الفصل السابع والاربعون
بعد انتهائهم من تناول الفطور طلبت احلام من آية ان تأخذ طبق الحلو لحازم.. رفضت في البداية و خشيت ان تتعامل معه مباشرة و لكن احلام كانت تريد تقريبهما من بعضهما كي لا تشعر اية بالخوف منه مجددا..
إقتربت آية من حازم وهى حاملة طبق الكنافة وقالت له بتلعثم :
_ تفضل.. امي طلبت مني ان اعطيك هذا الطبق كي تتحلى .
أخذه حازم منها وهو مبتسم فتحركت و قالت له بتوجس:
_ حازم.. هل لي بطلب واحد فقط منك و ان رفضته لن اجادلك و ان وافقت تستسعدني جدااا.
طالعها بقلق و تناول ملعقة من الكنافة وقال بترقب :
_ اطلبي ما شئتي طالما ستنفذين ما سأقوله.
تنحنحت آية قائلة بخوف:
_ ارجو الا تستغل طلبي و تعود لعصبيتك معي فأنا تعبت حتي هدأت نسبيا من ناحيتي.
رفع حازم حاجبه بتوجس و قال:
_ لقد بدأ القلق يتسلل لقلبي.. قولي طلبك مباشرة يا آيات.
اومأت برأسها موافقة و قالت بتلعثم من خوفها:
_ انا.. انا اريد ان أذهب مع مريم و سجدة الي المسجد كي اصلي معهما صلاة التراويح و اعرف انك مانع خروجي من البيت لذلك كما ستقول سأفعل و لن اجادلك.
فكر قليلا و ترك الطبق من يده علي الطاولة و قال :
_ انتِ تصليها بالبيت مع امي لماذا تريدين الذهاب معهما اذا؟!
تطلعت بالمقعد المجاور له و سألته بتأدب:
_ هل تأذن لي بالجلوس؟!
اشار بيده مسرعا و قال بجدية:
_ اكيد تفضلي و لا تستأءني مجددا فهذا بيتك كما هو بيتنا اليست امي هي أمك.
ابتسمت اية بهدوء و جلست امامه و قالت بخجل:
_ شكرا جزيلا لك .. اما بخصوص طلبي فانا تعبت من الجلوس بالبيت و مطالعة الطريق من شرفتي اريد ان اخرج كما طلبت مني الطبيبة كي يختفي من عندى الخوف من اي شخص غريب.
تنهد حازم و هو يطالعها بإشفاق و قال:
_ انا اهاتفها دائما كي أطمئن علي حالتك.
قاطعته آية قائلة بضيق:
_ لتطمئن علي حالتي ام لتتأكد انني فاقدة للذاكرة و لا أكذب عليك؟!
ابتسم حازم بسخرية و قال بهدوء:
_ اجابتي علي سؤالك لا اجد لها اهمية بعد سؤالك من الاساس.
ابتلعت آية ريقها بتوتر بعدما شعرت بتسرعها و غضبه منها و سألته قائلة:
_ ماذا تقصد؟!
تحامل علي نفسه و تحكم في انفعالاته و قال لها بهدوء:
_ انتِ سبقتي و قاطعتني و فرضتي ظنك السئ علي حديثي لذلك لو قلت لكِ انا اطمان عليكِ ليس شكا بكِ فلن تصدقينني.
تعمقت بعينيه و سألته بإبتسامة رائقة:
_ و هل أهمك لهذا الحد كي تطمأن علي دائما كما قلت؟!
ارتبك حازم قليلا و اعتدل بجلسته مبتلعا لريقه و قال:
_ اكيد.. المهم انا اوافق علي الذهاب للمسجد مع مريم و سجدة و لكن كوني بحالك و لا تتحدثي مع احد فقط صلوا و عودوا للبيت.. مفهوم.
صفقت آية بيدها وقالت بفرحة طفولية :
_ شكرا جزيلا لك.. انت اطيب شخص بالعالم.
ثم وقفت و انحنت و حملت طبقه و ناولته اياه قائلة:
_ اسفة لأنني عطلتك.. بعد اذنك.
و التفتت و صاحت قائلة:
_ مريم.. حازم وافق علي ذهابي معكما للمسجد.. انتظراني سأرتدى اسدال امي و سآتي معكما.
إبتعدت عنه وهو ينظر لها ولفرحتها الطفولية التى أصبحت تنير حياته فقال بشرود :
_ يبدو ان قلبي قد سلم كل مفاتيحه اليها و بمنتهى السهولة.. لم تلفت انتباهي فتاة من قبل كما انجذبت اليها.. حتي چيلان هي من سعت خلفي حتي اوقعتني بحبها.. و ان كان حبا من الاساس.
**********************
باليوم التالي دلف آسر على حازم مكتبه ليجده يطالع بعض الأوراق أمامه بتركيز فقال بمداعبة :
_ باشا .. كيف حالك اليوم ؟!
رفع حازم رأسه عن الاوراق التي أمامه و قال بإبتسامة رائقة:
_ انا بخير و الحمد لله.. تعالا ادخل كنت ساخبر العسكرى كي يستدعيك عندي حالا.
دلف آسر للداخل و اغلق ورائه الباب و هو يقول:
_ انا ابن حلال و ربي شعرت بك فأتيت علي الفور.. اخبرني بماذا تحتاجني؟!
اجابه حازم قائلا:
_ بأمور قضيتنا يا آسر.. اجلس اولا و اخبرني عن حالك.
جلس آسر فى مواجهته وقال بغمزة من عينه :
_ حالي بخير و الحمد لله.. اخبرني كيف هي امورك مع تلك الفتاة التي تعيش معكم؟!
تنهد حازم مطولا وعاد بضهره لظهر المقعد وقال :
_ إسمها الآن آيات .. البنات اختاروا لها هذا الاسم وهي احبته.
فقال له آسر بابتسامة خفيفة و هو يطالع شروده :
_ عاشت الاسامي.. و هل اسمها قوى لهذه الدرجة كي يصيبك بهذا الارتباك و الشرود المرتسمين علي وجهك يا روميو.
امتعض وجه حازم و قال بضيق:
_ انت رائق و انا لا مزاج عندى لمزاحك يا آسر.. دعنا نعمل افضل.
اعتدل اسر بجلسته و قال بتعقل:
_ انا امزح معك يا حازم.. صدقا اخبرني اشعر انك تكن مشاعر لها اليس كذلك؟!
مسد حازم رأسه بألم ثم اعتدل فى جلسته وقال بعينين لامعتين:
_ نعم.. لقد تعلقت بها بشكل سريع اصابني بالتخبط.. امامها اشعر انني طائر و لا اشعر بخطواتي علي الارض.. حتي قلبي امامها يتمرد علي و يدق حنينا لها.
ضحك آسر ضحكة عالية وقال مازحاً :
_ اهلا بك في عالمي يا صديقي.. و اخيرا وصلت.. كنت اشعر من البداية انك منجذب لها و اشعر انه تعدى حد الانجذاب بكثير.
أسند حازم رأسه على الكرسى وتنهد قائلا :
_ نعم تعدى.. انا احبها بجنون. لم اعد قادر علي كتم الامر بداخلي اكثر.. كلما تعمقت بعينيها أنفصل تماما عن العالم المحيط بي و اتوه في عالمها الطفولي و تتوه كلماتي مني كما هي تائهة بعالمنا.
ابتسم آسر بحميمية و قال:
_ و اخيرا يا حازم تخطيت عقبة خطوبتك السابقة و عرف الحب طريقه لقلبك مجددا.. انا لا اصدق انك احببت و تعترف بحبك بسعادة ايضا.
قال له حازم على الفور باندفاع نتيجة كبته لفترة كبيرة لمشاعر باتت ترهقه :
_ نعم احببتها و اصبحت اهم جزء بيومي.. بأوقات يصل بي غضبي حد خنقها بيدي من غيرتي عليها و منها و اوقات اقاوم ضمها لصدرى كي احتويها بداخل صدرى حتي تذوب بداخلي و لا يراها اي شخص غيري.. قلبي يبدو انه كان تائه حتي وجدها فوجدت نفسي معها.
ضحك آسر ضحكة عالية وقال لمداعبة و هو يطالع شرارات الحب بعينيه و بحديثه :
_ ما هذه الرومانسية يا حازم و هذا الوصف الدقيق.. أصبحت شاعرا علي يديها.. يجذبني فضولي لمعرفتها.. فمن تلك التي استطاعت جذبك لها بهذه السرعة.. فچيلان ركضت ورائك شهور حتي استسلمت لها و ارتبطت بها.
مرر حازم أنامله فى خصلات شعره الطويلة وقال بإبتسامة هادئة :
_ ما اشعر به ليس رومانسية فقط.. فالموضوع اكبر من ذلك بكثير.. يا آسر انا لا اشعر بنفسي سوى امامها.. لا اشعر انني اتنفس سوى معها.. صرت عاشقا لشقاوتها و طفولتها و برائتها و غرورها اللذيذ.. لقد تعبت و استسلمت و قلبي بات يؤلمني.
وضع آسر ملفا أمامه وقال بجدية :
_ و انا قد جئت اليك الآن بخصوصها يا حازم.
قطب حازم حاجبيه وقال بفضول :
_ من اجلها!! ماذا تقصد انا لا أفهمك و ما هذا الملف ؟!
دفع آسر الملف امامه و قال بعملية جادة:
_ هناك اسرة تبحث عن ابنتها و مواصفاتها تشبه كثيرا مواصفات آيات من حيث الشكل و السن.. و لكن الصورة مبهمة و لم يتعرفوا عليها فطلبوا رؤيتها.
دق قلب حازم بسرعة وتنفس بصعوبة وقال بخوف :
_ يا الهي.. ارجو من الله الا يكونوا اهلها فلو ابتعدت عني سأموت و هذا ما خشيته منذ البداية.
اجابه آسر مسرعا بعدما استشعر خوفه:
_ حماك الله يا حازم.. لا تقلق يا حبيبي فأنا اعتقد لو هي ايضا تبادلك مشاعرك فلن تتركك حتي و لو عادت الي اهلها.. تقدم لخطبتها و تزوجها وهي لن تتركك.
فقال له حازم بتوتر :
_ كان الله بعوني و هيألي الافضل فأنا لن استطيع تحمل بعدها عني.
ضيق آسر عينيه و سأله بترقب:
_ هل تعتقد انها ايضا تبادلك مشاعرك يا حازم؟!
ضيق حازم عينيه و هو يسأل نفسه نفس السؤال.. هل آيات تحبه كما يحبها ام تعتبره اخا لها و فقط؟!!!!
عاد حازم لمنزله فى المساء مبكرا و هو يُصر ان يجد لسؤاله اجابه اليوم.. وضع مفاتيحه علي الطاولة.. تعجبت أحلام و هي تطالعه وقالت :
_ حازم!! ما الذي اتي بك من عملك مبكرا؟! هل انت بخير يا حبيبي؟
نظر لآية نظرة سريعة يروى بها شوقه لها ثم جلس جوار والدته وقال بهدوء :
_ لقد تبدلت مواعيد مناوبتي اليومية سأذهب بالصباح و سأعود مساءً هكذا افضل لي و كي اكون مع آسر اغلب الوقت بيننا عمل مشترك.
ابتلعت مريم ريقها بتوتر عندما استمعت لاسم آسر.. بينما قالت سجدة بسعادة:
_ و اخيرا يا حازم.. هكذا سنجد وقتا اطول لقضائه معك يوميا فنحن محرومون منك بسبب عملك.
اجابها حازم بهدوء:
_ معكِ حق يا صغيرتي انا ايضا احتاج وقتا اكثر للتقرب منكم.
ثم تحولت انظاره لآية التي تراقبه بصمت وقال بجدية :
_ آيات.. لو سمحتي احتاج للتحدث معكِ قليلا بغرفتك هلا سبقتني.
سألته مريم بتعجب:
_ هل حدث شيئا ما يا حازم لماذا ستتحدث معها بمفردكما فهي لم تفعل شيئا ؟!
وقف و هو يقول بثبات:
_ اريد ان اتحدث معها اولا ثم ساقول لكم كل شئ بعدها.
إتبعته آية وهى سعيدة في صمت.. جلسا سويا بغرفتها بمفردهما نظر لها نظرة أقلقتها فقالت له بتوجس :
_ هل انت غاضب مني.. و ربي لم افعل اي شئ مخالف لما تقوله لي حتي انني لا افتعل المشاكل مع اي احد.
تطلع إليها حازم مطولا وقال لتهداتها :
_ لا تقلقي يا آيات انتِ لم تفعلي اي شئ اهدأى و اسمعيني جيدا.
اومأت آية برأسها موافقة و قالت بإنصياع:
_ اسمعك جيدا.. تفضل.
عقد حازم انامله ببعضهما و قال بتريث و هو يطالعها بهدوء:
_ هناك اسرة تبحث عن ابنتها و التحريات اشارت لوجود تشابه بينك و بين تلك الفتاة و اهلها يريدون مقابلتك ربما هم اهلك و هذا سيساعدك علي التذكر كما اخبرتنا الطبيبة.
قالت له آية بإندفاع و عيناها قد إمتلأت بالخوف :
_ و لكنني لا اريد اسرة جديدة لي.. انتم اسرتي و لا اريد غيركم.. حتي لو كان المقابل ان افضل تائهة لا اتذكر من انا.
لمعت عيني حازم وقال بفرحة:
_ لا افهم مقصدك.. هل تقصدين انكِ لا تريدين تركنا و تفضلين البقاء معنا علي معرفة هويتك و تذكر من أنتِ؟!
اجابته آية بصدق و هي عابسة بعينيها بحزن:
_ نعم.. لقد اصبحت انت.... .
ثم بترت كلماتها و قالت بتعلثم:
_ اقصد أنتم أصبحتم جميعكم كل شئ لدي بهذه الحياة و لا اريد اشخاصا اخرون غيركم.. ارجوك لا تتركني ابتعد عنك.. اقصد عنكم.
تسللت الراحة لقلبه بعد غلطتيها و ذكرها له و تعلقها به حتي و لو اصلحت ما قالته و حاولت انقاذ الموقف.. فمال بجسده ناحيتها و قال بتعقل:
_ ساقترح عليكِ اقتراحا و لكن اولا هل انتِ متأكدة من محبتك بقلوبنا و اننا لا نرغب في التخلي عنكِ أليس كذلك؟!
اومأت اية برأسها و قالت تأكيد نتيجة ثقتها بهم:
_ نعم انا متأكدة و اشعر بذلك.
سحب حازم نفسا طويلا و زفره و قال:
_ من حق هذه الاسرة في ان تقابلك يا آيات.. ربما ليست اسرتك و ربما هم اهلك و حتي لو كانوا اسرتك لن اتركك و لن نتركك جميعنا و ان أردتي البقاء معنا سأنفذ رغبتك.
وقفت آية وقالت بغضب وقد تجمعت العبرات فى عينها :
_ لا لن اقابلهم.. و لا تجعلني افقد ثقتي بك فأفكارى كلها الان تخبرني انك لا ترغب بوجودى معك.
وقف أمامها وقال بلوم :
_ انا يا آيات.. من البداية اخبرتك بأهميتك عندى و انني لن اتركك مهما حدث.. و ارغب ببقائك معنا و ربي يعلم ما بداخلي ناحيتك.
سقطت دموعها وأطرقت رأسها بحزن وقالت :
_ لماذا تريد مني مقابلتهم اذا.. انا لا اريد لقد امتلأت بالخوف من فكرة انني سأترككم ارجوك لن تسمع لي صوتا مجددا و لن تشعر بي و لكن اتركني بجوارك.
هذا الاعتراف الكامل منها منحه قوة هائلة ازاحت القلق من قلبه.. فقال لها لطمأنتها:
_ اريد منكِ مقابلتهم لان هذا حقك و حقهم و لكن ما ستختاريه سينفذ ايا كان اختيارك.
سالته و هي مطاطاة راسها بضيق:
_ هل تعدني بذلك يا حازم؟!
رفع وجهها ونظر داخل عيونها وأبتسم لها ومسح دموعها لتنسى كل همومها مع لمسة أنامله لوجهها و اجابها:
_ أعدك انني سأنفذ ما ستختاريه يا آيات.
كم أنت حنون أيها المغرور كيف لى أن أبتعد عنك وعن عيونك آسرتى فأنا فى محيطك فقط أشعر بالأمان ....
و تركها و خرج لكي يخبر امه بما حدث...
....................................................
.................
ظلت آية طوال الليل خائفة من أن يكونوا أهلها وتبتعد عن حازم الذى أصبح أمها فمعه فقط تشعر بالدفئ و الراحة.. و كأنه يبثها قوة غريبة تمنحها سببا للحياة و نورا يضئ عتمة ايامها...
أمضت يومها على نفس حالتها من الخوف و بائت محاولات احلام و الفتيات بالفشل.. بعدما تناولوا الافطار استعدت اية و بدلت ملابسها و نزلت معه ركبت السيارة بجواره وهى تموت خوفا من الفراق ....
تحاشت النظر اليه طوال الطريق.. حتي قال لها حازم ليهدأها :
_ آيات فلتهدأى قليلا و لا تخافي من اي شئ انا بجوارك و سأظل بجوارك و كما تريدين سأفعل.. اتفقنا.
نظرت له بخوف و لم ترد عليه... لاحظت توقف السيارة فسألته بقلق:
_ هل وصلنا؟!
اجابها مسرعاً:
_ نعم وصلنا استعدى.
ترجلا من السيارة و دلفت معه لمطعم يضج بالناس.. اقترب حازم من رجل كبير بالعمر و قال:
_ السلام عليكم يا حاج عبد المنعم.
أنهوا مشوارهم وعادت آية للسيارة تطير فرحا وقالت بسعادة :
_اللهم لك الحمد و الشكر.. شكرا جزيلا يا ربي فأنت سمعتني و أجبت دعوتي و لم تجعلهم اهلي.
سألها حازم بتعجب:
_ لهذه الدررجة لا تريدين تركنا يا آيات.. انا لا اصدق.
اجابته اية بإندفاع من سعادتها الطاغية عليها:
_ نعم لهذه الدرجة و أكثر.. انت لا تعلم مقدار حبكم بقلبي.
نظر لها حازم بحب وقال فى نفسه :
_ لا يا آيات انا اعلم جيدا مقدار حبك لنا و لي خاصة و انا و ربي احبك مثلك و أكثر.
ظلت تنظر له وهى تتمنى أن تترجم شفتيه ما تراه فى عيونه فقالت له بحزن:
_ لقد اشفقت علي تلك الأسرة كثيرا.. كانوا يتلهفون لرؤية ابنتهم.. سأدعوا لهم في صلاتي كي يعثرون عليها.
لم يتحرك و هو يتابع كل تحركاتها.. بينما قالت هي بدلال مستغلة لينه معها :
_ حازم انا اريد ان اءكل مثلجات و الآن.. ممكن؟!!!
ضحك حازم ضحكة عالية و استند علي سيارته وقال بتعجب :
_ ماذا؟! ترديدين اكل المثلجات و بشهر رمضان.. هذا علي اساس ان رمضان كريم فتريدين تناول الايس كريم.. يا ايات الجميع يأكلون برمضان الكنافة، القطائف، بلح الشام.. لا احد يتذكر المثلجات يا امي نهائيا برمضان.
زمت آية شفتيها وقالت بطفولة :
_ لاول مرة اطلب منك طلبا لا تخجلني.. من اجلي يا حزومي.
زفر بضيق وقال وهو يذوب من دلالها و زمة شفتيها التي ستفقده اخر ذرات تعقله :
_ حزومك؟!! الان لن تسخرين منها لانه لديك طلب.. ثم لا تددللي امامي هكذا.. اريد دائما ان ارى امامي رجل بشارب و ذقن و رجولة و حزم فاعصابي متوترة لحالها.
وضعت اية ذراعيها بخصرها و طالعته بتحدي و سألته بحزم :
_ ماذا يعني هذا انا لا افهم مقصدك؟!
اعاد شعراته خلف رأسه و قال بإنصياع هادئ:
_ معناه اننيء سأخذك لاقرب محل مثلجات كما ترغبين.. هيا اصعدى للسيارة حالا.
صعد حازم السيارة و صعدت اية بجواره و انطلقا حتي وصلا امام محل المثلجات....
وقفا الإثنان مستندان على سيارة حازم وهى تأكل الأيس كريم بطفولة وهو يتطلع لها بعشق.. اقترب منها قليلا و قال بابتسامة خبيثة :
_ هل تحبيه لهذه الدرجة يا آيات؟!
ردت عليه بخوف من سؤاله المباغت :
_ من تقصد؟!
ضحك عليها وقال بغمزة من عينه بمداعبة :
- المثلجات.. من سأقصد ان لن تكن هي .
فهمت ما يرمى إليه.. فاعتدلت بوقفتها و تعمقت بعينيه وقالت بخبث أكتر مضاف إليه جرعة دلع زائدة مزين بالشقاوة الشهية للجينات الأنثوية :
_ انا لا احبه و فقط.. بل أذوب فيه بإختلاف نكهاته و مهما جمد رأسي من شدة برودته سيظل حبيبي.. و امووت به حبا.
ليباغتها هو برد سريع وهو يقترب منها أكثر يعيدها لنقطة الصفر :
_ يا حظه.. انا احسده صدقا احسده.
احمرت وجنتاها و قالت بإبتسامة خجلة :
_ تقصد من؟!
ابتسم بمكر و قال:
_ قلتها سابقا و سأكررها كي تتأكدى المثلجات الباردة بكل نكهاتها اليس كذلك؟!
نظرا لبعضهما البعض قليلا ثم دخلا فى نوبة ضحك طويلة حتي هدأت اية قليلا و قالت له بخبث تلقائي :
_ حازم.. هل من الممكن ان تسمح لي بالتقاط صورة معك فهذا يوم يجب ان يخلد لهدوئنا به.
رفع حازم حاجبيه قائلا بتعجب :
_ واضح ان هدوئنا هذا لن يدوم يا آيات.. الم تلاحظي ان طلباتك اصبحت غريبة بعض الشئ... بل اقصد غريبة جدااا.
تعلقت بذراعه و قالت برجاء طفولي و هي تطالعه بنظرات جرو صغير:
_ ارجوك يا حازم من أجلي ارجوك.. ثم لماذا لا تقول حسنا مباشرة.. ستمرض مثلا ام انك تتلذذ بعذابي ورجائي اليك؟!
رد عليها قائلا بعدما علا صوتها و خشي ان تلفت انتباه احد اليها بجمالها ذاك :
_ اخفضي من صوتك قليلا.. و اهدأي ما ان اتيحت لك فرصة للتحكم بي و استغلالي و انتِ انطلقتي بأوامرك دون رجعة.. عامة انا اوافق.
مدت يدها ناحيته و قالت ببديهية:
_ ناولني هاتفك كي نتصور.
عاد لضحكاته و هو يخرج هاتفه و أعطاه لها قائلا بسخرية:
_ ستأخذين هاتفي ايضا.. كما يقول المثل الشعبي سكتنا له دخل بحماره.
التقطته منه متغاضية عن ما قاله و فتحت الكاميرا الامامية وقالت له :
_ ضم شفتيك هكذا و اصنع منقار البطة يا حازم كما سأفعل انا.
رفع حازم حاجبه وقال ساخرا :
_ هل وصل بي الحال لمنقار البطة.. انتي دائما ما تنسين انني ضابط شرطة و لي هيبتي و قوتي.. فرضا رآني احد بتلك الهيئة كيف سأعيد مكانتي بعينه يا آيات.
نظرت له بدلال وقالت بإعجاب :
_ لا تقلق علي هيبتك فلا اعتقد ان شيئا يستطيع خدشها.. و عامة انا سافعل منقار البطة.
أخذت لهما الكثير من الصور التى زادت من نوبات ضحكهم حتى إستسلم حازم وقال بتعب:
_ لقد اكتفيت.. اصعدى السيارة حالا كي نعود للبيت و نصلي التراويح لقد تأخر الوقت.
فى السيارة أخذت تعبث فى هاتفه بمكر لتطمئن أنه لها وحدها ولا تشاركها به غيرها لاحظ حازم ذلك و هو يطالعها بنصف عين فقال بضيق مصطنع :
_ ماذا تفعلين؟! الازلتِ تطالعين الصور ؟!
اجابته بهدوء و هي مازالت تعبث بالهاتف بحرية:
_ هل تعلم انني بإمكاني معرفة اذا ما كنت تحب او واقع في حالة حب او مجروح و زاهد بالحب عن طريق هاتفك الصغير هذا.
ضحك حازم ضحكة عالية وقال بمداعبة :
_ كذب المنجمون و لو صدقوا.
عقدت حاجبيها و طالعته قائلة بعدم فهم:
_ ماذا؟! من هم المنجمون الكاذبون و ما علاقتهم بي؟
تذكر انها قد نسيت كل شئ و هو مطالب بشرح تلك الجمله لها كما يفعلون بالبيت معها و قد بدأ رأسه يؤلمه فقال بنبرة قاطعة:
_ عند العودة اسألي مريم.. و الآن اريد ان اعرف كيف ستعرفين حالتي عن طريق هاتفي من خلال المكالمات و الرسائل.. هذه طريقة قديمة لا تناسب حماسك في طرح الموضوع من البداية.
ابتسمت بسخرية و قالت بثقة:
_ لا مريم اخبرتني انه لا يحق لي فتح رسائل احد و انها خصوصية.. اتعجب منك ضابط شرطة و لا تعرف الطريقة!.
طالع الطريق امامه و قال بفضول:
_ منكم نستفيد اخبريني كيف يا داهية عصرك و اوانك.
اجبته ببديهية:
_ من خلال اخر اغنية سمعتها لو كانت اغنية رومانسية معناها انك تحب.. و ان كانت حزينة معناها انك مجروح.
عاد لضحكاته وقال بسخرية هازئة :
_ يا الهي.. احيانا اقف امام ذكائك عاجزا يا آيات.. و لا انكر انني تفاجأت و انبهرت بمعلومتك القيمة.
ابتسمت بغرور و قالت:
_ انا ذكية للغاية و لكنني اخشي علي نفسي من الحسد.
هز رأسه بيأس فتارة سجدة من تتحدث معه و تارة مريم هي من تجادله.. ستصيبه بالجنون لا ينكر.
ضغطت اية علي اخر اغنية قد يكون سمعها فوجدتها رومانسية للغاية و كلماتها رقيقة فإندمجت معها حتي انتهت.. ثم عادت بعينيها اليه و قالت بترقب:
_ ما معني هذه الاغنية لم افهمها جيدا؟!
يعلم انها تريد اعترافا منه بحبها و لكن بشكل مستتر.. فقرر منحها اياه قائلا:
_ المغني يسأل نفسه بتعجب.. لا اعرف لماذا هي من أءنس بوجودها و كأنها من دمي و قطعة مني و اكون على راحتي معها و كأنها امي تخشي علي و تحبني و اعلن لها حبه بعد الكثير من التساؤلات التي لم يجد لها اجابة سوى انه يحبها و بجنون.
لاحظت نظراتها الهائمة وجهه فاردف قائلا:
_ حتي انه يشعر انه رآها من قبل.. تعلمين شيئا.. انا ايضا اشعر انني رايتك من قبل بل متأكد من انني رأيتك و لكنني لا اتذكر اين؟!
تنهدت اية مطولا و قالت بخجل:
_ كلمات الاغنية رقيقة و يبدو اننا كلنا ببداية اي حب نسأل انفسنا نفس الأسئلة كي نصل للاجابة و نصل للسعادة.
لم تمهله وقتا للحديث و ضغطت علي الاغنية مجددا.. زادت إبتسامة حازم لسماعها الأغنية التى تجسدها بكل تفاصيلها حبيبته المجنونة ، أما هى فكانت تمنى نفسها أن تكون هى من فازت بقلبه وانه يسمع هذه الاغنية من اجلها و يتخيلها بها.
إقتربت آية من حازم وهى حاملة طبق الكنافة وقالت له بتلعثم :
_ تفضل.. امي طلبت مني ان اعطيك هذا الطبق كي تتحلى .
أخذه حازم منها وهو مبتسم فتحركت و قالت له بتوجس:
_ حازم.. هل لي بطلب واحد فقط منك و ان رفضته لن اجادلك و ان وافقت تستسعدني جدااا.
طالعها بقلق و تناول ملعقة من الكنافة وقال بترقب :
_ اطلبي ما شئتي طالما ستنفذين ما سأقوله.
تنحنحت آية قائلة بخوف:
_ ارجو الا تستغل طلبي و تعود لعصبيتك معي فأنا تعبت حتي هدأت نسبيا من ناحيتي.
رفع حازم حاجبه بتوجس و قال:
_ لقد بدأ القلق يتسلل لقلبي.. قولي طلبك مباشرة يا آيات.
اومأت برأسها موافقة و قالت بتلعثم من خوفها:
_ انا.. انا اريد ان أذهب مع مريم و سجدة الي المسجد كي اصلي معهما صلاة التراويح و اعرف انك مانع خروجي من البيت لذلك كما ستقول سأفعل و لن اجادلك.
فكر قليلا و ترك الطبق من يده علي الطاولة و قال :
_ انتِ تصليها بالبيت مع امي لماذا تريدين الذهاب معهما اذا؟!
تطلعت بالمقعد المجاور له و سألته بتأدب:
_ هل تأذن لي بالجلوس؟!
اشار بيده مسرعا و قال بجدية:
_ اكيد تفضلي و لا تستأءني مجددا فهذا بيتك كما هو بيتنا اليست امي هي أمك.
ابتسمت اية بهدوء و جلست امامه و قالت بخجل:
_ شكرا جزيلا لك .. اما بخصوص طلبي فانا تعبت من الجلوس بالبيت و مطالعة الطريق من شرفتي اريد ان اخرج كما طلبت مني الطبيبة كي يختفي من عندى الخوف من اي شخص غريب.
تنهد حازم و هو يطالعها بإشفاق و قال:
_ انا اهاتفها دائما كي أطمئن علي حالتك.
قاطعته آية قائلة بضيق:
_ لتطمئن علي حالتي ام لتتأكد انني فاقدة للذاكرة و لا أكذب عليك؟!
ابتسم حازم بسخرية و قال بهدوء:
_ اجابتي علي سؤالك لا اجد لها اهمية بعد سؤالك من الاساس.
ابتلعت آية ريقها بتوتر بعدما شعرت بتسرعها و غضبه منها و سألته قائلة:
_ ماذا تقصد؟!
تحامل علي نفسه و تحكم في انفعالاته و قال لها بهدوء:
_ انتِ سبقتي و قاطعتني و فرضتي ظنك السئ علي حديثي لذلك لو قلت لكِ انا اطمان عليكِ ليس شكا بكِ فلن تصدقينني.
تعمقت بعينيه و سألته بإبتسامة رائقة:
_ و هل أهمك لهذا الحد كي تطمأن علي دائما كما قلت؟!
ارتبك حازم قليلا و اعتدل بجلسته مبتلعا لريقه و قال:
_ اكيد.. المهم انا اوافق علي الذهاب للمسجد مع مريم و سجدة و لكن كوني بحالك و لا تتحدثي مع احد فقط صلوا و عودوا للبيت.. مفهوم.
صفقت آية بيدها وقالت بفرحة طفولية :
_ شكرا جزيلا لك.. انت اطيب شخص بالعالم.
ثم وقفت و انحنت و حملت طبقه و ناولته اياه قائلة:
_ اسفة لأنني عطلتك.. بعد اذنك.
و التفتت و صاحت قائلة:
_ مريم.. حازم وافق علي ذهابي معكما للمسجد.. انتظراني سأرتدى اسدال امي و سآتي معكما.
إبتعدت عنه وهو ينظر لها ولفرحتها الطفولية التى أصبحت تنير حياته فقال بشرود :
_ يبدو ان قلبي قد سلم كل مفاتيحه اليها و بمنتهى السهولة.. لم تلفت انتباهي فتاة من قبل كما انجذبت اليها.. حتي چيلان هي من سعت خلفي حتي اوقعتني بحبها.. و ان كان حبا من الاساس.
**********************
باليوم التالي دلف آسر على حازم مكتبه ليجده يطالع بعض الأوراق أمامه بتركيز فقال بمداعبة :
_ باشا .. كيف حالك اليوم ؟!
رفع حازم رأسه عن الاوراق التي أمامه و قال بإبتسامة رائقة:
_ انا بخير و الحمد لله.. تعالا ادخل كنت ساخبر العسكرى كي يستدعيك عندي حالا.
دلف آسر للداخل و اغلق ورائه الباب و هو يقول:
_ انا ابن حلال و ربي شعرت بك فأتيت علي الفور.. اخبرني بماذا تحتاجني؟!
اجابه حازم قائلا:
_ بأمور قضيتنا يا آسر.. اجلس اولا و اخبرني عن حالك.
جلس آسر فى مواجهته وقال بغمزة من عينه :
_ حالي بخير و الحمد لله.. اخبرني كيف هي امورك مع تلك الفتاة التي تعيش معكم؟!
تنهد حازم مطولا وعاد بضهره لظهر المقعد وقال :
_ إسمها الآن آيات .. البنات اختاروا لها هذا الاسم وهي احبته.
فقال له آسر بابتسامة خفيفة و هو يطالع شروده :
_ عاشت الاسامي.. و هل اسمها قوى لهذه الدرجة كي يصيبك بهذا الارتباك و الشرود المرتسمين علي وجهك يا روميو.
امتعض وجه حازم و قال بضيق:
_ انت رائق و انا لا مزاج عندى لمزاحك يا آسر.. دعنا نعمل افضل.
اعتدل اسر بجلسته و قال بتعقل:
_ انا امزح معك يا حازم.. صدقا اخبرني اشعر انك تكن مشاعر لها اليس كذلك؟!
مسد حازم رأسه بألم ثم اعتدل فى جلسته وقال بعينين لامعتين:
_ نعم.. لقد تعلقت بها بشكل سريع اصابني بالتخبط.. امامها اشعر انني طائر و لا اشعر بخطواتي علي الارض.. حتي قلبي امامها يتمرد علي و يدق حنينا لها.
ضحك آسر ضحكة عالية وقال مازحاً :
_ اهلا بك في عالمي يا صديقي.. و اخيرا وصلت.. كنت اشعر من البداية انك منجذب لها و اشعر انه تعدى حد الانجذاب بكثير.
أسند حازم رأسه على الكرسى وتنهد قائلا :
_ نعم تعدى.. انا احبها بجنون. لم اعد قادر علي كتم الامر بداخلي اكثر.. كلما تعمقت بعينيها أنفصل تماما عن العالم المحيط بي و اتوه في عالمها الطفولي و تتوه كلماتي مني كما هي تائهة بعالمنا.
ابتسم آسر بحميمية و قال:
_ و اخيرا يا حازم تخطيت عقبة خطوبتك السابقة و عرف الحب طريقه لقلبك مجددا.. انا لا اصدق انك احببت و تعترف بحبك بسعادة ايضا.
قال له حازم على الفور باندفاع نتيجة كبته لفترة كبيرة لمشاعر باتت ترهقه :
_ نعم احببتها و اصبحت اهم جزء بيومي.. بأوقات يصل بي غضبي حد خنقها بيدي من غيرتي عليها و منها و اوقات اقاوم ضمها لصدرى كي احتويها بداخل صدرى حتي تذوب بداخلي و لا يراها اي شخص غيري.. قلبي يبدو انه كان تائه حتي وجدها فوجدت نفسي معها.
ضحك آسر ضحكة عالية وقال لمداعبة و هو يطالع شرارات الحب بعينيه و بحديثه :
_ ما هذه الرومانسية يا حازم و هذا الوصف الدقيق.. أصبحت شاعرا علي يديها.. يجذبني فضولي لمعرفتها.. فمن تلك التي استطاعت جذبك لها بهذه السرعة.. فچيلان ركضت ورائك شهور حتي استسلمت لها و ارتبطت بها.
مرر حازم أنامله فى خصلات شعره الطويلة وقال بإبتسامة هادئة :
_ ما اشعر به ليس رومانسية فقط.. فالموضوع اكبر من ذلك بكثير.. يا آسر انا لا اشعر بنفسي سوى امامها.. لا اشعر انني اتنفس سوى معها.. صرت عاشقا لشقاوتها و طفولتها و برائتها و غرورها اللذيذ.. لقد تعبت و استسلمت و قلبي بات يؤلمني.
وضع آسر ملفا أمامه وقال بجدية :
_ و انا قد جئت اليك الآن بخصوصها يا حازم.
قطب حازم حاجبيه وقال بفضول :
_ من اجلها!! ماذا تقصد انا لا أفهمك و ما هذا الملف ؟!
دفع آسر الملف امامه و قال بعملية جادة:
_ هناك اسرة تبحث عن ابنتها و مواصفاتها تشبه كثيرا مواصفات آيات من حيث الشكل و السن.. و لكن الصورة مبهمة و لم يتعرفوا عليها فطلبوا رؤيتها.
دق قلب حازم بسرعة وتنفس بصعوبة وقال بخوف :
_ يا الهي.. ارجو من الله الا يكونوا اهلها فلو ابتعدت عني سأموت و هذا ما خشيته منذ البداية.
اجابه آسر مسرعا بعدما استشعر خوفه:
_ حماك الله يا حازم.. لا تقلق يا حبيبي فأنا اعتقد لو هي ايضا تبادلك مشاعرك فلن تتركك حتي و لو عادت الي اهلها.. تقدم لخطبتها و تزوجها وهي لن تتركك.
فقال له حازم بتوتر :
_ كان الله بعوني و هيألي الافضل فأنا لن استطيع تحمل بعدها عني.
ضيق آسر عينيه و سأله بترقب:
_ هل تعتقد انها ايضا تبادلك مشاعرك يا حازم؟!
ضيق حازم عينيه و هو يسأل نفسه نفس السؤال.. هل آيات تحبه كما يحبها ام تعتبره اخا لها و فقط؟!!!!
عاد حازم لمنزله فى المساء مبكرا و هو يُصر ان يجد لسؤاله اجابه اليوم.. وضع مفاتيحه علي الطاولة.. تعجبت أحلام و هي تطالعه وقالت :
_ حازم!! ما الذي اتي بك من عملك مبكرا؟! هل انت بخير يا حبيبي؟
نظر لآية نظرة سريعة يروى بها شوقه لها ثم جلس جوار والدته وقال بهدوء :
_ لقد تبدلت مواعيد مناوبتي اليومية سأذهب بالصباح و سأعود مساءً هكذا افضل لي و كي اكون مع آسر اغلب الوقت بيننا عمل مشترك.
ابتلعت مريم ريقها بتوتر عندما استمعت لاسم آسر.. بينما قالت سجدة بسعادة:
_ و اخيرا يا حازم.. هكذا سنجد وقتا اطول لقضائه معك يوميا فنحن محرومون منك بسبب عملك.
اجابها حازم بهدوء:
_ معكِ حق يا صغيرتي انا ايضا احتاج وقتا اكثر للتقرب منكم.
ثم تحولت انظاره لآية التي تراقبه بصمت وقال بجدية :
_ آيات.. لو سمحتي احتاج للتحدث معكِ قليلا بغرفتك هلا سبقتني.
سألته مريم بتعجب:
_ هل حدث شيئا ما يا حازم لماذا ستتحدث معها بمفردكما فهي لم تفعل شيئا ؟!
وقف و هو يقول بثبات:
_ اريد ان اتحدث معها اولا ثم ساقول لكم كل شئ بعدها.
إتبعته آية وهى سعيدة في صمت.. جلسا سويا بغرفتها بمفردهما نظر لها نظرة أقلقتها فقالت له بتوجس :
_ هل انت غاضب مني.. و ربي لم افعل اي شئ مخالف لما تقوله لي حتي انني لا افتعل المشاكل مع اي احد.
تطلع إليها حازم مطولا وقال لتهداتها :
_ لا تقلقي يا آيات انتِ لم تفعلي اي شئ اهدأى و اسمعيني جيدا.
اومأت آية برأسها موافقة و قالت بإنصياع:
_ اسمعك جيدا.. تفضل.
عقد حازم انامله ببعضهما و قال بتريث و هو يطالعها بهدوء:
_ هناك اسرة تبحث عن ابنتها و التحريات اشارت لوجود تشابه بينك و بين تلك الفتاة و اهلها يريدون مقابلتك ربما هم اهلك و هذا سيساعدك علي التذكر كما اخبرتنا الطبيبة.
قالت له آية بإندفاع و عيناها قد إمتلأت بالخوف :
_ و لكنني لا اريد اسرة جديدة لي.. انتم اسرتي و لا اريد غيركم.. حتي لو كان المقابل ان افضل تائهة لا اتذكر من انا.
لمعت عيني حازم وقال بفرحة:
_ لا افهم مقصدك.. هل تقصدين انكِ لا تريدين تركنا و تفضلين البقاء معنا علي معرفة هويتك و تذكر من أنتِ؟!
اجابته آية بصدق و هي عابسة بعينيها بحزن:
_ نعم.. لقد اصبحت انت.... .
ثم بترت كلماتها و قالت بتعلثم:
_ اقصد أنتم أصبحتم جميعكم كل شئ لدي بهذه الحياة و لا اريد اشخاصا اخرون غيركم.. ارجوك لا تتركني ابتعد عنك.. اقصد عنكم.
تسللت الراحة لقلبه بعد غلطتيها و ذكرها له و تعلقها به حتي و لو اصلحت ما قالته و حاولت انقاذ الموقف.. فمال بجسده ناحيتها و قال بتعقل:
_ ساقترح عليكِ اقتراحا و لكن اولا هل انتِ متأكدة من محبتك بقلوبنا و اننا لا نرغب في التخلي عنكِ أليس كذلك؟!
اومأت اية برأسها و قالت تأكيد نتيجة ثقتها بهم:
_ نعم انا متأكدة و اشعر بذلك.
سحب حازم نفسا طويلا و زفره و قال:
_ من حق هذه الاسرة في ان تقابلك يا آيات.. ربما ليست اسرتك و ربما هم اهلك و حتي لو كانوا اسرتك لن اتركك و لن نتركك جميعنا و ان أردتي البقاء معنا سأنفذ رغبتك.
وقفت آية وقالت بغضب وقد تجمعت العبرات فى عينها :
_ لا لن اقابلهم.. و لا تجعلني افقد ثقتي بك فأفكارى كلها الان تخبرني انك لا ترغب بوجودى معك.
وقف أمامها وقال بلوم :
_ انا يا آيات.. من البداية اخبرتك بأهميتك عندى و انني لن اتركك مهما حدث.. و ارغب ببقائك معنا و ربي يعلم ما بداخلي ناحيتك.
سقطت دموعها وأطرقت رأسها بحزن وقالت :
_ لماذا تريد مني مقابلتهم اذا.. انا لا اريد لقد امتلأت بالخوف من فكرة انني سأترككم ارجوك لن تسمع لي صوتا مجددا و لن تشعر بي و لكن اتركني بجوارك.
هذا الاعتراف الكامل منها منحه قوة هائلة ازاحت القلق من قلبه.. فقال لها لطمأنتها:
_ اريد منكِ مقابلتهم لان هذا حقك و حقهم و لكن ما ستختاريه سينفذ ايا كان اختيارك.
سالته و هي مطاطاة راسها بضيق:
_ هل تعدني بذلك يا حازم؟!
رفع وجهها ونظر داخل عيونها وأبتسم لها ومسح دموعها لتنسى كل همومها مع لمسة أنامله لوجهها و اجابها:
_ أعدك انني سأنفذ ما ستختاريه يا آيات.
كم أنت حنون أيها المغرور كيف لى أن أبتعد عنك وعن عيونك آسرتى فأنا فى محيطك فقط أشعر بالأمان ....
و تركها و خرج لكي يخبر امه بما حدث...
....................................................
.................
ظلت آية طوال الليل خائفة من أن يكونوا أهلها وتبتعد عن حازم الذى أصبح أمها فمعه فقط تشعر بالدفئ و الراحة.. و كأنه يبثها قوة غريبة تمنحها سببا للحياة و نورا يضئ عتمة ايامها...
أمضت يومها على نفس حالتها من الخوف و بائت محاولات احلام و الفتيات بالفشل.. بعدما تناولوا الافطار استعدت اية و بدلت ملابسها و نزلت معه ركبت السيارة بجواره وهى تموت خوفا من الفراق ....
تحاشت النظر اليه طوال الطريق.. حتي قال لها حازم ليهدأها :
_ آيات فلتهدأى قليلا و لا تخافي من اي شئ انا بجوارك و سأظل بجوارك و كما تريدين سأفعل.. اتفقنا.
نظرت له بخوف و لم ترد عليه... لاحظت توقف السيارة فسألته بقلق:
_ هل وصلنا؟!
اجابها مسرعاً:
_ نعم وصلنا استعدى.
ترجلا من السيارة و دلفت معه لمطعم يضج بالناس.. اقترب حازم من رجل كبير بالعمر و قال:
_ السلام عليكم يا حاج عبد المنعم.
أنهوا مشوارهم وعادت آية للسيارة تطير فرحا وقالت بسعادة :
_اللهم لك الحمد و الشكر.. شكرا جزيلا يا ربي فأنت سمعتني و أجبت دعوتي و لم تجعلهم اهلي.
سألها حازم بتعجب:
_ لهذه الدررجة لا تريدين تركنا يا آيات.. انا لا اصدق.
اجابته اية بإندفاع من سعادتها الطاغية عليها:
_ نعم لهذه الدرجة و أكثر.. انت لا تعلم مقدار حبكم بقلبي.
نظر لها حازم بحب وقال فى نفسه :
_ لا يا آيات انا اعلم جيدا مقدار حبك لنا و لي خاصة و انا و ربي احبك مثلك و أكثر.
ظلت تنظر له وهى تتمنى أن تترجم شفتيه ما تراه فى عيونه فقالت له بحزن:
_ لقد اشفقت علي تلك الأسرة كثيرا.. كانوا يتلهفون لرؤية ابنتهم.. سأدعوا لهم في صلاتي كي يعثرون عليها.
لم يتحرك و هو يتابع كل تحركاتها.. بينما قالت هي بدلال مستغلة لينه معها :
_ حازم انا اريد ان اءكل مثلجات و الآن.. ممكن؟!!!
ضحك حازم ضحكة عالية و استند علي سيارته وقال بتعجب :
_ ماذا؟! ترديدين اكل المثلجات و بشهر رمضان.. هذا علي اساس ان رمضان كريم فتريدين تناول الايس كريم.. يا ايات الجميع يأكلون برمضان الكنافة، القطائف، بلح الشام.. لا احد يتذكر المثلجات يا امي نهائيا برمضان.
زمت آية شفتيها وقالت بطفولة :
_ لاول مرة اطلب منك طلبا لا تخجلني.. من اجلي يا حزومي.
زفر بضيق وقال وهو يذوب من دلالها و زمة شفتيها التي ستفقده اخر ذرات تعقله :
_ حزومك؟!! الان لن تسخرين منها لانه لديك طلب.. ثم لا تددللي امامي هكذا.. اريد دائما ان ارى امامي رجل بشارب و ذقن و رجولة و حزم فاعصابي متوترة لحالها.
وضعت اية ذراعيها بخصرها و طالعته بتحدي و سألته بحزم :
_ ماذا يعني هذا انا لا افهم مقصدك؟!
اعاد شعراته خلف رأسه و قال بإنصياع هادئ:
_ معناه اننيء سأخذك لاقرب محل مثلجات كما ترغبين.. هيا اصعدى للسيارة حالا.
صعد حازم السيارة و صعدت اية بجواره و انطلقا حتي وصلا امام محل المثلجات....
وقفا الإثنان مستندان على سيارة حازم وهى تأكل الأيس كريم بطفولة وهو يتطلع لها بعشق.. اقترب منها قليلا و قال بابتسامة خبيثة :
_ هل تحبيه لهذه الدرجة يا آيات؟!
ردت عليه بخوف من سؤاله المباغت :
_ من تقصد؟!
ضحك عليها وقال بغمزة من عينه بمداعبة :
- المثلجات.. من سأقصد ان لن تكن هي .
فهمت ما يرمى إليه.. فاعتدلت بوقفتها و تعمقت بعينيه وقالت بخبث أكتر مضاف إليه جرعة دلع زائدة مزين بالشقاوة الشهية للجينات الأنثوية :
_ انا لا احبه و فقط.. بل أذوب فيه بإختلاف نكهاته و مهما جمد رأسي من شدة برودته سيظل حبيبي.. و امووت به حبا.
ليباغتها هو برد سريع وهو يقترب منها أكثر يعيدها لنقطة الصفر :
_ يا حظه.. انا احسده صدقا احسده.
احمرت وجنتاها و قالت بإبتسامة خجلة :
_ تقصد من؟!
ابتسم بمكر و قال:
_ قلتها سابقا و سأكررها كي تتأكدى المثلجات الباردة بكل نكهاتها اليس كذلك؟!
نظرا لبعضهما البعض قليلا ثم دخلا فى نوبة ضحك طويلة حتي هدأت اية قليلا و قالت له بخبث تلقائي :
_ حازم.. هل من الممكن ان تسمح لي بالتقاط صورة معك فهذا يوم يجب ان يخلد لهدوئنا به.
رفع حازم حاجبيه قائلا بتعجب :
_ واضح ان هدوئنا هذا لن يدوم يا آيات.. الم تلاحظي ان طلباتك اصبحت غريبة بعض الشئ... بل اقصد غريبة جدااا.
تعلقت بذراعه و قالت برجاء طفولي و هي تطالعه بنظرات جرو صغير:
_ ارجوك يا حازم من أجلي ارجوك.. ثم لماذا لا تقول حسنا مباشرة.. ستمرض مثلا ام انك تتلذذ بعذابي ورجائي اليك؟!
رد عليها قائلا بعدما علا صوتها و خشي ان تلفت انتباه احد اليها بجمالها ذاك :
_ اخفضي من صوتك قليلا.. و اهدأي ما ان اتيحت لك فرصة للتحكم بي و استغلالي و انتِ انطلقتي بأوامرك دون رجعة.. عامة انا اوافق.
مدت يدها ناحيته و قالت ببديهية:
_ ناولني هاتفك كي نتصور.
عاد لضحكاته و هو يخرج هاتفه و أعطاه لها قائلا بسخرية:
_ ستأخذين هاتفي ايضا.. كما يقول المثل الشعبي سكتنا له دخل بحماره.
التقطته منه متغاضية عن ما قاله و فتحت الكاميرا الامامية وقالت له :
_ ضم شفتيك هكذا و اصنع منقار البطة يا حازم كما سأفعل انا.
رفع حازم حاجبه وقال ساخرا :
_ هل وصل بي الحال لمنقار البطة.. انتي دائما ما تنسين انني ضابط شرطة و لي هيبتي و قوتي.. فرضا رآني احد بتلك الهيئة كيف سأعيد مكانتي بعينه يا آيات.
نظرت له بدلال وقالت بإعجاب :
_ لا تقلق علي هيبتك فلا اعتقد ان شيئا يستطيع خدشها.. و عامة انا سافعل منقار البطة.
أخذت لهما الكثير من الصور التى زادت من نوبات ضحكهم حتى إستسلم حازم وقال بتعب:
_ لقد اكتفيت.. اصعدى السيارة حالا كي نعود للبيت و نصلي التراويح لقد تأخر الوقت.
فى السيارة أخذت تعبث فى هاتفه بمكر لتطمئن أنه لها وحدها ولا تشاركها به غيرها لاحظ حازم ذلك و هو يطالعها بنصف عين فقال بضيق مصطنع :
_ ماذا تفعلين؟! الازلتِ تطالعين الصور ؟!
اجابته بهدوء و هي مازالت تعبث بالهاتف بحرية:
_ هل تعلم انني بإمكاني معرفة اذا ما كنت تحب او واقع في حالة حب او مجروح و زاهد بالحب عن طريق هاتفك الصغير هذا.
ضحك حازم ضحكة عالية وقال بمداعبة :
_ كذب المنجمون و لو صدقوا.
عقدت حاجبيها و طالعته قائلة بعدم فهم:
_ ماذا؟! من هم المنجمون الكاذبون و ما علاقتهم بي؟
تذكر انها قد نسيت كل شئ و هو مطالب بشرح تلك الجمله لها كما يفعلون بالبيت معها و قد بدأ رأسه يؤلمه فقال بنبرة قاطعة:
_ عند العودة اسألي مريم.. و الآن اريد ان اعرف كيف ستعرفين حالتي عن طريق هاتفي من خلال المكالمات و الرسائل.. هذه طريقة قديمة لا تناسب حماسك في طرح الموضوع من البداية.
ابتسمت بسخرية و قالت بثقة:
_ لا مريم اخبرتني انه لا يحق لي فتح رسائل احد و انها خصوصية.. اتعجب منك ضابط شرطة و لا تعرف الطريقة!.
طالع الطريق امامه و قال بفضول:
_ منكم نستفيد اخبريني كيف يا داهية عصرك و اوانك.
اجبته ببديهية:
_ من خلال اخر اغنية سمعتها لو كانت اغنية رومانسية معناها انك تحب.. و ان كانت حزينة معناها انك مجروح.
عاد لضحكاته وقال بسخرية هازئة :
_ يا الهي.. احيانا اقف امام ذكائك عاجزا يا آيات.. و لا انكر انني تفاجأت و انبهرت بمعلومتك القيمة.
ابتسمت بغرور و قالت:
_ انا ذكية للغاية و لكنني اخشي علي نفسي من الحسد.
هز رأسه بيأس فتارة سجدة من تتحدث معه و تارة مريم هي من تجادله.. ستصيبه بالجنون لا ينكر.
ضغطت اية علي اخر اغنية قد يكون سمعها فوجدتها رومانسية للغاية و كلماتها رقيقة فإندمجت معها حتي انتهت.. ثم عادت بعينيها اليه و قالت بترقب:
_ ما معني هذه الاغنية لم افهمها جيدا؟!
يعلم انها تريد اعترافا منه بحبها و لكن بشكل مستتر.. فقرر منحها اياه قائلا:
_ المغني يسأل نفسه بتعجب.. لا اعرف لماذا هي من أءنس بوجودها و كأنها من دمي و قطعة مني و اكون على راحتي معها و كأنها امي تخشي علي و تحبني و اعلن لها حبه بعد الكثير من التساؤلات التي لم يجد لها اجابة سوى انه يحبها و بجنون.
لاحظت نظراتها الهائمة وجهه فاردف قائلا:
_ حتي انه يشعر انه رآها من قبل.. تعلمين شيئا.. انا ايضا اشعر انني رايتك من قبل بل متأكد من انني رأيتك و لكنني لا اتذكر اين؟!
تنهدت اية مطولا و قالت بخجل:
_ كلمات الاغنية رقيقة و يبدو اننا كلنا ببداية اي حب نسأل انفسنا نفس الأسئلة كي نصل للاجابة و نصل للسعادة.
لم تمهله وقتا للحديث و ضغطت علي الاغنية مجددا.. زادت إبتسامة حازم لسماعها الأغنية التى تجسدها بكل تفاصيلها حبيبته المجنونة ، أما هى فكانت تمنى نفسها أن تكون هى من فازت بقلبه وانه يسمع هذه الاغنية من اجلها و يتخيلها بها.