الفصل السابع والعشرون

منذ حضورها لجلسة الطبيبة وهى لم تنطق بكلمة واحدة فقط صامتة لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله، لاحظت امل ذلك لكنها قررت أن تتركها على سجيتها لحين حاجتها للتحدث، بعد وقت ليس بطويل قررت أمل أن تسألها سؤال واحد وإذا ما استجابت ستكمل
اذا أنا من الوسيم الذي ينتظرك بالخارج؟
تحمست انا بالفعل واتسعت عيناها بسعادة لاحظتها امل على الفور
هل رايته، أنه سيرجى صديقي
حقا ومتى تعرفت عليه؟
أنه الشاب الذي قابلته بتلك الليلة وذهبت معه لمنزله
اذا وماذا حدث بعد ذلك؟
قررت أمل أن تلتقط الخيط كى تسمع منها ما تريد قوله
تنهدت أنا وقضت لها ما حدث
لم اتحمل الأمر شعرت أننى لا استحق حياة سوية وتركته وذهبت للعنتى وقضيت معه الليل بأكمله كى اذكر نفسي بمكانتها
وما الذي جمعك به بعد ذلك؟
الصدفة لكنه استغلها جيدا، هل لك أن تتخيلي أنه معجب بي؟ وايضا يريد أن يرتبط بي رغم أننى قد نمت معه بالفعل ...
خجلت أنا مما قالته لكن امل أرادت أن تسمع منها كل شيء عن شعورها واحساسها عما حدث
اذا وما هو شعورك وكيف تقبلت الامر؟
في البداية كنت رافضة للأمر لكن حين علم حقيقة ما حدث ولم يشعر بالنفور منى تقبلت الأمر قليلا
اذا انت شعرت أنه علم حقيقتك؟
نعم، فذلك السبب الرئيسية لابتعادى عن الجميع، كيف لى أن أخدعهم
ابتسمت امل وجلست بجوارها كصديقة لا كطبيبة كى تشعرها بتقبلها
اسمعينى جيدا انا، انت لست بهذا السوء انت فتاه جيدة للغاية لو علمت، فانت ابتعدت عن الناس جميعا ظنا منك انك سيئة ولا تستحقين العيش بينهم، لقد رفضت أن تخدعيهم فكيف لذلك أن يجعلك سيئة؟
انت جيدا جدا لكنك لم ترين غير خطؤك والذي يعلم الله أنه ليس كذلك بل خطأ من استغلك، لذلك سبق وأخبرته انك لست المذنبة ويجب أن تعطى نفسك الفرصة لانك تستحقين
هذا ما قاله لى ادم
آدم؟
نعم شقيقي لقد وجدنى
اذا لقد حدث الكثير منذ اخر مرة قدمت بها لهنا
نعم الكثير جدا
اذا هلا قصصت على صديقتك ما حدث
نظرت أنا لامل يترقب
هل أنا صديقتك؟
نعم، انت كذلك إذا ما سمحت لى، فأنا اعتز بصداقة فتاه مثلك حقا
خجلت أنا من مدح امل وشعرت أنها حقا لم تقدر نفسها جيدا
اذا أخبريني ما الذي حدث بعد أن التقيت بادم؟
راحت أنا تقص عليها ما حدث حتى وصلت لتلك اللحظة التى اتصلت بها والدتها وارادت أن تحدثها
تذكرت تأهب سيرجى وقلق ادم حين أعطاها الهاتف كى تتحدث معها وحين سمعت صوتها الباكر لم تتحمل والقت الهاتف وغادرت لغرفتها، لم تتحمل أن تسمع صوتها، ما الذي سأقوله لها، هل ستعتذر ام تخبرها عن ندمها، لم تتحمل أنا كل هذا فهى لن تغفر لها بسهولة ما حدث معها بسببها
انتظرت امل أن تسمع أنا وتخبرها عما بصدرها
لم استطع ان اتحدث معها، كيف اسامحها على ما فعلته بي؟ كيف لى أن اتقبل ذلك؟
لست مضطرة لذلك انا، لكننى سعيدة بذلك
سعيدة؟ لم الن تخبرينى أننى كنت قاسية ؟
على العكس تماما فقد أصبح تفكيرك سويا جدا لقد رايت بنفسك من كان السبب بما حدث لك
ما الذي تقصدينه؟
ساخبرك، اولا والدتك وزوجها هما السبب بكل هذا، انت كنت مجرد طفلة وقد حاولت أن تستنجدى بها لكنها لم تستمع لك وتركت لتقعي بين براثنه، أما هو فحقا يستحق عقوبة مشددة كونه استغل طفلة طيلة هذه السنوات رغم كونها ابنة زوجته وكونك غضبت منها أو رفضت التحدث معها فذلك لكونك فطنت للحقيقة انك ضحية ويتبقي الآن أن ترينه هو أيضا على حقيقته أن تشترى بالنفور منه لا من نفسك
لكننى أنا من يذهب اليه؟
لقد اختلطت عليك الأمور أنا أنا امرأة راشدة الآن وقد مارست الجنس من سن صغير جدا مما جعلك بحاجة لهذا الأمر لكن وضعك وتفكيرك السلبي ضد نفسك جعلك تشعرين بأنك تحتاجينه
اذا تقصدين اننى احتاج رجل لا هو بالذات؟
بالطبع وايضا كونك تشعرين أنك لا تستحقين الحب لم تحاول أن تبحثي عن رجل يحبك لكنك لبيت حاجة جسدك فقط
اذا أنا قبلت سيرجى لانه يعلم حقيقتى؟ نفورى من الرجال كان بسبب ما اشعر به اتجاه نفسي
نعم، وحقا صدقينى لقد بدأ شفاؤك
لكن ادم يريد منى أن أبلغ عن زوج والداى؟
أعتقد أن الأمر يرجع لك انت وأن سألتنى عن رأيي فهو يستحق ذلك لقد دمر سنوات مراهقتك وشبابك عزيزتى، والان هلا عرفانى على سيرجى ذلك البطل
خجلت أنا واومأت لامل التى صحبتها للخارج كى تحيي ذلك الرجل الذي سهل مهمتها واختصر جلسات علاج طويلة ربما كانت لا طائل منها
ابتسمت امل وهى ترى نظرته القلقة حين رآها تخرج بصحبة الطبيبة
تولت أنا مهمة تعريفهما
دكتور ناجى، سيرجى صديقي
صافحته امل بود حقيقي وقد ظهر الامتنان بصوتها وهى تحدثه
لقد سعدت حقا بلقاؤك سيرجى فليس من السهل أن نقابل فارسا كل يوم
اشكرك دكتور ناجى ليس لهذه الدرجة
بل أكثر صدقنى فانا حقا كأميرة كانت تنتظر من ينقذها وها قد اتيت

زيارة غير متوقعة قلبت موازين يومه، لم يتوقع أن يراها بعد كل هذه الفترة، والدته التى لم يرها منذ سنوات طوال، متى خرجت من السجن وكيف علمت مكان عمله
جلس على مكتبه دون النظر إليها وحدثها بلامبالاة
ما الذي تريدينه؟
حاولت أن تستعطفه
لقد جرت كى اراك بنى الم تشتاق لى
لا، لم افعل والان تخبرينى عما تريدينه حقا
لقد خرجت منذ أيام ولم اجد مكانا لاقيم به فاتيت لابنى الطبيب المشهور
فطن دافيد لما تريد أن تخبره به، اضجع للخلف ونظر لها بتركيز ، لم تتغير كثيرا عن ذي قبل مازالت جميلة رغم كبرها، مازالت تهتم بصبغ شعرها الأشقر وتهتم ببشرتها التى لم نصبها غير تجاعيد بسيطة تمردت على اهتمامها فعلم أنها أنفقت ما كانت تملكه كى تحافظ على جمالها بالسجن
اذا ابنك المشهور؟
نعم
جلست بثقة أمامه وهى تعلم أنها بلغت مرادها وفهم هو تهديدها المبطن بالطبع سيخلف على مركزه ووضعه إذا ما عرف مرضاه أن والدته كانت بالسجن.
اذا ما الذي تريدينه؟
مبلغ من المال ومكان كى أقيم به
حسنا
رفع سماعة الهاتف واتصل بمساعده كى يجهز له شقة صغيرة وحساب بنكى باسم والدته
لم تصدق ما سمعته لتعلم أن ثراء ابنها قد تخطى إليه بمراحل
والان فلتغادرى
الن...
أخرجى
اغمض عيناه حتى سمع اغلاق الباب خلفها فلم يعلم لم شعر بالحزن، خيبة الأمل فما الذي كان يتوقعه؟ أن تأتى إليه وتخبره أنها اشتاقت له، أم أنه انتظر والدته التى خذلته منذ أكثر من اثنى وعشرون عاما؟
خلع معطفه الابيض وارتدى سترته وغادر المشفي وهو لا يعلم وجهته
أنهت الجلسات اخيرا بعد مغادرة أنا وصديقها الذي كما ظنت فهو سيكون سندا لها بالايام القادمة خاصة حين تتخلص من ذلك الرجل الذي كان سببا بما حدث معها
لم تكد تصل لسيارتها حتى وجدت سيارة رياضية تتوقف فجأة أمامها مما تسبب بصدور صوت عال بفعل مكابح السيارة، نظرت باتجاه هذا السارق المتهور لوحده دافيد الذي كان يتنفس بقوة فعلمت أن هناك خطب ما به فاتجهت صوبه
دافيد؟ هل انت بخير؟
هلا رافقتنى؟
دافيد
ارجوك امل
رغم أن المنطق يخبرها الا تفعل لكنها استجابت وذهبت معه لينطلق بالسيارة بسرعة شديدة كادت  تصيبها بالغثيان، توقف بالسيارة أمام منزل فخم بضواحى البلدة علمت أنه منزله لكنها لم تتحدث حتى فتح لها باب السيارة كى تنزل وسحبها للداخل، رغم كبر المنزل إلا أنه كان دافئ، اذهل امل التراث العربي الذي فرش به المنزل مما جعلها تشعر أنها دخلت لحقبة من التاريخ القديم حيث قصور البشاوات، نست امل مرافقها وراحتت تتأمل بالمنزل الذي كان قطعة من الشرق القديم ولم تشعر لدافيد الذي كان يراقبها، راحت تتلمس الاثاث الفخم، والقضايا المتناثرة حولها حتى وصلت لاريكة من الارابيسك فجلست عليها لتشعر أنها عادت لمنزل جدتها
بالله شو هاى الاحساس
ابتسم دافيد وهو يراها مستمتعة بوجودها بمنزله
أنه منزلى
كتير حلو
لم تلاحظ امل أنها تحدثه بالعربية وهو يجيبها بالفرنسية حتى وجدته يجلس بجوارها ويهمس لها
احتاجك امل
لم تفهم امل ما الذي يحدث معه لكنها لم تشعر بنفسها غير وهى تحتضنه بحنو بالغ جعله يتنهد ويغلق عيناه مستمتعا بهذا العناق
ابتعدت امل عنه ببطء وهى تسأله
شو بك دافيد؟
لقد عادت
من؟
والدتى
ابتسمت له امل وطلبت منه أن يعتدل ويضع رأسه على ساقيها
هلا، ارتاح واخبرنى شو كانت بتريد منك وليش اجت ومن وين
استجاب دافيد لدعوتها واراح رأسه على ساقيها وبدأ يتحدث
لقد جاءت كى تبتزنى لعملها بمركزى، لكننى استجبت لها ونفذت ما طلبته وانا لا اعلم لماذا؟ ليس الأمر متعلق بمكانتى فأنا لا تخشي أحدا
انت أردت ذلك دافيد
أردت ذلك؟
نعم فهى والدتك مهما فعلت فهى والدتك ما كنت لتتركها تغادر دون أن تعرف ما الذي ستفعله بحياتها من بعدك
لكننى اكرهها امل
لا انت لا تفعل، كونك غاضب مما فعلته فهذا لم يصل لكونه كره انت فقط غاضب رغم كل ذلك فأنت محق، هى من خسرت ابنا مثلك لجشعها ومازالت تفكر بذلك
كيف اتخلص من هذا الغضب؟
ما رايك أن تعزمنى على العشاء
ابتسم دافيد واعتدل في جلسته ونظر إليها لتكمل
لقد اختطفتنى حرفيا ولم اتناول الطعام طيلة اليوم
اقترب منها دافيد حتى لامست أنفاسه الدافئة وجهها فاضطربت امل من وضعهما فاغلقت عيناها لتجد شفتاه تقبلها برقة على وجنتيها وما لبث وقبل شفتيها برقة جعلتها تتوه بمشاعر لم تشعر بها من قبل
أنهى قبلته لينظر لوجهها الذي تحول للون الاحمر من الخجل
اذا لم أتخيل أن شفتاك بهذه اللذة
لم تستطع أن ترد عليه وصممت ليستفزها بكلماته
اذا هذه دعوة لاتذوقها مرة أخرى ؟
لم تكد تعترض حتى غيبها بقبيلة أخرى جعلتها تبادله بخجل جعله يبتسم ويقطع قبلته وينظر لها بشك
امل هذه قبلتك الاولى؟
نظرت له امل بخجل كأنها مراهقة
نعم
لم يقبله رجل من قبل؟ حقا أمل انت تعيشين هنا منذ سنوات دون والديك أو مراقب حتى
وما الخطأ بذلك ما كنت الفعل حتى اجد من يستحق ذلك....
أغلقت فمها حين أدركت ما تفوهت به
ابتسم هو ويقترب منها مرة أخرى لكنها ابتعدت عنه
دافيد، هناك حدود لكل شيء
لكن...
لم تدعه يكمل وقررت أن تمارس مهنتها لكن كصديقة لا طبيبة
دافيد انت مشوش ولن تحل هذه الأمور ما بك
غضب دافيد من تلميحها وعلم أنها عادت لطبيعتها كطبيبة
أنا لست أحد مرضاك دكتورة أمل
ابتسمت امل فهي تستفذه
لا، لست كذلك انت رفيقي دافيد
وهل تمنعين نفسك عن رفيقك امل
نعم
نعم؟!
هل اعتقدت أن علاقتنا ستكون كما اعتدت؟ بالطبع لا سيد دافيد فالأمر معى له حدوده ويجب أن تعلم ذلك فأنا لن اهب نفسى لأى رجل خارج نطاق الزواج
زواج؟
بالطبع الزواج، انت تعلم أننى عربية دافيد وعندى تقاليد وعادات التزم بها
لكنك لستومسلمة امل وعشنا هنا لسنوات
اعلم أنا لست مسلمة لكننى ملتزمة بعادات ربيت عليها ام ظننت أن الحفاظ على النفس وعدم الانخراط في حياة المجون لهم فقط ؟ أنها ثقافة تربينا عليها أنا أنتظر رجل اكون له للابد لا لمجرد ايام وحين يمل منى يتركنى
اذا انت تبحثين عن زوج؟
بل حبيب، حامى، صديق وزوج أيضا أسرة
برقت عينا دافيد وهو يسمع ما تقوله ليعلم أنها حقا من يريد لكنه ما زال خائفا مما مر بحياته
اذا انت تريدين زوجا؟ حسنا هل اتقدم الان؟
ضحكت امل واقتربت هذه المرة منه وامسكت يكفيه بين يديها
لا دافيد أن فعلت فلن اقبل
ابتعد عنها قبل أن تكمل حديثها ليصرخ بها
بالطبع كيف تقبل الطبيبة البتول بمريض، سادى لعين مثلى أمه كانت بالسجن لمحاولة قتله
اقتربت هى منه بهدوء
لا، بل لن ارتبط بك واستغل حاجتك لى لابنى أسرة وتجعلك تندم بعد ذلك على ارتباطهم المتسارع بي
هدا قليلا واستمع لما تقوله
دافيد، انت حقا مثالى، كل ما  أردته برجل فهو بك لكننى اعلم جيدا انك مشوش ولا يجب أن استغل هذا لصالحى، انت رافقت العديد من النساء ولك متطلبات محددة قد لا تتوافر بي فانا كما قلت بتول أنتظر رجل سيكون لى كل شيء وانا ايضا لذلك سأنتظر حتى ياتى أما كونك هذا الرجل فسيكون شيء رائع طبيب ووسيم ومسيطر وحظيت بقبلتى الاولى معه لكنك الان بهذا الوقت مشتت لذلك امنحنا الوقت لنختبر مشاعرنا جيدا وايضا ساعدنى لتتخلص مما بداخلك من غضب
عدنا لدور الطبيبة مرة أخرى
لا صديقة دافيد صديقة ستسمع منك كل شيء وسأحاول أن اساعدك لتستعيد حياتك
حسنا امل سأنتظر ولكن ...
اقترب هو الآخر منها حتى حاوطها بذراعيه وانحنى ليعوض فارق الطول بينهما
سأكتفي بهذه القبلة
قبلها مرة أخرى فرفعت ذراعها وأحاطت عنقه وذابت معه بقبلته وهى لا تعلم من ستكون له الغلبة بهذه اللعبة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي