2

الفصل  الثاني
الامبراطورة  الهاربة
ريلات  سليم .






بعد فترة من الزمن

" عذرا صاحبة السمو الملكي "
تحدثت إحدى الخادمات موجهة حديثها لايف لتجيبها إيف بنبرة هادئة " ماذا هناك "

لترد عليها بكل احترام و رأسها أرضا " أن سمو الملكة جانيت تطلب الأذن بالدخول " امعنت النظر علي الاوراق التي بين يديها و هي تفكر فيما تريده هذه الفتاة مرة أخرى ؟  فـ منذ ذلك اليوم بدأت تشعر بشعور غريب تجاهها ، شعور يقول لها أن خلف كل هذا قناع آخر لكنها تجاهلت حدسها و هي تعاتب نفسها  بداخلها و تبرر الاعذار بأنها مجرد فتاة عفوية لا تقصد اي شيء بما تقوله .

وضعت الأوراق على  الطاولة لتقول لها " اسمحي لها بالدخول  " .

توجهت الخادمة نحو الباب لتسمح لها بالدخول لتظهر جانيت بإبتسامة ودودة تحي بها إيف فتطلب منها إيف الجلوس على الاريكة التي تقابل مكتبها العملي لتبادر جانيت كالعادة بالتحدث " امل ان لا اكون قد ازعجتك في وسط انشغالك هذا " لترد إيف بطريقتها المعتادة " لا عليك لقد حان موعد استراحتي علي كل حال" . ابتسمت جانيت لتقول بنبرة هادئة " أردت أن أطلب منك أن تسمحي لي بإدارة جزء من أعمالك لكي اقلل عنك انشغالك و ارهاقك" .

لتجيبها إيف تلقائيا " لا ... ليس عليك فعل هذا فهو واجبي على كل حال ، و انا لا اشعر بالإرهاق من أدائه فقد أصبح روتيني المعتاد كوجبات الطعام "

لتستشعر بعض الانزعاج على وجه جانيت ثم تتغير ملامحها الي تعبير هاديء و تقول" بما أنني أصبحت الملكة ، فيجب علي أن أقوم بدوري و ان اتقاسم معك مهامك ، فلا يجب على الإمبراطورة أن تجهد نفسها بعد الآن "


تمعنت إيف وجه جانيت و هي تفكر بطلبها هو الشيء الوحيد الذي لن تستطيع إيف التفريط فيه .. اذ، أصبح ادمانها و حياتها و الان  تريد أن تقاسمها دورها كامبراطورة هل هي تقاسمت معها زوجها أو محبته أو عطفه و لطفه بما انها تملك كل هذا لما تريد أن تأخذ الشيء الوحيد الذي يملأ فراغها و يجعلها علي قيد الحياة الى الان ؟


  استجمعت إيف شتات نفسها لتقول " لا أعتقد أنك تستطيعين فعلها ، فليس بمجرد انك أصبحت ملكة تستطيعين القيام بالمهام الإمبراطورية فهنالك أشياء لم تتعلميها " .

يحمر وجه جانيت لتظهر ملامح الغضب الطفيف و الانزعاج على وجهها و تقول " هل بمجرد اني فتاة عامية و انت نبيلة فلا استطيع فعلها ؟ " .

تتنهد إيف بضيق فيكفيها الصداع الذي تملكه ، هي لا تريد المزيد و تقول بصوت بارد" كارمن ، لا تقارني بيني و بينك رغم أن المسافة التي بيني و بينك كالشمس و الأرض .. ها أنت تجلسين أمامي بسبب نبوءة ، كل ما في الأمر أني اقول انه ينقصك الكثير من التعاليم لتستطيعي أن تقومي بكل هذا " .

لتقف جانيت بحنق و الدموع تملأ عينيها مقاطعة حديث إيف لتقول " كيف أجروء على نسيان خلفيتي العامية و التفكير هكذا يبدو أنني اقوم بتسبب  المشاكل لك فقط " .

لتغادر مع سيل من دموع على وجهها ..

فتتنهد إيف لتفكيرها بأنها ربما قست عليها ، و ما كان عليها أن تصيبها بالحزن و تجعلها تبكي .



" ما الذي ابكى جانيت ما الذي حدث ؟ " صوت عميق قلق خرج من فمه عندما دلفت إليه و دموع تتساقط من عينيها لتجيب من وسط شهقاتها " لا شيء ليس هنالك شيء جلالتك " .

ليقترب منها فيمسك كفيها قائلا " ألم أقل لك لا تقولي لي جلالتك ؟  "


لتقول بصوت باكي " كيف اجرؤ فأنا مجرد فتاة من عامة الشعب "

تنهد بانزعاج و مسح عينيها ثم اردف " كنت كذلك لكنك الان ملكة هذه الإمبراطورية ، أخبريني الان من الذي جعل ملكتي تبكي ؟ "

ليزداد بكائها و تجيبه من وسط شهقاتها " ابكي معاتبة نفسي لاني فكرت بأنني بمجرد أن أصبحت الملكة يمكنني أن أساعدها و اخفف عنها الأعباء ، لكني كنت حمقاء فأنا نسيت اصولي بأني لست نبيلة و لا أملك التعليم الكافي لاقوم بأعمال كملكة "...

بمجرد ان سمعها  لترتسم ملامح الانزعاج على وجهه فيقول بنبرة حادة " من قال لك هذا ؟ هل هي الإمبراطورة من قالت هذا لك ؟  "

لتجيب بقلق و هي تدير وجهها" لا لم تقل ذلك ، هي فقط لم ترد مني أن افتعل اي مشاكل في العمل ... لذلك هي منعتني عنه ، بما اني لا  افقه شيء ، لقد أحسست بالعار عندما قالت إن المسافة بين و بينها كالشمس و الأرض و اني وصلت لهنا بسبب نبوءة ، انا لم أكن اريد كل هذا ..  ففي النهاية هي على حق في كل ما قالته لي ..  فكيف لفتاة عامية أن تصبح نبيلة ؟  فـ ماضي سيلحق بي دائما " ...

اكملت حديثها لتسقط على الكرسي  و هي تبكي ليجلس جانبها و يقوم بعناقها قائلا " توقفي عن التفكير هكذا .. ليس هنالك احد أنبل منك في نظري ، كل من يقول ذلك سيلقى عقابا قاسيا أعدك " ...





تجلس ايف مستندة علي الكرسي بين كومة الأوراق التي تحيطها لينتشلها صوت فتح الباب من عمقها و هي تفكر لحل مجموعة المشاكل التي طرحت عليها ..  توجه نظراتها البارده تجاه الباب لتتسع عينيها تقف قائلة " احي سمو الإمبراطور  .. "

يتجه نحوها بمحي غاضب، لتنظر إليه مفكرة ما باله ؟ و  هل طرأ أمرا ما ؟ ... فهو لا يأتي من غير سبب ما ،

لتتوتر عند اقترابه منها محاوط عنقها بيده ثم اردف قائلا " لقد حذرتك سابقا من التعرض لجانيت بأي شيء ، هل تحافظين على كبريائك باذيتها ؟ كيف لك أن تكوني قاسية معها ؟ "


لتجيب الاخرى بصعوبة من وسط أنفاسها من شدة ضغطه على عنقها " ماذا فعلت ؟ " لتزداد ملامح غضبه و يقوم بدفعها أرضا لتسقط متألمة ليقول بصوت عصبي " و فوق كل هذا تقولين لي ماذا فعلت ؟  لا تمثلي دور البريئة أمامي .... اليوم اريد ان ارى كيف سأسقط كبريائك أرضا " .


هي مجدداً لم تعطه اي تعبير ، فقط ملامح البرود مرتسمة على وجهها رغم اثار الاختناق  ، و ذلك ما يزيده انزعاج ، فوقفت و هي تلمس باناملها رقبتها من شدة المها لترمق القابع أمامها بنظراتها المعتادة من دون أن يرف لها جفن أو تردف بأي كلمة. ...

فقط كانت تفكر بأنه لا داعي للتبرير بما انه سيفهم ما يريد ان يفهمه فقط ، فتمعن الاخر النظر إليها ليتوجه إليها بخطى غاضبه عله يزرع فيها بعض الخوف لكنها لم تتزحزح ليرسخ في عقله انها خالية من أي مشاعر.
اقترب منها ليضع يده علي خدها متمعنا في تعابيرها
لتجول يده نازلة الي كتفها و على حين غفلة بينما هي حائرة من تصرفه قام هو بتمزيق مقدمة فستانها لتتساقط منه تلك الجواهر و هو يلاحظ اتساع عينيها و هي تحرك فمها قائلة بنبرة مهتزة " ماذا انت تفعل ؟ "

ليبتسم الاخر بشيء من الشرور " اريد تحقيق امنيتك "

نظرت اليه بحيرة ف اضاف " ماذا؟  الا تريدين ان اقترب منك ؟ "

اخذها من يدها و بدأ يسحبها خلفه تحت اعين الخدم بينما هي تحاول ان تستر صدرها و تنصاع خلف خطواته السريعة،  مع قبضة يده التي تعتصر معصمها،  علمت انه يريد ان يذلها امام اعين من في القصر ، ولكن لا مجال لها للتفكير ب شيء سوى تحرير نفسها من يديه الغاشمة .

اقتحم غرفتها و دفعها نحو السرير ..  لتتزعزع عينيها و تتشتت أفكارها و هي غير مستوعبة لما يحدث ، و كيف لها ان تُهان بهذا الشكل ،  فيردف الاخر قائلا " و لكن لا تعتقدي ان ابنك سيحصل على العرش فيما بعد ، انتي إمبراطورة بالاسم فقط و فقط أبناء جانيت من يستحقون ذلك " .

لم تنبت ببنت شفه أو تحرك ساكنا ليقوم بفعلته الشنيعة عليها و يتركها ملقاة على ذلك السرير الذي كان خال من وجوده لايام و ليالي عديدة طويلة .


جالت نظراتها في أنحاء الغرفة ،  تبعد خصلات شعرها الذي جعله منثوراً ، و هي تفكر في الاعتداء الجسدي الذي حدث لها ، و لما لم تقم بدفعه عنها ؟  و ما سبب التناقض الذي في داخلها بين سكوتها و غضبها في الوقت ذاته ، لينزلق ذلك السائل المالح من عينيها و يستقر علي خدها متلألأ بسبب أشعة الشمس ...


(اريد ان اعاتب نفسي علي ما فعل بي كان بإمكاني حماية نفسي و دفعه لكني لم أفعل ذلك لأنه زوجي أو لأنني ضعيفة أو حقا لأنني اريد ان يعيرني بعض الاهتمام خيل لي لبعض لحظات لو أصبحت اما لابنه قد تصبح علاقتنا طبيعية نوعا ما و لكن ليس بهذه الطريقة ، يجب الا افكر بان اعيش حياة جيدة مع شخص يكن لي الكره ...  لكن كل هذا قد فات و انتهى الامر ، فلما اعاتب نفسي الان ؟ . )


بعد فترة من الزمن .. 
استقرت عيناها على المرآة و هي تنظر إلى نفسها بينما تقوم الخادمات بمدح جمالها و هن يضعن آخر لمسات الزينة ، رغم ذلك الجمال الاثر الذي تمتلكه لكنها يوما لم تعر لجمالها بال فمحيطها الدائم تعليمها ، و حقيقة يعرفها الكل هي لا تريد اي لمسات من الزينة ليظهر جمالها فعند النظر إليها ستجد أن كلما فيها يبدو أجمل عندما ترتديه هي .

تبتسم الخادمه بسعاده و هي تنظر لوجه سيدتها فتقول " ستكونين أجمل من في الحفل ، كالعادة تماماً سموك "

لتبتسم لها إيف بوهن فتردف الخادمة بقلق عندما ملاحظتها شحوب لونها " انت لا تبدين بخير سموك "

فترد عليها إيف " لا عليك ، انه مجرد إرهاق بسبب تراتيب ميلاد سموه " .

لتقول الخادمة بتردد " إذا خذي قسطا من الراحة الان ، و ذلك حتى يحين موعد الحفل . لا بأس إذا تأخرتي قليلا ".
اتكأت ايف على الكرسي بوهن بسبب الدوار الذي يصيبها و ذلك الصداع الذي يتربع على مقدمة رأسها منذ الصباح لتأخذ شهيقا عميقا و تخرج زفيرا لعل وضعها يتحسن .



( أعلن دخولي لقاعة العرش الملكي بعد نصف ساعة من دخول الإمبراطور و ملكته لترتسم على وجه الجميع معالم التسائل عن سبب تأخري توجهت ناحيته لأهنئه بعيد ميلاده الواحد و العشرين فقط و اخرج لأخذ قسطا من الراحة لاعتقد أنني استطيع الصمود أكثر توقفت أمامه قائلة " أهنئ سمو شمس إمبراطورية شوبيا بعيد ميلاده و اتمني له حياة طويلة سعيدة "

أردت الالتفات بعد أن قدمت له الهدية التي اعتقدت انه طالما حلم بها و هي العقد التجاري للمعادن الخام بيننا و المملكة المجاورة ، رغم أنه كان صعبا الحصول عليه إلا أنني قد أنجزته بعد عدة تحاورات كانت اقلبها فاشلة ،

استلم ذلك العقد لأجد كثير من المدح و التسائلات عن كيف حصلت عليه من النبلاء بينما لم يردف سموه بشيء و لم اسمع منه كلمة شكر حتى ، عندها سمعت ذلك الصوت عندما التفت " إيفان، لما تبدين شاحبة هكذا هل انتي مريضة " عدت لوضعيتي الأولى عندما عرفت صاحب الصوت و ابتسم بهدوء قائلة " انا بخير ابي فقط مجرد إرهاق " .

اقترب مني بقلق واضعا يده علي خدي و قال " لكن لا يبدو كارهاق " .

فاجبته و انا اقاوم الغثيان الذي اجتاحني " لا ينشغل بالك ابي انا بخير " .

فيردف الاخر قائلا عند رؤيته لمعالم وجهي المجهدة " ما بالك إيف ؟ هل ... "

لاجيب محاولة الابتعاد " مجرد غثيان فقط " توجهت مبتعده من جانب ابي لاصطدم بجلالته ، لارجع للخلف بضع خطوات مما جعلني أشعر بالدوار ،  و من دون أن ادرك كدت أن أسقط أرضا ، الا ان جلالته امسك بي قبل أن يحدث ذلك .

فتهاتفت بعض الخادمات نحونا ليطلب الامبراطور منهم اعادتي الي الغرفة ، و طلب الطبيب لي ، و اعتقد انه قبل أن يصبح عقلي مشوشا سمعته يقول بأنه سيأتي لزيارتي لاحقا .



استيقظت بإرهاق تام موجهة امالي لنفس روتيني اليومي ليخالجني شعور جديد بعد أن سمعت خبر وجود مخلوق بين احشائي ابتسمت رغم حزني بكون اني سأصبح اما ، رغم أنني لم اعتقد ان ذلك سيحدث يوما ما ، ليظهر ذلك التناقض وسط أفكاري بين أن حياتي ستتغير أو أنها ستكون كما هي ، و بين أن جلالته لن يبالي و بين انه سيهتم لي بما انه وعدني أمام الجميع بزيارته لي ، لكن بعد كل ذلك رجعت لواقعي عندما مر اسبوعان على ذلك و انا طريحة الفراش . بسبب ضعف قوتي و مناعتي التي ازدادت مع الحمل و في كل هذه المدة لم يقدم لي جلالته اي زيارة أو رسالة ما .


فجال في تفكيري أن الوضع أصبح مملا مع هذا الاعياء  ، اذ كان العمل انيس وحدتي و رفيقي ، غير أنني أصبحت احس بشئ من العاطفه تجاه الجنين .

طرقات على الباب اخرجتني من تفكيري لأقول " تفضل" .

فدخلت إحدى الخادمات لتتجه نحوي ، ألقت علي التحية ثم اردفت قائلة " لقد طلب جلالته منك الحضور " .

تساءلت بسبب هذا الطلب و في الوقت الذي اجاهده فيه من الإرهاق فاجبتها بموافقتي  لاطلب من خادماتي بعد خروجها تجهيز الحمام لي و بعض الملابس التي تناسب حضوره .

سرت في الممرات بأقدام تعبه كأني أحمل أثقال في جسدي ، طرقت باب المكتب لاسمع صوته من الداخل " يمكنك الدخول "

دلفت للداخل فاجد جلالته قابع في كرسيه موجها نظراته الى الأوراق التي يمسكها ، ثم وضع الأوراق بعد فترة من الوقت ليوجه نظراته نحوي ، و يستقيم من الكرسي ليتوجه الي ..  توقف على بعد خطوتين أمامي و فتح فاهه قائلا " لا تاملي الان بعد أن أصبحت حاملا أن يصبح ابنك شيء مهم بالنسبة لي أو يصبح خليفة لي ، و  كما قلت لك سابقا ..  فقط أبناء جانيت من يستحقون هذا " .


شعرت ببعض الصداع من هذا الكلام الذي خرج من فمه ،  فهل انا أتيت مجاهدة ارهاقي لاسمع هذا الكلام ؟ ، هل و لا يعي كمية المعاناة التي الاقيها و انا واقفة حتى ؟  و فقد كل انتباهه نحو الآخرين و صبه فقط ناحية جانيت ، و لكني كالعادة لم انبت ببنت شفه فكما عهدت لا أحب التجادل في اشياء تجلب لي المزيد من الصداع .

تحركت بخطى  ثقيلة إثر الدوار لا تعثر بشيء كاد أن يسبب سقوطي بسبب عدم توازني لأجد نفسي محاصرة بين يدي جلالته قبل أن أسقط .

اعتقد الان اني بين احضانه ،  اريد النهوض لكن قواي خائرة تماما لاتلقى دفعة قوية من قبله عندما دخلت جانيت مطلقة صرخة حينما راتنا في هذه الوضعية ، آخر شيء رأيته و وعي يتلاشي هي نظرات جلالته نحوي و هو يحتضن جانيت التي كانت تبكي ، اريد ان اقول له ساعدني فأنا من تأذى.



وبسبب ماحدث .. اصبحت روحي مريضة كذلك ..
ثلاث اسابيع أخرى علي الفراش بسبب اجهاضي الذي كاد أن يقتلني ،

جاء الطبيب ليجري فحوصاته العامه علي ليلقي علي نتيجة فحصه عند الانتهاء قائلا " اسف سموك لاخبارك بهذا ، لكن انتي لن تستطيعي ان تنجبي بعد الآن "


منذ مجيئي لهذا القصر و انا معتادة علي سماع الأخبار الغير سارة ولكن الان اشعر  بأني لن استطيع تحمل المزيد ، سقطت مني تلك الدمعة متحررة لتحكي مدى المي ، ثم  اوقفت اخوتها قبل أن يتمادوا و يصبح سيلا من الدموع ،

غادر الطبيب حاملا تعابيره الحزينة  و مشاعر الشفقة نحوي معه ، لالتحف ببطانيتي و اشكي همي للخالق .

ف استيقظت صباحا على أصوات الضجيج التي تجول في القصر ، لاسأل خادمتي الشخصية التي تعتني بي فتنظر لي بتوتر و تقول "هنالك احتفال لإعلان حمل الملكة جانيت " انقبض قلبي بسماع هذا

فأنا لم اعتقد بأنهم سيصل بهم الأمر لهذه الدرجة ،  حقيقة أنه لم يقم لي واحدا سابقا أو أنه لم يهنئني أيضا ، ليست مشكلة ، لكن تجاهلهم لأمر خسارتي لابني ، و تلقي خبر اني لن استطيع ان اصبح اما كان امسا ، حتى الغريب سيشعر بالشفقة اتجاهي ، حقا لقد تمادوا في ذلك .



******

انطلقت ضحكة جالت في القصر معبرة عن مدى المها ، كانت تضحك على مدى غبائها و حماقتها عندما وثقت بجانيت و بطيبتها الزائفة ، لكنها اكتشفت الان مدى طيبتها فإذا كانت طيبة فسوف تكون مراعية لمشاعرها الان و لن تقبل ذلك ، ضحكت مجدداً بينما تفكر و تستعيد الذكريات .. و تلعن  مدى ثقتها بنفسها كونها  كانت تظن بأنها تستطيع تحمل كل شيء و العيش بسلام مع كل هذه الظروف السيئة .


تجول في ممرات القصر حافيه و هي تستمع لشائعة انها قد جنت بعد أن سمعت خبر عدم حملها و انها أصبحت تضحك كالمجنونة كل يوم ، لكن كل ذلك لم يمنعها من اكمال  سيرها حتى اكدت  بذلك لهم انها بالفعل قد جنت  .

وهناك عندما ظنت حقاً انها وصلت لحافة الجنون و اذا بها تصطدم بجسد صلب لتنظر إليه متمعنة وجهه و هو يبادلها  النظرات فيرجع شعرها المهمل الى الخلف و تستقر يديه علي خديها فتنزل دموعها بغزارة و تتوالى شهقاتها ليحتضنها و يقول " كل هذا حدث بسببي ، انا اسف صغيرتي ، فقط توقفي عن البكاء و أعدك بأني سأخذ بحقك " .



عانقت والدها  بقوة ، ذلك الشخص الوحيد الذي استطاع تجاهل احتفال الامبراطور و الاسراع اليها ... يسمع شهقاتها من بعيد رغم عدم تواجده ، لتصبح حقيقة امامه  مما يزيد احتراق قلبه و تألمه ،

هو حقا لم يرى ابنته يوما تبكي أو تحزن ، رغم مشاعرها الباردة الا انها كانت فتاة قنوعة لم تطلب شيء لم يكن في متناول يدها كما أنه وفر لها كل شيء إلا الحنان الذي لم يستطيع أن يعطيه لها بسبب انشغاله الدائم في الحروب و ردع المتمردين و غيرهم ،  لكنها ملأت فراغها بشغفها نحو التعلم ، فكان فخورا بها و لم يتخيل يوما انها ستصل لهذه المرحلة في يوما من الأيام ، فلام نفسه بسبب عدم درايته و اهتمامه بما يدور بحياة ابنته خلف اسوار القصر ، فقد كان واثقا أن ابنته إذا ضاق بها الأمر ستأتي و تجده .

فصل عناقه عنها بعد أن هدأت ليمسح دموعها التي ملأت وجهها و يقول " فقط انتظري لبعض الوقت أو عدة أيام فقط بعدها أعدك ستتحررين من كل هذا "





****

مرت ثلاث ايام لاسمع انه تم اتهام ابي بالخيانة و تم اعتقاله و سيتم إعدامه اليوم بجريمة التسبب بإجهاض طفل الإمبراطور ، اجتاح وجهي معالم الغضب ، فابي لن يفعل هذا الشيء مهما يكن انا اعلم هذا جيدا لاركض لقاعة العرش الذي يقبع فيها هذا المستبد ، أجل الان اصبح في منظوري مستبد بلا رحمة لاجده متربعا في عرشه و القاعة فارغة اتجهت إليه و عيناي مليئة بالدموع و قلت من وسط شهقاتي " ارجوك أوقف هذا القرار أن ابي بريء لم يفعل ذلك "

ليتحدث بصورة حادة " انه مجرم يستحق هذا فقد قتل ابني"

فقلت بصوت محروق غاضب مثير للشفقة " انت ايضا سابقا قتلت ابني و حرمتني من نعمة كوني اما مرة اخرى و لم تقل شيء أو تعتذر ، و الآن تلوم ابي علي فعلة لم يفعلها ، ارجوك أوقف استبدادك هذا و اجعل في قلبك بعضا من الرحمة، و استمع الي ، أعدك بأني ساثبت براءة ابي فقط أوقف إعدامه سأفعل اي شيء ارجوك فقط استمع الي"

ابتسم بخبث و قال" إذا ستفعلين اي شيء "

أجبت بكل حرقة " أجل اي شيء تطلبه فقط أنقذ ابي "

ازدادت ابتسامته اتساعاً  فيقول من وسطها " لطالما أردت أن أسقط كبريائك الذي تعتزين به دائما الان حانت اللحظة "

مد قدمه نحو مردفا " الان العقي حذائي ، إلعقيه أو أن كبريائك فوق حياة ولدك " ترددت لوهلة و لكن هذا لا يهم، حقا فإذا كان لي كبرياء كما يقول لكن قادرة منذ ذمن و لم أتعرض لكل تلك الأشياء، اقتربت منه راكعة احني رأسي لالعق حذائه ليصدع صدي ضحكته المكان ، و ارفع راسي قائلة

" ارجوك الان أوفي بوعدك و أوقف الإعدام " سرت رعشة في بدني عندما قال من وسط ضحكاته " لقد تم الإعدام سابقا " .

في تلك اللحظة أردت فقط أن اقتله أردت أن اقطعه لقطع صغيرة و انشرها للكلاب  ، كم ابغضه كم اكرهه لأقول و انا اخرج دبوس شعر من وسط شعره مخترقة به صدره " ماذا فعلت لك لتفعل بي كل هذا " .

لأجد راسي محاط بانصال حاده ، فقال مع ابتسامة ساخرة و هو يخرج ذلك الدبوس" فقط كونك ولدتي يكفي لافعل بك كل هذا " كان هذا اخر ما سمعته قبل أن يسقط رأسي أرضا .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي