الفصل الرابع عشر

ذلك الرجل الذي شغل تفكيرها حقا بعيدا عن كونه أحد الحالات التى يجب أن تعالجها فهى تراه غير ما هو عليه كرجل يختبئ خلف طباع أخرى
نفضت عقلها عن التفكير فيه وركزت تفكيرها فقط مع الحالات التى يتأتى إليها اليوم
استقبلت اولى الحالات التى لم يخف عليها ملامحها العربية لكنها انتظرت أن تعرف من هى
جلست السيدة بالكرسي المقابل لها وابتسمت ابتسامة متوترة وهى تنظر الطبيبة نظرة خجلة وما لبثت وتحدثت بالعربية
أنا أسمى ملك مصرية وعايشة هنا من سنين
ابتسمت امل
اهلين فيك ملك
اهلا يا دكتور
هلا بما اننا عرب زى بعض فينا نحكى على راحتنا ويبدو انك عافانه عنى قبل ما تجى
ايوا أنا متابعة صفحة حضرتك اللى بالعربي ولذلك حين لك واتمنى تساعدينى
اتفضلي وانا معك في كل شي
انا مهاجرة بقالى سنين وكنت جاية عشان اهرب من عادات وتقاليد كانت خنقانى وجيت هنا بعد ما اتعرفت على بنت يعنى أنا وهى....
فهمت امل ما بين السطور فاومأت لها وانتظرت أن تخبرها ببقية القصة
كنت طالبة في ثانوى وكنت بخجل جدا انى اكلم حد
بعيدة عن كل زمايلى رغم انى كنت هادئة ومؤدبة بشهادة الكل وكتير حاولوا يصاحبونى بس كنت فاكرة أنه منصب بابي هو السبب وفعلا دى كانت الحقيقة واحنا كنا في مدرسة انترناشونال ومافيش حاجة بعيدة عنى لكن مكنتش مبسوطة
قاطعتها امل على عجل وأخبرتها أنها يجب أن تنتظر لحظة، قامت امل من كرسيها وجلست بالكرسي المقابل لها وحدثتها بهدوء
اول شي ممكن تهدى ليش مستعجلة هيك؟
اجابتها ملك بنبرة متوترة
انا عارفة انك اكيد مشغولة ودا وقت عمل و ...يعنى
ابتسمت امل وفهمت أنها من الشخصيات  التى لا تترك لنفسها الفرصة للتقرب من أحد
ما تحمل همي أنا عندى كل الوقت الك هون في العياده وبره كمان وهلا ممكن تهدى سوى
نظرت لها ملك بخجل
بس انا حابة احكى كل اللى عندى
على راحتك بس ما تعتلى هم الوقت
خلاص تمام
وهلا كملى ملك متل ما تحبي
عادت ملك لسرد قصتها من حيث توقفت
كل دا كان عادى لغاية ما فيوم جات المدرسة عندنا بنت عرفت بعدها أن والدتها فرد من استف التدريس في المدرسة، كنت بنت جريرة وحلوة قوى ومش هاممها حد ومش يتقرب من لا ولد ولا بنت غير في أضيق الحدود وكانت بتبص لى دائما بصة بتخلينى اخجل منها لكن عمرها ما فكرت تقرب منى ولا تكلمنى لغاية ما في يوم دخلت الحمام بعد حصة الماث لقيتها مع بنت جوة باين أنهم مكنوش بيتكلموا فى حركة مريبة، أنا مهتمتش ودخلت التواليت وجيت أخرج لقيت الحمام فاضي عدا البنت دى اللى قربت منى جدا لدرجة لصقتنى في حيطة الحمام ولقيتها بتهمس في ودنى
شوفتى ايه؟
معرفتش ارد عليها اقول ايه لانى فعلا مشوفتش حاجة بس سؤالها خلانى اشك أنه في حاجة فعلا
لقيتها مسكونة مرة واحدة من وسطى وضغطت عليه جامد لدرجة انى صرخت من ضغطتها دى صرخة مكتومة بس هى مهتمتش وعادت السؤال تانى
لقيتنى برد عليها والدموع خنقانى
مشوفتش حاجة والله
بعدت عنى وسابتنى وشاورت ليا وهى بتقولى احذر منها ومقربش من طريقها تانى، يومها روحت البيت وانا مستغربة ازاى بنت في السن دا وفيها القوة دى كلها وازاى طويلة كدا حسيتها زى متكون ولد رغم جمالها وملامح الأنوثة اللى هي فيها
عدى الاسبوع وانا بتجنب اى مكان تكون فيه رغم أنها كانت أكبر منى بسنتين دراستين وعرفت انها اكبر باربع سنين كمان في السن واستغربت ازاى هى لسة في المدرسة؟
كنت كالعادة بقعد لوحدى وهى كانت معاها شلة كبيرة من البنات وكانت مش بتصاحب صبيان خالص ودا خلانى قلقت منها خاصة لما لاحظت تصرفاتها مع البنات دول واللى معروف عنهم أنهم متحررين قوى وفكرهم كله ملغبط،
قاطعتها امل هنا كى تفهم مقصدها
وشو معنى فكرهم مخربط؟ هل بتقصدى أنهم يعنى مش فارق معاهم حاجة ولا تقصدي أنهم موافقين الفكر الأجنبي للشواذ وكدا؟
ايوا هو دا خاصة أنه في بنتين منهم كانوا متصاحبين وكل المدرسة كانت عارفة عادى لأنهم مش مصريين فكان عادى
فهمت امل وضع الفتاه فتلك المدارس المفتوحة على ثقافات أخرى كثيرا ما أثرت على تفكير من ينتمون لها
طيب وبعدين شو صار؟
ابدا كنت في حالى كالعادة لكن اللى اختلف هو نظرات البنت دى اللى بقت كتير ناحيتى لدرجة الكل لاحظ وبدؤا يتكلموا عنى ودا وترنى لغاية ما في يوم بنت منهم لقيتها بتخبطنى في كتفي وبتقولى ابعد عن سامى
مفهمتش تقصد مين بسامى انا معرفش حد بالاسم دا لغاية ما انصدمت لما عرفت أن سامى دى تبقي هى البنت واسمها سمانتا ودلعها سامى
للاسف بقيت بكره اروح المدرسة وقررت انى هروح النادى وهغيب كام يوم عن المدرسة
وفعلا عملت دا وغبت عن المدرسة وبقيت بروح النادى لدروس السباحة وبس لكن للاسف الراحة دى مدامتش لان في يوم وصلتنى دعوة لعيد ميلاد بنت زميلتى ولحظى كانت بنت صديق بابي ولازم احضر الحفلة مع مامى وفعلا روحت وعشان حظى برده الحفلة كانت مقسومة لنصين نص للكبار في الجنينة الخلفية ونص للشباب عند حمام السباحة
اليوم دا كان تغيير كبير في حياتى وأثره هيفضل معايا لوقت طويل لذلك اسمحيلى انى تحكى كل تفاصيله
أزمات لها امل كى تقص ما لديها بأريحية
طبعا لما وصلنا اتضايقت من اللى حصل لان مامى انفصلت عنى وراحت طبعا في ناحية الكبار ولما طلبت منها افضل معاها مرضيتش وقالتلى اخلينى مع اللى في سنى
طبعا اضطربت اروح الحفلة ومش هنكر أن الحفلة كانت ممتعة وانبسطت يمكن لأول مرة لغاية ما وصلوا شلة سمانتا أو سامى زى ما بيقولوا عنها
اول ما وصلوا الجو اختلف تماما خاصة أنها مقربة قوى من صاحبة الحفلة بس انا مركزتش في ده وخلتني في نفسي على جنب، قعدت اشرب عصير و اتكلم مع شلة مش هقول اصحابي بس ناس معرفة بابي نفس الاهتمامات والنادى وكدا وملاحظتش أن سامى جات ناحيتنا عشان صاحبة الحفلة كانت قاعدة معانا ولقيتها قربت وحضنتها بطريقة جذبت انتباه الكل حتى أنا بس محدش علق لان محدش مهتم بالامور دى زى ما قولت لك كل واحد في حاله حتى انا مكنش ينفع اقول قدام بابي اى حاجة من الملاحظات دى ودى يمكن الميزة الوحيدة في وسطنا أنه محدش شاغل باله بيك طالما مفلستش ولا اتمسكت في قضايا
المهم رغم عنى سمعت اللى سامى قالته لصحبتنا دى وهى بتقولها في اوضتك عشان اديك هدية عيد ميلادك
استغربت ليه عاوزه تعديلها هدية عيد ميلادها في أوضة نومها؟ لكن طبعا كبرت دماغي لكن اللى صدمنى فعلا انى برفع راسي ناحيتهم لقيت سامى دى بتبصلى وبتغمز لى لكن أنا طنشتها ورجعت اتكلم مع واحد معرفة اكبر مننا بسنتين فى الجامعة ولقيته بيقولى تعالى نرقص
لاحظت أن أن ملك لا تذكر اسماء اي من الأشخاص لقيتها عدا سامى وهذا قد جعلها تشعر بأن الأمر أما لعدم أهمية هذه الأشخاص بحياتها أو العكس كونها تشعر أنهم كانوا كاسباب لما آلت إليه الأمور فكان عدم ذكرهم كوسيلة منها لتحميلهم وزر ما حدث بطريقة أو أخرى
قومت معاه وهربت من نظرات سامى دى بس يا رتنى ما عملت كدا، رغم انى اندمجت في الرقص وكنت مبسوطة فجأة لقيت البنت اللى من شلة سامى دى قربت منى وعملت نفسها بترقص وقامت زقانى وقعت في البيسين وطبعا كل هدومى اتبلت وهى واقفة تضحك عليا لكن اخت صاحبة الحفلة الصغيرة جابت روب بسرعة من الملحق اللى في كماليات السباحة وقالتلى اروح معاها للدور التانى هتجيب لى حاجة من هدوم اختها علشان مبردش وفعلا أنا كنت اكتفيت من الحفلة دى وقولت اهو حجة اروح بيها ووافقت بس انى هتصل على الدادة تجيب لى فستان تانى أو اى حاجة اروح بيها وطلبت منها تنتظر الدادة بتاعتى أو تقولها تطلع ليا هنا لما تيجى وتروح هى تكمل الحفلة وروحت معاها وهى خادتنى لاوضتها وقالتلى هتنتظر معايا بس انا اصريت انها تنزل وكدا كدا البيت قريب والدادة هتيجى في اقل من ساعة وبعد ما نزلت خلعت فستان وهدومى ولبست الروب تانى وقعدت العب في الفون لكن سمعت صوت من الاوضة اللى جنبي واللى في باب بينها وبين الاوضة اللى أنا فيها وفجأة سمعت صرخة مكتومة اتخضيت ومن غير تفكير فتحت الباب وانا مش فاهمة في ايه ولقيت اغرب منظر ممكن حد يشوفه
توقفت ملك عن الحديث مما اقلق امل وطلبت منها أن تستريح وتتوقف عن الحكى
منيح فينا نكمل بعدين؟
هزت ملك رأسها رافضة التوقف لكنها تنهدت ببطئ
لا نكمل بس اعذرينى لان الأحداث دى تقيلة عليا فعلا
تمام براحتك كملى كيف ما بدك
ممكن اشرب مية؟
اكيد
نهضت امل من كرسيها واتجهت الثلاجة المجاورة لمكتبها وأخرجت زجاجة مياة صغيرة وكوب بلاستيكي ذو الاستخدام للمرة الواحدة وملاته لملك التى شربته كله دفعة واحدة علمت امل أنها بلغت قمة توترها
فيك تهدى هلا مو لازم تفضي كل الحكى هيك
بس انا بسمع أن الدكتور بيحب يسمع كل حاجة ؟
الطبيب بده راحة مريضه ولو الحكى راح يتعبك يبقي بلاه
بس انا مش تعبانة بالعكس
لا، انت متوترة كتير أنا ما بعرف لوين وصلت حكايتك هاى بس بعرف أنه الأمر شديد عليك لدرجة أنك حياه حمل كتير تقيل وبدك تتخلصي منه بسرعة ودا ممكن يتعبك كتير لو ما توصلتى لحل فورا
يعنى قصدك انك مش هتقدرى تساعدينى انى اخف
لا، مين قال هيك بس كل شي معتمد على درجة تورطك بالأمر أو احساسك فيه، يمكن تكونى منيحة وما بنظرة وهلا جيتك لهون رغم انك عائشة بمجتمع متفتح وما عم لينظر لها الأمور نظرة مو منيحة بس بدك تتعالج يعنى عرفانة أنه يا اللى بيك مرض مو مجرد ميول او شي طبيعي لهيك الأمور مو صعبة نهائيا لهيك اطمنى ما راح يحصل شي يزعلك منيح
وافقت ملك على ما قالته امل وتنفست بهدوء كى تريح نفسها قليلا قبل أن تكمل قصتها وهى تعلم جيدا أن ما سأقوله سيغير نظرة الطبيبة لحالتها كونها معقدة بعض الشيء، بعد عدة لحظات من الصمت عادت ملك لقص ما تبقي من حكايتها وهى تتوقع ردة فعل الطبيبة لكنها يجب أن تكون صريحة مع طبيبها كى تنعم بالراحة فيما بعد عندما تبدأ الطبيبة بعلاجها
وقفت وانا مذهولة من المنظر قدامى لما لقيت صاحبة الحفلة في سريرها عريانها وسامى فوقها وصوت صراخها المكتوم بقي أعلى ولدهشتى محستش بيا لكن سامى لاحظت وبصتلى ولا كأنها مع واحدة في السرير لكن مش دا اللى صدمنى اللى صدمنى هو اللى حصل بعد كدا لما لقيت سامى مستمرة لدرجة أنها كومت الغطاء بتاع السرير عشان البنت متشوفنيش وفضلت بصالة لغاية ما فجأة لقيتها طلعت صرخة مكتومة وانا معرفتش اروح فين لكن لما قامت عنيا وسعت على آخرهم وانا ببص لها وشوفت اللى هى فيه.......


لم يشعر بنفسه او بجسده الذي إنتفض عدة مرات فهو لا يدري بنفسه مئات الاسئلة عصفت بعقله دون رحمة ما إن فتح عيونه  إنتفض جسده سريعا إردة منه نظر له الطبيب  بقلق وساله :-
هل انت بخير الان
نظر له ديمون بعدم فهم نظر حوله بهلع وسال الطبيب :-
اين انا الان.
ربت الطبيب علي كتفه وقال :-
لا تخف انت الان بالمشفي
رددها ديمون عدة مرات قائلا :-
مشفي ، وكيف حضرت هنا ، ومن احضرني ، وماذا حدث لي ومنذ متي وانا هنا .
تنهد الطبيب ونظر له بهدوء وشرع في الاجابة علي اسئلته قائلا :-
انت هنا منذ خمسة أيام ، أحضرك صديق لك وها هو هنا ينتظرك بالخارج فقد كان قلقا عليك .
فقد أصيبت ببرد حاد مصاحبا دوار ودرجة حرارة جسدك عالية ، وها قد حقناك بعدة محاقن كي تعود ، لكننا تعجبنا من صراخك الشديد ، هل انت بخير الان .
كان ديمون يستمع للطبيب محاولا التذكر اين كان اخر مرة له قبل ان يسقط في ظلام غيبوبته ، لكن تفكيره بات متحصرا عند نقطة معينة لا يستطيع المناص منها ، لذا حاول الارتخاء قليلا ولانت ملامحمه ثم
تنهد بحزن فهو يعلم ما مر به منذ قليل في حلمه الذي بات قاسيا عليه ، كيف هذا وكل ما حوله يشير انه واقع في فخ مميت ، ادرك ديمون ان هناك رسائل باطنية تأتي له من حيث لا يدري ، ربما القدر الذي اسعفه ان يكون معه للنهاية ، وريما يريد له ان يعود شخصا سوي كما يطمح
ربما ان الاوان لان يصر علي رايه في ان يعود كما كان او كما يريد الان .
ها هي الان تزوره من آن لاخر
وها قد إستوطنت دمائه بل إشتاق لها كما لم يشتاق من قلبل
يريد ان يسمع صوتها نعم يعلم انه ليس من حقه الان ان يتحدث معها فهل هناك من يلتمس له العذر ويقول له تحدث معها
تنهد بحزن فهو بعلم انه من المستحيل ، لكنه حاول ان ينحيها جانبا وهنا سال الطبيب الذي ما زال واقفا كي يطمئن علي مؤاشراته الحيوية قبل ان يخرج ، فطلب منه :-
اريد ان اري زي
حك الطبيب راسه وقال :-
زي ..  اعتقد انه هو من احضرك هنا ، وغالبا هو ينتظر خارج الغرفة يريد الاطمئنان عليك .
تنحنح ديمون وقال له برجاء :-
اذا من فضلك دعه يدخل اريد ان اراه واشكره .
اوما الطبيب براسه فهو في تلك الاثناء كان سيغادر الغرفة .
بعد قليل دلف زي وعلي وجهه إبتسامة قلقة ، إقترب منه في عجالة وقبل راسه وجلس بجانبه
علي الفراش ، فقال له ديمون :-
اشكرك يا زي علي ما فعلته معي
فكلمات الثناء قليلة عليك
إبتسم زي بحرج وقال له :-
لا تشكرني حبيبي فا انا هنا من اجلك ومعك
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي