2

وقفت السيارة أمام بوابة منزلها  قصر محمد ابو الهنا ،  بمعني ادق لتجد كالعادة الآلاف من الحراس متخصصون لحماية كل شخص هنا  الا هي فقد اقسمت أن لا يحرسها أحد و الا لن يحدث خير ، و بالفعل و منذ صغرها لا يستطيع أحد أن يحميها أو يتهجم عليها حتي ، فشراستها مخيفة ، ظلت تنظر لهم بسخرية و هي تسير بالسيارة للداخل ناحية الجراج أولئك فقط يظلوا بالايام و الشهور هكذا ، و هي تعلم أن لن يحدث اغتيال لوالدها أو اي شى من هذا القبيل ، فهو لا يعمل بشئ خاطئ و ربما يكون هذا السبب الذي سيودي الي وفاته ، وصلت الجراج لتصف السيارة بمكانها و تخرج منها ، ثم نظرت لأحد الأشخاص الموجودين هاتفه : عمو فتحى ابقي خلي حد ينضفها معلش
اؤما بنعم مبتسما قائلا : حاضر ياست البنات
ابتسمت لكلماته مجيبه : بحب اوووي الكلمة دي منك
و ارسلت له قبله في الهواء ذلك الرجل الذي تعتبره كأب ثاني حتي والدها يستشيره احيانا في بعض الأمور من كثره تقاربهم ، و طيبته

ثم ذهبت نحو الباب و هي تتجهز لتتلقي وابل من النصائح و الشتائم معا ، و ما أن دخلت للقصر و اتجهت نحو غرفة المعيشة و لمحتها والدتها السيدة امانى
امانى أحد سيدات المجتمع الراقي ، و رغم هذا تعتبر ست بيت درجة اولي ، و حقا عشق مستغربة من أن والدتها استطاعت أن تبقي الاثنان معا ، فهي لا تترك حفلة و لا تترك أي شئ أو اي جديد في حياه ابناءها يفوتها
هتفت امانى و هي تراقب دخولها : شوشو حبيبة مامي اخيرا جيتي
عشق بتوجس : مامي انا مش مطمنالك
امانى ضاحكة : لية يعني في أية ؟! و بعدين ما دام خايفة يبقي عاملة مصيبة أو كارثة كمان
عشق بلامبالاة وهي تشير بيدها بلا : لا و الله معملتش حاجة خاالص
جاء صوت والدها الغاضب من الخلف ، و هو يدخل أيضا للغرفة ، و يبدو أنه اتي في تلك اللحظة : و الله اومال مين دي اللي كسفتني قدام كل الناس اللي هناك دي ؟!
امانى بتعجب : عملت ايه يا محمد ؟!
محمد بغيظ : الهانم هي و ماشيه بتقولهم هتوحشوني و الله
عشق : الله يا بابي دي مشاعر فياضه مني و حبيت اعبر عنها ليهم
محمد و هو يحرك يده علي وجهه محاولا التحكم في عصبيته من ردودها : و راحة تعبري عن حبك في وجود الامبراطور يا عشق ، الامبراطور مرة واحدة
خرجت شهقة مرتفعة من امانى ، و هي تضع يدها علي فمها ، بينما قالت عشق بتعجب أشد : امبراطور امبراطور كل ما اكلم حد انهاردة مورهوش سيرة غيره  ايوا مين يعني الامبراطور دا !! و بعدين في حد يلقب نفسه بالاسم المخيف ، و المقرف دا
محمد موضحا : يا بنتي افهمي سيف بية مش اي حد
عشق باستهزاء : فهمني ازاي مش اي حد
محمد : يعني لو البلد كل اقتصادها عبارة عن عشرين مليار ، هو هيكون ملكه النص أو التلت ، هو مالك معظم المشاريع اللي بتعملها الدولة ، انتي مش فاهمة أنه بنظره أو بإشارة يقدر ينسف اي حد أو حتي يدمر اقتصاد بلد ، اسم سيف بيترعب منه الاجانب قبلنا ، سكوته دا اكبر عذاب للشخص اللي قدامه ، انتي فعلا مش فاهمة يعني أية امبراطور يا عشق ، لان اللقب دا قليل اووي عليه  لما يغضب من حد
عشق بدهشة : و كلمتي دي هتاثر قوي عليه
محمد : طبعا تأثر كفاية انك اتكلمتي و هو بيتكلم ، و كمان حاجة ازاي اصلا مخلتيش السكرتيرة هي اللي تيجي تبلغني بوجودك ؟!
عشق بضحكة غباء : اصلي مشفتهاش
محمد : خلاص دا مش موضوعنا ما دام عدي علي خير الحمد لله المهم مقررتيش تنزلي تشتغلي
عشق بتأفف : لا يا دادي مش ليا مزاج
هتفت امانى متعجبة من حديث ابنتها : عشق انا قربت اتجنن منك انتي و لا دلوعة بطريقة اوفر زي الوسط بتاعنا  و لا بتشتغلي و عايزة تبني كيان زي معظم ما الناس بتفكر  و لا ليكي مخططات ماشيه عليها  و بتقولي عندك طموح هتحققيها  حقيقي انا مش فهماكي يا بنتى
عشق بلمعة غموض خفيفة : انا بحب اني اكون كدا يا مامي ، محدش يفهمني خالص
محمد هاتفا فجأة : اية رأيك تشتغلي مع الامبراطور او بمعني اصح عنده ؟!
عشق : هي هتكون تجربة شيقة لكن sorry dad انا مش عايزة اشتغل Now
أمانى : طيب اطلعي خدي شور بسرعة و انت كمان يا محمد  قبل ما يوصل سامر علشان ناكل
عشق : اوك  تشاو مؤقت ،، و تركتهم و ذهبت
هتف محمد بقلق : انا مبقتش فاهم عشق خالص يا أمانى الاول كانت شفافة لكن دلوقتي لا  حالة غموض سيطرت عليها جامد
أمانى بهدوء : مفيش داعي للخوف دا يامحمد  انا عارفة كويس حبك لعشق و تعلقك بيها و خوفك عليها   لكن متخفش بنتك قوية و مفيش جديد ظهر عليها  عشق زي ما هي
محمد : انتي شايفه كدا
امل : مفيش غير كدا اصلا
لكنها همست بداخلها ( في سر انتي شيلاه جواكي يا عشق ، و مخبياه عننا ، و انا لازم أعرفه كفايه اختفائك طول الليل ، و انشغالك عننا )

بالطابق العلوي ،،،،
بنفس ذات الوقت كانت تقف هي في شرفتها تنظر لحديقه القصر بشرود و لمحة تحدي غريبة و اصرار يظهر في عيونها ، و هدوء يسيطر علي المكان حولها ، كأنها لا تسمع لاي شئ خلفها أو امامها ، و البرود يغلف ملامح وجهها  برود سقيعي كأنها تعترف أن حياتها بلا فائدة أن ضاعت وسط تلك الكوارث التي تفعلها  أو تجهز لها دون معرفة أحد من اهلها
تنهدت بعمق و هي تقول : قرب يحصل اللي انا عايزاه و وقتها هيعرفوا اني بعمل و بشتغل في حاجة اقوي من اني اشتغل مع الامبراطور دا  علي الأقل دي مفيدة ليا انا  مفيدة بدرجة مخلياني دايما حاسه اني في امان
قالت اخر كلماتها و هي تنظر للحديقة النظرة الأخيرة  قبل أن تتجه نحو غرفة ملابسها  لتخرج ثياب لها ثم تتجه للباب المجاور لتأخذ حمام بارد لعله يهدي من أفكارها الثائرة دوما
•••••
وصلت السيارة أمام قصره الذي يقبع في مكان نائي بعيد عن البشر قليلا  يشبه قصر الرئيس و لكنه افخم ، و لا أحد يستطيع أن يقول غير ذلك ، ان
تصميمه الذي صممه اشهر مهندسي الديكور و الالوان المتناسقة و كل شى به يخطف الانظار فكل جزء به تم الاهتمام به و كأنه الجزء الوحيد الذي سيمكث به هو ، و بسبب ذلك الاهتمام و التفاني في العمل خرج قصر شاهق مرعب من شكله كصاحبه فشكله الخارجي يدعوك للدخول به بكل سرور ، و لكن هناك تجد عكس ذلك تماما ، بالداخل تجد هدوء مخيف و برود يسيطر عليه ، تشعر و كأن لا حياه فيه ، هناك لا تستطيع حتي أن تهمس بأي كلمه سوي بأمره فأحذر هو يكره الثرثرة و الحديث دون فائدة ..

دخل للقصر سريعا بعد أن فتحت أبواب القصر الداخلية إلكترونيا ، و صعد درجات السلم الكثيرة و هو يتحدث بهاتفه بكلمات مقتضبة يلقي بها أوامر علي أحد الأشخاص ، ثم أشار بيده للخلف ليتقدم حارس هاتفا بخنوع :  تأمر بحاجة يا بيه
هتف و هو يصعد : خليهم يجهزوا طيارة خاصة هنسافر ايطاليا كمان ساعة
صمت ثواني ثم اكمل : و نرجع بالكتير بكره جهزلي الموضوع بسرعة علشان مفيش وقت
الحارس : خلال ساعة كل حاجة هتكون جاهزة يا بية
اشار برأسه بـ الموافقه عده مرات بلامبالاة و صعد للأعلي
..
في جناحه ،،،،
الذى كان عبارة عن غرفة نوم ذو مساحة كبيرة ، يتميز اثاثها باللون الرمادي الغامق ممزوج بالازرق ، و كان عباره عن فراش دائري الشكل ، و يوجد أمام الفراش مقعد مسطح ، بينما علي أحد الجوانب يوجد مقعدين متقابلين أحدهم بالازرق و الآخر بالرمادي و طاولة تفصل بينهم ، و علي جانب آخر يوجد مقعد اسود به بعض النقوش الذهبية من الذهب الحقيقي
يشرف منه علي الفراش ، و المكان عموما ، و كان هذا مكانه المفضل ، بينما بجوار المقعدين يوجد حامل للكتب دائري الشكل عبارة عن ارفف وجدت عليه كل انواع الكتب ، و كان يوجد باب لغرفة الملابس ، و اخر خاص للحمام بينما يوجد غرفة اخري بالجناح يوجد بها مكتب و أريكة للراحة و جهاز لصنع القهوة و ثلاجة صغيرة  تشبه الثلاجة التي توجد بالغرفة المجاورة و التي ما كنت الا غرفة مطبخ صغير فقط  يوجد به بعض الأطعمة الجاهزة و المقرمشات و عصائر  و يتوسط كل تلك الغرف صالة وجد بها انترية صغير كان باللونين الرمادي و الأزرق أيضا ، فكان كأنه منزل منعزل عن القصر
كان هو قد خرج بعد أن أخذ حمام سريع و توجه لغرفة الملابس ليرتدي بعد دقائق قليلة  بنطال اسود اللون و قميص بنفس اللون و ساعة ، و هو يضع من عطره الفخم و يرتدي حذاء باللون الاسود به لون زيتي غامق  يشبه الجاكت الذي امسكه بطرف إصبعه و اسنده علي كتفه من الخلف ، ثم أمسك هاتفه و هبط للأسفل لينهي بعض الأعمال سريعا و الأوراق  قبل أن يذهب باتجاة المطار و الذي منه سيغادر أرض مصر متجها الى ايطاليا
••••••
فـي منـزل محمد ابو الهنا ..
تجمعت أفراد العائلة حول طاولة الطعام ، حيث جلس الاب علي المقعد الذي يرأس الطاولة ، و بجواره من جهه اليمين زوجته امانى ، مجاورا لها عشق ، و علي يساره جلس سامر الذي يبلغ من العمر السادس عشر عاما
هتف محمد و هو ينظر لسامر :  اخبار الدراسة معاك أية يا سامر ؟
اجابه بهدوء و هو يترك الطعام الذي بيده : كويسة يا بابا بس الحقيقة أنا عايز حضرتك في موضوع بخصوص المدرسة
محمد بأنتباة : خير في حد بيضايقك فيها ؟
سامر بنفي : لا مش كدا
امانى : اومال في ايه يا حبيبي ؟!
سامر : انا عايز اسيبها
هتف محمد بتعجب : تسيبها ؟! اوك يعني تقصد في مدرسة غيرها عايز تروحها
سامر : اهاا
أمانى : مدرسة أية دي يا حبيبي  و خاصة و لا لغات  و لا اي الحال و مستواها التعليمي حلو  يعني هتستفاد و لا لا .....
سامر بصوت قاطع : انا عايز اروح مدرسة حكومي
محمد : اية !! انت عارف انت بتقول أية انت مش هتعرف تتأقلم علي الوضع ؟!
سامر : بابا معلش احترم رغبتي  و انقل لي الورق هناك
تطلع محمد الى امانى بحيرة قاطعتها هي قائلة :  بص يا حبيبي احنا مش معترضين نهائي علي المدرسة  انا و بباك اتخرجنا من المدارس دي  و اي حد من الوسط دا هتلاقي أهله كدا ، لكن احنا نقصد علشان انت متعود علي اصدقائك  و نظام معين   و هدوء و كدا دا مش هتلاقيه هناك اعتقد
سامر : ماما انا عارف دا كله و مصر اني اروح هناك
هتف محمد بهدوء : طيب تكمل السنه دي في مدرستك و بعدين نحولك
سامر برفض شديد : لا طبعا احنا لسة في بداية السنة يا بابا ، حرام اكمل دا كله في المدرسة ، دا غير أن المنهج لسة في أوله ، و محدش امتحن اي امتحانات نهائي
محمد : خلاص هشوف الموضوع دا و هرد عليك بكره بس انت في مدرسة معينة عايز تروحها و لا اقدملك في اي واحدة
سامر : لا انا معنديش فكرة قدملي حضرتك في اي  مدرسة
قالت عشق اخيرا متدخله في ذلك الحوار : و الله يا واد يا سامر انت دماغ كنت هموت و اعمل زيك كدا لكن علشان مسبش هنا و لميس و ريم قعدت
سامر بابتسامة مرحة : معندكيش شخصية
رمقته بقرف و لم ترد ، بينما هو كان سعيد بشدة فأخيراا سيذهب للطبقة المتوسطة و الفقيرة ، فهو يريد أن يتعامل معهم ، يريد أن يري معاناتهم تلك ، فربما يستطيع يوما ما أن يساعدهم

......
يتبع مساء ذلك اليوم ،،
في احد المطاعم ،،، كانت تجلس علي طاولة تجمعها مع اصدقائها أمام الكافي ، في الهواء الطلق ، و الجو كان رائع مع بعض نسمات الهواء التي تهب من حين لأخر ، كانت تنتظر أن يأتي النادل بطلبها ، و هي تتأفف فقد جاعت لدرجة لا تستطيع أن تتحملها
هتفت ريم ضاحكة عليها : عشق مش عشق وهي جعانة
عشق بغيظ : و ريم مش هتبقي ريم لو فضلت تستظرف علي اهلي كتير
هتفت هنا و هي تنظر حولها بترقب : بنات الجو مش مطمن خالص
عشق بتعجب : ازاي يعني ؟! ما كل حاجة حلوة اهي و زي الفل
هنا : يا بنتي اقصد الناس اللي قاعدة جنبنا دي
و أشارت للطاولة المجاورة و يجلس عليها مجموعة من الشباب
لميس متدخله : مالهم يعني الناس دي ؟
تنهدت هنا قائلة : بيبصوا لعشق بطريقة غريبة اووي و بتركيز عجيب خاصة ابو عيون بني دي
ريم مؤيدة حديثها : تصدقي معاكي حق
عشق بلامبالاة : سيبكوا منهم يا بنات
و هي تهز رأسها علامه اللامبالاة لمحت ذلك التي تقصده هنا لتضيق عيونها محاولة أن تتذكر ، فلاحظتها ريم فتسائلت : في أية يا بنتي  انتي تعرفيهم ؟
عشق : اللي بتقولوا عليه دا انا شفته الصبح
لميس : و الله !! طيب حصل أية ؟!
عشق : مفيش كل الحكاية أن ...
و بدأت تقص مقابلتها معه صباحا و هي تحاول الا تنظر لهم وخاصة له هو
....
بينما علي الطاولة المجاورة ،،،
هتف أحدهم و هو ينظر لها : البت ام عيون خضراء دي صاروخ
قال آخر : معاك حق البت حلوة اوي
ثم اكمل موجها حديثه لـ مؤمن : مش كدا يا مؤمن
مؤمن بأنتباة : اية بتقول أية ؟
هتف الاول بسخرية : دا انت مش معانا خالص يا عم
مؤمن : لا معاكوا معاكوا
ثم عاد ينظر لها مرة أخري ليلاحظه الشباب
فهتف الثاني : وقعت و لا ايه يا ميمو
قال الاول : نظرته ليها نظره عاشق ولهان
همس مؤمن بخفة لذاته : عاشق !! دي عشق دي هتشوف مننا اللي عمرها ما اتخيلته
هتف الاول : روحت فين يا باشا
مؤمن و هو يرمقها بنظرة أخيرة : معاكوا اهو يا ابني
ثم نظر لهم قائلا : في بس حوار شاغل عقلي الايام دي مش اكتر
هتف الثاني : و اية دا بقي اللي شاغل الرائد مؤمن
مؤمن بشرود : قضية قضية صعبة اووي

عودة لـ طاولة الفتيات ،،،
ريم و هي تقف بغيظ : لا دا عايز يتأدب و الله
هنا و هي تجذبها من يدها بقوة بعض الشئ لتجلسها علي المقعد مرة أخري : اهدي يا ريم انتي علشان بتعرفي تلعبي كراتية هتقرفينا
عشق ضاحكة : معاكي حق يا هنا عايزة تبين لينا أنها بقيت قويه ، و غمزت لها بشقاوة
لميس و هي تضع يدها علي فم عشق : اششش متضحكيش تاني يخربيتك فضحتينا كل الزباين بييصوا عليكي
يتبع ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي