الفصل التاسع

شعرت مها بقشعريرة احتلت كيانها حين أصرت السيدة أن تسمع اجابتها عن ستنا رددت مها الكلمة خلفها
ستنا؟
نظرت لها السيدة بتركيز شديد
ايوا ستنا اللى حكت لك قصتها امبارح ايه مش فاكرة؟
ايوا فاكرة بس دا كان...
حلم دا كان حلم مش انت عاوزة تقولى كدا؟ بس هو مكنش حلم لا، دا كان حيا تانية انت كنتى فيها
حياة تانية؟
ايوا يا مها حياة تانية انت متعرفيش عنها غير قشور لكن دورك جه عشان تبقي جوة الحكاية و جزء منها
خوف استقر بقلب مها حين سمعت ما قالته السيدة وقررت أن تغادر على الفور فهى لم تعد تشعر بارتياح لما يقال
شعرت السيدة بما قررته مها فأمسكت بيدها فتسربت بروده جسدها ليد مها
ايديك ساقعة قوى
ضحكت السيدة وهى تجيبها
ما هو معدش دفئ هنا من سنين وأشارت لصدرها فعلمت أنها تشير لقلبها
بعتذر بس انا لازم امشي
هترجعى تانى يا مها وهكستناك
غادرت مها على عجل دون أن تنظر خلفها حتى وصلت لمدخل العمارة فتنفست الصعداء، رأت حارس العقار أمام البوابة الخارجية فأسرعت ناحيته وسألته عن السيدة التى تسكن الدور الثانى
تعجب الحارس مما تقوله
ست مين يا هانم العمارة مفيهاش غير شقة حضراتكم
نعم؟
ايوا والله اغلب أصحاب الشقق مهاجرين يا نقلوا في حتت تانية ومحتفظين بالشقق كدا ومعيننى عليها حارس بس عشان فيها حاجات غالية الا شقة الدكتور أحمد اللى انتوا اجرتوها لأنها كانت فاضية
صمتت مها وهى لا تعلم ماذا تخبره فقررت أن تصمت عن الحديث فهى تشعر بأن الأمور قد احتدمت معها وأصبحت لغزا كبيرا لا تعلم ماذا ستكون نهايته

عادت لمنزلها وهى تحدث نفسها كالمجنونة ام أنها جنت فعلا ؟
مرت ليلتها بين ارق وشرود حتى أصبح اليوم التالى حيث تسجل حلقة من رسائل المشاهدين على صفحتها
ما أن وصلت العمارة حتى أسرعت ناحية المصعد فهي لن تجرؤ على صعود الدرج مرة اخرى، تحرك المصعد للأعلى وحين وصل لنفس الدور بالأمس دق قلبها وخشيت أن يتوقف لكنه لم يفعل فتنفست الصعداء حتى وصلت الاستوديو
بدأت الحلقة بدباجتها المعتادة
اهلا بيكم في برنامجنا ومازلنا مستمرين مع حلقات الدجال التائب النهاردة هنقرا بعض من رسائلكم وهنتناقش فيها بكل حيادية يعنى لا مع ولا ضد
اول رسائلنا النهاردة من ست بتقول أنا هحكيلك قصتى أنا والله مكنش قصدى اعمل كدا بس الاحساس بالظلم والقهر
طيب بالراحة كدا واحكيلنا اللى حصل بقي وهنسوف الدنيا فيها اية
صمتت الفتاة للحظات حتى استعادتورباطة جاشها وبدأت بقص ما لديها من أحداث
انا كنت بنت وحيدة لابويا وامى كانت حياتنا بسيطة بدون تعقيد لكن في يوم سكنت قدامنا ست أقل ما يقال عنها محراب شر منعرفش اية اللى حالها تسكن هنا عندنا لكن اللى نعرفه كويس انها جات علشان موقع البيت وأنها معروف عنها انها بتشوف حاجات وبتفتح كنوز
اها بتوع الآثار قصدك
ايوا الناس كانت بتخاف على عيالها منها على أساس الكلام اللى بيتقال أنهم بيدبحوا العيال ولازم دم وكدا ولما الناس سألوها ضحكت وقالت وانا هعمل ايه بالدم أنا اللى يهمنى حاجات تانية
غيرت فكر الناس عنها لما ساعدت كتير منهم يلاقوا كنوز تحت بيوتهم، الغريب أنها كنوز بسيطة مش حاجة كتير بس قدرت بكدا تكسب ثقتهم لدرجة أنها خلاهم يثقوا فيها ويسيبوا بناتهم معاها
كانت نظراتها متجهة للبنات الصغيرين كلهم لكن محدش لفت نظرها غيري،  في يوم خدتنى معاها لمكان ولازم عشان يتفتح عاوز دم، ساعتها الناس شكت وقالوا دى كانت بنجر رجالهم لكن هى قالت لهم متخافوش وقررت منى وقالتلى افردى ايديك يا حبيبتى وفعلا اول ما فتحت ايديا راحت معوارنى ونزل من ايديا دم مش كتير بس نقط على الأرض وفجأة اتهزت الأرض وشوفنا شق ظهر وسلمى عرفنا إنه المكان فتح ومن يومها وهى ركزت قوى معايا لدرجة أنها كانت بتقولى روحى بيت فلان وقوليله ست فلانة بتقولك سيبنى اتمشي في وسط الدار أو جنب سور الدار حسب المكان اللى فيه الهدية وفعلا كنت ادخل الف لغاية ما أقف فجأة واقولها احفر هنا ويبدأ الحفر لغاية ما يلاقي حتة دهب أو مصاغ من القديم وبقت الناس يسمونى وش السعد وبقيت لما امشي في الشارع الكل يدعى انى اقف قدام داره، دام الأمر سنة كاملة لغاية ما بلغت ساعتها الأمر اتغير وبقيت أنا اللى بروح اقولها الهدية في بيت فلان، مع الوقت بدأت اشوف وانا صاحية ناس حوليا ومن ضمنهم راجل ملازمنى دائما كأنه ضلى ولما قولت لها عليه قالتلى اكتم سرى وأنه دا واحد من خدمتى ولازم اصوم العهد معاه فضلت اكبر والأمور تكبر وكل مرة اقول على مكان تزيد الخدمة لغاية ما بقي معايا عشيرة كاملة لكن في يوم وانا ماشية في البلد حصل اللى مكنش على بالى، جه شيخ جديد للجامع اللى كان شبه مقفول ومحدش بيدخله، الكل انشغل بالظهر والفلوس والأمن مكنش دم بس كان ارواح، أرواح بعدت عن ربها وبقت عبيد للشيطان اللى سكن بيوتهم وروحهم، حصلت حاجات كتير محدش اتكلم عنها خالص، محدش قال إنه الحريم بقت سبايا للخدم دول ومكنش راجل يقدر يتكلم مادام الدهب بيطلع، بقت البيوت خراب فعلا، لغاية ما جه الشيخ وشوف ضلمة الكفر  واللى بيحصل فيه واللى خلى كل البلد زى القبر حفرة من حفر النار مش حاجة تانية
يومها قابلنى لكن مبصليش خالص لانه كان بيبص على اللى حوليا فعرفت أنه شايفهم ولما بصلى لقيته زعلان وبيقولى
ليه كدا يا بنتى حبيبتى لنفسك الهلاك
بصيت له باستخفاف لانه مش عارف قيمتى اللى الكل بيحلف بيها
هلاك ايه يا شيخ اللى بتقول عنه أنا ست الكفر كله وبشهادتهم
شهادة مين بالضبط؟ أهل الكفر ولا عشيرتك؟
اتغظت منه وقررت اعرف قيمته وشاورت فعلا لواحد من خدمتى عشان يضربه ضربه تعرفه بيتكلم مع مين وبالفعل اتحرك النفر دا لكن مقدرش يقرب من الشيخ كان في جدار بيحميه، ولقيت الشيخ بيقول اية من القرآن اللى مكنتش اعرف عنه حاجة وفجأة خدمتى كلها وقعت على الأرض مشلولين وعددهم أنه هيحرقهم لو فكروا بس يقربوا له ولما مشي اتغاظت منه ازاى قدر يحمى نفسه منى وانا عمر ما حد قدر يقف قدامى
روحت الشيخة اللى ربتنى وانا قائدة نار وعاوزة انتقم من الشيخ دا لما قولتلها لقيتها بتقولى انى جه الوقت استجمع كل قوتى وأمسك زمام الأمور ولما سألتها اعمل ايه قالتلى هتوهبي نفسك ليه ولما قولت لها هو مين قالتلى اللى كل خدمتى انفجار في عشيرته اللى هو ملكها، أنه هو اللى قبل بدمى لما فتح لنا المقبرة وأنه كان مهرى ولازم دلوقت اكمل الاتفاق
ساعتها لقيتها بتقولى انى أنا المرادة من كل البلد دى وان اللى انا بعمله دلوقت منه عشان أنا بتاعته وهو حاببنى
كنت صغيرة ومش فاهمة اتوهمت بالقوة والشكوى وكل دا وقررت أنى استحق فعلا اللى هى قالت عليه وانى لازم اقبل بيه ووافقت بسبب غرورى وقالتلى اللى لازم اعمله
يومها خادتنى لكهف اتعودنا نختلي فيه من وانا صغيرة، لبستنى فستان شفاف خالص وقالتلى لما الشمعة تطفي اخلع التوب وارميه على الأرض واستنى اللى هيحصل
فعلا عملت زى ما قالت بعد ما هى مشيت فجأة الشمعة كفيت وحسيت بهوا سخن حوليا للحظات وفجاه ظهر قدامى شاب قوى زى المصارعين وملامحه حلوة ابتسم لى لكن متكلمش وقرب منى ولمسنى، نسيت نفسي ولقيت نفسي متجاوبة معاه ولما بعد عنى لقيتنى بشده ليا فابتسم تانى وسمعت صوته في دماغى زى الهمس بيسالنى هل أنا موافقة انى ملكه فقولت له اه، مجرد ما نطقتها نيران ولعت في جسمى للحظات وفوق صدرى لقيت وشم بحرف كدا غريب ولقيته بيقولى أنه كدا بقيت له، بعدها قالى لازم نكمل وفعلا كملنا واخدنى والمرة دى دم عذريتى اللى كتب العهد وبقيت مراته زى ما قالى زوجة ملك عشيرة من الجان وبقيت منهم
تانى يوم حسيت بقوتى جدا وانى اقدر اخد حيط من غير ما احرك صايع من صوابعى
ورجعت الكفر بعد تلات ايام قضيتها معاه زى اى زوجين لغاية ما اكتفي وقالى أنه هيطلبنى كل اما يحتاجنى لكن أنا حسيت انى خسرت حاجة مهمة جدا غير نفسي حسيت انى خسرت دنيتى كمان
واللى اكدلى دا لما رجعت الكفر والشيخ دا شافنى لقيت بيصرخ فيا وبيقولى يا خسارة كان في امل انقذك لكن انت خسرتى خلاص وبقيتى منهم خلاص
بصيت له بغرور وتشفي وهو مش قادر يبصلى وكنت فاكرة أنه خايف وفعلا سألته
خايف منى؟
بصلى ساعتها بنظرة وجعت قلبي كأنه زعلان على حد عزيز
للاسف مشفق عليك
مشفق عليا من ايه انا بقيت ست الكفر ومحدش يقدر يعمل حاجة معايا
للاسف انت بقيت عبدة لشهواتك وهيجى يوم وتحسين باللى عملتيه
بصيت له بقلق لأول مرة وبصوت مهزوز
اندم على ايه دا قدرى
قالى مافيش قدر بيتكتب غير بنية صاحبه انت اللى عوزتى دا اتحملى وانا يا بنتى همسي معدش هنا حد أنقذه كل الأرواح هنا بقت مسمومة حتى انت يا اللى كنت اتقي روح فيهم
وفعلا مشي وانا كنت فكرته خايف منى بس رغم غيظى منه لقيت انى مفكرتش اهاجمه زى ما كنت عاوزه زى مايكون حاجة حجزته عنى
ومشي فعلا وعشت حياتى زى ما هى لكن مليت مليت كل دا، حسيت أن دى مش حياه ولقيت نفسي بسال ايه اللى برة الكفر كنت عاوزه امشي والف واشوف وفعلا قررت امشي ولقيت رفض تام من الكل لكن صممت وطلبت منه ياخدنى بره الكفر عاوزه اشوف الدنيا براه وافق بس بشرط سر الكفر محدش يعرفه وفعلا خرجنا ومشيت معاه بره الكفر ولقيت دنيا تانية، أنا نسيت اقولك أنه في الكفر مكنش فيه حتى كهربا كنا معزولين في حتة بعيد عن الكل لكن لما خرجت كنت عاملة زى اللى روحت عالم تانى ودنيا تانية زى اللى سافرت لعالم تانى، ودا اللى كانت خائفة منه الشيخة انى هتمرد على الدنيا دى ولو أهل الكفر عرفوا هيتمردوا هما كمان لكن هو لا هو كان عاوزنى اعيشهم العيشة دى افتح عليهم ملذات الدنيا واجيب لهم كل حاجة ساعتها افتكرته بيحبنى لكن مكنتش عارفة أنه شطيان فعلا لان الملذات دى هتفتح بيبان تانية وجشع وحاجات تانية كتير، رجعنا الكفر وحولناه فعلا لحاجة تانية وبقينا متصلين بالناس بس على شرط محدش يقول سرنا
هنا سألتها مها
بس انتوا في بينكم اطفال ازاى مش هيقولوا ويحكوا
ومين قال إنه بينا اطفال؟
ازاى يعنى؟
انا كنت اخر جيل من الأطفال اللى اتولدت في الكفر لان معادش حد اتجوز من انس بعدها
يعنى ايه مش فاهمة؟
يعنى دا كان التمن اللى دفعناه بقينا سبايا ليهم
يا خبر قصدك...
ايوا بالضبط اللى فهمتيه بقينا ستات ورجاله عبيد ليهم، لذلك كان اصغر حد فينا كان عنده خمستاشر سنة لكن اطفال خلاص معدش حد صغير خلاص كلنا بالغين وفاهمين وكلنا قدرنا موصول لمخلوقات غيرنا
طيب انتوا حاليا ايه وضعكم وليه بتكلمنى هل توبتى فعلا
انا توبت فعلا بس بطريقة لا يمكن حد يتخيلها، انا حضرت حرب بينهم كان الضحايا فيها من البشر والجن زى الرمل
حرب!
ايوا حرب حرب بين جن مسلم جه يعاقبنا ويعاقبهم على اللى عملناه في حق نفسنا وعصيان ربنا ساعتها كانت اول مرة افهم، واعرف أننا المفروض مخلوقين عشان نعبد ربنا، تخيلى ابقي عندى اكتر من عشرين سنة ومش عارفة أنه المفروض أعبد رب واحد له حق العباده عليا
ازاى مسمعتيش عن ربنا؟
والشيخ اللى حالكم للمسجد؟
اهو الشيخ دا بقي كان قصة لوحده لانه كان واحد منهم، كان رسول من القبيلة دى كانت عائشة بالقرب مننا وشايفين اللى بيحصل ولما وصل لعندنا كان عاوز يساعدنا لكن لما شاف ضلالنا بعد وخاصة أنا بعدها عرفت انى كنت مربوطة بيه من يوم ما فتحت المقبرة بيا، وانى كان ممكن انجى نفسي وغيري لو مكنتش سلمت لشيطانى، وقتها بعد ما تنقضي الأمر وقفنا قدام المحكمة واتحاكمنا كلنا وتتحكم علينا نترحل من ارضنا وحدوا مننا كل حاجة، بقينا زى المشردين لغاية ما في يوم لقيت ست ساعدتنى وخلتنى اقعد معاها في بيتها واشتغل معاها في المحل بتاعها واتغيرت حياتى وبقيت بعيدة عن أى اغراء وكل حاجة مشيت كويس رغم اللى بيراقبونى عشان محدش يقرب ناحيتى ولا يجى لى وبالفعل بقيت بسمع كلام ربنا وعرفت كل حاجة وتولت بجد مش عشان خسرت كل حاجة لكن عندى كلمة واحدة هقولها وهى أن أكبر عدو للإنسان هو نفسه مش اى حد نفسه وبس لان لو البنى ادم عرف قوته فين هيعرف أنه ربنا هو اللى بيمده بيها بسبب إيمانه مش العكس وان احنا ضعاف برده لو اتبعنا شهوتها ووقعنا في شرك التمسك بيها، وان ربنا بيبعتولنا اللى يساعدنا على التوبة حبا فينا لكن احنا اغلب من اننا نشوف دا مش بتشوف غير نفسنا وشهوتنا وبس، فاكرين أنه المنع دا عشان يتحكم فينا مش عشان بيخاف علينا من نفسنا حتى واخر حاجة نقولها أن أفضل حاجة حصلتلى هى الحرب دى لان لولاها كان زمانى لسة عائشة نفس الحياة ونفس الدنيا اللى هتودينا لجهنم في النهاية
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي