل، أصبح في أبهى صوره، وخرج من غرفته، ليجد عائلته تجلس على السفرة ويفطروان.
إياد :
صباح الخير ..
ردت ابتسام، قائلة :
صباح الفل ياحبيبي، يلا عشان تفطر.
لا لا أنا هفطر في الشغل ..
سيلين خرجت أمبارح من المستشفى.
قالها حسين وهو يأكل دونأن ينظر له، فتنهد ومن ثم أبتسم ابتسامة سخيفة وقال :
كويس .. أنا هسبق أنا بقى ع الشغل.
وقبل أن يخرج من باب شقته استوقفته ميادة طالبة من أن يأخذها معه في طريقها ويوصلها إلى الكلية ..
فوقف ينتظرها حتى تنتهي، ومن ثم خرجوا معاً ..

**********
أما عند سيلين ..
فقامت من نومها وأخذت حمام ساخن، وأرتدت ملابس الخروج، وتركت شعرها يتدلل على كتفيها، وأرتدت نظارتها وأتجهت نحو الجامعة بعد أن صبحت على أبيها وأمها ..
وصلت الجامعة في نفس وقت وصول إياد وميادة، لم تهتم بأمرهم ولمتلتفت إليهم وكأنهم لم يكونوا ...
وبينما كانت تمر بدأ شابين في مدايقاتها ومعاكساتها بأبشع الألفاظ الذي ينتهك مفاتنها ..
لم يكتفوا بمدايقتها، وأتجهوا نحوها وحالوا أن يقطعوا طريقها وألسنتهم اللهبة لا تهدأ ..
وبدأت في دفعهم بصوتٍ عال، قائلة :
- أبعدوا عني بقى ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي