الفصل 54

-حسنا يا أديل .. سأذهب إلى جان وأخبره بكل شيء
نهضت من مكانها وتحدثت وهي تتجه نحو المنزل :
-لا داعي .. أنا سأذهب إليه
قابلتها ساره لتوقفها أديل متسائلة :
-ماذا حدث مع جوزيف ؟!
-لا أعلم .. سأتحدث مع أرنو
حركت أديل رأسها بخفة ثم تابعت السير ، فيما تابعت ساره السير ايضا وجلست بجوار كمال ، والذي قال بإصرار :
-اعطاني عنوان الشركة .. سأذهب إلى جان
نظرت إليه بحزن واضح وقالت :
-الشركة مغلقة حاليا
-ماذا حدث ؟!
لتخبره ساره بكل شيء فتنهد بهدوء وهو يومئ برأسه ، فيما هاتفت ساره أرنو ليخبرها أن جوزيف سيتم حبسه ثلاثين يوما قبل النطق بالحكم النهائي ، شعرت ساره بالحزن عليه ثم تساءلت :
-وماذا عن الشركة ؟!
-سنعيد تصنيع المنتجات وكل شيء سيكون بخير حتى تثبت براءته .. ما رأيك في أن تكوني معنا
ابتسمت وقالت بحماس :
-معكم
******
عادت جين إلى المستشفى وجلست مع صديقتها جوليا حتى غروب الشمس ، اراحت جسدها على الأريكة تنظر إلى صديقتها النائمة بخوف من فقدانها ، رن هاتفها المحمول فأخذته لتنظر إلى شاشته التي تضيء باسم بيير ، لتزفر يسأم ثم أجابت عليه ليقول :
-في انتظارك أمام المستشفى
ثم فصل المكالمة ، أخذت تفكر في مقابلته ، حتى أخبرت نفسها انها لابد من المقابلة لتستفهم منه عن قضية جوزيف أكثر ، نهضت واقفة وتناولت الحقيبة ثم وضعت الهاتف في جيب سروالها ، ألقت نظرة سريعة على صديقتها ثم خرجت من الغرفة ، واستقلت المصعد الكهربائي إلى الطابق السفلي ، ثم خرجت تنظر حولها حتى وجدت سيارة بيير ، تنهدت بعمق ثم تقدمت نحو السيارة وقامت بفتح الباب الامامي لتجلس بجواره ..

تنحنح بخفة ثم نظر إليها بابتسامة باردة وقال :
-مبارك عليكِ إعدام جوزيف
نظرت إليه بحنق وقالت من بين أسنانها :
-أنت المجرم وليس جوزيف .. أنت من تستحق الإعدام
أخرج من جيب سرواله منديل وفجأة قبض على شعرها من الخلف لتشهق بهلع ، و وضع المنديل على أنفها بقوة ، وما إلا لحظات واغشى عليها ، ثم شغل السيارة ليغادر ..

و وقف أمام إحدى العمارات ثم ترجل من السيارة وهو ينظر حوله ، الشارع كان خاليا من المارة ، أخرج جين من السيارة وحملها على ذراعيه ثم دلف إلى العمارة واستقلت المصعد الكهربائي إلى الطابق المطلوب ، ثم وقف يضغط على الجرس برأسه وانتظر للحظات حتى فتح فيليب ، الذي تفاجئ بجين على ذراعيه متسائلا :
-لماذا اتيت بجين ؟!
لم يجيب على سؤاله ودخل متجه نحو الغرفة ، ليدخل وقام بوضع جين على الفراش برفق و وقف يتأملها ، فدخل فيليب وهو يعيد سؤاله ، ليجيب عليه ولا زال ينظر إليها :
-سأتحدث معها هنا بهدوء .. وسأخيرها بيني وبين جوزيف للمرة الأخيرة
زفر فيليب بحنق ثم خرج مغلقا الباب خلفه ، فيما تناول بيير حقيبة جين ليضعها جانبا ، ثم خرج وعاد ومعه زجاجة مياه ليضع القليل على راحة يده ثم ألقى بالماء على وجهها ، فعقدت حاجبيها فقط ولم تستيقظ فوضع القليل على وجهها مجددا ، لتفتح عيناها بعدم وعي ثم نظرت إليه بهلع ..
فوضع الزجاجة على المنضدة ، ثم جلس على نهاية الفراش قائلا :
-سنتحدث هنا بهدوء يا جين
تساءلت بحده :
-ماذا تريد ؟!
تأملها للحظات من الصمت ثم تنهدت بهدوء وقال :
-جين .. فعلت لكي الكثير والكثير .. فعلت ما بوسعي لأبعدك عن جوزيف وحدث بالفعل .. ولكن عدتي إليه مجددا ..
رفع رأسه للأعلى يزفر بسأم ثم نظرت إليها بعصبية متابعا :
-كيف عرفك يا جين ؟! .. أنا من اعطيت للطبيب صورة أخرى ليبدلك
شعرت بقشعريرة في جسدها من حديثه معها ، ثم تساءلت بنبرة مرتعشة :
-أنت ؟؟ .. لماذا؟!
لاحت ابتسامة باردة على ثغره وقال :
-لتكوني في يدي مثل الدميمة .. بدلت في وجهك حيث شئت .. وامتلكت يا جين حتى ناهيتي دراستك وحصلتي على وظيفه .. مسحتي بيير من رأسك .. مسحتي كل شيء فعله بيير من أجلك
نهضت من الفراش و وقفت تنظر إليه بعصبية مفرطة قائلة :
- لقد فعلت لي أفظع شيء يا بيير .. وأنا كالحمقاء جعلت من نفسي دميمة في يدك الحقيرة ..
نهض واقفا أمامها فنظرت إليه بتحدي قائلة :
-لقد تغيرت يا بيير .. والأن أنا لست دميمة
ليقول بتأكيد :
-بل دميمة .. وفي يدي أجعلك تفقدين الذاكرة لتبقين معي للأبد
شعرت بالخوف داخلها ولكن لم توضح له ، وبقت أمامه فتاة ثابته كلماته لم تؤثر بها قط ، رفع سبابته قائلا بتهديد :
-سأتركك تفكرين .. تأتي معي بهدوء .. أو تفقدين الذاكرة وستأتي معي بهدوء أيضا
ثم مضى خطوتين وأمسكت بيده ليتوقف عن السير وتساءلت :
-كيف ستجعلني أفقد الذاكرة ؟!
-أشياء بسيطة يا جين .. أقل شيء رأسك ترتطم في الحائط
ثم تناول حقيبة يدها وغادر ، فاتجهت نحو الباب و اوصدت الباب جيدا ، ثم جلست على الفراش وهي تخرج هاتفها من جيب السروال لتنشط وضع الصامت ، ثم وضعت رأسها على الوسادة تعصر رأسها من كثرة التفكير حتى غلبها النعاس
******
عاد جان إلى المنزل في الواحدة صباحاً ، ثم صعد إلى الطابق الثاني ليجد حقيبة ملابس بجوار الدرج ، فدلف إلى الغرفة ليجد أوجيني واقفة أمام الشرفة ، فأغلق الباب لتلتفت إليه ثم قالت :
-انتظرتك كثيرا .. لأخبرك بانني سأعود إلى القصر
-لماذا ؟!
أطرقت عيناها المكسورة وتحدثت بنبرة مؤلمه :
-اود أن أبتعد عنك لفترة
عقد حاجبيه قائلا بسأم :
-ليس هذه الفترة يا أوجين أرجوكِ
ثم مسح على وجنتها حتى ذقنها ليرفع رأسها إليه ، فنظرت إليه بعتاب وكادت أن تتحدث إلا أنه كان أسرع منها بأخذ قبله من شفاها ، ثم ابتعد عنها هامسا :
-أسف .. أسف بشأن كل شيء
ثم قبلها على جبينها بحنان فأغمضت عيناها مستسلمة له و وجدت نفسها تعانقه ، فضمها إليه بقوة وقال مبتسما :
-ستنجبين عشرة أطفال .. حسنا ؟!
ضحكت ضحكة خفيفة فتبسم وتحدث بجدية مصطنعة :
-أنا لا أمزح .. ستنجبين عشرة أطفال يتشاجرون معنا .. ونتقاسم معهم في الفراش
ابتعدت عنه لتنظر إليه بابتسامة وتمسح دموعها التي هبطت على وجنتيها ثم قالت :
-لقد ذهبت إلى الطبيب .. وأخبرني أن الدواء لم يؤثر علي
حرك رأسه بخفة ثم تنهد قائلا :
-شيء أسعدني كثيراً
ثم جذبها إليه مرة أخرى مستند بذقنه على رأسها ، يتطلع إلى الأمام بحزن واضح ، فمتى سينتهي ذاك الحزن الذي يسكن في قلبه ؟! ، الشيء الذي يكسر الحزن هو أن ينسي ذكرى أديل ..

بعد مضي ليلة سعيدة بينهم ، ليذهب الليل سريعاً ويأتي الصباح البارد ، استيقظ جان بوجه عابس على صوت هاتفه ، رفع الوسادة الصغيرة قليلا ليرفع ظهره عليها ، ثم نظر إلى شاشة هاتفه بنعاس ليجد أسم جين ، فأجاب عليها ليستمع إلى صوتها الهادئ :
-جان .. أنصت لي .. بيير جاء لي وقام بخطفي
هم جان واقفا وهو يقول في دهشة :
-ماذا ؟! .. وأين أنتِ
همست بقلق واضح :
-لا أعلم .. أنا خائفة كثيرا
قال ليهدأ من روعها :
-فقط اهدئي .. وافتحي الـ جي بي اس
نظرت إلى الهاتف وقامت بفتح ال جي بي اس كما قال لها ثم قالت وهي تنظر إلى الباب :
-حسنا .. وماذا بعد
-سآتي إليكِ فورا
ثم أنهى معها المكالمة وتحدث مع أرنو وطلب منه أن يأتي فورا ، استيقظت أوجيني على صوته ونظرت إليه بنعاس متسائلة :
-ماذا حدث ؟!
وضع الهاتف على المنضدة المجاورة للفراش ثم نظر إليها وقال :
-علمت بمكان المجرم الحقيقي
******
أخذت الغرفة ذهابا وإيابا ومن حين لأخر كانت تنظر إلى الطريق من النافذة ، منتظرة جان بفارغ الصبر ، تحركت عقارب الساعة ولم يأتي فشعرت بألم في قدميها ، لتجلس على الأرض ضمه فدميها إلى صدرها بخوف شديد من تهور بيير ، والذي جعلها تتألم أكثر أفعاله الشيطانية التي فعلها بها ، هو من اتفق مع فيليب ليتم خطفها ويشوه وجهها ..

أتنفض جسدها عندما تحرك مقبض الباب ، فنهضت واقفة فيما دق بيير الباب بقوة قائلا :
-جين افتحي الباب فورا
تقدمت نحو الباب و وقفت خلفه قائلة :
-لا .. لم أفتح لك الباب مطلقا
جز أسنانه بغيظ ثم ركب الباب بقدمة عدة مرات قائلا بعصبية :
-أن لم تفتحي الباب الأن سأكسره ثم أكسر رأسك
أغمضت عيناها بخوف ثم نظرت إلى الهاتف واتصلت على جان ثم وضعت الهاتف في جيب سروالها ، ثم فتحت قفل الباب وتراجعت للخلف ، فيما فتح جان المكالمة وتحدث ولم تجيب عليه ، فاستمع إلى صوت بيير الذي دخل للتو :
-فكرتي أم لا ؟!
-لن أتي معك يا بيير .. سأظل هنا مع جوزيف .. فكرت واخترت جوزيف
أخذ يحدق بها بنظرات قاتلة ثم قبض على معصمها بقوة وهو يصيح :
-سأكسر رأسك يا جين .. وستأتي معي
شعر جان بالقلق عليها وأمر أرنو أن يسرع أكثر ، فيما قالت جين بهلع :
-انتظر .. انتظر .. اتركني لخمسة دقائق فقط أفكر
دفعها للخلف لتنصدم في السرير ، ثم رفع كف يده قائلا بعنف :
-خمسة دقائق فقط يا جين
ثم خرج مغلقا الباب خلفه بقوة لينتفض جسدها ، ثم أخرجت الهاتف وضعته على أذنها وقالت بنبرة بكاء :
-جان أين أنت ؟!
-لا تقلقي .. دقيقتين فقط
قالها جان بهدوء ليهدأ من روعها ، فحركت رأسها بخفة والتقطت أنا أنفاسها بهدوء ، وعقب وصوله أخبرها جان لتطمئن جين ثم أنهت معه المكالمة ، وانتظرت للحظات واقتحم بيير الغرفة فنظرت إليه بثبات قائلة :
-لن أذهل معك لأي مكان .. لقد تحدثت مع جان وقد وصل للتو
تساءل في دهشة :
-ماذا ؟! .. كيف وحقيبتك معي ؟!
-هاتفي كان معي يا أحمق
عض على شفى السفلي وكاد أن يقترب منها ولكن رن جرس الباب فنظر خلفه في حيرة ، فيما دخل فيليب ودفعه بعصبية قائلا :
-قلت لك ابتعد عن جين .. جان وأرنو في الخارج .. هيا لنذهب
صاح بعنف :
-لن أذهب بدون جين .. فعلت كل هذا لتكون معي
أبتسم بخفة وقال :
-حسنا ابقى معها حتى تدخل السجن
ثم غادر فيليب ساحبا حقيبته خلفه وخرج من الباب الخلفي ، فيما ظل بيير واقفا مكانه ويستمع إلى صوت الجرس ودقات الباب القوية ، يفكر في حديث فيليب بتدقيق حتى حسم قراره ونظر إلى جين بحده قائلا :
-سأعود يا جين .. سأعود
ثم ركض إلى الخارج وأخذ حقيبته متجه نحو المطبخ ليخرج من الباب الخلفي ، فركضت جين إلى الخارج وقامت بفتح الباب ، ليدخل جان حاملا مسدسه ومعه أرنو فقالت :
-لفد هربوا
نظر أرنو إليها ثم دخل يبحث عن المطبخ حتى وجده ليجد الباب الخلفي ، فخرج منه ينظر إلى الأسفل لم يجد لهم أثر ، فدخل على الفور قائلا :
-سيأخذون السيارة من أمام العمارة .. هيا بنا
بعد أن اطمئن جان على جين خرج مع أرنو ، فيما ظلت جين في الشقة تبحث عن أي شيء يثبت براءة جوزيف ولكن لم تجد شيئاً ، فتناولت حقيبة يدها وخرجت ، لتجد جان يخرج من المصعد الكهربائي فتساءلت :
-لم تحلق بهم ؟!
-لا .. هيا لنذهب من هنا
***يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي