قصر القنديشة

Noha`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-05-31ضع على الرف
  • 60.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الضياع

بدأت حياتى يتسلل اليها الملل .. فانا لا اعرف كيف يمكن ان اقضى يومى فى هذه البلده الصغيره الموجوده على اطراف المدينه الصاخبة ... و لكى اذهب الى اى مكان لكى اسهر به لابد ان استقل سياره اجره و اظل بها اكثر من ساعتين .. مما يزيد الامر صعوبه و ملل ...
بهذه الكلمات بدأ احمد يكتب مذكراته لانه يشعر بالملل في بيته الجديد داخل تلك البلده النائية .. فقد تم نقله اليها ليكون الطبيب الخاص لتلك البلده التى لا يسكن بها سوى عدد قليل جدا من السكان .. و لان البلده تعتبر فى منطقه نائية .. فان جميع مظاهر الحياه تقريبا غير متوفره .... فعدد سكان هذه البلده صغير جدا للا يتعدى العشر عائلات و كلهم يعرفون بعضهم البعض جيدا ... و بعد زوال الشمس تقريبا لا يتم تحريك اى ساكن داخل تلك البلده .. مما اثار دهشة احمد .. و كان يشعر ان هناك شيئا مريب .. فى تلك البلدة ...
لم يدرى احمد ماذا يفعل و كيف يمكن ان يمر الوقت فى تلك البلده .. و لانه يريد ان يهرب من مشاكله ومن ماضيه الاليم ما كان ليقبل بتلك المهمه ابدا وكان رفض ذلك العرض للعمل داخل تلك البلدة مهما كانت المغريات ... .. فاحمد شاب و سيم فى العقد الثالث من عمره .. تخرج من كليه الطب منذ فتره ليست بالطويله .. كان متزوج من فتاه فى غايه الجمال تدعى زينه .. ولكن انفصلا سويا بعد مرورهما بفتره عصيبه ... مما جعل احمد يمر فتره اكتئاب كبيره ... فقد على اثرها عمله داخل المستشفى الاستثمارى الكبيره التى كان يعمل بها ...
و بعد تدهور حالته النفسيه و الاجتماعيه و المادية .. ايضا ... كاد احمد ان يدخل فى مضمار المخدرات فقد بدأ ياخذ حبوب مهدأه ... و لكن و فاه والدته كانت بمثابة صفعه قويه له .. بدأ بعدها يفوق .. وقرر ان يبدأ من جديد لان تلك كانت الامنية الأخيره لوالدته قبل و افتها ...
كانت الذكريات تلاحق احمد . باستمرار .. لذلك قبل قدومه الى تلك البلدة كان دائم السهر فى الملاهى الليليه و التسكع فى الشوارع حتى يرجع منهك القوى الي بيته و ينام دون عناء و صراع مع الافكار ... ولكن ما كان لينجح في الهروب من تلك الافكار فهى كالنعكبوت داخل عقله تنسج خطوط من حرير .. لتلتقط كل الذكريات المئلمة و تعذبه بها ...
فلم يجد احمد اماه غير الورقى و القلم ... ليفرغ بها كل ما يشعر به حتى لا يصاب بالجنون ... ظل يكتب حتى تغلب عليه النوم ... و كالعادة لم يستطيع الهرب من ذكرياته فهى تلاحقه فى احلامه دون توقف ...
و عندما انتهى صراع احمد مع ذكرياته داخل احلامه البائسة ظهرت الشمس معلنه تنفس الصبح و بدأ يوم عمل جديد .. و لان و ضع عمل احمد استثنائي فانه كان لا يذهب الى العمل كل صباح و انما يكتفى بالتواجد داخل منزله الصغير و اى اسره جاخل تلك البلده تحتاجه .. تتصل به تلفونيا .. فيذهب ليكشف علي المريض داخل منزله ...
و لان لا قيمه للطبيب دون المرض فانه يدعو له فى كثير من الاحيان ... لذلك فان احمد كان يتمنى ان يزور المرض اى منزل من منازل البلده حتى يخرج من ذلك البيت الذي لم يتركه منذ ما يقارب الاسبوع ....
و بالفعل بعد ان تناول احمد كوب القهوة الصباحى ... الذي لا يقدر ان يتخلى عنه منذ اللحظات الاولى له فى كل يوم جديد ... رن هاتفعه معلنا وجود حاله مرضيه داخل احدى البيوت القريبه من منزل احمد ... .. انهى المكالمة بعد ان اخذ تفاصيل ذهابه الى بيت المريض لانه مازالت كل شوارع البلدة متشابة بالنسبة له
...
و نزل احمد متجها الى البيت ليكشف على المريض .. و كانت خطواته متحفظه و يحسبها حتى لا يتوهه فى هذه الشوارع المتشابهة التى بالنشبه له مثل المتاهة... و عندما وصل الى المنزل المرجو .. و جد فتاه صغيره لا يتجاوز عمرها العشر سنوات ... ذات شعر بنى طويل منسدل على كتفيها و عينان واسعتان ذات لون رمادى فاتح ... نظر اليها احمد و كان سيسألها ليتأكد من ان هذا هو المنزل الصحيح .. ولكنه و قبل ان يتحدث .. بادرت هى .. وقالت له ....
_ البنت الصغيره : انت الدكتور مش كده ....
_ احمد : ايوه انا هو .. ممكن تقولى لبابا ان انا هنا ....
_ البنت الصغيره : بابا ...!!!! لا بابا مش هنا .. مش موجود ...
_ احمد : امال مين موجود ...
_ البنت الصغيره : استنى انا هروح انده اختى الكبيره ميار .. هى قالتلى انزل اشوفك جيت و لا لا ... لانها قاعده مع جدى علشان تعبان شويه .. انت اللى هيخليه يخف .. مش كده ...
_ احمد : ربنا هو اللى بيشفى يا .... صحيح انتى اسمه ايه ....
_ البنت الصغيره : انا اسمى مروه و اختى الكبيره اسمها ميار ....
_ احمد : طيب يا مروه ادخلى بسرعه نادى حد ...
_ مروه : طيب .. ما تدخل معايا .. تعالى .. تعالى ..
_ احمد : طيب انا هامشي وراكى .. و انتى اسبقينى علشان تقوللى لهم انا انا وصلت
مشي احمد على نفس خطى مروه و كان ميتسم .. فاسلوب مروه فى الحديث يملئة برائة الاطفال ... و تمتلك ابتسامة ساحرة ... و خصوصا ان..
مروه تعتبر اول شخص يتحدث اليه احمد تقريبا منذ ان وصل الى تلك البلدة الصغيرة . و بعد ان دخل المنزل .. اندهش احمد عندما دخل المنزل لانه كان ممتلىء بالتحف و اللوحات .. التى يظهر عليها الفخامة و الرقى ..
المنزل من الداخل واسع جدا و هناك سلم يتوسط الساحة الداخلية للمنزل ... و اثناء تفقد احمد كل الحوائط و الاثاث بعيناه .. نزلت من الطابق العلوى ميار الاخت الكبرى لمروه .. سمع احمد خطواتها و هى تنزل على ذلك السلم العتيق و عندما نظر اليها احمد أزدادت دهشته فى تشبة اختها مروه بشكل كبير و كانها نسخة مكبرة منها .. و كانت ميار ترتدى فستان كلاسيكى غريب ... شعر احمد ان هذا المزل بما فيه من اثاث و اشخاص .. فى غاية الغرابة .
_ ميار : اهلا و سهلا بحضرتك ... ياريت تطلع معايا فوق علشان تشكشف على جدى ...
_ احمد : الف سلامه عليه .. ممكن اعرف هو بيشتكى من ايه ..
_ ميار : بيكح جدا و بشكل غريب يا دكتور .. عملت له سوايل دافيه لكن ما فيش اى تحسن ابدا
_ احمد : بيكح بس ... !!
_ ميار : ايوه .. بس انا خايفه عليه جدا لان دى مش طبيعته ابدا ..
_ احمد : خير ... لما اكشف عليه هطمنك ان شاء الله ... اكيد حبه برد بسيط ...

دخل احمد غرفة الجد .. و كان يبحث عن مروه تلك الطفله الصغيرة التى استقبلته .. و من المفترض انها سبقته لغرفة الجد .. و لكنه لم يراها ... و قال فى نفسه انها من المؤكد انها موجوده داخل اى غرفه من الغرف الكثيره و التي راها فى طريقه الى غرفة الجد ..
و كان الجد المريض نائم على السرير و كان يشبة الملوك العثمانين ... و له هيبه غريبه .. و واضح انه يمتلك صحة جيده ...
و بالفعل كشف عليه و كان لا يظهر عليه اى علامة من علامات المرض .. و لم يسعل ولو لمره واحدة منذ ان دخل عليه احمد ..
وعندما انتهى احمد من الكشف اخذ يفكر فى كلمات لكى يشرح لهم ان حاله المريض جيده جدا و قد تكون احسن من حالة الدكتور نفسه
_ ميار : ايه يا دكتور ... ايه سبب الكحة اللى عند جدى ..
_ احمد : ابدا .. هو كويس .. مجرد التهاب بسيط جدا .. ممكن يكون اكل حاجه حارة مثلا سببت له نوبة السعال دى .. لكن انا شايف انه كويس جدا ..
_ ميار : طيب و ايه العمل ...
_ احمد : ايه العمل فى ايه بالضبط ....
_ ميار : اقصد حضرتك هتكتب له علاج يعنى و لا ايه ..
_ احمد : انتى عارفه طبعا ان الادويه كلها موجده فى المركز الطبي و هو بيفتح ساعتين بس فى اليوم و زمانه قفل دلوقتى .... انا هكتب لك دوا للكحه و بكره بقى روحى اصرفيه .
_ مياره : اخهو ده اللى كنت خايفه منه ..ز يعنى حضرتك مش معاك اى ادويه فى الشنطة دى ..
_ احمد : لا .. انا مش بمشى بادويه .. و او عدك انى هكتب شكوى فى المركز .. علشان يفتحوه طول اليوم ..
_ ميار : ما اعتقدش ان ده هيحصل .. لان ما فيش صيدلى راضى يعيش هنا فى البلد .. و كل اللى بيجى بيمشى علطول ... فعينوا واحد يجى ساعتين بس و يسافر قبل ما النهار ينتهى ..
_ احمد : حاجه غريبه .. ازاى يعنى .. اكيد هيلاقوا ما انا اهو .. سبت كل حاجه و رضيت انى اجى اتعين هنا ... يعنى ممكن يلاقوا حد .
_ ميار : ما فيش حد زيك ...
لم يفهم احمد تلك الجمله التى قالتها ميار و خاصة انها قالتها باسلوب غريب و كانه تقصد من ورائها شيئا ما ... و لم يستطيع احمد ان يرد عليها فاكتفى بالابتسام .. .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي