الفصل التاسع والعشرون

جاء يوم عطلتها اخيرا وقررت أن يكون عنوان البث المباشر لهذا اليوم بعنوان بين الشرق والغرب
لقد صارت حفيظتها ما حدث طيلة الأيام الماضية من مشكلات اقتنعت تماما أنها نتاج تصادم ثقافات غريبة عن بعضها، فالغرب قد استخلص القيم العربية وقرر أن يبثها بأبناءه حتى وإن أنكر ذلك أما العرب فقد تخلوا تماما عن كل ما له قيمة بحياتهم من أجل اتباع الغرب على غير هدى
فتحت الكاميرا وسلطتها على كرسي مكتبها وجلست بهدوء كى تتحدث عما أرادت أن تقوله للجميع
اهلا فيكن متابعينى أنا دكتورة أمل ناجى طبيبة نفسية واللى مو تابعنى من قبل أنا هون يستقبل رسائلكم على الصفحة تبعي وعم برد على ياللى بيكون مشترك بين هادول المشكلات، بداية راح اتكلم زى ما عنوان البث موضح هلا عن الشرق والغرب ياللى شبابنا وبناتنا تائهين بينهم، لاحظت أن أغلب المشكلات مع الاسف تتعلق بالجنس ما بين اجبار أو اعتياد او حاجة ما عم نعرف تلبيها صح
بداية بالشباب ياللى عم ليشاهد افلام إباحية بتخليه على طول مثار وبيتسبب هيك شي في تلات أمور أسوأ من بعض أولهم العادة السرية ياللى راح تسبب له مشكلات فيما بعد أو اللجوء لفتيات الليل واللى ممكن أنهن يصيبونه بأمراض جنسية أو افكار غير سليمة أو صحية راح تلازمه طول عمره أما الأخطر بين هادوا الاختيارات هو أنه يجبر فتاة أو يضحك عليها ليالي رغبة جسده وبعدين يتركها
مارح تصدقون ويمكن تتهمونى انى عم شوه صورة المجتمع العربي بس مع الاسف هاى الحقيقة انو نسبة كبيرة من الأطفال عم يتعرضوا للتحرش الجنسي من اقرب الناس الهن وما راح قول احصائيات أو دراسات عشان ما حدا يقول بتروح للأمور لكن الأمر حقيقي مو بس في العالم العربي لا والغربي كمان والسبب هون مختلف لان هون في حرية لممارسة الجنس باى سن لكن ليش عم يوجهوا للاطفال هون السبب غير عنا هون هما جربوا كل شيء وعلى الشيء أمر خارج عن المألوف رغم كونه غير قانونى لكن عنا بيعتقد المعتدى أنه هاى الأمر أمن اله طفل راح يخاف يقول هيك شي وخاصة لو بنت ومع الاسف هاى الأمر واقع مرير لانا مو فاضيين لمراقبة بناتنا منيح، كيف كان ما باللحظة تغير في تصرف البنت من انطواء أو خوف وتغير في شخصيتها ودائما بيكون تغير مفاجئ وكامل يعنى هى لو كانت هادئة ممكن تبقي عصبية وصاحبة كتير هى عم بتصرخ من جولتها بتصرفاتها ياللى عم تستنجد بيها بسبب يا اللى صار معها، هى ما بتعرف شو الصح وشو الغلط بس بتعرف انو هى انتهكت في شي مو مريح حصل معها وهيدا لان الام مشغولة عن مراقبة اطفال هم مسئوليتها
أما المراهقين ياللى بيصارعوا طاقة كبيرة جواهم عم تبلعهم وما لقيوا حدا يمسك لديهن ويوجهن صح، فبيضلوا الطريق بسبب قنوات فاتحة لهن دراعتها لتستقبل ثورانهم هيدا جولتها، ليبدأ تمردهن على الدين والعادات وفي هيك وقت بيبقوا كيف السفينة ياللى يتواجه موج عالى كتير وبدهن  مرساة ودفة وقبطان لتعبر سفينتهم بأمان من عاصفة المراهقة
الأساس هون الأسرة الام والاب ولازم يعرفوا انو الانجاب مو للعب ولا انو توفير الاكل والشرب بس راح يكفي هدول المساكين ياللى مفكرين انو الجنس محور الكون ومو مركزين في مستقبلهن ولا طفولتهم ياللى لسة خارجين منها وكل هيك لاختلال ميزان المجتمع
هلا في ناس راح يقولولى كل هاى الكلام سمعناه من قبل بس هلا في مشكلة حصلت شو بدنا نعمل فيها
راح قولكن الحل هلا، بداية اى ام عم بتلاحظ تغير في تصرفات ابنها او بنتها لازم ما تمرر الأمر وتركز معه لان ممكن اى خلل بشخصيتهن يأثر كتيير بعدين والمرض النفسي مع الاسف اخطر من المرض العضوى
طبعا كتير راح يقولوا ما بدنا فضائح أو نروح لطبيب نفسي بس صدقوني هيدا افضل من ترك طفل غير سوى راح يواجه الحياة لحاله بمرضه
أما ياللى اتعرضوا لها الشي وصاروا كبار هلا بس عم بيحسوا أنوا هنا عم بيعانوا، فلازم طبيب نفسي ممكن يتكلموا مع طبيب على التليفون بس لازم يتأكدوا من هيك شي وطبعا علا في كتير أطباء مثلي الهن صفحات ممكن تتواصلوا معهن عليها

لاحظت امل رسائل بعضها يهاجم محتوى البث كما توقعت أما السؤال الذي جذب انتباهها حقا والذي قررت أن تقرأه على الهواء
ليه كل كلامكم عن الجنس والحاجات دى؟ ليه المشاكل التانية ملهاش مجال عندكم؟
ابتسمت امل وقررت أن تجيب هذا السؤال
لان هاى الأمور دائما حساسة وما حدا بيخوض فيها
مع الاسف كتير منا عم بيتعامل مع الأمر كونه عيب وشي مو منيح، المواضيع المحرمة أو العيب
رغم أنه في كل الديانات ما كانت عيب التحدث عنها
احنا مسخنا أعظم متعة وهبنا الإله اياها، لازم نعرف أنه الموضوع مو عيب ابدا ومو لازم يكون محور حياتنا بالفعل هو شي غريزة طبيعي جدا نشعر بيه لكن اختلاط الأمور معنا هو ياللى مدمر هاى الثقافة
راح اتكلم بلهجتك لاسهل الأمور
احنا عايشين في عالم مختلف لكن نفس المشاكل تقريبا بتتعرض عليا كان الخط الفاصل بين الثقافتين مش موجود
احنا اللى عاملين لنفسنا اضطراب في تفكيرنا، لو بنت مثلا سألت والدتها عن أى شيء يخص جسمها راح تقولها اول كلمة غلط وهى عيب كان جسمها عيب السؤال عيب التفكير عيب الشعور رغم أنه غريزة لذلك تلاقي البنت لو فكرت في الأمور دى خاصة مع انفتاح العالم والقنوات وغياب نفس الام اللى قالت عيب بدون ما تراقب فالبنت بتقرر أنه اللى هي بتفكر فيه غلط وأنها مش طبيعية وبتبدا تدارى، لو حست بشي لما تسمع كلمة من ولد او لو شافت مشهد رومانسي تبقي مريضة ومش محترمة أما الولد بقي على العكس بنتباهى بكونه بقي راجل والام نفسها تفرح أنه كويس رغم الاتنين بنفس السن والمشاعر واحدة
لذلك زى ما وجهت رسالة للامهات لازم أوجه رسالة للبنات انت طبيعية تماما لو حسيت بشي من دا ومش غلط ابدا فيك لكن الغلط هو تعريض نفسك لحاجة زى كدا، طبيعة جسمك هتستجيب غصب عنك لذلك الافضل نتجنب المواقف أو المشاهد اللى ممكن تخلينا في وضع ممكن نتائجه غير مأمونة
تذكرت امل ليلة أمس وثباتها هى ودافيد، تلك الكلمات التى تفوهت بها ذكرتها بمجازفتها بالذهاب معه ولولا تفكيره السامة لكانت الأمور خرجت عن السيطرة فعلا
عادت امل لتكمل ما كانت تتحدث عنه
كلنا بشر والخطأ وارد جدا لكن التمادى فيه هو الغلط فعلا لذلك لازم نعرف بعض الأشياء المهمة
أولهم الجنس نعمة من الله لكن ليها قواعد وعادات بتحكمها علشان نمارسها
الولاد مو احرار مثل البنات تماما لأن غلط الولد اكيد بيقابله غلط بنت في أسرة تانية لهيك لازم نعرف انها دائرة مفرغة
اذا ما تعرضت للتحرش أو بتواجهى صعوبة بالتواصل مع أسرتك ممكن بسهولة تتواصل مع طبيب نفسي لكن تاكد أنه طبيب وممارس للمهنة لان بسهولة ممكن يكون نصاب أو مدعى
أما الجنس الأمن أو ياللى البعض بيفكره هيك فهيدا اخطر على الأسرة، الاطفال مو أداة تفريغ جنسية لهيك إذا كنت مضطرة لترك اطفالك مع حدا لازم تكونى على علم تماما باى تغير يحصل لطفلك، طفلك ممكن يسامحك لو ما جبتيله لبس جديد او لعبة نفسه فيها لكن ما راح يسامحك إذا ما قصرت في حمايته أو عاقبتيه على تعرض حدا ليه، ضربك ليمونة صغيرة أنه حدا لمسها راح يسبب الها عقدة لأنها طفلة مو لازم اعاقبها لكن تعاقب ياللى تعرض الها
أنا كلامى عن هاى الأمور لأنها بتشكل مساحة كبير جدا من المشاكل وقد تكون الأساس لمشاكل تانية كتير، ممكن تلاقي مختلين أو مجرمين السبب وراء ياللى هما فيه اب متخاذل شاف غلط ابناؤه وما ردعهم
لذلك ما تترددوا في البحث عن حل لها المشاكل لانها مو صغيرة ابدا والأمر مو صعب في بدايته ابدا

أغلقت امل البث بعد أن أرهقت من الحديث وقررت غلق هاتفها لليوم التالى فهى لن تقدر على التعامل مع أحد حاليا
لم تكد تهم بغلق الهاتف حتى وجدت رسالة من دافيد يخبرها بأنه سيصحبها بالغد لزيارة أحدهم
لم تفهم امل من ذلك الشخص لكنها تذكرت من أسلوبه المسيطر فهو لم يسألها عن الأمر بل أمرها به فقط ويجب أن تنصاع له، قررت أن ترفض لكنها تراجعت فيجب أن تترك الأمور كما هى حتى تعلم هل ستستطيع أن تتقبل الحياة كما يفضلها هو ام أنها ستنفر منها فهى تعلم جيدا أنه لن يتخلى عن أسلوب المسيطر في تصرفاته جميعها

صباح جديد اشرق واستعدت امل للذهاب برفقة دافيد، ارتدت ثوب صيفي رقيق واسدلت شعرها القصير وغادرت شقتها لوحده منتظرا إياها بالخارج
ابتسمت واستقبلت السيارة دون أن تسأله اين وجهته مما أثار فضوله هو
الن تسألينى اين سنذهب ؟
ابتسمت امل ونظرت أمامها وهى ترد
لا، فلو أردت أن تخبرينى لفعلت وانا لست لحوحة بأسئلتى
لكن ذلك سؤال طبيعي لأى شخص؟
ربما إذا كان شخص آخر غيرك أو امرأة أخرى غيري
ابتسم دافيد فهو بالفعل يكره الأسئلة لكنها تفهمه حقا دون محاولة لإثارة إعجابه هي فقط تعلم جيدا متى تلتزم الصمت ومتى تتحدث
وصلا لوجهتهما حيث قصر رائع اثار إعجاب امل لموقعه و وجهته الفخمة، ارتقيا درجات القصر حتى وصلا لبوابة ضخمة سرعان ما فتحت كانهم بانتظار دافيد، تطلعت امل حولها بانبهار من التصميم الداخلى للقصر واثاثه الفخم والثريات الكريستال المتدلية من السقف أما ما اذهلها حقا هو اللوحة المعلقة على أحد الحوائط والتى علمت أنها لفنان فرنسي مشهور
لهذه...
لم تكن بحاجة لقول شيء آخر ليجيبها دافيد
نعم اللوحة الأصلية
واو
لم تزد امل عن ذلك لكنها عادت وسألت دافيد
ما هو مدى ثراء أصحاب هذا القصر؟
تغضنت ملامح دافيد وتحدث بضيق
لدرجة أن تحاول أن أن تتخلص من ابنها لترثه
علمت امل ان صاحبة القصر ربما كانت جدته أو والده ربما لكنها صمتت كى لا تثير غضبه
لم تمر لحظات حتى وجدت سيدة راقية بالستين من
عمرها ربما فرقيها لا يظهر سنها الحقيقي، اقتربت السيدة وابتسامتها الدافئة اشعرت امل بالحنين لوطنها فتلك السيدة تحمل كثيرا من ملامح جدتها
عرفها دافيد عليها لتعلم أنها جدته مارى
ابتسمت امل وحيتها بلغتها مما اذهل السيدة
انت عربية؟
ابتسمت امل وإجابتها
اى، من لبنان
عنجد؟
ايه، من ضيعة تبع بيروت
بالله جد أنا كنت من هناك تعى بنتى احكيلى عن البلد والضيعة وأنت بنت مين هناك
ابتسمت امل وتبعت السيدة التى جلست بإحدى الارائك واجلستها بجوارها متناسبة دافيد الذي ابتسم وجلس على مقربة يستمع إليهن دون تدخل
أنا أسمى أمل ناجى، والدى اسمه رحيم ناجى ابن...
لحظة انت جدتك ساره؟
ايه بتعرفيها؟
ابتسمت مارى
ايه بعرفها كنا زمايل بالمدرسة قبل ما اتجوز واهاجر مع زوجى أنا شفت والدك وهو صغير مرة بزيارتى للضيعة قبل ما يموت زوجى
عنجد؟
ايه عنجد كنا كتير صحاب كنت من ضيعة قريبة لهيك فاكرة اسم جدك كتير منيح كان عم بيحب جدتك من ونحنا صغار بس التحق بالجيش وما اتجوزها غير بعد سنين كتير كانت راح تتزوج رجل تانى وهو اجا وخرب خطبتها وكان بيخطط يخطفها إذا ما رفض جدك الكبير يجوزهاله
ضحكت امل حين سمعت تلك القصة عن جدها
ما بعرف هيك عن جد كنت مفكرة انو والدى بس ياللى عمل هيك مع ماما
رحيم عمل هيك؟ يعنى عاد التاريخ مرة تانية
ايه، بابا انشغل بترقيته ومركزه بالجيش عن ماما وابن عمها كان راح يتزوجها فما بعتت اله دعوة للخطبة ولما وصلت لوالدي رجع فورا وخطفها بالفعل بس راح لامه وقالها تخبيها عنها لغاية ما يعود وما رجع غير بجدى وهو موافق عالخطبة
بس كيف وافق انك تعيشي هون؟ انا بعرف أن صعب كتير يسيب بنته تعيش لحالها؟
حقيقي بس والدى بيثق فينى كتير وعارف انى مارح اعمل شي يشينه
ربنا مارى على يدها وابتسمت لها وسألتها
جبرينى كيف عرفت دافيد
نظرت امل لدافيد لتجده مضطرب
انا طبيبة نفسية وتقابلنا مرة بالمشفي لما رحت اقابل سيدة كانت عم تولد وفقدت جنينها وهو كان الطبيب تبعها وكان لازم اعرف حقيقة وضعها وهل في امل تنجب مرة تانية ولا لا منشان علاجى الها يكون على أساس محدد
يالله شيء بيحزن
لا هى هلا حامل وعم بتتابع معه
ابتسم دافيد لامل التى تاقلمت جيدا مع جدته وراحت تتحدث عن بلدتها وما بها وتخبرها عن أناس تعرفهم جدتها مما جعلها تتسوق للعودة لزيارة البلدة مرة أخرى
أنا راح ارجع الشهر الجاى ليش ما تجى زيارة معى؟
نظرت اتجاه دافيد فوجدته ينظر لها باضطراب حين قالت ذلك وتدخل بالحديث لأول مرة منذ حضورهما
انت مسافرة؟
نعم
متى؟
الاسبوع بعد القادم
لم لم تخبرينى قبل ذلك؟
حسنا أنها زيارتى السنوية لأعلى لا استطيع أن أؤجلها
ومرضاك؟
اغلب الحالات التى اعمل معها الان استقرت حاليا والبقية يمكننى اتابعها من الهاتف بجلسات بث مباشر
شعرت مارى بخوف دافيد الذي أخبرها أنه متعلق بهذه الفتاة كثيرا وكيف لا وتلك اول فتاة يحضرها لمنزلها أو لمقابلتها فهو لم يفعل من قبل
قررت مارى أن تقطع حرب الأعين الدائر بين الاثنين
عجبك القصر؟
كتيير عنجد رائع مختلف كتير عن بيت دافيد بس رائع
نظرت مارى هذه المرة لدافيد الذي فهم ما تريد جدته قوله فهو لم يسمح لأى امرأة غير جدته بدخول هذا المنزل الذي اعتبره محصن غير مسموح لأحد بأن يدخله غيره
بيت دافيد، ياللى اسسه على أساس عربي
ليه، كتير راىعة عجبنى كتير بيفكرنى بمنزلنا ياللى بالضيعة والدى كمان عم بيحب هيك طراز لهيك ما حسيت باختلاف كبير بين الاتنين
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي