الفصل الثاني

أنت السبب يا أدهم
صاح مستنكراً :
_ أنا السبب .....طيب إزاى عملت فيها إيه عشان تعمل فيّ كده ؟!
نظر إليه قائلاً بعتاب:
_ أنت اتنازلت يا أدهم ..
اتنازلت عن حقك إنك تكون أب...
اتنازلت عن حقوقك كزوج إنها تطيعك وتسمع كلامك.
أنت دلعتها زيادة عن اللزوم ..إلهام زى العيل الصغير اللى بنفضل ندلعه من غير حدود لمّا بقى عارف ومتأكد إنه مهما عمل مش هيتحاسب .
والشئ لو زاد عن حده ينقلب لضده يا أدهم ..
وأهو أنت اللى بتدفع التمن دلوقتي.
رفع أدهم رأسه نحو جده وكأن كلماته أعادت لعينيه شراستهما وكأنها فتحت أمامه طريقاً كان دائماً يخشى أن يسلكه لكن عليها أن تتحمل الضريبة
_ عندك حق أنا اللى دلعتها زيادة...
تنفس بهدوء محاولاً السيطرة على نفسه :
_ وأنا برضه اللى هعرف إزاى أرجع حقى.
حاول أن يغادر ولكن هارون وضع كفه على صدره يوقفه:
_ من غير عصبية ومن غير غلط متنساش إنها بنت ناس
ابتسم بسخرية قائلاً:
_ بنت ناس قوى لدرجة إنها تسرق جوزها...
بس متخافش ..أنا مش هأذيها أنا بس هرد حقى وكرامتى اللى استهانت بيهم .
******
بركان ..
إعصار ...
سيل من المشاعر...
غضب ...
استنكار...
رفض ...
وهو في النهاية لن يبقي صامتاً ..
ولن تظل هي بلا رادع ..
فتح باب غرفته بعصبية يبحث عنها حتى وجدها في جلستها المعتادة أمام التلفاز تستلقى بجسدها فوق تلك الأريكة الوثيرة المخملية
كانت دائماً تثيره ..
تستفز مشاعره لصالحها ..
جعلته ملك يمينها عندما أحبها ..
تخلى عن الكثير في سبيل عشقها الذى بات يخنقه
بات حملاً ثقيلاً فوق صدره ...
يخشى بقاءه ..
ويخشى البعد عنه ..
تتفنن وبجدارة في إظهار أنوثتها الطاغية جسد ممشوق مثير تعتنى بكل تفصيلة منه
توليه عناية خاصة فأصبحت له وكأنها أسطورة الجمال
شعرها الأشقر الذى تصر على صبغه كنجمات السينما العالمية
شفتان مرسومتان بيدى خبير التجميل الذى ما زالت تتعامل معه من حين لآخر.
عيناها الواسعتان .
كثيراً ما سمع تعليقات تمتدح جمالها وكلمات مازالت تصدح في أذنه
(يا بختك يا عم أدهم متجوز صاروخ )
لم ينس أنه حينها كسر لصاحب الكلمة عظام وجهه وإحدى ذراعيه وخسر صداقته وانقطعت الصلة بينهما من بعدها .
الجميع كان يحسده عليها
ولكن ما بالهم إن عاشوا ما يعيشه معها الآن
هل ستظل في أعينهم تلك الرائعة المثيرة
أم ستتغير نظراتهم إليها ؟
انتبه على صوتها تناديه :
_ حمدلله على السلامة يا أدهم بيه
أنا وصلت قبلك أهو في أوامر تانية
نظراته ثابتة قاتمة لم تتغير
لم يتحرك به ساكن
ينظر إليها وكأنه يراها للمرة الأولى وكأنه نزع غشاوته التي كانت دائماً ما تتغاضى عن رؤية مساوئها.
رأها تتحرك من مكانها تلملم ثوبها الحريرى البنفسجى الذى أعطى جسدها نعومة تفوق نعومته مفاتنها واضحة مغرية لراجل عاشق ولكن ما بال ذلك الغاضب
أتجهت نحوه بخطوات مغناج مثيرة تعرف سطوتها وتأثيرها عليه
تعرف أنها تثيره وتجذبه إليها ببعض الحيل ولكن ...
تراه مختلفاً ...
عيناه غاضبة كلفحات نارية خرجت من بركان ظل خامداً لسنوات
ولكن تلك النظرة تعرف كيف تمحوها بقبلة مغوية تجعله يذوب عشقاً بين ذراعيها
هي تفننت وأتقنت دورها وباتت تعرف جيداً كيف تجعله طوع يمينها إن أرادت
وقفت أمامه ترفع كفيها على صدره تقابل عينيه بابتسامة تعرف تأثيرها عليه تداعب أزرار قميصه وتقترب أكثر تلصق جسدها به وقبلة على شفتين مزمومتين بغضب واضح من تشنج جسده .
غريب هو !
ولكن ما به أصبح كلوح ثلج لا يحرك ساكناً
_ على فكرة وحشتنى..رغم إنى زعلانة منك بس وحشتنى.
أبعد كفيها بهدوء غريب لا تعتاده منه مبتسماً
_ خير زعلانة ليه ؟
زمت شفتيها بتبرم :
_ في إيه يا أدهم ما أنا رجعت البيت أهو زى ما طلبت منى مع إن كان في حفلة تجنن بس أنا قلت مش هروح عشان خاطرك .
ارتفع حاجباه وانزوت شفتاه ببسمة ساخرة :
_ حفلة ....والهانم كانت ناوية تروح ديسكو كمان بالمرة ولا كباريه يكون أفضل ..ما هو ده اللى يناسب أصحابك ولاد الناس المحترمين .
أنزلت كفيها بغضب صارخة :
_ هو في إيه أنت عاوز تتخانق والسلام ..
عادت وضمت ذراعيها أمام صدرها رافعة أحد حاجبيها بتحدى :
_ ثم المفروض إنك عارف إن دى حياتى من قبل ما نتجوز طول عمرى متعودة على كده أصحابى وخروجاتنا وسهرنا كل ده عادى أنت بقى مالك مستغرب كده ليه ؟
ظل يستمع إليها وعلى ثغره ابتسامة ساخرة أغاظتها لتكمل :
_ أدهم...أنت عارف كويس أنا بنت مين وبابى يبقى مين ليه بقى محسسنى إنك جايبنى من شبرا ولا بولاق أنا عشت في مستوى عالى قوى من صغرى يبقى متحاولش تحطنى في صورة الست والدتك ولا حياة هانم عمتك اللى دايماً حطانى في دماغها زى ما يكون بينا تار .
ابتعد عنها يجلس على كرسى أمامها رافعاً ساقاً فوق الأخرى متجاهلاً غيظها منه.
ابتعلت ريقها بصعوبة وهى تعلم جيداً أنها تعدت حدودها .. تعلم أنه وإن كان عاشقاً لها . فعند عائلته فالأمر يختلف أدهم يشبه جده كثيراً عندما يتعلق الأمر بأسرته.
اقتربت منه أكثر تتدلل في مشيتها تترك مئزرها الحريرى ينفلت بحرية تراقب رد فعله بثقة ذابت وهى ترى الجمود الذى يحتل عينيه دونما تأثر.
جلست أمام ساقيه راكعة تجذب كفه إليها تقبله بهدوء وهو يراقبها ببرود
_ أدهم أنا بجد أسفة ..بس مش ملاحظ إننا دايماً في مشاكل بسبب البيت والعيلة اللى أنت مُصر نفضل معاهم ...
أسمع كلامى يا حبيبي تعالى نبعد من هنا وأنا متأكدة إن كل المشاكل اللى بينا دى هتنتهى.
ظل على وضعه ينظر إليها دون أن يتأثر بحديثها وهى منتظرة أن يتفوه بكلمة ..أن يستمع لرأيها ...
أبعد يدها عنه وغادر كرسيه يخلع سترته ويلقيها دون اهتمام يخرج علبة سجائره من جيبه يدس إحداها بين شفتيه وهى تقف خلفه عاقدة ذراعيها أمام صدرها مغتاظة من تجاهله المتعمد .
التفت إليها ينفث دخان سيجارته بهدوء :
_ عندك حق يا حبيبتي وعشان كده أنا قررت أبنى ڤيلا ع الأرض بتاعتى اللى في التجمع .
أتسعت مقلتاها وارتعش جسدها ولكنها حاولت السيطرة علي انفعالاتها مبتسمة : _حلو قوى يا أدهم المهم نبعد من هنا.
ابتسم وهو يقترب منها أكثر :
_ ولا إيه رأيك أنا هبيع الأرض دى واشترى أرض تانية قريبة من هنا على الأقل أبقى قريب من أمى وأبويا.
ابتعدت عنه توليه ظهرها ...
تفرك كفيها بتوتر ...
تغمض عينيها وتزم شفتيها تستعد لإخباره الحقيقة..
تستعد لمواجهته ومواجهة عاصفة غضبه التي طالما عاصرتها ولكن بعيداً عنها
يغضب على الجميع إلا هي ..
يثور في وجه من يقف في وجهه إلا هي ..
ولكن حتماً ستواجه كل هذا الآن ..
التفتت إليه رافعة رأسها بثقة :
_ مش هينفع يا أدهم
رفع حاجبيه مدعياً الدهشة :
_ خير يا حبيبتى إيه هو ده اللى مش هينفع ؟!
ظلت على وقفتها تراقب انفعاله وهى تنظر اليه ترجع خصلات شعرها للخلف بتوتر مستعدة لإلقاء كلماتها في وجهه وقبل أن تتفوه بكلمة سمعت ضحكته تزلزل المكان من حولها يصفق بكفيه ويتلاعب بسيجارته بين شفتيه وهو ينظر إليها مبتسماً :
_مش هينفع عشان مراتى حبيبتي خانت الأمانة ...
مش هينفع عشان حبيبتي اللى شايله اسمى سرقتني ..
بالتوكيل الرسمي اللى عملته لحضرتك بعتى لنفسك الأرض مش كده يا إلهام ..
أتسعت عيناها ذعراً وهى تراه يقترب منها أكثر :
_ غدرتى بيّ وطعنتينى في ضهرى تبيعى لنفسك الأرض اللى أنتِ عارفة كويس أنا تعبت إزاى عشان اشتريها ...
_ كنت عارف؟!
كلمتها جعلته يضحك بملئ فيه :
_ كنتِ فاكرانى عبيط مش كده
فاكره جوزك عيل أهبل هيفضل مغمض عينه ومأمن ليكِ مش كده ؟
صيحة غضب ..
صرخة وجع وألم ..
جعلتها تتراجع للخلف وهى ترى رجل آخر لا تعرفه
رجل اختبرت غضبه الذى طالما حاول جاهداً ألا يظهره لها
_ فوقى يا إلهام ..
فوقى واعرفى أنتِ متجوزة مين ومعاشرة مين بقالك سنين
أنا أدهم الجبالى ..
عارفة مين أدهم الجبالى ؟
أنا نار تحرق ..
سكينه تنغرس في قلب اللى يخونى...
أنا وجع لا جربتيه ولا كنت اتمنى تجربيه..
بس للأسف أنتِ اللى حكمتِ على نفسك بكده واستحملى بقى اللى جاى .
قابلت غضبه بصراخ في وجهه معاندة :
_ أنت إيه فاكرنى كده هخاف..لا يا حبيبي ده بابى ممكن بإشارة منه يدمرك .
عادت وهدأت وهى تقترب منه بقلق :
_ بس لو سمعت كلامى وبعدنا عن البيت ده باللى فيه أنا مستعدة أرجعلك الأرض وده شرطي الوحيد يا أدهم لو عاوز أرضك ترجعلك .
ضحك مقهقهاً بطريقة جعلتها ترتبك وهو ينظر إليها بعيني صقر جارح على وشك إلتهام فريسته...
أسد غاضب يستعد ليغرز مخالبه في جسد ضحيته
عاد وهدأ واقترب منها :
_ بقى أنتِ بتساومينى يا إلهام..
بتهددينى بالسيد الوالد ....عاوزاه يدمرنى أنا .
أمسك بذراعها صارخاً بغضب :
_ لأ فوقى يا بنت الصيرفى ده أنا ابن سوق وجايبها من تحت
يعنى لا أنتِ ولا عشرة زي أبوكِ يهزوا فيّ شعرة
أنا بقالى سنين ساكت ومستحمل وبقول بكره تعقل .
بكره تعرف أنا حبيتها قد إيه وعملت عشانها إيه .
وأنتِ زى ما أنتِ طماعة وأنانية وغبية ..
وغباءك ده هو اللى وصلنا للى إحنا فيه ..
نفضها بعيداً وإتجه نحو سريره يجذب سترته ثم عاد والتفت إليها :
_ الأرض هترجع ....هترجع
برضاكِ غصب عنك هترجع
إتجه نحو الباب ليغادر ولكنه عاد ونظر إليها مبتسماً :
_ اها وبالمناسبة عاوزك تحضرى فستان سهرة يجنن يليق بحفلة جوازى ما هو مينفعش أعمل فرح من غير مراتى ما تحضر.
ارتعش جسدها وزادت نبضات قلبها لتصرخ وهى تسرع نحوه :
_أنت مجنون ....تتجوز يعنى إيه ؟
ده أنا اقتلك .
أمسك بذقنها بقوة يدفعها نحو الخزانة يصرخ بها:
_ اتعديتِ حدودك ..و أنا صبرى له أخر .
هتجوز يا إلهام ...هتجوز وهخلف .
واللى حرمتينى منه هلاقيه مع واحدة غيرك .
وأردف مبتسماً :
_ بس واحدة تستاهل .
*******
ترقب ..
انتظار ..
أمر قد يجعله منتصراً منتشياً ...
وقد يجعله مهزوماً مغلوباً على أمره ...
الدقائق تمر ببطء شديد وكأنها تتآمر عليه لتحرق أعصابه
يرفض أن يجرى إتصالاً بابن أخته ليعلم منه ما آل إليه الأمر
يحترق شوقاً ..
ثم يعود ويهدأ ..
انقضى الكثير وبقى القليل..
نظر لمساعده الذى دخل إليه يحمل بعض الأوراق التي تحتاج لتوقيعه ولكنه لم يكن في مزاج مناسب للمراجعة قبل الإمضاء
_ يا مختار باشا متقلقش إن شاء الله خير.
نظر إليه بقلق :
_ لازم أقلق يا عزام ....المشروع ده لو طار من إيديا أنا هخسر كتير ...كتير قوى
ابتسم عزام بثقة:
_ متقلقش التصميم اللى اتعمل هيعجب الشركة جداً أنا متأكد
وقبل أن يكمل فُتح الباب ودخل كريم ابن شقيقته
(كريم فؤاد)
ابن شقيقته وذراعه الأيمن منذ سنوات يعتبره بمثابة الابن الذى حُرم من إنجابه يؤهله ليتولى كل شيء من بعده لا ينكر سعادته عندما أحس من سيرين أنه قد يتقدم لخطبتها رغم أنه يعلم جيداً كم كان كريم مغرماً بتولين
كم كان ينتظر أن تنهى دراستها الجامعية ليتزوجا
ولكن فجأة انتهي الأمر
انقطعت العلاقة بينهما وأصبحت فكرة زواجهما مستبعدة
والآن ينتظر فقط أن يتقدم لخطبة ابنته حتى يأمن عليها معه
كريم قوى ومثابر يعرف جيداً طريقه وخطواته ...
يمتلك خصال رجل الأعمال المحنك وهذا ما يريده وأكثر ..
غادر كرسيه متجهاً نحوه بلهفة :
_ ها يا كريم عملتوا إيه ؟
أخفض كريم رأسه أسفاً :
_ للأسف يا خالى أدهم الجبالى قدر ياخد الصفقة دى كمان.
تسارعت ضربات قلبه والغضب يحتل جسده وعقله ..يقبض كفيه بقوة محاولاً السيطرة على حاله.
_ عملها ابن الجبالى .
اقترب منه كريم بغضب يماثل غضبه :
_ بس مش هنسكت زى كل مرة ..مفيش مشروع غير و ألاقيه موجود فيه.. نبقى مسيطرين علي كل حاجة والتصميم ممتاز بشهادة الكل.. في لحظة يدخل هو وكل حاجة تتهد على دماغنا.
صاح مختار غاضباً :
_ الواد ده جاب أخره معايا مش كل مرة هيعمل كده وهفضل ساكت له .
اقترب منه متسائلاً:
_ طيب وهنعمل إيه هنفضل ساكتين كده ؟ بالشكل ده الشركة هتخسر مش هيبقى غير الشغل الصغير وده مينفعش...دى لو وصلت إنى أخلص عليه هعملها .
اقترب عزام معترضاً :
_ اهدى يا كريم باشا الأمور دى متتخدش كده ..تخلص عليه يعنى إيه وتودى نفسك في داهية عشان إيه .. الموضوع مش مستاهل .
نظر إليه شذراً دوماً كان يرفض وجوده يراه ماكر خبيث متملق يحاول التقرب من مختار
و السيطرة عليه وأفكاره دائما ما تعجب مختار الذى يراه ذكياً وصاحب رؤية .
_ أنا مطلبتش منك تتدخل يا أستاذ عزام ...
صاح به مختار غاضباً :
_ في إيه يا كريم أنت عاوز تتخانق والسلام ما تهدي شويه .
ابتسم عزام بمكر كعادته وهو ينظر لكريم الذى زاد غيظه منه ثم عاد ونظر لمختار
_ أنا أقدر أحل الموضوع ده ومن غير مشاكل بس ليّ الحلاوة.
نظر إليه مختار بحيرة :
_ وده هيتحل إزاى يا عزام هتروح لأدهم تقوله أبعد عن الشركة وسيب لنا صفقة ناكل منها عيش .
عاد وابتسم مجدداً :
_ لأ أنا مش هروح لأدهم ....أنا هروح لصاحب الليلة دى كلها
اللى يقدر يوقف أدهم عند حده ويخليه يهدي اللعب شويه .
غمغم مختار متسائلاً:
_ وده يبقى مين ؟!
صاح بثقة :
_ هارون الجبالى شخصياً ...هو أها بعيد عن الشغل بقاله فترة بس مكانه في الشركة زى ما هو يبقى لما نتكلم ...نتكلم مع الكبير.
ضحك كريم ساخراً :
_ وهو أدهم ده له كبير ....أدهم ده عامل زى القطر لا حد قادر عليه ولا حد عارف يوقفه تيجى أنت يا أستاذ عزام وتقولى أكلم الراجل الكبير.
عاد ونظر إليه عزام مبتسماً:
_ بلاش تستقل بيّ ....يوضع سره في أضعف خلقه سيبها عليّ المرادى .
حاول كريم الاعتراض ليوقفه مختار بنظرة ثم يلتفت لعزام قائلاً :
_ لو عملت اللى بتقول عليه ليك عندى مكافأة كبيرة قوى يا عزام
ابتسم بثقة وهو يحنى رأسه :
_ وأنا قد كلمتى يا مختار باشا.
******
الوجه يعرفه
النظرة الخبيثة الماكرة الواضحة كالشمس لمن يراه ولو لأول مرة
رأه يخرج من مكتب جده بالشركة
ووجوده يعنى صفقة وهو الرسول بين مختار العزيزى وبين هارون الجبالي
فتح باب مكتب جده ليراه يجلس في مكانه يضم كفيه أمام وجهه يعقد حاجبيه بتفكير ويبدو أن هناك أمراً يشغل باله
_ مالك يا حاج الحربايه اللى كان هنا شكله زعلك .
نظر إليه باستغراب :
_ حربايه !! ....وعرفت منين إنه حربايه يا أدهم ؟!
فتح أدهم أزرار سترته وجلس أمام جده مبتسماً:
_ في واحد زمان علمنى لما أكون في مكان لازم أدرسه كويس ولازم أعرف كل حاجه فيه.
كل كبيرة وصغيرة أي حاجة مهما كانت بسيطة لها أهمية بعد كده
ابتسم هارون بفخر :
_ تصدق يا ابنى أنت الوحيد اللي قدرت تاخد منى أكتر من أبوك شخصياً .
ابتسم أدهم قائلاً:
_ تربيتك يا حاج .
قام هارون من كرسيه يستند على عصاه ليقف في مواجهة حفيده :
_ وما دام تربيتى يبقى هتسمع كلامى يا أدهم مش كده ؟
وقف أدهم أمامه ينظر إليه بشك :
_ مش فاهم..بس اللى فهمته إنه له علاقة بزيارة عزام ولا أنا غلطان ؟
تجاهل هارون تلميحه وأكمل:
_ من كام يوم قلت للبيت كله إنك بتفكر في الجواز مش كده؟
غمغم أدهم قائلاً :
_ وده إيه علاقته بمختار العزيزى ؟!
_ صفقة يا أدهم ....صفقة كلنا هنطلع منها كسبانين
ضيق عينيه بحيرة :
_ مش فاهم
_ عروسة ....بنت ناس وحلوة ومتعلمة وتليق بأدهم الجبالى .
عقد أدهم حاجبيه :
_ وإيه علاقة الحكاية دى بمختار العزيزى.
_ العلاقة إن الجواز هيكون مقابل شغل ....هنتنازل عن كام صفقة ونسيب مختار يعدى الفترة دى بمكسب لينا كلنا أنت هتتجوز وهو يكسب ويعدى من أزمته على خير .
ابتسم أدهم بتهكم :
_ومن إمتى الشغل بيدخل فيه شغل الحريم ده ؟
ضرب هارون الأرض بعصاه :
_ ده مش شغل حريم يا أدهم ده جواز ...أنت كده كده بتفكر تتجوز والعروسة موجودة ومختار العزيزى راجل محترم وله وضعه يعنى أنت مش خسران حاجة .
_ ودى تطلع مين إن شاء الله ؟
_ سيرين .....سيرين مختار العزيزى .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي