1

في الصباح الباكر
في احد الأحياء الشعبيه حيث البيوت التي تدل علي بساطه اهلها والتي تبدو متهالكه من مرور الزمن عليها
حيث تمتلئ الشوارع بالناس يتوجهو لأاعمالهم ويسعو لرزقهم وكسب قوت يومهم

تتقدم فتاه بمقدمة العشرينات جسدها مملوء بعض الشئ ترتدي عباءة سوداء اللون تظهر معالم جسدها وتقسيماته واضعه علي رأسها حجاب بطريقه عشوائيه وتظهر منه بعض خصلات الشعر الصفراء ؛ تمسك بطرفها ترفعها قليلا عن قدمها وتتمختر بمشيتها
تلوك العلكه بفمها بطريقه لا يحبذها احد ممن يرونها

لتتوقف عند احدي السيدات التي تجلس ارضا وتفترش امامها مجموعه من الخضراوات والفاكهها تلوح عليهم بيدها بقطعه من الكرتون الخفيف كي تبعد الذباب والحشرات عنهم

- يسعد صباحك ياخالتي ساميه

سامية :
ازيك يامنه وازي امك وابوكي

منة :
حلوين وبعتنلك السلام ؛ وامي بعتالك فلوس الجمعيه بتاعت الشهر ده واللي فات

سامية :
تسلمي يابنتي ؛ كنت فكراكو هتتأخرو الشهر ده كمان

منة :
معلش بقي ياخالتي م انتي عارفه جوازة ابراهيم اخويا والتكاليف كويس ان اهل مراته وافقو بعيشو معانا ف الشقه

ساميه:
ربنا يهنيهم يابنتي وعقبالك

منة:
اه ياخالتي والنبي تدعيلي الدعوه دي ؛ اخدت الدبلوم وقاعده جنب امي لا بيا ولا عليا

ساميه:
هههههههه جتك ايه يامنيله متسربعه علي ايه بكره تتجوزي وتقولي ياريتني متجوزت

منه:
ياخالتي بس اتجوز ياناس

لتردف منه بهمس داخلي وهي تضيق عينها لتلمح فتاة قادمه من بعيد وتدقق النظر بها فإذ ترتدي فستانا فضفاضا بسيطا للغايه يغطي سائر جسدها وعلي الرغم من من ذلك فهو يبرز جمالها وجمال جسدها الرشيق

" مش دي البت خديجه ؛ نازله بدري ليه كده ! "
لتحمحم وتردف بصوت عالي :
- طب بالاذن انا ياخالتي هعدي عليكي بعدين

لترفع منه العباءه كره اخري تبرز قدمها كي تسهل حركتها وتتقدم بخطوات سريعه تجاه هذه الفتاه
لتهتف بإسمها بصوت عالي:
بت ياخديجه ؛ يا خديجه

لتتوقف المدعوه خديجه وتلتف لتجد منه فتبتسم لها برقه كعادتها بإبتسامتها الخاطفه للانظار والقلوب
خديجه :
صباح الخير يامنه

منه:
صباح النور ؛ ايه يابت عملالي فيها دكتوره بقي ومتستنضفيش تردي علينا

خديجه بحزن بدا علي وجهها البريئ :
انا اعمل كده بردو يامنه ؛ دانتو اهلي

منه :
يالهوي عليكي ياخديجه معرفش اضحك معاكي بكلمتين

خديجه بابتسامه هادئه :
لا طبعا ياستي انا اقدر

منه :
طب قوليلي رايحه فين كده بدري دا مش معاد الكليه

خديجه :
النهارده اخر امتحان ليا ف الكليه ويدوب الحق المواصلات علشان متأخرش

منه:
طب مش هتاخديني معاكي ينوبك فيا ثواب

خديجه :
طب م تخليها يوم تاني ؛
مش هعرف اسيبك لوحدك واخاف تعملي مشكله زي المره اللي فاتت

منه :
بالله عليكي ؛ اخر مره والله بصي هطلع البس طقم تخت العبايه بسرعه وانزلك

خديجه:
وايه لازمتها العبايه يامنه م تنزلي من البيت بلبسك وخلاص

منه :
مهو لو ابراهيم ولا ابويا لمحوني بلبس الخروج مش هسلك منهم ومش هيطلعوني من البيت وحياتك ؛ استنيني بس مش هتأخر

لتومأ خديجه وتنظر لأثر منه وهي تركض كطفله صغيره وافقت والدتها علي اصطحابها لنزهه صغيره بالحديقه
لتبتسم
بينما لفت انتباها لصوت احد ما

-بسسس بسس بسس

خديجه وهي تنظر لمصدر الصوت وما هو الا رجل يصل عمره الي 70 عاما يرتدي جلباب وفوقه مريول مطبخ يقف امام عربه صغيره لبيع الفول والفلافل ممسك بسكين صغير بيد واليد الاخري حبة طماطم لتردف خديجه بابتسامه مشرقه :
عمو يونس صباح الخير

تقدم تجاهها عم يونس وهو يمسح يده بالمريول واردف :
صباح النور ياست الدكتوره ؛ علي فين بدري كده ، معلشي يابنتي اخاف اسلم عليكي ابهدلك زيت وحكم انا عارف مبتحبيش حد يلمسك

ابتسمت خديجه بتوتر لتتقدم خطوه ممسكه بيد عم يونس ولكن سرعان ما جذبتها وتردف بابتسامه وهي تفرك انامل يدها بعنف دون ان يلاحظ عم يونس :
اولا انا رايحه ع الجامعه ، ثانيا بقي الايد دي لولاها انا كان زماني مرميه ف الشارع ، ايدك دي تتشال ع الراس ياعم يونس وبعدين بقي ياراجل ياطيب مش هتبطل بقي ست الدكتوره دي هو انا مش بنتك يعني حد بيقول لبنته دكتوره

عم يونس :
دانا ليا الشرف يبقي ليا بنت زيك بس هتفضلي ست الدكتوره بردو ؛ المهم اخر يوم ف الامتحانات مش كده !

خديجه بابتسامه :
ان شاء الله

عم يونس:
طب وايه موقفك كده ؛ شكلك لسه مفطرتيش

خديجه :
هبقي افطر ف الجامعه ؛ مستنيه منه بس بتلبس وجايه معايا

عم يونس :
منه تاني يابنتي ؛ مش قلنا بلاش منها

خديجه :
منه غلبانه والله ياعم يونس وملهاش ف اي حاجه ؛ هي بس طريقتها واسلوبها و لبسها اللي كده عاوزه تبقي حلوه مع انها مش محتاجه روحها وخفه دمها يغنوها عنها

عم يونس :
والله م حد غلبان غيرك ؛ المهم خلي بالك من نفسك
واستني هعملك ساندوتشين فول عما الهبله دي توصل

خديجه :
ساندوتشين ايه بس ياراجل ياطيب ؛ انا خلصت مدرسه من زمان

عم يونس :
كبرتي علي ساندوتشات عمك يونس ياست الدكتوره

خديجه :
يااااه ياعمو يونس ؛ دانا لو كبرت ع الدنيا كلها مكبرش عليك
هو حد كان بيوصلني المدرسه ، ولا انا كنت باكل من ايد حد غيرك تقولي كبرتي!!
ربنا يديك الصحه ويطولنا ف عمرك

عم يونس:
ربنا يعز اصلك يابنتي ؛ واهي الهبله وصلت

خديجه :
ههههههه والله طفله

تقدمت منه وهي تركض بسرعه لتقف وتهتف بلهث :
ازيك يا يونس

عم يونس :
يونس حاف ياقليلة الحياء ، شوفتي عاجبك اللي بتدافعي عنها

خديجه بتحذير :
منه عيب

منه وهي تنظر لعم يونس وتقترب منه وتضيق عينها بشك :
امال عايزني اقولك يا عم يونس واكبرك وانت لسه ف عز شبااابك ياراجل ؛ هوووووب اركب الهوا ياعم يونس

لتنكزه منه بجانبه لينتفض عم يونس بشهقه خافته
فتضحك منن بصخب كما الحال مع خديجه التي وضعت يدها علي فمها تحاول كتم ضحكاتها مخاوله الاعتذار له
بينما عم يونس :
اه ياقليلة الربايه ، طب لما اخوكي ينزل هخليه يكسرلك عضمك

منه :
متبقاش عيووطه كده اعموووو يووونس خليك فريش وكول

عم يونس وهو يشهر بسكينه بوجه منه بمرح :
طب امشي امشششي لخليكي متفرفشه دلوقتي رووحي

لتركض منه بضحك وهي تجذب يد خديجهالي ان انتفضت خديجه وجذبت يدها وهي تحني رأسها ارضا وتقبض علي حقيبتها وكتبها ونفرك انامل يدها
بينما تردف منه بصوت عالي :
مع السلامه ياعمو يونس

ليناظرهم عم يونس وعلي وجهه ابتسامه حب :
ربنا يصلحلكو الحال يابنات

انتبهت منه لوقوف خديجه لتقترب منها وهي تردف :
خديجه !
انا اسفه مقصدش المسك
طيب بصي بصيلي يا خديجه

نظرت لها خديجه وهي تبتلع ريقها وتفرك اناملها
لتردف منه :
انا بعيد اهه مش هلمسك ، انتي تمام !!

اومئت خديجه بوهن
لتبتسم منه وتردف :
طب يلا

ابتسمت خديجه لتعتدل بوقفتها بعض الشئ تضم كتبها لصدرها وتتحرك بجوار منه

========================

بمكان اخر
يظهر عليه الرقي والأناقه
بيوت كبيره متراصه بجوار بعضها يتخللها شوراع نظيفه وفارغه ، بعضها البعض يشوبها الهدوء وتكسوها الاشجار والخضره
لنجد احد الاشخاص يركض بأحد هذه الشوارع الخاليه تماما من الناس
يرتدي بننطالا وتيشرت رياضي ؛ طويل القامه عريض المنكبين
عضلات بطنه تكاد تظهر من التيشرت الذي التصق علي جسده نتيجه العرق الشديد من الركض ويضع بأذنه سماعه تصدر له بعض الموسيقي الحماسيه التي تحثه علي الركض ؛ يكاد الهواء يدخل لرئتيه بصعوبه بالغه فهو اصبح يقارب علي الركض لمده ساعه

ليدلف لإحدي هذه البيوت ليقف بمنتصف حديقتها ينحني مستندا بكفيه علي ركبتيه يحاول تنظيم انفاسه
لتصدر ساعه يده صوتا يدل علي انتهاء فتره زمنيه ألا وهي ساعه بالتمام والكمال

ليقترب منه شخصا يبدو من ثيابه انه يعمل بأمور وشئون بهذا البيت ممسكا بمنشفه ليلتقطها ويجفف وجهه ثم اردف :
* محمود وصل ولا لسه

العامل :
لا يادكتور أدهم هو اتصل وحضرتك بره وقالي ابلغك انه عنده امتحان و كمان والدته ف المستشفي وبيستأذن حضرتك اجازه النهارده لعند م يطمن عليها
وانا طلبت من مصطفي يجهز العربيه ويكون ف انتظار حضرتك مكانه

ليومئ أدهم بصمت ويناوله المنشفه ثم اردف :
اتصل واعرف منه ف اي مستشفي وشوف لازمه ايه وحطله مبلغ كويس تحت الحساب ومتقصرش معاه

العامل :
امرك يادكتور

أدهم :
موده صحيت !

العامل :
من نص ساعه ومستنيه معاليك هي والهانم الكبيرة علشان الفطار

أدهم :
10 دقايق وهكون معاهم

ما كاد ان يتحرك الا ان اوقفه العامل وهو يردف :
دكتور أدهم

أدهم :
في حاجه !

العامل :
انا كنت بس عايز ابلغ حضرتك ان في ست جت مرتين تسأل علي حضرتك وعلي فارس بيه

أدهم :
بخصوص ايه !

العامل :
قالت حاجه بخصوص فارس بيه بس مرضيتش توضح اكتر من كده

ليغمض أدهم بضيق وهو يردف :
وهو فين !

العامل :
مرجعش من امبارح ؛ انا بلغت حضرتك انه عنده مؤموريه تبع شغله وانه هيرجع النهارده بالليل

أدهم :
ماشي
لو الست دي جت تاني وانا مش موجود خليها تستني لعند م ارجع

العامل :
امرك

ليصعد أدهم لغرفته يبدل ثيابه وما لبثت 10 دقائق علي الانتهاء حتي كاد أدهم بكامل أناقته وهندامه بثيابه الرسميه

والتي هي مكونه من بنطال رمادي وحزام وحذاء اسود اللون ومعهم قميص ابيض
ليمسك بسترته و
يخرج من الغرفه ليهبط الدرج ويتجه لغرفه الطعام حتي وجد والدته والتي تدعي " نازلي " تتوسط طاولة الطعام تمسك بسبحتها مغمضه العين وشفتيها تهمس بالاستغفار والتسبيح

والكرسي الذي علي يمينها تجلس ملاكه البرئ تجلس متأففه علي احد مقاعد الطاوله واضعه يدها اسفل ذقنها تتناوب بين يديها اليمني واليسري بشكل مضحك
ليبتسم أدهم بخفه وهو يقترب منها ليصل خلفها فيقبل رأسها بهدوء بينما يستند بكف يده علي ظهر الكرسي وكف يده الاخري علي حافة طاوله الطعام
ليكون وجهه مقتربا لوجه صغيرته واخته " موده " وهي تزم شفتيها وتنظر له بغيظ وتقول :
ساعه عشان ناكل انا جوعت

أدهم :
من امتي الجوع ده كله ؛ ماحنا بنفضل نتحايل بالساعات علشان تظبطي اكل معاليكي

ابتسمت والدتهم لتردف :
الانسه صاحيه متأخره و مقريفه مش عاوزه تنزل ع المدرسه

موده :
ياساتر يارب عليكو ؛ اهو انتو كده
لاكده عاجب ولا كده عاجب

ليهز أدهم رأسه بيأس مع ابتاسمه وهو يقرص وجنتها بمرح :
اللسان العسل ده مش عاوز يبطل لماضه ابدا

لتقهقه موده بخفه وهي تردف بمرح :
تؤ تؤ ؛ ويلا بقي اقعد علشان جعت جداااا

ليبتسم أدهم تاركا اياها ومقتربا من والدته ممسكا بيدها يقبل ظهر يدها وجبينها وهو يهمس :
صباح الخير يا ست الكل

نازلي :
صباح النور يا حبيبي ، يلا علشان متتأخرش

ابتسم أدهم وهو يجلس علي يسار والدته
بينما تردف موده بغيظ :
اه طبعا م هو حبيبك انما انا نكره

نازلي بمرح :
وان كان عجبك ، بس مفيش غياب من المدرسه بردو ومش هتخرجي من البيت قبل م تصلي

لتذم موده شفتيها علي جانب وتردف وهي تلعب بطبق طعامها :
ومين قال اننا هغيب من المدرسه اصلا ، ثم اننا صليت

أدهم وقد بدا علي وجهه علامات الانزعاج من الصوت الذي يصدر من طبق مودة :
علي اساس مش عارفينك وعارفين الاعيبك اللي هتعمليها لما بتقفلي دماغك
بطني يا أدهم مش قادرة اكلت كتير النهارده ؛ انت السبب أدهم كنت عاوزه اروح المدرسه النهارده اي يابطني
صح ولا غلطان !!

موده:
ممم لا مش صح انا كويسه اهه

أدهم:
اها هنشوف ؛ كلي يا ام نص لسان

ليبدأو بتناول طعامهم فتردف موده بتذكر:
فارس لسه مرجعش صحيح

أدهم بجمود :
اه مانا عارف

نازلي :
انا مش عارفه اخوك ده هيعقل امتي ، كبر واتخرج ولسه زي م هو ملوش اي هدف

موده بقلق وهي تصدر صوتا بالملعقه اثناء تقليبها لكوب الشاي :
وانت ياأدهم مش قلقان عليه؟

أدهم وهو ينظر بعيون غاضبه لما تفعله موده ويردف من بين اسنانه :
ومن امتي البيه بيرجع او له مواعيد !!

صمت حل بالمكان لتنتبه موده لشقيقها فتلحظ ما كانت تفعله لتقضم شفتها السفلي وتضع الملعقه جانب الكوب بهدوء

ليتنهد أدهم ويكمل :
فارس مش عاوز يخرج نفسه بره دائرة الماضي اللي حابس نفسه فيها

موده :
ممممممم أدهم ممكن اطلب منك حاجه

أدهم بابتسامه هادئه:
حبيبي يؤمر

موده :
هو ينفع نطلع رحله احنا الاربعه من زمان قوي مقعدناش مع بعض

أدهم وهو يمسك بكف يدها الصغير :
انا عارف ياحبيبتي اننا اتلهينا عنك وان الشغل اخدنا منك بس والله كل ده غصب عننا
ووعد مني ف اقرب فرصه هاخدك انتي وماما ونسافر اي مكان تحبيه

موده وهي تشهر بسكين الطعام الصغيرة بوجه أدهم كنوع من التهديد المرح :
وعد ولا كلام سيكو سيكو

ضيق عينيه ليد مودة الممسكه بالسكين
لنخفض يدعا بسرعه البرق وتبتلع ريقها وتردف :
انا اسفه مخدتس بالي

ليرفع أدهم حاجبيه ويردف باستفهام وتهكم :
واضح انك مبقتيش تاخدي بالك من حاجات كتير
ثم ايه سيكو سيكوو دي !!

موده بتفكير:
بليز بلاش تبصلي كدع انت عارف اننا بخاف من بصتك دي ،
مممممم يعني بتاكل بعقلي حلاوه يا أدهم

نازلي بتحذير :
موده ، اخترمي اخوكي الكبير

بادرها أدهم بالصمت يومئ برأسه وهو يتناول طعامه من الطبق الذي امامه
لتنظر موده امامها تعض شفتها السفلي بحرج ثم تنظر لأدهم مره اخري وتردف :
هو انا عكيت !!

أدهم وهو يتناول قضمه من طعامه يبتسم ابتسامه جانبيه ولازال ينظر امامه ليقول:
عكيتي جامد يا حبيبتي

لتطأطأ موده رأسها ارضا ووجها اصبح عابسا وهي تفرك يدها بقلق
لتأتيها جملة أدهم التي طمأنتها وجعلت الابتسامه تحتل ملامح وجهها لتجعله يشرق ويضيئ
:
ابدأي اكل يلا وإلا انسي اننا اسامح

موده بفرح :
ب..بجد يعني مش زعلان!!

أدهم:
في حالة لو مأكلتيش هك..

لتقاطعه موده بمرح وهي تصفق بيديها كالاطفال :
لالالا هاكل هاكل اهه

ليبتسم أدهم بهدوء كما الحال مع والدتهم
وما ان انتهي من طعامه
نهض من علي الطاوله ليلملم اشيائه من ميدالية مفاتيحه وهاتفه الشخصي وسترته ليتحرك يقف بجوار والدته مقبلا رأسها بحنيه ثم امسك بأذن شقيقته واردف بتحذير :
مش عاوز شغب ف المدرسه النهارده اتفقنا

موده بمرح وهي تبسط كف يدها امامها :
تدفع كام !

ليضحك أدهم مادا يده بجيب بنطاله الخلفي يلتقط محفظة نقوده ليفتحها ويخرج منها بعض النقود ويضعها بيد موده وهو ينحني امام وجهها ويقول :
لو وصلي شكوي واحده اتفاقنا ف المبلغ ده هيتغير تماما

لتردف نازلي :
افضل دلع فيها انت واخوك

لتقبض موده علي المبلغ بداخل يدها بسرعه وتجذب يدها لصدرها كمن يحمي او يخبئ كنزا وبيدها الاخري تلقي تحيه عسكريه و لتتردف بمرح :
يعيش أدهم وجبار يعيييش يعيييش

ليبتسم أدهم ويبعثر خصلات شعرها بعفويه وهو يقول :
ماشي يالمضه خلي بالك من نفسك وبلااش تأخير

لتومئ موده برأسها
بينما يعتدل أدهم بوقفته فتستأله والدته :
جبار متصلش بيك !!

أدهم :
متقلقيش دا كلها اسبوع يعني
انتي عارفه جبار لما بيتخنق لازمله فتره لوحده علشان يقدر يكمل شغله
يلا همشي انا علشان متأخرش ع المستشفي

ليخرج من الغرفه لخارج الفيلا

ولكن اوقفه العامل الذي يباشر اعمال المنزل
العامل :
الست الي جت لحضرتك قبل كده و امرتني لو رجعت تاني موجوده يافندم

أدهم :
هي فين !

العامل :
خليتها تستني ف الصالون

اومئ أدهم ليتحرك باتجاه الصالون وما فتح الباب ليجد من ينقض عليه يمسك بيده ويبدأ بتقبيلها بتوسل :
ابوس ايدك يابيه انا محلتيش الا هو دا سندي ف الدنيا يابيه احب علي رجليك

وما كانت سوي سيده كبيره بمنتصف الخمسين وما كادت ان تثني ركبتيها وتنحني لتقبل قدمه
لينحني أدهم بجزعه العلوي ممسكا بها من كتفيها رافعا اياها قبل ان تفعل هذا وهو يردف :
بتعملي ايه بس الله يرضي عليكي قومي ياامي وفهميني

السيده :
ابني ياسعادة البيه هيضيع ؛ مبقاش ليه غير ف السهر والشرب وبيرجع البيت وش الفجر سكران طينه
احب علي يدك يابيه احنا ناس غلابه ملناش ف حاجه وانا دفعت لللي ورايل واللي قدامي علشان ادخله الكليه دي ابوس رجليك يابيه ساعدني ونجيلي ابني

أدهم :
متخافيش ياست الكل بس ممكن تقعدي وتشربي العصير وتفهميني واحده واحده
تعالي اتفضلي

ليسندها أدهم من يدها ويجلسها علي احد الارائك ويناولها كوبا من العصير قد اتت به احدي العاملات بعد دخول أدهم للغرفه

لترتشف منه بعض ثم تضعه مكانه وتأخذ نفسا عميقا

ليردف أدهم :
ها احسن !!

لتومئ السيده الغريبه برأسها
فيردف أدهم :
ممكن بقي تحكيلي اقدر اساعدك ازاي يا امي !

بعد مرور نصف ساعه من حديث دار بين السيده و أدهم
نهضت السيده واردفت :
الله يكرم اصلك يابني وكتر من امثالك ؛ عنئذنك انا

ليومئ أدهم ويهتف بصوت عالي نسبيا علي احدي العاملات
لتتقدم احدااهن بسرعه :
اوامرك يافندم

أدهم :
وصلي الحجه

لتتحرك العامله وبجوارها السيده للخارج
بينما
يقف أدهم يأخذ نفسا عميقا ويزفره ببطئ ليلملم اشياءه ويتجه للخارجﻋ

ليقف امام السياره فيجد المدعو عثمان وما هو الا رجل بمنتصف العمر بملابس بسيطه بعض الشئ مكونه من بنطال قماش وقميص خفيف يقف بانتظاره كي يقلة بالسياره لمقر اعماله

عثمان:
صباح الخير يا أدهم بيه

أدهم :
صباح الخير ياعم عثمان ؛ عامل ايه

عثمان:
الحمد لله يابيه بخير طول م حضرتك بخير

أدهم:
خليك انت ياعم عثمان النهارده ؛ انا محتاج العربيه ف كذا مشوار لوحدي قبل المستشفي تقدر تفطر هنا وتروح تستناني ف المستشفي

عثمان :
يدومم العز ياسعاده البيه اتغضل اتفضل

ليصعد أدهم لكرسي القياده بينما يغلق عم عثمان باب السياره
ويدير أدهم المحرك لينطلق بها

بينما يقف عثمان مكانه ينظر لأثر أدهم :
ربنا يديك الصحه يا أدهم بيه وميحرمنا منك ولا من كرم اخلاقك

===========

في الجامعه
شاب 1 :
امال القمر قاعد لوحده ليه

شاب2 :
قمر ايه ياعم ؛ دا قمر بالستر

شاب 1 :
اسكت انت ايش فهمك ف البلدي ومهلبية البلدي

لتزفر " منه " التي كانت جالسه علي احد المقاعد بإنتظار ميسون وانتهاء اختبارها تجلس في فناء الجامعه بضيق وهي تضرب فخذيها بكفي يدها وتنهض واقفه :
استغفر الله العظيم يارب

كادت ان تتحرك حتي وقف امامها احد الشباب :
ايه بس استني متخليش خلقك ضيق كده

منه :
ابعد عني ياجدع انت

الشاب الاخر :
جدع!! مش قلتلك متفهمش يستا ف المهلبيه البلدي

منه وهي تلوح بيدها :
اقسم بالله لو مسبتوني ف حالي لاكون جايباكو ارض ، اه فكرني لقمه طريه ولا ايه يادلعدي منك له

الشاب :
ايه ياما فاكره نفسك مارلين منرو
انتي مش شايفه لابسه ايه ولا شعرك اللي صابغاه اكسجين

الشاب الاخر
يلا ياعم شكلها لبش ؛ مش عارف ايه الاشكال دي بيدخلوها جامعه ليه ميسيبوها ف الزريبه مع الحمير احسن

ليتركوها مغادرين المكان بينما تنظر هي لأثرهم وتتمرد دمعه من عينها لتسقط في ذات الوقت التي شهقت " منه " محاوله تعبئه رئتيها بالاكسجين حين شعرت بغصه بداخلها وتوقف دخول الاكسجين لرئتيها

اخذت تعد الارقام بسرها حتي وصلت للرقم عشره وهي تتناوب بين الشهيق والزفير ببطئ

لتهوي بجسدها علي المقعد حيث مكان مكوثها سابقا تنظر امامها بضياع وشرود

ودموعها اخذت في الانهمار لتضع يدها علي فمها بسرعه محاوله كتم شهقات بكائها وتمسح دموعها بكف يدها كي لا يراها احد .

===========================

مساحه خضراء واسعه لا يري فيها سوا الأشجار الكثيره المتراصه بجوار بعضها كسور عازل من جهه ومن الجهه الاخري تنقطع المساحه الخضراء لننظر فنجدها حافه سقوط عاليه ويقابلها من الجهه الاخري شلال مياه منهمره تتساقط من اعلي
لتتجمع اسفل مكونه مجري مياه
يفصل بين الشلال وحافو السقوط

بينما هناك من يقف في منتصف الارض الخضراء يتلفت ويجول بعينيه هنا وهناك كمن يبحث عن شئ ولاكن لا جدوي
كاد ان يتحرك حتي شعر بيدين امام عينه مانعه عنه الرؤيه
وصوتها الذي يطرب اذانه وقلبه بضحكاته يصدح ضحكه جعلته يتيبس مكانهو يبتسم تلقائيا
لتردف :
بتدور علي حد!!

=اتأخرتي عليا قوي

- هههههههه انا طول عمري جنبك بس انت اللي مش عاوز تشوف كده

ليرفع يديه ممسكا يديها التي علي عيونه ينزلها ليلتف فيجد حوريته التي طالنا كانت صورته انام عينه بوجهها التي يشع منه النور وملامحها البريئه الجميله التي تخلو من اي لمسه مكياج وشعرها المنسدل بطول ظهرها ويداعبه الهواء العليل وبفستانها الابيض الناعم البسيط الذي ينسدل بطولها الفارع بينما اكمامه واسعه تتطاير مع الهواء

ليبتسم وينظر تاره لعيونها العسليه وتاره لابتسامتها التي تخطف انظاره
ويردف :
= انا مش عاوز اشوف غيرك

- بس دي انانيه

= اناني علشان بحبك

- طب م انا كمان بحبك ؛ وهيفضل حبك جوه قلبي بس اوعي تنساني

= انسي اسمي ؛ بس منساش قلبي اللي بيدق بيكي و بكل حرف بإسمك

- هتفضل ماسك ايدي علي طول !

= انتي تقدري تسيبيها !!

لتنظر له بخبث وتتسع ابتسامتها لتترك يده بسرعه وتركض تختبئ خلف الاشجار بينما هو يركض خلفها ويضحك علي طفولتها ومرحها
يركض خلفها أينما ذهبت محاولا الامساك بها

لتركض وهي تضحك لتتوقف فجأه عند حافه السقوط وهي تنظر له بابتسامتها

بينما هو جحظت عينه علي وسعيهما واخذت نبضات قلبه تقرع كما الطبول وانفاسه المتهادجه
ليرفع يده وهو يركض محذرا اياها :
خلي بالك

لتقهقه ولازالت محتفظه بابتسامتها :
هجيلك تاني

ليردف وهو يقترب منها:
لا استني متتحركيش

اسرع بالركض تجاهها ليصرخ بعلو صوته بإسمها ولاكنها هوت للأسفل ليري ارتفاع المياه مكان سقوطها فترطتم بوجهه بعض قطرات المياه

ليشهق فزعا وينهض واقفا وهو يسعل بشده محالا فتح عيونه واستيعاب ماحدث بينما تتسارع انفاسه بالدخول والخروج
لينظر امامه بعيون واسعه وحاجبين معقودين ويردف بهمس غاضب :
أدهم !!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي