الفصل السادس
-هلا تنظر هنا؟
قالها رجل سبعيني يقف أمام دكان صغير ويمسك بيده سكين كبير، وينظر تجاه البائع الذي كان مشغولًا في تنظيف المكان باهتمام واضح.
بينما على الطرف الآخر نساء كثيرات تقفن في صفوف متوازية وحولهن بائعي خضروات وفواكهه، هكذا أظن!
ما هذا، أهناك موز أحمر؟
أين هذا المكان، أين وقعت أنا، والأهم من كل هذا اين قمر!
المكان هنا غريب، أحدق به منذ وقت ولا أفهم ما هذا المكان غريب الأطوار، الناس هنا غريبون يمشون بطريقة مريبة وكأنها تشبه الرجل الآلي، يمشون ببطء قليلًا، ملابسهم غريبة! وكأننا في عصر قديم للغاية، وعلى حد فهمي توصلت لاننا في السوق، النساء هنا أكثر من الرجال بكثير، حتى أني أشعر أني غريب هنا بملابس..
-ما هذا الهراء!!!
تفوهت بهذه الجملة فقط عندما اكتشفت أنني ارتدي مثلهم تمامًا!
ابتلعت ريقي بتوتر، وامسكت رقبتي، كيف هذا؟
-هل ستظل واقف مكانك ساعة أخرى ام تنوي الرحيل؟
تلفت خلفي لأجد شاب أظن سنه نفس سني، ينظر لي بغرابة.
عندما لم يجد جوابًا قال وهو يلوح أمام وجهي بيده:
-ما همك يا أخي؟ أتكلم معك ولا تجيب، تقف هنا تنظر ببلاهة لسوق المعرفة؟
ردتت ورائه:
-سوق المعرفة؟
قال الرجل:
- نعم سوق المعرفة، ألست من سكان المدينة؟ كيف لا تعرفه؟
سألت باستغراب:
-أي مدينة...لماذا أين نحن الآن؟
قام الرجل بأنحاء بسيط ووضع يده خلف ظهره وقال بنبرة يشوبها الاحترام:
-مدينة طروادة.
.
"قمر"
-على أساس كنتِ تعرفين طريق العودة جيدًا، أشعر وكأننا نعود لنفس المكان باستمرار.
قلت لعائشة هذه الجملة عندما لاحظت أننا نسير في نفس الطريق منذ وقت لا بأس به.
نظرت لي عائشة وقالت:
-انا لم أفهم شيئًا، أنا تفاجأت من هيئتك وملابسك غريبة الشكل، ولكن لمَ ذعرتي مني وكأنني شبحًا؟
عقدت حاجباي قائلة:
-هذا ما ينقص تمامًا..ان أرى شبحًا!
ثم أردفت:
-ملابسك هي الغريبة وليست ملابسي، هيئتك وشكلك، ما أدراني كل شيء هنا مريب!
أنا في مكان لا يوجد فيه عنصر بشري غيرك، اه وطبعا لن ننسى الكهف الذي قطعنا معه وعدًا.
قالت عائشة وهي تسير:
-بمناسبة ملابسك، لا تقلقي عند وصولنا للمدينة، ستنظرين لنفسك وستري!
توقفت فجأة ونظرت في عينيها التي كانت في نظري غريبة هي الأخرى:
-لماذا تتكلمين دائمًا بغموض؟ وما هي المدينة بل أين؟
ثم اقتربت منها قليلًا وهمست:
-والاهم من ذلك، كيف أعود لمنزلي؟
قالت بهدوء:
-هلا تهدأين؟
سأساعدك لا تقلقي فأنا مدينة لكِ، أنا هنا وحيدة منذ وقت طويل وخرجت وأعود لزينو ولمدينتي بفضلك.
سنذهب الآن لمدينة طروادة..
الساحرة.
.
"رائد"
قال رائد:
-طروادة!
ثم أردف:
-لم أسمع بها من قبل.
ليقاطع كلامنا جلبة حدثت فجأة، وصدر صوت في الهواء الطلق لم أفهم من أين أتى مصدره، ترددت جملة واحدة في الإرجاء ثلاث مرات، ثم انقلب الوسط رأسًا على عقب!
"على جميع سكان مدينة طروادة عدم الخروج من المنزل"
"على جميع سكان مدينة طروادة عدم الخروج من المنزل"
"على جميع سكان مدينة رطوادة عدم الخروج من المنزل"
ثم صمت الصوت دقيقتين ليعود من جديد ويقول:
"تم إطلاق سراح ساحرة مدينة طروادة، لا نعلم من فعل هذا، ولكن سنجده لا تقلقوا."
"تم إطلاق سراح ساحرة مدينة طروادة، لا نعلم من فعل هذا، ولكن سنجده لا تقلقوا."
فور اختفاء الصوت، كان سوق المعرفة دمار بينما كان منذ دقائق فقط منظم وهادئ وغريب.
ظللت واقفًا مكاني بينما الجميع حولي يركضون، من يمسك بأولاده ويهرول بعيدًا ومن يدلف داخل دكانه ويقفله جيدًا، ومعظمهم كان يهرول باتجاه الشمال.
ازدرقت ريقي، اين قمر! كيف يمكنني الوصول لها، فإذا كان هناك خطر كما يقولون فأنا عليّ إيجادها وباسرع ما يمكن.
كنت شردت قليلًا ليعيدني للواقع، ذاك الشاب الذي سالني منذ قليل عن همي.
أمسك بيدي وسحبني قائلا:
-هيا، تعال معي
نحن لا نترك الغرباء أبدًا.
سرت معه بهدوء دون إبداء أي اعتراض، عليّ أن أجلس في مكان أمن حتى أستيطع التوصل لقمر،
أتمنى أن تكون في مكان أمن أيضًا..
.
"قمر"
-اشرحي لي كيف وصلتي إلى هنا، وبأي وسيلة وما الاشياء التي معك، من الممكن أن تساعدنا.
قلت بقلة حيلة:
-صدقيني حقًا لا أعلم.
ثم فتحت حقيبتي، وأخذت أعبث بها لأتذكر ما معي، فوجدتها تلمسها باستغراب وتقترب:
-ما هذا الشيء؟
أجبتها باستغراب:
-حقيبة!
نظرت ببلاهة وقالت:
-شكلها غريب.
قلت وانا أعبث بما داخل الحقيبة:
-إنها الموضة.
أمسكت يدي لتوقفني قائلة:
-حقًا أنا لا أفهم منك شيئًا
المهم، اعطني هذه الحقيبة لنفرغها معًا..
ثم قامت بقلب حقيبتي لتسقط الاشياء التي كانت بداخلها واحدة تلو الأخرى أرضًا، احمر الشفاه الخاص بي، وبعض من الحلوى، كريم مرطب لليد، نقودي، والعصا المنطوية على نفسها التي سقطت على رأسي! حقًا كيف نسيتها؟
وقع نظري أنا وعائشة عليها أول شيء، لتنطق عائشة بجملة واحدة فقط مذهولة:
-عصا طروادة!!
ثم انحنت أرضًا وأمسكت بها ثم ضغطت على شيء فأصبحت العصا أكثر طولًا قائلة:
-عصا طروادة، اسمها قمر، غريبة الأطوار، ملابسها مختلفة،
كيف لم أفهم؟
أنتِ قمر طروادة؟
ابنة الملكة سهير!
ثم لم تعطني فرصة لأستوعب، ولوحت بالعصا في الهواء لتظهر فجوة، حدقت في الفجوة ثم التفت لها،
لأصدم من شكلها الغريب!
تتحول لون عينيها الازرق للون أخر داكن، ملابسها تتغير وتأخذ شكل فستان داكن قصير يصل حتى ركبتيها،
ابتعدت خطوتين خوفًا، وقتها استوعبت أن ملابسي أيضًا تغيرت!
شيء ما أخبرني أن عليّ أن اركض بأسرع ما يمكن!
ولكن مع الأسف لم أكن محظوظة بالقدر الكافي حتى أستيطع الهروب، فقد أمسكت بيدي وسحبتني خلفها إلى داخل الفجوة...
وقتها فهمت أنني فعلت شيئًا خاطئًا للغاية،
لقد أنقذت إنسانة ليست طيبة النية كما ظننت!
-ادع إلى الله أن يستيطعوا الإمساك بها سريعًا، حتى نعود إلى أعمالنا.
قالها لي ذاك الشاب -الذي علمت اسمه وكان أحمد- وهو يأكل طعامه، فقد كان استضافني إلى منزله عندما علم أنني ليس لي أقارب هنا..
كم تعجب من طريقة أكلي للطعام!
وكم تعجبت أنا من طعامهم الغريب!
بعضه يشبه طعامنا ولكن ألوانه مختلفه، والبعض الآخر لم أرى مثله من قبل،
كان بيت أحمد بيت متوسط به غرفتين، يعيش مع والدته وشقيقته زينو، تعرفت على والدته وكانت عجوزًا بشوشةً ابتسامتها على وجهها ورحبت بي كثيرًا..
تناولنا الطعام، كنت مترددًا كثيرًا في البداية ولكن لم أحتمل من أصوات معدتي، غلبني جوعي فأكلت،
وللحقيقة كانت لذيذة جدًا.
تعرفت على زينو شقيقة أحمد كان يبدو عليها التوتر، وكأنها تخاف حدوث شيئًا، ولكنها فتاة لطيفة ذكرتني بقمر،
فهي قصيرة القامة مثلها، وعينيها تشبه لون عينا قمر..
كنا نجلس جميعًا في غرفة الجلوس في هدوء أظن أن كل منا شارد في مكان غير الاخر، يمكنني تخمين سبب شرود احمد، بالتأكيد هو خائف من عدم قدرته على الخروج ليرى رزقه وبالتالي لن يستيطع الاعتناء بوالدته وزينو.
ووالدته تفضل الصمت غالبًا، لم تتحدث كثيرًا وعندما تحدثت لم تفضل الحديث عن شيء سوى اولادها، وكم تود أن تراهم في بيوتهم،
حدثتني عن أحلامها قبل أن تموت، تتمنى أن ترى ابنتها وهي متزوجة وسعيدة، تخاف كثيرًا أن تذهب وتتركهم بمفردهم.
تقاوم للعيش فقط من أجلهم!
-هل أنت متزوج يا بني؟
فقت من شرودي على سؤال السيدة الكبيرة، فنظرت لها وابتسمت وقلت:
-لا.
ثم أردفت:
-ولكنه أول شيء سوف أفعله عند عودتي.
ابتسمت الخالة قائلة:
-ومن هي سعيدة الحظ إذًا؟
ابتسمت ابتسامة هائم وقلت بشرود:
-قمر..
نظروا ثلاثتهم في عيني فجأة، قائلين في صوت واحد:
-قمر؟؟
أجبته باستغراب:
-نعم، ما المشكلة؟
قال أحمد:
- لا يوجد أي مشكلة،
ولكن اسم قمر بالنسبة إلينا مقدس للغاية، حتى أننا بدأنا نسمي بنات العائلات المهمة في المدينة بهذا الاسم نسبة لقمر طروادة المنتظرة.
وقفت فجأة وأخذت أدور في غرفة الجلوس وقلت:
-أحمد هل يمكن أن أسألك سؤالًا؟
أجاب أحمد:
بالتأكيد.
ازدرقت ريقي ثم وقفت ساكنًا وسألت:
-هل يمكنك أن تقص عليّ قصة مدينتكم، قصة قمر المدينة، وايضًا لا تنسى الساحرة؟
أريد أن أعرف كل شيء من الحاكم هنا، كيف تحكمون، ما هي قوانين البلدة؟
ثم صمتت هنية، وقلت بتشتت واضح:
-كنت أنا خلف قمر مباشرة، حاولت اللحاق بها لكنها كانت تهرب، كان لديها فقدان ذاكرة مؤقت وتظن أني عدو لها، كنا في غابة لا أعلم اسمها ولكنني اختبئت بها لأيام..
أظن أن قمر أصابت بالدوار فاستندت على شجرة! ولكنها كانت شجرة ضخمة وكبيرة للغاية، وبعدها حدث شيئًا غريبًا!
توهجت الشجرة وظهرت دوامة قامت بسحب قمر تجاهها، ولم أعرف ماذا أفعل غير أن أقوم برمي نفسي داخل الدوامة من أجل اللحاق بقمر.
ثم نظرت في أعين ثلاثتهم التي كانت مصدومة للغاية وقلت بغضب:
-والان أسقط وحدي في مكان لا أعرف ماهيته قط، الناس به غريبون، شكلهم، هيئتهم، حتى طعامهم، أشعر وكأنني عدت بالزمن للوراء وفي نفس الوقت يوجد هنا كهرباء وأشياء حديثة حتى لا أعلم عنها، يوجد الشيء ونقيضه، حقا سأجن!
نظرت أرضًا وتنفست بصوت عال، ثم وقفت فجأة وقلت بإصرار واضح:
-سأخرج لأجد قمر، بالتأكيد تحتاج للمساعدة
انا أشعر بذلك!
اوقفني أحمد بيده وقال:
-مستحيل!
ثم عقبت زينو بعدما وضعت يدها على فمها:
-لا يعقل.
أمسك أحمد يدي وسحبني لأجلس مجددًا، واكمل:
-تريد أن تعرف عن مدينتا أليس كذلك؟
سأخبرك..
قواعد مدينتنا كالتالي، طالما ساحرة طروادة طلقة وحرة لا يمكننا أن نخطو خطوة للخارج وإلا..
سألته بفضول:
-وإلا؟
قال بحزن:
-وإلا ستصبح من جنودها، لن تستيطع السيطرة على عقلك وأفكارك أبدًا
ستقوم هي بتحريكك وكأنك دمية صغيرة في يديها.
نظر بجانبه لشقيقته زينو قائلاً:
-لن تشرق الشمس أبدًا علينا طالما هي حرة.
نظرت بسرعة تجاه النافذة، لأجد الظلام يعم المكان، فتسآلت:
لم افهم، ما العلاقة؟
ابتلع احمد ريقه قائلًا بتشتت:
-الملكة، هي سيدة كبيرة في العمر لم تكن تستقر هنا معنا في المدينة، كانت تأتي إلى هنا يومين فقط لا غير،
لولاها لم نكن نستيطع تنظيم حياتنا والتخلص من الساحرة، هي من قامت بنفيها بعيدًا،
ويقال لا يستطيع أحد إرجاعها قط سوى ملكتنا أو..
ابنتها!
قلت:
-ماذا إن أعادتها الملكة؟
تدخلت والدته لأول مرة وقالت:
-لم تعيد..
ثم احنت رأسها لأسفل وقالت بأسف:
-لقد فقدناها منذ فترة.
فقلت:
-ابنتها؟
نظروا تجاه بعضهم البعض ثم قالت زينو:
-ابنتها هي قمر طروادة المنتظرة.
قال أحمد:
-وهذا يدل أن قمر طروادة ظهرت بظهورك أيضًا.
ثم سال:
-هل تفكرون كما أفكر؟
حدقت به وازدرفت ريقي قائلًا معه بذات اللحظة:
-قمر طروادة هي نفس قمري!
-قمر طروادة هي نفس قمرك!
قالها رجل سبعيني يقف أمام دكان صغير ويمسك بيده سكين كبير، وينظر تجاه البائع الذي كان مشغولًا في تنظيف المكان باهتمام واضح.
بينما على الطرف الآخر نساء كثيرات تقفن في صفوف متوازية وحولهن بائعي خضروات وفواكهه، هكذا أظن!
ما هذا، أهناك موز أحمر؟
أين هذا المكان، أين وقعت أنا، والأهم من كل هذا اين قمر!
المكان هنا غريب، أحدق به منذ وقت ولا أفهم ما هذا المكان غريب الأطوار، الناس هنا غريبون يمشون بطريقة مريبة وكأنها تشبه الرجل الآلي، يمشون ببطء قليلًا، ملابسهم غريبة! وكأننا في عصر قديم للغاية، وعلى حد فهمي توصلت لاننا في السوق، النساء هنا أكثر من الرجال بكثير، حتى أني أشعر أني غريب هنا بملابس..
-ما هذا الهراء!!!
تفوهت بهذه الجملة فقط عندما اكتشفت أنني ارتدي مثلهم تمامًا!
ابتلعت ريقي بتوتر، وامسكت رقبتي، كيف هذا؟
-هل ستظل واقف مكانك ساعة أخرى ام تنوي الرحيل؟
تلفت خلفي لأجد شاب أظن سنه نفس سني، ينظر لي بغرابة.
عندما لم يجد جوابًا قال وهو يلوح أمام وجهي بيده:
-ما همك يا أخي؟ أتكلم معك ولا تجيب، تقف هنا تنظر ببلاهة لسوق المعرفة؟
ردتت ورائه:
-سوق المعرفة؟
قال الرجل:
- نعم سوق المعرفة، ألست من سكان المدينة؟ كيف لا تعرفه؟
سألت باستغراب:
-أي مدينة...لماذا أين نحن الآن؟
قام الرجل بأنحاء بسيط ووضع يده خلف ظهره وقال بنبرة يشوبها الاحترام:
-مدينة طروادة.
.
"قمر"
-على أساس كنتِ تعرفين طريق العودة جيدًا، أشعر وكأننا نعود لنفس المكان باستمرار.
قلت لعائشة هذه الجملة عندما لاحظت أننا نسير في نفس الطريق منذ وقت لا بأس به.
نظرت لي عائشة وقالت:
-انا لم أفهم شيئًا، أنا تفاجأت من هيئتك وملابسك غريبة الشكل، ولكن لمَ ذعرتي مني وكأنني شبحًا؟
عقدت حاجباي قائلة:
-هذا ما ينقص تمامًا..ان أرى شبحًا!
ثم أردفت:
-ملابسك هي الغريبة وليست ملابسي، هيئتك وشكلك، ما أدراني كل شيء هنا مريب!
أنا في مكان لا يوجد فيه عنصر بشري غيرك، اه وطبعا لن ننسى الكهف الذي قطعنا معه وعدًا.
قالت عائشة وهي تسير:
-بمناسبة ملابسك، لا تقلقي عند وصولنا للمدينة، ستنظرين لنفسك وستري!
توقفت فجأة ونظرت في عينيها التي كانت في نظري غريبة هي الأخرى:
-لماذا تتكلمين دائمًا بغموض؟ وما هي المدينة بل أين؟
ثم اقتربت منها قليلًا وهمست:
-والاهم من ذلك، كيف أعود لمنزلي؟
قالت بهدوء:
-هلا تهدأين؟
سأساعدك لا تقلقي فأنا مدينة لكِ، أنا هنا وحيدة منذ وقت طويل وخرجت وأعود لزينو ولمدينتي بفضلك.
سنذهب الآن لمدينة طروادة..
الساحرة.
.
"رائد"
قال رائد:
-طروادة!
ثم أردف:
-لم أسمع بها من قبل.
ليقاطع كلامنا جلبة حدثت فجأة، وصدر صوت في الهواء الطلق لم أفهم من أين أتى مصدره، ترددت جملة واحدة في الإرجاء ثلاث مرات، ثم انقلب الوسط رأسًا على عقب!
"على جميع سكان مدينة طروادة عدم الخروج من المنزل"
"على جميع سكان مدينة طروادة عدم الخروج من المنزل"
"على جميع سكان مدينة رطوادة عدم الخروج من المنزل"
ثم صمت الصوت دقيقتين ليعود من جديد ويقول:
"تم إطلاق سراح ساحرة مدينة طروادة، لا نعلم من فعل هذا، ولكن سنجده لا تقلقوا."
"تم إطلاق سراح ساحرة مدينة طروادة، لا نعلم من فعل هذا، ولكن سنجده لا تقلقوا."
فور اختفاء الصوت، كان سوق المعرفة دمار بينما كان منذ دقائق فقط منظم وهادئ وغريب.
ظللت واقفًا مكاني بينما الجميع حولي يركضون، من يمسك بأولاده ويهرول بعيدًا ومن يدلف داخل دكانه ويقفله جيدًا، ومعظمهم كان يهرول باتجاه الشمال.
ازدرقت ريقي، اين قمر! كيف يمكنني الوصول لها، فإذا كان هناك خطر كما يقولون فأنا عليّ إيجادها وباسرع ما يمكن.
كنت شردت قليلًا ليعيدني للواقع، ذاك الشاب الذي سالني منذ قليل عن همي.
أمسك بيدي وسحبني قائلا:
-هيا، تعال معي
نحن لا نترك الغرباء أبدًا.
سرت معه بهدوء دون إبداء أي اعتراض، عليّ أن أجلس في مكان أمن حتى أستيطع التوصل لقمر،
أتمنى أن تكون في مكان أمن أيضًا..
.
"قمر"
-اشرحي لي كيف وصلتي إلى هنا، وبأي وسيلة وما الاشياء التي معك، من الممكن أن تساعدنا.
قلت بقلة حيلة:
-صدقيني حقًا لا أعلم.
ثم فتحت حقيبتي، وأخذت أعبث بها لأتذكر ما معي، فوجدتها تلمسها باستغراب وتقترب:
-ما هذا الشيء؟
أجبتها باستغراب:
-حقيبة!
نظرت ببلاهة وقالت:
-شكلها غريب.
قلت وانا أعبث بما داخل الحقيبة:
-إنها الموضة.
أمسكت يدي لتوقفني قائلة:
-حقًا أنا لا أفهم منك شيئًا
المهم، اعطني هذه الحقيبة لنفرغها معًا..
ثم قامت بقلب حقيبتي لتسقط الاشياء التي كانت بداخلها واحدة تلو الأخرى أرضًا، احمر الشفاه الخاص بي، وبعض من الحلوى، كريم مرطب لليد، نقودي، والعصا المنطوية على نفسها التي سقطت على رأسي! حقًا كيف نسيتها؟
وقع نظري أنا وعائشة عليها أول شيء، لتنطق عائشة بجملة واحدة فقط مذهولة:
-عصا طروادة!!
ثم انحنت أرضًا وأمسكت بها ثم ضغطت على شيء فأصبحت العصا أكثر طولًا قائلة:
-عصا طروادة، اسمها قمر، غريبة الأطوار، ملابسها مختلفة،
كيف لم أفهم؟
أنتِ قمر طروادة؟
ابنة الملكة سهير!
ثم لم تعطني فرصة لأستوعب، ولوحت بالعصا في الهواء لتظهر فجوة، حدقت في الفجوة ثم التفت لها،
لأصدم من شكلها الغريب!
تتحول لون عينيها الازرق للون أخر داكن، ملابسها تتغير وتأخذ شكل فستان داكن قصير يصل حتى ركبتيها،
ابتعدت خطوتين خوفًا، وقتها استوعبت أن ملابسي أيضًا تغيرت!
شيء ما أخبرني أن عليّ أن اركض بأسرع ما يمكن!
ولكن مع الأسف لم أكن محظوظة بالقدر الكافي حتى أستيطع الهروب، فقد أمسكت بيدي وسحبتني خلفها إلى داخل الفجوة...
وقتها فهمت أنني فعلت شيئًا خاطئًا للغاية،
لقد أنقذت إنسانة ليست طيبة النية كما ظننت!
-ادع إلى الله أن يستيطعوا الإمساك بها سريعًا، حتى نعود إلى أعمالنا.
قالها لي ذاك الشاب -الذي علمت اسمه وكان أحمد- وهو يأكل طعامه، فقد كان استضافني إلى منزله عندما علم أنني ليس لي أقارب هنا..
كم تعجب من طريقة أكلي للطعام!
وكم تعجبت أنا من طعامهم الغريب!
بعضه يشبه طعامنا ولكن ألوانه مختلفه، والبعض الآخر لم أرى مثله من قبل،
كان بيت أحمد بيت متوسط به غرفتين، يعيش مع والدته وشقيقته زينو، تعرفت على والدته وكانت عجوزًا بشوشةً ابتسامتها على وجهها ورحبت بي كثيرًا..
تناولنا الطعام، كنت مترددًا كثيرًا في البداية ولكن لم أحتمل من أصوات معدتي، غلبني جوعي فأكلت،
وللحقيقة كانت لذيذة جدًا.
تعرفت على زينو شقيقة أحمد كان يبدو عليها التوتر، وكأنها تخاف حدوث شيئًا، ولكنها فتاة لطيفة ذكرتني بقمر،
فهي قصيرة القامة مثلها، وعينيها تشبه لون عينا قمر..
كنا نجلس جميعًا في غرفة الجلوس في هدوء أظن أن كل منا شارد في مكان غير الاخر، يمكنني تخمين سبب شرود احمد، بالتأكيد هو خائف من عدم قدرته على الخروج ليرى رزقه وبالتالي لن يستيطع الاعتناء بوالدته وزينو.
ووالدته تفضل الصمت غالبًا، لم تتحدث كثيرًا وعندما تحدثت لم تفضل الحديث عن شيء سوى اولادها، وكم تود أن تراهم في بيوتهم،
حدثتني عن أحلامها قبل أن تموت، تتمنى أن ترى ابنتها وهي متزوجة وسعيدة، تخاف كثيرًا أن تذهب وتتركهم بمفردهم.
تقاوم للعيش فقط من أجلهم!
-هل أنت متزوج يا بني؟
فقت من شرودي على سؤال السيدة الكبيرة، فنظرت لها وابتسمت وقلت:
-لا.
ثم أردفت:
-ولكنه أول شيء سوف أفعله عند عودتي.
ابتسمت الخالة قائلة:
-ومن هي سعيدة الحظ إذًا؟
ابتسمت ابتسامة هائم وقلت بشرود:
-قمر..
نظروا ثلاثتهم في عيني فجأة، قائلين في صوت واحد:
-قمر؟؟
أجبته باستغراب:
-نعم، ما المشكلة؟
قال أحمد:
- لا يوجد أي مشكلة،
ولكن اسم قمر بالنسبة إلينا مقدس للغاية، حتى أننا بدأنا نسمي بنات العائلات المهمة في المدينة بهذا الاسم نسبة لقمر طروادة المنتظرة.
وقفت فجأة وأخذت أدور في غرفة الجلوس وقلت:
-أحمد هل يمكن أن أسألك سؤالًا؟
أجاب أحمد:
بالتأكيد.
ازدرقت ريقي ثم وقفت ساكنًا وسألت:
-هل يمكنك أن تقص عليّ قصة مدينتكم، قصة قمر المدينة، وايضًا لا تنسى الساحرة؟
أريد أن أعرف كل شيء من الحاكم هنا، كيف تحكمون، ما هي قوانين البلدة؟
ثم صمتت هنية، وقلت بتشتت واضح:
-كنت أنا خلف قمر مباشرة، حاولت اللحاق بها لكنها كانت تهرب، كان لديها فقدان ذاكرة مؤقت وتظن أني عدو لها، كنا في غابة لا أعلم اسمها ولكنني اختبئت بها لأيام..
أظن أن قمر أصابت بالدوار فاستندت على شجرة! ولكنها كانت شجرة ضخمة وكبيرة للغاية، وبعدها حدث شيئًا غريبًا!
توهجت الشجرة وظهرت دوامة قامت بسحب قمر تجاهها، ولم أعرف ماذا أفعل غير أن أقوم برمي نفسي داخل الدوامة من أجل اللحاق بقمر.
ثم نظرت في أعين ثلاثتهم التي كانت مصدومة للغاية وقلت بغضب:
-والان أسقط وحدي في مكان لا أعرف ماهيته قط، الناس به غريبون، شكلهم، هيئتهم، حتى طعامهم، أشعر وكأنني عدت بالزمن للوراء وفي نفس الوقت يوجد هنا كهرباء وأشياء حديثة حتى لا أعلم عنها، يوجد الشيء ونقيضه، حقا سأجن!
نظرت أرضًا وتنفست بصوت عال، ثم وقفت فجأة وقلت بإصرار واضح:
-سأخرج لأجد قمر، بالتأكيد تحتاج للمساعدة
انا أشعر بذلك!
اوقفني أحمد بيده وقال:
-مستحيل!
ثم عقبت زينو بعدما وضعت يدها على فمها:
-لا يعقل.
أمسك أحمد يدي وسحبني لأجلس مجددًا، واكمل:
-تريد أن تعرف عن مدينتا أليس كذلك؟
سأخبرك..
قواعد مدينتنا كالتالي، طالما ساحرة طروادة طلقة وحرة لا يمكننا أن نخطو خطوة للخارج وإلا..
سألته بفضول:
-وإلا؟
قال بحزن:
-وإلا ستصبح من جنودها، لن تستيطع السيطرة على عقلك وأفكارك أبدًا
ستقوم هي بتحريكك وكأنك دمية صغيرة في يديها.
نظر بجانبه لشقيقته زينو قائلاً:
-لن تشرق الشمس أبدًا علينا طالما هي حرة.
نظرت بسرعة تجاه النافذة، لأجد الظلام يعم المكان، فتسآلت:
لم افهم، ما العلاقة؟
ابتلع احمد ريقه قائلًا بتشتت:
-الملكة، هي سيدة كبيرة في العمر لم تكن تستقر هنا معنا في المدينة، كانت تأتي إلى هنا يومين فقط لا غير،
لولاها لم نكن نستيطع تنظيم حياتنا والتخلص من الساحرة، هي من قامت بنفيها بعيدًا،
ويقال لا يستطيع أحد إرجاعها قط سوى ملكتنا أو..
ابنتها!
قلت:
-ماذا إن أعادتها الملكة؟
تدخلت والدته لأول مرة وقالت:
-لم تعيد..
ثم احنت رأسها لأسفل وقالت بأسف:
-لقد فقدناها منذ فترة.
فقلت:
-ابنتها؟
نظروا تجاه بعضهم البعض ثم قالت زينو:
-ابنتها هي قمر طروادة المنتظرة.
قال أحمد:
-وهذا يدل أن قمر طروادة ظهرت بظهورك أيضًا.
ثم سال:
-هل تفكرون كما أفكر؟
حدقت به وازدرفت ريقي قائلًا معه بذات اللحظة:
-قمر طروادة هي نفس قمري!
-قمر طروادة هي نفس قمرك!