الفصل 2
و لكن بعض الناس يعتقدون أن " الموضة " هي كل شيء ، و كل ستة أشهر ينفقون ثروة في تغيير بعض التفاصيل الصغيرة من أجل الحفاظ على عضويتهم في قبيلة حصرية للغاية للأثرياء ، إذا كانوا سيزورون وادي السيليكون هناك حيث يرتدي المليارديرات في صناعة تكنولوجيا المعلومات و الساعات البلاستيكية والجينز الضيق ، فإنهم سيفهمون أن العالم قد تغير و يبدو أن الجميع الآن ينتمون إلى نفس الطبقة الاجتماعية ، و لا أحد يهتم بعد الآن بحجم الماس أو صنع ربطة عنق أو حقيبة جلدية و في الواقع أساساً لا توجد حتى ربطات عنق جلدية في هذا الجزء من العالم ، و في الجوار توجد هوليوود آلة أكثر قوة نسبيًا وإن كانت في حالة تدهور و التي لا تزال قادرة على إقناع الأبرياء بالإيمان بفساتين الأزياء الراقية ، و قلائد الزمرد و سيارات الليموزين الممتدة
كم هذا سخيف! إن جلال لا يستطيع إخفاء كراهيته لأولئك الذين تؤثر قراراتهم على حياة الملايين من الرجال و النساء الصادقين ، و الذين يعملون بجد والذين يعيشون حياة كريمة ويسعدون بصحتهم و منزلهم و حب أسرهم.
يا له من ضلال! فقط عندما يبدو أن كل شيء على ما يرام و عندما تجتمع العائلات حول المائدة لتناول العشاء ، يظهر شبح الطبقة الفائقة و لبيع الأحلام المستحيلة الرفاهية والجمال و القوة و الأسرة تنهار و يعمل الأب لوقت إضافي ليتمكن من شراء أحدث أحذية رياضية لابنه ، لأنه إذا لم يكن لدى ابنه زوج فسيتم نبذه في المدرسة و الزوجة تبكي في صمت لأن صديقاتها لديهن ملابس مصممة و ليس لديها نقود ، و أطفالهم المراهقون بدلاً من تعلم القيم الحقيقية للإيمان و الأمل يحلمون فقط بأن يصبحوا مطربين أو نجوم سينما و تفقد الفتيات في المدن الإقليمية أي إحساس حقيقي بأنفسهن ، و يبدأن في التفكير في الذهاب إلى المدينة الكبيرة و هنّ مستعدات لفعل أي شيء ، أي شيء على الإطلاق فقط للحصول على قطعة معينة من المجوهرات و يبدأ العالم الذي يجب أن يكون موجهًا نحو العدالة بدلاً من ذلك بالتركيز على الأشياء المادية ، و التي في غضون ستة أشهر سوف تكون بلا قيمة ويجب استبدالها.
و لم يتأثر جلال قط بهذه القوة المدمرة ذلك لأنه يمتلك واحدة و من أكثر الوظائف التي يحسد عليها في العالم ، و يستمر في كسب المزيد من المال في يوم واحد أكثر مما يمكن أن ينفقه في عام واحد ، و حتى لو كان ينغمس في جميع الملذات الممكنة سواءً كانت القانونية وغير القانونية ليس لديه صعوبة في العثور على النساء ، و بغض النظر عما إذا كانوا يعرفون مقدار الأموال التي لديه هو لقد اختبرها في أكثر من مناسبة ولم يفشل أبدًا بعد و لقد بلغ للتو الأربعين من عمره ، وهو في حالة بدنية جيدة و وفقًا للفحص الطبي السنوي هو لا يعاني من أي مشاكل صحية و ليس عليه ديون أيضا و ليس عليه أن يرتدي ملصق مصمم معين ، أو أن يذهب إلى مطعم معين أو يقضي عطلاته على الشاطئ حيث يذهب " الجميع " أو يشتري ساعة لمجرد أن بعض الرياضيين الناجحين يروجون لها ، و يمكنه توقيع عقود كبيرة بقلم حبر جاف رخيص و ارتداء سترات مريحة وأنيقة ومصنوعة يدويًا من قبل خياط لديه متجر صغير بجوار مكتبه ولا يحمل أي ملصق على الإطلاق و يمكنه أن يفعل ما يحلو له وليس عليه أن يثبت لأي شخص أنه ثري و لديه وظيفة مثيرة للاهتمام ويحب ما يفعله.
و هذه هي المشكلة أنه لا يزال يحب ما يفعله ، و إنه متأكد من أن هذا هو السبب في أن المرأة التي دخلت البار قبل بضع ساعات لم تجلس معه على طاولته.
إنه يحاول الاستمرار في التفكير من أجل تمضية الوقت وقد سأل كريستين عن مشروب آخر إنه يعرف اسم النادلة لأنه قبل ساعة و عندما كان البار فارغًا ، (كان الناس يتناولون العشاء) طلب كأسًا من الويسكي وقالت إنه بدا حزينًا ويجب أن يأكل شيئًا لقد ابتهج بنفسه وشكرها على اهتمامها ، و لقد كان سعيدًا جداً لأن هناك من يهتم بحالته العقلية.
و ربما يكون هو الشخص الوحيد الذي يعرف اسم النادلة التي تخدمه لكن بينما يريد الآخرون فقط معرفة الأسماء ، وإذا أمكن المسميات الوظيفية للأشخاص الجالسين على الطاولات والكراسي بذراعين.
إنه يحاول أن يستمر في التفكير و لكن الساعة الثالثة صباحًا ، و المرأة الجميلة و رفيقها اللطيف و الذي هو بالمناسبة يشبهه بشكل ملحوظ لم يعاودوا الظهور أو ربما ذهبوا مباشرة إلى غرفتهم حيث يمارسون الحب الآن ، أو ربما لا يزالون يشربون الشمبانيا على أحد اليخوت هناك حيث تبدأ الحفلات فقط عندما تقترب الأطراف الأخرى من نهايتها و ربما يرقدون في السرير و يقرؤون المجلات ويتجاهلون بعضهم البعض.
ليس هذا ما يهم جلال وحيد ومتعب ويحتاج إلى النوم
7: 22 صباحًا
يستيقظ في الساعة 7:22 صباحًا و في وقت أبكر بكثير مما يرغب به جسده و لكنه لم يتكيف بعد مع فارق التوقيت بين موسكو وباريس ، إذا كان في العمل لكان و الآن قد عقد بالفعل اجتماعين أو ثلاثة اجتماعات مع مرؤوسيه ويستعد لتناول الغداء مع بعض العملاء الجدد.
و لكن لديه مهمة أخرى يقوم بها هنا و يجب أن يجد شخصًا يمكنه التضحية باسم الحب ، إنه يحتاج إلى ضحية حتى تصل رسالته في ذلك الصباح بالذات.
لديه حمام ويذهب إلى الطابق السفلي لتناول القهوة في مطعم شبه مهجور و من ثم ينطلق على طول إلى شارع الفنادق حيث تقع جميع الفنادق الفخمة تقريبًا ، و لا توجد حركة مرور لأن أحد الحارات مغلق ولا يُسمح إلا للسيارات التي تحمل إذنًا رسميًا بالمرور و الممر الآخر فارغ الآن لأنه و حتى الأشخاص الذين يعيشون في المدينة ما زالوا فقط يستعدون للذهاب إلى العمل .
هو لا يشعر بالاستياء لأنه قد اجتاز المرحلة الصعبة حقًا و عندما لم يستطع النوم لأنه كان مليئًا بالألم والكراهية و الآن يمكنه أن يفهم مشاعر ميرا بعد كل شيء ، الزواج الأحادي هو أسطورة تم ضربها في حناجر الناس لفترة طويلة جدًا و لقد قرأ الكثير عن هذا الموضوع عدم القدرة على أن تكون أحادي الزوجة لا يتعلق فقط بالهرمونات الزائدة أو الغرور ولكن كما تشير جميع الأبحاث ، فإن التكوين الجيني موجود في جميع الحيوانات تقريبًا.
و قد كشفت اختبارات الأبوة تلك التي أُجريت على الطيور والقرود والثعالب ، أنه لمجرد أن هذه الأنواع طورت علاقة اجتماعية مشابهة جدًا للزواج أنه لا يعني بالضرورة أنها كانت مخلصة لبعضها البعض ، و هناك سبعين في المائة من الحالات قد تبين أن نسلهم قد ولدوا من قبل ذكور غير شركائهم و تذكر جلال شيئًا كتبه زياد السالم أستاذ علم النفس في الجامعة قال فيه أن النوع الوحيد في الطبيعة الذي لا يرتكب الزنا والذي يبدو أنه يوجد فيه زواج أحادي بنسبة مائة بالمائة هو الدودة المفلطحة تلتقي الديدان الذكور والإناث في سن المراهقة وتندمج أجسادهم معًا حرفيًا.
ولهذا لا يستطيع اتهام ميرا بأي شيء و ذلك لأنها قد كانت فقط تتبع غرائزها البشرية ومع ذلك فقد نشأت على الإيمان بتلك الأعراف الاجتماعية و الغير الطبيعية ، و يجب أن تشعر بالذنب معتقدة أنه لم يعد يحبها ولن يغفر لها أبدًا.
و إنه في الواقع مستعد لفعل أي شيء و حتى لإرسال رسائل تعني أنه دمر عالم شخص ما فقط حتى تعرف أنه ليس فقط على استعداد للترحيب بعودتها ، و بل سيدفن الماضي بكل سرور ويسأل لا توجد أسئلة .
لقد رأى امرأة شابة تضع بضاعتها على الرصيف و فيها عدة قطع متنوعة من الأعمال اليدوية و المجوهرات ذات الذوق المشكوك فيه إلى حد ما.
و نعم لسوء الحظ سوف تكون هذه هي الذبيحة إنها الرسالة التي يجب أن يرسلها ، إنها رسالة سيتم فهمها فقط بمجرد وصولها إلى وجهتها قبل أن يذهب إليها ، إنه يراقبها بحنان و إنها لا تعرف أنه بعد قليل و إذا سارت الأمور على ما يرام للأسف فإن روحها سوف تتجول في الغيوم عالياً متحررة إلى الأبد من وظيفة حمقاء لن تأخذها أبدًا إلى حيث تريدها أحلامها.
"كم الثمن ؟" يسأل بلغة فرنسية ممتازة
" أي قطعة تريد يا سيدي ؟ "
" كل منهم"
الشابة التي يجب أن تكون في العشرين على الأكثر تبتسم
" هذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها شخص ما شراء كل شيء والخطوة التالية هي عادة " هل ترغب في الذهاب في نزهة على الأقدام؟ أنت جميلة جدًا بحيث لا يمكنك بيع هذه الأشياء هنا أنا ""
" لا أنا لست كذلك أنا لا أعمل في السينما ولن أجعلك ممثلة وأغير حياتك و أنا لست مهتمًا بالأشياء التي تبيعيها أيضًا أنا فقط بحاجة إلى التحدث ويمكننا فعل ذلك هنا "
الشابة تحيد نظرها
"يصنع والداي هذه الأشياء بنفسه و أنا فخورة بما أفعله و في يوم من الأيام سوف يأتي شخص ما ليدرك قيمتها و من فضلك ابتعد و أنا متأكدة من أنه يمكنك العثور على شخص آخر للاستماع إلى ما يجب أن أقول "
يأخذ جلال مجموعة من الأوراق النقدية من جيبه ويضعها برفق بجانبها
" أرجوكِ سامحي فظاظتي لقد قلت فقط إنني غير مهتم بشراء أي شيء لمعرفة ما إذا كنت ستخفضين السعر، و على أي حال اسمي جلال السوسي و لقد أتيت من السفر أمس و ما زلت أعاني من اضطراب طفيف في السفر "
"اسمي إيلينا " تقول الشابة و هي متظاهرة بأنها تصدق كذبه
دون إذنها جلس على المقعد بجانبها و هي تتحرك لأعلى بوصة واحدة أو نحو ذلك
الآن "ماذا تريد أن نتحدث عن ؟ "
" أولا أرجو أن تأخذي المال "
ترددت إيلينا و من ثم نظرت حولها وأدركت أنه ليس لديها سبب للخوف تسير السيارات الآن في المسار الوحيد المتاح ويتجه الشباب إلى الشاطئ ، ويتجه زوجان عجوزان نحوهما على الرصيف تقوم بوضع النقود في جيبها وليس البريد و هي لديها خبرة كافية في الحياة لتعلم أنها أكثر من كافية.
يقول جلال " أشكرك على قبول عرضي" "سألتني عما أريد أن أتحدث عنه ؟ حسنًا لا شيء مهم جدًا "
"يجب أن تكون هنا لسبب ما و أنت بحاجة إلى سبب لزيارة مدينة كان في هذا الوقت من العام عندما تكون المدينة لا تطاق بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون هنا كما هي للسائحين"
جلال ينظر إلى البحر و يشعل سيجارة
تقول " التدخين مضر بصحتك"
يتجاهل هذه الملاحظة
" ما هو معنى الحياة بالنسبة لك ؟" سأل
"حب "
إيلينا تبتسم هذه حقًا طريقة ممتازة لبدء اليوم والتحدث عن أشياء أعمق أكثر من سعر كل قطعة من الأعمال اليدوية أو الملابس التي يرتديها الناس
"ولك ؟ "
"نعم و الحب أيضًا ولكن بالنسبة لي كان و من المهم أيضًا كسب ما يكفي من المال لأظهر لوالدي أنني قادر على النجاح ، و لقد فعلت ذلك والآن هم فخورون بي قابلت المرأة المثالية وتزوجنا وأود أن أنجب أطفالاً ، لأكرم الله وأخافه و لكن الأطفال للأسف لم يأتوا أبداً "
إيلينا لا تحب أن تسأل لماذا يستمر الرجل في الأربعينيات من عمره في إتقان الفرنسية
" فكرنا في تبني طفل و في الواقع قد أمضينا عامين أو ثلاثة في التفكير في الأمر ولكن بعد ذلك بدأت الحياة تنشغل كثيرًا برحلات العمل والحفلات والاجتماعات والصفقات"
" عندما جلست هنا للحديث و اعتقدت أنك مجرد مليونير غريب الأطوار يبحث عن مغامرة و لكنني أستمتع بالحديث عن هذه الأشياء "
" هل تفكرين في المستقبل ؟"
"نعم أنا أفعل ذلك وأعتقد أن أحلامي تشبه إلى حد كبير أحلامك ومن الواضح أنني أرغب في إنجاب الأطفال أيضًا "
توقفت إنها لا تريد أن تؤذي مشاعر هذا الرفيق الجديد و غير المتوقع
" إذا استطعت بالطبع في بعض الأحيان يكون لدى الله خطط أخرى "
يبدو أنه لم يسمع إجابتها
" هل يحضر المهرجان أصحاب الملايين فقط ؟ "
" المليونيرات والأشخاص الذين يعتقدون أنهم أصحاب الملايين أو يريدون أن يصبحوا أصحاب الملايين و أثناء فترة المهرجان يكون هذا الجزء من المدينة مثل بيت مجنون يتصرف الجميع كما لو كانوا مهمين للغاية ، و بصرف النظر عن الأشخاص المهمين حقًا إنهم أكثر أدبًا و لا يحتاجون إلى إثبات أي شيء لأي شخص و لا يشترون دائمًا ما يجب أن أبيعه و لكنهم على الأقل يبتسمون لي ويقدمون بعض الملاحظات اللطيفة ويعاملونني باحترام ماذا تفعل هنا ؟"
" خلق الله العالم في ستة أيام و لكن ما هو العالم ؟ إنه ما أراه أنت أو أراه و عندما يموت شخص ما فإن جزء ًمن الكون أيضًا يموت و كل ما يشعر به الشخص ويجربه و يراه يموت معهم مثل الدموع في المطر "
" مثل الدموع في المطر " لقد شاهدت فيلمًا ذات مرة يستخدم هذه العبارة لكن لا أستطيع أن أتذكر الآن ما كان "
" لم آت إلى هنا لأبكي جئت لأرسل رسائل إلى المرأة التي أحبها و لكي أفعل ذلك أنا أحتاج إلى تدمير بعض الأكوان أو العوالم "
بدلاً من الشعور بالقلق من هذا البيان الأخير تضحك إيلينا هذا الرجل الوسيم حسن الملبس الذي يتحدث الفرنسية بطلاقة لا يبدو وكأنه مجنون على الإطلاق لقد سئمت من سماع نفس الأشياء دائمًا أنت جميلة جدًا يمكن أن تكون أفضل لنفسك كم هذا كم هذا إنه مكلف للغاية سأذهب بعيدًا وأفكر في الأمر وأعود مرة أخرى لاحقًا (وهو ما لم يفعلوه أبدًا بالطبع) إلخ على الأقل يتمتع هذا الرجل بروح الدعابة
"لماذا تحتاج لتدمير العالم ؟"
"حتى أتمكن من إعادة بناء عالمي الخاص "
تود إيلينا أن تحاول مواساته و لكنها تخشى سماع الكلمات الشهيرة " أعتقد أنه يمكنك إعطاء معنى لحياتي" وعند هذه النقطة سوف تتوقف المحادثة و بشكل مفاجئ لأن لديها خططًا أخرى لمستقبلها ، و إلى جانب ذلك سوف يكون من العبث من جانبها محاولة تعليم شخص أكبر سنًا وأكثر نجاحًا كيفية التغلب على الصعوبات التي يواجهها
سيكون أحد المخرجين هو معرفة المزيد عن حياته و بعد كل شيء دفع لها و دفع لها جيدًا مقابل وقتها
"كيف تنوي القيام بذلك ؟"
"هل تعرف أي شيء عن الضفادع ؟"
"الضفادع ؟ "
نعم لقد أظهرت العديد من الدراسات البيولوجية أنه إذا تم وضع ضفدع في وعاء مع الماء من البركة الخاصة به فسيظل هناك تمامًا بينما يتم تسخين الماء ببطء و لا يتفاعل الضفدع مع التدريجي زيادة في درجة الحرارة بسبب التغيرات في بيئتها و عندما يصل الماء إلى درجة الغليان يموت الضفدع سمينًا وسعيدًا
" و من ناحية أخرى إذا تم إلقاء ضفدع في وعاء مليء بالماء المغلي بالفعل فسوف يقفز مباشرة مرة أخرى محروقًا و لكنه على قيد الحياة !"
كم هذا سخيف! إن جلال لا يستطيع إخفاء كراهيته لأولئك الذين تؤثر قراراتهم على حياة الملايين من الرجال و النساء الصادقين ، و الذين يعملون بجد والذين يعيشون حياة كريمة ويسعدون بصحتهم و منزلهم و حب أسرهم.
يا له من ضلال! فقط عندما يبدو أن كل شيء على ما يرام و عندما تجتمع العائلات حول المائدة لتناول العشاء ، يظهر شبح الطبقة الفائقة و لبيع الأحلام المستحيلة الرفاهية والجمال و القوة و الأسرة تنهار و يعمل الأب لوقت إضافي ليتمكن من شراء أحدث أحذية رياضية لابنه ، لأنه إذا لم يكن لدى ابنه زوج فسيتم نبذه في المدرسة و الزوجة تبكي في صمت لأن صديقاتها لديهن ملابس مصممة و ليس لديها نقود ، و أطفالهم المراهقون بدلاً من تعلم القيم الحقيقية للإيمان و الأمل يحلمون فقط بأن يصبحوا مطربين أو نجوم سينما و تفقد الفتيات في المدن الإقليمية أي إحساس حقيقي بأنفسهن ، و يبدأن في التفكير في الذهاب إلى المدينة الكبيرة و هنّ مستعدات لفعل أي شيء ، أي شيء على الإطلاق فقط للحصول على قطعة معينة من المجوهرات و يبدأ العالم الذي يجب أن يكون موجهًا نحو العدالة بدلاً من ذلك بالتركيز على الأشياء المادية ، و التي في غضون ستة أشهر سوف تكون بلا قيمة ويجب استبدالها.
و لم يتأثر جلال قط بهذه القوة المدمرة ذلك لأنه يمتلك واحدة و من أكثر الوظائف التي يحسد عليها في العالم ، و يستمر في كسب المزيد من المال في يوم واحد أكثر مما يمكن أن ينفقه في عام واحد ، و حتى لو كان ينغمس في جميع الملذات الممكنة سواءً كانت القانونية وغير القانونية ليس لديه صعوبة في العثور على النساء ، و بغض النظر عما إذا كانوا يعرفون مقدار الأموال التي لديه هو لقد اختبرها في أكثر من مناسبة ولم يفشل أبدًا بعد و لقد بلغ للتو الأربعين من عمره ، وهو في حالة بدنية جيدة و وفقًا للفحص الطبي السنوي هو لا يعاني من أي مشاكل صحية و ليس عليه ديون أيضا و ليس عليه أن يرتدي ملصق مصمم معين ، أو أن يذهب إلى مطعم معين أو يقضي عطلاته على الشاطئ حيث يذهب " الجميع " أو يشتري ساعة لمجرد أن بعض الرياضيين الناجحين يروجون لها ، و يمكنه توقيع عقود كبيرة بقلم حبر جاف رخيص و ارتداء سترات مريحة وأنيقة ومصنوعة يدويًا من قبل خياط لديه متجر صغير بجوار مكتبه ولا يحمل أي ملصق على الإطلاق و يمكنه أن يفعل ما يحلو له وليس عليه أن يثبت لأي شخص أنه ثري و لديه وظيفة مثيرة للاهتمام ويحب ما يفعله.
و هذه هي المشكلة أنه لا يزال يحب ما يفعله ، و إنه متأكد من أن هذا هو السبب في أن المرأة التي دخلت البار قبل بضع ساعات لم تجلس معه على طاولته.
إنه يحاول الاستمرار في التفكير من أجل تمضية الوقت وقد سأل كريستين عن مشروب آخر إنه يعرف اسم النادلة لأنه قبل ساعة و عندما كان البار فارغًا ، (كان الناس يتناولون العشاء) طلب كأسًا من الويسكي وقالت إنه بدا حزينًا ويجب أن يأكل شيئًا لقد ابتهج بنفسه وشكرها على اهتمامها ، و لقد كان سعيدًا جداً لأن هناك من يهتم بحالته العقلية.
و ربما يكون هو الشخص الوحيد الذي يعرف اسم النادلة التي تخدمه لكن بينما يريد الآخرون فقط معرفة الأسماء ، وإذا أمكن المسميات الوظيفية للأشخاص الجالسين على الطاولات والكراسي بذراعين.
إنه يحاول أن يستمر في التفكير و لكن الساعة الثالثة صباحًا ، و المرأة الجميلة و رفيقها اللطيف و الذي هو بالمناسبة يشبهه بشكل ملحوظ لم يعاودوا الظهور أو ربما ذهبوا مباشرة إلى غرفتهم حيث يمارسون الحب الآن ، أو ربما لا يزالون يشربون الشمبانيا على أحد اليخوت هناك حيث تبدأ الحفلات فقط عندما تقترب الأطراف الأخرى من نهايتها و ربما يرقدون في السرير و يقرؤون المجلات ويتجاهلون بعضهم البعض.
ليس هذا ما يهم جلال وحيد ومتعب ويحتاج إلى النوم
7: 22 صباحًا
يستيقظ في الساعة 7:22 صباحًا و في وقت أبكر بكثير مما يرغب به جسده و لكنه لم يتكيف بعد مع فارق التوقيت بين موسكو وباريس ، إذا كان في العمل لكان و الآن قد عقد بالفعل اجتماعين أو ثلاثة اجتماعات مع مرؤوسيه ويستعد لتناول الغداء مع بعض العملاء الجدد.
و لكن لديه مهمة أخرى يقوم بها هنا و يجب أن يجد شخصًا يمكنه التضحية باسم الحب ، إنه يحتاج إلى ضحية حتى تصل رسالته في ذلك الصباح بالذات.
لديه حمام ويذهب إلى الطابق السفلي لتناول القهوة في مطعم شبه مهجور و من ثم ينطلق على طول إلى شارع الفنادق حيث تقع جميع الفنادق الفخمة تقريبًا ، و لا توجد حركة مرور لأن أحد الحارات مغلق ولا يُسمح إلا للسيارات التي تحمل إذنًا رسميًا بالمرور و الممر الآخر فارغ الآن لأنه و حتى الأشخاص الذين يعيشون في المدينة ما زالوا فقط يستعدون للذهاب إلى العمل .
هو لا يشعر بالاستياء لأنه قد اجتاز المرحلة الصعبة حقًا و عندما لم يستطع النوم لأنه كان مليئًا بالألم والكراهية و الآن يمكنه أن يفهم مشاعر ميرا بعد كل شيء ، الزواج الأحادي هو أسطورة تم ضربها في حناجر الناس لفترة طويلة جدًا و لقد قرأ الكثير عن هذا الموضوع عدم القدرة على أن تكون أحادي الزوجة لا يتعلق فقط بالهرمونات الزائدة أو الغرور ولكن كما تشير جميع الأبحاث ، فإن التكوين الجيني موجود في جميع الحيوانات تقريبًا.
و قد كشفت اختبارات الأبوة تلك التي أُجريت على الطيور والقرود والثعالب ، أنه لمجرد أن هذه الأنواع طورت علاقة اجتماعية مشابهة جدًا للزواج أنه لا يعني بالضرورة أنها كانت مخلصة لبعضها البعض ، و هناك سبعين في المائة من الحالات قد تبين أن نسلهم قد ولدوا من قبل ذكور غير شركائهم و تذكر جلال شيئًا كتبه زياد السالم أستاذ علم النفس في الجامعة قال فيه أن النوع الوحيد في الطبيعة الذي لا يرتكب الزنا والذي يبدو أنه يوجد فيه زواج أحادي بنسبة مائة بالمائة هو الدودة المفلطحة تلتقي الديدان الذكور والإناث في سن المراهقة وتندمج أجسادهم معًا حرفيًا.
ولهذا لا يستطيع اتهام ميرا بأي شيء و ذلك لأنها قد كانت فقط تتبع غرائزها البشرية ومع ذلك فقد نشأت على الإيمان بتلك الأعراف الاجتماعية و الغير الطبيعية ، و يجب أن تشعر بالذنب معتقدة أنه لم يعد يحبها ولن يغفر لها أبدًا.
و إنه في الواقع مستعد لفعل أي شيء و حتى لإرسال رسائل تعني أنه دمر عالم شخص ما فقط حتى تعرف أنه ليس فقط على استعداد للترحيب بعودتها ، و بل سيدفن الماضي بكل سرور ويسأل لا توجد أسئلة .
لقد رأى امرأة شابة تضع بضاعتها على الرصيف و فيها عدة قطع متنوعة من الأعمال اليدوية و المجوهرات ذات الذوق المشكوك فيه إلى حد ما.
و نعم لسوء الحظ سوف تكون هذه هي الذبيحة إنها الرسالة التي يجب أن يرسلها ، إنها رسالة سيتم فهمها فقط بمجرد وصولها إلى وجهتها قبل أن يذهب إليها ، إنه يراقبها بحنان و إنها لا تعرف أنه بعد قليل و إذا سارت الأمور على ما يرام للأسف فإن روحها سوف تتجول في الغيوم عالياً متحررة إلى الأبد من وظيفة حمقاء لن تأخذها أبدًا إلى حيث تريدها أحلامها.
"كم الثمن ؟" يسأل بلغة فرنسية ممتازة
" أي قطعة تريد يا سيدي ؟ "
" كل منهم"
الشابة التي يجب أن تكون في العشرين على الأكثر تبتسم
" هذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها شخص ما شراء كل شيء والخطوة التالية هي عادة " هل ترغب في الذهاب في نزهة على الأقدام؟ أنت جميلة جدًا بحيث لا يمكنك بيع هذه الأشياء هنا أنا ""
" لا أنا لست كذلك أنا لا أعمل في السينما ولن أجعلك ممثلة وأغير حياتك و أنا لست مهتمًا بالأشياء التي تبيعيها أيضًا أنا فقط بحاجة إلى التحدث ويمكننا فعل ذلك هنا "
الشابة تحيد نظرها
"يصنع والداي هذه الأشياء بنفسه و أنا فخورة بما أفعله و في يوم من الأيام سوف يأتي شخص ما ليدرك قيمتها و من فضلك ابتعد و أنا متأكدة من أنه يمكنك العثور على شخص آخر للاستماع إلى ما يجب أن أقول "
يأخذ جلال مجموعة من الأوراق النقدية من جيبه ويضعها برفق بجانبها
" أرجوكِ سامحي فظاظتي لقد قلت فقط إنني غير مهتم بشراء أي شيء لمعرفة ما إذا كنت ستخفضين السعر، و على أي حال اسمي جلال السوسي و لقد أتيت من السفر أمس و ما زلت أعاني من اضطراب طفيف في السفر "
"اسمي إيلينا " تقول الشابة و هي متظاهرة بأنها تصدق كذبه
دون إذنها جلس على المقعد بجانبها و هي تتحرك لأعلى بوصة واحدة أو نحو ذلك
الآن "ماذا تريد أن نتحدث عن ؟ "
" أولا أرجو أن تأخذي المال "
ترددت إيلينا و من ثم نظرت حولها وأدركت أنه ليس لديها سبب للخوف تسير السيارات الآن في المسار الوحيد المتاح ويتجه الشباب إلى الشاطئ ، ويتجه زوجان عجوزان نحوهما على الرصيف تقوم بوضع النقود في جيبها وليس البريد و هي لديها خبرة كافية في الحياة لتعلم أنها أكثر من كافية.
يقول جلال " أشكرك على قبول عرضي" "سألتني عما أريد أن أتحدث عنه ؟ حسنًا لا شيء مهم جدًا "
"يجب أن تكون هنا لسبب ما و أنت بحاجة إلى سبب لزيارة مدينة كان في هذا الوقت من العام عندما تكون المدينة لا تطاق بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون هنا كما هي للسائحين"
جلال ينظر إلى البحر و يشعل سيجارة
تقول " التدخين مضر بصحتك"
يتجاهل هذه الملاحظة
" ما هو معنى الحياة بالنسبة لك ؟" سأل
"حب "
إيلينا تبتسم هذه حقًا طريقة ممتازة لبدء اليوم والتحدث عن أشياء أعمق أكثر من سعر كل قطعة من الأعمال اليدوية أو الملابس التي يرتديها الناس
"ولك ؟ "
"نعم و الحب أيضًا ولكن بالنسبة لي كان و من المهم أيضًا كسب ما يكفي من المال لأظهر لوالدي أنني قادر على النجاح ، و لقد فعلت ذلك والآن هم فخورون بي قابلت المرأة المثالية وتزوجنا وأود أن أنجب أطفالاً ، لأكرم الله وأخافه و لكن الأطفال للأسف لم يأتوا أبداً "
إيلينا لا تحب أن تسأل لماذا يستمر الرجل في الأربعينيات من عمره في إتقان الفرنسية
" فكرنا في تبني طفل و في الواقع قد أمضينا عامين أو ثلاثة في التفكير في الأمر ولكن بعد ذلك بدأت الحياة تنشغل كثيرًا برحلات العمل والحفلات والاجتماعات والصفقات"
" عندما جلست هنا للحديث و اعتقدت أنك مجرد مليونير غريب الأطوار يبحث عن مغامرة و لكنني أستمتع بالحديث عن هذه الأشياء "
" هل تفكرين في المستقبل ؟"
"نعم أنا أفعل ذلك وأعتقد أن أحلامي تشبه إلى حد كبير أحلامك ومن الواضح أنني أرغب في إنجاب الأطفال أيضًا "
توقفت إنها لا تريد أن تؤذي مشاعر هذا الرفيق الجديد و غير المتوقع
" إذا استطعت بالطبع في بعض الأحيان يكون لدى الله خطط أخرى "
يبدو أنه لم يسمع إجابتها
" هل يحضر المهرجان أصحاب الملايين فقط ؟ "
" المليونيرات والأشخاص الذين يعتقدون أنهم أصحاب الملايين أو يريدون أن يصبحوا أصحاب الملايين و أثناء فترة المهرجان يكون هذا الجزء من المدينة مثل بيت مجنون يتصرف الجميع كما لو كانوا مهمين للغاية ، و بصرف النظر عن الأشخاص المهمين حقًا إنهم أكثر أدبًا و لا يحتاجون إلى إثبات أي شيء لأي شخص و لا يشترون دائمًا ما يجب أن أبيعه و لكنهم على الأقل يبتسمون لي ويقدمون بعض الملاحظات اللطيفة ويعاملونني باحترام ماذا تفعل هنا ؟"
" خلق الله العالم في ستة أيام و لكن ما هو العالم ؟ إنه ما أراه أنت أو أراه و عندما يموت شخص ما فإن جزء ًمن الكون أيضًا يموت و كل ما يشعر به الشخص ويجربه و يراه يموت معهم مثل الدموع في المطر "
" مثل الدموع في المطر " لقد شاهدت فيلمًا ذات مرة يستخدم هذه العبارة لكن لا أستطيع أن أتذكر الآن ما كان "
" لم آت إلى هنا لأبكي جئت لأرسل رسائل إلى المرأة التي أحبها و لكي أفعل ذلك أنا أحتاج إلى تدمير بعض الأكوان أو العوالم "
بدلاً من الشعور بالقلق من هذا البيان الأخير تضحك إيلينا هذا الرجل الوسيم حسن الملبس الذي يتحدث الفرنسية بطلاقة لا يبدو وكأنه مجنون على الإطلاق لقد سئمت من سماع نفس الأشياء دائمًا أنت جميلة جدًا يمكن أن تكون أفضل لنفسك كم هذا كم هذا إنه مكلف للغاية سأذهب بعيدًا وأفكر في الأمر وأعود مرة أخرى لاحقًا (وهو ما لم يفعلوه أبدًا بالطبع) إلخ على الأقل يتمتع هذا الرجل بروح الدعابة
"لماذا تحتاج لتدمير العالم ؟"
"حتى أتمكن من إعادة بناء عالمي الخاص "
تود إيلينا أن تحاول مواساته و لكنها تخشى سماع الكلمات الشهيرة " أعتقد أنه يمكنك إعطاء معنى لحياتي" وعند هذه النقطة سوف تتوقف المحادثة و بشكل مفاجئ لأن لديها خططًا أخرى لمستقبلها ، و إلى جانب ذلك سوف يكون من العبث من جانبها محاولة تعليم شخص أكبر سنًا وأكثر نجاحًا كيفية التغلب على الصعوبات التي يواجهها
سيكون أحد المخرجين هو معرفة المزيد عن حياته و بعد كل شيء دفع لها و دفع لها جيدًا مقابل وقتها
"كيف تنوي القيام بذلك ؟"
"هل تعرف أي شيء عن الضفادع ؟"
"الضفادع ؟ "
نعم لقد أظهرت العديد من الدراسات البيولوجية أنه إذا تم وضع ضفدع في وعاء مع الماء من البركة الخاصة به فسيظل هناك تمامًا بينما يتم تسخين الماء ببطء و لا يتفاعل الضفدع مع التدريجي زيادة في درجة الحرارة بسبب التغيرات في بيئتها و عندما يصل الماء إلى درجة الغليان يموت الضفدع سمينًا وسعيدًا
" و من ناحية أخرى إذا تم إلقاء ضفدع في وعاء مليء بالماء المغلي بالفعل فسوف يقفز مباشرة مرة أخرى محروقًا و لكنه على قيد الحياة !"