الفصل الثامن

بصيت ورايا مش لاقي اي حاجة غير الشجر. وريح بيهز الشجر وبيخليه يتداخل في بعضه زي رؤوس الشياطين. بس لمحت بين الزرع والاشجار . كائن لية عينين لونها احمر براق كأنها جمرتين من النار. وشه بشع. بيبص لي. طلعت اجري. ومع كل شوية امطار وحركة غصون الشجر المتحركة. اسمع الصوت. وحيد يقول لي هقف هقف كنت بجري بتتكسر ولمحت اغصان متكسرة وفروع وكانت كلها عليها سائل اسود. انا عارف ان ضوء القمر هو ال مخليه اسود والضلمة لكن انا متأكد ان السائل ده دم احمر. فضلت اجري لحد ما وقفني حاجة فجأة. وقفني طفل. طفلة على هيئة وحيد لكنه اضخم. ملامحه مشوهة وشه مسلوخ وكل جلده ولحمه متقطع كأنه ميت وخرج دلوقتي من القبر. دخلت ناحية جانبية في الزرع. فضلت اجري. وبصيت ورايا. لقيته وطى على الارض وبدأ يجري على الاربعة ايدين ورجلين زي الحيوانات. يجري وجريته كانت سريعة سريعة جدا. لكني كنت وصلت الحمد لله منطقة الخيم وانا بتنفس بصعوبة وحاسة ان قلبي هيقف. لازم اصحي كل الناس. لازم بس ابلغ الشرطة. دخلت الخيمة وجريت على الموبايل. لكن كانت جوة الخيمة. وحيد نايم. نايم في مكانه. بلبس الهدوم العادي ومتغطي. ولما دخلت صحي وقال لي بكسل وبصوت مليان نوم. ادم انت جيت . انت كنت فين؟ لقيته نسيت لقيته ما شفتكش.
هو انت ماصحتشي خالص يا وحيد وخرجت؟ خرجت فين ؟ هو انت حسيت ان انا الكبير بقى وهخاف عليك ولا ايه. وحيد ما خرجش من الخيمة. وحيد كان نايم .امال مين اللي انا كنت ماشي وراهم؟ ومين اللي انا شفته؟ في البيت نسخة من وحيد. تاني يوم الصبح لاحظت ان كل المشاركين معانا في المعسكر صاحيين وكلهم مرتبكين او خايفين وعمالين يتهامسوا مع بعض ويشاوروا ناحيتهم. كان عندي احساس ان في حاجة مش طبيعية حصلت رحت وقربت من المنشور اللي كان واقف على جنب ووشه اصفر وقلت له. منصور هو في ايه؟ الوضع كده مش مريح هو في ايه؟ والله يا ادم انا مش عارف اقول لك ايه الوضع كله حوالين ابن عمك ده اصلا. وحيد اشمعني يامنصور ؟امبارح لما دخلت انام اه حلمت به على فكرة وكان شكله مخيف جدا في الحلم. اه حلم عادي لكن لما اصحى والاقي كل الناس اللي في المعسكر حلمونفس الحلم كلهم بيتكلموا نفس الموضوع.. كلهم.. اقسم بالله كلهم . كلهم بدون استسناء. احنا بقى لنا اكتر من ساعة واقفين مع بعض نتكلم وبنكمل الكابوس لبعض.
……
فهمني يا منصور يعني ايه الحلم يا منصور بالظبط ؟ بص يا وحيد انا شفت نفسي في الحلم جوة ممر طويل اسود وفي ضوء ضعيف في الاخر. ولقيتني بجري بكل قوتي ولكن بجري الى ما لا نهاية. بجري علشان في حاجة بتجري ورايا مش عارف هي ايه. عارف يا وحيد الموضوع بالظبط كان عامل زي ايه؟ زي ما تلاقي نفسك عمال تجري في الحلم وانت مش عارف السبب. ورجليك تقيلة ومش عارف تجري. سقف الممر اللي كنت بجري فيه كان مليان سلاسل وجنازير متعلقة حديد زي اللي بتبقى عند الجزارين. بعد شوية سمعت صرخة طفل جاي من نهاية الممر من بعيد. وبعدين اتحولت الصرخة لصوت عياط. الصوت ده ما كنش غريب كان صوت ابن عمك على فكرة. شفته في الحلم واقف قدامي. مش هو بالظبط لكن شفت راسه متركبة على جفن حاجة كده عاملة زي المخلوقات بتيجي في افلام الرعب مخلوق عامل زي الغوريلا وضهره محمي وجسمه كله غرقان دم كانه خارج من بركة دم انا صرخت في الحلم اول ما شفته لا قدرت اجري ولا قدرت ابعد عنه فلقيته بيقول لي مش انا قلت لك انا احسن منك؟ وفعلا وحيد ابن عمك قال لي الكلام ده قبل ما ينام. في لحظة انا حسيت بتقل رهيب فوق ضهري. وبدأت انحني على الارض وكان في حاجة بتزقني عشان انحني على الارض. ولقتني زي ما اكون بتسخط لحيوان. وبقيت وقفتي المريحة ان انا اقف على ايديا ورجلي زي الحيوانات. ابن عمك فضل يضحك وهو فرحان باللي بيحصل حاولت اقوم اقف مش قادر حاولت اتحرك لقيتني بتحرك على ايديا ورجلي عادي فضلت اجري على ايديا ورجلي زي الحيوانات علشان اهرب عايز اوصل لاي مخرج في الممر المظلم ده لكن ما بيخلصش وكان وحيد كل ما اجري اكتر الاقيه قدامي. فضلت ابص حواليا على اي حاجة تنجدني. ظهر اجسام سودا مش قادر اوصفهم لك من كتر بشاعتهم يا ادم . لهم اصوات مخيفة. كانك بتشوف ابلسة وشياطين جن عفاريت و اشباح. علم تاني خالص غير عالمنا خالص حاوطه بي في دايرة وفضلوا ساكتين . وحيد ابن عمك فتح بقو على الاخر بشكل مرعب. وقرب علي ومد ايده ناحيتي. كنت باحاول ابعده عني. لكن السلاسل اللي في السقف نزلت سلسلة ورا التانية. ولقيت الخطاطيف. غرست في ظهري. الم لا يحتمل. السلاسل اتسحبت لفوق وانا كمان اتسحبت معه. وبقيت متعلق زي الدبيحة. وعمال اصرخ اصرخ. والدم مني بينزل من كل حتة. اما وحيد واقف تحت مني. تحت الدم. وعمال ياخد الدم اللي بيقع مني ويمسح بي جسمه كله. وكانه بيستحمى بدمي. وانا كل اللي باعمله باصرخ من الالم والفزع. لحد ما صحيت. صحيت وانا حاسس بالم ووجع في كل حتة في جسمي كان فيها الخطاطيف. حمدت ربنا انه كان كابوس. سمعت في الوقت ده اصوات كتير جاية من برة خيمة.

خرجت اشوف فيه ايه لقيت باقي شباب المعسكر طالعين كلهم خايفين وبيحكوا وبيتكلموا عن الكابوس اللي شافوه. احنا يا ادم تلاتين واحد زي ما انت عارف. قل لي كده احتمال ان تلاتين واحد يحلموا نفس الحلم ده يحصل كم في المليون او في المليار قل لي انت يا ادم ؟ ما اعرفش يا منصور. ما اعرفش. رجعت ل وحيد وطلبت منه يفضل قاعد في الخيمة وما يخرجش منها ابدا. كان وشه مخطوف وكأنه سمع اللي بيتقال عليه. وحيد النهاردة اخر يوم في المعسكر وهنقضيه في بيت الشباب القريب منا وبكرة الصبح هنرجع البيت مش انت عاوز ترجع البيت هنرجع. مارضش فضل قاعد في الخيمة وسيبته رحت قعدت معه منصور وباقي الشباب. على اخر اليوم كنا في طريقنا لبيت الشباب المسئولين عن المكان استقبلونا بترحاب كويس جدا فتحولنا القاعة الرياضية بحيس لو عايزين نمارس اي نوع من انواع الرياضة اتقسمنا مجموعات صغيرة منا اللي راح يلعب سلة واللي راح يلعب كورة طايرة واللي قاعد ما يعملش حاجة غير انه طلع تليفونه وفتح الفيسبوك. حاول اخلي وحيد يتفاعل ويمارس اي نوع من انواع النشاط. لكنه اخد ركن وقاعد بعيد. سألته وحيد هو انا لو سبتك لوحدك هتبقى كويس؟ فيه مشكلة عندك يعني؟ لا خالص يا ادم. انا هعرف ادبر اموري. انا عارف ان انت عاوز تقعد مع اصحابك وما تقلقشي. وانا هقعد هنا. لا مش القصد يا وحيد يعني خلاص اللي تشوفه. وسبته رحت قعدت مع الشباب واتشغلنا ولعبنا تنس طاولة والوقت كان ممتع الحقيقة واحسن من الخيمة بكتير. والوقت بيمر بسرعة. لحد ما منصور جه وقال لي ادم انا عاوزك في كلمة لو سمحت. خير شاور لي على المكان اللي قاعد فيه وحيد وقال لي من شوية اتنين من زمايلنا كانوا بيضايقوا ابن عمي وعيط. وخلصته منهم. نصيحة بلاش تسيبه تاني لوحده. شاور لي على اللي عمله كده. يا عم ما فيش داعي انا خلصت الموضوع. رح شوف ما له لانه ساعتها من وقتها وهو عمال يكلم نفسه وسمعته بيقول هيدفعوا التمن هيدفعوا التمن. ابن عمك كلامه كبير قوي عليه يعني. خلاص خلاص يا منصور انا هروح له دلوقتي. لسه بتحرك ورايح ناحية وحيد كل ابوابه شبابيك المكان اتقفلت واتزرعت كلها مع بعض في وقت واحد. اتقفلت بقوة مش طبيعية مع انها كانت مفتوحة حاجة غريبة بتحصل حاجة مخيفة .حني باب القاعة اختفي واتحول لحيطة سد . الشباب كلم ساد هرج ومرج بنا . في منهم ال بدا يقراء قران . وال بدا يستعيز باللة من الشيطان الرجيم و ال طلع الصليب بتاعو وال يطلع المصحف . الموضوع ماتوقفشي عند كدة الاصوات مخيفة طالعة من عن الحيطان وطالعة من تحت الارض وظهر في نص سقف القاعة حاجة زي سحابة سودا . سحابة غريبةظهرت من العدم كلنا كاننا في فيلم خيال علمي او في فيلم رعب . رجعنا لورا واتجمعنا مع بعض واحنا خايفين غير المعاتيه ال فينا ال بدائو يطلعو موبايلاتهم ويصورو وفي ال طلع الموبايل وحاول يتصل بالنجدة بس مافيش شبكة . وبدات السحابة دي تتقسم وتتفتت وتنزل علينا زي المطر. نزل عليا جزء من السحابة دي ماكنشي مطر كان رماد لونه اسود وناعم جدا . كلة خاف وكان علي وسه نظرات رعب شديدة . في ال بيجري يمين وشمال وال يدور علب مخرج بس المخرج الوحيد كان بوابة القاعة ال اختفت وظهر مكانها حيطة سد . كل دة بيحصل وانا مذهول وفي دماغي وحيد . ببص وبدور علية لقيتة واقف في نص القاعة ومافيش حاجة بتقرب منو خالص . كان واقف بثقة وكانو مش شايف حالة الفزع ال حصلت . كان واقف بثقة وكانو هو ال وراء كل حاجة بتحصل في القاعه حتي الرماد الاسود ماكنشي بينزل علية . كان في فوق منو حاجة خفية مانعة عنو انو يوصلو حاجة .جيت اتحرك ناحيته رجلي اتجمدت في الارض . لحظات بتمر وانا بنادي علية يجي يقف جانبي لكنه مش منتبه نهائي . وانا صوتي بخرج بالعافية . سمعت صوت زي الهمس .. صوت جاي من جوايا مسكت راسي لاني حسيت بوجع رهيب . الصوت كان صوت وحيد وهو بيقولي .. انا هحميك .. خليك واقف مكانك .اقف هحميك. لمحت منصور بيوصل عند الحيط ..الحيطة اللي بقت مكان الباب وبيصرخ وبيخبط بايديه الاتنين الحقونا الحقونا في اللظة دي شفت وحيد بدأ يحرك بقه كانه بيتمتم بكلام بصوت واطي حسيت وقتها بشعور غريب وبدأت احس ان الارض زي مايكون بتترج وبدون مقدمات واحد من الشباب اترمي على الارض وفضل يتشنج ويتقلب زي اللي عنده حالات صرعة. شاب تاني اترمى وتالت ورابع. كل الشباب بدأوا يترموا على الارض زي الممسوسين وواحد وراه التاني. كلهم عمالين يقعوا قدامي وعمالين يصرخوا وفي منهم اللي عمال يخبط دماغه في الحيطة. ومهما نزل من راسه دم ما كانش بيوقف خبط دماغه في الحيطة. بصيت وحيد لقيته واقف هو كمان بيبص لي. حسيت ان روحي هتطلع من جسمي. عينة كانت بيضاء تماما. بعدها اتحولت للون اسود تماما. وعلى ملامحه ضحكة غريبة خبيثة. عروق سوداء بتنفور من وشه زي خيوط العنكبوت. عاملة زي شبكة بتتكون على وشه. وانا واقف ببص على اللي بيحصل. وكل شوية اسمع الصوت. كان لازم يدفعوا التمن. كان لازم يدفعوا التمن.

المشهد اللي كان بيحصل سيء زي ما يكون باب جحيم اتفتح علينا. الشباب اجسامهم مرمية في كل مكان هنا وهناك. وناس لسه ما وقعتش وبتصرخ وبتجري. الارض اتملت دم. رماد اسود عمال يطير هنا وهناك. وقاعد على ارضه وقفلت عينيا وانا بحاول امنع عن نفسي اي حاجة. مش عاوز اشوف البيحصل فضلت على الوضع ده مدة لحد ما كل الاصوات بدأت تتلاشى. كل الصرخات بتنتهي. الصمت رهيب. صمت. صمت مخيف. عايز ارفع راسي وابص لكني مرعوب. فتحت عنيا ببطي كل الشباب مرمية على الارض. وبركة دم او بحر دم كبير. وسمعت من ورايا صوت. صوت حد بيجر نفسه على الارض. وخربشة زي ما تكون ضوافر طويلة بتخربش في الارض. شفته من بعيد. مخلوق شكله زي البني ادمين بس الشيء ده مستحيل يكون انسان ضوافر ايديه ورجليه طويلة وبتحك في الارض كان ماشي على ايديه ورجليه وضهره محني كانه مكسور عريان تماما جسمه املس ما فيهوش شعر فاتح بوقه وبيطلع صوت غريب صوت زي صرخات الاطفال. صوت زي صرخات وحيد. كل اللي انا عامله ان انا متخشب ومتجمد مكاني. وببص ومش عارف اعمل. اي حاجة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي